التدخل الانضمامي او التبعي في الدعوى والتدخل الهجومي – حكم قضائي هام

التدخل الانضمامي او التبعي في الدعوى والتدخل الهجومي – حكم قضائي هام

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة
الحكم الصادر بجلسة 18/ 4/ 2015
في الدعوى رقم 5834 لسنة 67 ق

المقامة من /
1 – احمد فتحي حسن محمود السقا
2 – اسامة عبد المنعم محمد الخطيب – خصم متدخل –
ضد
1 – وزير الاستثمار
2 – رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاستثمار
3 – رئيس مجلس ادارة الرقابة العامة للاوراق المالية
4 – محافظ البنك المركزي المصري – خصم مدخل –
5 – وزير التجارة والصناعة – وزير الاقتصاد – خصم مدخل

الواقع

أقام المدعي هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 6/ 11/ 2012 طلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون عليه، بالإمتناع عن السير في إجراءات ترخيص مزاولة شركات تحويل الأموال لمساعدة العاملين بالخارج لتحويل مدخراتهم إلي جمهورية مصر العربية، أسوة بالتراخيص الصادرة للشركات الاجنبية، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات .
وذكرالمدعي شرحا لدعواه، أنه يحمل خبرة في سوق المال بحكم عمله في سوق الصرافة، وقد تقدم عدة مرات للحصول علي ترخيص مزاولة نشاط تحويل الأموال، دون جدوي رغم سبق الترخيص لشركات أجنبية بممارسة هذا النشاط، وهو ما حدا به للتظلم وإرسال العديد من الإنذارات لجهة الإدارة، واستيفاء المدعي لكافة الشروط والضوابط الحاكمة لمزاولة هذا النشاط، ذلك الأمر الذي يشكل قرارًا سلبيًا بالإمتناع مخالفًا لصحيح حكم القانون لانعدام سببه الصحيح المبرر له، ومشوبًا بالانحراف بالسلطة. وخلص المدعي في ختام عريضة دعواه إلى طلباته آنفة البيان .
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث أودع الحاضر عن المدعي حافظتي مستندات طويتا علي المستندات المعلاة بغلافهما، كما قدم صحيفتين باختصام المدعي عليهما الرابع والخامس، وقدم الحاضر عن المدعي عليه الثالث بصفته مذكرتي دفاع، وقدم الحاضر عن المدعي عليه الثاني بصفته مذكرة دفاع، وقدم الحاضر عن المدعي عليه الرابع بصفته حافظة مستندات طويت علي المستندات المعلاة بغلافها ومذكرة دفاع، كما قدم المتدخل صحيفة بتدخله في الدعوى منضمًا للمدعى، وقررت المحكمة إحالة الدعوي إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالراي القانوني فيها، حيث أودعت الهيئة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم أولا: بعدم قبول طلب التدخل في الدعوى، لانتفاء شرط المصلحة، والزام المتدخل مصروفات التدخل. ثانيا: بعدم قبول الدعوي لانتفاء القرار الاداري والزام المدعي المصروفات 0
وتدوول نظر الدعوى امام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، قدم خلالها المتدخل بشخصه وبصفته وكيلا عن المدعي حافظتي مستندات، وبجلسة14/ 2 / 2015 قررت المحكمة حجز الدعوى لإصدار الحكم بجلسة اليوم،ومذكرات في اسبوعين اودع خلالهما المتدخل بشخصه وبصفته وكيلا عن المدعي مذكرة دفاع صمم في ختامها علي طلباته، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي للبنك المدعى عليه بالامتناع عن الترخيص له بمزاولة نشاط تحويل الأموال، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات .
ومن حيث إنه عن طلب التدخل المبدي في الدعوي، فإن المادة رقم (126) من قانون المرافعات تنص علي أن ” يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى خصما منضما إلي احد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهه في الجلسة …….”.
ومن حيث أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر علي أن التدخل نوعان: تدخل انضمامي أو تبعي ويقصد به المتدخل المحافظة علي حقوقه، وتدخل هجومي يبغي منه المتدخل الدفاع عن مصلحته الخاصة ضد طرفي الدعوى، والعبرة في اعتبار التدخل اختصاميًا أو انضماميًا إنما تكون بحقيقة تكييفه القانوني بحسب مرماه لا بالوصف الذي يسبغه عليه طالب التدخل، ويشترط لقبول التدخل بنوعيه شرطان أولهما: أن تكون لطالب التدخل مصلحه في التدخل، وثانيهما: أن يكون هناك ارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية، ويتحقق الارتباط بوجود صله تجعل من حسن سير العدالة نظرهما معا لتحقيقها، والفصل فيهما بحكم واحد تلافيا لاحتمال صدور أحكام متناقضة أو يصعب التوفيق بينها.” في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 3998، 4057 لسنه 45 ق جلسة 31/ 3/ 2001 “.
وحيث إن استخلاص توافر المصلحة لطالب التدخل من وراء تدخله أوعدم توافرها يعتبر من قبيل المسائل الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع طبقًا لما تقتنع به من الأدلة المقدمة إليها من طالب التدخل، وباعتبار أن تلك المسألة من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما تستقل به بما لا معقب عليها من محكمة الطعن بشرط أن تبين المحكمة الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها في هذا الخصوص على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق تكفي لحمله.
وحيث انه في ضوء ما تقدم، ولما كان المتدخل الأستاذ/ أسامة عبد المنعم محمد الخطيب قد أورد في صحيفة تدخله أنه يتدخل في الدعوى ويطلب الحكم بذات الطلبات المبداة من المدعي، فإنه وفقا لمفهوم نص المادة رقم 126 سالفة الذكر، يكون متدخلاً انضماميًا إلي جانب المدعى، ولما كان نطاق الدعوي الماثلة يقتصر علي الترخيص بمزاولة نشاط تحويل الأموال، وكان الترخيض بهذا النشاط وفقا لأحكام قانون البنك المركزي مقصورًا علي الشركات المساهمة المصرية والتي يكون غرضها الوحيد مزاولة خدمات تحويل الأموال، في حين أن المتدخل يعمل بمهنة المحاماة، وقد حضر أمام المحكمة كوكيل عن المدعي، إلا أن هذه الصفة المهنية الجليلة والدور الذي يضطلع بأدائه المحامي تجاه موكله، لا يعني علي الإطلاق أن تكون هناك ثمة مصلحة شخصية مباشرة له في موضوع الدعوي، وما قد تؤول إليه، فهناك فارق جوهري بين التزام المحامي تجاه موكله بالدفاع عنه وإظهار جوانب حقه، وبين مفهوم المصلحة التي تعول عليها المحكمة في الدعاوي المنظورة أمامها كشرط لقبولها، ومن ثم فلا تتوافر للمتدخل في النزاع الماثل مصلحة مباشرة قائمة يقرها القانون من وراء طلب التدخل في الدعوى الماثلة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول التدخل.
وحيث إنه عن شكل الدعوى، فإن ميعاد الطعن على القرارات الإدارية السلبية يظل قائما متى ظلت جهة الإدارة على موقفها من الامتناع عن اتخاذ الإجراء الواجب عليها اتخاذه، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى، فإنها تكون مقبولة شكلا .
وحيث إنه عن الموضوع فان المادة (115) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 تنص على أنه” لمجلس إدارة البنك المركزى أن يرخص للشركات بتقديم خدمات تحويل الأموال، ويجب أن تتخذ شركة تحويل الأموال شكل شركة مساهمة مصرية، وأن يكون غرضها الوحيد مزاولة خدمات تحويل الأموال وألا يقل رأسمالها المدفوع عن خمسة ملايين جنيه…………………… ” .
ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن المشرع قد وسد لمجلس إدارة البنك المركزى سلطة الترخيص للشركات بتقديم خدمات تحويل الأموال وخوله فى هذا المجال سلطة تقديرية يمارسها فى إطار السياسة النقدية والاقتصادية للدولة ووفق ما يحدده مجلس إدارة البنك من قواعد فى الشأن، طبقا للاشتراطات القانونية التى استلزمت فى المرخص له أن يتخذ شكل مساهمة مصرية، وأن يكون غرضها الوحيد مزاولة خدمات تحويل الأموال وألا يقل رأسمالها المدفوع عن خمسة ملايين جنيه.
ولقد جرى قضاء مجلس الدولة على أن القرار الإدارى يفترض فيه أن يكون محمولا على الصحة ما لم يقم الدليل على عكس ذلك، بفضل ما يحاط به من ضمانات تعين على ذلك، والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها، ويفترض في القرار غير المسبب أنه قام على سببه الصحيح، وعلى من يدعى العكس أن يقيم الدليل على ذلك.
وهديا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي قد سبق له وأن تقدم بطلب الي البنك المركزي المصري – كونه شخص وليس شركة مساهمة – بتاريخ 9/ 12/ 2012 لمنحه ترخيص بمزاولة نشاط تحويل الأموال، إلا أن البنك المدعى عليه قد امتنع عن منحه هذه الموافقة، وإذ جاء هذا الامتناع بسبب تخلف الشروط التي تطلبتها المادة 115 من القانون رقم 88 لسنة2003 السالف بيانها، من أن يكون الطلب مقدم من شركة مساهمة مصرية لتحويل الأموال، وليس من قبل شخص كما هو الحال بالنسبة للمدعي، فضلا عن أنه وحتي في حالة استيفاء الشروط الشكلية في الطلب والملاءة المالية، فتظل هناك السلطة التقديرية التى خولها المشرع لمجلس ادارة البنك المركزي المصري، بحسبانه الجهة المنوط بها وضع السياسة المالية للدولة والرقابة على البنوك وغيرها من الشركات التي تتعاما في الأموال سواء كان نقدًا مصريًا أو أجنبيًا، وله وحده تقدير أوضاع الشركات المرخص لها بالتعامل بالنقد الأجنبى، ومدى حاجة السوق النقدي المحلى لدخول شركات جديدة من عدمه، فى ضوء الظروف والتغيرات الاقتصادية على الساحتين المحلية والدولية، بغية حماية العملة الوطنية والاقتصاد القومى من أخطار المضاربة فى أسعار النقد الأجنبى على حساب العملة الوطنية، وهي أمور تقديرية متروكة بالكلية للبنك المركزي مالم يثبت يقينًا التعسف في استعمال السلطة أو عدم تحقيق المصلحة العامة، وإذ خلت الأوراق من وجود أي عوار فى القرار المطعون فيه، الأمر الذى مؤداه أن يكون امتناع البنك المركزى عن منح الترخيص للمدعي بمزاولة نشاط تحويل الأموال، قائمًا على سند صحيح من القانون وبمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملا بحكم م 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولا: بعدم قبول طلب التدخل المبدي في الدعوى، وألزمت الطالب مصروفاته.
ثانيا:بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعى المصروفات.