عدم جواز الطعن على أحكام المحكمين نهائيا في القانون المصري

عدم جواز الطعن على أحكام المحكمين نهائيا في القانون المصري

 

دعوى بطلان حكم التحكيم

من المقرر أن حكم محكمة التحكيم له حجية الأمر المقضي به بمجرد صدور الحكم و يكون له القوة التنفيذية ذاتها كما لو كان حكماً قضائيا ولا يجوز الطعن عليه بأي طريقة من طرق الطعن إلا بموجب رفع دعوى بطلان حصراً الى المحكمة او أثناء طلب المصادقة على الحكم كما جاء في نص المادة (52) من قانون التحكيم الإماراتي رقم 6 لسنة 2018.

و قد نص المشرع على أنه لا يجوز للخصوم أن يلجاْ الى القضاء بعد صدور حكم التحكيم إلا أنه يمكن مع قيام هذه الحجه ان ترفع بشأنه دعوى بطلان إذا توافرت شروط البطلان.

حيث نص القانون التحكيم الإماراتي في المادة 53 بشأن الاعتراض على حكم التحكيم على انه ” لا يقبل الاعتراض على حكم التحكيم إلا بموجب رفع دعوى بطلان الى المحكمة او اثناء نظر طلب المصادقة على الحكم ، و جاء هذا النص منصفا لطالب البطلان وحل نقطة قام عليها الكثير من الجدل و الخلافات في القانون القديم حيث كان لا يعطى طالب البطلان الحق في رفع دعوى البطلان الا بعد المصادقة على حكم التحكيم .

و حدد القانون الحالات التي يجوز ان تمتد يد القاضي بها للقضاء ببطلان حكم التحكيم و هذه الحالات تم تحديدها على سبيل الحصر في قانون التحكيم الجديد.

و على طالب البطلان إثبات اياً من اسباب البطلان الأتية :

أولاً (( حالات متعلقة بحقوق الاطراف))

عدم وجود اتفاق تحكيم أو ان الاتفاق كان باطلاً أو سقطت مدته وفق القانون الذى أخضعه له الأطراف أو وفقاً لهذا القانون و ذلك في حالة عدم وجود إشارة الى قانون معين .
” أي ان يلجاً الأطراف الى التحكيم دون ابرام اتفاق بينهما او ان يكون الاتفاق باطل بفقدانه احد اسباب صحته كان يكون غير موقع او مبرم من شخص فاقد الأهلية او ان يكون موضوع النزاع غير محدد وغيره من اسباب “

أن احد اطراف كان وقت ابرام اتفاق التحكيم فاقد الأهلية او ناقصها وفقا للقانون الذى يحكم الأهلية.
“وذلك أنه لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه وفقاً للقانون”

عدم امتلاك الشخص أهلية التصرف في الحق المتنازع بشأنه وفقاً للقانون الذى يحكم الأهلية و المنوه الية في المادة (4) من ذات القانون .
” كأن يكون اتفاق التحكيم مبرم من شركة و يكون الموقع عليها شخص لا يمثلها “

إذا تعذر على أحد اطراف التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه اعلانا صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو نتيجة إخلال هيئة التحكيم بأسس التقاضي أو لأى سبب أخر خارج عن إرادته.
” و هو ما يسمى بالإخلال بحق الدفاع فصحة إجراءات التحكيم تقتضي تبليغ الأطراف تبليغاً صحيحاً “

إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذى اتفق الأطراف بتطبيقه على موضوع النزاع.
“وذلك أنه لطرفي التحكيم حرية تحديد القانون و الذي يجب على هيئة التحكيم تطبيقه على موضوع النزاع ،وفقاً لإرادة الطرفين و الا يعتبر باطل “

إذا تم تشكيل هيئة تحكيم أو تعين أحد المحكمين على وجه مخالف لأحكام هذا القانون او الاتفاق الأطراف.
“كأن أن يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو مجرداً من حقوقه المدنية ولم يرد اعتباره ” أو أن يكون عدد المحكمين الذين عينتهم المحكمة مخالف للعدد المتفق عليه بين الطرفين أو من جنسية معينة استبعدها الطرفين .

اذا كانت اجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم او صدر حكم التحكيم بعد انتهاء المدة المقررة.
” ذلك أن حكم التحكيم لكي تكون له حجية الأمر المقضي به يجب أن يكون سليماً خالياً من أي عيب يؤدي إلى بطلانه كأن يصدر الحكم غير موقع عليه من اغلب المحكمين أو أن يكون الحكم خالياً من أسماء المحكمين أو من صورة من اتفاق التحكيم أو من تاريخ ومكان إصداره او جاوز المدة المتفق عليها”

اذا كان حكم التحكيم قد فصل في مسائل لم يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود الاتفاق و مع ذلك اذا كان من الممكن فصل اجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فإنه لا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.
“قد ينص اتفاق التحكيم على أن يشمل جزءاً محدداً من عقد مبرم بين طرفي التحكيم فلا يجوز للمحكمين أن يفصلوا في غير هذا الجزء المتفق على حل الخلاف بشأنه عن طريق التحكيم ” و جاء نص محكمة التميز بأن ((خروج المحكم عما فوض به في اتفاق التحكيم يفضي إلى رفض إكساء التنفيذ للحكم التحكمي))

ثانياً (( حالات متعلقة بالنظام العام))

كأن يكون موضوع النزاع يعد من المسائل التي لا يجوز التحكيم فيها.
مخالفة حكم التحكيم النظام العام و الآداب العامة للدولة.
و من هنا يجب أن ننوه ان حالات الإبطال المتعلقة بالنظام العام يجوز للمحكمة الفصل فيها من تلقاء نفسها و البت فيها بالبطلان على عكس حالات البطلان المتعلقة بحقوق الأطراف التي يجب ان يكون بطلب الأطراف.

على ان يقوم طالب البطلان برفع دعوى البطلان خلال 30 يوماً من صدور حكم التحكيم اذا توافرت اسباب البطلان.

و هنا يثور التساؤل حول اثر بطلان حكم التحكيم ؟؟ و هل يظل اتفاق التحكيم ساريا بعد صدور الحكم..؟؟

و قد اجاب المشرع الإماراتي في المادة (54) من قانون التحكيم على هذا التساؤل حيث اقر على ان الحكم الصادر من المحكمة ببطلان حكم التحكيم يعتبر حكماً نهائياً لا يجوز الطعن علية الا عن طريق محكمة النقض.

وقد يكون بطلان الحكم كلياً او جزئيا على حسب طلب البطلان بحيث يزول اثر الجزء الذى اًبطل بحكم المحكمة.

و فيما يخص اتفاق التحكيم قد اشار المشرع الإماراتي الى هذه النقطة حيث نص على انه يبقى اتفاق التحكيم ساريا حتى بعد ابطال حكم التحكيم مالم يُسند الإبطال على عدم وجود الاتفاق ذاته أو سقوط مدته أو بطلانه أو عدم امكانية تنفيذه.

و الجدير بالذكر ان قانون التحكيم الجديد قد اعطى طالب البطلان الحق في رفع دعوى البطلان حتى وان تنازل عن حقه في رفع الدعوى قبل صدور الحكم على عكس ما كان علية القانون القديم حيث اشار القانون اليها في المادة 54 الفقرة (5) بأن نص على “” لا يحول دون قبول دعوى البطلان تنازل مدعى البطلان عن حقة في رفعها قبل صدور الحكم”.

و للمحكمة التي يُنظر أمامها دعوى البطلان ان توقف اجراءات الإبطال لمدة لا تزيد عن 60 يوماً بناءً على طلب احد الاطراف من أجل منح هيئة التحكيم فرصة لاتخاذ أي اجراءات أو تعديل في شكل الحكم من شانه تغير اسباب البطلان دون التأثير على مضمونه.

و على اثر كل ما سبق فإنه لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ الحكم و مع ذلك يجوز للمحكمة التي تنظر دعوى البطلان ان تأمر بوقف تنفيذ حكم التحكيم بناءً على طلب أحد الأطراف اذا كان مبنياً على اسباب جدية و على المحكمة الفصل في الطلب خلال 15 يوماً من تاريخ أول جلسة محددة لنظرة.

فإذا قررت المحكمة وقف التنفيذ جاز لها بأن تأمر طالب الوقف بتقديم كفالة أو ضمان مالي و عليها الفصل في دعوى البطلان خلال 60 يوماً من صدور القرار.

و اخيراً إن دعوى البطلان تتعلق بعيوب تمس الاتفاق و الخصومة و هي محدده حصراً كما ذكرنا و تقام خلال ميعاد معين و أمام محكمة محددة ولا تتصدى لموضوع النزاع بل ابطال الحكم التحكمي و للمحكمة ردها أو قبولها.

ان قانون التحكيم الجديد جاء متطوراً تطور إيجابي و مدعماً للمنظومة لقانونية بأكملها حيث جاء معالجاً للمشاكل السابقة في القانون القديم و من شأنه تعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كونها مركز بارزا للتحكيم بين الدول و يعكس هذا القانون مدى صدارة الدولة في مجال حل المنازعات و اثره على تعزيز ثقة المستثمرين في قوانين الدولة.