قواعد الإفلاس والصلح الوقائي وفقا للقانون التجاري

قواعد الإفلاس والصلح الوقائي وفقا للقانون التجاري.

الإفلاس قانوناً طريق للتنفيذ على مال المدين التاجر الذي يتوقف عن دفع ديونه التجارية يهدف إلى تنشيط الائتمان ودعم الثقة في المعاملات التجارية وذلك بسلسلة من الإجراءات والقواعد تهدف إلى حماية مصالح الدائنين وصون حقوقهم

بتمكينهم من الحجز على ما تبقي من أموال المدين ووضعها تحت يد القضاء لكيلا تترك له فرصة تهريب أمواله إضراراً بهم. كما تهدف قواعده إلى تحقيق المساواة بين الدائنين دون محاباة بعضهم على حساب البعض الآخر، وتنظيم توزيع أموال المدين على الدائنين توزيعاً عادلاً لا أفضلية فيه لدائن على آخر ما دام دينه غير مقترن بسبب قانوني يوجب هذا التفضيل.

ولتحقيق الأهداف التي يرمي إليها نظام الإفلاس يرتب المشرع على صدور الحكم بإشهار الإفلاس عدة آثار منها ما يتعلق بذمة المفلس المالية، ومنها ما يتعلق بشخصه، ومنها ما يتعلق بإدارة التفليسة، فتغل يد المدين عن إدارة أمواله والتصرف فيها ويعهد بها إلى وكيل عن الدائنين يسمي مدير التفليسة.

والتصرفات التي أبرمها المدين في الفترة الواقعة بين تاريخ وقوفه عن الدفع وتاريخ صدور الحكم بإشهار إفلاسه تكون باطلة.

ويترتب على إشهار الإفلاس سقوط بعض الحقوق المهنية والسياسية عن المفلس، ولا يمكنه استعادتها إلا باتباع الإجراءات التي نص عليها القانون لرد الاعتبار. وقد يتعرض المفلس للعقوبات الجنائية في حالة الإفلاس بالتقصير أو بالتدليس.

وتتدرج الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب أعمال التاجر في درجات بعضها فوق بعض فتنحدر من حسن النية إلى التقصير حتى تصل إلى التدليس والغش ويشير الأستاذ الدكتور محسن شفيق إلى أن إفلاس التاجر قد يرجع إلى عوامل لم تكن في الحسبان ولم يكن في استطاعته توقعها، أو تلافيها،

فيستحيل عليه الوفاء بالتزاماته ويقف عن الدفع وهو حسن النية، سليم الطوية، لم تصدر منه رعونة أو خفة، ولم يبتغ المكر بدائنيه أو الإساءة إليهم، فقد تهلك أمواله بسبب حريق أو غرق، وقد يتأذي من انخفاض الأسعار بسبب أزمة، وقد يحجم مدينوه عن الوفاء له بحقوقه فيتعذر عليه الوفاء بالتزاماته، وقد يقوم في سبيله منافس عنيد لا يستطيع مجاراته فيتضاءل أمامه حتى ينهار مركزه المالي.

وقد يكون إفلاس التاجر نتيجة أخطاء ارتكبها أو تقصير صدر منه، فقد يخطئ في احتساب نفقات إنتاجه، وقد يقدم على صفقة من الصفقات برعونة وخفة، وقد يسرف في المضاربات غير آبه بالمخاطر التي يتعرض إليها، وقد يبالغ في مصاريفه العامة في الدعاية والإعلان، أو في مصاريفه الخاصة فيبسط يده كل البسط ويتعلق بأساليب من الحياة لا تتفق وقدرته المالية.

وقد تسوء نية التاجر ويمرض قلبه، فيعمد إلى تبديد أمواله أو تهريبها، حتى يقضيها عن متناول الدائنين، أو يخفي دفاتره أو يشوهها حتى يطمس أخطاءه ويسدل النقاب على غشه وتدليسه، وقد يبالغ فيما عليه من ديون حتى ييئس الدائنين ويكرههم على منح الصلح، وقد يعمد إلى خلق ائتمان وهمي فيكثر من إصدار أوراق المجاملة، وقد تسد أمامه كل السبل ويضيق به الحال ويسأم ويسام الاحتيال والتهويش فيعمد إلى الفرار.

وإذا كانت التجارة قوامها الائتمان فإن الإفلاس مضيعة لها ومقوضا لأساسها من الأصل الأمر الذي سعت من أجله وتسعي دائما التشريعات للضرب على أيدي التجار المفلسين ومن الجدير بالذكر أن موضوع الإفلاس من الموضوعات الدقيقة والشائكة التي دائما ما تواجه في الواقع العملي الكثير من المشكلات العلمية.