العلامة التجارية وحماية المشرع السعودى لها في حالة عدم التسجيل

العلامة التجارية وحماية المشرع السعودى لها في حالة عدم التسجيل

 

قامت احدى المؤسسات بالتحايل للكسب الغير مشروع باستغلال خطأ احد الشركات التي اشهرت علامة تجارية لها على مدى سنوات حيث ان الخيرة تراخت في تسجيل علامتها التجارية التي اشهرتها مما مكن المؤسسة من تسجيل العلامة لدى وزارة التجارة واخطرت الشركة بعدم استخدام العلامة التجارية مما اخرج الشركة من السوق والحقت بها خسائر مادية، وهنا يثار سؤال هل يحمي النظام العلامة التجارية وأن لم تسجل في المملكة؟

وإجابة على هذا السؤال نقول:

أولاً: من الجانب التأصيلي:

أن العلامة التجارية تمثل حقا مالياً محترما شرعا ونظاما يعطي صاحبه الحق في حمايته والرعاية من الاعتداء عليها بكل سبل الاعتداء وفقاً لقرار المجمع الفقهي الاسلامي رقم (43 (5/5) ) مرفق رقم 2) ، ولحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام (( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به) فنصوص وقواعد الشريعة قررت الاسبقية وانها معتبرة شرعاً ومنها القاعدة الفقهية: ((أن من سبق إلى مباح فهو أحق به)) ، ولما كانت موكلتي هي المستخدم الحقيقي للعلامة التجارية وبتصريح من مالكها الأصلي ومن ثم فهي من سبق إليها وهي أحق بها، وإذا كان النظام نص على أن مالك العلامة التجارية هو من قام بتسجيلها إلا أن هذا الحق ليس على إطلاقه وفقا لما استقر عليه احكام الديوان ذلك أن الاستعمال المسبق للعلامة التجارية والابتكار لها هو المثبت للملكية والمنشئ لها، ذلك أن تسجيل العلامة التجارية يقع منها موقع الإفراغ للعقار أو التسجيل للمنقول- في بعض حالاته- فهو شرط إثبات الحق، فهو كاشف للحق وليس منشئ له، فالتسجيل سبيل إثبات، وهي قرينة تقبل إثبات العكس، وهو نظير وضع اليد للأعيان إذ هو الظاهر حتى يثبت خلافه، وهو ما استقرت عليه الأحكام القضائية ومنها (الحكم رقم 145/د/إ/7لعام 1430ه، والمؤيد من محكمة الاستئناف برقم 890إس/6 لعام 1431ه).

وحيث أن العلامة التجارية هي حق مالي، وأن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ المال، وأن التسجيل ما هو إلا وسيلة لتحقيق هذا المقصد وهو حفظ المال، والوسائل غير مقصودة لأنفسها وإنما هي تبع للمقاصد بحيث لو توصل إلى المقاصد دونها لم يتوسل بها، (الموافقات الشاطبي2/212).

ثانيا: من الجانب النظامي:

1- نصت المادة (7) من نظام العلامات التجارية الموحد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ: 26/7/1435هـ، على: (1-يعتبر من قام بتسجيل علامة تجارية بحسن نية مالكا لها ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة متى اقترن تسجيل العلامة باستعمالها خمس سنوات على الأقل دون وجود نزاع قضائي بشأنها. 2-يجوز لمن كان أسبق إلى استعمال العلامة ممن سجلت باسمه أن يطلب من المحكمة المختصة إلغاء هذا التسجيل خلال خمس سنوات من تاريخ التسجيل ما لم يثبت رضاء الطرف الأول صراحة أو ضمنا باستعمال العلامة من قبل من سجلت باسمه)، ومن هذا يظهر انه يجوز لمن استخدم علامة تجارية وان لم يسجلها ان يحميها وفق النظام ويجب عليه التقدم للقضاء بدعوى صحيحه مسببه يوضح بها اسبقية استخدامه للعلامة محل الاعتداء ويطلب بها الغاء التسجيل للغير.

2- طبقا للمادة (25) من نظام العلامات التجارية القديم ونصها (للإدارة المختصة ولكل ذي مصلحة أن يطلب شطب تسجيل العلامة التجارية في الأحوال الآتية: جـ- إذا تم تسجيل العلامة التجارية بناءً على غش أو بيانات كاذبة، ويختص ديوان المظالم بالفصل في طلبات شطب التسجيل)، كما إن للشركة أن تستند- أيضا- إلى نص الفقرة (2) من المادة (7) من نظام العلامات التجارية الموحد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ: 26/7/1435هـ و الساري العمل به، كما أن المؤسسة حين تقدمت إلى وزارة التجارة بطلب تسجيل العلامة أقرت وفق نموذج التسجيل بأن العلامة من ابتكارها وليست تقليداً أو منقولة عن أي علامات أخرى مملوكة للغير، ومفاد هذا الإقرار يتناغم والأسس العامة لمبادئ حماية حقوق الملكية الفكرية والتي من أفرادها حماية الملكية الفكرية وتهدف إلى حماية الابتكار، ولكن هذا الإقرار المقدم إقرارٌ كاذب ذلك لأنها على علم بأن هذه العلامة مملوكة للشركة التي اشهرت العلامة مما يعد إدلاء ببيانات كاذبة لجهة حكومية ويلزم الشركة اثبات خطأ المؤسسة لكي يحكم لها بما تدعيه،

3- يحمي نظام العلامات التجارية أي علامة شهيرة حتى ولو لم تكن مسجلة في المملكة العربية السعودية،

4- لو كانت العلامة المعتدى عليها قد سبق تسجيلا في أي بلد عضو باتفاقية باريس والتي وقعت عليه السعوديه فأنه وفقاً للمادة السادسة فيها (يقبل ايداع كل علامة تجارية أو صناعية مسجله طبقا للقانون في دولة المنشأ كما يتم حمايتها بالحالة التي عليها في الدول الاخرى ” الاتحاد”) الأمر الذي يلزم معه الامتناع عن تسجيل علامة سبق تسجيلها للغير في أي من الدول الاعضاء.

ختاما:
أن النظام أراد ألا يثري أحد على حساب أحد تحقيقا للغاية التي تهدف إليها الشريعة الإسلامية إذ جاءت بالنهي عن التغرير والنهي عما يوقع اللبس بين الناس ودفع الضرر والحيلولة دون وقوعه وسد كل ذريعة إلى الفساد ، وأن المؤسسة المنافسة للشركة قد هدفت من تسجيل العلامة إخراج الشركة من السوق، وحيث أن القاعدة الشرعية تنص على أن الضرر يزال ، وأن قبول التسجيل للعلامة التجارية مفاده أن تجبر الشركة على عدم التعامل بعلامتها التي بذلت الجهد والوقت لاشهارها، ومن ثم تصفية أعمالها، فإذا كان المتوقع كالواقع كما ذكر صاحب قواعد الأحكام، أو كما قال الزركشي ” أن الضرر في المآل ينزل منزلة الضرر في الحال” شرح الزركشي على الخرقي، وحيث أن مآل تسجيل العلامة وقوع الضرر الكبير على الشركة، أما المؤسسة فلن يقع عليها ضرر من تسجيل علامة أخرى من ابتكارها، أو إلغاء وشطب تلك العلامة وفقا لقاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ).

عليه نقول أن العلامة التجارية وان لم تسجل في السعودية بانها محمية نظرا لشهرتها أو نظرا لاستخدامها المسبق

تم النشر في
مصنف كـ saudi