تحقق الترصد في جريمة القتل

تحقق الترصد في جريمة القتل.

 (١) جعل المشرع من الترصد ظرف مشدد في جرائم إيذاء الأشخاص يرفع العقوبة بنسب مختلفه ففي جريمة القتل العمد تصبح العقوبة الإعدام وليس السجن المؤبد أو المشدد متي توافر سبق الإصرار.وكان رائد المشرع من التشديد ما ينطوي عليه الترصد من غدر وخيانه حيث يفتك الجاني بالمجني عليه ويباغته دون أن يدري بل يفاجئ به وكان الرأي مستقر في الفقه والقضاء علي أن مكان ترصد الجاني للمجني عليه ليس من عناصره فقد يتححق الترصد من مجرد انتظار الجاني للمجني عليه في مكان عام كطريق عمومي أو مكان خاص أو حتي منزل أو عقار المجني عليه إذ مناط الترصد وجوهريته هو انتظار الجاني للمجني عليه لمباغتته والغدر به لدى وصوله أو مروره بمكان الانتظار.

(٢) غير أن محكمة النقض ذهبت في احد أحكامها الي أن مكان الترصد لا يمكن أن يتحقق بالسعي إلى المجني عليه في مأمنه مهما توصل الجاني إلى ذلك بوسائل التسلل والتخفي والغت حكم لمحكمة الجنايات قض بتوافر الترصد من مجرد تخفي الجاني للمجني عليها داخل مسكنها وقتلها أثناء نومها.

وقالت فى ذلك لما كان الحكم قد استظهر قيام ظرف الترصد في قوله “وحيث إنه عن ظرف الترصد فهو متوافر في حق المتهم من ترصده المجني عليها صباح كل يوم على مدى حوالي شهرين حاملا سلاحه الناري المعمر بالطلقات مترقبا لها في مكان إقامتها وما أن واتته الفرصة حتى صعد إلى حيث غرفة نومها وظل قابعا خلف عشة دواجن أمامها غسيل منشور مترصدا لها حتى تيقن أنها بمفردها وظفر بها مستلقية على سريرها وانقض عليها وأطلق رصاصاته القاتلة وتوصل بذلك إلى مفاجأتها بالاعتداء عليها ومن ثم يكون ظرف الترصد قد تحقق وتوافر في حق المتهم”.

وكان نصا المادة 196 من قانونه العقوبات الأهلي قد جرى على أن “الترصد هو تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو بإيذائه بالضرب ونحوه” وقد أبقى على ذات النص بذات الصياغة في المادة 232 من قانون العقوبات الحالي,

وكانت هذه الصياغة نقلت نصا من التشريع العقابي الفرنسي الذي استخدم مصطلح “CUET APENS” الذي عبر عنه المشرع المصري بكلمة ترصد, واستخدم النص الفرنسي في تعريفه فعل “Attander” ومعناه الانتظار والذي عبر عنه النص المصري بالتربص, وإذ كان الترصد لغة يعني تربص المتهم للمجني عليه على نحو يفاجئه فيه بفعله, كي يقتله أو يؤذيه في بدنه, ويقال ربص بفلان ربصا أي انتظر خيرا أو شرا يحل به, والتربص بالشيء أي المكث والانتظار, ويقال في التنزيل العزيز “قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين”.

وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الترصد هو تربص الجاني للمجني عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه, وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليه لمباغتته والغدر به ولدى وصوله أو مروره بمكان الانتظار, ولا يتحقق بالسعي إلى المجني عليه في مأمنه على حين غفلة منه مهما توصل الجاني إلى ذلك بوسائل التسلل أو التخفي.

لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام عماد استخلاصه لتوافر ظرف الترصد في حق الطاعن عن سعيه إلى منزل المجني عليها وصعوده إلى أعلاه وتخفيه خلف حظيرة للدواجن ثم اقتحامه غرفة نومها ومفاجأته لها حال استلقائها بسريرها وإطلاق النار عليها, وجميعها أفعال تغاير فعل الانتظار والمكث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد, ومن ثم يكون الحكم – وقد استدل بتلك الأفعال التي لا تنتج ذلك الظرف أو تثبته – معيباً بالفساد في استدلاله على ظرف الترصد أيضا.

(الطعن رقم 24740 لسنة 70 جلسة 2001/12/24 س 52 ص 1027 ق 191)

(٣) وهذا القضاء محل نظر إذ وضع شرط للترصد دون سند كما أنه خلط بين وقوع القتل فورا وصول المجني عليه لمكان الترصد وبين حدوث القتل فعلا كما أن قول النقض أن المناط في قيام ظرف الترصد هو “انتظار” الجاني للمجني عليه “لمباغتته والغدر به” “لدى وصوله “وأن سعي الجاني إلى منزل المجني عليها وصعوده إلى أعلاه وتخفيه خلف عشه دواج أمام غرفة نومها ثم اقتحامه الغرفة ومفاجأته لها حال استلقائها بسريرها وإطلاق النار عليها لا يعتبر انتظار لمباغته لا يخلوا من تناقض

إذ حدث انتظار ومكوث للجاني المجني عليها في سطح العقار الكائن بها غرفتها وفاجئها باقتحام الغرفه وقتلها وبالتالي تحقق الترصد إذ لايلزم أن يقع القتل فور رؤية الجاني للمجني عليه في مكان الأنتظار بل العبرة بحدوث القتل عقب الأنتظار والمكوث في مكان يتوقع الجاني وصول المجني عليه اليه وهو ما تحقق في عشعه السطح الكائن به غرفتها اذ هذا المكان(عشه السطح) خول له رؤيتها تلج حجرتها علي السطح فاقتحمها واجهز عليها.