توضيح لجريمة السرقة التي يرتكبها الصغير

توضيح لجريمة السرقة التي يرتكبها الصغير.

عرف القانون الجزائري كل من جريمة السرقة والسارق في نص المادة 350 من قانون العقوبات حيث نص على أن: ” كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا…” (1) ومن نص المادة يتبين أن جريمة السرقة تقوم على ثلاثة أركان:

1 – الركن المادي وهو فعل الاختلاس

2 – الركن المعنوي ويتمثل في القصد الجنائي أي انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة

3 – محل الجريمة ويتمثل في شيء منقول مملوك للغير

والاختلاس اعتداء أو استيلاء على حيازة منقول بنقل هذها لحيازة نقلا غير مشروع من حوزة الشخص المجني عليه إلى حوزة المتهم بالسرقة ، نقلا غير مقترن برضى المجني عليه (2).

وقد حددت المادة السابقة عقوبة السارق بقولها: ” ويعاقب بالحبس من سنة ( 1) إلى خمسة سنوات وبغرامة من 100000 دج إلى 500000 دج …” بالإضافة إلى العقوبات التكميلية التي ذكرت في المادة (3) ، كما تناولت المادة 350 مكرر وما بعدها الظروف القانونية المشددة في عقوبة السرقة.

والصغير قد يرتكب جريمة السرقة سواء بدافع الاستهتار والطيش فلا يبالي بعواقب الأمور، أم اشباعا لرغباته واحتياجات العصر بما فيها الألبسة واستعمال الهواتف النقالة وتناول السجائر.. أم لاستغلاله من طرف أشخاص كبار احترفوا الإجرام ليتهربوا من قبضة العدالة ومن عقوبة السرقة … وغيرها،

ومهما كانت الدوافع والأسباب فإن تورط الأطفال القصر في قضايا إجرامية أصبح حقيقة لا مفر منها بعد تصاعد الأرقام والقضايا المسجلة لدى مصالح الدرك والأمن الوطني، حيث يشير تقرير للدرك الجزائري تور طّ 34 ألف قاصر في مختلف أشكال الإجرام وأبرزها السرقة خلال الخمس سنوات المنقضية ( أي من 2003 إلى 2008)، وتضع الإحصائيات السرقة في الصدارة حيث تظل الجريمة الأكثر شيوعا ب 44 في المئة،

وأكثر من ذلك ارتفعت ب 12 بالمئة عما كان في النصف الثانيل لتسعينات، مع الاشارة إلى أن الذكور يشكلون الأغلبية الساحقة ب 97 في المةئمن القصّر المتورطين، في حين نجد الفئة العمرية الأكثر من 16 إلى 18 عاما ب 9743 على رأس القائمة قبل شريحة 13 إلى 16 سنة ب 4612 دون إغفال ذوي العشر سنوات الذين وصلت أعداد المذنبين منهم إلى 284 طفلا(4) .

كما بينت الإحصائيات المسجلة خلال الفترة الممتدة بين شهري جانفي وماي من سنة 2009 إحصاء 4828 جريمة سرقة تورط فيها 168 حدث (5).

وبالرجوع إلى التشريع الجزائري لانجده قد خص صغير السن بنصوص خاصة في جريمة السرقة، بل تناوله في قانون العقوبات في فصل المسؤولية الجنائية، إذ ميز بين الصغير الذي لم يكمل الثالثة عشر والصغير الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 ،

فالأول لم يوقع عليه إلا تدابير الحماية أو التربية المبينة في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية ،لافتقاد الجريمة للركن المعنوي وهو القصد الجنائي الذي يقوم على الإدراك التام ، فلا يمكن مساءلة الشخص جنائيا وتوقيع العقاب عليه مالم يكن مدركا إدراكا كاملا، إذ لايتصور قصد جنائي من صبي غير مميز.

والثاني يخضع إما لتدابير الحماية أو التربية أو العقوبات مخففة، وللقاضي السلطة التقديرية، وذلك في المادتين 49- 50 ، حيث نص في المادة 49 على أنه: ” ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة ” كما نص في المادة 50 على أنه: ” إذا قضى بأن يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 لحكم جزائي فإن العقوبة التي تصدر عنه تكون كالآتي:

-…. إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي

نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا ” (6) .

فالصغير الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 إذا ارتكب جريمة السرقة تطبق عليه العقوبة المذكورة في المادة 50 الآنفة الذكر ، وقد خففت عنه العقوبة ، لأنه توفر لديه حدا من الإدراك والتمييز يؤهله لتحمل قدر من المسؤولية الجنائية عن أفعاله ، غير أن إدراكه يبقى ضعيفا لأن رشده لم يكتمل (7) ، ولا يمكن أن يترك دون عقاب حفاظا على أموال الغير.

وإذا اشترك صغير السن الذي تخفف عنه العقوبة أي من كان سنه من 13 إلى 18 في جريمة السرقة مع شخص بلغ سن الرشد الجنائي فالقانون الجزائري يعاقب الشريك البالغ كما لو ارتكب الجريمة وحده دون تأثير الظروف الشخصية للشريك الذي خففت عنه العقوبة أو أعفي منها لمعنى أو وصف يتصف به وحده كالصبى،

حيث تنص المادة 44 من قانون العقوبات الجزائري على أنه : ” يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة ولا تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها إلا بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف (8).

 

___________________________________________________________

1- القانون رقم 06- 23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 ، فضيل العيش: : قانون الإجراءات الجزائية – قانون العقوبات قانون مكافحة الفساد ص 245 ، وتقابلها المادة 311 من قانون العقوبات المصري.

2 – أحسن بوسقيعة: الوجيز في القانون الجزائي الخاص – الجرائم ضد الأشخاص والجرائم ضد الأموال- ط 8، 2008 م، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر. ، ج 1 ص 259 ، محمد صبحي نجم: دور شرطة الأحداث في مرحلة الضبط القضائي تقرير قدم في المؤتمر الخامس للجمعية المصرية للقانون الجنائي لسنة 1992 ، دار النهضة العربية، القاهر ص 116 ، جندي عبد المالك بك: الموسوعة الجنائية، ط 1، 2004 ه- 2005 م، مكتبة العلم للجميع ، بيروت، لبنان ج 4 ص 161

3 – وقد ذكرت المادة أنه: ” يجوز أن يحكم على الجاني علاوة على ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 للمدة سنة ( 1 ) على الأقل وخمس ( 5 ) سنوات على الأكثر، وبالمنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 12 و 13 من هذا القانو ن “. فضيل العيش: قانون الإجراءات الجزائية – قانون العقوبات – قانون مكافحة الفساد، وفقا للتعديلات الأخيرة رقم 06/22 و 23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 م طبعة جديدة 2007 منشورات بغدادي، الجزائر ص 245

4- هبة بريس: عمالة الأطفال في الجزائر .. بين سطوة الحاجة وتنامي الاستغلال http://www.hibapress.com/chakika/enfants_algerie

5 – رشيدة بلال: وضعية الطفولة في الجزائر،جريدة المساء يومية إخبارية وطنية، السبت 19 جمادي الثانية 1430 الموافق 13 جوان 2009 ، العدد 3740

6- فضيل العيش: : قانون الإجراءات الجزائية – قانون العقوبات – قانون مكافحة الفسادص 174

7- عادل قورة: محاضرات في قانون العقوبات، ط 1999 م، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ، ص 146 ، رضا فرج: شرح قانون العقوبات الجزائري، الكتاب الأول القسم العام، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر ص 389

8- الأمر رقم 75- 47 المؤرخ في 17 جوان 1975 المتضمن قانون العقوبات الجزائري .فضيل العيش: : قانون الإجراءات وتقابلها المادة 39 من قانون العقوبات المصري التي – الجزائية – قانون العقوبات – قانون مكافحة الفساد ص 173 تنص على أنه: ” إذا وجدت أحوال خاصة بأحد الفاعلين تقتضي تغيير وصف الجريمة أو العقوبة بالنسبة له فلا يتعدى أثرها إلى غيره منهم … ” فهي تتماشى مع القول الذي يأخذ بعدم تأثر عقوبة الشريك المباشر بظروف شريكه، وهو المبدأ الذي تأخذ به بقية القوانين الوضعية .عبد القادر عودة: التشريع الجنائي ج 1 ج 316