مفهوم قواعد تنازع القوانين
يقوم القانون بتنظيم العلاقات أو الروابط القانونية للمجتمعات المختلفة، والعلاقات القانونية أو الروابط القانونية تتكون من عناصر ثلاث:
أشخاص العلاقة القانونية، وموضوع العلاقة القانونية، ونسبة موضوع العلاقة القانونية إلى أشخاصها. فإذا كانت عناصر العلاقة أو الرابطة القانونية وطنية ضمن نطاق دولة واحدة فلا نكون بصدد تنازع القوانين، وبمعنى آخر لا تثور مشكلة تنازع القوانين لأن العلاقة القانونية بجميع عناصرها يحكمها قانون دولة واحدة. ولكن قد تتصل علاقة قانونية خاصة بعنصر أو أكثر من عناصرها بأكثر من قانون واحد كقانون الجنسية وقانون الموطن وقانون محل انعقاد العقد، وينتج عن هذا تعدد القوانين التي هذا تتزاحم وتتنازع فيما بينها لحكم العلاقة القانونية،التي لا بد وأن تكون خاضعة لأحد القوانين ويدعى ذلك بتنازع القوانين،قد يرتبط الأجانب في دولة ما فيما بينهم أو فيما بينهم وبين أبناء الدولة التي وجدوا فيها بعلاقات قانونية. ولذلك تعقدت العلاقات القانونية بين الناس وتنوعت القواعد القانونية التي تحكمها، وأصبحت معرفة تلك القواعد ليست بالأمر اليسير في كل حين، لأن لكل مجتمع من هذه المجتمعات نظامه القانوني الخاص به وله سلطته الخاصة التي تسهر على إدارة شؤونه، ويظهر بشكل واضح إذا تعلق الأمر بأكثر من مجتمع بالنظر لاختلاف الدول في درجة تطورها وظروفها وبالتالي في أنظمتها. هذا الاختلاف بين قوانين الدول وأنظمتها سيثير بدون شك نزاعا فيما بينها كلما اتصلت علاقة قانونية أو مركز قانوني بدولة أو أكثر[1].
إن العلاقة القانونية إن لم تتصل بدولة أجنبية من أية ناحية، خضعت لقواعد القانون الوطني كما لو اشترى مغربي مالا موجودا في المغرب من مغربي بعقد تم في المغرب وينفذ فيه، فإن العلاقة تكون وطنية بحتة وتخضع في كل ما يتعلق بها للقانون المغربي، ولكن الأمر يختلف إذا اتصلت العلاقة القانونية بدولة أخرى أو أكثر، كأن يكون أحد المتعاقدين من جنسية أخرى أو يكون المبيع موجودا في بلد آخر أو حين يكون العقد نفسه متصلا في إنشائه أو تنفيذه ببلد آخر، هنا يكون القانون المغربي معرضا لمزاحمة القوانين الأخرى وسيظهر أكثر من قانون ممكن التطبيق ولا يمكننا كما في العلاقات القانونية الوطنية حصر الاختصاص بالقانون الوطني لما سيسببه ذلك من ضرر بأطراف العلاقة القانونية فيفقدهم الثقة والاطمئنان بتطبيق القانون الأكثر ملاءمة واتفاقا مع طبيعة العلاقة القانونية[2].
إن حل مشكلة تنازع القوانين يتم عادة بواسطة إعمال قواعد معينة تسمى قواعد تنازع القوانين أو قواعد الإسناد ويمكن القول إن قواعد الإسناد هي القواعد القانونية التي ترشد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق على العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي. وقواعد الإسناد على هذا النحو هي قواعد وضعها المشرع الوطني لاختيار أكثر القوانين المتزاحمة ملاءمة لحكم العلاقة الخاصة المتضمنة عنصرا أجنبيا وأكثرها إيفاء بمقتضيات العدالة من وجهة نظره، فقواعد الإسناد تهدف إذن إلى وضع أكثر الحلول المناسبة من وجهة نظر المشرع لحكم العلاقات الدولية الخاصة، ويكون حل النزاع بترجيح أحد القوانين المتنازعة وتفضيله سواء أكان وطنيا أو أجنبيا ويتم ذلك بالرجوع إلى قواعد تنازع القوانين من حيث المكان (قواعد الإسناد) التي يضعها المشرع الوطني وغلى مصادر القانون الدولي الخاص الأخرى عند افتقاد النص لتعيين القانون الواجب التطبيق ويفض النزاع بإسناد العلاقة القانونية إليه ليحكمها[3].
[1] – د. حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين)، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1995، ص 13-14.
[2] – د. نعوم السيوفي، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي، دار المستقبل للطباعة، دمشق، 1982، ص 75.
[3] – د. حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، مرجع سابق، ص 16-19.
وأيضا د. نعوم السيوفي، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي، مرجع سابق، ص 79.
تمت إعادة النشر بواسطة لويرزبوك
توضيح هام لمفهوم قواعد تنازع القوانين