عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري، يعتبر غسل الأموال واحدة من أخطر أنواع الجرائم التي عرفتها الإنسانية، ويرجع ذلك إلى أنها الجريمة الوحيدة التي لا يمكن أن ترتكب دون جريمة أخرى سابقة مرتبطة بإحكام.
وعلى هذا، فإن الهدف من تبييض الأموال هو البحث عن غطاء قانوني لها من الجرائم المرتكبة، مثل تجارة المخدرات ودعم الإرهاب والسرقة وغيرها من الجرائم. لذلك، أصدرت العديد من البلدان المختلفة التشريعات لمنع مثل هذه الجرائم.
مفهوم جريمة تبييض الأموال
هي تلك المعاملات المصرفية التي تهدف إلى إخفاء أو تغيير هُوِيَّة وأصل الأموال المتحصل عليها بأساليب التعتيم، أي الأساليب غير الشرعية وغير القانونية حتى تظهر وكأنها من مصادر مشروعة.
وهي تشمل أموال الأنشطة الإجرامية التي ترتبط غالبا بتجارة المخدرات والسرقة وأنشطة السوق الموازي وغير ذاك، وتحويلها بعد ذلك إلى أموال ذات مصادر مشروعة.
أركان جريمة تبييض الأموال في القانون الجزائري
لتقوم جريمة تبييض الأموال لابد أن تتوافر بها الأركان التالية :
1- الركن الشرعي:
مادام هناك إقرار بوجود جريمة تبييض الأموال فالركن الشرعي بديهي وإلا ما كان هناك وصف لباقي أركان الجريمة. ولا بأس أن نذكر في هذا المقام أن المادة الأولى من قانون العقوبات تنص على مبدأ الشرعية التي يعني الركن الشرعي لا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير أمن إلا بنص.
2- الركن المادي:
يعد الركن المادي للجريمة الشكل الخارجي لها، ومن خلاله يتم الاعتداء على المصلحة القانونية، فهو الذي يظهر الجريمة من عالم التجريد إلى عالم الوجود، وليتم الركن المادي لأي جريمة فلا بد أن يصدر عن الجاني سلوك إجرامي معين تتبعه نتيجة إجرامية محددة، وبينهما رابطة سببية.
غير أن جريمة تبييض الأموال يرى البعض أنها لا تتطلب لقيامها تحقق نتيجة إجرامية بعينها وهو ما نشاهده من نص المادة الثانية من قانون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري 05/01 التي يقابلها النص 389 مكرر من قانون العقوبات.
وما يعزز هذا الطرح القائل باعتبار جريمة تبييض الأموال جريمة سلوك مجرد لا يشترط فيها تحقق النتيجة، إذ إن قانون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري يعاقب على مجرد المحاولة كما في المادة 389 مكرر3 من قانون العقوبات، ولعل أساس العقاب على المحاولة يتمثل في تعرض المصالح القانونية للخطر.
3- الركن المعنوي:
أغلب التشريعات اعتبرت جريمة تبييض الأموال جريمة عمدية وعلى هذا يشترط لقيامها أن يتوافر الركن المعنوي إلى جانب وقوع فعل من الأفعال التي تشكل السلوك المادي.
والركن المعنوي يتمثل في القصد أي علما خاصا بأن الأموال محل السلوك المادي لعملية تبييض الأموال متحصل عليها من أفعال السلوك المادي لذلك حددت المادة الثانية من القانون 05/01 توافر هذا العلم بالنسبة للفاعل، من فهذا العلم هو انصراف إرادة المتهم إلى ارتكاب الجريمة مع علمه بأن الأموال– التي هي محل الجريمة- مصدرها غير مشروع.
موقف المشرع الجزائري من جريمة تبييض الأموال
تهدف جريمة تبييض الأموال إلى إخفاء أو تغيير هُوِيَّة ومنبع الأموال المتحصل عليها بأساليب التعتيم، أي الأساليب غير الشرعية وغير القانونية حتى تظهر من مصادر مشروعة، وهي تشمل أموال الأنشطة الإجرامية التي ترتبط غالبا بتجارة المخدرات والسرقة وغيرها من الجرائم، وتحويلها بعد ذلك إلى أموال ذات مصادر مشروعة.
وهو ما حدا بالمشرع الجزائري كغيره من التشريعات المقارنة على عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري وإلى التصدي لهذه الجريمة عبر قانون العقوبات لاسيما أحكام المادة 389 مكرر.
وكذلك قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها رقم 05/01 المؤرخ في 09 يناير 2006، وفي قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 06/01 المؤرخ في 20 فبراير 2006. وذلك اتساقا مع التوجه العام الذي جاءت به اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
العقوبات المقررة لجريمة تبييض الأموال
اتفقت معظم التشريعات الحديثة على خطورة جرائم تبييض الأموال بما في ذلك التشريع الجزائري، وإن اختلفت بخصوص الأساليب التي تتم بها هذه الجرائم، وتكون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري كالاتي :
- المادة 31 : كل من يدفع أو يقبل دفعا خرقا لأحكام المادة 6 أعلاه، تكون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري بغرامة من 50.000 دج إلى 500.000 دج.
- المادة 32 : كل خاضع يمتنع عمدا وبسابق معرفة، عن تحرير و / أو إرسال الإخطار بالشبهة المنصوص عليه في هذا القانون، تكون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري بخطية من 100.000 دج إلى 1.000.000 دج.
- المادة 33 : مسيرو وأعوان الهيئات المالية الخاضعون للإخطار بالشبهة الذين أبلغوا عمدا صاحب الأموال أو العمليات موضوع الإخطار بالشبهة بوجود هذا الإخطار أو أطلعه على المعلومات حول النتائج التي تخصه، تكون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري بخطية من 200.000 دج إلى 2.000.000 دج.
- المادة 34 :معاونين البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المشابهة الأخرى الذين يخالفون بوجه التحديد وبصورة دائمة، وسائل الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب المذكورة في النص 7 و 8 و 9 و 10 و 14 من هذا القانون، تكون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري بخطية من 50.000 دج إلى 1.000.000 دج.
- المؤسسات المالية المذكورة في هذه المادة تكون عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري بخطية من 1.000.000 دج إلى 5.000.000 دج، دون الإخلال بعقوبات أشد.
قانون مكافحة تبييض الأموال في الجزائر
أصدرت الكثير من البلدان القوانين لحظر مثل هذه الجرائم.، إما في صورة وسائل وقائية قبل ارتكاب الجريمة أو وسائل قسرية بعد وقوع الجريمة. و الجزائر مثل دول عدّة كتونس والمغرب، نصت قانونا لعقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري لمكافحة تبييض الأموال.
- القانون رقم 05-01 المسجل في 6 فبراير 2005، الذي نشر في 9 فبراير 2005 الصحيفة الرسمية عدد 11، صفحة 03، رقم 12-02 المؤرخ في 13 فبراير 2012.
- ونشرت في الصحيفة الرسمية بتاريخ 15 فبراير 2012، عدد 08، صفحة 06. وقد نشر النص القانوني لعقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري بتاريخ 26 مارس القانون رقم 10-12 المؤرخ في 2012، نشر في الصحيفة الرسمية بتاريخ 01 أبريل، 2012، عدد 19، صفحة 11.
- فضلًا على ذلك، نشرت الجزائر العديد من القوانين التي تهدف إلى عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري ومكافحة الجرائم الناشئة عن أصول ضخمة من الأموال غير القانونية، مثل القانون رقم 01-06 المؤرخ في 20 فبراير 2006 المتعلقة بحماية ومكافحة الفساد.
- مع أن التجربة الجزائرية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تعد تجربة ناجحة كما يشهد على ذلك العديد من المنظمات المتخصصة، فإنه يجب على المشرع إعادة النظر في عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري وتمويل الإرهاب الذي تستعمل على مجال واسع التكنولوجيا و الأدوات الحديثة التي هي في تطور دائم.
الطبيعة القانونية لجريمة تبييض الأموال
تعد جريمة تبييض الأموال جريمة تبعية تفترض لاكتمال بنيتها القانونية وقوع جريمة سابقة عليها وهى الجرمية الأصلية التي نتجت عنها أموال غير مشروعة، حيث إن أغلب هذه الأموال نتجت من جرائم المخدرات وصور الجرائم المنظمة الأخرى.
فان الطبيعة المزدوجة لجريمة تبييض الأموال هي التي تضفي عليها خصوصيتها مقارنة مع غيرها من الجرائم، فانه يشترط لقيام هذه الجريمة توافر ثلاث أركان رئيسية وهي :
1- الركن المفترض الذي يتمثل في الجريمة الأصلية.
2- الركن المادي لجريمة تبييض الأموال والمتمثل في استخدام وسائل محظورة وهي توظيف الأموال الغير مشروعة بهدف إضفاء الصفة الشرعية عليها.
3- الركن المعنوي الذي يتخذ صورة القصد الجنائي بعنصرية العلم والإرادة.
وأخيرًا قد وصلنا إلى نهاية مقالنا عقوبة تبييض الأموال في القانون الجزائري، نرجو أن نكون تناولنا كل ما يدور بخاطرك، لمزيد من الموضوعات القانونية تابعوا مجلتنا.