يعتبر عقوبة التحرش في الجزائر جنسيًا من الأمور المهمة والحساسة، خطورة ظاهرة التحرش الجنسي، وتفاقم آثارها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية وأيضا التربوية على الفرد والمجتمع، إذ أصبحت مشكلة واقعية تعانيها فئة عريضة من المجتمع، وبشكل يومي، وإذا كان التحرش الجنسي هو كل فعل أو سلوك لا أخلاقي يرمي إلى استهداف جسد المرأة في تنكر تام لرغبتها ورضاها، لذا كان فرض عقوبة التحرش في الجزائر من الضروريات الملحة.
سنتناول معكم تفصيليًا عقوبة التحرش في الجزائر فتابعوا معنا هذا المقال.
أسباب التحرش الجنسي في الجزائر
إن انتشار عقوبة التحرش في الجزائر الجنسي وتضخمها في المجتمع مرده إلى وجود عوامل اجتماعية متعددة ومتشابكة هي التي أدت إلى انتشارها بهذا الشكل في المجتمع، وهو السبب الذي أدى إلى ضرورة مواجهة هذه الجريمة اجتماعيا وقانونيا بواسطة التنصيص على هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها، لذلك يمكن إجمال هذه الأسباب إلى:
1– أسباب اجتماعية
تأتي في مقدمة أسباب التحرش الجنسي عدم وجود تنشئة سليمة منذ الصغر بالإضافة إلي دور الإعلام والمدارس لأنها عوامل مؤثرة في نشأة الطفل ويجب التركيز عنها وضرورة الاهتمام بوجود وازع ديني قِوَى لتقليص هذه الظاهرة، بالإضافة إلى ما تبثه وسائل الإعلام من مواد إباحية.
2_ أسباب تربوية
إذ قد تكون أسس التربية العنيفة التي نشأ عليها الفرد هي التي تولد لديه العنف وتجعله ضحية له حيث تشكل لديه شخصية تائهة وغير واثقة مما يؤدي إلى جبر هذا الضعف في المستقبل بالعنف بحيث يستقوى على الأضعف منه وهي المرأة، والعنف يولد العنف.
اقرأ أيضًا: عقوبة الإخلال بالسكينة العامة في القانون الجزائري
3- أسباب ثقافية
كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه وما يتمتع به من حقوق وواجبات تعد عاملا أساسيا للعنف، وهذا الجهل قد يكون من الطرفين المرأة والشخص الذي يمارس العنف ضدها، فجهل المرأة بحقوقها وواجباتها من جهة، وجهل الآخر بهذه الحقوق من جهة أخرى قد يؤدي إلى التجاوز وتعدي الحدود.
المقال يتناول عقوبة التحرش في الجزائر، تابع معنا.
4- أسباب قانونية
إن غياب أو نقص الحماية القانونية للمتحرش بواسطة نصوص تعتبر من بين أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار جريمة التحرش في المجتمعات، بالإضافة إلى عدم التواجد الأمني المعني بحماية الشارع، وتوفير سبل الأمان للمواطنين وأقلها حرية التنقل والحركة والحق في الخصوصية، مما يؤكد ضرورة وجود نص قانوني يساهم في تدعيم مبادئ الحماية والأمان ويطبق عقوبة التحرش في المغرب.
وسائل إثبات جريمة التحرش الجنسي
من أهم وسائل إثبات جريمة التحرش أساس وقوع عقوبة التحرش في الجزائر.
أولًا: عبء الإثبات
إن الأصل في الإنسان البراءة نزولا على المبدأ المشهور الذي يقضي بأن الأصل هو براءة المتهم، فإن عبء الإثبات يتحمله من يدعي خلاف هذا الأصل، لأنه لا معنى لأن يكلف الشخص المراد مساءلته جنائيا بإثبات أنه بريء وهو كذلك حَسَبَ الأصل، لذا فإنّ أهم ما يترتب على قرينة البراءة، أن المتهم لا يتحمل عبء إثبات براءته، لأنها مفترضة ويترتب أيضا على هذه القاعدة أنه في حالة العجز عن إثبات ما وقع الادعاء به بالدليل القاطع فما على القاضي الجنائي إلا إعلان براءة المتهم المفترضة أصلا.
ثانيًا: وسائل إثبات جريمة التحرش الجنسي
نظرا لتعدد وكثرة وسائل الإثبات الذي يمكن الاستعانة بها لإثبات جريمة التحرش الجنسي والمنصوص في القانون على عقوبة التحرش في الجزائر، أن نقوم بتناول أهمها بالشكل الذي يتناسب مع طبيعة الجريمة موضوع الإثبات، وعليه فإننا قسمنا هذه الوسائل إلى قسمين قسم خاص بوسائل الإثبات التقليدية و المتعارفة مثل الشهادة، والخبرة، والاعتراف والأوراق أو المحررات، وقسم آخر يتعلق ببعض وسائل الإثبات الحديثة أو العلمية.
اقرأ أيضًا: عقوبة التهديد بالصور في القانون الجزائري
وسائل الإثبات التقليدية:
تتعدد وسائل إثبات التحرش الجنسي، لعقوبة التحرش في الجزائر ومنها:
1. الاعتراف:
الاعتراف هو شهادة المتهم على نفسه، يعترف بواسطته بالتهمة أو بارتكابه الجريمة إما بصفته فاعلا أصليا لها أو مساهما بالتهمة أو مشاركا فيها، عبارة عن شهادة المتهم على نفسه بأنه مرتكب الوقائع الجنائية المنسوبة إليه، إذ يتخذ شكل تصريح يدلي به المتهم أمام الجهات المختصة، و ينسب بمقتضاه إلى نفسه مسؤولية ارتكاب الجريمة كليا أو الاعتراف قد يصدر من المتهم في جِلسة المحاكمة أو أمام قاضي التحقيق و يسمى بذلك اعترافا قضائيا، و قد يصدر الاعتراف عن المتهم في غير جِلسة المحكمة، ومع ذلك يصل هذا الاعتراف إلى القضاء بطريقة غير قاصدًا
2. الشــــــهــــــادة:
الشهادة إخبار أو رواية يرويها شخص عما أدركه قاصدًا بحواسه عن واقعة معينة، و تأخذ شكل تصريح يدلي به صاحبه، و يدون بمحضر يعتمد عليه في الإثبات بعد أداء اليمين، و توفر الشروط القانونية، يتم استدعاء الشهود إما من قبل المحكمة تِلْقائيًا أو بناء على طلب من النيابة العامة أو المتهم أو المطالب بالحق المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية، و إما برسالة مضمونة مع إشهاد بالتوصل أو إشهاد بريدي بتسلمها، أو بواسطة استدعاء يبلغه عون مكتب التبليغات أو عون قضائي أو بالطريق الإداري ليتم تطبيق عقوبة التحرش في الجزائر.
3. المحررات أو الدليل الكتابي:
يعتبر الدليل الكتابي من أهم وسائل الإثبات الذي نظم المشرع أحكامها ويتمثل الدليل الكتابي في الأوراق والمحررات التي يمكن تقسيمها إلى قسمين: قسم يمثل جسم الجريمة أي أنه يدل على وقوع الجريمة ومثال على تلك الورقة المزورة والعقد المزور أو رسائل التهديد الموجهة من المشعل إلى الأجيرة لإجبارها على القيام بالمعاشرة أو لقاء جنسي خارج العمل الخ، فهذه الأوراق تدل على وقوع الجريمة. وقسم آخر يكون المحرر أو الورقة مجرد دليل على وقوع الجريمة، أي أنه دليل من بين أدلة الدعوى يستدل به على واقعة تثبت وقوع الجريمة
4. بعض وسائل الإثبات الحديثة والعلمية
إلى جانب وسائل الإثبات التقليدية الاعتراف المحررات، الشهادة، الخبرة، المحاضر الذي يستعان بها لإثبات جريمة التحرش الجنسي وعقوبة التحرش في الجزائر، فإن التقدم العلمي قد أفرز عدة وسائل علمية متطورة، يمكن الاستعانة بها لإثبات الجريمة مثل التسجيل الصوتي سواء عن طريق وضع رِقابة على الهواتف أو تركيب ميكروفونات حساسة تستطيع التقاط الأصوات، وتسجيلها، وتعتبر أكثر دَقَّة في التقاط الأصوات والذبذبات، وأيضا الكاميرات المرتبطة بالحاسبات وغيرها من الوسائل الإلكترونية الحديثة، لذلك لا مانع في أن تستعين الضحية بهذه الوسائل لتبرير صحة دعواها
عقوبة التحرش في الجزائر
يعاقب المجرم على التحرش الجنسي نظريا فقط و تجريم هذا الفعل جاء كرد فعل قانوني و كضرورة ملحة نتيجة لتنامي هذه الظاهرة في المجتمع خاصة في مواقع العمل وداخل المؤسسات والإدارات العمومية والخاصة مؤكدا أن المشرع الجزائري تطرق لجريمة التحرش الجنسي أول مرة في قانون العقوبات الجديد طبقا للقانون رَقَم 15/04 المعدل حيث يعد مرتكب لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من50000 دج إلى 100000 دج كل شخص يستغل سلطة وظيفته أو مهنته عن طريق إصدار الأوامر للغير أو بالتهديد أو الإكراه أو بممارسة ضغوط عليه قصد إجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية.
أما فيما يتعلق بالدعوى المدنية تبعا دعوى التحرش الجنسي الجزائية فمثلها مثل غيرها من الدعاوى المدنية التي ترفع تبعا الدعاوى الجزائية وتطبق بشأنها نصوص المواد2، 3، 4 و239 من قانون الإجراءات الجزائية المنظمة لقواعد وإجراءات الادعاء المدني إذ يحق للمتضرر الذي تأذى من جريمة التحرش الجنسي أن يشكل طرفا مدنيا ضد الفاعل ويطلب الحكم بالتعويض عن الضرر الذي أصابه سواء كان ماديا أو معنويا ناتج قاصدًا عن الفعل الإجرامي.
في الختام، تناولنا بالتفصيل عقوبة التحرش في الجزائر، وكيف كانت العقوبة رادعة لكل من تسول له نفسه الإقدام على هذا الفعل المشين.