الشيكات المرتجعة في الإمارات: كل ما تحتاج لمعرفته في 2023

تعزى الشكاوى والدعاوى المتعلقة بالشيكات المرتجعة إلى عدة أسباب لكن أكثرها شيوعًا عجز المدين عن سداد الدين للدائن في التاريخ المتفق عليه. يمكن بدء الإجراءات الجنائية والمدنية ضد الجاني بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (14) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم (18) لسنة 1993 بشأن قانون المعاملات التجارية. لهذا، من الضروري أن يعي كل من يتعامل مع الشيكات في الإمارات، خاصةً الذين لا يرغبون في ارتكاب هذه الجريمة بغير قصد وتحمل عواقبها، كيفية إصدار الشيكات وقبولها بشكل صحيح، وكيفية التعامل مع المواقف التي ترتجع فيها الشيكات.

يعتقد الكثير من الناس أنه مع إصدار المرسوم بقانون اتحادي قد تم إعفاؤهم تمامًا من إعادة مبلغ الشيك المرتجع، وهذا سوء فهم. تظل مسؤولية دفع مبلغ الشيك والعقوبات سارية حتى يتم سداد المبلغ بالكامل إلى المستفيد أو حامل الشيك.

 

ما هو الشيك؟

يمثل الشيك أداة دفع أو تفاوض متعارف عليها بدلًا من النقود. ينظم القانون رقم 18 لعام 1993 قانون المعاملات التجارية إصدار الشيكات وتداولها في الإمارات. وتعرِّف المادة رقم 483 من القانون الشيك بما يلي: “أمر يصدره شخص (الساحب) للبنك (المسحوب عليه) بأن يدفع في التاريخ المحدد (تاريخ الإصدار) مبلغ من المال لشخص ثالث (المدفوع له) بصفته المستفيد أو حامل الشيك”.

 ويمثل الشيك الكامل والموقع سلطة للبنك لسحب مبلغ من مال الساحب. ويجب أن يقوم البنك بدفع قيمة الشيك حتى إذا اعترض الساحب، إلا إذا فُقد الشيك أو أفلس حامله. لذا، فالشيك يمثل أداة دفع فعالة لا رجعة فيها.

ويجب أن يعي محرر الشيك أنه وفقُا للقانون يجب أن يتطابق الشيك مع الشروط التالية:

شكل الشيك

وفقًا للمادة رقم 598 من قانون المعاملات التجارية الإماراتي، يجب أن يتم سحب الشيكات المحررة والمستحقة على البنك. يقوم كل بنك بإعطاء كل صاحب حساب دفتر شيكات مطبوع بطريقة معينة ومحمية ويحتوي على شيكات فارغة. ويجب أن يحمل كل شيك (أ) اسم صاحب الحساب و(ب) رقم حسابه و(ج) الرقم التسلسلي للشيك (أنظر الصورة أدناه).

التفاصيل

وفقًا للمادة رقم 596 من  قانون المعاملات التجارية الإماراتي، يجب أن يحتوي الشيك على التفاصيل التالية (راجع الصورة أعلاه):

(1)    كلمة “شيك” مكتوبة بنفس لغة الشيك المحرر الذي يحتوي على النص؛
(2)    أمر غير مشروط بدفع مبلغ معين من المال؛
(3)    اسم البنك المأمور بالدفع (المسحوب عليه)؛
(4)    اسم الشخص أو الجهة التي يجب دفع المبلغ لها (المدفوع له)؛
(5)    مكان الدفع؛
(6)    تاريخ ومكان تحرير الشيك (الساحب).
(7)    توقيع محرر الشيك (الساحب)

لا يذكر القانون أن الشيك الذي لا يحتوي على تاريخ يعتبر غير صالح. مما يعني أنه إذا كان التاريخ محذوفًا، فتاريخ الإصدار هو تاريخ تقديم الشيك للدفع.

وإذا لم يكن مكان الدفع محددًا في الشيك، فالمكان هو المشار إليه إلى جانب اسم البنك؛ وإذا لم يكن مشار إليه، يصبح الفرع الرئيسي للبنك هو مكان الدفع. كذلك، إذا لم يكن مكان إصدار الشيك مذكورًا، يعد مكان إصدار الشيك هو المكان الذي تم توقيعه فبه (المادة رقم 597).

توافر المال

وفقًا للقانون ومبادئ حسن النية، يجب أن يأخذ الساحب بعين الاعتبار أنه لا يمكنه تحرير شيك وهو يعرف أنه لا يمتلك ما يكفي من المال لسحبه من قبل المسحوب عليه في تاريخ الاستحقاق أو أنه لن يمتلك ما يكفي من المال بحلول ذلك التاريخ. ويجب على الساحب إيداع مبلغٍ كافٍ من المال لتغطية المبلغ المستحق بموجب الشيك بالكامل، وفقًا للمادة رقم 599. فالعجز عن توفير هذا المال، جزئيًا أو كليًا، يخوّل المدفوع له بطلب بيان من المسحوب عليه لتقديمه كإثبات في أي إجراء قانوني يتخذه ضد الساحب.

 

ما هو الشيك المرتجع؟

الشيك المرتجع (ويعرف أيضًا باسم “شيك بدون رصيد” أو شيك سئ) هو شيك مقدم من قبل المدفوع له يرفضه البنك المسحوب عليه لسبب من الأسباب التالية:

عندما يكون المبلغ الموجود في حساب الساحب وقت إصدار الشيك غير كاف لتغطية المبلغ المذكور في الشيك، جزئيًا أو كليًا، لذا يتم رفض الشيك من قبل البنك.
عند تلقي البنك لأمر من محرر الشيك بعدم دفعه.
عندما يحرر الساحب الشيك أو يوقع عليه بطريقة تمنع من صرفه، مثل حذف توقيعه أو تغييره.
عند إغلاق الحساب البنكي الخاص بالساحب قبل تقديم الشيك للبنك.

المسؤولية

يعد الشيك أداة دفع مشروطة بتوفر المبلغ المستحق، من خلال قبول المسحوب عليه لدفع الشيك المحرر من قبل الساحب. وبالتالي، تخوّل المادة رقم 632 من قانون المعاملات التجارية الإماراتي حامل الشيك من اتخاذ إجراءات قانونية ضد الساحب أو مجيِّر الشيك أو أي طرف مسؤول عنه إذا تم تقديم الشيك خلال الفترة المحددة ولم يُسدد، وكل ذلك يصبح حقًا له عند الاحتجاج.

وبدلًا من الاحتجاج، فإنه يمكن إعلان عجز الساحب عن الدفع من خلال بيان من البنك المسحوب عليه. ويتم اعتبار الامتناع عن دفع الشيك قبل انقضاء صلاحية الوقت المحدد لتقديم الشيك.

الوقت المحدد لتقديم الشيك

يعد الشيك مستحق السداد اعتبارًا من التاريخ المحدد على الشيك كتاريخ الإصدار. لا يمكن تقديم الشيك قبل هذا الموعد (المادة 617) ويجب تقديمه خلال ستة أشهر من التاريخ المذكور في الشيك كموعد الإصدار (المادة 618).

من الضروري أن ندرك أن على الساحب  تقديم اعتبار الدفع في تاريخ الإصدار، وأن يستمر هذا الاعتبار مع المسحوب عليه حتى تاريخ إنتهاء المدة المحددة لتقديم الشيك؛ وإلا، فإن المادة 634 تمنح حامل الشيك حق اتخاذ إجراءات قانونية ضد الساحب، حتى إن لم يقم حامل الشيك بتقديم الشيك للبنك المسحوب عليه، وحتى إن لم يعترض أو يتخذ إجراءات قانونية خلال الفترة المحددة لسحب الشيك.

مدة التقادم

تنص المادة رقم 638 على أن الإجراءات القانونية التي يتخذها حامل الشيك ضد الساحب، والمجيِّرين على الشيك، والملزمين بدفعه، لن تُقبل بعد مدة سنتين من تاريخ إنتهاء المدة المحددة لتقديم الشيك.

وفي حالة رفع دعوى بالفعل، يتم احتساب مدة التقادم فقط من تاريخ آخر إجراء تم اتخاذه. بالإضافة إلى ذلك، لا تنطبق مدة التقادم إذا تم الفصل في الدين أو عند اتخاذ إجراء منفصل يؤدي إلى تجديد الدين (المادة 640).

 

مسار الإجراءات القانونية

عندما يتم ارتجاع شيك، يتم إثبات عجز الساحب عن سداده عن طريق بيان من البنك، ولا يجوز للبنك رفض طلب إصدار هذا البيان، لكن بإمكانه طلب مهلة لا تتجاوز ثلاثة أيام عمل بعد تقديم الشيك للتواصل مع الساحب.

كذلك، فحامل الشيك غير ملزم بحل المشكلة مع الساحب عن طريق التواصل المباشر، ويحق له بدء الإجراءات القانونية على الفور. وقد تأخذ تلك الإجراءات شكل دعوى جزائية أو دعوى مدنية.

إجراءات الدعوى الجزائية

وفقًا لتعديلات القانون الجديد فيما يتعلق بالشيك، لا يزال من الممكن بدء الإجراءات الجنائية وفرض العقوبات في بعض الحالات المحددة في قانون المعاملات التجارية. في أي حالة أخرى، فإن الشيك المرتجع لن يؤدي إلى تحمل المسؤولية الجنائية من خلال قانون العقوبات.

1. شكوى الشرطة

لكي تقدم دعوى شيك مرتجع، لابد أن يقوم حامل الشيك بتقديم شكوى للشرطة بالإمارة المعنية ضد الساحب. وفي دبي، يمكن تقديم الشكوى لقسم الشرطة عبر تطبيق قسم شرطة دبي.

وبعد تلقي الشكوى، يتعين على الشرطة التواصل مع محرر الشيك وإعلامه بالشكوى وطلب حضوره. وفي قسم الشركة، يُسمح للساحب بتسوية الأمر من خلال دفع قيمة الشيك المرتجع، وفي هذه الحالة، لا يتم اتخاذ إجراءات قانونية أخرى.

يحق لمحرر الشيك المرتجع طلب بعض الوقت لتسوية الأمر. وبناءًا على طلبه، يمكن منح المحرر مدة معقولة وتأمين الشيك عن طريق إيداع جواز السفر في قسم الشرطة. لكن الأمر ينطبق على قيمة الشيك، ففي بعض الحالات لا يتم قبول ضمان الشيك عن طريق جواز السفر من قبل الشرطة إذا كان المبلغ المسحوب على الشيك كبيرًا (مليون درهم فأكثر).

نظرًا لأن حالات الشيك المرتجع المحددة حصراً تعتبر جرائم جنائية في دولة الإمارات، فبمجرد تقديم الشكوى بقسم الشرطة، يتم إصدار حظر سفرمذكرة توقيف على الساحب تلقائيًا. ومن ثم، يتم منع محرر الشيك من مغادرة الإمارات والقبض عليه إذا حاول الهرب، أو يتم القبض عليه إذا حاول دخول الإمارات. ويمكن رفع هذا الحظر أو المذكرة عند تسوية الشيك المرتجع، أو بعد قضاء العقوبة.

2. النيابة العامة

في حالة عجز الخصوم عن تسوية النزاع حول الشيك المرتجع في قسم الشرطة، تقوم الشرطة بإحالة الشكوى إلى النيابة العامة في المحكمة لإجراء المزيد من التحقيقات، ثم تقوم النيابة العامة باتخاذ القرارات في الدعوى بعد سماع الخصوم.

وبناءًا على الإثباتات المقدمة في المحكمة، يمكن أن تصدر المحكمة قرارًا بإطلاق سراح الخصم بكفالة أو بضمان شخص آخر. وفي حالة رفض الكفالة، يجوز للنائب العام أن يأمر بالقبض على الساحب حتى تستمع المحكمة إلى الخصوم وتفصل بينهم.

3. المحكمة الجزائية

يتمثل دور المحكمة الجزائية في التعمق في تفاصيل القضية، وسماع مرافعات الخصوم والاطلاع على الإثباتات المقدمة. بعد ذلك تبدأ  بالتحقق مما إذا كانت عناصر الجريمة كافية أم لا. عناصر الجريمة هي العناصر المادية والمعنوية.

ويعني الفعل الجرمي أن مرتكب الجريمة قام بارتكاب فعل يعد جرمًا في القانون. وكما ذكرنا سابقًا، هذه هي الحالات المحددة حصراً في قانون المعاملات التجارية الخاصة.

جدير بالذكر أن هذه الأفعال لا يتم اعتبارها جريمة إلا في حالة اجتماع الفعل الجرمي مع النية الإجرامية، والأخيرة تعني نية مرتكب الفعل بإلحاق ضرر مادي بالشاكي.

وعند التحقق من وجود عناصر الجريمة، وبموجب السلطة المنصوص عليها في المادة رقم 401 من قانون العقوبات الإماراتي، بإمكان المحكمة تقرير العقوبة على مرتكب الجريمة، والتي قد تحدد بغرامة فقط، وفقًا للنتائج التي تتوصل إليها المحكمة والمبلغ المستحق، وتتراوح الغرامة عادةً ما بين 1,000 درهم و 30,000 درهم أو أكثر. كذلك بإمكان المحكمة اتخاذ قرار بحبس المتهم فترة تتراوح من عام إلى ثلاثة أعوام.

إجراءات الدعوى المدنية

تعمل كل من المحكمة الجزائية والمحكمة المدنية بمعزل عن الأخرى. ومن ثم، فإن العقوبة التي تصدرها المحكمة الجزائية تعد عقوبة على تحرير شيك بنية سيئة دون وجود ما يكفي من المال في حساب الساحب، أو سحبه لجميع أمواله أو جزءًا منها بعد تحرير الشيك، بحيث لا يصبح المبلغ المتبقي كافيًا لتغطية المبلغ المستحق.

لكن مع ذلك، قد تقوم المحكمة التي أصدرت الحكم الجزائي بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية للبت فيها. وبإمكان المدعي تقديم الدعوى إلى المحكمة المدنية أيضًا للمطالبة بحقه وهو المبلغ المتنازع عليه.

تختلف السلطة القضائية التي تؤدي دور المحكمة المدنية فقد لا تكون محكمة بالأساس. على سبيل المثال، في دبي، يعد مركز تسوية النزاعات الإيجارية (الذي يعرف أيضًا باسم اللجنة الإيجارية) هو السلطة المختصة بتسوية النزاعات الإيجارية التي تحدث بين ملّاك العقارات والمستأجرين في الإمارة.

وبعد تقديم الإثباتات والاطلاع على الحقائق المقدمة من كلا الخصمين، بإمكان المحكمة المدنية إلزام محرر الشيك بدفع مبلغ من المال يساوي قيمة الشيك أو المبلغ المستحق. وفي حالة عجز محرر الشيك عن دفع ذلك المبلغ، يمكن التحفظ على أصوله، وقد يصبح عرضة إلى مدة حبس أخرى لعجزه عن الالتزام بقرار المحكمة المدنية.

وإذا لم تعد هناك دعوى قيد الانتظار ضد محرر الشيك المرتجع، وبمجرد إكماله لمدة الحبس، يُسمح له بمغادرة الإمارات بعد استرجاع جواز السفر الذي تم التحفظ عليه.

 

ما تحتاج لمعرفته أيضًا

بعد أن تقرر المحكمة استيفاء عناصر الجريمة، يعود الحكم لتقدير المحكمة فقط في تحديد العقوبات التي ستوقعها على المتهم من بين العقوبات التي ينص عليها القانون.

وينبغي أن يدرك محرر الشيك أنه إذا ارتجع الشيك بسبب خطأ مطبعي، لكن المبلغ المتوفر في الحساب كان كافيًا، فيمكن إصلاح الخطأ في أي مرحلة من مراحل الإجراءات القانونية. وقد يمكن إصلاح الخطأ بعد اتخاذ المحكمة القرار، وبالتالي يتم إيقاف التنفيذ.

الأمر ذاته ينطبق إذا قام الساحب بتحرير الشيك بطريقة صحيحة لكن لم يكن يتوافر مبلغ كافٍ في تلك اللحظة. وكلما سارع الساحب في توفير المبلغ الذي تخلف عن دفعه، قلت الإجراءات القانونية المتخذة ضده.

وفي حالة التسوية، ينبغي أن يتأكد من استرجاع الشيك المرتجع والحصول على براءة ذمة من المدين عند دفع المبلغ المتنازع عليه. وبعد ذلك، لا يتم اتخاذ أي إجراءات قانونية أخرى، ويتم رفع حظر السفر وإلغاء مذكرة التوقيف.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون محرر الشيك قد قام بكل شيء بطريقة صحيحة، لكنه قام بسحب كل ما في حسابه فجأة بسبب ظرف طارئ مثل فقدان وظيفة أو التعرض لأزمة صحية، مما تسبب في عجزه عن تسديد المبلغ المستحق عند تقديم الشيك للبنك. قد يبدو أن المحاكم لا تأخذ في الحسبان وجود أو عدم وجود النية الإجرامية وتعتبر أن الساحب لديه النية  السيئة دائمًا.

ومع ذلك، فإذا تمكن محرر الشيك من إثبات حدوث ظرف طارئ وإثبات حسن نيته واستعداده لرد الدين، فيمكن أن تكون العقوبة غرامة فقط. وقد تمنح المحكمة المتهم مهلة معقولة لكلا الطرفين (المتهم والمدعي) لدفع الدين.

كذلك، إذا قام مستأجر بتحرير شيك مؤجل لصاحب العقار وعجز عن الدفع بحلول تاريخ الإصدار، فلا يخضع هذا لنظام المحاكم وقد يعد جنحة تجعل المستأجر عرضة لعقوبة مالية. هذا لا يعني أن محرر الشيك قد أصبح في حلٍّ من دفع الدين، بل يمكن لصاحب العقار رفع دعوى مدنية أيضاً للمطالبة بالمبلغ المستحق.

وبالتالي، فإن احتمال تطبيق عقوبة السجن أو غرامة أكبر أو كلاهما يبقى قائماً إذا أثبتت المحكمة سوء نية محرر الشيك المرتجع عند تحرير الشيك. هذا يعني وجود نية لارتكاب شكل من أشكال الاحتيال والتسبب في ضرر مالي للمدعي.

 

العناية الواجبة

لسوء الحظ، قد يقع حامل دفتر الشيكات في الإمارات في مأزق بسبب شيك مرتجع حتى إذا لم يوقع عليه. فالخبرة العملية تثبت أن هناك حالات يمكن أن يتعرض فيها الشخص لمسؤولية قانونية بسبب شيك مرتجع لم يوقعه. وإليك بعض الأمثلة: 

ضاع دفتر الشيكات وعثر عليه شخص غير مخول باستخدامه وقام باستخدامه بالفعل؛
قام شخص مخول بموجب توقيع مشترك من البنك بتحرير الشيك؛
أُسئ استعمال دفتر شيكات الشركة من قبل موظفين غير مخولين باستخدامه؛
وغير ذلك من الحالات المشابهة.

في الواقع، عندما يرتجع شيك، فإن البنك المسحوب عليه – بناءًا على طلب الشرطة – يقوم باستخراج تفاصيل الموقعين من ملف الحساب البنكي وإرساله إلى الشرطة. بعد ذلك، تقوم الشركة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للقبض على الموقعين دون إجراء تحقيقات سواء كان الموقع قد ارتكب جريمة أم لا. ومن ثم، قد يتم منع الموقع بالحساب البنكي من مغادرة الإمارات، ويتم القبض عليه على الجريمة التي لم يثبت ارتكابها بعد، ويتم رفض إطلاق سراحه وإيداع جواز سفره كضمان إذا كان المبلغ كبيرًا.

وفي هذه الحالة، تصبح الطريقة الوحيدة لاسترجاع ذلك الشخص لحريته هي دفع المبلغ المستحق بموجب الشيك المرتجع بالكامل، وعندها فقط يمكنه الاستئناف على الحكم والاعتراض عليه. بعد ذلك، يقوم النائب العام بإحالة الدعوى إلى  قسم الشرطة لبدء إجراءات التحقيق بشأن الشخص الذي ارتكب الجريمة بالفعل، لكن هذا في حالة تمكنهم من تحديد هوية ذلك الشخص. وإلا، فقد لا يستعيد الموقع المبلغ المدفوع بسبب الشيك المرتجع. كل هذه المشكلات قد تحدث بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات المطلوبة عند التعامل مع دفتر الشيكات.

 

أحدث التعديلات

بعد سعيها الدؤوب لتحديث قوانينها، وبما أن الشيك يلعب دورًا محوريًا في المعاملات التجارية ومعظم المعاملات الفردية، فقد أدخلت حكومة الإمارات العربية المتحدة العديد من اللوائح في السنوات الأخيرة لمعالجة قضية الشيكات المرتجعة بهدف “تخفيف” العقوبات التي قررت لتلك الجريمة وإمداد مستفيد الشيك بمزيد من الفاعلية في الإجراءات القانونية المتعلقة بمطالباته.

وفي ديسمبر 2017، قام المدعي العام بدبي بإصدار أمر جديد في إمارة دبي. ويستند الأمر إلى فكرة أن المخالفات البسيطة لا يتم التعامل معها من خلال الشرطة وأنظمة المحاكم الجزائية، بل يتم تخفيفها واعتبارها جنح يعاقب عليها بالغرامة وليس الحبس (بحسب ما يقرره النائب العام).

ومع ذلك، ظلت هذه الممارسة مفيدة لا سيما في إمارة دبي، حيث واصلت الإمارات الأخرى تطبيق عقوبة السجن على قضايا الشيكات المرتجعة بغض النظر عن مبلغ المطالبة. فضل العديد من المستفيدين من الشيكات ممن لديهم الخيار تقديم مطالباتهم عن الشيكات في الإمارات الأخرى دون إمارة دبي للاستفادة بشكل أكبر من الإجراءات القسرية.

ووفقًا لهذا الأمر، يعاقب على الشيكات المرتجعة التي لا تتجاوز 200,000 درهم بالغرامات التالية:

مبلغ الشيك المرتجع
الغرامة

أقل من 50,000 درهم
2,000 درهم

50,000 درهم – 100,000 درهم
5,000 درهم

100,000 درهم – 200,000 درهم
10,000 درهم

 

بعد ثلاث سنوات من التخفيف الأخير لإجراءات الشيكات المرتجعة في دبي، أصدرت الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة مرسومًا بقانون جديدًا في 27 سبتمبر 2020، والذي دخل حيز التنفيذ في 2 يناير 2022 (المرسوم بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2020 المعدل لبعض أحكام القانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1993 بشأن قانون المعاملات التجارية) “المرسوم بقانون” ، الذي أدخل تعديلات على بعض مواد قانون المعاملات التجارية.

وتأخذ التعديلات بعين الاعتبار مصالح كل من ساحب الشيك والمستفيد، بالإضافة لأطراف آخرين، ومن المتوقع أن تعطي مزيدًا من الفعالية والسهولة لإجراءات الوفاء بالالتزامات.

بالإضافة إلى قانون المعاملات التجارية، ألغى المرسوم بقانون المواد 401 و 402 و 403 من القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 بإصدار قانون العقوبات، وألغى تجريم إصدار شيك بدون رصيد. ومع ذلك، فإن إلغاء تجريم الشيكات بدون رصيد يستثني أربعة حالات لا تزال تعتبر جريمة، وهي:

جريمة تزوير الشيكات
الاحتيال بالشيك عن طريق إصدار أمر للبنك بعدم صرف الشيك بطريقة غير مشروعة
سحب الرصيد بالكامل قبل تاريخ إصدار الشيك
تعمد تعقيد تحرير الشيك أو التوقيع عليه عمداً بما يحول دون صرفه

تشجع التعديلات الأطراف على السعي لحل بديل للنزاع قبل اللجوء إلى الإجراءات الجنائية. في حالة نجاح المصالحة وإفضائها إلى السداد المباشر أو إعادة جدولة السداد، سيتم تعليق الإجراءات الجنائية ضد الجاني وفقًا للمادة 644 مكرر (2) من المرسوم بقانون.

ظلت المادة 617 من قانون المعاملات التجارية كما هي فيما يتعلق بالدفع الجزئي للشيك لحامله في حالة عدم تغطية المبلغ المتاح في حساب الساحب مبلغ الشيك، ومع ذلك، يمكن لحامل الشيك الآن رفض السداد الجزئي. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب المرسوم بقانون من البنك المسحوب عليه إبلاغ البنك المركزي بأي حادثة تتعلق بعدم كفاية الأموال وارتجاع الشيكات.

إلى جانب المحاكم الجنائية، ستعفي التعديلات المحاكم المدنية كذلك مع منح الحق للمستفيدين بأخذ شيكاتهم المرتجعة مباشرة للتنفيذ، مما يوفر لهم الوقت والمال في عملية الوصول إلى أصول الجناة، وذلك وفقًا للنص الجديد للمادة 635 مكرر التي تنص على:

“يُعد الشيك المثبت عليه من قبل المسحوب عليه بعدم وجود رصيد له أو عدم كفايته سنداً تنفيذياً وفقاً للائحة التنظيمية للقانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 المشار إليه، ولحامله طلب تنفيذه، كلياً أو جزئياً، جبراً”.

بالإضافة إلى ذلك، أدخل المرسوم بقانون عقوبات تتراوح بين 50،000 درهم و 100،000 درهم إماراتي على الشخص المدان في قضية شيك مرتجع لعدم تسليم دفتر الشيكات ومنعه من إصدار دفتر شيكات جديد لمدة تصل إلى خمس سنوات وأي بنك يخالف هذا الأمر سوف يواجه غرامة تتراوح بين 100،000 درهم و 200،000 درهم إماراتي.

حدد المرسوم بقانون في المادة 641 مكرر (1) و (2) و (3) و (4) عقوبات لجرائم الشيكات تتراوح لمظهر الشيك أو حامله (بحد أدنى 10٪ وبحد أقصى لقيمة الشيك)، وإصدار شيك بدون كفاية الرصيد (الحبس بين 6 أشهر وسنتين بالإضافة إلى 10٪ كحد أدنى وبحد أقصى ضعف قيمة الشيك)، وتزوير أو استخدام شيك مزور (السجن لمدة لا تقل عن سنة واحدة بالإضافة إلى 20.000 درهم كحد أدنى وبحد أقصى 100000 درهم إماراتي) وأي من الجرائم المذكورة أعلاه المرتكبة بهدف الإرهاب (السجن المؤبد مضافًا إليه 500.000 درهم كحد أدنى وبحد أقصى 1.000.000 درهم).

العقوبة المحددة للمسحوب عليه في المادة 641 من قانون المعاملات التجارية هي السجن أو الغرامة لرفضه بسوء نية دفع الشيك كليًا أو جزئيًا، أو التصريح بما يتعارض مع الحقيقة بعدم وجود أموال كافية، أو رفض الإدلاء بإفادة أموال غير كافية، تم تعديلها أيضًا إلى غرامة لا تقل عن 10٪ من قيمة الشيك، بشرط ألا تقل عن 5000 درهم (خمسة آلاف درهم)، ولا تزيد عن ضعف قيمة الشيك.

كما يجوز للمحكمة أن تمنع المدعى عليه المحكوم عليه في أي من الجرائم المذكورة أعلاه من القيام بأي نشاط مهني أو تجاري لمدة تصل إلى ثلاث سنوات إذا كانت الجريمة المرتكبة تتعلق بممارسة الأعمال التجارية. وفي حالة التكرار، يعاقب الجاني بالحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 50000 درهم (خمسون ألف درهم) ولا تزيد عن 100000 درهم (مائة ألف درهم) أو أي منهما.

في حالة ارتكاب أي من الجرائم المذكورة في المادة 641 أعلاه لصالح شركة وبمعرفة الشخص المسؤول عن الإدارة، فإن الأخير يخضع لعقوبة لا تقل عن ضعف العقوبة المطبقة قانونًا لهذه الجريمة وما لا يزيد عن خمس مرات مثلها. يجوز للمحكمة أيضًا أن تأمر بتعليق أعمال الشركة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر، وفي حالة التكرار، يتم إلغاء الرخصة التجارية والإفلاس الإجباري للشركة.

أيضًا، يتوجب على أصحاب الحسابات المشتركة إبلاغ البنك في حالة حدوث تغيير في وضع أحد مالكي الحساب مثل الوفاة أو أنواع أخرى من فقدان الأهلية، حتى يتخذ البنك الإجراءات المطلوبة التي تحد من الوصول إلى الأصول الموروثة للمتوفى أو فاقد الأهلية.

 

خاتمة

تنتشر دعاوى الشيكات المرتجعة في الإمارات العربية والمتحددة وقد يرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل مثل إنهاء العقود بطريقة غير قانونية، إفلاس الشركات، أو هروب محرر الشيك، إلخ. في الواقع، عندما يقوم حامل شيك مرتجع بتقديم شكوى للشرطة، فإن أفضل طريقة لحل المشكلة للطرفين هي تسوية الأمر في قسم الشرطة بالتراضي.

لكن، إذا لم يستطع الطرفان التوصل إلى تسوية ودية، وتم تصعيد الأمر، فاللجوء إلى محامي ذو خبرة في أسرع وقت ممكن هو أفضل قرار يمكن اتخاذه لمنع أي أضرار أو تعقيدات قانونية أخرى.

 

شكر خاص لـ:

أحمد عودة | شركة MIO للمحاماة

أحمد النجار | النجار أند بارتنرز

مها بن هندي | مها بن هندي للمحاماة​

لمساعدتهم في تحرير هذا المقال.

___

نشر المقال في الأصل في 30 مارس 2018، تم آخر تحديث في 10 مايو 2023