الغش التجاري في ضوء النظام السعودي والشريعة الاسلامية

عرفت المادة الثانية من نظام مكافحة الغش التجاري أنه الشروع في خداع المستهلكين ورواد الأسواق من خلال طرح منتجات مغشوشة، وقد اعتبر المنظم عدة تصرفات ترد على المنتج تحت مسمى الخداع وهي:

– تغيير في ذاتية المنتج أو طبيعته أو جوهره أو جنسه أو نوعه أو عناصره أو صفاته الجوهرية. مثال على ذلك التغييرات التي تتم على تركيبة دواء أو مكمل غذائي، بحيث تتنافى التركيبة الواقعية مع التركيبة المدونة على عبوة المنتج. كذلك يصدر الخداع على بلد المنتج، فقد يتم تغيير بلد الصنع وإيهام المشتري بأن المنتج مصنوع في بلده الأصلي. كما يرد الخداع في مقدار المنتج من حيث وزنه وحجمه الفعلي، و مخالفة الوزن المكتوب على العبوة للوزن الحقيقي.

– كما يندرج تحت مسمى الخداع في البيع، حيازة منتج بغرض عرضه للبيع أو المتاجرة. ويكون خداعاً صنع أو إنتاج أو حيازة أو عرض منتجات مخالفة للمواصفات والمقاييس. استعمال أواني أو أوعية أو أغلفة أو ملصقات مخالفة للمواصفات والمقاييس المعتمدة في تجهيز أو تحضير ما يكون معداً للبيع من المنتجات.

– ويعتبر خداعاً تعبئة منتجات أو حزمها أو ربطها أو تخزينها أو نقلها دون مراعاة المواصفات القياسية المعتمدة في ذلك.

– كما يعد غشاً وخداعاً استيراد عبوات أو أغفلة أو مطبوعات تستخدم في الغش، أو صنعها أو طبعها أو حيازتها.

– وأخيراً، استيراد منتج مغشوش يعد خداعاً وغشاً كما نصت المادة سالفة الذكر.

 

حكم الغش التجاري في الاسلام

ثبتت حرمانية الغش حيث حذر الله في كتابه العزيز (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ(3)) ويتضح من الآية الكريمة التحذير والوعيد لمن يقوم بتبخيس حقوق الناس وغشهم في الكيل و الميزان. كما نهى رسول الله (ص) عن الغش بشكل عام لما في ذلك من صفة ذميمة لما فيها من خيانة أمانة و تشابه مع صفات المنافقين الذين أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام. فعن رواية حكيم بن حزام أن رسول الله قال (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما) أخرجه البخاري ومسلم.

وفي موضع اخر في المعاملات التجارية، ثبت أن رسول الله (ص) قد مر ذات يوم على صرة من طعام في السوق فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟) فقال: أصابته السماء يا رسول الله -يعني المطر- فقال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني). وبالتالي يتبين أن الأصل في المبيع السلامة، فيبطل البيع ببطلان الأصل إذا ظهر عيب خفي منع من المنفعة بالمبيع.

 

حماية الفرد من الغش التجاري من قبل الدولة وكيفية مواجهة الأفراد للغش التجاري

تصدت الدولة (حفظها الله وأدام عزها) لجميع أنواع الغش التجاري من خلال وضع نظام مكافحة الغش التجاري، ونصت فيه على عقوبات رادعة و منها أنه يكون موضوعاً للعقاب كل من قام بالأفعال التي ذكرناها في بداية هذا المقال بغرامة لا تزيد عن 50,000 خمسين ألف ريال أو السجن لمدة لا تزيد عن ستة أشهر أو بهما معاً. كما وضعت غرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بالسجن لمدة لا تزيد عن ثلاثة سنوات أو بهما معاً إذا اقترن فعل الغش أو الخداع باستخدام الموازين والمقاييس أو مكاييل أو آلات فحص أو دمغات أو ما شابه ذلك، أو إذا تصرف التاجر في المنتج قبل ظهور نتيجة الفحص.

ويكون تطبيق العقوبات الواردة في ذلك من خلال لجان التفتيش الخاصة بوزارة التجارة وفي حال ثبت الغش في حق تاجر أو فرد حاز المنتجات بغرض البيع أو المتاجرة فيتم إحالته إلى النيابة العامة والتي تقوم بدورها بالتحقيق وتحريك الدعوى العامة بناء على ما تكيفه من وقائع ضد مرتكبي الغش التجاري. و على الأفراد جزء كبير من المسئولية تجاه وطنهم من خلال الإبلاغ عن المنتجات المغشوشة والمحلات التي تحوز مثل هذه المنتجات وتعرضها في السوق بغرض بيعها، وقد شجعت الدولة الأفراد على الإبلاغ وذلك برصد مكافاة 25% للمبغ تحسب من قيمة الغرامة الموقعة بعد صدور الحكم وتحصيلها.

يتم الابلاغ عن الغش التجاري حسب الطريقة الآتية:

1- تصوير المنتج من قرب وعلى أرفف المحل.

2- تصوير لوحة المحل من الخارج.

3- الإبلاغ عن هذه المنتجات من خلال تطبيق “بلاغ تجاري” الخاص بوزارة التجارة أو على بلاغات حماية المستهلك 1900.

ونشير إلى أنه يُمنع على الأفراد نشر أي من هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها لما فيها من تشهير، فذلك من اختصاص وزارة التجارة حصراً.

وسنكمل بإذن الله، إن كان للعمر بقية، الإجابة عن باقي الأسئلة في مقال لاحق.

 

بقلم:

شهاب الصالح | مكتب شهاب الصالح للمحاماة​​