إن العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة هو حلم الكثير من الناس في البلدان الأخرى، لكن الحصول على وظيفة ليس بالأمر السهل. يتطلب ذلك بعض المال والوثائق اللازمة. إن جواز السفر، والتأشيرة، والفحص الطبي، والشهادات التعليمية لا تشكل سوى القليل من المتطلبات اللازمة للحصول على وظيفة. في حين أن هذه العملية قد تستغرق وقتًا، إلا إنها لا تمنع الباحثين عن عمل من القدوم والبحث عن عمل داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومع ذلك، فإن العديد من الباحثين عن عمل، سواء بشكل فردي أو من خلال وسطاء، يقومون بتزوير المستندات. أكثر أنواع الاحتيال شيوعًا تتمثل في تزوير الشهادات التعليمية وشهادات الفحص الطبي وحتى جوازات السفر والتأشيرات. يمكن أن تكون عقوبات تزوير أو استخدام وثائق مزورة صارمة وتتضمن السجن ودفع الغرامات. لذلك، من الأهمية بمكان للباحثين عن عمل أو أصحاب العمل فهم ومعرفة العواقب والمخاطر والعقوبات القانونية المترتبة على تزوير أو استخدام وثائق مزورة من أجل العمل أو العيش في دولة الإمارات العربية المتحدة.
يمكن لأصحاب العمل تحذير العمال المحتملين من محاولة تزوير أو استخدام وثائق مزورة عند التقدم بطلب للحصول على وظائف في شركاتهم من أجل تجنب المشاكل القانونية في المستقبل. ولا تزال ظاهرة التزوير أو استخدام وثائق مزورة تحدث رغم تشديد القانون وتشديد الجزاءات والعقوبات القانونية.
تعريف التزوير
المعنى العام “للتزوير” في القاموس هو كما يلي:
أ. يُرتكب التزوير عندما يقوم شخص ما بتحرير مستند أو تعديله بحيث يكون زائفًا بقصد الاحتيال.
ب. التزوير هو أحد جرائم أصحاب الياقات البيضاء (الموظفين) والتي تشير بشكل عام إلى التزوير أو التعديل الجوهري على محرر قانوني بقصد محدد هو الاحتيال على أي شخص (بخلاف أنفسهم).
ج. الشخص الذي يحرر المستند أو يتدخل في تحريره أو يعدله بطريقة تنقل انطباعًا خاطئًا بشأن صحته وتعطيه الصفة القانونية بغرض خداع أو إيذاء شخص آخر، يكون مُتهمًا بالتزوير بالمعنى المفهوم.
التزوير في قانون دولة الإمارات العربية المتحدة
يُنظم قانون العقوبات الإماراتي رقم 3 لعام 1987 التزوير في الفصل الخامس، الفرع الأول تحت عنوان “تزوير وتقليد الأختام والعملات والطوابع” من المادة 211 إلى المادة 215، والفرع الثاني تحت عنوان “تزوير المحررات” من المادة 216 إلى المادة 223. في هذا المقال، سنناقش تزوير المحررات.
تنص المادة 216 من قانون العقوبات على أن ” تزوير المحرر هو تغيير الحقيقة فيه بإحدى الطرق المبينة فيما بعد تغييرًا من شأنه إحداث ضرر وبنية استعماله كمحرر صحيح.” ويمكن صياغة أحكام المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي على النحو التالي:
أ. التزوير
ب. المحررات
ج. لتغيير حقيقته بإحدى الطرق الموضحة أدناه؛
د. وذلك لإلحاق الضرر وبنية استعماله كمحرر صحيح.
بموجب صياغة أحكام المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي، أصبح من السهل تصنيف وفهم عناصر الجريمة الجنائية الناتجة عن تزوير الوثائق. لكن هذه العناصر ليست دائمًا قائمة بذاتها في المجمل. ولقد تم شرح التزوير بشكل عام وفقاً لأحكام قانون العقوبات الاتحادي على النحو المذكور أعلاه.
ما المقصود “بالمحررات”؟
أ. المحرر هو وثيقة تنص على بعض العلاقات التعاقدية أو تمنح بعض الحقوق، على سبيل المثال: التفويض والتنازل.
ب. المحرر هو شيء مكتوب.
ج. المحرر هو أي شيء يتم التعبير عنه كتابةً؛ سواء عقد أو اتفاق. يلزم التعبير عن العديد من القوانين كتابةً حتى تصبح نافذة المفعول.
د. المحرر هو مستند ورقي أو أي مستند آخر يتضمن مواد مكتوبة أو مطبوعة أو ما يعادلها. يُستخدم المحرر لأغراض مثل عرض المعلومات أو جمعها أو نقلها أو تسجيلها، ويشمل كذلك الأموال أو الرموز أو الطوابع أو الأختام أو الشارات أو العلامات التجارية أو الشهادات أو الرموز التي تمنح قيمة أو حق أو امتياز أو هوية يمكن استخدامها لصالح شخص آخر أو ضد مصلحته.
لذلك، إن المقصود من “المحررات” هو كتابة أو طباعة شيء ما على الورق؛ سواء كانت أوراق عمل، أو وثائق، أو خطابات، أو تراخيص، أو شهادات… وما إلى ذلك، باعتبارها أداة لتوفير المعلومات أو البيانات لأغراض الحياة اليومية. وتنص المادة 218 من قانون العقوبات الاتحادي في شأن “المحررات الرسمية” على ما يلي: “المحرر الرسمي هو الذي يختص موظف عام بمقتضى وظيفته بتحريره أو بالتدخل في تحريره على أية صورة أو إعطائه الصفة الرسمية. أما ما عدا ذلك من المحررات فهو محرر غير رسمي”.
واستنادًا إلى أحكام المادة 218 من قانون العقوبات الاتحادي، هناك نوعان من الوثائق التي يمكن أن تكون محل تزوير:
أ. الوثائق الرسمية أو العامة: الوثائق الرسمية أو العامة هي مستندات يتم تحريرها رسميًا وتستخدم لأغراض رسمية من قبل جهات معينة، سواء كانت أفرادًا أو مؤسسات أو وكالات أو منظمات رسمية. على سبيل المثال: الشهادات، والتصاريح، ولوائح الاتهام، وجوازات السفر، والتأشيرات وبطاقات الهوية.
ب. الوثائق غير الرسمية: الوثائق غير الرسمية هي مستندات يتم تحريرها بشكل غير قانوني باستخدام لغة غير قياسية أو غير رسمية لتحقيق مكاسب شخصية. على سبيل المثال: رسائل الحب والرسائل من العائلة أو الأصدقاء.
المستندات التي يمكن أن تكون موضع تزوير هي:
أ. المحررات التي يمكن أن ينشأ عنها حق للطرف الذي يستخدمها، مثل التذاكر، أو الشهادات، أو القسائم… وما إلى ذلك.
ب. المحررات التي يمكنها أن تعفي من اتفاقية أو ديّن مثل الإيصالات أو الشيكات … وما إلى ذلك.
ج. المحررات التي يمكنها إصدار اتفاقية مثل اتفاقيات الإيجار أو اتفاقيات البيع أو الشراء أو اتفاقيات ما قبل الزواج … وما إلى ذلك.
د. المحررات التي تقدم معلومات حول الأحداث أو الإجراءات، مثل شهادات الميلاد وشهادات محل الإقامة والسندات.
الوثائق المزورة هي المستندات التي يتعارض محتواها كليًا أو جزئيًا مع القانون والحقيقة والوقائع الفعلية، سواء من الناحية الجوهرية أو المادية. وتتضمن الأمثلة على “المحررات” المستندات، والرسائل، والبيانات، ووثائق المعلومات، والعقود، وبطاقات الهوية، والشهادات، والوثائق القانونية، والفواتير أو الخطابات… وما إلى ذلك. إن إصدار المحررات فعل لا يحظره القانون ولكنه يصبح فعلًا ينتهك القانون الجنائي إذا كان الغرض من تحرير المستندات هو تغيير محتويات ووقائع الحقيقة بشكل غير قانوني أو في حالة عدم امتلاك السلطة القانونية للقيام بذلك.
شروط التزوير السبعة
ما المقصود بعبارة “تغيير حقيقته بإحدى الطرق الموضحة أدناه”؟ كيف تعرف ما إذا كان “المحرر” مُدرجًا ضمن فئة تزوير المستندات وفقًا لقانون دولة الإمارات العربية المتحدة؟
وتنُص أحكام المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي على “طرق التزوير” السبعة التالية:
1. إدخال تغيير على محرر موجود سواء بالإضافة أو الحذف أو التغيير في كتابة المحرر أو الأرقام أو العلامات أو الصور الموجودة فيه أو عليه.
2. وضع إمضاء أو ختم مزور أو تغيير إمضاء أو ختم أو بصمة صحيحة.
3. الحصول بطريق المباغتة أو الغش على إمضاء أو ختم أو بصمة لشخص دون علم بمحتويات المحرر أو دون رضاء صحيح به.
4. اصطناع محرر أو تقليده ونسبته إلى الغير.
5. ملء ورقة ممضاة أو مختومة أو عليها بصمة أصبع على بياض بغير موافقة صاحب الإمضاء أو الختم أو البصمة.
6. انتحال الشخصية أو استبدالها في محرر أعد لإثباتها.
7. تحريف الحقيقة في محرر حال تحريره فيما أعد لإثباته.
إذا تم إصدار “المحرر” باستخدام إحدى طرق التزوير السبع المذكورة أعلاه، فإنه يمكن تصنيف هذا الإجراء على أنه “تزوير”.
دور الضرر في التزوير
ما المقصود بالعبارة “إحداث ضرر وبنية استعماله كمحرر صحيح ” في المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي؟
إن تعريف جملة ” إحداث ضرر” هو:
أ. فعل لخلق تصور أو رأي أو فكرة أو حالة متحيزة أو التسبب في ذلك.
ب. التحيز أو تكوين رأي أو فكرة أو معتقد مسبق حول شيء ما.
ج. قد تكون نشأة الشخص سببًا في تحيزه.
إذا كان أحد الوالدين متحيزًا بشأن أمرٍ ما، فإن هناك فرصة أن ينتقل هذا الرأي إلى الجيل التالي. إن فعل “إلحاق الضرر” ليس عملاً مخالفًا للقانون إذا لم يقترن بأهداف ومقاصد مخالفة للقانون. إن تعريف “النية” هو:
أ. إنه شيء تريده وتخطط للقيام به.
ب. إنه تصميم على التصرف بطريقة معينة.
ج. هو تصميم الشخص أو تخطيطه للقيام أو الامتناع عن القيام بعمل ما، وهو عنصر ضروري في جرائم معينة.
المقصود بالعبارة “إحداث ضرر وبنية استعماله كمحرر صحيح ” في المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي هو فعل تزوير يتم تنفيذه عن طريق خلق رأي أو تصور أو صورة عن مشاعر أو أفكار أو مواقف بهدف جعل الآخرين يعتقدون أن شيئًا ما هو محرر صحيح.
أفعال التزوير المقررة
أفعال التزوير التي يمكن أن تخضع لعقوبات جنائية هي كما يلي:
1. الأفعال التي تستوفي عناصر طرق التزوير السبع جزئيًا أو كليًا المنصوص عليها في المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي.
2. نية المزورين أو عزمهم على تحرير مستندات مزورة أو استخدامها لمصالح شخصية أو مصالح أشخاص آخرين بهدف جعل الآخرين يعتقدون أن المستندات المزورة صحيحة و / أو لتحقيق أرباح من المستندات المزورة.
3. المزورون على دراية كاملة ولا يوجد ضغط أو إكراه من جهات أخرى في تزوير المستندات أو استخدام المستندات المزورة.
4. يفهم المزورون أو يعلمون أن تحرير مستندات مزورة عن طريق التعديل أو التغيير أو السرقة يعتبر مخالفًا للقانون الجنائي.
5. قد يترتب على فعل التزوير خسارة مباشرة أو غير مباشرة، أي أن هناك احتمالية للخسارة بسبب تزوير المستند.
لا يحظر القانون استخدام الوثائق أو تحريرها، ولكنه يجرم تحرير الوثائق المزورة أو استخدامها كما هو منصوص عليه في المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي باعتبارها أفعال غير قانونية يعاقب عليها بالسجن. يعاقب على فعل تزوير محرر رسمي بالسجن لمدة عشر سنوات وعلى تزوير محرر غير رسمي بالحبس على النحو المنصوص عليه في المادة 217 من قانون العقوبات الاتحادي:
“يعاقب على التزوير في محرر رسمي بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات ويعاقب على التزوير في محرر غير رسمي بالحبس. وذلك كله ما لم ينص عليه غيره”.
يعاقب على استخدام محرر رسمي مزور بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، وكذلك تُطبق نفس عقوبة السجن لمدة خمس سنوات على الشخص الذي يستفيد من تزوير محرر رسمي على النحو المنصوص عليه في المادة 217/1 (1) من قانون العقوبات الاتحادي:
“.. يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من زور صورة محرر رسمي وتم استعمال تلك الصور”.
ويعاقب بذات العقوبة كل من استعمل صورة محرر رسمي مع علمه بتزويره. على سبيل المثال، يريد شخص حاصل على شهادة تعليم ثانوي التقدم لوظيفة تسويق في شركة عقارية في إمارة دبي ولكن شروط الوظيفة تتطلب أن يكون حاصلاً على شهادة البكالوريوس. ومن ثم يطلب هذا الشخص من موظف مركز الطباعة تحرير شهادة البكالوريوس عن طريق سرقة شهادة البكالوريوس من إحدى الجامعات في بلده، حتى يتمكن من التقدم لوظيفة التسويق في الشركة العقارية في إمارة دبي.
يوافق موظف مركز الطباعة على تحرير تقليد لشهادة البكالوريوس، وبالتالي يكون فعله قد استوفى طرق التزوير السبعة ولاسيما أنه ليس لديه سلطة تحرير تلك الشهادة، عن طريق النسخ والإرفاق والإضافة والطباعة والدمغ والختم وإضافة الشعار والتوقيع باسم الشخص على شهادة البكالوريوس المزورة، بحيث يمكن استخدام الشهادة المزورة لتغيير الحالة التعليمية للشخص ليصبح خريج جامعي.
لقد تم إلحاق هذه المادة بقانون العقوبات بموجب القانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2005. من الواضح أن فعل هذا الشخص محظور بموجب القانون، وقد استوفى عناصر التزوير كما هو منصوص عليه في المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي، وقد يعاقب على أفعاله بالسجن لمدة 10 سنوات على النحو المنصوص عليه في المادة 217 من قانون العقوبات الاتحادي. من البداية، يتضح من تصرف هذا الشخص أن لديه نية وغرضًا لاستخدام شهادة البكالوريوس المزورة لصالحه الشخصي وأنه سيستخدمها للتقدم لوظيفة التسويق في الشركة العقارية في إمارة دبي.
في هذه الحالة لم يحرر هذا الشخص شهادة مزورة لنفسه ولكنه طلب من موظف الطباعة القيام بذلك من أجله وسيتم استخدامها وفقًا لخطته، إليكم بعض الأسئلة؟
1. هل استوفى فعل هذا الشخص عناصر طرق التزوير السبع بشكل جزئي أو كلي المنصوص عليها في أحكام المادة 216 من قانون العقوبات الاتحادي؟
2. هل يمكن اعتبار فعل هذا الشخص عمل إجرامي متراكم؟
3. ما هي مدة عقوبة السجن التي سيتعرض لها هذا الشخص وعلى أساس أي مادة من قانون العقوبات الاتحادي ستتم محاسبته؟
الملخص
يجب تجنب تزوير المحررات أو استخدامها بغض النظر عن الموقف والسبب، خاصةً بالنسبة للباحثين عن عمل أو أصحاب العمل أو رجال الأعمال الذين يجب ألا يحاولوا أبدًا تزوير أو استخدام مستند مزور في دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب العواقب والمخاطر والعقوبات المشددة والسجن لمدة لا تتناسب مع جريمة التزوير.
فيما يلي بعض النصائح الموجهة خصيصًا للباحثين عن عمل في دولة الإمارات العربية المتحدة لمنع وتجنب تزوير المستندات. وحتى يتمكنوا من إعداد المستندات المطلوبة للعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة بطريقة مشروعة قبل وقت طويل من القدوم إلى البلاد:
1. الاستعداد من الناحية المالية للبحث عن وظيفة أو العيش في دولة الإمارات العربية المتحدة.
2. إجراء فحص طبي في عيادة صحية رسمية وقانونية في البلد الأم.
3. استخراج وثائق جواز السفر والتأشيرة من مكان رسمي وقانوني في البلد الأم.
4. التصديق على الشهادات التعليمية من بين أمور أخرى (التوثيق في البلد الأم، والتصديق من وزارة خارجية الدولة في البلد الأم، والتصديق من سفارة أو قنصلية دولة الإمارات العربية المتحدة في البلد الأم، والتصديق من وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، وترجمتها إلى اللغة العربية).
5. تحسين المهارات اللغوية للغة الإنجليزية والعربية المستخدمة يوميًا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
6. تحسين المهارات التي تدعم العمل.
7. الوعي بأساليب الاحتيال في عرض الخدمات أو الوعد بالحصول على وظائف وجوازات سفر وتأشيرات بتكلفة منخفضة للغاية وبإجراءات سريعة.
8. معرفة وفهم الأساليب القانونية المطبقة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
كُتب بواسطة:
عبد الواحد محمد شريف | دار الحقوق للاستشارات القانونية