نظرة على تعديلات قانون الأحوال الشخصية بموجب المرسوم بقانون (5) لعام 2020

استحدثت التعديلات الأخيرة في قانون الأحوال الشخصية الاتحادي، عرض توصية الحكمين على الزوجين، ودعوتهما للصلح قبل إصدار حكم التفريق بينهما، كما حددت خمس حالات تسقط فيها نفقة الزوجة، وأقرت أيضاً بأنه لا يعتبر خروج الزوجين من البيت أو للعمل وفقاً للقانون أو الشرع أو العرف أو مقتضى الضرورة إخلالاً بالالتزامات الزوجية، وعلى القاضي مراعاة مصلحة الأسرة في كل ذلك.

وتفصيلاً، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في 25 أغسطس 2020، مرسوماً بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية، حيث تم تعديل المواد (56)، (71)، (72)، (100)، ( 120).

واستحدثت المادة (120) عرض توصية الحكمين على الزوجين، إذ نصت على أنه إذا عجز الحكمان عن الإصلاح فعلى المحكمة أن تعرض توصية الحكمين على الزوجين، وتدعوهما للصلح قبل إصدار الحكم بالتفريق بينهما. فإذا تصالح الزوجان بعد توصية الحكمين بالتفريق بينهما وقبل صدور الحكم، فعلى المحكمة إثبات ذلك الصلح.

ونصت على أنه إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة كلها من جانب الزوج، والزوجة هي طالبة التفريق، أو كان كل منهما طالباً، أوصى الحكمان بالتفريق بطلقة بائنة وبدل مناسب يدفعه الزوج دون مساس بشيء من حقوق الزوجية المترتبة على الزواج أو الطلاق. وإذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة كلها من جانب الزوجة، والزوج هو طالب التفريق أو كان كل منهما طالباً، أوصى الحكمان بالتفريق نظير بدل مناسب يقدرانه وتدفعه الزوجة ما لم يتمسك الزوج بها. وتراعي المحكمة في ذلك مصلحة الأسرة.

وإذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة مشتركة، أوصى الحكمان بالتفريق دون بدل أو ببدل يتناسب مع نسبة الإساءة. وإذا تعذر الصلح بين الزوجين وجهل الحال فلم يعرف المسيء منهما، فإن كان الزوج هو طالب التفريق اقترح الحكمان رفض دعواه، وإن كانت الزوجة هي الطالبة أو كان كل منهما طالباً التفريق يكون الحكمان بالخيار في ما يريانه مناسباً لحال الأسرة والأولاد في التفريق بينهما دون بدل أو رفض التفريق بينهما.

وحسناً فعل المشرع لأن الأسرة نواة المجتمع، يصلح بصلاحها ويفسد بفسادها، وعنت الشريعة الإسلامية بالعلاقة الزوجية عناية فائقة، لأن الزوجين هما دعامة كل أسرة، والأصل الذي تتفرع منه الفروع، فإذا حفظ كل منهما حق الآخر تحققت النعمة المرجوة من الزواج، إذ أن تعديلات قانون الأحوال الشخصية أسهمت في منع الطلاق لأسباب لحظية واهية، مثل الغضب الذي قد ينهي زواجاً دام أعواماً عدة سيما وأن قانون الأحوال الشخصية عام 2005 (قبل التعديل) كان الأسهل والأسرع للحصول على الطلاق لأنه وبمجرد ادعاء الزوجة الضرر يحكم لها دون الحاجة إلى شهود أو بينة.

ثم جاءت تعديلات القانون لتحد من ذلك، فإذا لم يتوافر شهود على الضرر ترفض الدعوى، وإذا تكررت الشكوى تحال لحكمين، ولو تبين أن الضرر من جانبها ترفض الدعوى إذا تمسك بها الزوج. أما إذا كان مصدر الضرر مجهولاً، فيحدد الحكمان مصلحة الأسرة.

من ثم، فإن تعديلات القانون رقم (5) لعام 2020 بشأن الطلاق وضعت التزامات إضافية حماية لحقوق الطرف المتضرر، فإذا كانت الزوجة مخطئة عليها دفع البدل الذي تقرره المحكمة للزوج، وإذا أصرت على الطلاق عليها أن تعوض الزوج عما أنفقه في الزواج. والأمر ذاته يتحقق مع الزوج إذا كان مخطئاً، والمحكمة تنصف المرأة في هذه الحالة وتقرر لها التعويض الذي تراه مناسباً.

أخذاً في الاعتبار أن البدل (التعويض) يقرره الحكمان تنظر فيه المحكمة وتعتمده حسب تقديرها لكل حالة، ولها الحق في إقرار أو رفض البدل الذي يقرره الحكمان، لأن الحكمة من البدل في الأساس إنصاف الطرف صاحب الحق، وليس التحامل على طالب الطلاق.

بقلم:

خالد النبوي | خالد النبوي للاستشارات القانونية