يعتبر العنف من أبشع الظواهر الخطيرة المنتشرة في المجتمع. وهو ببساطة انتزاع الرفق من الأمور والأقوال والأفعال والأحوال وإظهار الشدة والقسوة فيها. والعنف إما جسدي أو نفسي أو لفظي كالاستهزاء أو فرض الرأي، مثال عنف الزوج ضد زوجته، أو الزوجة ضد زوجها، أو الوالدين أو أحدهما ضد الأبناء، أو الأبناء ضد الوالدين. فكم من أسرة عربية تعاني في صمت من مختلف أنواع العنف سواء كان لفظياً أو جسدياً أو حتى معنوياً، وهذا ما يؤثر فعلاً بشكل سلبي على الفرد والمجتمع.
بعض آثار العنف على الفرد والمجتمع
التفكك الأسري
إن استخدام بعض الآباء الشدة والعنف في التعامل مع زوجاتهم أو أبنائهم يؤدي إلى عدم العيش باستقرار وسلام، وذلك حتماً يؤدي إلى الطلاق.
الطلاق
يؤدي انفصال الزوجين الناتج عن النزاعات وعدم التوافق بين الزوجين إلى تشتت أفراد الأسرة وبالتالي تشرد الأطفال. فالطفل الذي يعيش في أسرة معرضة للعنف الأسري يكون أكثر عرضة لاكتساب السلوك العدواني ويصبح عدوانياً في معظم تصرفاته ومع مختلف الأفراد في المجتمع كأصدقائه وإخوانه وأهله.
وحسب علماء النفس والاجتماع، فإن شدة الضغوطات والنزاعات الأسرية تنشئ أطفالاً يميلون نحو السلوك المنحرف. ومن ناحية أخرى فإن المجتمع الحر غير المعرض للعنف لا يعاني أفراده من أي مستويات من التوتر والاضطراب، ويكون مجتمعا أكثر أمناً واستقراراً. أما انتشار العنف في المجتمع فيؤدي إلى اضطرابه واختلال استقراره.
العلامات الدالة على وجود العنف الجسدي
من التصرفات التي تعتبر عنفاً جسدياً شد الشعر والصفع والركل والعض والخنق ومنع الطعام والشراب واستخدام السلاح بغية التسبب في الأذى وقيادة السيارة أثناء تواجد الشريك بطريقة متهورة والإهانة وانتقاد الطرف التاني باستمرار والمراقبة المستمرة لتحركات الشريك والتحكم بالمظهر الخارجي للشريك وسلب الطرف التاني أمواله الخاصة لتغطية النفقات الأسرية دون إرادته وفحص هاتف الشريك باستمرار…إلخ.
العقوبات المقررة في القانون للعنف الجسدي
وقد نص المشرع على عقوبات لمخالفة أحكامه وهي مخالفة أمر الحماية المعاقب عليها بعقوبة الجنحة وهي الحبس مدة لا تزيد على 3 أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن 1000 درهم ولا تزيد على 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتضاعف العقوبة في حالة مخالفة أمر الحماية باستخدام العنف تجاه أي من المشمولين بأحكام هذا المرسوم بقانون.
يعاقب أيضاً كل من يرتكب أياً من الأفعال التي تعد عنفاً أسرياً وهي الإيذاء الجسدي والإيذاء النفسي والإيذاء الجنسي والإيذاء الاقتصادي بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة التي لا تزيد على 5000 (خمسة آلاف درهم) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما أسبغ المشرع وصف جرائم العنف الأسري على الجرائم المنصوص عليها في الباب السابع من الكتاب الثاني من القانون الاتحادي رقم(3) لسنة 1987، وتطبق عليها العقوبات الواردة فيها. وللمحكمة مضاعفة العقوبة إذا ارتكب الجاني أياً من أفعال العنف الأسري خلال سنة من ارتكاب الفعل السابق.
ومن منطلق حرص المشرع ورؤيته للحفاظ على الروابط الأسرية، جعل عرض الصلح على أطرافها وجوبياً من قبل النيابة العامة قبل التصرف في جرائم العنف الأسري، مما يثمر عن فوائد عديدة تحقق الغرض والهدف منه وهو الحفاظ على الروابط الأسرية وحماية المجتمع من العنف الأسري والوصول إلى أسرة قوية يعتمد عليها المجتمع.
بقلم:
عبد الحميد البلوشي | عبد الحميد البلوشي للمحاماة والاستشارات القانونية