على الجميع كتابة وصاياهم. لقد ظللت أقول ذلك لسنوات عديدة ، حتى قبل الأحداث غير المتوقعة لأزمة الجائحة العالمية عام 2020، وحتى الآن. ومتأكد أنني سأستمر في قول الشيء نفسه في المستقبل أيضًا، فالعالم على وشك تجاوز هذه اللحظة التاريخية، كما بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها.
بصفة عامة، ينبغي أن تتوفر لديك وصية ما لم تكن وصيتك بلا جدوى على الإطلاق؛ كأن لا تملك مدخرات ولا ممتلكات ولا أسرة ولا أطفال ولا شيء تتركه خلفك. إذا كان لديك أي من تلك الأشياء ولم تكن خالدًا، فعليك أن تُعد وصيتك.
ما أهمية وجود وصية؟
أخضعت جميع القوانين الحديثة والقديمة موضوع الوصية للتنظيم في جميع أنحاء العالم، وذلك باعتباره تعبيرًا عن رغبة الشخص في تنفيذ بعض الإجراءات والقرارات وكذلك الوصايا الواجب اتباعها بعد وفاتهم – سواء فيما يتعلق بممتلكاتهم وكيفية توزيعها أو اتخاذ قرارات مهمة بشأن رفاه ومستقبل أطفالهم القُصَّر. تكمن أهمية الوصية أساسًا في وجودها. فبوجودها، يعرف الشخص على وجه اليقين أنه عندما يحين الأجل؛ حين لا يمكنه اتخاذ القرار، هناك مستند مُلزم قانونًا يعبر عن رغباته وقراراته.
فإذا لم توجد وصية، مثلاً، فستُوزَّع جميع ممتلكات المتوفّى وفقًا لقانون بلد الإقامة أو قوانين موطنه الأصلي. إذ يعتمد ذلك على ما سيطلب ورثة المتوفَّى تطبيقه، وما ستسمح به قوانين البلد الذي توجد فيه التركة – في معظم الحالات، وهو وضع مضطرب للغاية.
الأمر نفسه ينطبق على مستقبل الأطفال عندما لا يعرف الشخص مَن سيكون الوصي أو القيِّم على أطفاله، ومَن المسؤول عن تربيتهم ورفاههم. وجود الوصية يزيل هذا الشك. لذلك، فإن وجود وصية ليس مهمًا في وقت الأزمة فحسب، بل مهم جدًا كذلك في جميع الأوقات. لا فرق إذا كنت مسلمًا أو غير مسلم، مواطن أو وافد، غني أو فقير. يجب أن يكون لدى الجميع وصايا إذا كان لديهم شيء أو شخص يهمهم أمره ويتركونه بعد رحيلهم!
أصدرت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من القوانين واللوائح التي تسمح للمسلمين وغير المسلمين بتسجيل وصاياهم للتأكُّد من قدرة الجميع على اتخاذ القرار بشأن تدبير أمور ورثتهم وفق ما يريدون، وبما يتماشى مع رغباتهم وإيمانهم. ما الأشياء التي يجب مراعاتها عند كتابة الوصية؟
على الجميع مراعاة القوانين المحلية للبلد الذي يعيشون فيه، وقوانين موطنهم الأصلي، وقوانين الدولة التي توجد فيها ممتلكاتهم. قد تكون كل تلك البلدان بلدًا واحدًا وقانونًا واحدًا بالنسبة لبعض الأشخاص وقد تكون 3 قوانين مختلفة بالنسبة لآخرين. لذلك لا ينبغي تجاهل أي من هذه القوانين، إذ يجب مراعاتها جميعًا عند إعداد الوصية. ينبغي أيضًا اختيار شخص موثوق به أو أكثر ليكون مُنفِّذًا للوصية.
بعبارة أخرى، المنفِّذ هو الشخص الذي سيفتح الوصية ويقرؤها ويتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الرغبات والتعليمات المذكورة فيها. رسالتي إلى مَن يرغبون في إعداد وصية ولا يعرفون من أين يبدؤون هي أنني أشجع الجميع على كتابة وتسجيل وصاياهم. إن كتابة الوصية هو إعداد وثيقة قانونية مهمة تبقى بعد صاحبها. إذا أُعدت بشكل صحيح، تصبح أداة فعالة وموثوقة، وإذا جانبت الصواب أو كانت غير دقيقة أو تعارضت مع القانون، أو إذا شابتها ثغرات، يمكن استخدام تلك الثغرات للالتفاف عليها أو إعاقتها عن تحقيق التأثير المقصود لتصبح غير مجدية على الإطلاق.
لذا، فإن أول ما يجب مراعاته عند إعداد وصية هو استشارة متخصص؛ وهو شخص مُعتمَد وذو خبرة في ميدان إعداد الوصايا. ثاني أهم شيء تفعله هو تخصيص بعض الوقت لتكون بمفردك بدون تشتيت لتدوِّن جميع ممتلكاتك، كل الأشياء الثمينة، المادية وغير المادية، وجميع رغباتك، وكل ما تريد أن يحدث في المستقبل حتى لو لم تكن موجودًا حينها لتشهده، ليصبح لديك تصوُّر واضح لما يجب أن تذكره في وصيتك. اكتب كل شيء؛ وليس فقط ما تمتلكه وطبيعة الأوضاع التي ترغب في إقرارها عندما يحين وقت الرحيل، وسيتمكن محاميك من مناقشة ما يمكنك وما لا يمكنك تضمينه في وصيتك.
إضافة إلى ما نتمتع به من خبرة نتيجة لما قدمناه لعملائنا بشأن الوصايا، فإننا مُسجّلون لدى سجل الوصايا والتركات في مركز دبي المالي العالمي باعتبارنا مُعدِّي وصايا مؤهلين، كما سجّلنا قدرًا كبيرًا من الوصايا نيابة عن عملائنا في دبي وأبو ظبي!
بقلم:
أحمد النجار | النجار أند بارتنرز