رأي في القرار التعقيبي المدني عدد 76935 الصادر في 11 نوفمبر 2020 (ج 2)

لقد تعرضنا في المقال السابق إلى الخطأ الفاحش الذي ارتكبته محكمة التعقيب بقولها إن الأم الحاضنة تتمتع بصفة الولي الشرعي بحكم القانون، وذلك في مخالفة صريحة لنص الفقرة الأولى للفصل 67 من م.ا.ش، الذي يحصر صلاحيات ولايتها في ما يتعلق بسفر المحضون ودراسته والتصرف في حساباته المالية. وسنحاول في هذا المقال تحليل موقف المحكمة العليا بخصوص بطلان الاستدعاء للجلسة لعدم ذكر ساعة الحضور.

1- عرض موقف محكمة التعقيب

تقول محكمة التعقيب “وحيث لا جدال أن مسألة استدعاء الخصوم وتحديد تاريخ الحضور سنة وشهراً ويوماً وساعة يهم مصلحة الأطراف بالدرجة الأولى ويجب على من يدعي المضرة من الإخلال المذكور بيانه وتبقى مسألة التقدير خاضعة لنظر المحكمة المتعهدة بالنظر. وحيث وفضلاً عن كون عدم ذكر ساعة انعقاد الجلسة في المادة المدنية ليس من قبيل الإخلالات الجوهرية على عكس السنة والشهر واليوم نظراً لأن جل الجلسات في المادة المدنية تنعقد صباحاً بداية من الساعة فلقد ثبت أن الاستدعاء للحضور بلغ لمحامي المدعى عليها في الأصل المعقبة الآن… الذي تولى قبول الاستدعاء وأمضى عليه وأعلن نيابته في الجلسة عن المعقب ضده الثاني… الذي ترشد في الأثناء وقدم جوابه الأمر الذي يؤكد علم جميع الأطراف بساعة الجلسة بما فيهم المعقبة الآن… إذ لا يعقل أن يكون ابنها… الذي يشترك معها في المصلحة والصفة في النزاع الراهن على علم بموعد الجلسة ويكلف المحامي الذي تقبل الاستدعاء في حقهما للدفاع وإعداد وسائل الدفاع دون أن تكون هي على علم. لذا تعين رد هذا المطعن لعدم وجاهته”.

فهل كان المطعن غير وجيه حقا؟

2- مناقشة موقف محكمة التعقيب

تمسك الطاعن بأن محضر الاستدعاء للجلسة لدى محكمة الاستئناف ورد به نقص بخصوص تاريخ الجلسة إذ ذكر اليوم والشهر والسنة دون بيان الساعة، وبأن المستدعى قد تخلف عن الحضور، وأيد طعنه بالفصول 70 و71 و134 من م.م.م.ت.

اقتضى الفصل 70 من م.م.م.ت “يجب أن يبين بعريضة الدعوى اسم كل واحد من الخصوم ولقبه… والمحكمة الواقع الاستدعاء للحضور لديها وتاريخ الحضور سنة وشهرا ويوما وساعة”.

ونص الفصل 71 من م.م.م.ت على” تبطل عريضة الدعوى:

أولاً: إذا وقع فيها خطأ أو نقص في بيان اسم ولقب المدعى عليه أو المحكمة أو تاريخ الجلسة أو إذا لم تقع مراعاة مواعيد الحضور. وعلى المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان عريضة الدعوى إذا تبين بطلانه وذلك عند تخلف المدعى عليه أو محاميه عن الحضور أو عن تقديم الجواب بحسب الأحوال”.

وورد بالفصل 134 من م.م.م.ت “مع مراعاة أحكام الفصل 71 في خصوص ما يحصل في محضر الاستدعاء من نقص أو خطأ في بيان اسم ولقب المستأنف ضده او المحكمة أو تاريخ الجلسة أو مواعيد الحضور”.

نتبين أن الفصل 70 من م.م.م.ت حدد تاريخ الحضور الذي يشمل اليوم والشهر والسنة والساعة، وأن عبارة نقص أو خطأ وردت نكرة، والتنكير يفيد العموم أي كل خطأ أو نقص دون تمييز.

ما نستخلصه مما سلف أن عدم ذكر ساعة الحضور نقص في بيان تاريخ الجلسة، وأن على المحكمة القضاء ببطلان الاستدعاء عند تخلف المستدعى عن الحضور. رغم وضوح الفصول القانونية فقد عمدت محكمة التعقيب إلى التطويح بعيداً فضل سعيها وهي تحسب أنها تحسن صنعاً.

تتحدث المحكمة العليا عن مصلحة الأطراف، ووجوب بيان المضرة من الإخلال، وخضوع المسألة لتقدير المحكمة، في حين أن النقص في تاريخ الجلسة يرتب بطلان الاستدعاء، عند تخلف المستدعى عن الحضور، بحكم القانون طبق ما بيناه آنفاً، وهذه الحالة مناطها الفقرة الأولى للفصل 14 من م.م.م.ت التي تقتضي “يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه…وعلى المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها…”

ميزت المحكمة كذلك بين الساعة وبقية عناصر التاريخ في حين لم يفعل المشرع. خلاصة القول إن محكمة القانون قد خرقت نصوصاً آمرة ما كان ينبغي لها أن تخرقها.