المقدمة
يعتبر الزواج النواة الأولى للمجتمعات وهو أقدم المؤسسات البشرية والسفر مطلوب شرعي لقوله تعالى: (… قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا… الآية ٩٧ – سورة النساء) كما أن الزواج أيضاً مطلب شرعي لقوله ﷺ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، ولا يَخفى على أحدٍ أهمية الهجرة والانتقال من دولة الى أخرى لأسباب سياسية أو اجتماعية أو أمنية أو غيره من الأسباب الملجئة للهجرة.
ويرفع الهجرة ومفارقة الديار من مهارات الأفراد وتساعد الهجرة على التخلص من آثار الحروب وويلاتها والكوارث الطبيعية مثل البراكين والأعاصير والجفاف والتصحُّر وتؤمن للمهاجرين حياة أفضل والمهاجر بكل تأكيد يحتاج بدول المهجر إلى ممارسة حياته الطبيعية من تعليم وصحة و زواج وفرقة وغيره.
تعريفات
يعرف الزواج أو النكاح لغة بالجمع والضم وتناكحت الأشجار تعني تشابكت ببعضها البعض، ويفيد اقتران الزوج بالزوج، ويعرف الزواج في الشريعة الإسلامية بأنه “عقد بين رجل وامرأة يحل الاستمتاع بعضهم بالبعض شريطة خلوِّهم من الموانع الشرعية المؤبدة والمؤقتة”.
ويعرف الزواج في الشريعة المسيحية بأنه “سِرّ من أسرار الكنيسة به يتمّ اتّحاد رجُل وامرأة ليتعاونا على الحياة الزَّوجيَّة وحمل أعباء العائلة وتربية الأبناء”.
وتفضلنا بهذا التمهيد ببيان تعريف الزواج والهجرة وأهميتهما وصولاً لمعرفة إجراءات زواج الأجانب في دولة السودان.
إجراءات زواج الأجانب في السودان
كل دول العالم ولا سيما دول شرق المتوسط تضع ضوابط لزواج الأجانب في أراضيها ويكاد يكون هناك اتفاق تام حول الإجراءات والمتطلبات الخاصة بزواج الأجانب في كل الدول العربية ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي إلا من شكليات بسيطة – سنتطرق إليها في معرض دراستنا – ويتلخص إجراءات زواج الأجانب في السودان في الآتي:
أولاً: المرحلة الأولية
1. هناك إجراء يتم في الدولة التي هاجر منها الأجنبي إلى السودان مثلاً (سوريا، لبنان، المغرب، ليبيا، فلسطين، اليمن، وغيره…)، وهو الحصول على عدم ممانعة من الزواج في السودان من موطن الأجنبي الأصلي أي بلده الأم الذي هاجر منه، وفحواها ألا مانع من الزواج في دولة السودان مع ذكر اسم الزوج لغياب الوكيل الشرعي الأب أو العم أو أي من العصبات وتستخرج أما من قاضي المحكمة الشرعية أو من الكاتب العدل. ويتم توثيقه من دائرة التوثيقات بتلك البلد بالإضافة إلى وجوب توثيقه من وزارة خارجيته وهذا الأمر في حالة عدم وجود الوكيل الشرعي أو الولاية بالنفس. أما في حالة وجود وليِّه في السودان فهذا الإجراء غير مطلوب.
2. صياغة وتقديم (عريضة لائحة) طلب إذن زواج وقيد مادة إذن زواج من الخاطب في المحكمة الشرعية الواقعة بدائرة اختصاص كل من الزوجين و(حضور الخاطب والمخطوبة) طالبين السماح والإذن لهم بالزواج، بحيث تكون العريضة مستوفية الشكل القانوني وعليه الدمغات القانونية (الطوابع الضريبية). ويختلف سعر هذه الطوابع باختلاف شخص مقدم الطلب ان كان عبر احد الخاطبين او محاميهم المحامين ملزمين بوضع دمغات ضريبة دخل المحامين بالإضافة للدمغة الاتحادية ، وهناك طلب اخر وهو التصادق على الزواج وهذا الطلب يكون في حالة الزوجية القائمة من بلد المهاجر الأصلي ويسمى أيضاً بدعوى إثبات زواج ويقدم الطلب في هذه الحالة من أحد الزوجين ويجب إرفاق صور من جوازات (الخاطبين أو الزوجين) بطبيعة الحال.
3. يتم التوجه بعد ذلك لمكتب اللوائح أو العرائض لإيداعها بٌغية توزيعها لأحد قضاة المحكمة الشرعية (محكمة الأحوال الشخصية).
4. ينظر القاضي الشرعي (قاضي الأحوال الشخصية) المختص على العريضة المقدمة ومرفقاتها ويتأكد ويستوثق من هوياتهم ويقوم بتصريح العريضة وقيدها إن كانت مستوفية الشكل أو يوجِّه بأي تعديل أو مستندات أخرى ويمنح مدة معقولة لاستكمال الشكل وإحضار ما نقص من مستندات، وفي الجلسة المحددة للنظر يجب إحضار شاهدين من جنسية الخاطبين يحملان جوازات سارية المفعول أو سودانيين يحملون بطاقة هوية بطاقة قومية يشهدون بكفاءة الزوج للزوجة وأنه ذو خلق ودين.
5. عند تصريح العريضة وقيدها يوجه القاضي المختص بالتحريات الإدارية وسداد الرسوم القضائية وهي متغيرة حسب النشرات واللوائح ووفق آخر تعديل الرسوم هو (150 دولار أمريكي) ويتم الختم على الايصال المالي ويقدم لمراقب المحكمة ويقوم المراقب بدوره بإصدار خطابات التحريات الإدارية.
ثانياً: مرحلة التحريات الإدارية
في مرحلة التحريات الإدارية تقوم المحكمة بمخاطبة جهات ودوائر الاختصاص الاتية:
(أ) يوجه خطاب لسفارة الموطن الأصلي لمقدمي طلب إذن الزواج (الخاطب والمخطوبة) أو الزوجين حسب الحال للحصول على عدم الممانعة في زواج الخاطب من المخطوبة أو التصادق على الزواج وعدم وجود موانع شرعية تحول دون إتمام الزواج، ويمكن أن يتم هذا الإجراء بخطاب قبل الدخول للبلاد شريطة أن يكون موثقاً من وزارة الخارجية وسفارة الموطن الأصلي لطالب إذن الزواج.
(ب) يوجه خطاب إلى دائرة شؤون الأجانب والهجرة للتأكد من سلامة وشرعية دخول الخاطب وسلامة إقامته في السودان دون أي مشاكل تتعلق بالدخول غير الشرعي للبلاد ولا يمنح هذا البيان أو الإفادة إلا بوجود تسجيل في شؤون الأجانب للذي دخل السودان حديثاً أو بوجود إقامة سارية لمن أقام في السودان لمدة أكثر من ثلاثة أشهر. وللحصول على هذا البيان هناك رسوم إدارية يتم سدادها في شؤون الأجانب ورسوم هذا البيان بآخر تحديث هو ٥٠٠٠ جنيه. هذا بالنسبة للوثيقة العربية ورسوم الوثيقة الأوروبية تختلف رسومه وبحسب آخر تحديث للرسوم ١٠٠٠ جنيه.
(ت) يتم توجيه خطاب آخر للجنة الشعبية أو البلدية أو المحلية الذي يقيم فيه الخاطب يفيد فيه بأنه مواطن صالح وأنه حسن السيرة والسلوك وأنه غير متورط في أي من الجرائم التي تطعن في الكفاءة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض دول المحيط الإقليمي توسعت في هذه الشروط مثلاً في جمهورية مصر العربية يشترط أن يكون سن الزوجين لا يقل عن واحد وعشرون عاماً وأن يكون فرق السن بين الزوجين مناسباً ولا يزيد فرق السن عن الخمسة وعشرون عاماً بجانب وجوب إقامة الزوجين في مصر بغير الفيزا السياحية، أي أن يكونوا مقيمين إقامة دائمة بإقامة سارية المفعول.
وتوسعت المملكة العربية السعودية في حالة زواج الأجنبي من مواطنة سعودية باشتراط تقديم مستند عمل لطالب الزواج من وزارة التجارة السعودية بالإضافة إلى وجوب إبراز شهادة ميلاد الزوج وصورة شخصية حديثة له.
ثالثاً: مرحلة استخراج اذن الزواج وابرام عقد الزواج
بعد اكتمال التحريات وسداد الرسوم القضائية وإحضار الإفادات والبيانات المطلوبة من الجهات المختصة (عدم ممانعة من السفارة وإفادة دائرة شؤون الأجانب وإفادة البلدية) وجمع جميع هذه المستندات، يتم متابعة الأمر مع المحكمة المختصة الذي بدورها تقوم بالآتي:
1. بعد أن تتأكد المحكمة من استيفاء الشروط والمستندات السابق ذكرها تقوم المحكمة بتحديد جلسة لسماع الأطراف وشهودهم.
2. في الجلسة المحددة للسماع، يقوم طالب الإذن بشرح الدعوى وسماع بينة حول كفاءة الخاطب ويقوم القاضي أولاً بسؤال الخاطبين عن موافقتهما من الزواج ببعضهما البعض ويشهد الشاهدين بأنهم شهدوا بما سمعوا ويقران بأنهما شاهدين عن ذلك.
3. وبعد ذلك يستصدر القاضي الشرعي قراراً بالإذن لهما بالزواج ويدون ذلك بالمحضر ومن ثم يتم تحويل محضر الدعوى لمراقب المحكمة الذي يترجم القرار والأوامر النهائي في شكل منطوق أحكام ويتم طباعة القرار وختمه وتوقيعه من القاضي وتسليمه لذوي الشأن.
4. يتوجه مقدم الطلب بعد حصوله على إذن الزواج لمأذون المحكمة الشرعي الذي يقوم بدوره بإجراء عقد النكاح واستصدار قسيمة الزواج وفق الإذن الزواج الصادر من المحكمة، وبعد ذلك يتم تصديق قسيمة الزواج بختم المحكمة وتوقيع القاضي بخلف ورقة القسيمة بُغية توثيقها من السلطة القضائية.
5. بعد تصديق القسيمة يتم توثيقها من دائرة التوثيقات بالسلطة القضائية وهذا التوثيق يكون للعقد او القسيمة بالإضافة للوثيقة المطبوعة والصادرة من السلطة القضائية ويتم توثيقها بعد ذلك من وزارة الخارجية السودانية ثم التوجه بعد ذلك لتوثيقها من سفارة الموطن الأصلي للزوج بالخرطوم.
6. وبعد تمام التوثيقات يمكن التقدم بطلب للحصول على بيان الزوجين من سفارة بلدك في الخرطوم ويتم إرساله للبلد الأم مع توكيل لشخص متواجد هناك لتوثيقه واعتماده من خارجية بلدك بعد اعتماده من المحكمة الشرعية ومن ثم التقدم بطلب للحصول على الرقم الأسري من السجل المدني في بلدك ونقل خانة الزوجة إلى زوجها.
7. وبعد استكمال إجراءات السجل المدني يمكن الحصول على بيان زواج وبيان قيد عائلي من السجل المدني في بلدك بعد التوثيق من وزارة خارجية بلدك، ويتم التعامل به خارج دولتك وأمام جميع سفارات العالم بمثابة دفتر العائلة.
مرفقات وملاحظات
بهذا نكون قد انتهينا من إجراءات زواج الأجانب في السودان ونؤكد أن الأسعار المذكورة قابلة للتعديل ونضيف أن الزواج من تركي الجنسية يتطلب بعض الإجراءات الإضافية ونرفق لكم النشرة الشرعية الخاصة بحاملي الجنسية التركية ونموذج لطلب إذن زواج الأجانب وذلك على النحو التالي:
(أ) النشرة الشرعية بالرقم (٣):
تجدر الإشارة إلى أن سعادة السيد/ رئيس القضاء السوداني قد أصدر نشرة شرعية بالنمرة (32017م) بتاريخ 15/يناير 2017 م بشأن زواج المواطنين الأتراك من السيدات السودانيات وهي على النحو التالي:
1. على محاكم الأحوال الشخصية في السودان، وبالإضافة للتحري المعتاد في زواج الأجانب، أن تتحرى عن أي زواج سابق لأي مواطن تركي قبل منح الإذن بالزواج من سودانية.
2. يجب على المحاكم السودانية عدم منح الإذن لزواج أي مواطن تركي من مواطنة سودانية إذا كانت لديه زوجة أولي، ما لم تخطر المواطنة السودانية المراد زواجها أو وكيلها بأن القانون المدني التركي لا يقر التعدد ولا يمنح الزوجة الثانية أي حقوق مدنية ولا يعترف بها كزوجة.
3. يعمل بهذه النشرة فوراً.
(ب) نموذج طلب إذن زواج لتقديمها بعد التعديل فيها لدى المحاكم الشرعية السودانية:
لدى محكمة الخرطوم الشرعية طلب إذن زواج/ / ٢٠٢٢ م الموضوع: دعوى طلب قيد مادة إذن زواج السيد / قاضي محكمة الخرطوم/ أم درمان/ بحري الشرعية:
الموقر بوافر الاحترام والتقدير وبالإشارة للموضوع أعلاه وإنابة عن السيدة/ ………… – سودانية الجنسية بموجب الهوية المرفقة وهي كفؤة وذات خلق ألتمس من سيادتكم الإذن لها بالزواج من السيد / …………. (مصري/ يمني/سوري/تركي/جزائري/سعودي) الجنسية وكفوء وبولاية والدها حيث أنه دخل البلاد بصورة شرعية ويعمل بمؤسسة/شركة الكائنة بمدينة الخرطوم وهما مسلمين الديانة ولهما مكان إقامة بالسودان بمدينة …. وعليه، ولكل ما سبق ذكره من أسباب، ألتمس من عدالتكم الإذن له بالزواج منها.
وهذا ولسيادتكم وافر الشكر والتقدير
المحامي/ نشـأت عبد الرؤوف فرج الله عثمان عن طالبي الزواج
التوقيع: ……………. التاريخ: …………….
المرفقات: – هوية المخطوبة الوطنية – جواز سفر للخاطب – مرفق بالشهود.
بقلم:
نشأت عبد الرؤوف فرج الله عثمان | مكتب تاج السر بابكر سعيد للمحاماة