تعديل القوانين قوانين المنظمة للتأمينات الاجتماعية
إعــــداد
دكتور/ أسامة السيد عبد السميع
كلية الشريعة والقانون
جامعة الأزهر – بدمنهور
فى الفترة من 12-14 أكتوبر 2002م
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديــم وتقسيم :
الحمد لله رب العالمين – ولا عدوان إلا على الظالمين . سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعـــد،،،
فإنه مما لا شك فيه أن التأمينات الاجتماعية أصبحت تلعب دوراً أساسياً في حياة الإنسان ، والتي أصبحت الملاذ الكامل للإنسان في تأمين حياته في حالة إحالته للمعاش أو إصابته بمرض أو عجز أو وفاه أو شيخوخة … إلخ تلكم المخاطر الاجتماعية التي لا شك أن أي إنسان لا بد أن يصاب بأحدها على الأقل .
غير أن قوانين التأمينات الاجتماعية التي صدرت في مصر من أجل هذا الغرض كانت كثيرة ومذهلة جداً لدرجة أن جعلت الشخص الذي يعمل في حقل التأمينات الاجتماعية ورجل القانون يتوه أمام هذه الكثرة من الاصدارات التشريعية منذ أول أمر عالى لهذا الغرض في عام 1854م ومروراً بالتشريعات الملكية ثم الجمهورية ، وحتى إصدار قانون التأمين الاجتماعي الحالي رقم (79) لسنة 1975م والتعديلات التي طرأت عليه والتشريعات المكملة له والتي بلغت في مجموعها واحد وثلاثين ما بين قانون ولائحة وأمر عالى وقرار وزاري .
وقد تناولت هذه القوانين قبل ثورة يوليو 1952م وبعدها .
ومن ثم فإنني قد قسمت هذا البحث المتواضع إلى تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة .
التمهيد : وذكرت فيه التعريف بالتأمين الاجتماعي وأهدافه والغرض منه .
المبحث الأول : القوانين والأوامر الصادرة قبل ثورة يوليو 1952م .
المبحث الثاني : القوانين والقرارات الصادرة بعد ثورة يوليو 1952م وحتى عام 1975م بإصدار قانون التأمين الاجتماعي الحالي رقم (79/75) .
المبحث الثالث : قانون التأمين الاجتماعي رقم (79) لسنة 1975م ومدى أوجه القصور فيه وعلاج ذلك .
الخاتمة : النتائج التي توصلت إليها .
تمهيد في :
مفهوم التأمين الاجتماعي وأهدافه وأهميته
لقد كان التأمين الاجتماعي نتيجة تطور كبير وجهد طويل لإرساء هذا المبدأ، ولقد نشأت فكرة التأمين الاجتماعي لحماية الإنسان ضد ما يسمى بالخطر الاجتماعي ، ومن ثم فإن الأمر يتطلب منا توضيح المقصود بالتأمين والخطر الاجتماعي ، وأهداف التأمين الاجتماعي وأهميته .
أولاُ : المقصود بالخطر الاجتماعي :
لقد نشأت فكرة الضمان الاجتماعي لحماية الإنسان ضد ما يسمى بالمخاطر الاجتماعية ، فالإنسان يتعرض لبعض الأخطار الإجتماعية كالعجز والمرض والشيخوخة .. إلخ التي يحتاج للتأمين ضدها .
ومن ثم يقصد بالخطر الاجتماعي ” ذلك الخطر الذي يترتب عليه المساس بالمركز الاقتصادي للشخص سواء من حيث نقص دخله أو زيادة أعبائه ”
ثانياً : المقصود بالتأمين الاجتماعي والفرق بينه وبين الضمان الاجتماعي :
وهو على العكس من الخطر الاجتماعي ، فإذا كان الخطر بقصد به المساس بالمركز الافتصادي للشخص ، فإن التأمين الاجتماعي هو ” النظام أو الوسيلة التي تكفل ، وتضمن للشخص الدخل الناتج عن نشاطه الحرفي أو المهني ، بحيث يحل المعاش أو التعويض محل ما يفقده المؤمن عليه من أجر.
ويمكن تعريفه من التعريف التأمين الاجتماعي أيضاً بأنه المعاش أو التعويض الذي يحصل عليه الشخص المؤمن عليه من مقابل نقدي بعد خروجه من الخدمة أو احالته إلى المعاش أو اصابته في عمله أو بسبب مرضه .. إلخ نظير ما أداه من جهد سابق في جهة عمله، ومن ثم فإنه يقتطع من أجره جزءً ويدخر له حتى يستطيع الحصول عليه بعد ذلك.
فالتأمين الاجتماعي هو في حقيقة الأمر اقتطاع جزء من أجر العامل وإدخاره له ، فهو أمان إجتماعي للأفراد كافة حتى ولو لم يكونوا من العاملين بالحكومة ، فإن التأمينات الاجتماعية هي مظلمة الحماية لهم ، وذلك على العكس من الضمان الاجتماعي والذي تقرره الدولة في صورة إعانات أو مساعدات شهرية لفئات معينة من المحتاجين وبذات شروط معينة غير مستفيدة بأي من نظم التأمين الاجتماعي المختلفة وثمة فرقين بينهما هما :
1) أن المستفيد بنظام التأمين الاجتماعي قد اقتطع من أجره جزء في الماضي لكي يأخذه بعد ذلك في صورة معاش ، في حين أن المستفيد بنظام الضمان الاجتماعي على العكس من ذلك ، حيث إن الدولة هي التي تقدم له هذا المعاش في صورة أعانة دون أن يقتطع منه شيئاً ، إذ هو غير مستفيد بأي نظام تأمين اجتماعي .
2) أن المستفيد من نظام التأمين الاجتماعي يأخذ هذا المعاش حتى ولو كان غنياً، لأن هذا المعاش في حقيقة الأمر ما هو إلا اقتطاع جزء من أجره ، في حين أن المستفيد بالضمان الاجتماعي لا يأخذ المعاش فيه إلا إذا كان ذو حاجة أو فقر شديد وبشروط معينة ،
وأهمها ألا يكون مستفيداً بأي نظام تأمين اجتماعي إن توافرت هذه الشروط استحق الضمان وإلا فلا ، بل وتدور هذه الشروط مع الضمان الاجتماعي وجوداً وعدماُ .
ثالثاً : أهداف التأمين الاجتماعي :
باستقراء قوانين التأمينات عموماً ، وقانون التأمين الاجتماعي حالياً تبين أنه لهذه التأمينات الاجتماعية أهداف عديدة ، ولقد أحسن البعض صنعاً حينما جمع هذه الأهداف فيما يلي :
(1) مدّ الحماية التأمينية لتشمل كامل أجر المؤمن عليه بعناصره المختلفة بما يحقق معاشاً مناسباً لهذا الأجر المؤمن عليه بعناصره المختلفة بما يحقق معاشاً مناسباً لهذا الأجر عند تحقق خطر الشيخوخة أو العجز أو الوفاة ، مع معالجة معاشات معه انتهت خدمتهم قبل العمل بالتعديلات معالجة مرحلية سنوية حتى يتم التناسق بين المعاشات الحديثة والمعاشات السابقة .
(2) إتاحة الفرصة للمؤمن عليه للحصول على مبلغ نقدي مناسب بجانب المعاش يساعده على مواجهة التزاماته بعد انتهاء خدمته .
(3) تلافي العجز في أموال نظام التأمين الاجتماعي .
(4) معالجة مشاكل حالات الانتقال بين قطاعات التأمين .
(5) معالجة المشاكل الإدارية وتطوير أسلوب أداء الخدمة التأمينية والتوسع في منافذ صرف المعاشات .
رابعاً : أهمية التأمين الاجتماعي :
ومن خلاف الأهداف السابق ذكرها يتبين لنا بجلاء مدى الأهمية القصوى للتأمين الاجتماعي ، وهي حماية المواطنين مستقبلاً الذين يصابون بأي نوع من أنواع الأخطار من مرض أو بطالة أو عجز أو شيخوخة .. إلخ من عدم وجود مصدر دخل لهم بتوفير الأمان الاجتماعي كما سبق ، بل وتقديم المساعدات أيضاً عن طريق الدولة للمحتاجين والمحرومين والذين يقل مصدر دخلهم عن الحد الأدنى نظراً لعدم استفادة هؤلاء من قوانين التأمين الإجتماعي بصفة عامة ، وهو ما أسماه القانون أيضاً بالضمان الاجتماعي .
المبحث الأول
القوانين التأمينية والأوامر الصادرة فبل ثورة يوليو 1952م
لقد اهتمت مصر من أمد بعير بتأمين العاملين في الحكومة ، وذلك بعد خروجهم من الخدمة برصد معاش لهم ، فصدرت عدة أوامر وقوانين لهذا الغرض بلغت في مجموعها سبعة تشريعات كلها خاصة بالمعاشات المدنية .
الأول : الأمر الصادر من الخديوى سعيد باشا في 26 ديسمبر عام 1854م .
الثاني : ولكن الأمر سالف الذكر قد تم إلغاؤه واستبداله بالأمر الصادر من الخديوى إسماعيل باشا في 11 فبراير عام 1871م .
الثالث : ثم ألغي هذا الأمر وتم استبداله بالأمر الصادر من الخديوي توفيق باشا في 21 يونية سنة 1887م .
الرابع : ثم صدر بعد ذلك القانون رقم (5) لسنة 1909 ( ).
الخامس : كما صدر قرار مجلس الوزراء الصادر في 28 يناير 1928م بشأن معاشات أمراء دارفور.
السادس : ثم صدر بعد ذلك القانون رقم (37) لسنة 1929م .
السابع : كما صدرت لائحة صندوق المعاشات عام 1930م للمستخدمين الداخلين في هيئة العمال ببلدية الإسكندرية .
تقييم هذه التشريعات في هذه الفترة :
وهذه التشريعات كما نرى صدرت لطائفة معينة وهم العاملون بالحكومة فقط، ومن ثم فهي لم تتناول العاملين خارج الحكومة أو أصحاب الحرف حيث لم يهتم بهم المشرع في هذه الفترة ، الأمر الذي أدى إلى جلب بعض المخاطر بهم ، مما ترتب على ذلك أن اصدر المشرع بعض قوانين حماية لهم بلغت في مجموعها خمسة قوانين وهي كالتالي :
الأول : القانون رقم (64) لسنة 1936م
وهو الخاص بتأمين عمال الصناعة والتجارة من اصابات العمل ، ويعتبر هذا القانون أول قانون صدر في مصر لحماية العمال ضد أخطار العمل ، وقد صدر بمناسبة اشتراك مصرفي عصبة الأمم في الهيئة الدولية للعمل وذلك بعد المعاهدة المصرية الانجليزية عام 1936م .
تقييم هذا القانون :
وقد وضع هذا القانون على عاتق أرباب الأعمال الصناعية أو التجارية إلتزاماً بتعويض عمالهم عن إصابات العمل التي تصيبهم اثناء العمل وبسببه حتى ولو كانت الإصابة بسبب خطأ العامل ، ولا يقوم هذا الالتزام على أساس فكرة الخطأ ، بل على أساس نظرية مخاطر الحرفة ، وبالتالي فإن التعويض الذي كان يحصل عليه العامل كان تعويضاً جزافياً لا يصل إلى مقدار التعويض الكامل ، مما دعا أرباب الأعمال للمطالبة بسن قانون ينظم التعويضات عن إصابات العمل حتى يمكنهم معرفة مدى مسئوليتهم نحو عمالهم في حالة وقوع الحوادث ( ).
أضف إلى ذلك إلى أن هذا القانون كان ضيقاً في عدة نواح منها:
1- أنه ضيق من حيث المخاطر التي يغطيها ، فهو لا يغطي إلا حوادث العمل فقط ، ومعنى ذلك أنه لا يغطي أمراض المهنة ولا حوادث الطريق .
2- وهو ضيق أيضاً من حيث الأشخاص الذين يستفيدون منه ، فلا يستفيد منه إلا العاملين في المجال الصناعي والتجاري فقط ، وبالتالي فلا يستفيد منه العمال الزراعيين ولا العاملون في الخدمة المنزلية ولا العاملون لدى أرباب المهن الحرة كالعاملين في مكاتب المحامين أو عيادات الأطباء .
الثاني : القانون رقم (86) لسنة 1942م:
وأمام الانتقادات التي وجهت للقانون رقم (64) لسنة 1936م ، أصدر المشرع القانون قم (86) لسنة 1942م ، والذي صدر في السادس من سبتمبر عام 1942م والذي بمقتضاه ألزم أرباب الأعمال بالتأمين الاجباري عن المسئولية الملقاه على عاتقهم وذلك لدى شركة تأمين أو جمعية تعاونية للتأمين ، وقد وضع هذا القانون العديد من الأحكام التي تحول بين شركات التأمين وبين التحلل من التزاماتها في مواجهة العمال.
الثالث : القانون رقم (89) لسنة 1950م :
وهذا القانون خاص بإصابات العمل ، ويعتبر هذا القانون بحق أفضل من القانونين السابقين نظراً لاتساعه من حيث الأشخاص ومن حيث الحماية التأمينية .
الرابع : القانون رقم (116) لسنة 1950م ( ):
وهو قانون الضمان الاجتماعي وبه خول القانون الحق للفقراء في الحصول على مساعدات في حالات الوفاة والشيخوخة والعجز الكلي عن العمل ، وهم بالتحديد الأرامل ذات الأولاد ، الأيتام ، والأشخاص العاجزون عن العمل عجزاً كلياً ، الأشخاص الذين بلغوا سن الشيخوخة،
بينما ترك حالات البطالة والعجز الجزئي أو المؤقت عن العمل للمساعدات الاختيارية التي قد تقررها وزارة الشئون الاجتماعية ، فضلاً عن ضآلة قيمة المعاش المقرر في ظل هذا القانون حيث كان مثلاً المعاش الكامل للأرملة ذات الأولاد في المدن (9 جنيهات، 600 مليم) ويضاف مرتب (3 جنيهات ، 600 مليم) للأولاد وعلاوة عائلية (7 جنيهات ، 200 مليم ) ، وفي القرى ( 7 جنيهات ، 200 مليم ) في السنة ، يضاف مرتب (2 جنيه ، 400 مليم ) للأولاد وعلاوة عائلية (4 جنيهات ، 800 مليم ) .
ونظراً لوجود عجز في ميزانية الدولة في ذلك الوقت فقد صدر القانون رقم (172) لسنة 1952م( ) الذي أضاف إلى هذا القانون المادة الثالثة مكرر والتي بمقتضاها: (لا يستحق المعاش المنصوص عليه في المادة السابقة إلا في حدود ما يدرج لذلك في الميزانية، وتكون الأولوية في الاستحقاق وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من وزير الشئون الاجتماعية) .
وهكذا وجدنا أنه فضلاً عن ضآلة قيمة المعاشات في هذا القانون ، فإنه أصبح عاجزاً حتى عن دفعها ، حيث علق دفع قيمة المعاش لمن يستحقه على وجود رصيد في الميزانية .
الخامس : القانون رقم (117) لسنة 1950م ( ):
وقد صدر هذا القانون لتعويض أمراض المهنة ، وقد ألقى هذا القانون ولأول مرة في مصر على عاتق أرباب الأعمال الالتزام بتعويض أمراض المهنة والمنصوص عليها بالجداول المرفقة به ، ويحدد هذا التعويض وفقاً لذات الأسس المنصوص عليها في القانون رقم (89) لسنة 1950م الخاص بالتعويض عن إصابات العمل( ) كما ألزم هذا القانون أرباب الأعمال بالتأمين على عمالهم ضد أمراض المهنة وفقاً للشروط والأوضاع المقررة بمقتضى القانون رقم (86) لسنة 1942م ( ).
نظرة تقييمية حول هذه التشريعات :
وبالنظر في هذه التشريعات نجد أنها :
1- لا تعتبر تشريعاً كاملاً عن التأمينات الاجتماعية بالمعنى الدقيق .
2- ضلاً عن ذلك فإن كل تشريع كان يعالج نوعاً معيناً من المخاطر الاجتماعية كما سبق ذلك معالجة قاصرة وغير واضحة .
مما يحق لنا أن نقول في النهاية بأن كل التشريعات التي صدرت قبل ثورة 23 يوليو 1952م ، والتي بلغت إثنى عشر تشريعاً في مجموعها ما بين أوامر عليا أو قوانين أو لوائح وقرارات لا تعتبر قانون إجتماعياً متكاملاً بالمعنى الدقيق .
المبحث الثاني
القوانين والقرارات التأمينية
الصادرة بعد ثورة يوليو 1952م
وقبل إصدار قانون التأمين الحالي
لقد اتجهت ثورة يوليو 1952 ومنذ اندلاع شرارتها إلى تحقيق الاستقرار والأمان في كافة المجالات ، ومن ثم فإنه من الملاحظ أن قوانين التأمين الاجتماعي قد صدرت وبكثرة في هذه الفترة ، وذلك رغبة منها لتحقيق الأمن الاجتماعي ولقد بلغ مجموع التشريعات التي صدرت في هذه الفترة وحتى صدور قانون التأمين الحالي رقم (79) لسنة 1975م أربعة عشر ، منهم اثنى عشر قانوناً وقرارين .
1- القانون رقم (27) لسنة 1954م:
وهو خاص بتعديل لائحة التقاعد والإحالة للمعاش بالنسبة للعملماء المدرسين والعلماء والموظفين بالأزهر الشريف .
2- القانون رقم (419) لسنة 1955م :
وهو حاص بانشاء صندوق لتأمين وآخر للإدخار للعمال الخاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم (317) لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي .
ويعتبر هذا القانون هو أول قانون صدر بعد ثورة يويو 1952 لمعالجة موضوع التأمينات الإجتماعية .
أما الصندوق الخاص بالتأمين فقد كانت مهمته هي مواجهة حالتي وفاة العامل وعجزه قبل بلوغ سن التقاعد ، كلما كانت الوفاة أو العجز غير ناتجة عن حوادث العمل وأمراض المهنة .
وقـد كـان تمويل هذا الصندوق يتم عن طريق اشتراك يدفعها أرباب الأعمال بنسبة 2% من أجور العمال .
أما الصندوق الثاني وهو صندوق الادخار فقد كانت مهمته دفع مكافأة نهاية الخدمة للعمال كبديل عن دفع رب العمل لهذه المكافأة حماية للعمال من مطل أصحاب العمل .
وكان تمويل هذا الصندوق يتم عن طريق اشتراكات العمال بنسبة 5% من الأجور واشتراكات صاحب العمل بنسبة 5% أيضاً من أجور العمال .
وقد قضى هذا القانون بأن يكون لهذين الصندوقين شخصية معنوية مستقلة تعرف باسم مؤسسة التأمين والادخار للعمال يتولى إدارتها مجلس مؤلف من ممثلي الجهات الرسمية وممثلي العمال وأرباب الأعمال.
3- القانون رقم (25) لسنة 1957م :
والخاص بشأن جواز الجمع بين مرتب الوظيفة العامة والمعاش المستحق قبل التعيين فيها .
4- القانون رقم (202) لسنة 1958م :
في شأن التأمين والتعويض عن إصابات العمل ، ورغبة من المشرع مسايرة للاتجاهات التشريعية الحديثة في التأمينات الاجتماعية ، ونظراً لأن التأمين هو حجر الزاوية في حل المشاكل الاجتماعية وهو استقرار وضع العامل وحياته ، وتحقيقاً لصالح فئة كبيرة من العمال لم يستفيدوا من نظم التأمين والتعويض عن إصابات العمل ، فقد تم وضع هذا القانون .
والمقصود باصابة العمل طبقاً لهذا القانون ، هي الإصابة بأحد الأمراض المهنية الملحقة لهذا القانون .
5- القانون رقم (92) لسنة 1959م :
وهو يعتبر أول تشريع للتأمينات الاجتماعية ، وبصدور هذا القانون ألغى العمل بالقوانين أرقام (419) لسنة 1955م ، (202) لسنة 1958م ، (279) لسنة 1946م ، والخاص بطوارئ العمل وأمراض المهنة .
وقد صدر هذا القانون بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا وضرورة توحيد التشريعات الاجتماعية في الإقليمين .
وقد بنى هذا القانون الجديد بصفة عامة على الأسس الآتية :
1- تطبيق نظام المعاشات في التأمينات الاجتماعية الآتية :
أ- إصابات العمل .
ب- الشيخوخة .
ج- العجز والوفاة .
2- تطبيق التأمين الصحي خلال سنة ، وتأمين البطالة خلال 3 سنوات .
3- إجازة زيادة المزايا المنصوص عليها في هذا القانون ، أو إضافة مزايا أخرى جديدة بقرار من وزير الشئون الاجتماعية .
مع ملاحظة أن أحكام هذا القانون تسري على جميع العمال وكذلك المتدرجين منهم ، ولا يسرى على العمال المستخدمون في الزراعة ، أو العمال الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة وعلى الأخص عمال المقاولات وعمال التراحيل والعمال الموسميين وعمال الشحن والتفريغ ، كما لا يسري أيضاً على أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً ، ولا يسري أيضاً على خدم المنازل ومن في حكمهم.
6- القانون رقم (1) لسنة 1962م :
وقد صدر هذا القانون بغرض صرف مرتب أو أجر أو معاش ثلاثة شهور عند وفاة الموظف أو المستخدم أو صاحب المعاش .
والهدف منه واضح فهو من ناحية فيه تيسير لورثة المتوفي لحين استخراج إعلام وراثة من المحكمة الشرعية وتقديمه إلى هيئة التأمينات لتسوية المعاش على الأفراد المستحقين، ومن ناحية أخرى فيه إعانة عاجلة نظراً لما أنفقوه من أموال في جنازة المتوفي .
7- القانون رقم (77) لسنة 1962م :
وبمقتضاه لا يجوز الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق قبل التعيين فيها ، وهذا على عكس القانون رقم (25) لسنة 1957م سالف الذكر الذي كان يجيز الجمع بين مرتب الوظيفة العامة والمعاش المستحق قبل التعيين ، مما يجعلنا نتساءل ما الفرق بين الاثنين ؟ ويكون ذلك محل نقد .
8- القانون رقم (50) لسنة 1963م :
باصدار قانون التأمين والمعاشات لفئة معينة وهم موظفي الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين .
9- القانون رقم (33) لسنة 1964م :
وقد صدر هذا القانون وبمقتضاه تم منح معاشات للموظفين والمستخدمين الذين انتهت خدمتهم قبل أول أكتوبر سنة 1956م ، ولم يحصلوا على معاش .
10- القانون رقم (63) لسنة 1964م :
سبق أن ذكرنا بأن المشرع أصدر القانون رقم (50) لسنة 1963م لتقرير التأمين والمعاش لفئة معينة وهم موظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها المدنيين ، ومن هنا ألحت الحاجة إلى تعديل القانون رقم (92) لسنة 1959م الذي اعتبر أول تشريع للتأمينات الاجتماعيـة فألغاه المشرع بهذا القانون وهو رقم (63) لسنة 1964م ، وفي ذلك تقول المذكرة الايضاحية لهذا القانون أنه رغبة من المشرع في توحيد مزايا التأمينات الاجتماعية بين العاملين في القطاع الحكومي وغير الحكومي، إذ أن التسوية في المزايا بين المواطنين جميعاً أمر طبيعي وضروري لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص ،
ومن ثم فقد أعد مشرع القانون المرافق – أي القانون رقم (63) لسنة 1964م – للتأمينات الاجتماعية مشتملاً على المزايا المستحدثة في قانون التأمين والمعاشات لموظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها وغيرها من المزايا التي أسفر التطبيق العملي لقانون التأمينات الاجتماعية عن ضرورة الأخذ بها .
ومن ثم نجد البعض يقرر بأن هذا القانون قد اتسم بالتوسع في تطبيقه من حيث الأشخاص ، حيث لم يخرج إلا فئات معينة حددتها المادة الثانية منه ، ومن حيث الأخطار حيـث أضيف إلى التأمينات الأربعة التي كان يغطيها القانون رقـم (92) لسنة 1959م وهي: إصابات العمل والشيخوخة والعجز والوفاه ، نظام للتأمين الصحي وآخر للتأمين ضد البطالة.
11- القانون رقم (75) لسنة 1964م :
رغبة من المشرع في تعميم نظام التأمين الصحي لكافة موظفي الدولة ومستخدميها أصدر هذا القانون وبمقتضاه تم تقرير نظام التأمين الصحي للعاملين في الحكومة وهيئات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة .
12- القانون رقم (133) لسنة 1964م :
وهو قانـون الضمـان الاجتماعـي، وقد صدر هذا القانون بعد ما ألغي القانون رقم (116) لسنة 1950م الصادر قبل ثورة يوليو 1952م ، وبمقتضاه تم تقرير إعانات ومساعدات لفئات ليست مستفيدة من نظم التأمين الاجتماعي وهم الأرامل ذات الأولاد ، والأيتام، والأشخاص العجزون عن العمل عجزاً كلياً ، والأشخاص الذين بلغوا سن الشيخوخة، كما ترتب على صدور هذا القانـون إلغاء القانون رقم (172) لسنة 1952م ، والذي كان يشترط لاستحقاق الضمان الاجتماعي علاوة على عدم استفادة الشخص الذي يتقرر له الضمان من أي نظام تأمينى وجود بند في الميزانية لكي يتم الصرف .
13- قرار رئيس الجمهورية رقم (185) لسنة 1968م :
وذلك بشأن قواعد الجمع بين المرتب والمكافأة وبين المعاش .
14- قرار وزير بورسعيد رقم (69) لسنة 1957م :
وذلـك بشأن شهداء مدينـة بورسعيد أثناء حرب العدوان الثلاثي عام 1956م ، حيث تقرر لهم معاشاً لذويهم وأسرهم ثم ألغى هـذا القرار والقرار الذي قبله بصدور قانون التأمين الاجتماعي الحالي رقم (79) لسنة 1975م وتقرر لهم معاشاً في ظلـه.
نظرة تقييمية حول هذه التشريعات :
بادئ ذي بدء لا بد أن نقرر حقيقة هامة وهي أن المشرع حرص على تعميم نظام التأمين الاجتماعي لكافة موظفي الدولة ومستخدميها وعمالها سواء كانوا في مجال حكومي أو غير حكومي ، كما وضع نظام الضمان الاجتماعي إعانة غير القادرين والمحتاجين شريطة أن يكونوا غير مستفيدين بنظام من نظم التأمين الاجتماعي ، ولكن مع ذلك نقول إن المشرع لم يكن موفقاً بكثرة اصدار تشريعات التأمين والضمان الاجتماعي .
وتوضيح ذلك نقول :
إن كثرة التشريعات المتعاقبة لا تعنى البتة منح وإضافة مزايا جديدة بقدر ما هي تثير بلبلة للشخص الذي يعمل في حقل التأمينات الاجتماعية ولرجل القانون على حد سواء فما بالنا بالشخص العادي الذي بلا شك سوف يتوه بين كل هذه التشريعات التي قد تصدر اليوم وتلغى غداً وهكذا ،
حيث إنه وكما سبق وجدنا عدة تشريعات متلاحقة لنظام التأمين الإجتماعي ، أو لتقرير معاش لفئة معينة بلغت في مجموعها اثنى عشر تشريعاً واثنين من القرارات ، بل ومن الغريب أننا نجد ما بين التشريع والآخر مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات على الأكثر ، إن لم يكن سنة كما هو ملموس في هذه الفترة ، والأغرب من كل ذلك أننا نجد تشريعين وثلاثة بل وأربعة في عام ، مثل عام 1964م حيث صدر فيه أربعة تشريعات ،
ثلاثة للتأمين الاجتماعي والرابع للضمان الاجتماعي ، فكيف يتسنى لشخص إذا أقام دعوى قضائية في ظل قانون معين لشعوره بعدم حصوله على حقه من هيئة التأمينات ، ثم حدث أنه ألغي هذا القانون فمن يتحمل مصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة التي تكبدها المدعى ، فضلاً عن ضياع وقت المتقاضي والقاضي ، إنه لحق شيء يثير الدهشة والعجب ، مما يجعلنا نقول وبحق أن التشريعات في هذه الفترة قد اضطربت اضطراباً شديداً يذهل العقل .
ومن ثم فقد أحس المشرع صنعاً وأمام كثرة هذه التشريعات التي ألغاها بالكامل وأمام هذا القصور السالف بيانه، أن اصدر قانون التأمين الاجتماعي الحالي رقم (79) لسنة 1975م وتعديلاته( ) والتشريعات المكملة له ومنها قانون الضمان الاجتماعي رقم (30) لسنة 1975م والتي سنتحدث عنهم جميعاً في المبحث الثالث إن شاء الله تعالى .
المبحث الثالث
نظرة حول قانون التأمين الاجتماعي الحالي
ومدى أوجه القصور فيه وعلاج ذلك
تمهيد :
سبق أن ذكرنا بأن كل التشريعات القانونية التي صدرت حتى صدور قانون التأمين الحالي رقم (79) لسنة 1975م كلها كانت تعالج خطراً معيناً أو أنها قاصرة في تطبيقهـا على فئة معينة ، حتى قانون التأمينات الاجتماعية رقم (63) لسنة 1964م السابق في صدوره للقانون الحالي ، وإن كان قد ساوى في توحيد المزايا المخولة للعاملين في القطاع الحكومي مع غيرهم من العاملين في غير القطاع الحكومي حتى يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص ، إلا أنه مع ذلك لم يشمل جميع فئات الشعب الأمر الذي يتعارض مع الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية الصادر عام 1971م ( ) والذي خول الحق في التأمين الاجتماعي لجميع المواطنين من فئات الشعب ، فنص في المادة (17) منه على أنه :
( تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ، ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعاً وذلك وفقاً للقانون ) .
وبهذا النص الدستوري بدأت نقطة التحول في نظام التأمينات الاجتماعية في مصر ، من نظام يقتصر حمايته على العاملين في قطاع معين إلى نظام يحمي كافة المواطنين ضد المخاطر الاجتماعية ، وتطبيقاً لهذا النص الدستوري سالف الذكر أصدر المشرع المصري قانون التأمين الاجتماعي رقم (79) لسنة 1975م الذي يعد الشريعة العامة في التأمينات الاجتماعية والتعديلات التي طرأت عليه .
هذا وسوف نقوم بإلقاء الضوء حول ما يتضمنه هذا القانون ، ومدى تعلق هذا القانون بالنظام العام ، ثم أخيراً نظرة تقييمية لهذا القانون .
أولاً : نظرة حول ما يتضمنه هذا القانون :
وهذا القانون يقع في (184) مادة في ثلاثة عشر باباً بيانها كالتالي :
الباب الأول : نظام التأمين الاجتماعي ومجال تطبيقه والتعاريف .
الباب الثاني : إنشاء الصناديق وتمويلها وإدارتها .
الباب الثالث : تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة .
الباب الرابع : في تأمين إصابات العمل .
الباب الخامس : في تأمين المرض .
الباب السادس : في إنشاء صندوق لعلاج الأمراض وإصابات العمل ، وتمويله وإدارته واختصاصاته .
الباب السابع : في تأمين البطالة .
الباب الثامن : في تأمين الرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات .
الباب التاسع : في المستحقين للمعاشات وشروط استحقاقهم .
الباب العاشر : في الحقوق الاضافية .
الباب الحادي عشر : في الأحكام العامة .
الباب الثاني عشر : أحكام انتقالية ووقتية .
الباب الثالث عشر : في العقوبات.
وهذا القانون يطبق على جميع فئات العمال أيا كانت جهة عملهم ، سواء كانوا في قطاع حكومي أو قطاع عام أو قطاع خاص أو شركات استثمار مال عربي أو أجنبي .
ثانياً : تعلق التأمينات الاجتماعية بالنظام العام :
وأمام اهتمام المشرع المصري بنظام التأمينات الاجتماعية ، وما تسبغه من حماية للمواطنين كافة ، أراد المشرع أن يضيف حماية أكثر لهذا النظام فجعل التأمينات الاجتماعية والمتمثلة في قانون التأمين الاجتماعي رقم (79) وما يتعلق به من أحكام من النظام العام( ) ، وبذلك نصت المادة الرابعة من قانون التأمين الاجتماعي رقم (79) سنة 1975م بقولها :
( يكون التأمين وفقاً لأحكام هذا القانون في الهيئة المختصة إلزامياً ولا يجوز تحميل المؤمن عليهم أي نصيب في نفقات التأمين إلا فيما يرد به نص خاص ) .
وبذلك جاءت أيضاً العديد من أحكام محكمة النقض ( ) التي تؤيد ذلك .
نتائج تعلق هذا القانون بالنظام العام :
وقد ترتب على تعلق قانون التأمين الاجتماعي بالنظام العام نتائج من أهمها :
1- لا يجوز الاتفاق على ما يخالف أحكام قانون التأمين الاجتماعي ، ويبطل الشرط المخالف ويحل محله حكم القانون . فيقع باطلاً لو تم الاتفاق على تحمل العامل لحصة صاحب العمل في التأمين لأنه يحمل العامل بعبء في غير مصلحته ، وهذا ما أرادته المادة الرابعة عندما قررت على أنه لا يجوز تحميل المؤمن عليه بأي نفقات بغير ما جاء في القانون.
2- الاشتراك في التأمين على العامل إجبارياً وليس اختيارياً بالنسبة له أو لصاحب العمل حتى ولو تقاعس صاحب العمل في التأمين على العامل ، فإنه بقوة القانون يكون مُؤمَّناً على العامل ، ويتحمل رب العمل أمام الجهة التأمينية كافة الأقساط المستحقة .
3- كما لا يجوز نزول المؤمن عن حق من الحقوق المقررة له وفقاً لذلك، مادة 144 من ذات القانون ، ومن ثم يرى البعض بطلان أي اتفاق على النزول أياكان وقت حدوث الاتفاق ، أي سواء كان قبل نشأة الحق أم بعده.
4- كما يلغى كل حكم مخالف لقانون التأمين الاجتماعي بالنسبة للمعاملين بأحكامه ، مادة 6 من قانون الاصدار ، فمن يسري عليه قانون التأمين الاجتماعي وهم جميع العاملين في الحكومة والقطاع العام والقطاع الخاص إن كان خاضعاً لقانون خاص ينظم بعض حقوقه التأمينية فإن هذا القانون الأخير يجب ألا يخالف قانون التأمين الاجتماعي بل ويعتبر كل نص مخالف ملغياً بقوة القانون.
وأمام الزامية التأمين الاجتماعي فقد قرر المشرع بناء على ذلك جواز اصدار نظم تأمينية بديلة بشرط أن تتضمن تلك النظم مزايا أفضل من النظام الحالي المنصوص عليه في القانون (79) لسنة 1975م ، وبشرط ألا يتحمل المؤمن عليه بالنسبة للاشتراكات أكثر مما يتحمله في قانون التأمين الاجتماعي الحالي .
ثالثاً : نظرة تقييمية لهذا القانون :
وهذا القانون وإن كان يعتبر الشريعة العامة للتأمينات الاجتماعية علاوة على جعل التأمين إجبارياً على العامل وليس اختيارياً له أو لصاحب العمل ، إلا أنه مع ذلك يوجد به بعض القصور منها :
1- أن هذا القانون لم يُغطِّ بعض الفئات الأخرى من العاملين كالعمالة المؤقتة سواء كانوا في الزراعة أو عمال التراحيل أو العاملون بالصيد لدى أصحاب الأعمال بالقطاع الخاص أو أصحاب المراكب الشراعية ووسائل النقل البسيطة .. إلخ .
2- كما أنه لم يشمل أصحاب الأعمال حيث إنه جاء قاصراً على العاملين فقط سواء كانوا في مجال حكومي أو قطاع عام أو قطاع خاص أو استثماري بمال عربي أو أجنبي فهو لم يتعرض لأرباب الأعمال .
3- كما أنه لم يشمل أيضاً التأمين على العاملين المصريين في الخارج .
4- كما أنه لم يقرر الضمان الاجتماعي بغرض مساعدات وإعانات للمحتاجين من غير المستفيدين من قوانين التأمين الاجتماعي .
وأمام قصور هذا القانون ، ورغبة من المشرع في مَدَّ مظلة التأمينات الاجتماعية لحماية المواطنين كافة ، ولإضافة حماية تأمينية جديدة لفئات لم يكن مقرراً لها هذه الحماية المقررة في القانون رقم (79) لسنة 1975م لعدم خضوع هذه الفئات لهذا القانون ، فقد أصدر المشرع عدة تشريعات أخرى تعتبر في حد ذاتها تكملة لهذا القانون وهي :
1- القانون رقم (112) لسنة 1975م :
وهو المسمى بنظام التأمين الاجتماعي لفئات القوى العاملة التي لم تشملها قوانين المعاشات والتأمين الاجتماعي ، وقد كان الهدف من اصدار هذا القانون هو امتداد مزايا تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بأسلوب غير تقليدي لطوائف كادحة من أفراد الشعب ثم تم تعديله بالقانون رقم (112) لسنة 1980م باصدار قانون نظام التمين الاجتماعي الشامل ، وقد سمي بنظام اجتماعي شامل نظراً لأنه أدخل فئات كثيرة بلغت في مجموعها ثلاث عشرة فئة ومن الممكن أن يمتد أيضاً إلى غير هذه الفئات بقرار من رئيس الجمهورية وهذه الفئات( ) هي:
1- العاملون المؤقتون بالزراعة .
2- حائزو الأرض ( ملاك ومستأجرين ) أقل من 10 أفدنة .
3- ملاك الأراضي الزراعية ( غير الحائزين ) أقل من 10 أفدنة .
4- ملاك المباني الذين يقل نصيب كل منهم في ريعها عن (250) جنيهاً سنوياً.
5- العاملون بالصيد لدى أصحاب الأعمال بالقطاع الخاص .
6- عمال التراحيل .
7- صغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين .
8- خدم المنازل ومن في حكمهم .
9- أصحاب المراكب الشراعية ووسائل النقل البسيطة بشرط عدم استخدام عمال .
10- المتدربون بمراكز التدريب المهني لمرضى الجزام .
11- المرتلون والقيمة وغيرهم من خدام الكنيسة غير الخاضعين لقانون أصحاب الأعمال .
12- الناقهون من مرضى الدرن الملحقون بمراكز التدريب التابعة لجمعيات مكافحة التدرن.
13- صغار المشتغلين لحساب أنفسهم من الفئات الآتية :
أ- من لا يمارسون عملهم من محل ثابت ولا يستخدمون عمالاً بالمدن .
ب- من يمارسون عملهم من محل ثابت ولا يستخدمون عمالاً بالقرى .
2- القانون رقم (108) لسنة 1976م :
وقد صدر هذا القانون لمدّ مظلة التأمين الاجتماعي على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم ، وقد تم تعديل هذا القانون بالقانون رقم (33) لسنة 1984م .
3- القانون رقم (50) لسنة 1978م:
لنظام التأمين الاجتماعي للعاملين المصريين في الخارج .
إعمالاً لسياسة الدولة التي ترمى إلى مد الحماية التأمينية لكي تشمل جميع أفراد الشعب المصري تأميناً ليومهم وغدهم .
وتأكيداً لرعاية الدولة واهتمامها بأبنائها من العاملين بالخارج كما ترعاهم في الداخل، فقد تم استصدار القانون رقم (50) لسنة 1978م باصدار قانون التأمين الاجتماعي للعاملين المصريين في الخارج ، والذي تم تعديله بالقانون رقم (33) لسنة 1984م ، والتأمين في هذه الحالة ضد الشيخوخة أو العجز أو الوفاة (م2 من القانون 50/1978م) .
المنتفعون بنظام هذا التأمين :
ينتفع بهذا التأمين أربع طوائف هم :
1- العاملون المرتبطون بعقود عمل شخصية .
2- العاملون لحساب أنفسهم .
3- العاملون بالمنظمات الدولية والاقليمية داخل مصر .
4- المهاجرون المحتفظ لهم بالجنسية المصرية .
وبشرط ألا يكون المنتفع مؤمناً عليه أو خاضعاً لأحد نظم التأمين الاجتماعي الاجباري المعمول بها بالنسبة للمواطنين الذين يباشرون نشاطهم داخل الوطن .
4- القانون رقم (30) لسنة 1977م :
وهـو قانون الضمان الاجتماعـي، وقـد صدر هذا القانون بعد أن ألغي القانون رقم (133) لسنة 1964م وذلك لتحقيق الأمان الاجتماعي بمفهومه الشامل ، وذلك بتقريره لمساعدات وإعانات للمحتاجين وذوي الحاجة من غير المستفيدين من قوانين التأمين الاجتماعي .
ومن الجدير بالإشارة ومن خلال هذا المؤتمر نود أن نوجه دعوة لهيئة التأمينات الاجتماعية بجعل معاش الضمان الاجتماعي مناسباً لحالة الشخص وملائماً لظروف المعيشة المتزايدة كل يوم ، حتى لا يلجأ هؤلاء الأشخاص أو هذه الفئات إلى تكملة الإنفاق على حياتهم من التسول وسؤال الناس ، وهو ما يمكن أن يعبر عنه بحد الكفاية ، وهو كل ما يحتاج إليه مستحق الضمان الاجتماعي ومن يعولهم من مطم وملبس ومسكن وأثاث وعلاج وتعليم أولاده وكتب علم إن كان ذلك لازماً لأمثاله ، وكل ما يليق به عادة من غير إسراف ولا تقتير.
غير أن هذا القصور لم يقف عند هذا الحد من استكمال هذا القانون الحالي بالتشريعات السالف بيانها ، بل مع مرور الوقت وانقضاء أكثر من ربع قرن من الزمان على صدور هذا القانون تبين أن هناك قصوراً أخرى من الناحية العملية أشد مما سبق منها:
أ- ضآلة الجزء المستقطع من دخل العامل لسداد الاشتراكات التأمينية .
ب- تهرب أو تقاعس بعض الوزارات والهيئات والمصالح من القيام بسداد أموال الحصص التأمينية .
ج- عدم وجود الاستثمار الحقيقي لأموال التأمينات الاجتماعية ، مما ترتب على ذلك عدم وجود ذمة مالية مستقلة لصناديق التأمينات الاجتماعية ، حيث قررت المادة السادسة من القانون رقم (119) لسنة 1980م بأن تلتزم صناديق التأمينات الاجتماعية بايداع الفائض لديها اجبارياً لدى بنك الاستثمار القومي .
د- وجـود تفرقة بين المستفيدين من مزايا التأمين الاجتماعي وهي غير دستورية كإعطاء الأرملة الحق في الحصول على المعاش من زوجها المتوفي حتى ولو كانت قادرة على الكسب ، بينما لا يعطى الأرمل هذا الحق في الحصول على معاش زوجته التي توفيـت إلا إذا كان عاجزاً عـن الكسب ، فهب أن أرملاً غير عاجز عن الكسب ، ولكن دخله لا يكفيه ومتطلبات الحياة ، حيث كان يعيش بجزء من مرتب زوجته أثناء حياتها ، فما المانع إذن من أن يعطى هذا الأرمل الحق في الحصول على معاش زوجته المتوفاة .
إلى غير ذلك من أوجه القصور مما يتطلب ذلك تعديلاً فورياً في هذا القانون بما يحقق الأمل المنشود من وضعه وكما سيتضح من نتائج هذا البحث .
والخلاصة :
أن التأمين الاجتماعي في ظل القانون الوضعي ما هو إلا نوعان :
النوع الأول : وهو الغالب والأعم وله صدرت كل القوانين والأوامر واللوائح بلغت في مجموعها ثمانية وعشرون تشريعاً ولائحة وقراراً ، وخلاصة هذا النوع : أن الانسان يقتطع له من أجره جزءً ويدخر له ثم يأخذه بعد ذلك في حالة حدوث عجز أو شيخوخة أو مرض أو بطالة … إلخ ، أو يأخذه ورثته من بعده في حالة وفاته .. وهكذا سواء كان يعمل في داخل بلده أو خارجها ، وسواء كان في قطاع حكومي أو غير حكومي أو قطاع عام أو خاص أو قطاع استثماري بمال عربي أو أجنبي .
النوع الثاني : هو نوع وحيد فريد لم يتقرر إلا لغرض واحد وهو مساعدة المحتاجين الذين لم يستفيذوا ولم يخضعوا لأي نظام تأمين اجتماعي وهو المسمى بالضمان الاجتماعي وفي هذه الحالة تقوم الدولة أو هيئة التأمين الاجتماعي بفرض مساعدة مالية لهذه الفئة دون أن يكون قد اقتطع جزءً من أجرهم نظراً لظروفهم وعدم التحاقهم بأي عمل من الأعمال وقد أصدر المشرع من أجل خدمة هذا الغرض ثلاث تشريعات واحد قبل ثورة يوليو وآخر بعد ثورة يوليو والثالث بعد صدور قانون التأمين الاجتماعي الحالي.
خاتمة البحث
وختاما نود أن نسجل هذه الحقائق التالية عما سبق ذكره :
1- أن كل القوانين الخاصة بالتأمين الاجتماعي والتي صدرت قبل ثورة يوليو 1952م والتي بلغت أثنى عشر تشريعا ولائحة ، كانت قاصرة وتعالج خطر معينا من المخاطر الاجتماعية ، حيث كانت لا تشكل تشريعا اجتماعيا بالمعنى الدقيق .
2- اضطراب تشريعات التأمين الاجتماعي التي صدرت بعد ثورة يوليو
1952م وحتى صدور قانون التأمين الحالي رقم 79 لسنة 1975م اضطرابا شديدا يذهل العقل ، حيث كثرت الإصدارات في هذه الفترة بلغت في مجموعها أربعة عشر تشريعا وقرارا وزاريا أدى ذلك إلى حيرة موظف التأمينات الاجتماعية ورجل القانون فما بال الرجل العادي ؟
حيث كان يصدر القانون اليوم ثم يلغى بعد فترة ثم يصدر آخر وهكذا 00 بل قد يصدر في العام الواحد أكثر من تشريع ولا أدل على ذلك من عام 1964 الذي صدر فيه أربعة تشريعات .
3- لقد أحسن المشرع الوضعي صنعا بإلغائه كافة تشريعات سالفة الذكر ، سواء التي صدرت قبل الثورة أو بعدها ، واعتبر القانون رقم 79 لسنة 1975 الشريعة العامة للتأمينات الاجتماعية وأن أحكامه متعلقة بالنظام العام ولا تجوز مخالفتها أو الاتفاق على مخالفتها وإلا وقعت هذه التصرفات باطلة .
4- مع اعتبار المشرع القانون رقم 79 لسنة 1975م الشريعة العامة للتأمين الاجتماعي إلا أنه مع ذلك وجد به قصورا ، مما دعا المشرع إلى إصدار تشريعات أخرى مكملة هي : القانون التأمين الاجتماعي للعاملين المصريين بالخارج ، وقانون التأمين الاجتماعي الشامل للفئات الذين لم يخضعوا للقانون رقم 79 لسنة 1975م ، وقانون الضمان الاجتماعي الذي سبق توضيحهم بالكامل .
5- دعوة الدولة ممثلة في الوزارات والمصانع والهيئات في كفالة دخل مناسب لأصحاب المعاشات أياً كان نوعهم قطاع حكومي أو غير حكومي، وهذا لن يتأتّي إلا:
أ- بزيادة الجزء المستقطع للمعاش وهذا يترتب عليه زيادة المرتبات لمواجهة هذه الزيادة المقتطعة .
ب- قيام الجهات والمصالح والهيئات بأداء الحصص التأمينية لوزارة التأمينات وعدم تقاعسها عن ذلك بالتأخير والمماطلة ، وهذا الأمر يستلزم ضرورة النص قانوناً على توفير الحماية اللازمة لأموال التأمينات ومواجهة ظاهرة التهرب التأميني من خلال تعاون الأجهزة الحكومية في الحصول على حقوق هيئة التأمين والمعاشات ووضع الضوابط التي تحكم عملية تحصيل المديونيات المتراكمة لدى بعض الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة والخاصة ، بحيث يكون للهيئة الحق في اتخاذ الاجراءات القانونية قِبل الجهات المتأخرة في سداد الاشتراكات التأمينية .
ج- زيادة الاستثمارات في التأمين المدخر وتوجيه ذلك توجيهاً صحيحاً ، مع ضرورة تعديل المادة السادسة من القانون رقم 119 لسنة 1980م بوجود ذمة مالية مستقلة لصناديق التأمينات الاجتماعية ، مما يعمل على إتاحة الفرصة لاستثمار أموال التأمينات استثماراً حقيقياً مناسباً دون التقيد ببنك الاستثمار القومي .
6- ضرورة التعادل بين المستفيدين من مزايا التأمين الاجتماعي وجعلهم على قدم المساواة ، نظراً لأن التفرقة بينهم تعتبر غير دستورية ، وذلك مثل إعطاء الأرملة الحق في الحصول على المعاش من زوجها المتوفي حتى ولو كانت قادرة على الكسب ، في حين لم يعط الأرمل هذا الحق إلا إذا كان عاجزاً عن الكسب ، الأمر الذي يتطلب معه ضرورة تعديل هذا التشريع الحالي رقم (79) لسنة 1975م حيث مضى على إصداره أكثر من ربع قرن من الزمان .
7- دعوة الدولة ممثلة في هيئة التأمينات الاجتماعية إلى رفع معاش الضمان الاجتماعي بما يتناسب والعصر الحالي ، وذلك حتى لا يلجأ أصحاب هؤلاء المعاش إلى استكماله عن طريق التسول وسؤال الناس الحاجة ، وهو ما يمكن التعبير عنه بحد الكفاية والذي سبق توضيحه سلفاً .
بحث مفصل يبحث تعديل القوانين المنظمة للتأمينات الاجتماعية