بواسطة باحث قانوني

الأثر العادي للالتزام هو تنفيذ الالتزام
أثر الالتزام هو تنفيذه ، لامشكلة تصادفنا هنا أما والحال هذه فإن المسألة مثار الاهتمام هي معرفة الأثر المترتب على عدم قيام المدين بتنفيذ الالتزام، و عليه فالتنفيذ وعدم التنفيذ يرتبطان ويجتمعان في دراسة أثر الالتزام.
فالتنفيذ الأصل فيه أن يكون اختياريا إذ يقوم المدين بتنفيذ الالتزام طواعية بإرادته واختياره ولكن التنفيذ قد يكون جبرا تنفيذيا قسريا جبريا ويستعان فيه بالسلطة العامة بناءا على طلب الدائن وسند تنفيذي وذلك لالزام المدين بالتنفيذ عندما لا يقوم به طوعا واختيارا، علما بان الصورة المألوفة هي الالتزام المدني والذي يمكن فيه جبر المدين على الوفاء خلافا للالتزام الطبيعي الذي لا جبر فيه على المدين له تنفيذه او عدم تنفيذه.

لكن التنفيذ العيني هو التنفيذ بالمعنى الحقيقي ويكون بتقديم المدين عين الأداء الذي التزم به هذا التنفيذ العيني يطلق عليه بالفرنسية النفاذ بالطبيعة ( Exécution en nature ).

وقد يكون التنفيذ بمقابل ورغم هذه التسمية فإنه لا يعتبر تنفيذا للالتزام ، ويقع حالما لا يستطيع المدين أو لايريد تنفيذ الالتزام، بمعنى تقديم الاداء الذي التزم به ، والحال هذه يستطيع الدائن الحصول على مبلغ من النقود يحل محل الأداء الأصلي ليعوّضه عن الضرر الذي أصابه نتيجة لعدم التنفيذ ، ويكون ذلك عن طريق التعويض ( dommages-intérêts)وهنا نلاحظ اننا انتقلنا من التنفيذ حقيقة إلى مسألة عدم التنفيذ.

1- التنفيذ الجبري (القهري) للالتزام

الأصل ان يقوم المدين بتنفيذ التزامه طوعا واختيارا، فإذا لم يقم بالتنفيذ باختياره أستطاع الدائن متى كان دائنا بالتزام مدني لا طبيعي ان يجبر المدين على التنفيذ وهذا هو التنفيذ الجبري .

ويتميز التنفيذ الجبري بثلاث أمور أنه عام ،ومدني ،و يقع على مال المدين لا جسمه.

عمومية التنفيذ الجبري

ذلك ان التنفيذ القهري يتميز بأن الذي يملك القهر هو السلطة العامة فليس للدائن أن يأخذ حقه بيده، إنما الذي يتدخل لجبر المدين هو السلطات العامة إما عن طريق اللجوء للقضاء أو عن طريق الموثق الرسمي للعقود. فغذا لم يكن بيد الدائن سند رسمي محرر امام موثق عام notaire كان عليه أن يلجأ إلى القضاء ليستصدر حكما يستطيع التنفيذ به.

وضرورة الالتجاء إلى السلطة العامة لاقتضاء التنفيذ القسري الجبري قاعدة من قواعد النظام العام التي لايجوز الخروج عليها، ويبطل كل اتفاق على ما يخالفها.

القهر او الجبر المدني

ويتميز التنفيذ الجبري للالتزام بأنه تنفيذ أو قسر (قهر)مدني ،لأن الإخلال بالالتزام لاينشيء جريمة ولا يرتب جزاءا جنائيا ، فالمدين الذي لا ينفذ التزامه لا يمكن عقابه إلا في حالات استثنائية اعتبر فيها عدم تنفيذ الالتزام المدني جريمة في نفس الوقت . مثل اعتبار عدم دفع الراكب أجرة النقل جريمة او جريمة عدم دفع الشخص ثمن ما يتناوله من طعام في أحد المحلات العامة. وفي غير هذه الحالات الخاصة فإن القهر la contrainte هو قهر مدني بحت.

وقوع التنفيذ الجبري على مال المدين دون شخصه

فالاكراه البدني الذي يقع على جسم المدين لم يعد هو الوسيلة إلى إجبار المدين على الوفاء، إذ القاعدة في القوانين الحديثة عدم إمكان استعمال وسائل القسر على جسم المدين لحمله على الوفاء ،حيث ان الذي يضمن وفاء بديونه إنما هو أمواله وليس جسده.

2- التنفيذ العيني للالتزام
تنفيذالالتزام هو الوفاء به (٢) فلا شك أنه إذا تم التنفيذ عن طريق قيام المدين بتقديم الأداء الذي التزم به فإن الالتزام ينقضي ، فالدائن تزول عنه صفة الدائنية ، وتزول عن المدين صفة المديونية، بحيث يمكن القول بان انقضاء الالتزام هنا ليس الا نتيجة طبيعية لقيام المدين بتنفيذ الالتزام

التنفيذ بطريق التعويض او التنفيذ بمقابل

التنفيذ بمقابل أو التنفيذ عن طريق التعويض هو طريق يلجأ إليه عندما لا يقضى بالتنفيذ العيني للإلتزام. مع التأكيد على أن الأصل في التنفيذ أن يكون عينيا.
لكن هناك حالات يتحتم فيها الإلتجاء إلى التنفيذ عن طريق التعويض وتتلخص هذه الحالات فيما يلي:

إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا بفعل المدين أي بخطئه. ( إشارة (٣))
إذا كان التنفيذ العيني ممكنا ولكن فيه إرهاقا للمدين ، ولم يكن في استبعاد التنفيذ العيني ضرر جسيم بالدائن ، إذ يجوز أن يقتصر التنفيذ على التعويض.
إذا كان التنفيذ العيني للالتزام غير ممكن أو غير ملائم مالم يصدر من المدين شخصيا، وتم الاستعانة بغرامة تهديدية ولم تنفع في حمل المدين على الوفاء.
إذا كان التنفيذ العيني ممكنا ولكن لم يطلبه الدائن ولم يعرضه المدين ، هنا وفي مثل هذه الحال يقضى بالتنفيذ بمقابل أي بالتعويض ما دام الدائن يطالب به.
وللتعويض نوعان: تعويض عن عدم التنفيذ ، وتعويض عن التأخير في التنفيذ.

ففي التنفيذ بالتعويض عن عدم التنفيذ يحل محل الالتزام العيني ولا يجتمع معه.

أما التعويض عن التأخير في التنفيذ فهو يجتمع مع التنفيذ العيني و يقصد به تعويض الدائن عن الضرر الذ ي أصابه نتيجة تأخر المدين في التنفيذ ، بل ويجتمع مع التعويض عن عدم التنفيذ أيضا.

والالتزام بالتعويض لا يعتبر في نظر جمهرة الفقهاء التزاما جديدا يحل محل الالتزام الاصلي ، بل هو طريق لتنفيذ هذا الالتزام ، ولذلك تبقى جميع الضمانات المقررة للالتزام قائمة لضمان الوفاء بالتعويض (٤)

كما يشترط لاستحقاق الدائن للتعويض شرطان :اولهما، يرتبط الاستحقاق بشروط قيام المسئولية المدنية بنوعيها عقدية او تقصيرية، من توافر الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما. ثانيهما: يشترط القانون لاستحقاق التعويض الإعذار (٥) اي وضع المدين وضع المقصّر في تنفيذ إلتزامه بإثبات تأخيره عن الوفاء.

الوسائل التي تكفل للدائن تنفيذ الالتزام

حق الضمان العام

يتميز الضمان العام بأن كل أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه بمعنى أن يستطيع الدائن ان ينفذ بحقه على أموال المدين سواء كان التنفيذ عينيا او كان بطريق التعويض ومن ثم فهذا الحق يتصف بأنه عام لا يقع على مال معين بالذات ، و بأنه لايقع فقط على الأموال التي كانت في ذمة المدين وقت نشوء الالتزام، بل يشمل علاوة على ذلك ، كل ما دخل في ذمة المدين عقب نشوء الالتزام، فالضمان العام ينصب على الأموال الحاضرة والمستقبلة.

طرق اقتضاء الالتزام بموجب حق الضمان

توجد وسائل تكفل للدائن اقتضاء حقه بالتنفيذ بمقتضى الضمان العام ،حيث يتخذ الدائن في سبيل استأداء حقه من جميع او مجموع اموال مدينه الوسائل الآتية:

• طرقا تحفظية • طرقا تنفيذية • طرقا وسطا بين التحفظ والتنفيذ.

الأصل أن :جميع اموال المدين يجوز التنفيذ عليها ، وبالتالي يجوز اتخاذ إجراءات تحفظية عليها ، إلا أن القانون قد استثنى بعض هذه الأموال لأسباب مختلفة ومن ذلك أموال لا يجوز التنفيذ عليها لأسباب إنسانية ترجع إلى الشفقة بالمدين ، والرغبة في ان يترك له الكفاف من العيش .

اولا :- مفهوم الإجراءات التحفظية

تتعلق هذه الإجراءات بقانون المرافعات المدنية أو أصول المحاكمات المدنية (٦)

نوعا الطرق التحفظية

وقد تجلى لنا نوعان من الطرق التحفظية :

النوع الأول

طرق يتخذها الدائن بالنسبة إلى حقه الذي يريد التنفيذ به ، مثال ذلك ؛ أن يقوم الدائن بعمل يقطع التقادم بالنسبة إلى الحق ذاته ، بما يمنعه من السقوط ، او يقوم الدائن بقيد رهن ضامن للحق ، أو أن يقوم بتجديد هذا القيد ، او ان يطلب تحقيق إمضاء مدينه على السند ( صحة التوقيع) وهناك أمثلة عديدة أخرى.

النوع الثاني

طرق يتخذها الدائن بالنسبة لأموال مدينه حتى يحافظ عليها من الضياع ، وهى ( الضمان العام ) مثال ذلك ان يضع الأختام عليها ، عند موت المدين او إفلاسه ، او ان يحرر محضر جرد بهذه الأموال ، أو أن يتدخل في إجراءات القسمة للمال الشائع المملوك لمدينه (٧) ، او ان يتدخل خصما ثالثا في الدعاوى التي ترفع على مدينه او من مدينه … وغير ذلك.

ثانيا :- مفهوم الطرق التنفيذية

لقد تكفل بها قانون المرافعات وفيها لا يجوز التنفيذ الجبري الا بموجب سند تنفيذي ؛ اقتضاءا ؛ لحق محقق الوجود – معين المقدار – حال الأداء (٨)

ماهية السند التنفيذي

السندات التنفيذية هي الاحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم والاوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة (٩) وتختلف هذه السندات في قوتها وآثارها. ولا يجوز التنفيذ ؛ في غير الاحوال المستثناة بنص القانون الا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها ” صيغة التنفيذ ” الرسمية .

ثالثا : – مفهوم الطرق الوسط بين التحفظ والتنفيذ

هي الطرق التي لاتؤدي مباشرة إلى استيفاء الدائن حقه ؛ كما هو الامر في التنفيذ ، ولا هي مقصورة على مجرد التحفظ ـ بل هي طرق بين بين . وتردّ جميعها إلى اصل واحد هو المبدأ العام القائل بأن جميع اموال المدين ضامنة لالتزاماته.

وهذه الطرق معدودة في القانون بخمسة طرق :-

1- الدعوى غير المباشرة action indirecte

2- الدعوى البوليصية action pauilienne revocatiore

3- دعوى الصورية action en simulation

4- حق الدائن في حبس مال مدينه droit de rétention

5- شهر إعسار المدين déconfiture

آثار الإلتزام – حسب القانون