خالد حسين المطيري يكتب عن قانون العمل و الشكاوي العمالية
خالد حسين المطيري يكتب عن قانون العمل و الشكاوي العمالية
لقد كثر الحديث وكثرت الكتابات حول قانون العمل رقم 6 لسنة 2010 في القطاع الأهلي، وتناوله الكثيرون بالتحليل والتفسير والنقد. وقد حقق هذا القانون قفزة نوعية في حماية حقوق العمال المشمولين به، وربما شعر بعض أصحاب المؤسّسات الأهلية بالإجحاف وذهاب جزء لا يُستهان به من أرباحهم في معرض تطبيق هذا القانون، ولكن لا يضرّ أن نبحث في بعض مواده وبما يخصّ الشكاوى العمالية بشرح بسيط عن طرق تقديم الشكوى العمالية ورفعها قضائيًا.
ونشير أولاً إلى أن هذا القانون جاء ناسخًا ملغيًا للقانون الصادر في شأن العمل في القطاع الأهلي رقم 38 لسنة 1964، ففي القانون الجديد وردت المادّة رقم (149) حيث نصّت على:
(يُلغى القانون رقم 38 لسنة 1964 في شأن العمل في القطاع الأهلي، ويحتفظ العمال بجميع الحقوق التي ترتّبت عليه قبل إلغائه، وتبقى كافة القرارات الصادرة تنفيذًا له معمولا بها فيما لا تتعارض مع أحكام هذا القانون لحين صدور اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذه).
ونبدأ بالتعريف بالمقصودين بهذا القانون:-
أولا: المقصودون بالقانون :
الجزء الأول: تعريف الصفات بهذا القانون:
– حسب ما ورد في المادّة (1) حيث نصّت (في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد باصطلاح:
1- الوزارة: وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
2- الوزير: وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.
3- العامل: كل ذكر أو أنثى يؤدّي عملاً يدويًا أو ذهنيًا لمصلحة صاحب العمل وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر.
4- صاحب العمل: كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عمالا مقابل أجر.
5- المنظّمة: تنظيم جمْع مجموعة من العمال أو أصحاب الأعمال تتشابه أو ترتبط أعمالهم أو مهنهم أو وظائفهم لرعاية مصالحهم، والدفاع عن حقوقهم، وتمثيلهم في كافة الأمور المتعلقة بشؤونهم).
ففي سياق المادّة السابقة يتّضح لنا أن الجهة الحكومية الخاصة بتسجيل العمال والمسؤولة عنهم هي (وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل)، ووضّحت لنا المقصود بالعامل وبصاحب العمل، مثلاً: كالعاملين في الجمعيات التعاونية على عقود العمل الفردية، والشركات التجارية الخاصّة، ومكاتب السفر والسياحة وغيرها.
وأن المنظّمة المقصود بها «النقابة العمالية مثلاً» كنقابة العاملين في القطاع النفطي.
الجزء الثاني: مَن هو المقصود بهذا القانون:-
– حسب ما ورد في المواد (4،3،2) والتي نصّت على أن المقصودين هم العاملون في القطاع الأهلي: (تسري أحكام هذا القانون على العاملين في القطاع الأهلي)، والعاملون بعقود عمل بحري فيما لم يرد نصّ ينظمها في قانون التجارة البحرية، أو كان هذا القانون أكثر فائدة للعامل (تسري أحكام هذا القانون على عقد العمل البحري فيما لم يرد بشأنه نصّ في قانون التجارة البحرية أو يكون النصّ في هذا القانون أكثر فائدة للعامل)، وكذلك العاملون في القطاع النفطي فيما لم يرد نصّ ينظمها في قانون العمل في القطاع النفطي، أو كان هذا القانون أكثر فائدة للعامل (تسري أحكام هذا القانون على القطاع النفطي فيما لم يرد بشأنه نصّ في قانون العمل في قطاع الأعمال النفطية، أو يكون النصّ في هذا القانون أكثر فائدة للعامل).
– وورد في المادّة (5) ذكر العمال الذين يستثنونهم من تطبيق هذا القانون عليهم حيث أنها نصّت على: أنه (يُستثنى من تطبيق أحكام هذا القانون:
– العمال الذين تسري عليهم قوانين أخرى غير ما نصّت عليه هذه القوانين.
– العمالة المنزلية، ويصدر الوزير المختصّ بشؤونهم قرارًا بالقواعد التي تنظم العلاقة بينهم وبين أصحاب العمل).
والعمال الذين تسري عليهم قوانين أخرى مثل: العمال الذين يعيّنون من ديوان الخدمة المدنية، والموظفين الحكوميين المنتدبين للجمعيات التعاونية مثلاً.
ثانيًا: الجزاءات
– في البداية نوضّح أن صاحب العمل لا يستطيع توقيع جزاء على العامل إلا بشروط معيّنة وردت في المادّة (37) حيث نصّت على أنه (لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما هو منسوب إليه، وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، وإثبات ذلك في محضر يودع بملفه الخاصّ، ويجب إبلاغ العامل كتابة بما وقع عليه من جزاءات ونوعها ومقدارها وأسباب توقيعها والعقوبة التي يتعرّض لها في حالة العود)، وهذا كقاعدة عامة، وهنالك استثناءٌ صريحٌ ورد في القانون أتت به المادّة (41) من ذات القانون والتي نصّت- مع مراعاة أحكام المادّة (37) من هذا القانون على أنه:
أ- لصاحب العمل أن يفصل العامل دون إخطار أو تعويض أو مكافأة إذا ارتكب العامل أحد الأفعال الآتية:
1- إذا ارتكب العامل خطأ نتجت عنه خسارة جسيمة لصاحب العمل.
2- إذا ثبت أن العامل قد حصل على العمل نتيجة غش أو تدليس.
3- إذا أفشى العامل الأسرار الخاصّة بالمنشأة ممّا تسبّب أو كان من شأنه أن يتسبّب بخسارة محقّقة لها.
ب- لصاحب العمل فصل العامل في إحدى الحالات الآتية:
1- إذا حُكم عليه نهائيًا بجريمة ماسّة بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق.
2- إذا ارتكب عملا مخلّا بالآداب العامة في مكان العمل.
3- إذا وقع منه اعتداء على أحد زملائه أو على صاحب العمل أو مَن ينوب عنه أثناء العمل أو بسببه.
4- إذا أخلّ أو قصّر في أيّ من الالتزامات المفروضة عليه بنصوص العقد وأحكام هذا القانون.
5- إذا ثبتت مخالفته المتكرّرة لتعليمات صاحب العمل.
وفي هذه الحالات لا يترتّب على قرار الفصل حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة)، ونلاحظ أن المشرّع أورد في نهاية المادّة الأخيرة بأنه لا يُحرم العامل أثناء الفصل من مكافأة نهاية الخدمة، وتنظّم مواد هذا القانون صرف مكافأة نهاية الخدمة ربعها أو نصفها أو ثلثيها أو كاملة ومقدارها.
– وهناك جزاءات تصدر من صاحب العمل مثل: الخصم والإنذار الأول والإنذار الأخير وغيرها من العقوبات التي يحدّدها صاحب العمل وتكون لها شروط معيّنة، كما حدّدتها المادّة (35) من هذا القانون، حيث نصّت على أنه (يجب على صاحب العمل أن يعلّق في مكان ظاهر بمقرّ العمل لائحة الجزاءات التي يجوز توقيعها على العمال المخالفين، وأن يراعي في إعداد لوائح الجزاءات ما يلي:
أ- أن تحدّد المخالفات التي قد تقع من العمال ويحدّد الجزاء لكلّ منها.
ب- أن تتضمّن جزاءات متدرّجة للمخالفات.
جـ- ألا يوقع أكثر من جزاء واحد للمخالفة الواحدة.
د- ألا يعاقب العامل عن أيّ فعل ارتكبه ومرّ على تاريخ ثبوته خمسة عشر يومًا.
هـ- ألا يوقع الجزاء على العامل لأمر ارتكبه خارج مكان العمل إلا إذا كان له علاقة بالعمل)، وبعد التزام صاحب العمل بهذه الشروط يجب عليه أن يوثّق هذه اللائحة من وزارة الشؤون الاجتماعية لتدقّق عليها، وترى مدى قانونية لائحة الجزاءات حسب ما ورد في المادّة (36) والتي نصّت على أنه (يجب على صاحب العمل أن يعتمد لائحة الجزاءات قبل تطبيقها من الوزارة. وللوزارة أن تعدّل فيها طبقًا لطبيعة نشاط المنشأة أو لظروف العمل بما يتفق وأحكام هذا القانون).
– وهناك جزاء توقيع الفصل بحكم المستقيل يوقّعه صاحب العمل على العامل في حال تغيّبه سبعة أيام متواصلة أو عشرين يومًا متفرقة، لكن مع استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة، وهذا هو ما ورد في المادّة (42) من ذات القانون حيث نصّت على أنه: (إذا انقطع العامل عن العمل دون عذر مقبول لمدّة سبعة أيام متصلة أو عشرين يومًا متفرقة خلال سنة جاز لصاحب العمل اعتباره مستقيلا حكمًا، وفي هذه الحالة تسري أحكام المادة (53) من هذا القانون في شأن استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة).
ثالثاً: طريقة الطعن والتظلّم
من القرارات الإدارية الصادرة ضدّ العامل
– في البداية نوضّح بأن العامل له الحق في طلب نسخة من لائحة الجزاءات والاحتفاظ بها لمعرفة الجزاءات التي قد توقّع عليه نتيجة إخلاله بالعمل وشروطه.
– ثم إن طريقة الطعن والتظلّم من القرارات الإدارية الصادرة ضدّ العامل تكون عن طريق تقديم شكوى لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ضدّ صاحب العمل خلال مدّة سنة كاملة من صدور القرار وعلم العامل به، وهذا ما ورد في المادّة (146) حيث نصّت على أنه (يجب أن يسبق الدعوى طلب يتقدّم به العامل أو المستحقون عنه إلى إدارة العمل المختصّة، وتقوم الإدارة باستدعاء طرفيْ النزاع أو مَن يمثلهما، وإذا لم توفّق الإدارة إلى تسوية النزاع ودّيًا تعيّن عليها خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب إحالته إلى المحكمة الكلية للفصل فيه، وتكون الإحالة بمذكرة تتضمّن ملخّصًا للنزاع ودفوع الطرفيْن وملاحظات الإدارة)، وهذا ما أكّده القانون بوجوب اللجوء إلى إدارة العمل المختصّة الموجودة في وزارة الشؤون الاجتماعية لتقديم الشكوى مقدّمًا، ومن بعدها أتت المادّة (144) حيث نصّت على أنه (لا تُسمع عند الإنكار- بمضي سنة من تاريخ انتهاء عقد العمل- الدعاوى التي يرفعها العمال استنادًا إلى أحكام هذا القانون…)، وتكون النقطة التالية بعد الشكوى المقدّمة للوزارة هي المحكمة الكلية- الدائرة العمالية الجزئية، حيث تكون الدعاوى العمالية دعاوى مستعجلة معفاة من الرسوم حسب ما ورد في ذات المادّة الأخيرة (… وتعفى الدعاوى التي يرفعها العمال أو المستحقون عنهم من الرسوم القضائية، ومع ذلك يجوز للمحكمة عند رفض الدعاوى أن تحكم على رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها، وتُنظر الدعاوى العمالية على وجه الاستعجال). وبذلك يكون للمحكمة الحكم الأخير في الشكوى المقدّمة من العامل إلى وزارة الشؤون الاجتماعية.
وهذا غيض من فيض في هذا القانون… والله ولي التوفيق.
بقلم / خالد حسين المطيري
خالد حسين المطيري يكتب عن قانون العمل و الشكاوي العمالية