المعايير و المواصفات كأداة لقياس الأداء الاجتماعي للمقاولات
من الأداء الطوعي للمقاولة إلى الإلزام القانوني
ذ/ سعيد العيطوني
طالب باحث في سلك الدكتوراه- جامعة ابن زهر
تعد المعايير و المواصفات من بين الأدوات العملية التي يمكن من خلالها تقييم عمل المقاولات حول مدى التزامها اجتماعيا، سواء تعلق الأمر بالمعايير الطوعية التي تحترمها وفقا لإرادتها الحرة أو تلك المفروضة من قبل المشرع، وفقا لقوانين محلية أو أنظمة تشريعية دولية أو مجموعة من المعايير التي يفرضها مختلف ذوي المصلحة المرتبطين بالمقاولة كما هو الحال بالنسبة للموردين، غير أنه يمكن تقسيم هذه المعايير و المواصفات إلى نوعين: الأولى مرتبطة بالمؤشرات التي تعتمدها المنظمات الدولية ذات الصلة بمجال المعيرة، و أخرى وطنية محلية تفرضها المؤسسات المحدثة لهذا الغرض على المستوى الوطني و المحلي.
يمكن إجمال القول على أن أنظمة المعايير تنقسم إلى قسمين أساسيين: الأول يرتبط بالمجال البيئي وبمدى تأثير المقاولة على الوسط الطبيعي والايكولوجي المحيط بها، بينما يكمن الثاني في الجانب الاجتماعي للمقاولة سواء تعلق بالأجراء أو بالمستهلكين[1].
الفقرة الأولى: المعايير و المواصفات الصادرة عن المنظمات الدولية
من أجل الأداء الخلاق للمقاولات سارعت العديد من المنظمات الدولية إلى إيجاد أنظمة و معايير، تمكن المقاولة من العمل على إيجاد حلول عملية لمختلف المشاكل الناتجة عن سلسلة الإنتاج و التي تؤثر على المحيط الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي للمقاولة. غير أن مقالنا لا يهدف إلى جرد كلي لتلك المنظمات و الأجهزة نظرا لكثرتها و تعددها، بل سنركز على المشهورة منها، و لاسيما تلك التي تعمل وفقا للإشكالية المطروحة حول مدى سعي تلك المعايير إلى إيجاد بيئة خلاقة للمال و الأعمال، وسنركز على: المنظمة الدولية للتقييس ISO ونظام الصحة و السلامة المهنية OHSAS 18001 ثم نختم بمعيار المساءلة الاجتماعية SA8000 .
أولا: مبادئ الهيئات الدولية
سنركز من خلال هنا على منظمتين ذات الصيت العالي في مجال الشفافية، ونستخلص من مبادئها أهم تجليات المسؤولية الاجتماعية.
أ) مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية
قامت منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية بإعداد مجموعة من المعايير من بينها مبادئ المنظمة التي اعتمدتها من اجل الشركات المتعددة الجنسيات سنة 1997، و التي تتأسس على قيم احترام حقوق الأجراء و العمل على منع الشغل القسري وعمل الأطفال، كما تشدد تلك المبادئ على منع التميز بين العمال[2].
ب) العقد العالمي التابع للأمم المتحدة
يدعى أيضا مبادرة كوفي عنان، وهي مبادرة تلقائية لمؤسسات مسؤولة تهدف إلى إدماج الميثاق العالمي لحقوق الإنسان و مبادئه في إستراتيجية المقاولات وأنشطتها وتنمية التعاون بين الأطراف الأساسية المعنية و النهوض بالشركات، التي تعمل على نفس الأهداف التي تسعى الأمم المتحدة على تحقيقها.
ومن أجل تنفيذ تلك المبادرات يقترح الميثاق عدة آليات، لعل أهمها، التشاور حول السياسات المزمع إتباعها و القيام بالتدريبات قصد تمكين مدراء المقاولات على الانخراط بشكل جدي في مسلسل المسؤولية الاجتماعية[3].
ثانيا) المعايير و المواصفات الصادرة عن المنظمات الدولية
نقصد هنا بالمنظمات الدولية تلك الهيئات المرتبطة بإصدار المواصفات و المعايير قصد مواكبة المقاولات المعنية بالمسؤولية الاجتماعية.
أ) المواصفات الصادرة عن المنظمة الدولية للتقييس .ISO
تعتبر المنظمة الدولية للتقييس الجهاز الدولي ذو الصيت العالي في مجال المعيرة و إصدار المواصفات، والتي تقوم المقاولات بتبنيها بشكل طوعي[4]، وهي منظمة دولية غير حكومية [5] يوجد مقرها بجنيف السويسرية، حيث تم تأسيسها سنة 1946 لتدخل حيز التنفيذ سنة 1947. وتركز هذه المنظمة على تنمية نظام المعايير و المواصفات عالميا وذلك من أجل تسهيل تبادل البضائع و الخدمات بين الشعوب كما تسعى إلى تحقيق الإنتظارات التي تنشدها الأمم في المجالات الفنية و التقنية و الاقتصادية و العلمية، و ترنو المنظمة إلى العمل من أجل تبادل المعلومات بين أعضاءها من أجل تسهيل عملية المعيرة على المستوى العالمي [6].
من أجل فهم دقيق لنظام المواصفات القياسية الذي تصدره منظمة ISO. و يمكن تقسيمها إلى ثلاث عائلات أساسية وهي كالتالي.
ب) نظام الصحة و السلامة المهنية OHSAS 18001
يعد نظام الصحة و السلامة المهنيين من بين أهم الأنظمة التي شدد مختلف الفاعلين على توفيرها بأماكن الشغل منذ أمد بعيد، إذ سبق لمنظمة العمل الدولية أن وضعت عددا كبيرا من النصوص الشاملة قصد النهوض بمجال السلامة والصحة المهنيتين[7]، ولعل أهمها الاتفاقية 187 والتوصية رقم 197، حول الإطار الترويجي للسلامة و الصحة في الشغل، إضافة إلى ترسانة كبيرة من التوصيات [8] ، وهو المبدأ الذي أكدت عليه المواثيق الدولية ذات الصلة، سيما منه المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من خلال تشديدها على حق كل فرد في الحياة و الحرية و سلامة شخصه، وعلى ذات الدرب سارت المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية من خلال فقرتها الأولى[9] الأمر الذي تبناه المشرع المغربي من خلال مدونة الشغل[10] في العديد من نصوصها من خلال التأكيد على الأهمية التي يولها المشرع الاجتماعي للحقوق المرتبطة بالحرية والقيم الانسانية[11].
غير أن أشهر المواصفات التي ترتبط بالتدقيق الاجتماعي حول نظام السلامة و الصحة المهنيتين أصدرها المعهد البريطاني للتقييس سنة 1999 وتمت مراجعتها سنة 2007. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المواصفات أعدتها منظمات متخصصة في التقييس و المعيرة. إلا أنها لم تكن ذات طبيعة دولية في بداياتها، بدعوى أن نظام الصحة و السلامة من النظام العام ولا يجب المساومة فيه ليصبح ذا طبيعة طوعية، غير أن التطور الحاصل في هذا المجال جعل الباحثين يصدرون منه العديد من النسخ تسعى إلى إيجاد مقاولة تدبر بشكل جيد نظام الصحة و السلامة في أماكن العمل، إلى أن بلغ عدد الشواهد الممنوحة 16000 شهادة عبر 80 دولة.
جدير بالذكر أن نظام السلامة و الصحة المهنية يضع نصب أعينه، التقليل إلى أقصى الحدود من المخاطر التي تواجه العمال وغيرهم إبان ممارستهم لشغلهم.
ج ) معيار المساءلة الاجتماعية SA 8000
يعتبر معيار المساءلة الاجتماعية SA8000 من بين أهم المعايير الدولية التي تركز على الاحترام الشديد للحقوق الأساسية للأجراء، إذ تم تطوير هذا المعيار سنة 1997 من لدن SAI[12] والتي اعتمدت على اتفاقيات منظمة العمل الدولية في المجال الاجتماعي، إضافة إلى العديد من المواثيق والمعاهدات التي تسعى إلى صون حقوق الأجراء، ولعل أهمها يتجلى في منع تشغيل الأطفال القاصرين و احترام الأمن والسلامة و الصحة في مكان الشغل، مع التأكيد على أحقية الأجراء في الانتماء للعمل النقابي دون قيد أو تمييز، وذلك باعتماد أسلوب المفاوضة الجماعية لضمان الظروف الجيدة في الشغل، وذلك وفق نظام تدبيري يعتمد المقاربة الاجتماعية في صلبه[13]. هذا و تجدر الإشارة إلى أن معيار المساءلة الاجتماعية يعتبر من بين ابرز معايير المطابقة و الاعتماد[14].
الفقرة الثانية :أدوات المعيرة و المواصفات الوطنية
-أولا) أدوات المعيرة الرسمية الوطنية.
تقوم العديد من المقاولات وفي بتبني المواصفات و العلامات المميزة للمنتجات و الخدمات التي تقدمها لزبنائها، الأمر الذي يدفع البعض بالعبث بها و استغلالها قصد الحصول على المزيد من الأرباح دون أن تتقيد بتلك المعايير و المواصفات، لذا تدخل المشرعون لتحديد هذه المواصفات و الإحاطة بها بشكل دقيق منعا للأي تلاعب.
سعيا منه إلى الرقي بالاقتصاد الوطني، واكب المشرع المغربي التحولات التي يعرفها ميدان المعيرة و التقييس، وأقفل الباب على الهيئات الدولية التي استفردت بمجال التقييم و إعداد المعايير لفائدة المقاولات المغربية، فاصدر القانون 06-12 بتاريخ 11 فبراير 2010 المتعلق بالتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد[15] ليستحدث مجموعة من الأجهزة المكلفة بالتقييم، تقوم بإصدار شواهد حددها القانون.
أ) الأجهزة المكلفة بالتقييس
بموجب القانون 12.06 الصادر بتاريخ 11 فبراير [16]2010، المتعلق بالتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد، احدث المشرع المغربي جهازين أساسين يقوم بإعداد المواصفات القياسية وشواهد المطابقة و الاعتماد، يتعلق الأول بالمجلس الأعلى للتقييس و الثاني بالمعهد المغربي للتقييس.
1) المجلس الأعلى للتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد
احدث المجلس الأعلى للتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد سنة 2010، كجهاز مساعد للحكومة في تحديد السياسات الوطنية في هذا المجال، سعيا من المشرع المغربي إلى الارتقاء بجودة المنتجات و الخدمات المقدمة للمستهلك المغربي، إلى جانب دوره في المساعدة يكلف المجلس بإبداء رأيه للحكومة حول كل مسألة تتعلق بالتقييس و الشهادة بالمطابقة وفقا للمادة 4 من القانون المتعلق 12,06 المتعلق بالتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد، كما حددت المادة 5 من ذات القانون الأعضاء المكونين للمجلس الذين ينقسمون إلى أعضاء بالصفة يمثل أغلبهم المهنيين ومعينين، كما يمكن للمجلس أن يضم إليه أعضاء بصفة استشارية .
غير أن التساؤل المطروح هو: ما هي القوة التي تتمتع بها القرارات الصادرة عن المجلس؟ حول ما إذا كانت ملزمة للحكومة؟ أم هي إستئناسية تقف عند السلطة التقديرية للحكومة؟ حول إمكانية الأخذ بها من عدمه؟
2 ) المعهد المغربي للتقييس
إضافة إلى المجلس الأعلى للتقييس أحدث المشرع المغربي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي وتخضع لوصاية الدولة، توكل إليها كل الأعمال المتعلقة بالتقييس والشهادة بالمطابقة، كما تكلف بمنح حق، استعمال العلامات أو شارات أو شهادات بالمطابقة للمواصفات القياسية المغربية وإعدادها وبيعها وتدبيرها[17] سواء منها المصادق عليها أو المرجعيات المعترف بها أو الموافق عليها، كما يقوم المعهد باستقصاء حاجيات المؤسسات و الفاعلين الاقتصاديين و الاجتماعيين من المواصفات، دون إغفال القيام بخدمات الدراسة و المساعدة التقنية و التكوين و المعلومات المتعلقة بالتقييس[18].
وفقا للمادة 9 من القانون 12.06 الصادر بتاريخ 11 فبراير 2010 ، يدار المعهد من لدن مجلس إدارة يتكون من رؤساء الغرف المهنية وممثلا لرجال الأعمال و المستهلكين ، يديره مدير يعينه رئيس الحكومة، يتمتع بجميع السلط و الاختصاصات اللازمة لتسيير المعهد، وفقا للمادة 15 من ذات القانون.
وعليه فإن المعهد المغربي للتقييس جهاز رسمي يعمل على سد حاجيات المقاولات العمومية و الخاصة في مجال معيرة وتقييس منتجاتها وأنظمة عملها التدبيري، وتكيفها وفق الموصفات التي أعدها أو التي أعتمدها، قصد تأهيل المقاولات الوطنية لمواكبة التطور التي يفرضه الشركاء الاقتصاديين للمغرب، وإدماجها في سوق تنافسي يفرض الجودة و التدبير الأمثل للموارد.
ب) الشواهد الممنوحة
وفقا للقانون 12.06 المتعلق بالتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد، فإن المعهد المغربي للتقييس يصدر شهادة المطابقة للمعايير و المقاييس المعتمدة (أ) وشهادة اعتماد المؤسسات و الأفراد (ب).
1) شهادة المطابقة
تعد شهادة المطابقة من بين أهم الشهادات التي يصدرها المعهد المغربي للتقييس وتمنح للمقاولات و المؤسسات، تثبت مدى احترام المنتجات و الخدمات التي تنتجها، للمعايير و المقاييس المعمول بها في نظام الصحة و السلامة و الجودة و التدبير، ويمكن للمعهد أن يمنح الشهادة للأشخاص الطبيعيين تزكي مدى كفاءتهم وفنيتهم في مجال أو تخصص معين، وفقا للمعايير و المواصفات المغربية[19] أو المعترف بها. وعليه فإن شهادة المطابقة تمثل معيارا وعلامة للجودة يضمن خلالها المستهلك مدى جودة المنتوج أو الخدمة من خلال إعلامه المسبق وفقا لما يلزمه قانون حماية المستهلك، غير أن العديد من المقاولات تضيف العديد من الأمور بشكل طوعي دون التزام قانوني .
ب) شهادة الاعتماد
بالرجوع إلى المادة 3 من القانون 12.06 نجد المشرع المغربي حدد مدلول شهادة الاعتماد، في الاعتراف الرسمي للمعهد بالمؤسسات و الهيئات التي تعمل في مجال التقييم، سواء منها المتعلقة بإعداد التقارير عن التحاليل أو الاختبارات أو المعايير، أو المؤسسات التي تقوم بأعمال المراقبة و تفتيش أشخاص لممارسة مهنة معينة. و عليه فإن شهادة الاعتماد بمثابة وثيقة إدارية تمنح للمكاتب و المختبرات و المقاولات التي تعمل في إطار مهام المعهد.
وفقا لما سبق يمكن القول بأن شهادة المطابقة بمثابة اعتراف بكفاءة شخص طبيعي أو معنوي، ما يجعل منتجاته قابلة للتداول في السوق الوطنية و الدولية، ويمنح لها الوجود القانوني الذي تفرضه الأنظمة و القوانين، في حين يهدف المعهد المغربي للتقييس من خلال شهادة الاعتماد، منح التزكية للمنظمات و الأجهزة المكلفة بالتقييم و التقييس، قصد القيام بعملها داخل التراب الوطني.
ج ) المواصفات الصادرة عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب
اعتمد الاتحاد العام لمقاولات المغرب ترسانة من المواصفات والمعايير قصد جعل المقاولات الأعضاء، مؤسسات مسؤولة اجتماعيا. وبذلك أنشأت لجنة تقوم بإعداد علامات الجودة، بناء على القرار الصادر عن مجلس إدارة الاتحاد و المنعقدة شتنبر2006، و التي نفذها المجلس الوطني لمقاولات الاتحاد شهر دجنبر من ذات العام. و يعتبر ميثاق المسؤولية الاجتماعية[20] اللبنة الأساسية التي تتأسس عليها مواصفات الاتحاد، إذ يتكون من تسعة محاور أساسية ،و نشير إلى أن الاتحاد استلزم العديد من الشروط قصد حصول المقاولات المعنية بالمسؤولية الاجتماعية على علامات الجودة.
1) شروط الحصول على علامة الجودة
يستفيد من علامة الجودة الصادرة عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، المقاولات التي تتوفر فيها الشروط التي حددتها لجنة العلامات، وهي كالتالي:
-أن تكون المقاولة مغربية منخرطة الاتحاد، وتعمل على التراب الوطني للمملكة، وان تؤدي واجباتها السنوية تجاه الاتحاد.
-أن تقدم طلبا في هذا الشأن إلى لجنة العلامات التابعة للاتحاد من لدن هيئة مؤهلة.
-قبول المقاولة القيام ببحوث تقصي بالمقاولة من لدن مكتب دراسات محايد ومعتمد من لدن الاتحاد العام لمقاولات المغرب يشخص من خلاله مدى تطور ومطابقة المقاولة و أنظمة تدبيرها لميثاق المسؤولية الاجتماعية الصادر عن الاتحاد.
-قبول المقاولة بكل الملاحظات التصحيحية التي تقدمها اللجنة، و العمل على تكيفها من اجل الوصول إلى الأهداف المرسومة وفق الميثاق[21].
2) كيفية الحصول على علامة الجودة
يمنح الاتحاد العام لمقاولات المغرب علامة المسؤولية الاجتماعية للمقاولات اعترافا بالتزامها في مجال المسؤولية الاجتماعية للمقاولة، ويتم منح هذه العلامة بعد عملية تقييم لممارسات المقاولات في المجالات التسع للعمل، التي تشكل ميثاق المسؤولية الاجتماعية، حيث يعتمد مبادئ احترام حقوق الإنسان، وتحسين شروط العمل والعلاقات المهنية، وحماية البيئة، والوقاية من الرشوة، واحترام مبدأ المنافسة الشريفة.
كما يشمل هذا التقييم ضمان الشفافية في حكامة المقاولات واحترام مصالح الزبناء والممونين. كما يعمل الميثاق على تشجيع المسؤولية الاجتماعية للممونين، ودفع المقاولات المنخرطة إلى الالتزام الاجتماعي .
وتساعد العلامة المذكورة المقاولات على إضفاء الطابع الرسمي على التزامات المقاولات، وذلك بقياس مدى تقدمها ومعرفة أدائها.
كما تشجع المستفيدين منها على تحسين تنافسيتهم قصد ولوج الأسواق، وتوحيد فرقهم وتعزيز انسجامها ونجاعتها، فضلا عن التحاور بثقة مع الزبناء والممونين والمساهمين والشركاء الماليين للمقاولة.
ويشار الى أن عدد المقاولات التي استفادت من هذه العلامة إلى حدود الآن، بلغ حوالي 66 مقاولة. بالإضافة إلى التزام عشرات المقاولات بمباشرة الإجراءات للحصول على هذه العلامة.
وتقوم رئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمنح هذه العلامة بناء على رأي لجنة عقب تقييم يقوم به خبراء معتمدون من طرف الاتحاد، ويشمل التقييم التأكد من تطابق التدبير الكلي للمقاولة مع الأهداف المحددة في ميثاق المسؤولية الاجتماعية للاتحاد،الذي يشكل مرجعا للعلامة. .
وتمنح العلامة للمقاولات لمدة ثلاث سنوات مع تقييم متواصل كل 18 شهرا لضمان فعالية مخطط العمل المقدم للاتحاد ضمن مقاربة استمرار تحسن أداء المقاولات.
ثالثا) الميثاق المغربي للممارسات الجيدة[22]
قامت اللجنة الوطنية لحكامة المقاولات شهر مارس 2008، بإعداد الميثاق المغربي للممارسات الجيدة للحكامة. كما أعدت الملحقات الخاصة بالمقاولات الصغيرة و المتوسطة شهر دجنبر من ذات العام، بينما تم إصدار الميثاق المتعلق بالمؤسسات البنكية شهر أبريل سنة 2010.
ويأتي هذا الميثاق بهدف الرفع من الأداء الاجتماعي المقاولات، كما يوصي بإلحاح بعدد من الممارسات التي من شأنها تحسين حكامة المقاولة، كما هو الحال في اعتماد لجان خاصة ومواثيق المدراء و رسالة المهام و النظام الداخلي وتقييم هيئة الحكامة و الشفافية والولوج للمعلومات.
وتجدر الإشارة إلى أن الممارسات التي يتحدث عنها الميثاق ليست شاملة، حيث يمكن للمقاولات التي ترغب في تنفيذ المزيد اللجوء إلى معايير ومواصفات المنظمة الدولية للتقييس (ISO)أو علامة المسؤولية الاجتماعية لمقاولات المغرب.
خاتمة
من خلال ما سبق يمكن أن تستنج أن المشرع المغربي و المقاولات الوطنية سارت في نفس المنحى الذي سار به التوجه العالمي، من أجل تخليق عالم المال و الأعمال، سيما من خلال الالتزام بالقواعد الاجتماعية و البيئية من أجل مقاولة مواطنة و مسؤولة، نفس الهم حمله المشرع الوطني من خلال إصداره لترسانة قانونية و مؤسساتية لمواكبة هذا المنعطف، فإلى أي حد استطاع الإحاطة بإشكاليات الموضوع؟
[1] Stéphane ANDRE ; Evaluation de la Performance non financière des entreprises ; thèse de doctorat soutenue 03 juin 2009 à l’université paris IX Dauphine page 39.
[2] Principes de l’OCDE applicables en matière de prix de transfert à l’intention des entreprises multinationales et des administrations fiscales 2017.ouvrage publié par OCDE. ISBN :9789264277779. Edition OCDE Paris juin 2017 ; P201.
[3] L’épineux, François Rosé Jean-Jacques Bonani ;carole ; RSE la responsabilité sociale des entreprises ; Théories et pratique 2emme édition; éditeur , Dunod 2016 page 120.
[4] Ruwet Coline, « La RSE négociée du jeu et contenus. Le cas d’ISO ;Revue Négociation 2012 /2 n°18 p 99 .
[5] Moez ESSID .Les mécanismes de contrôle de performance globale : le cas des indicateurs non financière de RSE. Thèse de doctorat ; Université Paris sud; Faculté jean Monnet Octobre 2009 ; p. 114.
[6] المادة 2 من النظام الأساسي للمنظمة العامية للتقييس و المنشور بموقعها الالكتروني www.iso.org
[7] مجلة عالم الشغل- نشرة تصدر عن منظمة العمل الدولية- عدد 63 مارس 2009 ص 4,
[8] اتفاقية السلامة و الصحة في البناء 1988 تحث رقم 167 و الاتفاقية المتعلقة و اتفاقية الصحة في المناجم سنة 1995 تحت رقم 176.
[9] انظر المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية التي تنص على أن “كل كائن بشري يتمتع بحق الحياة المتأصل فيه وهذا الحق يحميه القانون و لا يحرم أحد من هذا الحق بطريقة تعسفية”.
[10] ولعل أهمها المادة 24 من مدونة الشغل التي تنص على ما يلي ” يجب على المشغل، بصفة عامة ، أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة الأجراء و صحتهم، وكرامتهم، لدى قيامهم بالأشغال التي ينجزونها تحث إمرته، وان يسهر على مراعاة حسن السلوك و الأخلاق الحميدة، و على استتباب الآداب العامة داخل المقاولة.”
[11] نادية النحلي، الحق في الصحة بالوسط المهني- دراسة مقارنة لتشريعات دول المغرب العربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ، الموسم الجامعي 2005/2006 جامعة محمد الخامس اكدال، ص 53.
[12] Social Accountability International.
[13] مقدم وهيبة، تقيم مدى استعمال منظمات الأعمال في الجزائر للمسؤولية الاجتماعية، أطروحة دكتوراه في الاقتصاد ، جامعة وهران الموسم الجامعي 2013/2014 ص 92.
[14] الدليل المرجعي للمساءلة الاجتماعية،ماذا تعني المساءلة الاجتماعية للبنك الدولي، الفصل الثاني ، ص13 انظر النص الكامل على الموقع الرسمي للبنك الدولي وفق الرابط : http://siteresources.worldbank.org/MENAEXT/Resources/Social_Accountability_World_Bank_Arabic.pdf
[15] بمثابة الظهير الشريف رقم 1.10.15 الصادر 26 صفر 1431 الموافق ل11 فبراير 2010 و المنشور بالجريدة الرسمية عدد5822 بتاريخ 18 مارس 2010.
[16] يتعلق الأمر بالظهير الشريف رقم 1,10,15 الصادر 26 صفر 1431 الموافق ل11 فبراير 2010 بتنفيذ القانون رقم 12,06 المتعلق بالتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5822 بتاريخ 18 مارس 2010 ص 1110.
[17] المادة 7 من الظهير الشريف رقم 1.10.15 الصادر من 26 صفر 1431 الموافق 11 فبراير 2010 بتنفيذ القانون 12.06 المتعلق بالتقييس و الشهادة بالمطابقة و الاعتماد و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5822 بتاريخ 18 مارس 2010.
[18] المادة 2 من القانون 12.06 المومإ إليه سلفا.
[19] المادة 2 من ذات القانون.
[20] للاطلاع على النص الكامل للميثاق انظر الموقع الرسمي للاتحاد العام لمقاولات المغرب وفق الرابط التالي: http://www.cgem.ma/
[21] Rapport CGEM Responsabilité social de l’entreprise : des idées et des actes ; mai 2011 page 14 ; version électronique :http://rse.cgem.ma/upload/1383756453.pdf . vu le 16 janvier 2018.
[22] انظر النص الكامل للميثاق على موقع وزارة المالية وفق الرابط التالي: https://www.finances.gov.ma/ArMa/Hakama/Documents/Code_gouvernanceEEPAr.pdf
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
دراسة موجزة حول الإلزام القانوني لمعايير قياس الأداء الاجتماعي للمقاولات