التحكيم في مُنازعات عقود النفط بأنظمة دول المغرب العربي
مُقارنة بأنظمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
مقال مشترك بين كل من:
الطالب الباحث يــــــــوســـــف حــــــــنـــــان
( المملكة المغربية )
الطالب الباحث سالم بن سعيد بن سليمان الرواحي
( سلطنة عمان )
مختبر البحث قانون الأعمال جامعة الحسن الأول سطات
مُقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين:
لقد حظيت عقود الطاقة باهتمام كبير منذ الثورة الصناعية التي عرفها العالم خصوصاً عقود النفط، باعتبار هذا الأخير مادة أولية على درجة كبيرة من الأهمية ، إلا أن هذا النوع من العقود إن كانت تحكمه النظرية العامة للعقد بدايةً، فله من الخصوصيات ما يجعله يتجاوز هذه القواعد الكلاسيكية، سواءً من حيث التكوين، أو المضمون، أو أثناء التنفيذ، وعلى الخصوص فيما يتعلق بجانب المنازعات، هذه الأخيرة التي يُشكل التحكيم الوسيلة المثلى لفضها، والحديث عن عقود النفط([1]) بصفةً يضعنا في حقل التحكيم التجاري الدولي، الذي يُعتبر من أهم وسائل تسوية المنازعات .
ذلك أنه إذا كنا في إطار التحكيم الداخلي نتحدث عنه باعتباره وسيلة بديلة أو موازية إذا أخذنا بعين الاعتبار التطور التاريخي ([2]) لهذه المؤسسة، فإنه وفي إطار التجــــــارة الدوليـــــــة -فالتحكيم- هو الأصل والمبدأ في تسوية المنازعات؛ وأن دول المغرب العربي، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مثلها مثل باقي الدول قد اهتمت وسايرت الاهتمام الدولي بالتحكيم، نظراً لكونه الوسيلة المثلى لفض وتسوية المنازعات، وذلك حتى تبث الطمأنينة للمستثمر الأجنبي، فنظمت تلك الدول التحكيم، حيث أصدرت قوانين وأنظمة تُنظم التحكيم بشكل عام استناداً لقواعد التحكيم الواردة في القانون النموذجي الذي وضعته لجنة القانون التجاري الدولي في الأمم المتحدة الأونستيرال (Uncitral) حيث نجد في كل من دول المغرب العربي كالمملكة المغربية ([3]) وتونس وموريتانيا وليبيا والجزائر، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كالمملكة العربية السعودية([4])، وسلطنة عُمان([5])، ومملكة البحرين([6])، ودولة قطر([7])، نجد أنها قد أصدرت قوانين مستقلة بالتحكيم والبعض الآخر أدرج نظام التحكيم ضمن قوانين المرافعات المدنية والتجارية كدولة الكويت([8])، ودولة الإمارات العربية المتحدة ([9]).
هذا وتجدر الإشارة إلى إن الاختلاف بين طرفي العقد النفطي، سواءً من حيث الطبيعة أو المراكز القانونية، أو حتى من حيث القوة أو الضعف، يجعل اللجوء إلى التحكيم ضرورة مُلحة أمام تراجع الدولة عن دورها الكلاسيكي، ذلك أن الدولة أو المؤسسات العامة التابعة لها لم يعد دورها كما كان في الماضي مُنحصراً في تحقيق الأمن والاستقرار -أي ما يدخل في مفهوم الدولة الحارسة- بل تجاوز ذلك إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يُفسر إقدامها في العديد من المجالات إلى التعاقد مع الخواص، مثلها مثل باقي أشخاص القانون الخاص، وأمام ازدياد حاجتها إلى الثروات الطبيعية والحاجة كذلك إلى خبرات الشركات المتخصصة في مجال الطاقة ([10])، كل ذلك شجع العديد من الدول للأقدام على التعاقد مع الشركات الأجنبية الاستثمارية للبحث والتنقيب عن الثروات الطبيعية ([11]).
إلا إنه وفي إطار المنازعات الناتجة عن هذا النوع من العقود ، وأمام صعوبة اللجوء إلى قضاء الدولة، فإننا دائماً ما نجد هذه العقود تتضمن ما يُسمى “بشرط مُنتصف الليل” أي “شرط أو مُشارط التحكيم”، والذي يأخذ بالتحكيم كوسيلة لفض المنازعات ([12])، وذلك بناءً على عدة اعتبارات أهمها السرعة والسرية، وانعدام ثقة الشركات الأجنبية في القضاء الوطني للدول المنتجة للنفط، كذلك فأن الفصل في هذا النوع من المنازعات يحتاج إلى مؤهلات علمية وفنية يفتقر إليها القاضي الوطني، وبالتالي نجدها تتوفر في المحكم، فالتحكيم يكن بمثابة تأمين للشركات الأجنبية المتعاقدة مع الدولة في مواجهة بعض الأفعال التي قد تقدم عليها الدولة كما سنرى، باعتبارها شخص من أشخاص القانون العام ولها من الوسائل والصلاحيات والسلطات ما يجعل المستثمر الأجنبي في مركز ضعف أمامها.
لذلك وعلى ضوء ما سبق، فإن هذا الموضوع يطرح عدة إشكالات نظراً لحساسيته وقيمته الاقتصادية والقانونية، وهو ما يجعلنا نقوم بمعالجته من خلال الاشكالية المحورية التالية: هل يمكن التوفيق من خلال التحكيم في هذا النوع من المنازعات بين مصالح دول المغربي العربي ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية باعتبار أغلبها دول مُنتجة للنفط وللثروات الطبيعية من جهة ومصالح المستثمر الأجنبي من جهة أُخرى؟
من أجل ذلك ارتأينا تناول هذا الموضوع بالتحليل والمناقشة مُعتمدين في ذلك لمعالجة الإشكالية أعلاه، على المنهج التحليلي والمقارن، وكذا المقاربة التأصيلية من خلال التطرق لمواقف الآراء الفقهية، والاتفاقيات الدولية، وبعض الاجتهادات القضائية والتحكيمية، وكذا موقف القوانين المقارنة من خلال التقسيم التالي:
المبحث الأول: الإطار العام للتحكيم في المنازعات النفطية.
المبحث الثاني: الصعوبات القانونية للتحكيم في العقود النفطية.
المبحث الأول: الإطار العام للتحكيم في المنازعات النفطية
مما لا شك فيه أن العقود المبرمة فيما بين الدول والأشخاص الأجنبية التابعة لدول أخرى تُثير العديد من الإشكالات القانونية الناجمة من التفاوت وعدم التساوي بين المراكز القانونية والاقتصادية لأطراف هذه العقود، وذلك نظراً لكونها تُبرم بين طرفين غير مُتكافئين([13])، حيث أنها تُبرم بين الدولة بوصفها شخص من أشخاص القانون الدولي العام، والقانون العام الداخلي، وما تتمتع به من خصائص سيادية استثنائية لا يتمتع بها الشخص الأجنبي المتعاقد معها والذي يُعتبر من أشخاص القانون الخاص.
فعقد النفط بشكل عام وبالنظر إلى أطرافه، يتأرجح بين أكثر من تكييف قانوني، فلو تم النظر إليه بشكل عام باعتباره عقداً تبرمه الدولة، فإنه يثار التساؤل عندئذ حول مدى إمكانية إخضاع ذلك العقد لنظرية العقد الإداري، حيث إنه يعترف للدولة بسُلطات استثنائية في مواجهة المستثمر قد لا يكون لها مثيل في عقود القانون الخاص، وبالتالي يترتب على اعتبار ذلك العقد عقداً إدارياً انطباق أحكام القانون العام عليه، وخضوع مُنازعاته لاختصاص القضاء الإداري ([14])، أما إذا ما تم اعتبار العقد الاستثماري عقداً يُبرم مع شخص أجنبي تابع لدولة أخرى، فإن هذا العقد يقع عندئذ بين كُل من القانون الخاص والقانون العام، والقانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص، وبالتالي فإن تحديد النظام القانوني الذي يخضع له ذلك العقد الاستثماري مسألة شائكة لا يمكن حسمها على نحو قاطع([15]).
وإذا كانت عقود النفط من عقود الاستثمار بشكل عام، فإنها تُعتبر من العقود الحديثة نسبياً، وذلك نظراً لارتباطها بتطور النظام الاقتصادي وبروز أهمية الطاقة([16])والنفط على وجه الخصوص، كمحدد ومعيار تُقاس به قوة أية دولة، سواءً من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية، لذلك كان من الضروري التفكير في الشكل القانوني لهذا النوع من التعاقدات، نظراً لأنه من جهة يجمع بين طرفان غير مُتكافئين، وعلى عدة مستويات وهما الدولة والطرف المستثمر، أي أننا أمام شخص من أشخاص القانون العام وشخص من أشخاص القانون الخاص، ومن جهة ثانية فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن أغلب الدول التي قد تم اكتشاف النفط بها كانت مستعمرة آنذاك ([17])، ناهيك على أن الشركات الأجنبية المستثمرة كانت دائما تنتمي لهذه الدول المستعمرة وذلك لاستغلال ثرواتها الطبيعية حتى بعد الاستقلال، لذلك وجب تحديد الطبيعة القانونية لهذا النوع من العقود وذلك في (مطلب أول)، و أنواع العقود النفطية في (مطلب ثاني).
المطلب الأول: الطبيعة القانونية للعقود النفطية وأنواعها
بالرغم من أن هذا النوع من التعاقدات له طابع خاص وحساس، فإن ذلك لم يمنع من البحث في الطبيعة القانونية لهذه العقود من أجل تحديد انتمائها القانوني، حيث ساد نقاش لمدة طويلة بين المهتمين بهذا النوع من المعاملات حول الطبيعة القانونية لمثل هذه العقود، فهناك من اعتبرها عقود إدارية، على عكس من يذهب إلى الطبيعة المدنية، وهناك من اعتبرها عقود ذات طابع تجاري دولي؟ ثم إننا نتساءل بدورنا عن مدى إمكانية الجمع بين الصفة الإدارية في العقد والصفة الدولية؟
الفقرة الأولى: الطبيعية القانونية للعقود النفطية
من المعلوم أن العقد الإداري يختلف عن العقد العادي أو المدني بوجه خاص، سواءً من حيث الأطراف أو المضمون أو الآثار، حيث إنه لا يمكن القول بأن كل عقد تكون الإدارة طرفاً فيه – بصفتها شخص من أشخاص القانون العام- هو عقد إداري، ذلك لأنه في العديد من الحالات نجد الإدارة تقوم بالعديد من التصرفات القانونية في إطار تدبير أموالها الخاصة مثلها مثل أشخاص القانون الخاص، وليس باعتبارها سلطة عامة.
فالعقود التي تكون الدولة طرفاً فيها مع أحد الأشخاص الأجنبية أثارت جدلاً فقهياً كبيراً حول النظام القانوني الذي تخضع له مثل تلك العقود، حيث أنها كما أسلفنا تقع بين كُلاً من القانون الخاص والقانون العام، والقانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص، ونظراً لكون الدولة أحد المتعاقدين في تلك العقود بوصفها سلطة عامة، فإن تلك العقود تكون مُقتربة من أسلوب العقد الإداري، وبناءً عليه فإننا سوف نُسلط الضوء على شروط العقد الإداري للتحقق من مدى إمكانية تبني كل شرط على حده لعقود الاستثمارات بشكل عام، والأثر القانوني المترتب على ذلك.
أن يكون أحد أطراف العقد شخص من أشخاص القانون العام:
إن من أهم شروط العقد الإداري أن تكون الدولة أو أحد أجهزتها الإدارية العامة طرفاً في العقد المبرم بينها والمستثمر، وبالتالي فإنه إذا لم تكن الدولة طرفاً في العقد فإنه لا يمكن إخضاع ذلك العقد للقانون العام، نظراً لكون القانون العام إنما وجد ليخدم أنشطة الدولة وأجهزتها الإدارية لا نشاط الأشخاص الخاصة الذي يتولاه بطبيعة الحال القانون الخاص، إلا إنه لا يمكن اعتبار العقد إدارياً بمجرد أن تكون الدولة طرفاً فيه، بل يجب عليها عند إبرامها للعقد أن تعمل بوصفها “سُلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بها الأفراد”([18])، وذلك من خلال مُمارستها لأساليب السُلطة العامة، فإذا ما حسرت جهة الإدارة عنها عباءة السُلطة العامة عند التعاقد، فإن العقد يخضع في هذه الحالة للقانون الخاص([19]).
وبالتالي فإن مسألة تضمين العقد الإداري جهة الإدارة كطرف بالعقد، هو مسألة بديهية، لأن ذلك يُعتبر من صميم وظيفتها التنفيذية سواءً على المستوى المركزي أو اللامركزي، وكيفما كان موضوع ذلك العقد سواءً أكان عقد خدمة، أم عقد تقديم نفع عام، طالما أن القانون قد خول للإدارة صلاحية إبرام مثل تلك العقود، وبالتالي خول لها الشخصية المعنوية لذلك ([20])، فالدولة ومن أجل وضع خططها للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية موضعاً للتنفيذ، فهي تتبع أحد المسلكين: الأول هو أنها تتخذ التدابير وتتبع الأساليب المناسبة لضمان توجيه هذه المبادرة بشكل يتفق وسياستها([21])، أو أنها تتدخل بنفسها للتعاقد في بعض القطاعات مثل عقود الطاقة، أو عقود النفط، أو عقود المشروعات الكبرى، لذلك فالذي يظهر أن مفهوم الدولة في هذا الإطار هو متغير، ذلك أن تحديد هذا المفهوم لا تعتريه أية صعوبة عندما يتعلق الأمر بتحديد هذا المفهوم، وذلك باعتبار الدولة كشخص من أشخاص القانون العام، بقدر ما تظهر في تحديد الأجهزة التي تتصرف في العلاقات الاقتصادية الدولية، فالسائد لكل دولة أن تحدد الجهات التي تمثلها وتعقد اتفاقاتها وتكسبها الحقوق وتحملها الالتزامات في إطار النظام القانوني الدولي)[22])، فالدولة لها العديد من المؤسسات الأخرى التي تتبعها بصورة أو بأخرى من صور التبعية الإدارية أو الاقتصادية أو الرقابية العامة والمشروعات العامة والشبه العامة semi publics ، لنخلص إلى أنه في هذا الإطار هناك مفهومين للدولة: الأول ضيق باعتبارها شخص من أشخاص القانون العام، والثاني واسع يلحق بالدولة تقسيماتها السياسية والإدارية ووحداتها الاقتصادية، وهذا المفهوم الأخير هو الراجح، حيث أن نص المادة (25) من اتفاقية واشنطن المنشئة للمركز الدولي لحل منازعات الناشئة عن الاستثمار لسنة 1965م، نصت على إنه: “يختص المركز بنظر المنازعات القانونية الناشئة بين الدولة المتعاقدة أو الهيئة العامة أو جهاز تابع للدولة تقوم الدولة بتحديده أمام المركز”.
أن يكون العقد مُتعلق بمرفق عام:
إن القضاء الإداري نجده قد ذهب إلى وضع شرط آخر لإضفاء الصفة الإدارية على العقد، وهو شرط يتعلق بطبيعة العقد ذاته، فتطلب أن يتعلق موضوع العقد بمرفق عام بحيث يُبرم العقد لخدمته، أي أن يُحقق المنفعة العامة، وذلك نظراً لكون النظام القانوني المميز للعقود الإدارية يمنح الدولة سُلطات استثنائية في مواجهة المستثمر، فإن مرد ذلك يكمن في تمكين الدولة من كفالة سير مرافقها العامة بانتظام وإطراد، بحيث إذا انقطعت صلة العقد الإداري الذي تبرمه الدولة بالمرفق العام فإنه ينتفي عنه وصف العقد الإداري([23]).
وبالتالي فإن الفقه تطلب أن يتصل موضوع العقد الذي تبرمه الدولة بمرفق عام، إلا أنه لم يتم تحديد أي نوع من أنواع المرافق العامة تحديداً فيما لو اتصل بها العقد اعتبر عندئذ عقداً إدارياً، فالمرافق الاقتصادية تخضع لنظام مزدوج، وبالتالي فإن اتصال العقد الذي تبرمه هذه المرافق العامة بنشاطها الاقتصادي لا يجعل منه عقداً إدارياً، بل يظل عقداً خاصاً تحكمه المعايير الاقتصادية والتجارية البحتة التي تهدف إلى الربح المادي أكثر من تحقيق المصلحة العامة التي تحكم عقود المرافق العامة الإدارية.
أن يتضمن العقد شروط استثنائية:
إن هذا الشرط يُعد من أهم شروط العقد الإداري، لكونه يُعتبر الفيصل في تكييف عقود الدولة، فالعقد الإداري لابد من صدوره من سُلطة عامة تستعمل أساليب القانون العام، لتحقيق نفع عام، وتضمين العقد شروطاً تخرج به عن المألوف في عقود القانون الخاص، فالشروط الاستثنائية أو الشروط غير المألوفة هي شروط تُرجح كفة المصلحة العامة التي تضطلع بها الدولة عن المصلحة الفردية ([24])، وبالتالي فإن تضمين جهة الإدارة العقد المبرم فيما بينها والمستثمر لأحد هذه الشروط يُعد قرينةً على استخدام الدولة لأساليب السُلطة العامة، واتجاه إرادة المتعاقدين إلى تصنيفه من العقود الإدارية، ومن أمثلة تلك الشروط الاستثنائية التي تُعبر عن مظاهر السُلطة العامة في أثناء تنفيذ العقد “سُلطة جهة الإدارة في فسخ أو تعديل العقد بالإرادة المنفردة، أو سُلطة جهة الإدارة في الأشراف على تنفيذ العقد، أو سُلطة جهة الإدارة في توقيع الجزاءات كالغرامات بالإرادة المنفردة، أو سُلطة جهة الإدارة في فرض الضرائب والرسوم”، فإذا تضمن عقد من عقود القانون الخاص مثل تلك الشروط فإن ذلك العقد يُعد عقداً باطلاً لأنه يُعبر عن مظاهر السلطة العامة([25]) .
ومن بين الشروط الاستثنائية التي تفرض على جهة الإدارة، نجد مثلاً شرط الثبات التشريعي، هذا الشرط الذي تختص به عقود الدولة التي تبرمها مع الأشخاص الخاصة الأجنبية، ذلك أن المستثمر وتفادياً لكل التعديلات التي قد تقدم عليها الدولة في تشريعها الخاص الذي يكون سارياً على العلاقة المنظمة للطرفين -الدولة والمستثمر- كالزيادة في الأعباء الضريبية، أو قانون الشغل، أو قانون يُعقد مساطر الحصول على القروض البنكية، لأجل ذلك يتم إدراج شرط الثبات التشريعي من أجل عدم المساس بالعقد رغم تغير التشريع الذي أبرم في ظله.
بل وحتى القضاء المقارن في إحدى المناسبات التي عُرضت عليه في مجال التحكيم بالعقود الإدارية ذات الارتباط بالتحكيم اعتمد هذا المعيار، بحيث جاء في إحدى الاجتهادات القضائية الكويتية على إنه: ” وعلى ما جرى به قضاء هذه الهيئة أن يكون العقد الذي أبرمته الجهة الإدارية بوصفها تلك، قد تعلق بتسيير مرفق …أو تنظيمه أو استغلاله وأظهرت فيه الإدارة الأخذ بأسلوب القانون العام وأحكامه لاقتضاء …طرقها بطرق التنفيذ المباشر أو ضمنته شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص..”([26]).
كما إنه جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بدولة الكويت على إنه: “يتبين من العقد سند الدعوى أن المطعون ضدها قد أخذت فيه بأسلوب القانون العام سواءً فيما يتعلق بإجراءات التعاقد أو الشروط غير المألوفة في عقود القانون الخاص التي ضمنتها بنوده من غرامات توقعها بإرادتها المنفردة دون حاجة إلى اللجوء للقضاء لطلب توقيعها أو حق تكليف المتعاقد معها بعمل ما تراه لازماً لإتمام الأشغال، أو احتجاز نسبةً من مُستحقاته، كمحجوز ضمان لا يُرد للمتعاقد إلا بعد انتهاء التعاقد، وهي شروط تؤكد الصفة الإدارية لهذا العقد “([27]).
لذلك فهذه أهم الشروط التي يمكن أن تتوفر في العقد لكي يتم اعتباره ذي طبيعة إدارية، لكن إذا كنا قد أشرنا سلفاً أن العقد النفطي هو في الغالب يتضمن إلى جانب الإدارة مُستثمر أجنبي تكون في الغالب الأعم شركات عملاقة تشتغل في التنقيب واستخراج الثروات الطبيعية فإن هذا يحيلنا إلى مسألة أخرى حول ما هي أنواع العقود النفطية.
الفقرة الثانية: أنواع العقود النفطية
إن الحديث عن أنواع العقود النفطية يستدعي استحضار التطور الذي عرفته هذه العقود، حيث أنها كانت تأخذ في البداية شكل عقود الامتياز، تم عقود المشاركة في التنقيب والأرباح، ثم عقود الحفر والتشغيل لحساب الدولة.
أولا: عقود الامتياز:
إن مفهوم الامتياز استعمل قديماً، بحيث كان يطلق على الهدايا والخدمات التي كانت تقدم من طرف رئيس الدولة إلى بعض الفئات، ثم بعد ذلك ساد عنصر الخدمة أو المنفعة، ثم أصبحنا نتحدث عن العقد والصفقة التي يجري إبرامها بحرية تامة مع استمرار استعمال تسمية الامتياز ([28]).
وبصفة عامة فمفهوم الامتياز ينقسم إلى قسمين أساسيين، فالنوع الأول هو ما يطلق عليه الامتيازات الدبلوماسية، وغالباً ما تجرى بين الحكومات، أما النوع الثاني فيطلق عليها الامتيازات الاقتصادية، وهي التي ظهرت في مطلع القرن العشرين، حيث أن الدولة تكون فيها طرف إلى جانب المستثمر، وتنصب على المشاريع الكبرى مثل الموانئ و الطرق والماء و الكهرباء والمعادن والطاقة والنفط، وقد أعطيت له عدة تعاريف نذكر منها بأنه: “عقد تمنحه الدولة باعتبارها صاحبة السيادة لشخص ما، من أجل إمكانية استثمار مرفق عام أو مؤسسة لها صفة النفع العام” ([29]).
إلا إنه ثار خلاف حول الطبيعة القانونية للامتياز نفسه، فمنهم من ينادي بالطبيعة العقدية، ومنهم من يرى بأنه عبارة عن تعاقد لمصلحة الغير، ليتم القول بالطبيعة المختلطة أو المزدوجة أخيراً كرأي راجح في نظرنا؟
فالنظرية المزدوجة لم يتم التوصل إليها بسهولة إلا بعد نقاش طويل ومستفيض، حيث اعتبر جانب من الفقه خلال فترة معينة بأن هذه العلاقة هي عقد من عقود القانون المدني، ويخضع له تفسير ذلك بناءً على كون عقد الامتياز يتضمن تفويض من السلطة العامة لصاحب الامتياز الطرف المستثمر، بأشغال الملك العام، والقيام باستخلاص العائدات من المستفيدين من تلك الخدمة، مما يجعل ذلك عبارة عن تعاقد لمصلحة الغير، حيث أن الدولة باعتبارها صاحبة الامتياز فوضت لشخص من أشخاص القانون الخاص سلطة أو صلاحية لا تتوفر عادةً لأشخاص القانون الخاص، وذلك للقيام بما يتطلبه الصالح العام أو المرفق العام، حيث إن الأخذ بذلك -أي بفكرة العقد- ستكون مانعاً يحول دون تدخل الإدارة (الدولة) في تعديل شروط العقد، وهو الشيء الذي يمكن اعتباره يتعارض وفكرة المصلحة العامة، لأنه قد يحدث من الظروف ما يجعل تدخل الإدارة من أجل تعديل شروط منح الامتياز أو شروط العقد فيه مصلحةً عامةً .
لذلك سرعان ما تم انتقاد هذا التوجه لأن عقد الامتياز له خصائص النظام أو ما يمكن تسميته بقانون المرفق، بحيث أنه يتعلق بتنظيم وتشغيل المرفق وإقامة قواعده، حيث إنه لا يمكن أن يتفق والطبيعة العقدية، لذلك تم التوصل أخيراً إلى الاستنتاج القائل بالطبيعة المزدوجة لهذا العقد، فهو من جهة عبارة عن تنظيم يطغى فيه الجانب المالي، ومن جهة أخرى طريقة لإدارة مرفق عام، وهذا الأخير له احتياجات تتغير بحسب تغير الظروف ([30]).
لكن أمام الانتقادات التي وجهت لنظام الامتياز وما نتج عنه من شروط مجحفة في حق الدولة المنتجة، وكأنها أمليت من جانب واحد وصيغت بنودها بالشكل الذي يرضي فقط طرف واحد هو الشركات المستثمرة ([31]). ظهرت بعض الأشكال التعاقدية الجديدة كعقود المشاركة في التنقيب والأرباح، وعقود المقاولة، وعقود الحفر والتنقيب لحساب الدولة.
ثانياً: عقود المشاركة في التنقيب والأرباح:
أمام العيوب التي أظهرتها عقود الامتياز، فقد ظهر نظام المشاركة، الذي يُعتبر عبارة عن اتفاقيات تُبرم بين الدولة المنتجة للنفط وشركات النفط الأجنبية، حيث تقوم بموجبها شركات النفط الأجنبية باستثمارات مكثفة من أجل التنقيب والاكتشاف والاستخراج والإنتاج ثم التصدير ([32]).
وهذا العقد يُعتبر نوع من أنواع عقود الاستثمار المتوازنة، يُبرم بين الدول النامية والشركات المستثمرة، محاولاً تجنب العيوب التي كانت في ظل نظام الامتياز، حيث كانت الدول الاستعمارية تسخر الشركات الاستثمارية عن طريق نظام الامتياز( [33]).
هذا وتجدر الإشارة إلى أن عقود المشاركة هذه تأخذ عدة صور فهي إما أن:
تكون عن طريق تكوين شركة لها شخصية معنوية مُستقلة عن كل من الدولة والشركة الاستثمارية، ويوكل لهذه الشركة إنتاج وتسويق النفط، ويقوم الطرفين باقتسام الربح الصافي الذي تحققه هذه الشركة، وذلك حسب مساهمة كل طرف في رأس المال([34]).
يقوم هذا النوع على أن كُلاً من الطرفين تكون له حصة غير مفرزة في منطقة البحث والنفط المنتج دون القيام بتأسيس شركة، فالشركة المستثمرة تتولى القيام بجميع العمليات.
تأسيس شركة لها شخصية مُستقلة عن الطرفين لا تهدف إلى الربح وإنما تقوم فقط بجميع عمليات التنقيب والإنتاج مُقابل مبلغ مالي مُعين تدفعه الدولة، وتقوم هذه الشركة بتسليم النفط المنتج إلى كل من الدولة والشركة المستثمرة ([35]).
يشار في هذا الصدد إلى أن هذا النوع من العقود -أي عقود المشاركة- له العديد من المميزات منها، أن الدولة لا تتحمل مصاريف البحث والتنقيب خصوصاً في حالة الفشل بالبحث والتنقيب، أما في حالة النجاح في العثور على الحقل النفطي، فإن الشركة المستثمرة تقوم باسترداد ذلك من قيمة الإنتاج وفقاً لنسب مئوية يتم خصمها من قيمة الإنتاج حسب الاتفاق.
بالإضافة إلى الاستفادة من التكنولوجيا الأجنبية، بحيث نجد الدول صاحبة الثروات الطبيعية ليس لها الإمكانيات والوسائل الحديثة التي تمتلكها الشركات الأجنبية المتخصصة في هذا المجال.
زد على ذلك مراقبة الدول النفطية لعملية سير المشروع، وحصولها على قائمة المعلومات عكس نظام الامتياز، حيث كان ما يسمى بالاستعمار النفطي، ذلك أن الدولة كانت قد لا تعرف حتى حجم الحقول النفطية التي قد ثم اكتشافها.
ثم أخيراً التغلب على مُشكلة رأس المال، فغالباً ما كانت الدول النامية، وخصوصاً الدول العربية تجد صعوبة في رأس المال، وذلك من أجل القيام بعمليات البحث والاستخراج، مما كان يجعلها تلجأ دائماً إلى الاقتراض، وبالتالي إثقال كاهلها بالفوائد، لكن مع عقود المشاركة أصبح كل من الطرفين -أي الدولة والشركة المنقبة- يتحمل نصف رأس المال، بالإضافة إلى المدة الزمنية القصيرة لهذا النوع من العقود مُقارنة بعقود الامتياز، وكذلك الاستفادة من البنية التحتية.
ثالثاً: عقود الحفر والتشغيل لحساب الدولة (أو الخدمات النفطية):
يُعتبر هذا النوع من العقود الحديثة في مجال التعاقدات النفطية، ذلك أنه إذا كان البحث والتنقيب وإنتاج وتكرير النفط يحتاج إلى عدة مراحل، وإمكانيات مُهمة وتجهيزات متطورة، وبالتالي فإن الدول النفطية قد اعتمدت هذا النوع الذي يقوم على توزيع مشاق مراحل إنتاج النفط، بحيث نجد أن الدولة صاحبة هذه الثروات تتعاقد في كل مرحلة مع شركة مُعينة، مثل وجود شركة مُتخصصة في الصيانة وتشغيل المعدات، وشركة مُتخصصة في الخدمات الجوية وأخرى في النقل البحري وأخرى في تطوير الإنتاج …إلخ
ويتميز هذا النوع من العقود بالعديد من الخصائص ذلك أنه يقوم على فكرة مُلكية الدولة لثرواتها، والشركات المستثمرة تنتهي مُهمتها بمجرد انتهاء المرحلة المكلفة بها خلال فترة التنقيب عن النفط.
بحيث نجد في هذا النوع من التعاقد أن الدولة صاحبة النفط توكل مسألة الإنتاج إلى شركة لديها رأسمال كافً وخبرةً، إلا أن الدولة تحتفظ بملكية النفط وكذلك تكون لها سلطة التصرف فيه، مثل توجيه البيع إلى أي دولة تُريد ([36]).
كما أنه من بين ما يُميز هذا النوع من العقود أن الدولة صاحبة النفط تتحمل كافة مخاطر البحث والمصاريف، بحيث قد تفشل أو تنجح في ذلك، والدافع وراء ذلك تفادي المصاريف الباهظة التي تطلبها الشركات المتخصصة في هذا المجال.
إلا أن هذا النوع من التعاقد إذا كان يحقق مزايا للدولة صاحبة الثروات الطبيعية، فإنه بالمقابل إن العائد المالي للشركات المستثمرة في مجال النفط هو مُنخفض، ذلك أن هناك من يرى أن ذلك ينعكس سلباً على هذه الشركات التي تحتاج إلى إمكانيات مالية من أجل تطوير البحث في هذا المجال ([37]).
المطلب الثاني: أهلية طرفي العقود النفطية في اللجوء إلى التحكيم
لكي يقوم اتفاق ([38]) التحكيم في عقود النفط صحيحاً، فإنه يجب أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط، منها ما هو عائداً لأطراف التحكيم، كالأهلية لإبرام اتفاق التحكيم -شرط أو مشارطة التحكيم- في العقد النفطي، ومنها ما هو يتعلق بموضوع اتفاق التحكيم ذاته، أي المجالات التي تكون الدولة طرفاً فيها ويجوز الاتفاق بشأنها على التحكيم كوسيلة لفض المنازعات، لذلك فإن أهم الصعوبات التي قد تواجه التحكيم في عقود الاستثمار بشكل عام هي أهلية الدولة والشركات المستثمرة لأن تكون طرفاً في التحكيم.
الفقرة الأولى: أهلية الدولة في اللجوء إلى التحكيم في العقود النفطية
إن شروط التحكيم الواردة في عقود النفط تخضع مبدئياً للقواعد العامة الواردة في القانون المدني، ومن جانب أخر فهي تخضع كذلك للشروط التي وضعتها القوانين الداخلية الوطنية الخاصة بالتحكيم، خصوصاً فيما يتعلق بالتحكيم التجاري الدولي، لكن وعلى الرغم من ذلك تطرح العديد من الإشكالات في هذا الصدد، سببها الرئيسي يكمن في وجود الدولة كطرف -في هذا النوع من العقود- في العملية التحكيمية، لذلك فأول ما يُثار في هذا الصدد هو أهلية الدولة في اتفاق التحكيم.
حيث نتجت تغيرات مهمة حول مسألة أهلية الدولة في اللجوء إلى إدراج اتفاق التحكيم في عقود النفط، وارتبط ذلك بمدى صحة أن تكون الدولة أصلاً كطرف في العملية التحكيمية.
فبالرجوع إلى العديد من التشريعات الداخلية الوطنية للدول والتي نظمت التحكيم، فإننا نجدها تختلف فيما بينها من حيث تناول أهلية الدولة لإدراج اتفاق التحكيم -شرط أو مشارطة التحكيم- في العقود التي تكون طرفاً فيها، كما أنه ساد نقاش في فترة مُعينة حول مسألة منع ولوج الدولة إلى التحكيم وهل هذا المنع المتحدث عنه يتعلق بجميع أنواع التحكيم الذي تكون الدولة طرفاً فيه؟ أم أنه يمكن أن نستثني منه التحكيم التجاري الدولي؟
أولاً: النظام القانوني لأهلية الدولة لإبرام اتفاق التحكيم:
لقد كانت بعض الاتجاهات تذهب في هذا الصدد إلى المنع المطلق على الدولة لإدراج اتفاق التحكيم في العقود التي تكون هي أو أحد أشخاصها الاعتبارية العامة طرفاً فيه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن التشريع اللبناني كان يمنع على الدولة وأشخاص القانون العام بشكل صريح اللجوء إلى التحكيم، إلى حين صدور القانون رقم (440) بتاريخ 23/07/ 2002 الذي أجاز للدولة ولأشخاص القانون العام اللجوء إلى التحكيم أياً كانت طبيعة العقد موضوع النزاع، حيث ألغى ذلك القانون المادة (762) من قانون أصول المحاكمات اللبناني ([39])، كذلك الشأن بالنسبة للتشريع الفرنسي الذي كان سابقاً يمنع الدولة من اللجوء إلى التحكيم، وذلك من خلال نص المادة (73) من قانون المسطرة المدنية، الذي كان يقضي بعدم أهلية الأشخاص الاعتبارية العامة إلى اللجوء إلى التحكيم، وذلك نظراً لكون ذلك يدخل في مُنازعات مجلس الدولة، وأن ذلك مُتعلق بالنظام العام، ولا يجوز معه نزع الاختصاص لفائدة التحكيم.
إلا إنه في مرحلة ثانية نجد أن أغلب التشريعات أجازت للدولة أن تدرج اتفاق التحكيم في العقود التي تكون هي أو أحد أشخاصها الاعتبارية العامة طرف فيه، لكن الاختلاف كان من حيث الشروط التي قيدت تعاطي الدولة للتحكيم، كالحصول مثلاً على إذن أو ترخيص من بعض الجهات.
لذلك فإننا سنقوم بتناول هذه النقطة موضوع النقاش في دول المغربي العربي ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك النحو التالي:
إن التشريعات في دول المغرب العربي قد أجازت للدولة أو أحد أشخاصها الاعتبارية العامة اللجوء إلى التحكيم، فالمشرع المغربي كان قبل القانون رقم:08-05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والذي عدل وتمم قانون المسطرة المدنية، كان يمنع الدولة من اللجوء إلى التحكيم من خلال الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية القديم الذي كان ينص على أنه: “لا يجوز التحكيم في قضايا النظام العام وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود وأموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام”، وبعد التعديل أجاز المشرع المغربي ذلك من خلال الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية المغربي([40]) الذي جاء فيه على أنه : “لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية، غير إن النزاعات المالية الناتجة عنها، يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي، بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل (317) أدناه، يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو الوصاية المنصوص عليهما في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية”.
أما بالنسبة للمشرع التونسي فإنه قد تناول ذلك من خلال القانون رقم: 42 لسنة 1993 المؤرخ في 26 أبريل 1993 المتعلق بمجلة التحكيم المنشور بالرائد الرسمي عدد 33 بتاريخ 4 ماي 1993، حيث جاء في الفقرة الخامسة من الفصل رقم: 7 منه على إنه: “لا يجوز التحكيم في النزاعات المتعلقة بالدولة والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والجماعات المحلية إلا إذا كانت هذه النزاعات ناتجة عن علاقات دولية اقتصادية كانت أو تجارية أو مالية وينظمها الباب الثالث من هذه المجلة”.
كذلك بالنسبة للمشرع الموريتاني فقد تبنى نفس توجه المشرع التونسي من خلال قانون التحكيم رقم: 6 لعام 2000م المتعلق بمدونة التحكيم، حيث جاء في الفقرة الخامسة من المادة 8 منه على إنه: ” لا يجوز التحكيم: … في النزاعات المتعلقة بالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية إلا إذا كانت هذه النزاعات ناتجة عن علاقات دولية ذات طابع اقتصادي أو تجاري أو مالي المنظمة بالفصل 3 منه من هذه المدونة”.
أما المشرع الليبي فإنه لم ينص على ذلك، حيث إنه نص بالفصل رقم: 740 من قانون الإجراءات المدنية والتجارية المتعلق بالمسائل التي لا يجوز فيها التحكيم، حيث يتضح أنه لم يشر إلى مدى جواز التحكيم في النزاعات التي تكون الدولة طرفاً فيها واكتفى بالقول بأنه لا يجوز التحكيم في الأمور المتعلقة بالنظام العام والعمال والأمراض المهنية والتأمين الاجتماعي والأحوال الشخصية….
فالتساؤل الذي يطرح نفسه بشأن موقف المشرع الليبي في هذا الصدد هو هل يمكن القول بأن الأمور المتعلقة بالنظام العام تشمل النزاعات التي تكون الدولة طرفاً فيها؟
أما في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإننا نجد بأن المشرع الخليجي بشكل عام قد أفرد في القوانين المتعلقة بالتحكيم نصوصاً مُستقلة تنظم مسألة اتفاق التحكيم – شرط أو مُشارطة التحكيم-وذلك من حيث الموضوعات التي يجوز الاتفاق عليها، والتعريف باتفاق التحكيم وصوره، وأركانه وشروط صحته، وآثاره. إلا إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نجدها قد انقسمت إلى كتلتان مُختلفتان من حيث التشريعات المنظمة للتحكيم، حيث أستقلت كُلاً من المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ومملكة البحرين ودولة قطر في إصدار قوانين مُستقلة تنظم التحكيم بشكل عام، وذلك وفقاً لقواعد التحكيم الواردة في القانون النموذجي الذي وضعته لجنة القانون التجاري الدولي في الأمم المتحدة الأونسيترال (Uncitral)، بينما ظلت كُلاً من دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة تُطبق قواعد التحكيم الواردة في قوانينها المتعلقة بالمرافعات المدنية والتجارية ([41])، فالمشرع السعودي ([42]) والقطري ([43]) هما من بين قوانين وأنظمة التحكيم بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اللذان قد اشترطا مُوافقة رئيس مجلس الوزراء قبل إدراج شرط التحكيم في العقود التي تبرمها الجهات الحكومية بالمملكة العربية السعودية ودولة قطر.
ثانياً: مُعالجة قوانين الاستثمار الأجنبي للتحكيم:
نظراً لكون أن عقد النفط وإن كان له طابع خاص فإنه يعتبر من عقود الاستثمار فإننا ارتأينا مُعالجة قوانين الاستثمار الأجنبي للتحكيم في كل من دول المغرب العربي، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ وذلك على النحو التالي:
فالمشرع المغربي ومنذ سنة 1995م نص وبشكل واضح على جواز اللجوء إلى التحكيم في عقود الاستثمار، حيث نصت المادة (17) من القانون الإطاري رقم: 95-18 المعتبر بمثابة ميثاق الاستثمار الصادر بتاريخ 8 نونبر 1995م على إنه: ” يمكن أن تتضمن العقود بنوداً تقضي بفض كل نزاع قد ينشأ بين الدولة المغربية والمستثمر الأجنبي بخصوص الاستثمار وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في ميدان التحكيم الدولي”.
كما إنه جاء في المادة (33) من القانون رقم: 90-21 المتعلق بالبحث عن حقول الهيدرو كاربورات واستغلالها على إنه: ” يمكن أن تنص الاتفاقات النفطية على اللجوء الى التحكيم إذا كان أحد الأطراف شخصاً معنوياً أجنبياً وفي هذه الحالة تحدد الاتفاقات قواعد إجرائية تتفق والممارسات الدولية الخاصة بالتحكيم في النزاعات النفطية”.
لذلك فمن خلال القانون أعلاه يظهر بأن المشرع المغربي من جهة قد تنازل عن التمسك بالسيادة والحصانة في مواجهة العملية التحكيمية، والتي ستتم مناقشتها فيما بعد، وذلك في حدود الجزء الخاص بالاستثمار، حيث أن فترة صدور هذا النص صادفت أزمة اقتصادية وضغوطات المؤسسات المالية الدولية التي تفرض سياستها على الدول النامية ومن جهة أخرى فأن هذا النص قد تبنى المبدأ القاضي بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب بالأولوية على القانون الوطني قبل دستور 2011.
أما المشرع الليبي فقد نص في المادة: 24 المتعلق بالمنازعات من القانون رقم: 9 لسنة 2010م المتعلق بتشجيع الاستثمار على إنه : ” يُعرض أي نزاع ينشأ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮ اﻷﺟﻨﺒﻲ واﻟﺪوﻟﺔ إﻣﺎ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮ أو ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻹﺟﺮاءات اﺗﺨﺬﺗﻬﺎ ﺿﺪﻩ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎكم اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ، إﻻ إذا كانت هﻨﺎك اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺪوﻟﺔ، واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮ، أو اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﻣُﺘﻌﺪدة اﻷﻃﺮاف ﺗﻜﻮن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮ طرفاً ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ نصوصاً ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺼﻠﺢ أو اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ أو اﺗﻔﺎق ﺧﺎص ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮ واﻟﺪوﻟﺔ، ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺷﺮط اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ”.
وحيث يتضح أن المشرع الليبي فيما يخص مٌنازعات الاستثمار والتي تُعتبر مُنازعات عقود النفط منها، قد أسند كقاعدة عامة الاختصاص للبت في هذا النوع من المنازعات للقضاء الرسمي، وإنه يمكن اللجوء في ذلك إلى التحكيم إذا كانت هنالك اتفاقية بين الدولتين أو اتفاق خاص.
أما فيما يتعلق بموقف المشرع الموريتاني بخصوص التحكيم في مُنازعات الاستثمار، فقد نص في المادة 30 من القانون رقم 52 لسنة 2012م المعتبر بمثابة مدونة الاستثمار على إن: ” اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺗﺄوﻳﻞ أو ﺗﻄﺒﻴﻖ هﺬﻩ اﻟﻤﺪوﻧﺔ يتم ﺗﺴﻮﻳﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮاﺿﻲ، أو ﻋﻨﺪ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻔﺎهم ﺑﻴﻦ اﻷﻃﺮاف اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ أو ﺗﺒﻌﺎً ﻻﺧﺘﻴﺎر اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮ، أﻣﺎم اﻟﻤﺤﺎكم اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ وﻧﻈﻢ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، وﻓﻀﻼً ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻨﺰاﻋﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ أو المقاوﻻت المملوكة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ وﺑﻴﻦ ﺳﻠﻄﺎت اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ واﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻤﺪوﻧﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﻮى ﺑﺎﻟﺘﺮاﺿﻲ أو اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ وذﻟﻚ: إﻣﺎ ﺑﺎﺗﻔﺎق الطرفين وإﻣﺎ بالرجوع إﻟﻰ المعاهدات والاتفاقيات اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻤﺒﺮﻣﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﻮرﻳﺘﺎﻧﻴﺔ واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺤﺪر ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮ، وإﻣﺎ باللجوء إلى تحكيم اﻟﻐﺮﻓﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻮﺳﺎﻃﺔ واﻟﺘﺤﻜﻴﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ بموريتانيا، أو اﻟﻤﺮكز اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﺬي أنشئ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ”اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﺴﻮﻳﺔ اﻟﻨﺰاﻋﺎت المتعلقة ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات ﺑﻴﻦ اﻟﺪول ورﻋﺎﻳﺎ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى والتي صادقت عليها موريتانيا ﺑﺘﺎرﻳﺦ 18 ﻣﺎرس 1965م.
أما اتفاقية واشنطن لسنة 1965م المتعلقة بتسوية مُنازعات الاستثمار، فإنها تتطلب بعض الشروط الخاصة من أجل أن تتمكن الدولة من تحريك مسطرة التحكيم أمام مركز واشنطن لتسوية مُنازعات الاستثمار، والمنشأ بموجب هذه الاتفاقية، ومن بين هذه الشروط ما نصت عليه المادة (25) من هذه الاتفاقية بحيث يجب أن تكون الدولة من الدول الموقعة على الاتفاقية ([44]).
أما فيما يخص التشريع التونسي فالقانـون عدد 71 لسنة 2016م المتعلق بقانون الاستثمار فقد نص في الفصل رقم: 23 منه على إنه: ” يسوّى كل نزاع يطرأ بين الدولة التونسية والمستثمر بمناسبة تأويل أو تطبيق أحكام هذا القانون وفق إجراءات المصالحة إلا إذا تخلى أحد الأطراف كتابياً، وللأطراف حرية الاتفاق على الإجراءات والقواعد التي تحكم المصالحة”، حيث يتضح إنه بالنسبة للمشرع التونسي من خلال هذا القانون نص على أن المنازعات يتم تسويتها عن طريق المصالحة وأن التحكيم لا يتم اللجوء إليه إلا بعد تعذر التسوية عن طريق المصالحة([45]).
أما دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فإنها قامت هي أيضاً بسن تشريعات تتعلق بالمستثمر الأجنبي، وذلك بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، ونجد تلك التشريعات قد نظمت التحكيم، وذلك بأن اجازت الاتفاق على إحالة أي نزاع ينشأ بين المستثمر الأجنبي والدولة المستضيفة للاستثمار إلى هيئة تحكيم سواءً أكانت محلية أم دولية ([46]).
ففي المملكة العربية السعودية صدر المرسوم الملكي بشأن نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية ([47])، حيث نصت المادة (13) من ذلك النظام على إنه: “مع عدم الإخلال بأي اتفاقيات تكون المملكة العربية السعودية طرفاً فيها:
تتم تسوية الخلافات التي تنشأ بين الحكومة والمستثمر الأجنبي فيما له علاقة باستثماراته المرخص لها بموجب هذا النظام ودياً قدر الإمكان، فإذا تعذر ذلك يُحيل الخلاف حسب الأنظمة.
تتم تسوية الخلافات التي تنشأ بين المستثمر الأجنبي وشركائه السعوديين فيما له علاقة باستثماراته المرخص بموجب هذا النظام ودياً قدر الإمكان فإذا تعذر ذلك يحل الخلاف حسب الأنظمة.
فمن خلال نص تلك المادة يتضح بأن المشرع السعودي نظم التحكيم في حالة نشوء نزاع بين المستثمر الأجنبي والدولة المستضيفة للاستثمار، أو فيما بين المستثمر الأجنبي والمستثمر السعودي، بأن يتم حل الخلاف بالطريق الودي، وفي حالة تعذر الوصول إلى الحل الودي، فإنه يمكن حل الخلاف حسب الأنظمة، أي حسب بنود العقد المبرم بينهما فيما إذا تضمن اتفاق التحكيم -شرط أو مشارطة التحكيم- أو إلى أي وسيلة لحل النزاعات.
كما إن نظام التحكيم بالمملكة العربية السعودية قد نظم الاتفاق على التحكيم ([48])، حيث جاءت نص المادة (10) من نظام التحكيم السعودي على إنه:
لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا من يملك التصرف في حقوقه سواءً أكان شخصاً طبيعياً –أو من يمثله-أم شخصاً اعتبارياً.
لا يجوز للجهات الحكومية الاتفاق على التحكيم إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ما لم يرد نص نظامي خاص يُجيز ذلك.
وبناءً على ما تقدم، يتضح بأن المشرع في المملكة العربية السعودية أشترط موافقة رئيس مجلس الوزراء قبل إدراج شرط التحكيم في العقود التي تبرمها الحكومة أو من يمثلها من الأشخاص الاعتبارية العامة.
أما في سلطنة عُمان فقد نظم المشرع استثمار رأس المال الأجنبي، وذلك من خلال إصدار قانون خاص بذلك ([49])، حيث جاءت نص المادة (14) من ذات القانون على إنه:” يجوز الاتفاق على إحالة أي نزاع ينشأ بين مشروعات الاستثمار الأجنبي والغير إلى هيئة تحكيم محلية أو دولية”، فمن خلال نص تلك المادة فإن المشرع العماني قد أجاز صراحةً اللجوء إلى اتفاق التحكيم -شرط أو مشارطة التحكيم- وإحالة إي نزاع قد ينشأ بين المستثمر الأجنبي والغير سواءً أكان الغير دولة أو إحدى مؤسساتها الاعتبارية العامة، أو حتى الأفراد، وإحالته إلى هيئة تحكيم محلية أو دولية، وذلك استناداً إلى اتفاق التحكيم المبرم وفقاً للعقد.
كذلك فإن المشرع الكويتي قد نظم التحكيم في حالة الاستثمار الأجنبي، فقد صدر في عام 2013م قانون بشأن تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت ([50])، حيث نصت المادة (26) على إنه:” تكون المحاكم الكويتية وحدها هي المختصة بنظر أي نزاع ينشأ بين مشروعات الاستثمار والغير أياً كان. ويجوز الاتفاق على الالتجاء في هذا النزاع إلى التحكيم”.
أما في دولة قطر فقد صدرت قانون لتنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي ([51])، حيث نصت المادة (11) على إنه:” يجوز الاتفاق على حل أي نزاع ينشأ بين المستثمر الأجنبي والغير بواسطة هيئة تحكيم محلية أو دولية”.
الفقرة الثانية: أهلية الشركات المستثمرة في تحكيم العقود النفطية
لعل من أهم الاستثمارات التي غالبا ما تتعدى حدود الدول جُغرافياً، تلك العقود التي تبرمها الدولة مع أشخاص القانون الخاص، كالشركات الاستثمارية الكُبرى، التي تُكون الشركة الواحدة منها من خلال اندماج عدة شركات، بحيث تُشكل رأس مال عملاق يُستخدم في الاستثمار، كالشركات النفطية الأجنبية.
حيث إن أغلب الشركات في هذا الصدد ما نجدها تتخذ لنفسها شكل شركة مُساهمة، وهذا النوع من الشركات يمثلها قانونا رئيس مجلس الإدارة ([52])، وبالتالي هو من له صلاحية إبرام العقود، أما غيره فهو يحتاج لوكالة خاصة مكتوبة من أجل القيام بذلك، إلا أننا نجد أن هذه الشركات تكون مُتعددة الجنسيات، وتتعامل في إطار التجارة الدولية مما يطرح معه العديد من التساؤلات منها على سبيل المثال لا الحصر:
ما هو القانون الذي سيخضع له اتفاق التحكيم الذي تكون فيه هذه الشركات الاستثمارية، من حيث صحته وكل شروطه؟ وبالتالي يصبح النقاش يصب في إطار القانون الدولي الخاص مما يجعل العملية التحكيمية ككل مُهددة، وذلك تطبيقاً للمبدأ القائل بأنه إذا استحال عرض النزاع على التحكيم فإن شرط التحكيم يزول.
ثم أنه يطرح في هذا الصدد تساؤل أخر مفاده: هل يمكن القول بأن أهلية اللجوء إلى القضاء هي نفسها أهلية اللجوء إلى التحكيم؟
إن الأهلية المطلوبة في التحكيم هي أهلية القيام بتصرف قانوني، وتخضع للقواعد العامة المقررة في قانون الالتزامات والعقود، أما أهلية اللجوء إلى القضاء فهي أهلية إجرائية تخضع لقانون المسطرة المدنية، وإن الجزاءات المقررة في القوانين الإجرائية تختلف عن تلك المسطرة في قوانين الموضوع، ولو أن القانون الإجرائي هو من يبث الروح في القاعدة الموضوعية وينقلها من الجمود إلى الحركة.
المبحث الثاني: الصعوبات القانونية للتحكيم في عقود النفط
إن من أهم الصعوبات القانونية التي تواجه العملية التحكيمية في عقود النفط، والتي تكون الدولة دائماً طرفا فيها، تتجلى في مرحلة ما قبل بدأ إجراءات التحكيم وهي البحث عن القانون الواجب التطبيق، وفي مرحلة ثانية بعد البدء في مسطرة التحكيم.
فيثور التساؤل عن القانون الواجب التطبيق أمام المحكم، وذلك عندما يدفع أحد الطرفين أمام المحكم بعدم الاختصاص، استناداً إلى عدم وجود اتفاق تحكيم، أو بطلان اتفاق التحكيم، أو عدم شمول اتفاق التحكيم للنزاع المطروح أمامه، ففي هذا الفرض يتعين على المحكم البحث عن القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم للفصل في مدى صحة الدفع المثار أمامه من عدمه.
وتقتضي الدراسة تبيين الصعوبات الخاصة بالقانون الواجب التطبيق في تحكيم العقود النفطية (كمطلب أول)، ومن ثم نتحدث عن الصعوبات الخاصة بسيادة الدولة في تحكيم العقود النفطية (كمطلب ثاني).
المطلب الأول: الصعوبات الخاصة بالقانون الواجب
التطبيق في تحكيم العقود النفطية
يُثير اتفاق التحكيم المتعلق بعقود النفط تنازع القوانين شأنه في ذلك شأن أي اتفاق تحكيم يتعلق بأي عقد من العقود الاستثمارية ذات الطابع الدولي، وبالتالي يتعين البحث عن القانون واجب التطبيق على هذا الاتفاق.
إن مسألة تحديد القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم، نجدها قد تثور أمام القاضي الوطني أو أمام المحكم، فإذا أثيرت تلك المسألة أمام القاضي الوطني فإنه لا يجد أية صعوبات في معرفة وتحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، وذلك بحكم أن قواعد القانون الدولي الخاص في دولته هي التي تتولى تحديد هذا القانون، أما إذا ما تم عرض النزاع على المحكم ودفع الطرفين أمام المحكم بعدم اختصاصه، وذلك استناداً إلى عدم وجود اتفاق تحكيم، أو بطلان اتفاق التحكيم، أو عدم شمول اتفاق التحكيم للنزاع المطروح أمامه، فإن الإشكال يزداد تعقيداً في هذه الحالة، لأن المحكم ليس له قواعد اسناد يستعين بها في تحديد القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم، لأنه عكس القاضي لا يملك تلك القواعد التي يملكها القاضي ([53]).
لذلك ومن أجل التطرق لهذه الإشكالية، فإنه يجب مُعالجة ذلك من خلال التعرف على موقف الفقهاء وبعض الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطني التي قيلت في هذا الشأن.
الفقرة الأولى: القانون الواجب التطبيق من خلال المذاهب الفقهية
إن الفقه قد اختلف بشأن القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم، حيث انقسم في هذا الصدد إلى اتجاهين أساسين: الاتجاه الأول يدعو إلى تطبيق قانون دولة مقر التحكيم، بينما الاتجاه الثاني يدعو إلى الأخذ بقانون الإرادة المستقلة ([54]).
أولاً: الاتجاه القائل بخضوع اتفاق التحكيم لقانون دولة مقر التحكيم:
إن هذا الاتجاه يستمد أساسه من الطبيعة المختلطة للتحكيم، أي الطبيعة الاتفاقية (التعاقدية) والطبيعة القضائية في آن واحد، وبناءً على ذلك الاتجاه فإن قانون دولة مقر التحكيم هو الذي يجب أن يُطبق ويحكم التحكيم بشكل عام، بما في ذلك اتفاق التحكيم([55])، لكن وعلى الرغم من ذلك فهذا الاتجاه تلقى العديد من الانتقادات خصوصاً من جانب أنصار الاتجاه القائل بتطبيق قانون الإرادة.
ثانياً: الاتجاه القائل بخضوع اتفاق التحكيم لقانون الإرادة المستقلة:
يذهب هذا الاتجاه إلى القول بأن التحكيم في عقود النفط يجب أن يخضع لقانون الإرادة المستقلة، مُفضلاً إياه عن قانون الدولة مقر التحكيم، وذلك بحكم الطبيعة التعاقدية للتحكيم وأن لم يكن مُسلماً بها، فهي راجحة وغالبة في هذه المرحلة -مرحلة اتفاق التحكيم- على الطبيعة القضائية، فالتحكيم في هذا الإطار كيفما كانت صورته سواءً أكان اتفاق مُستقل أو شرط تحكيم مُدرج في عقد، فهو يبقى عقد ويجب أن يعامل مثله مثل باقي العقود الأخرى، ومن ثم فإن قواعد القانون الدولي الخاص التي تحكم العقود بصفة عامة هي التي تنطبق على اتفاق التحكيم، واستناداً لمبدأ سلطان الإرادة فإن القانون الذي يُطبق على اتفاق التحكيم هو القانون المختار من قبل الأطراف أنفسهم ، أي قانون الإرادة المستقلة ([56]).
لكن هذا الاتجاه يجد بعض الصعوبات في حالة عدم وجود الاختيار الصريح من قبل الأطراف، مما يطرح معه تساؤل عن القانون الذي يجب على المحكم اللجوء إليه. فهل يلجأ إلى قانون الدولة مقر التحكيم، أم إلى القانون المختار من قبل الأطراف ليطبق على موضوع النزاع؟ وبعبارة أخرى هل هنالك ارتباط بين القانون المطبق على موضوع النزاع والقانون المطبق على شرط التحكيم؟
بالنسبة لفرضية إخضاع التحكيم لقانون الدولة مقر التحكيم:
في هذه الحالة قد يكتفي الطرفين فقط بتحديد مقر التحكيم في دولة مُعينة دون الإفصاح الصريح عن القانون الواجب التطبيق على التحكيم، لذلك حسب أنصار قانون الإرادة المستقلة، فإنه يستخلص من ذلك إن إرادة الأطراف قد اتجهت نحو اختيار قانون هذه الدولة أي قانون دولة مقر التحكيم، حتى يُطبق على اتفاق التحكيم، خاصةً عندما يكون مقر التحكيم مركزاً دائماً للتحكيم، لكونه يُعد سنداً إضافياً لتطبيق قانون بلد هذا المركز التحكيمي ([57]).
بالنسبة لفرضية إخضاع التحكيم لقانون العقد موضوع النزاع:
فيما يخص فرضية إخضاع اتفاق التحكيم للقانون الذي يحكم العقد موضوع النزاع، فإنه وحسب الاتجاه المنتصر لقانون الإرادة المستقلة، واستناداً لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، فإن ذلك يعني إن اتفاق التحكيم يمكن أن يكون له إسناد مُستقل، وبالتالي فإنه يمكن للأطراف اختيار قانون ليحكم اتفاق التحكيم يختلف عن الذي يحكم العقد، وفي حالة سكوت الأطراف بشأن القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، فإن المحكمون في المقابل غير مُلزمين بتطبيق القانون المختار من قبل الأطراف ليحكم العقد موضوع النزاع على اتفاق التحكيم، لكن وعلى الرغم من ذلك فإن اختيار الأطراف لقانون معين لكي يطبق على العقد، فإنه يُعتبر دلالة قوية على اتجاه إرادتهم إلى اختيار هذا القانون من أجل أن يُطبق كذلك على اتفاق التحكيم ([58]).
الفقرة الثانية: القانون الواجب التطبيق من خلال الاتفاقيات الدولية
أولاً: اتفاقية نيويورك 1958 ([59]):
حسب مقتضيات نص المادة (5) من هذه الاتفاقية، فإنه لا يجوز رفض الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه، إلا إذا قدم الخصم المتمسك ضده بالحكم الدليل على أن “اتفاق التحكيم غير صحيح وفقاً للقانون الذي أخضع الأطراف الاتفاق له، أو عند عدم النص على ذلك، وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم”.
يُستنتج من هذا النص أن الاتفاقية أخذت بقانون الإرادة المستقلة، ومن ثم يتعين الرجوع أولاً إلى القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم اتفاق التحكيم، بمعنى أنها قد ذهبت في الاتجاه الثاني لخضوع اتفاق التحكيم لقانون الإرادة المستقلة، وفي حالة غياب الإرادة الصريحة من قبل الأطراف، فقد ألزمت الاتفاقية الأخذ بقانون الدولة التي قد صدر فيها حكم التحكيم، أي أنه في حالة غياب التحديد الصريح من قبل الأطراف لتحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، فإنه يوجد قانون مُختص احتياطي وهو القانون الذي قد صدر فيه حكم التحكيم ([60]).
إلا إنه وعلى الرغم من الحلول التي قدمتها هذه الاتفاقية إلا أنها تبقى مُقتصرة فقط على الاعتراف بالحكم التحكيمي وتنفيذه، بمعنى أنه في الحالة التي يعرض فيها الحكم التحكيمي أمام القاضي الوطني بمناسبة الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه. أي في مرحلة ما بعد صدور الحكم التحكيمي ليس إلا، ومن ثم يتعين عليه الرجوع إلى قانون هذه الدولة، علما بأن هذه القاعدة التي قررتها المادة أعلاه قاعدة إسناد لا قاعدة موضوع ولم تقدم في نظرنا حلولاً نهائية للإشكال المطروح.
ثانياً: اتفاقية جنيف 1961 ([61]):
نصت المادة (6/2) من هذه الاتفاقية على إنه: “تفصل محاكم الدول المتعاقدة في وجود أو صحة وجود اتفاق التحكيم فيما يتعلق بأهلية الأطراف وفقاً للقانون الواجب التطبيق عليهم، وفي المسائل الأخرى:
وفقاً للقانون الذي أخضع له الأطراف اتفاق التحكيم.
وفي حالة عدم اتفاق الأطراف، وفقاً لقانون البلد الذي يجب أن يصدر فيه حكم التحكيم.
3- وفي حالة عدم اتفاق الأطراف، وكان من غير الممكن معرفة البلد المحتمل أن يصدر فيه حكم التحكيم في اللحظة التي يكون فيها الأمر معروضاً على المحكمة القضائية، تفصل المحكمة وفقاً للقانون الذي تعينه قواعد التنازع في دولتها “.
كما جاءت نص المادة (9/1) على جواز رفض الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه إذا كان اتفاق التحكيم “غير صحيح وفقاً للقانون الذي أخضع له الأطراف اتفاق التحكيم، أو قانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم، في حالة عدم اتفاق الأطراف”.
فمن خلال هذين النصين يتضح أن هذه الاتفاقية أخذت بنفس الحلول التي سبق وأن أخذت بها اتفاقية نيويورك 1958م، حيث أنها قد تبنت قانون الإرادة المستقلة ليطبق على اتفاق التحكيم، وفي حالة عدم توافر الإرادة الصريحة تبنت الاتفاقية مسألة خضوع اتفاق التحكيم لقانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم.
وقد تناولت هذه الاتفاقية إشكالية القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم أمام القاضي الوطني وقبل صدور حكم التحكيم، حيث ميزت الاتفاقية بين حالتين: ففي الحالة الأولى: إذا كان من الممكن توقع البلد الذي سوف يصدر فيه حكم التحكيم، فإن قانون هذا البلد هو الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، والحالة الثانية: في حالة إذا لم يكن من الممكن توقع البلد المحتمل لصدور حكم التحكيم فيه، فإن القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم هو ذلك القانون الذي تعينه قواعد التنازع في المحكمة المعروض عليها النزاع، أي قواعد تنازع القوانين في قانون دولة القاضي.
ونشير في هذا الصدد أنه يمكن أن يدخل في مفهوم قانون الإرادة المستقلة حتى قواعد الشريعة الإسلامية كما جاء في إحدى الأحكام التحكيمية على إنه: “في النظام الانكلوساكسوني يمكن إخضاع الاتفاق لقانون ليس هو قانون الدولة بل يمكن أن يكون أي نظام قانوني محدد بشكل كافً وبما أن الأطراف قد أرادو الشريعة الإسلامية قانوناً يحكم اتفاقاتهم فيكون هو النظام المطبق على العقد “([62]).
ثالثاً: موقف القوانين الوطنية:
إن بعض التشريعات الوطنية المنظمة للتحكيم نجدها قد تعرضت لمسألة القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، كالقانون السويسري للتحكيم الدولي الخاص ([63]) الذي نص بالمادة (178/2) على إنه:” يكون اتفاق التحكيم صحيحاً من حيث الموضوع إذا توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون المختار من قبل الأطراف، أو القانون الذي يحكم موضوع النزاع (وخصوصاً القانون الذي يحكم العقد الأصلي)، أو القانون السويسري”.
حيث إنه من الملاحظ على النص السابق، بأنه يكفي لصحة اتفاق التحكيم أن تتوافر فيه الشروط الموضوعية التي يتطلبها أحد القوانين الثلاثة:
القانون المختار من قبل الأطراف.
القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع وخصوصاً العقد الأصلي، سواءً أكان هذا القانون مُختاراً من قبل الأطراف أو من قبل المحكمين.
القانون السويسري باعتباره قانون الدولة التي يجري التحكيم على إقليمها.
أما المشرع الأسباني فقد جاء بنص مُغير للنص الوارد بقانون التحكيم السويسري والجزائري، حيث نصت المادة (61) على إنه: “يحكم صحة اتفاق التحكيم وآثاره القانون المختار صراحةً بواسطة الأطراف بشرط أن توجد صلة بينه وبين العقد الأصلي، أو موضوع النزاع. وفي حالة تخلف الاختيار الصريح من قبل الأطراف، يُطبق القانون الذي يحكم العقد الأصلي الناشئ عن النزاع. وفي حالة عدم وجود هذا القانون، يُطبق قانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم. وإذا لم يكن من الممكن تحديد هذا القانون يُطبق قانون محل إبرام اتفاق التحكيم”، فكما هو واضح من النص فالمشرع الإسباني قد حدد بأنه يكفي لصحة اتفاق التحكيم أن تتوافر فيه الشروط الموضوعية التي يتطلبها أحد القوانين الأربعة التالية:
1.القانون المختار من قبل الأطراف، بشرط وجود صلة بين القانون المختار من قبلهم ليحكم اتفاق التحكيم والعقد موضوع النزاع.
القانون الذي يحكم العقد موضوع النزاع إذا كان هذا القانون مُحدداً.
3.قانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم.
قانون الدولة محل إبرام اتفاق التحكيم.
أما فيما يتعلق بقوانين التحكيم بالدول العربية بشكل عام، وقوانين التحكيم بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل خاص، فإنه من المآخذ التي تؤخذ على المشرع العربي بشكل عام، بأنه لم يُضمن تلك القوانين أي نص يتعلق بمسألة القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، بالرغم أن هذه المسألة قد تثور طبقاً لتلك القوانين أمام هيئة التحكيم أو حتى أمام القاضي الوطني، وذلك عندما يدفع أحد الأطراف بعدم اختصاصها استناداً إلى عدم وجود اتفاق التحكيم، أو بطلانه، أو سقوطه ([64])، أو حتى أمام القاضي الوطني بمناسبة الطعن في الحكم التحكيمي بالبطلان([65]).
من خلال ما تقدم، يتضح لنا بأن الفقه، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم، وبعض قوانين التحكيم الوطنية، قد عالجت مسألة القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم بالعقود النفطية بشكل خاص، وعقود الاستثمار بشكل عام، وهو إخضاع اتفاق التحكيم إلى قانون الإرادة المستقلة، وفي حالة تخلف قانون الإرادة فإنه يؤخذ بقانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم، أو قانون مقر التحكيم، أو قانون الدولة التي أبرم فيها اتفاق التحكيم.
المطلب الثاني: الصعوبات القانونية الخاصة بسيادة الدولة في عقود النفط
إن التفاوت القانوني والاقتصادي في مراكز الأطراف المتعاقدة، دفع الدول المتعاقدة إلى تأميم وتسكين العقد بموجب القانون الوطني للدولة المتعاقدة، كما دفع الشركات الأجنبية الاستثمارية إلى تدويل العقد، الأمر الذي أدى إلى تضمين العقود المبرمة بين المستثمر الأجنبي والدولة المستضيفة للاستثمار لشروط ذاتية كشرط الثبات التشريعي، وبالتالي غل يد الدولة عن المساس بالعقد وتجميده لفترة زمنية خلال فترة سريان العقد.
إن أهم الإشكالات التي تواجه العقود التي تكون الدولة طرفاً فيها بصفة عامة، وخاصةً تلك التي قد تتضمن اتفاق التحكيم في عقود النفط هي مسألة السيادة، ذلك أن الدولة عندما تريد عرقلة العملية التحكيمية فإنها تستعمل السيادة والحصانة القضائية، سواءً أكان ذلك في مواجهة القضاء، أو حتى في مواجه تنفيذ الأحكام؟
الفقرة الأولى: الدفع بالحصانة ضد التحكيم
إن أتفاق التحكيم يُرتب أثرين هامين، حيث يتمثل الأول: في الأثر الإيجابي المتمثل في منح المحكمين الاختصاص بالفصل في النزاع موضوع اتفاق التحكيم، بينما يتمثل الأثر الثاني في: الأثر السلبي المتمثل في سلب اختصاص المحاكم القضائية من نظر النزاع موضوع اتفاق التحكيم، فعلى ضوء تلك الآثار، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا المجال، هل اتفاق التحكيم يتعارض مع ما تتمتع به الدولة ومؤسساتها الاعتبارية العامة من حصانة قضائية وتنفيذية؟ وهل يجوز لها أن تتمسك بتلك الحصانة أمام المحاكم الوطنية أو أمام هيئات التحكيم؟
وبناءً عليه، فإننا سوف نوضح مدى أثر اتفاق التحكيم على حصانة الدولة القضائية، وكذلك أثره على حصانة الدولة التنفيذية.
أولاً: الدفع بالحصانة القضائية:
يُعد الدفع بالحصانة القضائية من المبادئ المستقرة في القانون الدولي، وهو مبدأ المساواة القانونية بين الدول أعضاء الجماعة الدولية، فقيام إحدى الدول أو أحد الأشخاص التابعين لها بمقاضاة الدول الأخرى، سواءً أكان ذلك أمام محاكمها الوطنية، أم أمام هيئات التحكيم، فإن ذلك كان يُعد إخلالاً بمبدأ المساواة بين الدول.
فتمسك الدولة بحصانتها وسيادتها ([66]) من أجل عرقلة العملية التحكيمية، أو من أجل التخلص من اتفاقها على الخضوع للتحكيم الذي قبلته صراحةً في عقد أو اتفاق التحكيم، فإنه يستمد أساسه من مبادئ القانون الدولي العام، ذلك أن هذا الأخير في هذه الحالة يلقي بضلاله على حسن سير العملية التحكيمية.
وفي هذا الصدد جاء قرار لمحكمة النقض الفرنسية، وذلك في إطار ملف عُرض عليها من أجل تذييل حكم تحكيمي بالصيغة التنفيذية، بشأن نزاع يتعلق بفسخ عقد توزيع حصري للمشروبات في أوروبا يتضمن شرط إحالة الاختصاص لمحاكم ولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكدت في حكمها على إنه:” … إذ أن موضوعه يقتصر فقط على معاقبة خرق التزام تعاقدي مُقرر سابقاً، لا يكون مُخالفاً للنظام العام الدولي، وحيث أن الحكم مبرر قانوناً، وبالتالي يقتضي رد الطعن”([67]).
في هذا الصدد يتجه أغلب الفقه([68]) للقول بأن الدولة عند إقدامها لقبول اتفاق التحكيم كالعقد النفطي، أو عقود الطاقة كعقد من عقود الاستثمار، فإن الدولة تكون بذلك قد تنازلت وبشكل ضمني عن حصانتها القضائية في حدود الموضوع الذي انصب عليه اتفاق التحكيم، وذلك بناءً على عدة أسس أهمها هو أن التحكيم نزاع من نوع خاص عن القضاء، ولا ينتمي إلى سُلطة أي دولة، وأن المحكم عندما يصدر حكمه فهو لا يصدره باسم أي دولة بل هو فقط يُنفذ المهمة التي عُهد إليه بها من طرفي العقد أي المستثمر الأجنبي والدولة، مما يعني معه أن ذلك ليس فيه مساس بحصانة الدولة في مُواجهة القضاء وسيادتها التي تملكها.
إلا إنه يجب التمييز بين حالتين لتحديد مدى تمتع الدول الأجنبية بالحصانة القضائية من عدمه، فمن جهة أولى الحالة التي تقوم فيها الدولة بتصرف ما بصفتها شخص من أشخاص القانون الدولي العام، وبين بعض التصرفات العادية التي تقوم بها بصفتها شخص من أشخاص القانون الخاص، بحيث أن الدولة لا تتمتع بالحصانة القضائية عند ممارستها لنشاط خاص إذا اتسم هذا النشاط بالطابع التجاري، فالدولة عند توقيعها على اتفاق التحكيم -شرط أو مشارطة التحكيم- فإنه يُشكل ذلك دلالةً ملموسةً على تنازلها عن الحصانة القضائية ([69]).
وفي هذا الصدد أصدرت محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية في باريس في أحد أحكامها وهي بصدد البت في نزاع يتعلق بأحد عقود استغلال حقول نفط الجمهورية الليبية، إذ قضت فيه بأن الدفع بالحصانة القضائية للدولة لا يتفق مع نظام التحكيم الذي يقوم على أساس تسوية النزاع بشكل رضائي من خلال اتفاق مُسبق بين أطراف القانون الخاص يشكل في حد ذاته تنازلاً عن حصانتها القضائية ([70]).
زد على ذلك إن إدراج اتفاق التحكيم -شرط أو مشارطة التحكيم- في العقد الذي تكون الدولة طرفاً فيه يكون في كثير من الأحيان دافعاً أساسياً إلى إقدام الشركات المستثمرة على التعاقد، إذ أنه لولا اتفاق التحكيم لما تعاقدت، ثم أن تمسك الدولة بحصانتها القضائية وسيادتها فيه خرقاً سافراً لمبدأ تراضي الطرفين وتنفيذ العقود بحسن النية وللتحكيم ككل لأنه يقوم على الإرادة.
ثانياً: الدفع بالحصانة ضد التنفيذ:
كما هو معلوم بأن الحصانة القضائية تهدف إلى الحيلولة دون مثول الدولة أمام القضاء الوطني لدولة أخرى، لما في ذلك من انتهاك لاستقلال الدولة وسيادتها، أما الحصانة التنفيذية فإنها تهدف إلى الحيلولة دون اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري ضد الدولة، لما ينطوي عليه من تهديد لاستقرار الحياة الدولية ([71]).
فالدولة إذا لم تُعرقل العملية التحكيمية قبل صدور الحكم التحكيمي، ولم تتمسك بالحصانة أو السيادة أثناء نظر النزاع، فإن ذلك قد يحدث في مرحلة تنفيذ الحكم التحكيمي، فهل يمكن اعتبار قبول الدولة باللجوء إلى التحكيم تنازلاً ضمنياً عن حصانتها ضد التنفيذ الحكم التحكيمي؟
في هذا الصدد ذهب البعض من الفقه ([72]) إلى القول بأنه يجب اقتراح بأن الدولة بمجرد قبول اتفاق التحكيم فإن ذلك يكون بمثابة تنازلها عن الدفع بحصانتها ضد التنفيذ، لأن القول بغير ذلك سيفرغ العملية التحكيمية ككل من فحواها وهذا الاتجاه نؤيده بدورنا لأنه ما الفائدة من اللجوء إلى التحكيم إذا كانت الدولة ستتحجج بسيادتها في مرحلة الحكم التحكيمي.
إلا أن هناك من ([73]) يذهب إلى القول بأن اتفاق التحكيم بذاته لا يُفيد في الدلالة على تنازل الدولة عن حقها في التمسك بالحصانة في مواجهة إجراءات التنفيذ بمعنى أن ذلك يجب أن يكون صراحةً.
وهذا الطرح تؤيده نص المادة (55) من اتفاقية البنك الدولي لتسوية مُنازعات الاستثمار، والتي أشارت إلى أن الدولة لا تتنازل عن حصانتها ضد التنفيذ عندما تختار الانضمام إلى عقد يتضمن شرط التحكيم، لكن يجوز إدراجه صراحةً بأن تتنازل عن حصانتها السيادية فيما يخص أموالها فيما يتعلق بالتنفيذ الجبري للحكم التحكيمي.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإنه يثار تساؤل آخر في نفس هذا الصدد مفاده هل يجوز للدولة المساس بالعقد بحكم سيادتها؟ وما هي ضمانات الطرف الآخر؟ وما مصير ما يسمى بشرط الثبات التشريعي إن وجد؟ وهل تملك الدولة حق تأميم نشاط استغلال النفط محل العقد؟
لذلك نشير إلى أن الدولة عندما تقدم على الانضمام إلى عقود النفط؟ فإن ذلك يكون من مُنطلق أن الدولة لها صفتان: فهي من جانب تحمل صفة المتعاقد الملتزم والملزم بتنفيذ جميع بنود العقد، ثم من جهة ثانية فهي تبقى دولة ذات سيادة لها اختصاصات تُمارسها طبقا لهذه الصفة فهي كدولة تُشرع القوانين وتتخذ القرارات، لكن الذي قد يحدث هو أن الدولة عندما تقوم بوظيفة من بين وظائفها باعتبارها دولة كتلك المشار إليها أعلاه، فإن ذلك قد يكون مُتناقضاً مع العقد الذي أبرمته كأن تقوم الدولة باستحداث نصوص قانونية أو تشريع ضرائب جديدة أو القيام بزيادة الحد الأدنى للأجور…
والأكثر من ذلك فإن الدول اعتادت أن تدرج في العقود التي قد تبرمها مع المستثمر نص مفاده أن التزامها بمقتضى هذا العقد لا يمكن أن يحد من اختصاصاتها وحقوقها باعتبارها دولة وصاحبة سيادة، لكن في المقابل فإن الطرف الآخر أي الشركة المستثمرة غالباً ما تتضرر عندما تقوم الدولة بسن تشريع قوانين أو إضافة بعض الأعباء أو الشروط…؟ مما يجعل الاعتبارات التي بنت عليها تلك الشركة مصالحها في الإقدام على التعاقد مع الدولة أصبحت في خبر كان.
إلا إنه وفي المقابل هناك بعض الشروط يتم إدراجها في عقود النفط لصالح الطرف المستثمر، مثل شرط الثبات التشريعي الذي تتعهد الدولة بمقتضاه بعدم تطبيق أي تشريع جديد على العقد، وشرط عدم المساس بالعقد الذي تلتزم الدولة من خلاله بعدم تعديل العقد بإرادتها المنفردة دون رضاء الطرف الأخر، مُستخدمة في ذلك الوسائل المتوفرة لها كسلطة عامة، رغم الخلاف المطروح حول مدى صحة إدراج هذه الشروط، والآثار التي يمكن أن تترتب عليها.
الفقرة الثانية: لجوء الدولة الى التأميم
لقد شكل انتشار بعض مبادئ الفكر الاشتراكي في العصر الحديث سبباً في اهتزاز تلك القداسة التي كانت للملكية الفردية وطابعها المطلق الذي ساد فترة من الزمن بظهور بعض الوسائل القانونية التي تؤدي إلى هيمنة الدولة على وسائل الإنتاج المختلفة، كتأميم([74]) المشروعات الكبرى المملوكة للخواص لتصبح ملكاً للجماعة الوطنية ([75]).
ففي العديد من المناسبات أقدمت بعض الدول مانحة الامتياز إلى ما يسمى بالتأميم، وقد شكل ذلك إشكالية أثارت العديد من النقاشات القانونية حول مشروعية اللجوء إلى التأميم؟
فالأساس القانوني الذي يقوم عليه التأميم هو مبدأ سيادة الدولة على ثرواتها، وهذه السيادة كما يرى جانب من الفقه ([76]) أنها نوعان: سيادة خارجية تتمظهر في عدم الخضوع لأي دولة أخرى، وسيادة داخلية وهي سلطتها على إقليمها، ومن بين مظاهر هذه السلطة إقدامها على إنهاء عقود النفط أو الامتياز عن طريق التأميم.
وفي هذا الصدد فإن من بين الأحكام التحكيمية التي ناقشت مسألة التأميم، تلك المتعلقة بالنزاع الذي ثار بين الشركة البريطانية للنفط والدولة الليبية، وذلك بعدما قامت هده الأخيرة باللجوء إلى التأميم بموجب قانون صدر عنها، يقضي بتأميم النشاط الذي كان موضوع العقد الرابط بين الطرفين، بحيث يتم نقل مُلكية نشاط الامتياز إلى شركة الخليج العربي للاستكشاف، ونص القانون على أن يتم تعويض الشركة البريطانية للنفط بالمبلغ الدي تقدره اللجنة، وبعد لجوء الشركة المؤممة الى التحكيم وفقاً لبنود عقد الامتياز، حيث أسست دعواها على مخالفة التأميم لنصوص العقد، وغياب دافع المصلحة العامة، وأن ذلك كان بدوافع سياسية وانتقامية، وطالبت بالتصريح بعدم شرعية التأميم، والاستمرار في تنفيد عقد الامتياز، وتوصلت الهيئة التحكيمية الى أن التأميم يُعتبر خرقاً للعقد يستوجب التعويض الكامل، جبراً للضرر وبرفض بقية الطلبات، مؤسسة قضائها على كون التأميم ينطوي على مخالفة الالتزامات التي يفرضها العقد فهو يُعتبر خرقاً له، وبالتالي مسؤولية الدولة الليبية وطبقاً لمبدأ السيادة ([77]).
ويستفاد من ذلك تكريس مشروعية التأميم مادام أن الحكم التحكيمي لم يستجب لطلب المدعية بالاستمرار في تنفيذ العقد، وبالتالي أن السلطة العامة هي الأساس القانوني للتأميم، والمصلحة العامة هي شرط لمشروعيته.
الخـــــــــاتمــــــــــــــــــــــــة
وختاماً فصفوة القول أنه إذا كان للتحكيم دور مهم في مجال تسوية المنازعات ذات الطبيعة الخاصة الدولية، فخضوع هذه المنازعات لقضاء التحكيم أثار خلافاً بين من يُدافع عن مصالح الشركات المستثمرة تذرعاً بمبدأ حرية المبادرة الفردية، وبين من يُدافع عن المصالح والثروات الطبيعية للدول النامية، تحت غطاء النظام العام الدولي والسيادة، لأجل ذلك ظهرت بعض التشريعات الخاصة كتلك المتعلقة بالاستثمار ،إلا إنه ونظراً للإشكالات التي قد يُثيرها التحكيم في عقود النفط، والتفاوت الواضح بين أطرافه، وأمام الفراغ التشريعي الذي يلاحظ على مستوى العديد من التشريعات، تبقى الوسيلة الأنجع لحل النزاعات الناجمة عن هذا الصنف من العقود هي اللجوء إلى التحكيم، ذلك أنه ينهل من القواعد القانونية التي تلائم الطبيعة الخاصة لمعاملات التجارة الدولية، ذلك أن المحكم كما قال أحدهم يرى العدالة بينما القاضي مكبل بالتشريع.
[1] – جاء في الفصل 2 من القانون المغربي رقم: 90-21 المتعلق بالبحث عن حقول الهيدرو كاربورات واستغلالها، الصادر في فاتح أبريل 1992 إنه: ” يراد في هذا القانون ب: الهيدروكاربورات: الهيدرو كاربورات الطبيعية السائلة أو الغازية أو الصلبة باستثناء الصخور النفطية، وتشمل النفط الخام والغاز الطبيعي على حد سواء …” ظهير شريف رقم: 118911 صادر في 27 رمضان 1412 موافق لفاتح أبريل 1992.
[2] – إن المقارنة بين القضاء والتحكيم تقودنا إلى القول بأن التحكيم هو قضاء أصيل، وظهر قبل القضاء فقد كان شيخ القبيلة هو من يقوم بالتحكيم والطعن في قراره، و عدم الامتثال له يعتبر تمرداً عن عادات وتقاليد القبيلة، وأن الرسول صل الله عليه وسلم قام بالتحكيم فيما يعرف بنزاع الحجر الأسود بين قبائل قريش قبل الإسلام، ثم جاء الإسلام ليزكي هذه الوسيلة الراقية لفض المنازعات والتي تعبر عن ثقافة النزاع في الشريعة الاسلامية بقوله تعالى في سورة النساء الآية (65): ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما”، وقوله تعالى بالآية (35) من سورة النساء: “وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها “.
[3] – القانون المغربي رقم: 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، حيث أن كل من دول المغرب العربي كما سنرى تتوفر على قوانين خاصة بالتحكيم أقرتها تشريعاتها من أجل مسايرة التطور الحاصل على الساحة القانونية ومن أجل تشجيع الاستثمار.
[4] – نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/34) بتاريخ 24/5/1433ه، وقد انضمت المملكة العربية السعودية إلى اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لعام 1958م، بالمرسوم الملكي رقم (م/11) بتاريخ 17/7/1414هـ.
[5] – قانون التحكيم في المُنازعات المدنية والتجارية بسلطنة عُمان رقم: 47 لسنة 1997م الصادر في 22 صفر 1418هـ الموافق 28 يونيو 1997م، وقد انضمت سلطنة عمان إلى اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لعام 1958م، وذلك بالمرسوم السلطاني رقم: 36/1998م.
[6] – قانون التحكيم التجاري الدولي بمملكة البحرين الصادر بالمرسوم بقانون رقم: 9 لسنة 1994م الصادر في 16/8/1994م، الذي ألغي وحل محله قانون التحكيم في مملكة البحرين، الصادر بالقانون رقم: (9) لسنة 2015م، الصادر في 18 رمضان 1436هـ الموافق 5 يوليو 2015م، وقد انضمت مملكة البحرين إلى اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لعام 1958م، وذلك بمرسوم بقانون 4 لسنة 1988م مع التحفظ.
[7] – قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية بدولة قطر رقم: 2 لسنة 2017م، الصادر في الديوان الأميري بتاريخ 19/5/1438هـ الموافق 16/2/2017م، الذي ألغي وحل محله قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم: (2) لسنة 2017م، الصادر في الديوان الأميري بتاريخ 19/5/1438هـ الموافق 16/2/2017م، وقد انضمت دولة قطر إلى اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لعام 1958م، وذلك في 30 ديسمبر 2002م.
[8] – مرسوم بقانون رقم: (38) لسنة 1980م، الصادر في 20 رجب 1400هـ، الموافق 4 يونيو 1980م، بشأن إصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية بدولة الكويت، الباب الثاني عشر المتعلق بالتحكيم، المواد من (173- 188)، وقد انضمت دولة الكويت إلى اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لعام 1958م، وذلك بمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 1978م.
[9] – القانون رقم (11) لسنة 1992م، بشأن إصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية بدولة الامارات العربية المتحدة، المواد من (203- 218) الباب الثالث المتعلق بالتحكيم، المنشور بالعدد رقم (235) من الجريدة الرسمية، الصادرة في 8/3/1992م، وقد انضمت دولة الامارات العربية المتحدة إلى اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها لعام 1958م، وذلك بتاريخ 21 أغسطس 2006م بدون تحفظات، ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 19 نوفمبر 2006م.
[10] – الملاحظ في الآونة الأخيرة أن المعاملات التي تكون الدولة أو أحد مرافقها طرفاً فيها تنصب في شكل بعض الأنواع الجديدة من العقود بحيث أصبحنا نتحدث عن الصفقات العمومية وعقود الشراكة بين القطاع العام والخاص وعقود B.O.T و M.O.O.T و B.O.O وB.L. T و D.B.F.O..
[11] – يطلق على عقود النفط تسميات عديدة فقد أطلق عليها بعض الفقهاء اصطلاح الاتفاقيات البترولية أو الاتفاقيات النفطية، أو اتفاقيات التنمية الاقتصادية، أو الاتفاقيات الشبه الدولية: أنظر: أحمد عشوش، “النظام القانوني للاتفاقيات البترولية في البلاد العربية”، دار النهضة العربية، 1985، ص 20.
[12] – في هذا الصدد جاء في الرسالة الملكية الموجهة الى الوزير الأول آنذاك حول موضوع التدبير المتمركز للاستثمار بتاريخ 9 يناير 2002 ” ينبغي مواصلة الجهود لتحديث إدارة العدل ومراجعة مساطر التسوية التوافقية لما قد ينشأ من منازعات بين التجار وذلك لتمكينهم من اللجوء أكثر ما يمكن الى التحكيم”: أنظر: أحمد عشوش، “النظام القانوني للاتفاقيات البترولية في البلاد العربية”، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985، ص 20.
[13]– حفيظة السيد الحداد، “العقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجانب: تحديد ما هيتها والنظام القانوني الحاكم لها”، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، ط2، 2007م،ص8.
[14]– إبراهيم الدسوقي أبو الليل، “نظرية القانون”، الكويت، 1996م، ص70-71.
[15]– حفيظة السيد الحداد، مرجع سابق، ص 8-9.
[16] – على الرغم من تعدد مصادر الطاقة التي برزت في القرن الماضي كالطاقة الشمسية والطاقة النووية والهيدروجين المستخلص من الماء وطاقة الرياح فالنفط يبقى أهم مصدر من هذه المصادر.
[17] – كدول شرق أسيا وشمال إفريقيا ودول أمريكا اللاتينية.
[18]– عزيزة الشريف”، القانون الإداري 2- النشاط الإداري (الضبط الإداري-المرفق العام) ، مؤسسة دار الكتب، الكويت، 2000م، ص96.
[19]– عزيزة الشريف”، مرجع سابق، ص98.
[20] – وهناك من ُيعرف العقد الإداري بأنه:” العقد المبرم بواسطة أحد أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بأن يتضمن العقد شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص”.
[21] – G jehll : le commerc inetrnatinal de technologie, approche juridique ,ed ,L.T ,paris 1985 p 28.
[22] -PH le bolanger ; les contrats entre Etats et Entreprise étrangers, Economica,paris 1985 Pi page 718.
[23]– محمد فؤاد عبدالباسط،” القانون الإداري”، الإسكندرية، دار الفكر، ص473.
[24]– أحمد عثمان عياد،” مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية”، القاهرة، دار النهضة العربية، 1973م، ص5.
[25]– عزيزة الشريف”، مرجع سابق، ص 138.
[26]– هيئة التحكيم القضائي، طلب التحكيم رقم 4 – صادر بتاريخ 23/03/1998 منشور بمجلة التحكيم العالمية العدد 10 -2011 الصفحة 412.
[27] – قرار لمحكمة الاستئناف التحكيم القضائي (تجاري) رقم 368 صادر في 19/12/1999 منشور بمجلة التحكيم العالمية العدد 1 يناير 2009 الصفحة 443، مع الاشارة الى أن هذا القرار صدر بمناسبة طعن في حكم تحكيمي عرض على القضاء وتم ابطاله بسبب عدم امكانية اللجوء الى التحكيم في المنازعات الإدارية في القانون الكويتي.
[28] – للتوسع يراجع: غسان رباح، العقد التجاري الدولي – العقود النفطية-“، مطبعة دار الفكر اللبناني، 1988، الصفحة :147 وما يليها.
[29] – أورده غسان رباح، مرجع سابق، الصفحة 149.
[30] – للتوسع: عبد الباري أحمد، “النظام القانوني للعقود البترولية”، الطبعة الأولى، ص 13.
[31] – للتوسع أنظر: هاني محمد كامل المنايلي، “اتفاق التحكيم وعقود الاستثمار البترولية”، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى، الصفحة 117.
[32] – هاني محمد كامل، مرجع سابق، ص103.
[33] – يعتبر قانون البترول الإيراني الصادر في 1957 أول تشريع يتبنى عقود المشاركة بين الدول الشرق الأوسط.
[34] – هاني محمد، مرجع سابق الصفحة 107.
[35] – في هذا الصدد أبرمت عدة دول عربية عقود من هذا النوع نذكر منها عقد الرابط بين حكومة العربية السعودية مع شركة البترول اليابانية في 1957 على أن تساهم الحكومة السعودية بنسبة 10 في المئة من رأس المال دون أن يتم إنشاء كيان جديد…
[36] – هاني محمد كامل فضل المنايل، ص 139.
[37] – هاني محمد كامل، م س، ص 141.
[38] – تجدر الاشارة في هذا الصدد الى أن اتفاق التحكيم قد يكون شرط تحكيم أو عقد تحكيم حسب الفقرة 2 من الفصل 307 من قانون المسطرة المدنية المغربي التي نصت على أنه: ” يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم “.
[39] – غالب غنام، “الدولة بين الخضوع للتحكيم والتحرر منه”، مقال منشور بمجلة التحكيم العالمية العدد 13 يناير 2012 الصفحة 18
[40] – الباب الثامن (التحكيم والوساطة الاتفاقية) من قانون المسطرة المدنية بمثابة قانون رقم: 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394هـ الموافق 28 شتنبر 1974م، المنشور بالجريدة الرسمية عدد (2303) مكرر بتاريخ 30 شتنبر 1974م، ص 271.
[41] – فقانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية بسلطنة عُمان الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (47) لسنة 1997م بتاريخ 22 صفر 1418هـ الموافق 28 يونيو 1997م، فقد نصت المادة الأولى من ذلك القانون على انه: “…تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة هذه العلاقة التي يدور حولها النزاع… الخ”، أما المشرع السعودي فقد نص بالمادة (10/2) من نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/34) بتاريخ 25/5/1433هـ، على انه ” لا يجوز للجهات الحكومية الاتفاق على التحكيم إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ما لم يرد نص نظامي خاص يُجيز ذلك”، وكذلك الحال بالنسبة للمشرع القطري حيث نص بالمادة (2/2) من القانون رقم: 2 لسنة 2017م بشأن إصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر في الديوان الأميري بتاريخ 19/5/1438هـ الموافق 16/2/2017م على أنه: ” يكون الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية بموافقة رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه”. أما في التشريع الكويتي فتوجد ثلاثة أنواع من التحكيم في القانون الكويتي الأول هو التحكيم “الاتفاقي” الذي ينظمه قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية رقم 38 لسنة 1980 في الباب “الثاني عشر” بالمواد من 173 إلى 188(وأحكام المحكمين فيه لا تقبل الطعن عليها بالاستئناف، إلا إذا اتفق المحتكمون على خلاف ذلك. ويجوز إقامة دعوى ببطلان حكم التحكيم بالشروط وفي المواعيد المحددة بالمادتين 186 و187 مرافعات)، والثاني هو التحكيم “القضائي” الذي ينظمه قانون التحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية رقم 11 لسنة 1995(وأحكام المحكمين فيه لا تقبل الطعن عليها إلا بالتمييز، وفقاً للحالات المحددة وبالشروط وفي المواعيد المحددة بالمادتين 10 و11 من ذلك القانون. ولا يجوز إقامة دعوى ببطلان أحكامها في جميع الأحوال)، والثالث وفقاً للنظام الخاص بالتحكيم بمعاملات سوق المال الذي أصدره مجلس المفوضين الذي ينظمه قانون إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية رقم 7 لسنة 2010 بالمادة 148، ولائحته التنفيذية.
[42] – حيث نصت المادة (10/2) من نظام التحكيم بالمملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/34) بتاريخ 24/5/1433هـ على أنه:” لا يجوز للجهات الحكومية الاتفاق على التحكيم إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ما لم يرد نص نظامي خاص يجيز ذلك.
[43] – كما نصت المادة (2/2) من قانون التحكيم رقم (2) لسنة 2017م بشأن إصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية بدولة قطر الصادر في الديوان الأميري بتاريخ 19/5/1438هـ الموافق 16/2/2017م، على أنه:” يكون الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية بموافقة رئيس مجلس الوزراء، أو من يفوضه”.
[44] – تجدر الاشارة في هذا الصدد أن هذه الاتفاقية صادقت عليها المملكة المغربية سنة 1966.
[45] – تنبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أنه بالنسبة للمشرع المغربي فإنه يميز بين الصلح والمصالحة والوساطة بحيث أنه بالرجوع إلى القانون 08.05 يتضح أنه يعالج إلى جانب التحكيم الوساطة الاتفاقية، حيث جاء في الفصل رقم: 327-55 من قانون المسطرة المدنية والذي قد تم تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم: 08.05 حيث نص على إنه: “يجوز للأطراف لأجل تجنب أو تسوية نزاع الاتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل ابرام صلح ينهي النزاع” بحيث يتضح أن الصلح هو نتيجة للوساطة الاتفاقية علما أن الوساطة القضائية لها مقومات أخرى وأنه بخصوص المصالحة فقد تبنتها مدونة الشغل المغربية بحيث تعتبر وسيلة من وسائل فض منازعات الشغل الجماعية.
[46] – لقد صادقت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست على اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار لعام 1965م حسب أقدمية التصديق(الكويت بتاريخ 04/03/1979، السعودية بتاريخ 07/06/1980، الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 22/01/1982، سلطنة عمان بتاريخ 23/08/1995، البحرين بتاريخ 15/03/1996، ثم قطر بتاريخ 20/01/2011)، ومن بين الدول العربية الأخرى التي صادقت على تلك الاتفاقية: الجزائر، جمهورية مصر العربية، المغرب، السودان، تونس، الأردن، سوريا، لبنان، جمهورية اليمن، أنظر: www.icsid.worldbank.org
[47]– المرسوم الملكي رقم: م/1 بتاريخ 5/1/1421هـ ، 2000م، بشان الاستثمار الأجنبي بالمملكة العربية السعودية.
[48]– نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/34) بتاريخ 24/5/1433هـ.
[49]– المرسوم السلطاني رقم: 102 لسنة 1994م بإصدار قانون استثمار رأس المال الأجنبي بسلطنة عُمان، الصادر في 11 جمادى الأولى 1415هـ الموافق 16 من أكتوبر 1994م.
[50]– القانون رقم: 116 لسنة 2013م بشأن تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت.
[51]– القانون رقم: 13 لسنة 2000م بشأن تنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي بدولة قطر.
[52] – جاء في الفقرة الأولى من المادة 102 من قانون شركات المساهمة المغربي ما يلي: تخول لمجلس الإدارة الجماعية أوسع السلط للتصرف باسم الشركة في جميع الظروف، ويزاولها في حدود غرض الشركة مع مراعاة السلطة المخولة صراحة بمقتضى القانون لمجلس الرقابة وجمعيات المساهمين. القانون 17-95 الجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1417 (17 أكتوبر 1996) ص 2320.
[53] – سراج حسين أبو زيد، مرجع سابق، ص 236.
[54] – خالد إبراهيم التلاحمة، “القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم التجاري الدولي، جهينة للنشر والتوزيع، 2006، ص 17.
[55] – وقد تأثر بهذه النظرية مجمع القانون الدولي في التوصية التي أصدرها بمناسبة انعقاده بأمستردام في عام 1957م، حيث نصت المادة الخامسة من هذه التوصية على أن صحة اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم تكون محكومة بالقانون النافذ في الدولة مقر التحكيم، انظر: سراج حسين أبو زيد، مرجع سابق، ص237.
[56] – سراج حسين أبو زيد، مرجع سابق، ص 239.
[57] – سراج حسين أبو زيد، مرجع سابق، ص 241.
[58] – إبراهيم أحمد إبراهيم، التحكيم الدولي الخاص، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، 1997، ص 64.
[59] – المتعلقة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية منشورة بالموقع التالي http://www.uncitral.org تم الولوج إليه في 01 أكتوبر 2014 على الساعة 22:00.
[60] – سراج حسين أبو زيد، مرجع سابق، ص 243.
[61] – الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي وقعت في 1961م، ودخلت حيز التطبيق في 1965م، منشورة بالموقع التالي http://www.drmmahran.com تم الولوج في 1 أكتوبر 2014 على الساعة 23:30.
[62] – حكم تحكيمي منشور بمجلة التحكيم العالمية العدد 3 – يوليو 2009 الصفحة 248.
[63] – القانون السويسري للتحكيم الدولي الخاص، الصادر ي 18 ديسمبر 1987م، كما أخذ بذات النص القانون الجزائري للتحكيم الصادر في 23 أبريل 1993م، استناداً لنص المادة (458/1) مكرر.
[64] – حيث نصت معظم قوانين التحكيم العربية على إنه:” تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعد اختصاصها، بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق التحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع”، كقانون التحكيم المصري والعماني استناداً لنص المادة (22/1)، والمادة (20/1) من النظام السعودي.
[65] – كما نصت معظم قوانين التحكيم العربية على حالات قبول دعوى بطلان حكم التحكيم، والتي نصت على أنه” لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية: أ. إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قابلاً للأبطال أو سقط بانتهاء مُدته”، كقانون التحكيم المصري والعماني استناداً لنص المادة (53/1)، والمادة (50/1) من نظام التحكيم السعودي.
[66] – يمكن تعريف السيادة بأنها: تمتع الدولة بالاستقلال الخارجي في مواجهة الدول الأخرى، مع امتلاكها في الداخل إدارة الحكم، وإصدار القوانين واللوائح وتنفيذها وقدرتها على منع الدول الأخرى من التدخل في شؤونها الداخلية، وإلا اعتبرت دولة ناقصة السيادة تعريف منشور بالموقع الالكتروني التالي http://www.f44g.com/ ثم الولوج إليه في 14 -05-2014 على الساعة 23:30.
[67] – قرار لمحكمة التمييز الفرنسية، الغرفة المدنية الأولى، قضية رقم 16.549-08، بتاريخ 14 أكتوبر2009، منشور بمجلة التحكيم العالمية العدد السابع، تموز (يوليو) 2010م، السنة الثانية، ص 631.
[68] – حفيظة السيد الحداد، مرجع سابق، ص278.
[69] – حفيظة السيد الحداد، مرجع سابق، ص278.
[70] – “le tribunal considére que l’argument tiré par l-Etat de son immunté n’est pas pertinent dans consenssuel de règlement des différent til que l’arbitrage fondé sur l’acceptation préalable par les parties de tote décision rsultant du procés arbitre le dés qu’un etet accepte un obligation de cet order a l’egoral d’une partie privé une telle acceptation constitue en soi une renociation a l’immunité »
حكم تحكيمي أوردته سهام السويني: التحكيم في حل منازعات نقل التكنولوجيا رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة شعبة القانون الخاص وحدة التكوين والبحث أنظمة التحكيم كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا جامعة محمد الخامس السنة الجامعية 2007/2008 الصفحة 157.
[71] – حفيظة السيد الحداد،” الموجز في القانون القضائي الخاص الدولي”، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي بدون تاريخ نشر، ص174- 175.
[72] – محمد عبد العزيز علي بكر، فكرة العقد الإداري عبر الحدود، دراسة في النظام القانوني للعقود المبرمة بين الدول والأشخاص الأجنبية، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص478.
[73] – حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق، ص283.
[74] – ويمكن تعريف التأميم بأنه: “نقل ملكية قطاع معين إلى ملكية الدولة أي تحويله إلى القطاع العام“، وهي مرحلة تمر بها الدولة المستقلة عادة في إطار عملية نقل الملكية وإرساء قواعد السيادة بحيث تقوم الدولة بإرجاع ملكية ما يراد تأميمه إلى نفسها.
[75] – هشام على صادق،” الحماية الدولية للمال الأجنبي مع اشارة خاصة للوسائل المقترحة لحماية الاموال العربية في الدول الغربية” الدار الجامعية للطباعة والنشر، دون ذكر سنة الطبع، ص 20.
[76] – محمد كامل ليلة،” النظم السياسية”، دار الفكر العربي، القاهرة، 1972، ص 30.
[77] – أورده عثمان السعيد المحيشي، “دراسة قانونية حول التحكيم في عقود الامتياز النفطية”، مقال منشور بمجلة التحكيم العالمية العدد 10 -2011 الصفحة 127.
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
دراسة قانونية مقارنة حول التحكيم في مُنازعات عقود النفط