دور المحكمة الجنائية الدولية في حماية الممتلكات الثقافية
-حالة مالي أنموذجا –
د.عصام بارة، أستاذ محاضر قسم ب، كلية الحقوق -جامعة باجي مختار-عنابة، الجزائر
ملخص
قد تتعرض الممتلكات الثقافية خلال فترات النزاع المسلح إلى التدمير والتخريب، الأمر الذي يُعد انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي الإنساني، ويرقى إلى أن يكون جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي. ومن ثم ،جاء هذا البحث لتسليط الضوء على الدور الذي تضطلع به المحكمة الجنائية الدولية كجهاز قضائي قمعي في حماية هذه الممتلكات، وذلك من خلال تتبع الإجراءات التي اتخذتها في إطار محاكمة “المهدي الفقي” (حالة مالي)، باعتبارها أول قضية تتعلق بالممتلكات الثقافية تنظر فيها المحكمة.
الكلمات المفتاحية: المحكمة الجنائية الدولية، الممتلكات الثقافية.
Abstract:
During the periods of armed conflict, cultural property may be destroyed and vandalized, which is a serious violation of international humanitarian law and may amount to a war crime under the Rome Statue.
So this research will attempt to shed light on the role played by the ICC as a repressive judicial organ in the protection of such property by tracking the procedures that have been taken by the court during the trial of El-faki case (Mali situation),as a first case concerning cultural property to be considered by the court.
Key words: International Criminal Court, cultural property.
مقدمة
تُعد مسألة حماية الممتلكات الثقافية خلال فترة النزاعات المسلحة من صميم اهتمامات القانون الدولي الإنساني، ليس فقط باعتبارها أعيانا مدنية، إنما لما يُمثله التراث الثقافي من أهمية في حياة الشعوب، لكونه يُجسد حضارتها ويُعبر عن هويتها وقيمها الثقافية، فضلا عن أنه إرثاً مشتركًا للإنسانية جمعاء.
نظرا للاعتداءات المستمرة التي تعرفها الممتلكات الثقافية خلال فترة النزاعات المسلحة سواء كانت ذات طابع دولي أو غير دولي، عبر العصور المختلفة، فقد تزايد اهتمام القانون الدولي الإنساني بهذه الممتلكات، حيث عرفت حمايتها القانونية تطورا ملحوظا.
تعود البوادر الأولى لهذه الحماية إلى اتفاقية لاهاي لعام 1907 المتعلقة بالحرب البرية حيث نصت المادة 27 منها على ضرورة التزام أطراف النزاع باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المباني المخصصة لأداء الشعائر الدينية، وكذا الفنون والعلوم والآثار التاريخية. غير أن هذه المادة قصرت التزام الدول على بذل العناية فقط دون أن يتعدى ذلك إلى تحقيق نتيجة، مما قد يؤدي إلى انتهاك الدول المتنازعة للممتلكات الثقافية، متعذرة بأنها بذلت الجهود اللازمة لحمايتها.كما نصت المادة 56 من ذات الاتفاقية على منع حجز والإضرار بالأملاك والمنشآت المخصصة للعبادة وأعمال الفنون، كما أقرت بوجوب متابعة الأشخاص الذين يرتكبون هذه الانتهاكات. إضافة إلى ذلك، فقد اعتبرت اللجنة المعنية بمسؤولية المتسببين في الحرب وإنفاذ العقوبات، التي أنشئت عام 1919، أن التدمير الغاشم للمباني والآثار الدينية والخيرية والتعليمية والتاريخية جريمة حرب(([1])). زيادة على ذلك، فقد أكدت اتفاقيات جنيف لسنة 1949 على ضرورة إسباغ هذه الأعيان بحماية خاصة باعتبارها أعيانا مدنية(([2])).
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، اعتمدت منظمة اليونسكو اتفاقية لاهاي لسنة 1954 وكانت هذه الاتفاقية أول معاهدة دولية تهدف إلى حماية التراث الثقافي في سياق الحرب، حيث سلطت الضوء على مفهوم الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية(([3]))، كما رصدت نوعين من الحماية لهذه الممتلكات في حالة النزاع المسلح، حماية عامة(([4])) وحماية خاصة(([5])). كما شدد البرتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف على ضرورة حماية الممتلكات الثقافية(([6])).
إزاء عدم فعالية نظامي الحماية العامة والخاصة في تحقيق الحماية المنشودة للممتلكات الثقافية، سعى المجتمع الدولي إلى إيجاد نظام جديد يكفل حماية قانونية تكون أكثر فعالية لهذه الممتلكات، وهو ما تم فعلا؛ حيث تمكن المجتمع الدولي تحت مظلة اليونسكو عام 1999 من تبني برتوكول ثاني ملحق باتفاقية لاهاي لعام 1954، تضمن نظاما جديدا للحماية إذ يتعلق الأمر بالحماية المعززة للممتلكات الثقافية.
أهم ما جاء به هذا البرتوكول، إقراره إلى جانب مسؤولية الدول، مسؤولية الأشخاص الذين يقومون بالاعتداء على الأعيان الثقافية، مكرسا بذلك المسؤولية الجنائية الدولية لهؤلاء الأفراد، حيث عددت المادة 15 من هذا البرتوكول الأفعال التي تعتبر جريمة دولية حال ارتكابها من أحد الأشخاص عمدًا، وهي:
استهداف ممتلكات ثقافية مشمولة بالحماية المعززة بالهجوم.
استخدام ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة، واستخدام جوارها المباشر في دعم العمل العسكري.
إلحاق دمار واسع النطاق بممتلكات ثقافية محمية بموجب الاتفاقية وهذا البرتوكول أو الاستيلاء عليها.
استهداف ممتلكات ثقافية محمية بموجب الاتفاقية وهذا البرتوكول بالهجوم.
ارتكاب سرقة أو نهب أو اختلاس أو تخريب للممتلكات الثقافية محمية بموجب الاتفاقية.
تأسيساً على ذلك، فإنه يقع على الدول الأطراف التزام بملاحقة أو تسليم كل الأشخاص المتهمين بارتكاب هذه الأفعال إعمالا لمبدأ الولاية العالمية الإلزامية(([7]))، كما يقع على عاتق القضاء الدولي الجنائي ممثلاً في المحكمة الجنائية الدولية متابعة ومقاضاة هؤلاء الأفراد.
على الصعيد العملي، تنظر المحكمة الجنائية الدولية في إطار حالة جمهورية مالي، في أول قضية تتعلق بتدمير ممتلكات ثقافية، حيث شهدت مالي منذ جانفي 2012، نزاع مسلح غير دولي، في مرحلة أولى بين القوات الحكومية ومختلف الجماعات المسلحة المنظمة(([8]))، وبين هذه الجماعات دون تدخل القوات الحكومية في مرحلة ثانية.
خلال سيطرتها المؤقتة على شمال البلاد، قامت جماعات جهادية مسلحة بتدمير 14 ضريحا واقعة في مدينة ” تومبكتو”، كان أغلبها مدرجا على لائحة اليونسكو للتراث العالمي(([9]))، وأمام خطورة الوضع، أدرجت اليونسكو في 28 جوان 2012، مدينة ” تومبكتو” على قائمة تراث في خطر، من اجل تعزيز التعاون وتقديم الدعم لهذه المواقع التي يتهددها النزاع المسلح القائم في تلك المنطقة(([10])).
أدان مجلس الأمن هذه الاعتداءات من خلال القرار 2056(2012)، الذي اتخذه بموجب الفصل السابع من الميثاق، حيث شدّد على أن الهجمات على مبان مكرسة لأغراض دينية أو آثار تاريخية يُمكن أن تُشكل انتهاكات للقانون الدولي قد تقع تحت طائلة البرتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما حث مجلس الأمن جميع الأطراف في مالي على القيام فورا باتخاذ الخطوات المناسبة من أجل كفالة حماية مواقع التراث العالمي لمالي(([11])).
على المستوى الإفريقي،خلال مؤتمر قمة عُقد في واغادوغو(بوركينافاسو)، طلب فريق الاتصال التابع للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الجرائم التي اقترفها المتمردون في شمال مالي، مع الإشارة بوجه خاص إلى تدمير الآثار في “تومبكتو”، كما حث فريق الاتصال المحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيق وتحديد مرتكبي هذه الجرائم والشروع في اتخاذ إجراءات تجاههم(([12])).
في ظل هذه الدعوات الملحة لتدخل المحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة الأشخاص المتهمين بتدمير الآثار التاريخية في مالي، يطرح هذا البحث الإشكالية التالية:
إلى أي مدى يمكن للمحكمة الجنائية في إطار وظيفتها القمعية أن توفر حماية للممتلكات الثقافية؟
يتم معالجة هذه الإشكالية، من خلال تحليل نصوص نظام روما الأساسي وكذا الممارسة العملية للمحكمة، بتتبع الإجراءات التي اتخذتها هذه الأخيرة على حالة جمهورية مالي. وتحديدا قضية “أحمد الفقي المهدي”، حيث يكون ذلك بالتطرق إلى النقاط الآتية:
أولاً:موقف نظام روما الأساسي من استهداف الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة.
ثانيا:الإجراءات التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية قبل مرحلة المحاكمة ( حالة مالي).
ثالثا: الإجراءات التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية خلال مرحلة المحاكمة(حالة مالي).
أولاً: موقف نظام روما الأساسي من استهداف الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة
تطرق نظام روما الأساسي إلى فعل استهداف الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة حيث أدرجه ضمن الجرائم التي تدخل في نطاق الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية(([13]))، وبالتالي قيام المسؤولية الجنائية الدولية تجاه الأشخاص الذين يشتبه في ارتكابهم هذا الفعل، ومن ثم، يتم توضيح موقف النظام الأساسي من خلال تجريم هذا الفعل والمسؤولية الجنائية الدولية الفردية الناشئة عنه.
تجريم فعل الهجوم على الأعيان الثقافية المحمية
سبق للنظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا السابقة، أن جرم هذا الفعل في محاولة لتنفيذ حماية للممتلكات الثقافية،حيث نص من خلال المادة 3 منه على تجريم أي مساس بهذه الممتلكات، معتبراً أن أي مصادرة أو نهب أو تدمير أو إضرار متعمد بالمؤسسات المكرسة للأنشطة الدينية والأعمال الخيرية والتعليم والفنون، والآثار والأعمال الفنية والعلمية، يُعد جريمة حرب(([14])).
أما بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية، فقد اعتبر نظام روما الأساسي أن تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية، فعلاً يُشكل جريمة حرب. سواء تم إتيان هذا الفعل خلال النزاعات المسلحة الدولية وفقا لنص المادة 8 فقرة(2)-(ب)-(9)، أو خلال النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي استنادا لنص المادة 8 فقرة(2)-(ه)-(4).
على هدي ما تقدم، يتبين أن نظام روما الأساسي لم يُحدد بصورة كافية ودقيقة المقصود بالآثار التاريخية، إلا أن مؤدى نص المادة 8 يُشير إلى اعتبار أن الاعتداء على هذه الآثار يُمثل جريمة حرب(([15])). إضافة إلى ذلك، فإن النظام يكون قد أضفى مزيدا من الحماية على الممتلكات الثقافية عندما جرم الهجمات التي تقع عليها، مقارنة بالنظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا السابقة، الذي يجرم تدميرها وإلحاق أضرار متعمدة بها، حيث يقتضي الأمر أن يلحق بالممتلك الثقافي ضرر أو تلف فعلي.
لم يتطرق نظام روما الأساسي من خلال الفقرتين السابقتين للمادة 8 إلى أركان هذه الجريمة، بينما بينت لائحة أركان الجرائم(([16])) ذلك، وينبغي الإشارة في هذا الصدد، إلى أن أركان الجريمة متطابقة، ويكمن الفرق الوحيد في طبيعة النزاع.
تقوم جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على أعيان محمية على الأركان التالية:
أن يُوجه مرتكب الجريمة هجوماً.
أن يكون هدف الهجوم واحدًا أو أكثر من المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، أو الآثار التاريخية، أو المستشفيات، أو الأماكن التي يُجمع بها المرضى والجرحى، والتي لا تُشكل أهدافاً عسكرية.
أن يتعمد مرتكب الجريمة جعل هدف الهجوم هذا المبنى أو المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، أو الآثار التاريخية، أو المستشفيات، أو الأماكن التي يُجمع بها المرضى والجرحى، والتي لا تُشكل أهدافاً عسكرية.
أن يصدر السلوك في سياق نزاع مسلح دولي أو نزاع مسلح ذي طابع غير دولي، ويكون مقترناً به.
أن يكون مرتكب الجريمة على علم بالظروف الفعلية التي تُثبت وجود نزاع مسلح.
نظراً لكون الحالة في مالي هي أول قضية تطبق فيها المحكمة المادة 8 فقرة(2)-(ه)-(4) من نظام روما الأساسي، رأت الدائرة التمهيدية الثامنة، أن الحال يقتضي تفسير أركان هذه الجريمة، حيث وضحت الدائرة أن ركن توجيه الهجوم” يشمل أي أعمال عنف تقع على الأعيان المحمية، ولن تُميَّز بينها وفقا لما إذا كانت قد ارتُكِبت أثناء العمليات الحربية أم بعد سيطرة الجماعة المسلحة عليها. فهذا التميز لم يرد في النظام الأساسي. ويُجسد ذلك الصفة الخاصة التي تحظى بها الأعيان الدينية والثقافية والتاريخية وما يُماثلها من أعيان، وينبغي للدائرة أن لا تُعدَّل هذه الصفة بوضع لم يُنص عليه في النظام الأساسي. والحال أن القانون الدولي الإنساني يحمي الأعيان الثقافية بصفتها تلك من الجرائم التي تُرتكب في أثناء المعركة وخارج إطارها(([17])).”
بالنسبة للركن الرابع لهذه الجريمة، تأكدت الدائرة من أن نزاعاً مسلحاً ذا طابع غير دولي كان قائماً في مالي خلال الفترة المعنية، وحيث أن أحد أركان الجريمة يتطلب أن يصدر السلوك في سياق نزاع مسلح ذي طابع غير دولي ويكون مقترنا به، فإن الدائرة قد فسرت ذلك على أن “السلوك” هو الهجوم على الأعيان الثقافية وأن هذا الركن لا يقتضي وجود صلة معينة بينه وبين الأعمال الحربية بل أن يكون مقترناً بالنزاع المسلح غير ذي الطابع الدولي عموماً(([18])).
قيام المسؤولية الجنائية الدولية الفردية المترتبة عن استهداف الممتلكات الثقافية
بتجريم نظام روما الأساسي لفعل توجيه هجمات على الممتلكات الثقافية خلال فترة النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، يكون بذلك قد وضع هذا الفعل في مصاف الجرائم الدولية التي تُثير قلق المجتمع الدولي، والتي يجب ألا تمر دون عقاب.يترتب عن ذلك، قيام المسؤولية الجنائية الدولية تجاه الأشخاص الذي يشتبه بارتكابهم هذه الجريمة ويقع على المحكمة الجنائية الدولية مقاضاتهم، حال عزوف وعجز القضاء الوطني المختص عن القيام بذلك، استنادًا لمبدأ التكامل الذي يقوم عليه عمل المحكمة(([19])).
من هذا المنطلق، فإنه يمكن للمحكمة مساءلة الشخص جنائيا عن هذه الجريمة ومعاقبته إذا ثبت ارتكابه لها، سواء اقترافها بنفسه، أو بالاشتراك مع غيره، أو عن طريق شخص أخر، أو بالأمر أو بالإغراء على ارتكابها، أو تقديم العون أو التحريض أو المساعدة على ارتكابها(([20])). علاوة على ذلك، فإن منصب الشخص أو صفته الرسمية لن تعفيه بأي حال من الأحوال من مسؤوليته الجنائية المترتبة عن اقتراف هذه الجريمة(([21])).
ثانيا:الإجراءات التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية قبل مرحلة المحاكمة (حالة مالي)
استناداً لنص المادة 14 من نظام روما الأساسي، قام وزير العدل لجمهورية مال بتوجيه رسالة متضمنة إحالة الوضع في مالي إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، باعتبار مالي دولة طرف في النظام الأساسي(([22])). يتعلق موضوع الإحالة بالجرائم الخطيرة التي يُشتبه بارتكابها على إقليم دولة مالي منذ جانفي 2002، مع إقرار وزير العدل باستحالة ملاحقة القضاء الوطني المالي للمشتبه بارتكابهم هذه الجرائم(([23])).بإخطار المحكمة تشرع هذه الأخيرة في مباشرة إجراءات التحقيق من خلال أجهزتها المخول لها ذلك بموجب نصوص النظام، تتمثل في المدعي العام والدائرة التمهيدية.
الإجراءات التي اتخذها المدعي العام
اهتم مكتب المدعي العام بالحالة في مالي منذ اندلاع أعمال العنف في شمال البلاد، حيث أصدر بيانا في 24 أفريل 2012 ذكّر فيه بأن جمهورية مالي دولة طرف في نظام روما الأساسي وأن المحكمة مختصة بمقاضاة مرتكبي جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة التي يمكن أن تكون قد ارتكبت على إقليم دولة مالي(([24])). كما أصدر بياناً أخر في 1 جويلية 2012، أشار فيه إلى أن فعل توجبه هجمات ضد ” أضرحة الأئمة المسلمين” الموجودة في تومبكتو وتعمد إلحاق الضرر بها يمكن أن يُشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي(([25])). بإحالة الوضع في مالي إلى مكتب المدعي العام، يشرع هذا الأخير في التحقيق، ليقوم بعد ذلك بتحديد القضايا المتعلقة بهذه الحالة مع توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم ويطلب من الدائرة التمهيدية استصدار أمر يكفل حضور هؤلاء الأشخاص.
الشروع في التحقيق
قبل اتخاذ قرار فتح تحقيق من عدمه، قام مكتب الإدعاء بفحص أولي للمعلومات الواردة إليه منذ إحالة الوضع في مالي إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث تنوعت مصادر هذه المعلومات من صور فوتوغرافية، مقاطع فيديو وشهادات موثقة جمعتها البعثات التي أوفدها المكتب إلى أربعة بلدان(([26])).
توصل المدعي العام إلى قناعة بضرورة الشروع في فتح تحقيق بخصوص الحالة في مالي، ولدى اتخاذه قرار في هذا الشأن، أصدر مكتبه تقريرا يوضح الأسس التي بني عليها هذه القناعة استنادا لنص المادة 53 من نظام روما الأساسي(([27])). فيما يتعلق بمسألة الاختصاص، أشار المكتب إلى أن جمهورية مالي دولة طرف في النظام، ومن ثمة يمكن للمدعي التحقيق في الجرائم المزعوم ارتكابها في هذه الدولة، كما يمكن للمحكمة أن تُمارس اختصاصها القضائي بموجب المادة 12 فقرة (2) من النظام، إضافة إلى ذلك، فقد رأى مكتب المدعي أن المعلومات المتاحة تُشير إلى أن هناك أساس معقول للاعتقاد بأن جرائم حرب قد ارتكبت في مالي منذ جانفي 2012، والتي من بينها الهجمات العمدية الموجهة ضد ممتلكات محمية وفقا للمادة 8 فقرة (2)-(ه)-(4)(([28])).
فيما يخص مسألة المقبولية، أشار التقرير إلى أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات قضائية وطنية في مالي تجاه الأشخاص الذين يبدو أنهم يتحملون المسؤولية الجنائية الأكبر عن الجرائم التي يُحقق فيما مكتب المدعي العام.و بالتالي، فإن القضايا التي يمكن أن تنشأ عن التحقيق في هذه الحالة ستكون مقبولة وفقا لنص المادة 53 فقرة (1)-(ب).
بالنسبة لخطورة الجريمة ومصالح العدالة، أكد التقرير أنه وفقا للمعلومات المتاحة، فإن الإدعاءات المشار إليها في هذا التقرير تبدو كافية لتبرير الإجراءات والتدابير التي اتخذتها المحكمة على أساس تقييمها وطريقة عملها وما يترتب عليها من أثار، كما أنه لا توجد أسباب جدية تدعو للتفكير بأن الشروع في التحقيق من شأنه أن يتعارض مع مصالح العدالة(([29])).
توجيه الاتهام إلى السيد ” أحمد الفقي المهدي“
أسفرت التحقيقات التي قام بها مكتب الادعاء عن أول قضية متعلقة بالحالة في مالي تمثلت في قضية “أحمد الفقي المهدي”(([30])) الذي حمله المدعي العام المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في شن هجوم منصوص عليه في المادة 8 فقرة (2)-(ه)-(4) من النظام الأساسي، حيث تعمد شن هجمات ضد مبان مخصصة للأغراض الدينية وآثار تاريخية لم تكن أهدافاً عسكرية في تمبكتو(([31]))، في الفترة ما بين 30 جوان 2012و 11 جويلية 2012، ويُعد بعضها جزءا من التراث الثقافي المحلي وتتمتع بالحماية بموجب قوانين دولة مالي، كما تتمتع بالحماية الدولية باعتبارها مواقع تراث إنساني عالمي(([32])).
أشار الادعاء إلى أن الهجوم ضد هذه الآثار كان في السياق الجغرافي والزمني للنزاع المسلح غير الدولي في مالي كما اتصلت هذه الهجمات اتصالا وثيقا بالنزاع(([33])). حيث انخرط المهدي في كل مراحل الخطة المشتركة، وهي: مرحلة التخطيط، مرحلة الإعداد ومرحلة التنفيذ. واعتبر المهاجمون الآثار التاريخية والمباني المخصصة للأغراض الدينية التي هاجموها منكراً ظاهراً، لأجل ذلك دخل تدميرها ضمن اختصاص الحسبة،و أشرف المهدي، الذي كان قائدا للحسبة طوعا على الهجمات التي شُنّت على هذه المباني المخصصة للأغراض الدينية والآثار التاريخية(([34])).
وضح المدعي العام أن المهدي وأفراد آخرين، كانوا يلتزمون بالخطة المشتركة التي أسهم فيها، على النحو الأتي: أشرف على الهجوم، ووجّه الرجال الذين كانوا تحت إمرته في الحسبة، وأشرف على المهاجمين الآخرين الذين جاؤوا للمشاركة في العمليات كما طلب تعزيزات أحيانا لشن الهجوم، وأدار الجوانب المالية والمادية بغية شن الهجوم بنجاح، واختار وسائل التدمير التي ستستخدم بحسب الموقع كما كان موجودا في جميع المواقع التي هجمت، وأعطى تعليمات للمهاجمين وقدم الدعم المعنوي لهم(([35])).
أكد المدعي العام على توافر شرط القصد لدى المهدي، وقد انخرط في السلوك محل الدعوى المتمثل في الهجوم على المباني المخصصة للأغراض الدينية والآثار التاريخية في تمبكتو مع المشاركين الآخرين في الخطة المشتركة. وكان لديه قصد الهجوم على هذه المباني المستهدفة وتدميرها إضافة إلى قصد المساهمة في ارتكاب شركائه الجريمة(([36])).زيادة على ذلك، توافر لدى المهدي أيضا شرط العلم الكافي فكان يعلم أن المباني المستهدفة مخصصة للأغراض الدينية ولها طابع تاريخي ولم تُشكل أهدافاً عسكرية(([37])).
تأسيسا على ما تقدم ،رأى مكتب المدعي العام أنه ينبغي توجيه الاتهام إلى “الفقي المهدي” بناءا على مسؤوليته الجنائية بموجب المادة 25 فقرة (3)-(أ) باعتباره مشاركاً مباشراً في ارتكاب الجريمة، والمادة 25 فقرة (3)-(ب) لإغرائه بارتكاب الجريمة وتشجيعه على ارتكابها، والمادة 25 فقرة (3)-(ج) لتقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل أخر لغرض تيسير ارتكاب الجريمة، والمادة 25 فقرة (3)-(د) للمساهمة بأي طريقة أخرى في قيام جماعة من الأشخاص يعملون بقصد مشترك لارتكاب هذه الجريمة.علاوة على ذلك، رأى المدعي العام أن “المهدي” يتحمل أيضا المسؤولية الجنائية بموجب المادة25 فقرة (3)-(أ) لكونه مرتكبا مباشراً للجريمة، نظرا لمشاركته البدنية في الهجوم الذي شُن عمدا على بعض الأضرحة(([38])). وعليه، توجه المدعي العام إلى الدائرة التمهيدية طالبا منها إصدار أمر بالقبض على “أحمد المهدي الفقي”.
2– الإجراءات التي اتخذتها الدائرة التمهيدية
وفقا لنظام روما الأساسي تقوم الدائرة التمهيدية بفحص طلب المدعي العام والأدلة التي قدمها، ثم تُقرر فيما إذا كانت ستصدر أمرا بالقبض من عدمه أو تكتفي بإصدار أمر بالحضور(([39])). في قضية الحال، استجابت الدائرة لطلب المدعي العام وأصدرت أمر بالقبض على “أحمد المهدي الفقي” كما عقدت جلسة اعتماد التهم.
إصدار أمر القبض
بتاريخ 18 سبتمبر 2015، أصدر القاضي المفرد الذي يضطلع بأعمال الدائرة التمهيدية الأولى بخصوص حالة مالي، أمراً بالقبض على السيد “أحمد المهدي الفقي”.حيث أكدت من خلاله الدائرة على أنه بعد دراسة طلب الإدعاء والأدلة المرفقة، توصل القاضي إلى قناعة باعتماد معيار الإثبات المنصوص عليه في المادة 58 فقرة (1)-(أ) من النظام الأساسي إلى وجود ” أسباب معقولة للاعتقاد” بأن الشخص قد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة(([40])).
تحديدا، توصلت الدائرة إلى قناعة مفادها أن الوقائع المزعومة من قبل الإدعاء، قد حدثت أثناء نزاع مسلح غير دولي، عرفته تمبكتو في الفترة ما بين 30جوان 2012و 10 جويلية 2012 ،حيث كانت المدينة تحت سيطرة مطلقة للجماعات المسلحة. كما ذكّرت الدائرة بأن المباني والآثار التي تعرضت للهجوم كانت محمية ومُدرجة ضمن قائمة التراث العالمي من قبل اليونسكو(([41])).
توصل القاضي المفرد في ضوء الوقائع ذات الصلة بالقضية، إلى قناعة بأن الأدلة التي قدّمها المدعي العام، تُشكل أسبابا معقولة للاعتقاد بأن السيد المهدي الفقي مسؤول جنائيا، لارتكابه بشكل فردي أو بالاشتراك مع آخرين جرائم حرب في تمبكتو، التي تتمثل في الهجمات الموجهة عمدا ضد المباني الدينية و/أو الآثار التاريخية، على النحو المبين في طلب الادعاء ووفقا للمواد 8 فقرة (2)-(ه)-(4)، 25فقرة (3)-(أ)، 25فقرة (3)-(ج) و25فقرة (3)-(د) من نظام روما الأساسي(([42])).
بناءا على ذلك واستنادا لنص المادة 58 فقرة (1)-(ب) من النظام ،خلُص القاضي المفرد إلى أن القبض على الفقي ضروري لضمان مثوله أمام الدائرة التمهيدية وكذلك لكي لا يكون عقبة أمام التحقيق ويُعرقل تقدم سير الإجراءات. إضافة إلى ذلك، أشارت الدائرة التمهيدية إلى أن الفقي محتجز في دولة النيجر ومتابع عن جرائم مختلفة عن تلك التي تشكل أساس الإدعاء. كما أن الفقي يشغل منصبا رفيعا داخل الجماعات المسلحة وقت اعتقاله، الأمر الذي قد يدفع هذه الجماعات إلى حشد كافة الإمكانيات لتسهيل فراره ومن ثمة الإفلات من الملاحقة القضائية(([43])). وعليه، أوعزت الدائرة التمهيدية إلى مسجل المحكمة بإعداد طلب يوجه خصيصا إلى دولة النيجر بالقبض وتقديم الفقي إلى المحكمة الجنائية الدولية(([44])).
بتاريخ 24 سبتمبر2015، قدّم مسجل المحكمة طلبا إلى جمهورية النيجر – باعتبارها دولة طرف النظام الأساسي- يتضمن اعتقال وتقديم “الفقي” إلى المحكمة حيث طلب فيه من سلطات النيجر أن تُبلغ المحكمة دون إبطاء بأي مشاكل قد تُعيق تنفيذ هذا الطلب وفقا للمادة 97 من النظام، أو عند الضرورة، بدء المشاورات دون إبطاء وفقا للمادة 89 فقرة (4) من النظام.كما طلب المسجل من الدولة متلقية الطلب وفقا لنص المادة 87 فقرة(3) من النظام ،أن تحافظ على درجة سرية هذا الطلب وسرية المستندات المرفقة، إلا بقدر ما يكون كشفها ضروريا لتنفيذ هذا الطلب(([45])).في 26 سبتمبر2015،سلّمت السلطات النيجيرية الفقي إلى المحكمة الجنائية الدولية وتم نقله إلى وحدة الاحتجاز التابعة للمحكمة في هولندا.
جلسة اعتماد التهم
بتاريخ 30 سبتمبر 2015، امتثل الفقي أمام القاضي المفرد للدائرة التمهيدية الأولى رفقة محاميه، حيث تحقق القاضي من هويته كمشتبه به، كما أبلغه بالتهم الموجهة إليه والحقوق التي منحها إياه نظام روما الأساسي، وتم ذلك باللغة العربية باعتبارها اللغة التي يفهمها ويتكلمها الفقي جيدا.
يُعد اعتماد التهم تصديقاً من الدائرة التمهيدية على ما تم إقراره من تهم، أو قيامها بتعديل تلك التهم إما بمبادرة منها، أو بناء على طلب المدعي العام(([46])).في قضية الحال، عقدت الدائرة التمهيدية الأولى جلسة اعتماد التهم في الأول من مارس 2016.حيث أكدت الدائرة أن الغرض من هذا القرار، عملاً بالمادة 61 فقرة(7) من النظام الأساسي، هو البت فيما إذا كانت ثمة أدلة كافية لإثبات وجود أسباب جوهرية تدعو للاعتقاد بأن “أحمد الفقي المهدي” ارتكب الجريمة المنسوبة إليه(([47])).
في هذا الصدد، وضحت الدائرة التمهيدية الأولى أن لإجراءات اعتماد التهم أهداف إجرائية هامة أخرى منها تثبيت حدود القضية التي ستُحال إلى المحاكمة بالتأكد من أن التهم واضحة لا يشوبها أي عيب شكلي وبالفصل فيما يمكن أن يُثار من مسائل إجرائية والحيلولة دون أن يلحق بإجراءات المحاكمة شائبة من جرائها، وفي هذا السياق، لاحظت الدائرة أن هيئة الدفاع عن الفقي، لم تُثر قبل افتتاح جلسة اعتماد التهم أي اعتراض على شكل التهمة الموجهة واكتمالها ووضوحها(([48])).غياب هذه الاعتراض يفسر نية المشتبه به في الاعتراف بالذنب، الإجراء الذي يُعد سابقة أمام المحكمة الجنائية الدولية([49]). إضافة إلى ذلك، فقد أكدت الدائرة أن معيار الإثبات المطلوب في هذه المرحلة من مراحل الإجراءات أدنى من المعيار المطلوب في المحاكمة ويُستوفى بمجرد أن يُقدّم المدعي العام أدلة ملموسة ومادية تُقيم الدليل على أساس منطقي واضح يدعم إدعاءاته المحددة(([50])).
رأت الدائرة أن الأدلة التي قدمها الإدعاء تؤدي إلى الاقتناع بأن نزاعاً مسلحاً غير ذي طابع دولي نشب في مالي في جانفي 2012 وكان لا يزال قائما طوال الفترة المشمولة بالتهمة. وتتمثل الأدلة الأكثر سداداً تلك التي قدمها الإدعاء فيما يخص تدمير مباني تحظى بالتقدير والحماية باعتبارها جزءاً هاماً من تراث تمبكتو ومالي الثقافي، كما يتضح من الأدلة أن هذه المباني لم تكن تُمثل أهدافا عسكرية(([51])).
أشارت الدائرة التمهيدية إلى أن ارتكاب الجريمة التي تحظرها المادة 8 فقرة (2)-(ه)-(4) من النظام الأساسي، يقتضي أن يكون هدف الهجوم واحدا أو أكثر من المباني المخصصة للأغراض الدينية والآثار التاريخية التي لا تُشكل أهدافا عسكرية. استنادًا على ذلك، فإن الأدلة تُبين على نحو قاطع أن مرتكبي الجريمة حددوا هذه المباني واختاروها واستهدفوها على وجه التخصيص باعتبارها هدفا لهجومهم بالنظر تحديدا إلى ما لها من طابع ديني وتاريخي(([52])).
وضحت الدائرة أنه يتبين من صياغة حكم المادة 8 فقرة (2)-(ه)-(4) من النظام، الذي يُعد قاعدة تخصيصية في جريمة الحرب المتمثلة في تعمد الهجوم على الأعيان المدنية، أن الحظر يسري على الهجوم في حد ذاته بغض النظر عما إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى تدمير المستهدف سواء كليا أم جزئيا، وقد اقتنعت الدائرة بأن الأعمال العدائية من قبيل الأعمال التي تعرضت لها المباني، على النحو المبين في التهمة والمدعوم بالأدلة، كانت كافية بالتأكيد لأن تفضي إلى تدمير المباني المستهدفة أو على الأقل إلى إلحاق ضرر جسيم بها. وعليه،فإن هذه الأعمال تُمثل هجمات بالمعنى المقصود في المادة 8 فقرة (2)-(ه)-(4) من النظام الأساسي ووفقا للأغراض المتواخاة منها حتى فيما يخص الأعمال التي لم تفض إلى التدمير الكامل للمباني المستهدفة كما أن الدائرة ليست بحاجة إلى الخوض في تفاصيل الضرر الذي لحق بكل هذه المباني(([53])).
بينت الدائرة بالتفصيل الدور الذي اضطلع به الفقي في سياق احتلال تمبكتو وفي تدمير المباني، وفي ضوء الأدلة التي أمامها، اقتنعت الدائرة بأن الفقي مسؤول مسؤولية جنائية فردية عن الجريمة التي يتهمه الإدعاء بارتكابها.إذ شارك الفقي مشاركة شخصية ومباشرة في جميع مراحل التدمير الجزئي للمباني، كما شارك في مرحلة التخطيط-باعتباره خبيرا في شؤون الدين وشخصية بارزة في سياق احتلال تمبكتو وشارك في مرحلتي الإعداد والتنفيذ باعتباره رئيسا لهيئة الحسبة(([54])).
خلُصت الدائرة التمهيدية، إلى أن ثمة أسبابا جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأن الفقي ارتكب جريمة الحرب المتمثلة في تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية والآثار التاريخية المنصوص عليها في المادة 8 فقرة (2)-(ه)-(4) من النظام الأساسي، ولذا تعتمد التهمة التي يوجهها الإدعاء إلى الفقي على النحو المبين في منطوق هذا القرار، وتطابق التهمة المعتمدة برمتها التهمة التي عرضها الإدعاء في عريضة الاتهام . إضافة إلى ذلك، يتحمل الفقي المسؤولية الجنائية بموجب أشكال المسائلة الآتية:باعتباره مشاركاً مباشراً في ارتكاب الجريمة بموجب المادة 25 فقرة (3)-(أ) من النظام؛ ولإغرائه بارتكاب هذه الجريمة بموجب المادة 25 فقرة (3)-(ب) من النظام؛ ولتيسيره ارتكاب هذه الجريمة عن طريق تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر على ارتكابها بموجب المادة 25 فقرة (3)-(ج) من النظام؛ ولمساهمته بأي طريقة أخرى في قيام مجموعة من الأشخاص، يعملون بقصد مشترك على ارتكاب هذه الجريمة بموجب المادة 25 فقرة (3)-(د) من النظام. علاوة على ذلك، فإنه يتحمل المسؤولية الجنائية باعتباره شريكا مباشرا للجريمة بموجب المادة 25 فقرة (3)-(أ) من النظام لمشاركته بدنيا في الهجوم على نصف المباني على الأقل المخصصة للأغراض الدينية والآثار التاريخية. وعليه، قررت الدائرة التمهيدية إحالة ” المهدي الفقي” إلى الدائرة الابتدائية لمحاكمته عن التهمة المعتمدة(([55])).
ثالثا: الإجراءات التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية خلال مرحلة المحاكمة (حالة مالي)
بعد اعتماد التهمة، قررت رئاسة المحكمة تشكيل الدائرة الابتدائية الثامنة لمقاضاة الفقي.يتم من خلال ما يأتي التطرق إلى قرار الحكم والأمر بجبر الضرر الصادرين عن هذه الدائرة.
قرار الحكم والعقوبة
في 24 ماي 2016، عقدت الدائرة الابتدائية الثامنة أول جلسة لاستعراض الحال وتقرر خلالها بموافقة الطرفين ما يلي:(1)إصدار الحكم والعقوبة معا في هذه القضية في حال إدانة المتهم؛(2) اعتبار أن الادعاء قد قدم المواد المدرجة في قوائم الأدلة التي عُرضت في المرحلة التمهيدية وأن المتهم قَبِلها وذلك لأغراض إصدار قرار بموجب المادة 65من النظام الأساسي(([56])).
تطرقت الدائرة الابتدائية من خلال هذا القرار إلى نشأة الحكم القانوني الذي تتضمنه المادة 65 من النظام والغرض منه والتي تتعلق بالإجراءات عند الاعتراف بالذنب، باعتبار أنها أول مرة تُطبق فيها المحكمة هذه المادة(([57])). وفي هذا الصدد، فقد لاحظت الدائرة، أن السيد الفقي أكد شفهيا وكتابيا بأنه: (1) يفهم طبيعة التهم الموجهة إليه؛(2) يعترف بذنبه طوعا وبعد تشاوره مع محاميه تشاورا كافيا؛(3) يتنازل عن حقه في: عدم الاعتراف بالذنب ومطالبة الإدعاء بإثبات التهم دون شك معقول في محاكمة كاملة، عدم الاعتراف بالذنب ولزوم الصمت، إبداء أوجه الدفاع والدفع بامتناع المسؤولية وتقديم أدلة مقبولة في محاكمة كاملة، استجواب شهود الإثبات بنفسه أو بواسطة آخرين في محاكمة كاملة، استئناف حكم الإدانة أو العقوبة شريطة ألا تكون العقوبة تتجاوز مدة السجن الموصى بها. (4) يقبل المسؤولية الجنائية الفردية عن التهم بما فيها كل أشكال الجنائية المدعى بها(([58])).
خلُصت الدائرة الابتدائية إلى أنه بالنظر إلى اعتراف المتهم بذنبه واستنادا إلى ما عُقد من جلسات وما قُدم من أدلة، اقتنعت الدائرة دون شك معقول بأن جميع الوقائع الأساسية المتعلقة بالجريمة المنسوبة إلى المتهم قد أُثبتت. وعملا بالمواد 8فقرة (2)(ه)(4)، 25 فقرة (3)(أ)و 65 فقرة (2) من النظام الأساسي تدين الدائرة السيد الفقي باعتباره شريكا في ارتكاب جريمة الهجوم على الأعيان المحمية في تمبكتو بمالي(([59])).
تطرقت الدائرة الابتدائية بعد ذلك إلى تحديد العقوبة المناسبة، ولأجل ذلك، أكدت الدائرة أنها تراعي المواد 77،76،23 و78 من النظام الأساسي والقاعدة 145.حيث أنها ستنظر في العوامل التالية: خطورة شان الجريمة، سلوك السيد الفقي الموجب للمساءلة وظروفه الخاصة.و قد لاحظت الدائرة أن السيد الفقي، على النقيض من سائر المتهمين الذين أدانتهم المحكمة، لم يُتهم بارتكاب جرائم ضد الأشخاص بل بجريمة ضد الممتلكات. والرأي عند الدائرة، هو أن الجرائم التي تقع على الممتلكات، وإن كانت خطيرة الشأن بطبيعتها، فإنها أقل خطورة عموماً عن الجرائم التي تقع على الأشخاص(([60])).
خلُصت الدائرة الابتدائية إلى أن الجريمة التي أُدين بها السيد الفقي على قدر كبير من خطورة الشأن. ومع ذلك، لم تجد أي ظرف من شأنه أن يستوجب تشديد العقوبة وفي المقابل توافر العديد من العوامل التي تستدعي تخفيف العقوبة، وعليه، حكمت الدائرة على السيد الفقي بالسجن لمدة تسع سنوات(([61])). وبذالك يأتي هذا الحكم مجسدا للقمع الفعال للجرائم المتعلقة بالممتلكات الثقافية الواردة في نظام روما الأساسي(([62])).
الأمر بجبر الضرر
في 17 أوت 2017،أصدرت الدائرة الابتدائية الثامنة، أمرا بجبر الأضرار يتعلق بقضية الفقي. حيث بينت أن جبر الأضرار في هذه القضية، يرمي إلى رفع المعاناة التي سببتها الجريمة الخطيرة الشأن التي ارتُكبت؛ ومعالجة العواقب المترتبة على الفعل غير المشروع الذي ارتكبه السيد الفقي وتمكين المجني عليهم من استعادة كرامتهم وردع من تسول له نفسه ارتكاب انتهاكات مستقبلا. كما يمكن أن يُسهم جبر الأضرار في تعزيز المصالحة بين المجني عليهم في الجريمة المرتكبة والمجتمعات المحلية المتضررة والشخص المدان(([63])).
لدى تحديدها المجني عليهم المعنيون بجبر الضرر، أكدت الدائرة أنها تعي تمام الوعي الطابع الخاص للجريمة التي أُدين السيد الفقي بارتكابها. فتدمير التراث الثقافي يمحو جزءا من تراث البشرية جمعاء. وترى الدائرة أنه يتعين الاعتراف بمعاناة المجتمع المالي والمجتمع الدولي برمته جراء تدمير المباني المحمية التي كان كلها عدى واحدا منها مُدرجا في قائمة اليونسكو للتراث العالمي(([64])).
أمرت الدائرة في هذا المنطوق ،بجبر أضرار أهل تمبكتو جبراً فردياً وجماعياً ورمزياً على النحو التالي:
الجبر الفردي: أمرت الدائرة بجير أضرار من كانت المباني التي هجمت مورد رزقهم الوحيد ومن لحقت بمدافن أسلافهم أضرار جراء الهجوم(([65])).
الجبر الجماعي: قضت الدائرة بجبر الأضرار جبرا جماعيا من أجل إعادة تأهيل المواقع المتضررة، ولكي يتسنى لسائر أهالي تمبكتو معالجة الخسائر المالية والضرر الاقتصادي والجزع الوجداني الذي عانوه جراء الهجوم على المباني المحمية(([66])).
تدابير رمزية: أجازت الدائرة أن يشمل جبر الأضرار تدابير رمزية كإقامة النصب التذكارية وعقد مراسيم التأبين اعترافا لأهل تمبكتو علناً بما لحق بهم من ضرر معنوي. وكانت الدائرة قد خلُصت إلى أنها تعتبر الاعتذار الذي قدّمه السيد المهدي خالصا وقاطعا وينم عن شعور بالتعاطف. وعليه، أمرت قلم المحكمة كتدبير رمزي يكفل اطلاع المجني عليهم على هذا الاعتذار، باستخراج مقطع التسجيل المرئي لاعتذار السيد المهدي ونشره على موقع المحكمة(([67])).
فيما يخص التعويضات المادية، فقد أمرت الدائرة بدفع مبلغ رمزي قدره يورو واحد لدولة مالي وللمجتمع الدولي الذي تُعد اليونسكو أفضل ممثل له بالنظر إلى الطبيعة الخاصة لهذه القضية(([68])). إضافة إلى ذلك،فقد خلُصت الدائرة إلى أن السيد المهدي يتحمل مسؤولية مالية قدرها 2,7 مليون يورو تتمثل في نفقات جبر أضرار أهالي تمبكتو جبرا فرديا وجماعيا(([69])). وإذ أشارت الدائرة إلى أن السيد المهدي مُعوز فقد حثت الصندوق ألاستئماني على اتخاذ تدابير لتكملة مبلغ الجبر المقضي به وتقديم المساعدة عموما للمجني عليهم في مالي(([70])).
الخاتمــة
تقوم المحكمة الجنائية الدولية من خلال وظيفتها القمعية، بدور فعال في حماية الممتلكات الثقافية من الاعتداءات التي قد تتعرض لها خلال النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، ويتجلى ذلك من خلال النص والممارسة. من حيث النص، فقد جرم نظام روما الأساسي فعل مجرد الهجوم على الممتلكات الثقافية، الأمر الذي يُرتب قيام المسؤولية الجنائية الدولية الفردية إزاء مرتكب هذا الفعل باعتباره مجرم حرب.
أما على الصعيد العملي، تعتبر الملاحقة القضائية للمهدي الفقي والتي تُوجت بحكم يتضمن الإدانة مع العقوبة وأمر بجبر الضرر، سابقة تاريخية في مسار العدالة الجنائية الدولية كون المحكمة الجنائية الدولية الدائمة تنظر لأول مرة في قضية تتعلق بالممتلكات الثقافية، حيث أكدت المحكمة على خطورة هذه الجريمة وحق الضحايا في استيفاء حقهم في التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم جراء هذا الاعتداء.إضافة إلى ذلك،تؤكد هذه المحاكمة عزم المحكمة على عدم إفلات مرتكبو هذه الأفعال التي تستهدف ثروات الشعوب الثقافية من العقاب.
قائمة المراجع:
المواثيق الدولية:
نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية لسنة1998 ودخل حيز النفاذ في 01 جويلية 2002.
اتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة لسنة 1954.
البرتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقية لاهاي لستة 1954 والمتعلق بالحماية المعززة لسنة 1999.
لائحة أركان الجرائم المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، اعتمدت من قبل جمعية الدول الأطراف خلال الفترة من 03إلى 10 سبتمبر 2002.
الكتب:
جهاد القضاة:”درجات التقاضي وإجراءاتها في المحكمة الجنائية الدولية”، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان،2010.
سلامة صالح الرهايفة:”حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة”،الطبعة الأولى،دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، 2012.
علي خليل إسماعيل الحديثي:”حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي- دراسة تطبيقية مقارنة-“، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1999.
المقالات العلمية
حفيظة مستاوي:” المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية الممتلكات الثقافية في النزاعات المسلحة”، مجلة العلوم القانونية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة لخضر حمة – الوادي، العدد 13، جوان 2016.
حيدر كاظم عبد علي:”الحماية الخاصة للممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة”، مجلة المحقق للعلوم القانونية والسياسية، كلية القانون، جامعة بابل، العدد الثاني، 2014.
فيتوريو مينيتي:”آفاق جديدة لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح:دخول البرتوكول الثاني الملحق باتفاقية لاهاي 1954 حيز التنفيذ”، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد 854، 2004.
Emile Ouédraogo: «Le procès AL Mahdi ou de Tombouctou a la Haye: tout chemin mène a Scheveningen », Revue CAMES/SJP, n°001/2017.
Marie Nicolas: « Le procès de Tombouctou: Un tournant historique ? », la revue des droits de l’homme, Centre de recherches et d’études sur les droits fondamentaux, 2016.
تقارير، قرارات وأوامر المحكمة الجنائية الدولية:
الدائرة التمهيدية الأولى، الحالة في مالي، في دعوى المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية تتضمن التهم التي يوجهها الإدعاء ضد أحمد الفقي المهدي،17 ديسمبر 2015.
الدائرة التمهيدية الأولى، الحالة في جمهورية مالي في قضية أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية محجوب منها معلومات، قرار بشان اعتماد التهم الموجهة إلى احمد الفقي المهدي، 24 مارس 2016.
الدائرة الابتدائية الثامنة، الحالة في جمهورية مالي في قضية المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية، الحكم والعقوبة، 27 سبتمبر 2016.
الدائرة الابتدائية الثامنة، الحالة في جمهورية مالي في قضية المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية،أمر بجبر الأضرار،17 أوت 2017.
LA CHAMBRE PRÉLIMINAIRE I, Situation en RÉPUBLIQUE du MALI, affaire le Procureur AHMAD AL FAQI AL MAHDI, Version publique expurgée, Mandat d’arrêt à l’encontre d’Ahmad AL FAQI AL MAHDI, 18 septembre 2015.
LA CHAMBRE PRÉLIMINAIRE I, Situation en République du Mali affaire, « Urgent, secret, ex parte réservé au Bureau du Procureur, Demande d’arrestation et de remise, de fouille et de saisie adressée à la République du Niger », 24 septembre 2015.
Le Bureau de Procureur, situation au Mali, rapport établi au titre de l’article 53-1, 16 janvier 2013.
([1])- على خليل إسماعيل الحديثي:”حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي- دراسة تطبيقية مقارنة-“، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1999، ص54.
([2])- راجع :المواد من 19 إلى 23 من الاتفاقية الأولى ؛المواد 22و23و34و35 من الاتفاقية الثانية ؛المواد 14و 18و 19 من الاتفاقية الرابعة.
([3])- راجع: المادة الأولى من اتفاقية لاهاي لسنة 1954.
([4])- بخصوص الحماية العامة، راجع المواد 3،2 و4من اتفاقية لاهاي لسنة 1954.
([5])- بخصوص الحماية الخاصة، راجع المواد 10،9،8و 11 من اتفاقية لاهاي لسنة 1954.
([6])- راجع: المادة 53 من البرتوكول الإضافي الأول المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية لسنة 1977؛ المادة 16 من البرتوكول الإضافي الثاني المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية لسنة 1977.
([7])- فيتوريو مينيتي:”آفاق جديدة لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح:دخول البرتوكول الثاني الملحق باتفاقية لاهاي 1954 حيز التنفيذ”، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد 854،2004، ص14.
([8])- يتعلق الأمر بالجماعات المسلحة التالية: الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حركة أنصار الدين، حركة الوحدة والجهاد في غرب إفريقيا.
([9]) – UNESCO, « Rapport du Comité du patrimoine mondial », (12e session, 8 et 9 décembre 1988,Brasilia, Brésil), 23 décembre 1988, C(ii)(iv)(v).
([10]) – UNESCO, « Des sites du patrimoine mondial du Mali inscrits sur la liste du patrimoine en péril »,28 juin 2012.
([11])- القرار 2056(2012)، الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 6798، المعقودة في 3 جويلية 2012، فقرة 16.
([12]) – Communiqué de presse de la CEDEAO numéro 191/2012, « ECOWAS Calls for Government of National Unity in Mali », 9 juillet 2012.
([13])- سلامة صالح الرهايفة:”حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة”،الطبعة الأولى،دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، 2012، ص224.
([14])- حفيظة مستاوي:” المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية الممتلكات الثقافية في النزاعات المسلحة”، مجلة العلوم القانونية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة لخضر حمة – الوادي، العدد 13، جوان 2016، ص130.
([15])- حيدر كاظم عبد علي:”الحماية الخاصة للممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة”، مجلة المحقق للعلوم القانونية والسياسية، كلية القانون، جامعة بابل، العدد الثاني، 2014، ص 224.
([16])- لائحة أركان الجرائم، اعتمدت من قبل جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في دورتها الأولى، المنعقدة في نيويورك، خلال الفترة من 03إلى 10 سبتمبر 2002.
([17])- الدائرة التمهيدية الثامنة، الحالة في جمهورية مالي، قضية المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية، الحكم والعقوبة،27 سبتمبر 2016، فقرة 15.
([18])- المرجع نفسه، فقرة 18.
([19])- راجع: المادة 17 من نظام روما الأساسي.
([20])- راجع: المادة 25 من نظام روما الأساسي.
([21])- راجع: المادة 27 من نظام روما الأساسي.
([22])- جمهوية مالي دولة طرف في نظام روما الأساسي منذ 17 أوت 2000.
([23]) – MINISTERE DE LA JUSTICE, REPUBLIQUE DU MALI, Renvoi de la situation au Mali à madame la procureure prés la CPI, 13 juillet 2012.
([24]) – Communiqué du Bureau du Procureur à propos de la situation au Mali, 24 avril 2012,
http://www.icccpi.int/FR_Menus/icc/press%20and%20media/press%20releases/Pages/otpstatement240412.aspx
([25]) – Déclaration du Procureur sur la situation au Mali, 1er juillet 2012, publiée dans le numéro 126 du Bulletin d’information du Bureau du Procureur daté du 20 juin au 3 juillet 2012, http://www.icc-cpi.int/NR/rdonlyres/B8B506C8-E2DE-4FF5-A843-B0687C28AA6C/284734/BulletindinformationduBureauduProcureur20juin3juil.pdf.
([26])- الجمعية العامة للأمم المتحدة، وثيقة رقم (A/72/349) تتضمن التقرير السنوي للمحكمة الجنائية الدولية عن أنشطتها في الفترة 2016/2017 المقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة، 17 أوت 2017.
([27])- نصت المادة 53 فقرة (1) على ما يأتي:” يشرع المدعي العام في التحقيق، بعد تقييم المعلومات المتاحة له، ما لم يقرر عدم وجود أساس معقول لمباشرة إجراء بموجب هذا النظام الأساسي، ولدى اتخاذ قرار الشروع في التحقيق ينظر المدعي العام في:
(أ)- ما إذا كانت المعلومات المتاحة للمدعي العام توفر أساسا معقولا للاعتقاد بأن جريمة تدخل في اختصاص المحكمة قد ارتكبت أو يجري ارتكابها؛
(ب)- ما إذا كانت القضية مقبولة أو يمكن أن تكون مقبولة بموجب المادة 17؛
(ج)- ما إذا كان يرى، آخذا في اعتباره خطورة الجريمة ومصالح المجني عليهم، أن هناك مع ذلك أسبابا جوهرية تدعو للاعتقاد بأن إجراء تحقيق لن يخدم مصالح العدالة.
([28]) -Le Bureau de Procureur, situation au Mali, rapport établi au titre de l’article 53-1, 16 janvier 2013, disponible sur le site :
https://www.icc-cpi.int/itemsDocuments/SASMaliRapportPublicArticle53_1FRA16Jan2013.pdf, pp.4-5
([29]) – Le Bureau de Procureur, situation au Mali, rapport établi au titre de l’article 53-1, Op.cit.,p.6.
([30])- السيد “أحمد الفقي المهدي” من مواليد 1975 بمدينة أغوني (مالي)، شغل منصب مسؤول الحسبة عندما سيطرت الجماعات المسلحة على شمال البلاد.
([31])- يتعلق الأمر بالمواقع التالية: ضريح سيدي محمود بن عمر محمد أكيت، ضريح الشيخ محمد محمود الأرواني، ضريح الشيخ سيدي المختار بن سيدي محمد الكبير الكونتي، ضريح ألفا مويا، ضريح الشيخ محمد المكي، ضريح الشيخ عبد القاسم عطواتي، ضريح الشيخ سيدي أحمد بن عمار أرجدي ،باب مسجد سيدي يحي، باب ضريح أحمد فولاني وباب ضريح بحابر بابديع.
([32])- الدائرة التمهيدية الأولى، الحالة في مالي، في دعوى المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية تتضمن التهم التي يوجهها الإدعاء ضد أحمد الفقي المهدي،17 ديسمبر 2015، فقرة 1.
([33])- المرجع نفسه، فقرة 17.
([34])- المرجع نفسه، فقرة 18.
([35])- الدائرة التمهيدية الأولى، وثيقة علنية تتضمن التهم التي يوجهها الإدعاء ضد أحمد الفقي المهدي،المرجع السابق، فقرة 20.
([36])- المرجع نفسه، فقرة 21.
([37])- المرجع نفسه، فقرة 22.
([38])- المرجع نفسه، فقرة 23 و24.
([39])- راجع: المادة 58 من نظام روما الأساسي.
([40])- LA CHAMBRE PRÉLIMINAIRE I, Situation en RÉPUBLIQUE du MALI, affaire le Procureur c. AHMAD AL FAQI AL MAHDI, Version publique expurgée, Mandat d’arrêt à l’encontre d’Ahmad AL FAQI AL MAHDI, 18 septembre 2015, para 4.
([41]) – Ibid., para 5 et 6.
([42]) – LA CHAMBRE PRÉLIMINAIRE I, Situation en RÉPUBLIQUE du MALI, affaire le Procureur c. AHMAD AL FAQI AL MAHDI, Version publique expurgée, Mandat d’arrêt à l’encontre d’Ahmad AL FAQI AL MAHDI, 18 septembre 2015, para 9.
([43]) – Ibid., para 14.
([44]) -Ibid., para17.
([45]) – LA CHAMBRE PRÉLIMINAIRE I, Situation en République du Mali affaire, « Urgent, secret, ex parte réservé au Bureau du Procureur, Demande d’arrestation et de remise, de fouille et de saisie adressée à la République du Niger », 24 septembre 2015, p.5.
([46])- جهاد القضاة:”درجات التقاضي وإجراءاتها في المحكمة الجنائية الدولية”، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان،2010، ص79.
([47])- الدائرة التمهيدية الأولى، الحالة في جمهورية مالي في قضية أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية محجوب منها معلومات، قرار بشان اعتماد التهم الموجهة إلى احمد الفقي المهدي، 24 مارس 2016، فقرة 14.
([48])- المرجع نفسه، الفقرة 16.
([49]) – Marie Nicolas: « Le procès de Tombouctou: Un tournant historique ? », la revue des droits de l’homme, Centre de recherches et d’études sur les droits fondamentaux, 2016,p.5.
([50])- الدائرة التمهيدية الأولى، قرار بشان اعتماد التهم الموجهة إلى احمد الفقي المهدي، المرجع السابق، الفقرة 18.
([51])- الدائرة التمهيدية الأولى، قرار بشان اعتماد التهم الموجهة إلى احمد الفقي المهدي، المرجع السابق، الفقرات 32 إلى 36.
([52])- المرجع نفسه، الفقرات 40، 41 و42.
([53])- المرجع نفسه، الفقرة 43.
([54])- الدائرة التمهيدية الأولى، قرار بشان اعتماد التهم الموجهة إلى احمد الفقي المهدي، المرجع السابق، الفقرات من 44 إلى 57.
([55])- المرجع نفسه، الفقرة 58.
([56])- الدائرة الابتدائية الثامنة، الحالة في جمهورية مالي في قضية المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية، الحكم والعقوبة، 27 سبتمبر 2016، فقرة 5.
([57])- المرجع نفسه،الفقرات من 21 إلى 28.
([58])- المرجع نفسه، الفقرة30.
([59])- المرجع نفسه، الفقرتين 62و 63.
([60])- الدائرة الابتدائية الثامنة، الحالة في جمهورية مالي في قضية المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي،المرجع السابق، الفقرات 65،75 و77.
([61])- المرجع نفسه، الفقرة 109.
([62]) – Emile Ouédraogo: «Le procès AL Mahdi ou de Tombouctou a la Haye: tout chemin mène a Cheveningen », Revue CAMES/SJP, n°001/2017,p.96.
([63])- الدائرة الابتدائية الثامنة، الحالة في جمهورية مالي في قضية المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية،أمر بجبر الأضرار،17 أوت 2017، الفقرة 28.
([64])- المرجع نفسه، الفقرة 53.
([65])- الدائرة الابتدائية الثامنة، الحالة في جمهورية مالي في قضية المدعي العام ضد أحمد الفقي المهدي، وثيقة علنية،أمر بجبر الأضرار،17 أوت 2017، الفقرة 145.
([66])- المرجع نفسه، الفقرة 90.
([67])- المرجع نفسه، الفقرتين 70 و71.
([68])- المرجع نفسه، الفقرتين 106 و107.
([69])- المرجع نفسه، الفقرة 135.
([70])- المرجع نفسه، الفقرة 138.
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
المحكمة الجنائية الدولية ودورها في حماية الممتلكات الثقافية – بحث قانوني