دراسة وبحث قانوني هام عن تجاوز حدود الدفاع الشرعي

بسم الله الرحمن الرحيم
سلطنة عمان
الإدعـاء العــام
إدارة التـدريب

بحث في :
تجاوز حدود الدفاع الشرعي
إعـــــداد:
معـــــــاون إدعــــــاء عـــام
عــدنــان بن عبــدالله الـبروانـي
إدارة الإدعـاء العـام بولايـة مـطرح

مقدمة:-

الحمد لله الذي هدانا إلى الحق والعدل,,, وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله والمرسلين سيدنا ونبينا المصطفى وعلى آله وصحبه ومن إتبعهم بِإِحسان إلى يوم الدين…. أما بعد :-
إن هذا البحث ليعتبر خاتمة التدريب العملي والنظري التي يخضع لها عضو الإدعاء العام لدى تعيينه في أول سلم درجات الإدعاء العام، حيث يتوجب على العضو إعداد بحث علمي حول إحدى المواضيع التي تهم عمله المهني.
والموضوع الذي أنا بصدد التطرق إليه هو تجاوز حدود الدفاع الشرعي، حيث تتفق الإنسانية جمعاء على أنه عند حلول خطر يهدد النفس البشرية أو مالها، بضرورة تحرك السلوك المادي والنفسي لوقف ذلك الخطر المتوقع أو دفعه لأجل المحافظة على الحياة أو المال من الهلاك، وهذا ما يعرف بحالة الدفاع الشرعي؛ إلا أنه وأثناء قيام هذا الشخص بممارسة هذا السلوك الذي كفله له القانون، فمن المتصور بأن يتمادى لأكثر مما هو مستوجب لرد الخطر، ويكون بذلك قد خرج عن الإطار المسموح له، ذلك أنه أوقع ضرر أكبر من الضرر المتوقع حدوثه عليه في حالة وقوع الخطر، وعليه تبعاً للظروف فمن المتصور بأن إما أن لا يُسأل الشخص عن هذا الفعل لأنه لم يستطع رد الخطر بطريقة أخرى، أو أنه يسأل عن هذا الفعل، ويكون بذلك متجاوز لحدود دفاعه؛ وبما أن موضوع بحثنا هو تجاوز حالة الدفاع الشرعي، أرى أنه من الضروري التطرق للدفاع الشرعي وشروطه في الفصل الأول ومن ثم التطرق لبحثنا في الفصل الثاني.

الفصل الأول:
• الدفاع الشرعي:

– تمهيد:

يعـد الدفاع الشرعي سبب من أسباب الإباحة أي أنه يسبغ على الفعل المجرم الـذي أقدم عليه الشخص الصفة الشرعية ، ويخرجه من نطاق التجريم ؛ ويتضح لنا من سياق هذا القول بأن نصوص مواد التجريم ليست مطلقة بل يرد عليها قيود تضيق من نطاقها ، والمشرع يهدف من وضعه هذه النصوص حماية مصالح إجتماعية معينة على جانب من الأهمية فينص على تجريم تلك الأفعال ، لكنه قد يقدر أن المصلحة التي تعود على المجتمع في عدم العقاب تفوق المصلحة التي تعود عليه في حالة العقاب عليها في ظروف معينة ، فيقرر إعتبارها مشروعة في مثل هذه الظروف على الرغم من خضوعها لنصوص التجريم؛ وأساس تبرير فعل الإباحة وعلته عند الفقهاء الإسلاميين لا يختلف عما ورد في السياق السابق .
وقد تطرق المشرع العماني إلى حالة الدفاع الشرعي شأنه في ذلك شأن جميع التشريعات في العالم الحديث، وما سبقته من تشريعات قديمة ؛ وحق الدفاع الشرعي يعتبر ضمن الحقوق العامة للإنسان التي تكفلها الشرائع والقوانين لما تحققه من غاية إجتماعية، وإذا كان حق الدفاع الشرعي له هذه المكانة فيتعين البحث في هذا الفصل أولا: في ماهيته والشروط الواجب توافرها فيه ومن ثم الأثر الذي يحدثه هذا الحق في حالة توافره من عدمه.

• ماهية الدفاع الشرعي:

يعرف الدفاع الشرعي في الفقه الإسلامي بالدفاع الشرعي الخاص أو يطلق عليه اسم (( دفع الصائل)) ويٌعرف على أنه:-
واجب الإنسان في حماية نفسه أو نفس غيره ، وحقه في حماية ماله أو مال غيره من كل إعتداء حال غير مشروع وبالقـوة اللازمة لدفع هذا الإعتداء
ويرى كثير من الفقهاء المسلمين بأن أصل إباحة فعل الدفاع الشرعي قوله تعالى في كتابه الكريم: ((فمن إعتدى عليكم فإعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم )) وما روي عن الرسول (ص) : (( من أٌريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد)) .
وقد إتفق جميع فقهاء المذاهب الإسلامية بأن الدفاع عن العرض واجب على المدافع ، وإختلفوا فيما عدا ذلك بين الوجوب والإجازة فيما تعلق بالدفاع عن النفس والمال والرأي الراجح فيما يتعلق بالدفاع عن النفس بأنه واجب أما الدفاع عن المال فالراجح فيه بأنه جائز وليس واجب.
أما من ناحية الفقه الوضعي فتعريفه بأنه: إستخدام القوة اللازمة لمواجهة خطر إعتداء غير محق ولا مثار أي غير مشروع ؛ يهدد بضرر يصيب حقاً يحيه القانون .

والأساس القانوني الذي يستند إليه الدفاع الشرعي هو محل لخلاف غالبية الفقهاء؛ فهناك من قال بنظريات فلسفية للتعبير عن أساس الدفاع الشرعي كنظرية الحق الطبيعي أو نظرية المصلحة الإجتماعية؛ وهناك من النظريات التي تجتمع بتسمية النظريات القانونية مثل نظرية العالم الهولندي (Puffendroff) بأن أساس الدفاع الشرعي يقوم على حاسة البقاء لدى المدافع؛ إلا أنني مع الرأي القائل بأن الدفاع الشرعي ليس إلا رخصة أو مكنة قانونية مشروط إستخدامها بتحقق الشروط التي تطلبها المشرع.

والمشرع الوضعي لا يلزم من يتهدده الخطر بأن يتحمله ومن ثم يبلغ السلطات لتتولى توقيع العقاب على المعتدي ، ولكن يبيح له أن يتولى بنفسه دفع هذا الخطر عن طريق كل فعل يكون ضرورياً وملائماً لذلك؛ ودفع الخطر يكون بالحيلولة بين المعتدي والبدء في عدوانه أو الإستمرار فيه إن بدأه أصلاً .
وذلك لأن فعل دفاع الإنسان عن نفسه أو ماله ضد ما يتهدده من الأخطار أمر طبيعي توحي به الغريزة الإنسانية ، وله أن يدفع هذا الخطر بكل فعل يكون ضرورياً وملائما حتى وإن كان هذا الفعل قتلاُ، وحق الدفاع الشرعي هو سبب من أسباب الإباحة.

ويـعتبر الدفاع سبباً عاماً للإباحـة كون أنه يسري في كل الجرائم التي تقع دفاعاً للخطر ولو لم تكن من قبيل القتل والجرح والضرب، فالدفاع يكون في القبض على المعتدي وحبسه أو إتلاف الأدوات التي يستعملها.
إلا أن الدفاع الشرعي ليس هدفه تخويل المعتدى عليه سلطة توقيع العقاب على المعتدي أو الإنتقام منه ، وإنما هدفه مجرد منع إرتكاب الجرائم أو منع التمادي فيها ، وهو حق عام يقرره الشارع في مواجهة الكافة ، ويقابله إلتزام الناس بإحترامه وعدم وضع العوائق في طريق إستعماله.
وهذا الحق ليس حقاً مطلقاً بل يستوجب تطبيقه على الفعل المجرم توافر عدة شروط لكي يمكننا القول بأننا أمام قيام حالة الدفاع الشرعي ؛ وكذلك فإنه ترد بعض القيود على إستعمال هذا الحق ، وذلك لما يمكن أن تلحقه في بدن المعتدي ؛ وعليه سأقوم بذكر شروط الدفاع الشرعي ومن ثم القيود الواردة عليه وأخيراً أثر قيام حالة الدفاع الشرعي في هذا المبحث الأول:-

• شروط حالة الدفاع الشرعي :-

يتطلب لقيام حالة الدفاع الشرعي توافر عدة شروط ، وهذه الشروط منها ما هو متعلق بفعل الإعتداء الذي يبرر الدفاع ، ومنها ما هو متعلق بالمعتدى عليه دفعاً للتعدي.

أ‌- شروط الإعتداء:-

– وجود إعتداء غير مشروع.
لكي يكون هناك حق دفاع ؛ يجب أن يكون هناك إعتداء أو خطر إعتداء بفعل يعد جريمة فإذا كان الإعتداء لا يعد جريمة فلا يقوم حق الدفاع وبناء على ذلك فالدفاع ضد من يزاول حقه في الدفاع الشرعي غير معاقب عليه ؛ إلا إذا كان من يزاول حقه في فعل الدفاع قد تخطى حدود الدفاع الشرعي فإن فعله يعتبر إعتداء مما يعد جريمة طبقاً لقواعد القانون عامة ؛ وعلى ذلك يجوز الدفاع ضده و الإعتداء يعد جريمة ولو كان الفاعل غير معاقب لعارض من عوارض الأهلية الجنائية أو لإنتفاء القصد الجنائي لغلط في الوقائع لأن موانع المسؤولية لا تمحو صفة الجريمة عن الفعل وإن كانت تمنع المسؤولية عنه فيجوز الدفاع ضد عمل الحدث والمجنون ومن هو في واقع الغلط ؛ كذلك يجوز الدفاع الشرعي ضد من يتمتع بعذر من الأعذار القانونية ذلك أن وجود العذر القانوني لا يمنع من كون الفعل غير مشروع وعلى ذلك فإن الزوج الذي يفاجـأ زوجته وشريكها في حالة الزنا فيحاول قتلهما في الحال فإن للزوجة والشريك أن يدفعا عدوان الزوج بإستعمـال حق الدفاع الشرعي.
وإشتراط عدم مشروعية الخطر يفيد إنتفاء الدفاع الشرعي ضد الخطر المشروع فلا يتصور الدفاع الشرعي ضد خطر يقره القانون أو يأمر به فالدفاع لا يجوز إلا ضد خطر يهدد بإرتكاب جريمة وبالتالي فإن هذه الصفة تنتفي بالنسبة للخطر المشروع ويترتب على ذلك أن الدفاع الشرعي لا يجوز ضد من يرتكب فعلاً في حالة دفاع عن النفس أو المال المباح قانوناً كذلك لا يجوز الدفاع ضد الفعل المرتكب إستعمالاً لحق من الحقوق أو الغلط في الإباحة فإنه لا ينفي عن الفعل المرتكب الصفة غير المشروعة وبالتالي يتحقق الشرط الذي نحن بصدده ويجوز الدفاع الشرعي ضده ويستوي بعد ذلك أن يكون الغلط في الإباحة يعفي صاحبه من المسؤولية كلية أو لا يعفه.

والدفاع الشرعي جائز ضد الإعتداء الوهمي أي الذي لا أصل له في الواقع ، وحقيقة الأمر بأنه متى ما كانت الظروف والملابسات تلقي في روع المدافع أن هناك إعتداءاً جدياً وحقيقياً موجهاً إليه ، فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قائمة ، ولا يشترط أن يكون الإعتداء حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في إعتقاد المدافع وتصوره ؛ وعليه فإن الأعمال التحضيرية لجريمة ما لا تبيح الدفاع الشرعي وذلك لأنها لا تعد جريمة بحد ذاتها.

وينتهي الحق في الدفاع بزوال الإعتداء فعلاً لأن الغرض من الدفاع هو منع المعتدي وليس القصاص أو الإنتقام فإذا ثبت أن المتهم إرتكب جريمته بعد إنقطاع الإعتداء فلا يكون في حالة دفاع شرعي ذلك أن الدفاع الشرعي يهدف إلى الحيلولة دون إتمام مخالفة القانون ، ويقتضي ذلك أن يكون الخطر لا زال قائماً يحدق بالغير ، بحيث إذا كان الإعتداء قد إنتهاء فلا يكون للدفاع شرعي وجود ؛ وتحديد الوقت الذي يعد الإعتداء فيه منتهياً وبالتالي يقف فيه حق الدفاع يختلف بإختلاف الجرائم وظروف إرتكابها .

– أن يكون الإعتداء يهدد بإرتكاب جريمة ضد النفس أو المال .
يلزم أن يكون الخطر مهدداً لحق ((وهذا هو موضوع الإعتداء)) ، وهذا الحق إما أن يكون ماسا بسلامة بدن المعتدى عليه أو ماسا بسلامة ماله وبالرجوع لنص المادة (253/1) من قانون الجزاء، يتضح لي بأن المشرع العماني لم يقم بحصر الجرائم التي يمكن بأن تثور بها حالة الدفاع الشرعي، وإنما جعلها عامة فيجوز بذلك الدفاع الشرعي تجاه أي فعل يهدد سلامة الحقين (البدن والمال) وهذا يُعد تطبيقاً لروح الشريعة الإسلامية السمحة.
والمقصود بجرائم الإعتداء على النفس جرائم الإعتداء على النفس التي تقع على الأشخاص وهي في القانون متنوعة فقد تنال بالاعتداء الحق في الحياة (القتل)أو سلامة الجسم (كالضرب) أو الحق في الحرية أو الحق في صيانة العرض أو الشرف والإعتبار ؛ إلا أن هناك رأي ذهب إلى أنه لا يجوز إستعمال حق الدفاع الشرعي في جرائم الماسة بالشرف والإعتبار (والتي تعرف بجرائم إهانة الكرامة لدى المشرع العماني) لأنه ليس فيها مظهر من مظاهر القوة المادية وهذا الرأي متأثر بالوضع السائد في فرنسا؛ لكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به، لأن الراجح جواز الدفاع الشرعي ضد هذه الجرائم مثل تمزيق المكتوب الذي يحوي عبارات القدح أو الذم قبل إذاعتها، أو وضع اليد على فم المعتدي لمنعه من الإسترسـال في عبارات الـقدح أو الذم ؛ أما جرائم الإعتداء على المال، فهي الجرائم التي تنال من ما يملكه الشخص أو ما يستنفع به.

وقد تطرق المشرع العماني في المادة أنفة الذكر إلى حالتين من الحالات التي تُعد من قبيل الدفاع الشرعي وهي:-
1. فعل من يدافع عن نفسه أو عن ماله أوعن نفس الغير أو أمواله تجاه من يقدم، باستعمال العنف، على السرقة أو النهب.
2. الفعل المقترف عند دفع شخص دخل أو حاول الدخول ليلاً إلى منزل آهل أو ملحقاته الملاصقة بتسلق السياجات أو الجدران أو المداخل أو ثقبها أو كسرها أو تمزيقها أو بإستعمال مفاتيح مقلدة أو أدوات خاصة.
فيشترط لإعمال هذه المادة في الحالة الأولى بأن يكون فعل المعتدي مهدداً بإرتكاب جريمة السرقة أو النهب فقط، وأن يكون قد إستعان بالعنف لتنفيذ الجريمة.

أما في الحالة الثانية فيشترط لتوافرها أولاً: دخول المعتدي منزلاً مسكوناً أو أحد ملحقاته أو محاولته ذلك، ويجب أن يكون الدخول بدون رضاء صاحب المنزل، لأنه لو كان الدخول برضاه لانتفت الجريمة وكان الدخول مباحاً بحسب الأصل، ويقصد بالمنزل المسكون المكان الذي يقيم فيه الإنسان بالفعل وان كان لا يشترط وجوده وقت دخول المعتدي، فلا يكفي أن يكون المكان معداً للسكنى ولم يسكنه أحد، ويقصد بملحقات المنزل المسكون الأماكن الملاصقة به والمخصصة لمنافعه والتي لا تكون مسكونة أو معدة لذلك مثل الحديقة أو الكراج أو المخزن، ولا يشترط دخول هذه الأماكن فعلاً بل تكفي محاولة الدخول، ويشترط ثانياً: أن يكون الدخول أو محاولة الدخول ليلاً وهي الفترة التي تمتد من غروب الشمس إلى الشروق، فلا يتوافر هذا الشرط إذا تم الفعل نهاراً ولا يتحقق بالتالي الدفاع المشروع وإن كان المدافع في هذه الحالة يستفيد من العذر المخفف كما سنبين لاحقاً، ويشترط ثالثاً: أن يكون الدخول أو محاولة الدخول عن طريق إستخدام وسائل غير مألوفة نص المشرع إلى بعضها مثل (التسلق أو الكسر أو الثقب…الخ) وعلى ذلك لا يتوافر هذا الشرط إذا تم الدخول بطريقة مألوفة .
ولكن القرينة التي أوردها المشرع في الحالتين ليست قاطعة أو مطلقة، إذ يجوز إثبات عكسها، فقد تطرقت ذات المادة في فقرتها الأخيرة إلى ما يشير لهذا القول، وسأشرح معنى الفقرة الأخيرة لاحقاً.

– أن يكون الخطر حالاً.
يشترط لاعتبار الشخص في حالة دفاع شرعي أن يكون الإعتداء الذي يرمي إلى دفعه حالاً أو وشيك الحلول ، ذلك أن حالة الخطر الداهم التي يوجد فيها المعتدى عليه هي التي تبرر الدفاع فإذا لم يكن الخطر حالاً بل كان مستقبلا ، فلا يكون الموجه عليه في حالة دفاع شرعي، ويكون الإعتداء حالاً في صورتين الأولى حيث يكون الإعتداء على وشك أن يبدأ حيث صدرت من المعتدي أفعال تجعل من المنتظر- وفق السير العادي للأمور- أن يبتدئ الإعتداء على الفور ، وفي هذه الحالة لا يلزم المشرع المهدد بالخطر أن ينتظر ابتداء الإعتداء عليه حتى يباح له الدفاع ، بل يجيز له الدفاع بمجرد أن يتهدده الخطر الوشيك.
أما الصورة الثانية فهي حين يكون الإعتداء قد بدا ولكنه لم ينته بعد فما زال بعض الخطر قائماً وهو خطر حال والدفاع جائز فيها وذلك عن الإعتداء اللاحق ، أما إذا إنتهى الإعتداء وتحقق كل الخطر إنتفت صفة الحلول فلا يكون للدفاع الشرعي محل ؛ وتحديد الوقت الذي يعد الإعتداء فيه منتهياً، وبالتالي يقف فيه حق الدفاع يختلف بإختلاف الجرائم وظروف إرتكابها إلا أن الضابط في ذلك هو قوام إتمام الجاني للأفعال التي يريدها وتحقق النتيجة الإجرامية.
– ومرد هذا الشرط هو القواعد العامة لقانون العقوبات- .

ب‌- شروط الدفاع:-
يشترط في فعل الدفاع شرطان وهما اللزوم والتناسب حيث سنوجزهما على النحو الأتي:-

– اللزوم:-
إذا كان المدافع يستطيع التخلص من الخطر الذي يهدد حقه عن طريق فعل لا يعد جريمة، فلا يباح له الإقدام على الفعل الذي تقوم به الجريمة؛ ذلك أن إتيان هذا الفعل ليس لازماً لدرء الخطر، إذ كان من ممكناً حماية الحق دون مساس بحق سواه ؛ وهذا الشرط يتطلب التثبت من أمرين وهما عدم إمكانية تجنب الخطر إلا بالدفاع وأن يكون الخطر موجها لمصدر الخطر؛ وعلى ذلك لا يتوافر الدفاع الشرعي إذا كان في الإمكان الإلتجاء إلى السلطات العامة ، إذ لو كان ذلك ممكناً فإن شرط اللزوم ينتفي بإعتبار أن تكون هناك وسيلة أخرى لدرء الخطر عن طريق السلطات العامة المنوط بها منع وقوع الجرائم غير أن ذلك مشروط بإمكانية الإلتجاء إلى السلطات العامة في الوقت المناسب، ويقصد بذلك إمكانية تدخل السلطات لمنع الإعتداء قبل وقوعه .
ولا محل لإباحة فعل الدفاع إلا إذا وجه إلى مصدر الخطر كي يكفل التخلص منه؛ أما إذا ترك المعتدى عليه مصدر الخطر يهدده ووجه إلى شخص أو شيء لا يصدر الخطر عنه، فلا محل لإحتجاجه بالدفاع الشرعي، لأن الفعل غير ذي جدوى في التخلص من الخطر، فهو غير لازم لذلك؛ فمن يهاجمه شخص لا يجوز له أن يوجه فعل دفاعه إلى غيره ومن يهاجمه كلب لا يجوز أن يترك الكلب ويطلق النار على مالكه .

– التناسب:-
إذا نشأ حق الدفاع بأن كان هناك إعتداء حال أو على وشك الحلول يهدد النفس أو المال وكان إستعمال القوة المادية لازماً أي هو الوسيلة الوحيدة لدرئه فيجب على المدافع أن يبذل قدراً من القوة لرد الإعتداء يكون متناسباً مع الإعتداء ولكن لا يشترط التكافؤ الحقيقي التام فقد تكون القوة المبذولة للرد أزيد من فعل الإعتداء ولكن هذه الزيادة معقولة في مثل الظروف التي كان فيها المدافع وبالنسبة لسنه وقوته وحالته الشخصية وعلى ذلك فهي متناسبة ومرجع تقدير ذلك كله إلى محكمة الموضوع ، وعليه فإن التناسب لا يعني التطابق بين الإعتداء والقوة وإنما أن يكون هناك تناسباً بين الوسيلة التي كانت في متناول المعتدى عليه وبين الوسيلة التي إستعملها بالفعل؛ فيوجد تناسب إذا ثبت أن الوسيلة المستعملة كانت في ظرف إستعمالها أنسب الوسائل لرد الإعتداء أو كانت هي الوسيلة الوحيدة التي وجدت في متناول المهدد بالإعتداء فالضرر الذي ينتج عن إستعمال هذه الوسيلة هو القدر المناسب لرد الإعتداء وتقدير التناسب على هذا النحو نسبي يتعلق بظروف كل واقعة فقد تعد الوسيلة مناسبة في بعض الظروف دون البعض الأخر .

• أثر الدفاع الشرعي : –

أ‌- إباحة فعل الدفاع :-
متى توافرت الشروط المتطلبة قانوناً في فعل الإعتداء وفي الدفاع أحدث الدفاع الشرعي أثره القانوني في إباحة الفعل ؛ فيعتبر الدفاع مشروعاً وتنتفي عنه الصفة الإجرامية بالرغم من مطابقته لنموذج إجرامي معين .
وبهذه الإباحة يصير الفعل مشروعاً فلا تقوم من أجله مسئولية ولا يوقع على مرتكبه عقاب ، ويستفيد من الإباحة كل من يساهم في فعل الدفاع ، سواء أكانت مساهمته أصلية أم تبعية .

ويعتبر مرتكب الدفاع الذي تخلفت لديه نية الدفاع في محيط الجريمة الظنية والتي لا قيمة لها قانوناً ، ذلك أن المشروعية أو عدمها منوطة بالضرر الذي يصيب المصالح المحمية جنائياً ، ولما كان الإعتداء يهدد الحماية الجنائية لمصلحة المعتدي فإن الفعل يعتبر مشروعا بغض النظر عن نية الدفاع لدى المدافع ؛ وذهب البعض إلى أن الدفاع الشرعي يحدث أثره وتنتفي مسئولية المدافع طالما كان الفعل في حدود حق الدفاع حتى ولو أصاب غير المعتدي سواء أكان ذلك لغلط في الشخص أم كان لخطأ في إصابة الهدف.

لكننا نذهب مع الرأي الذي يوجب التفرقة بين ما إذا كان المعتدى عليه لم يتعمد إصابة حق الغير أو أنه تعمد ذلك، ففي الحالة الأولى يكون حكم القانون هو إباحة فعل الدفاع طالما ثبت أن المعتدى عليه قد بذل كل العناية والإحتياط المفروضين عليه لإصابة المتعدي وحده، لكن حدثت إصابة الغير لأسباب لا سيطرة لإرادته عليها، أما إذا ثبت صدور خطأ عنه فيكون المعتدى عليه مسئولاً عن جريمة غير عمدية.
أما في الحالة التي يكون المعتدى عليه قد تعمد إصابة حق الغير لضرورة إتيان فعل الدفاع ومثاله بأن يستولي شخص على طلقات نارية مملوكة لغيره كي يعبئ بها سلاحه ، فحكم القانون في هذه الأفعال أن الدفاع الشرعي لا يبيحها ، إذ أنها لم توجه إلى مصدر الخطر (المعتدي) وإنما وجهت إلى شخص لا شأن له بالخطر؛ ولكن يستطيع المدافع أن يحتج بحالة الضرورة .

ب‌- إثبات الدفاع الشرعي:-
ثار الخلاف حول من يُحمل عبء إثبات الدفاع الشرعي وهل يقع على عاتق المتهم أم على عاتق سلطة الإتهام (الإدعاء العام) ؛ فذهب رأي إلى أن هذا العبء يقع على عاتق الإدعاء العام بوصفه سلطة الإتهام في الدعوى الجنائية وأن عليه واجب إثبات توافر أركان الجريمة وعدم وجود سبب مبرر لها، كما أن المتهم يستفيد من قرينة البراءة فلا يتحمل عبء إثبات الجريمة أو نفيها؛ وهناك من قيد هذا العبء وقصره على الحالة التي يدعي فيها المتهم بتوافر حق الدفاع المشروع فيقع في هذه الحالة على عاتق الإدعاء العام إثبات إنتفاء قيام هذا الحق، وألقى رأي أخر هذا العبء على القاضي الذي يجب عليه من تلقاء نفسه أن يتحرى عن توافر الدفاع المشروع ؛ إلا أنه يؤخذ على هذه الآراء السابقة أن منطقها يؤدي إلى القول بأن هناك قرينة تفيد بأن المتهم كان في حالة دفاع مشروع وعلى الإدعاء العام أو القاضي حسب الأحوال نفي هذه القرينة وإثبات عكسها وهذا الأمر مغالى فيه.
لكننا نتفق مع الراجح لدى غالبية الفقهاء وهو أن واجب الإدعاء العام ينتهي عند حد إثبات الجريمة ، بينما يقع على عاتق المتهم إثبات الوقائع التي تنفي وجود جريمة ومنها الدفاع الشرعي؛ لكن لا يشترط للتمسك به أن يدفع المتهم صراحة بالدفاع الشرعي بل يكفي إستخدام أي عبارة تفيد التمسك بحالة الدفاع الشرعي .

• ضوابط التمسك بالدفاع الشرعي :-

الدفاع الشرعي هو دفاع موضوعي، لأنه يتطلب تحقيقاً لإثباته وتدخلاً في تصوير ظروفه وتقدير الأدلة المقدمة بصدده إثباتاً ونفياً.
فيلزم بأن يكون الدفع قد أثير على وجه ثابت ؛ وأن يكون قد قدم قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الموضوع وبالتالي لا يمكن أن يثار لأول مرة أمام محكمة القانون (العليا) ويتوجب على محكمة الموضوع أن تتعرض لهذا الدفع في أسباب حكمها إذا قدم المتهم دفعاً صريحاً بتوافر الدفاع الشرعي ، أو إذا كانت الدعوى ترشح للقول بتوافر حالة الدفاع ولو لم يقدم المتهم دفعاً صريحاً بها؛ ولا يشترط بأن يكون التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي بلفظ صريح بل يكفي إثارته ضمناً ؛ كذلك لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي إعتراف المدافع بالجريمة.(1)

ولمحكمة الموضوع عند بحث موضوع الدعوى التحقق من توافر شروط الدفاع الشرعي والتزام قيوده واستخلاص نتيجة ذلك بالقول بتوافره أو انتفائه، لذلك كان عليها البت فيه ، لكنها ليست ملزمة بالبحث في حالة الدفاع الشرعي طالما لم يتمسك المتهم بها ولم تكن وقائع الدعوى كما أثبتتها المحكمة ناطقة بتوافرها مرشحة لقيامها، ويعني ذلك أنه لا يقبل من المهتم النعي على الحكم بأنه لم يتحدث عن حالة الدفاع ولم يفصل فيها.(2)

لكن سلطة محكمة الموضوع في القول بتوافر الدفاع الشرعي من عدمه ليست مطلقة بل تخضع لرقابة محكمة القانون، كالخطأ في تطبيق القانون أو القصور في التسيب والحالة الثالثة هي أن تكون الوقائع تدل على قيام حالة الدفاع الشرعي فيتعين على محكمة الموضوع أن تعترف بها.

الفصل الثاني:-
• تجاوز حالة لدفاع الشرعي:-

– تمهيد:

تحدثنا فيما تقدم عن تعريف حالة الدفاع الشرعي ومن ثم ركني الدفاع الشرعي الواجب توافرها، وتكلمنا أيضا عن الشروط الواجب توافرها في كل ركن منهما، وخاصة فيما يجب على المعتدى عليه إلتزامه من ضوابط في حالة دفعه للإعتداء الواقع عليه، لأن ركن الإعتداء هو الموجد لركن الدفاع، وإذا انتهى الإعتداء إنتهت حالة الدفاع، فإذا أتى المعتدى عليه فعلاً بعد ذلك كان معتدياً وليس مدافعاً ويسأل عما قام به من أفعال بعد أن إنتهى الإعتداء، فالعبرة في تقدير قيام الدفاع الشرعي ومقتضياته هي ما يراه المدافع في الظروف المحيطة به، بشرط أن يكون تقديراً مبنياً على أسباب تبرره فإن قام المدافع بإنتزاع السلاح من يد المعتدي وشل حركته فإن دفاعه ينتهي عند هذا الحد ولا يجوز له تجاوزه؛ وتعد الأفعال التالية لها أفعال جرميه عمدية يسأل عنها المدافع .
ولكن حالة الإعتداء قد تمتد وتطول إذا ما أخذ المتعدي مال المعتدى عليه وفر هارباً به، فللمتعدى عليه أن يتتبعه حتى يسترد منه ماله، وله في ذلك أن يستعمل القوة المناسبة لإسترداد هذا المال ولو وصلت إلى حد قتل المعتدي فله أن يقتله إذا لم تكن أمامه وسيلة لإسترداد ماله إلا هذه، وفي كل ذلك لا يعتبر إعتداء المعتدى عليه منتهياًَ لأن حالة الدفاع تكون ما زالت قائمة؛ أما إذا قام المعتدى عليه بإستعمال قدر من القوة أكبر مما تقتضيه الضرورة لدفع الإعتداء الواقع عليه يكون في ذلك مسئولاً عن فعله الذي تعدى به مقدار الدفع المشروع ويعتبر الزائد عن هذا المقدار عدوانا غير مشروع يسأل عنه من الناحيتين الجنائية والمدنية لأنه بذلك يكون قد تجاوز حدود الدفاع الشرعي.

• معنى التجاوز:-

إتفق الفقهاء على أن تجاوز حدود الدفاع الشرعي هو إنتفاء التناسب بين جسامة فعل الدفاع والخطر الذي هدد المعتدى عليه، أي إستعمال قدر من القوة يزيد على ما كان كافياً لدرء الخطر، والتجاوز عن حدود الحق بهذا المعنى يستلزم سبق قيام حالة الدفاع بتوافر شروطها، وعلى ذلك فليس المقصود إنتفاء شرط من شروط الدفاع الشرعي .
فتخلف شرط من شروط فعل الإعتداء المستوجبة لقيام حالة الدفاع الشرعي ينفي وجود حق الدفاع الشرعي قانوناً، فإذا كان الخطر مشروعاً أو كان مستقبلاً فلا نكون بصدد حق الدفاع الشرعي وإنما في محيط التجريم، كذلك إذا لم يكن الدفاع لازماً ولم يكن موجهاً لمصدر الخطر، فإن سبب الإباحة لا يقوم قانوناً، أما شرط التناسب فهو يفترض توافر الشروط الأخرى مجتمعة والتي بها يثبت الحق قانوناً، وما شرط التناسب إلا الإطار الذي يجب أن يباشر الدفاع في نطاقه، وعليه إذا تخلف التناسب بين جسامة الخطر والدفاع كنا في نطاق التجاوز .
والشريعــة الإسـلامية لـم تخـتلف عـن القـانون الوضـعي في شيء فقـد عرفت التجـاوز بأنه:- إستعمـال المدافع قـوة أكثر مما تقضي الضرورة لدفع الإعتداء .

• حكم التجاوز:-

1. حكم القواعد العامة:-
إذا إنتفى التناسب فقد إنتفى شرط للدفاع الشرعي، فلا يكون للإباحة – طبقاً للقواعد العامة – محل، وبذلك يعد فعل الدفاع غير مشروع.
ولتحديد مسئولية المتجاوز يتعين التمييز بين حالات ثلاثة: الأولى إذا كان الخروج على حدود الدفاع الشرعي عمدياً، أي كان المدافع مدركاً جسامة الخطر وفي وسعه رده بفعل متناسب معه ولكنه فضل اللجوء إلى قوة تزيد على ذلك، فهو مسئول مسئولية عمدية كاملة، ذلك لأنه تعمد عدم مراعاة مقدار التناسب بين فعله والخطر المحدق به (الإعتداء الحال).
والثانية إذا كان خروجه على هذه الحدود ثمرة خطأ غير عمدي منه، كأن يكون المدافع قد حدد جسامة الخطر أو جسامة فعل الدفاع على نحو غير صحيح في حين كان في وسعه التحديد الصحيح، فهو مسئول مسئولية غير عمدية.
أما الثالثة فهي أن لا توجد محل لمسئولية المدافع إذا ثبت تجرد فعله من العمد والخطأ معاً، كما لو كان التجاوز وليد الإضطراب ودقة الموقف اللذين بلغا حدا أزال كل سيطرة لإرادته على فعله، وتعليل ذلك، إنتفاء الركن المعنوي للجريمة .

2. حكم الشريعة الإسلامية:-
فقهاء الإسلام متفقون على إختلاف مذاهبهم بجوهر مسألة تجاوز الدفاع الشرعي وفي ذلك يعلق الدكتور الشربيني بالقولsad.gif(لأن ذلك جوز للضرورة ولا ضرورة للأثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأسهل وفائدة الترتيب المذكور أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الإكتفاء بما دونها ضمن)) .
وعليه فإن الأصل في أفعال الدفاع أنها مباحة ولا عقاب عليها، ولكنها إذا تعدت الصائل (المعتدي) وأصابت غيره خطأ فالفعل الذي وقع على الغير لا يعتبر مباحاً إذا أمكن نسبة الخطأ والإهمال إلى المدافع فهو مسئول مسئولية غير عمدية وبالتالي تجب عليه الدية عما أقدم عليه

3. حكم القانون في التجاوز:-
نص قانون الجزاء العماني في الفقرة الثانية من المادة (110) على أنه: يستفيد من العذر المخفف:- ((من كان عند إرتكابه الجريمة في سورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه)) تعد هذه الصورة التي تطرق إليها المشرع العماني من إحدى صور تجاوز حالة الدفاع الشرعي، ذلك أنه قام بهذا الفعل بسبب عمل غير محق آتاه المعتدي؛ وأود الإشارة إلى أن سبب اعتقادي بأن هذه الفقرة خاصة بإحدى حالات الدفاع الشرعي أو تجاوزها هي ذكر المشرع لعبارة “على جانب من الخطورة” لأن العمل الغير محق والخطر يمكن بأن يكون جريمة ومن الممكن بألا يكون كذلك؛ ومثال على الحالة الثانية هي فعل مأمور الضبط حينما يضطر لإستخدام القوة في بعض الحالات من أجل القيام بعمله، فمن الجائز حدوثه بأن يكون الخطر الناشئ عن فعله خطراً جسيماً يهدد النفس، فالأذى الذي يهدد به هذا الخطر غير قابل للإصلاح، وليس من المصلحة إهدار أهم حقوق الأفراد لمجرد ضمان مباشرة مـأمور الضبط إختصاصه؛ والخطر الجسيم هو الخطر الذي يهدد بإزهاق النفس أو إحداث الجروح البالغة .

ويتضح بأن المشرع أدرج هذه الحالة ضمن الأعذار المخففة للعقاب(عذر قضائي) و لم يضمنها مع المادة التي تحدثت عن حالة الدفاع الشرعي وهذا يعني بأن المشرع قد رأى بأنه لكي يستفيد المدافع من تخفيف العقوبة حسب هذه المادة أن تكون الزيادة في فعل الدفاع حدثت نتيجة ثورة إنفعال شديد، فلكي يستحق المدافع تخفيف العقوبة يتعين أن تكون الظروف التي أحاطت به وقت إرتكابه فعل الدفاع من شأنها أن تصيبه بثورة إنفعال شديد تجعله يقدم على فعل الدفاع دون مراعاة ما يستوجب الوقوف عنده، فلا يتمكن من تحقيق التناسب المطلوب بين دفاعه والإعتداء الواقع عليه، وطالما أن التجاوز قد تم تحت سورة الغضب فإن المتجاوز يستحق أن توقع عليه عقوبة مخففة أي يستفيد من العذر المخفف في مثل هذه الظروف؛ وعليه فإن القاضي حر في أن ينزل إلى حدود التخفيف التي أجازته هذه المادة أو لا ينزل كما يتراءى له؛ وأما الفقه المصري فذهب جانب إلى أن الطبيعة القانونية للتجاوز هي أنها لا تعدو إلا أن يكون عذراً قانونياً ، أما الجانب الثاني فذهب إلى ما ذهب إليه المشرع العماني، وهناك الجانب الثالث الذي رأى أنها ذو طبيعة خاصة، وهي تجمع بين العذر القانوني والعذر القضائي يتفق مع الأول بأن المشرع قد خصه بالنص وقصره على حالة معينة هي تجاوز المدافع لحقه، ويتفق مع الثاني بأن التقدير إختياري يرجع للقاضي بحسب ظروف كل واحدة على حدة.(1)(2)

ونص المشرع العماني كذلك في المـادة (253) الفقرة الثالثة على أنه:- (( إذا وقع الفعل نهاراً لا يستفيد الفاعل إلا من العذر المخفف عملاً بالمادة (109) من هذا القانون)) ويتضح من النص السابق على أن المشرع العماني تطرق لحالة تجاوز الدفاع الشرعي، في حالة ما إذا قام المدافع بالإقدام على قتل شخص دخل أو حاول الدخول لمنزله أو الملحقات الملاصقة لها خلال النهار.
ولم يعتبر المشرع بأن المدافع في الحدود القانونية لحالة الدفاع الشرعي بل عٌد متجاوزاً لها، ذلك أنه كان في مقدوره بأن يرد الإعتداء الواقع عليه بفعل أخف من القتل،ذلك لأن الفعل قد وقع نهاراً وليس بالليل، وكان بمقدوره بأن يستبين بشكل أوضح غاية المعتدي في الدخول لمنزله، أو أنه يمكنه دفع الإعتداء بشكل أخف من القيام بفعل جسيم تجاه المعتدي، لذلك وجب معاقبته عن تعسفه في إستعمال الحق الذي كفله القانون له، وفي رأيي المتواضع بأن هذه المادة تعد من قبيل العذر القانوني المخفف للعقاب كون أن المشرع قد نص عليه صراحة وأوجب بأن المدافع يستحق تخفيف العقاب عن فعله الذي أقدم عليه، ويجب على قاضي الموضوع التقيد بهذا العذر في حالة توافره وثبوت تحققه.

• موقف الفقه من معنى تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي:-

1. المقارنة بين أضرار الدفاع وأضرار الإعتداء:-
يذهب جانب من الفقه أن تحقق معنى التجاوز أمر لا تجري فيه المقارنة بين الضرر الذي مٌنع، والضرر الذي حدث منعاً له، وإنما يكون محل المقارنة فيه هو النظر بعين الإعتبار إلى الضرر الذي أحدثه المدافع في سبيل الدفاع، وما كان في وسعه أن يحدث من أضرار أخرى(1).
وإشترط البعض منهم أن تكون القوة المادية المستخدمة دفاعاً عن النفس أو المال متناسبة في مداها على جسامة الإعتداء، فكلما زادت هذه الجسامة زادت القوة المادية اللازمة لدفعه والعكس بالعكس؛ فإذا أثبت أن المدافع كان بوسعه رد الإعتداء بضرر أخف من الذي تحقق بالفعل عُد إخلالاً بمبدأ التناسب بين الضررين مما يحقق معنى التجاوز لحدود حق الدفاع.(2)

2. المقابلة بين وسائل الدفاع ووسائل الإعتداء:-
يذهب جانب أخر من الفقه إلى القول بأن معنى التجاوز لا يتحقق بالنظر إلى التناسب بين الإعتداء والدفاع مجرداً، وإنما توجه النظرة إلى التناسب بين الوسيلة التي كانت في متناول المعتدى عليه وبين الوسيلة التي إستخدمها بالفعل؛ فينتفي الحديث عن التجاوز إذا ثبت أن الوسيلة المستعملة كانت في ظروف إستعمالها أنسب الوسائل لرد الإعتداء أو كانت الوسيلة الوحيدة في متناول المدافع .

• عناصر التجاوز:-

يقوم التجاوز قانوناَ على عنصرين:

العنصر المادي: ويتمثل في الإضرار بمصلحة المتعدي بقدر يفوق الخطر الذي يتهدد المعتدى عليه بفعل الإعتداء ؛ ولذلك فالتجاوز هو خروج عن الحدود المقررة قانوناً لجسامة الدفاع، ومن أجل ذلك كان غير مشروع من الناحية الموضوعية ؛ وأود أن أذكر بان جعل الحساب أمراً فاصلاً في موضوع التجاوز غير مقبول، فلا يتصور تعداد عدد الضربات التي وجهها المدافع للمعتدي في سبيل رده للإعتداء الواقع عليه، فهي لا تحسب من ناحية الكم وإنما من ناحية المدى.

العنصر النفسي: يتمثل في حسن النية؛ فمقتضى النية السليمة في عذر تجاوز حدود الدفاع الشرعي هو ألا يكون المدافع قد تعمد إحداث ضرر أشد مما يستلزمه هذا الدفاع؛ أي أن يكون معتقداً أنه لا يزال في حدود الدفاع الشرعي وأن فعله لا يزال متناسباً مع القدر اللازم من القوة لدفع الإعتداء أو خطر الإعتداء، وهذه مسألة موضوعية لا تثير صعوبة عملية؛ ولا تقتضي هذه النية السليمة توافر قصد إزهاق روح المعتدي لدى المدافع، فهذا القصد كما لا ينفي بقيامه توافر حالة الدفاع الشرعي فإنه لا ينفي كذلك إمكان الإستفادة من عذر تجاوز حدود هذه الحالة، إذا كانت جريمة المعتدي لا تسمح بدفعها عن طريق القتال العمد، أما إذا كانت الجريمة الأخيرة من الجسامة بحيث تسمح بدفعها بالقتل العمد فإن الإباحة التامة تكون متوافرة.

• أنواع التجاوز الشرعي وحكم كل نوع منها:-

وبالنظر إلى الباعث الذي يتولد لدى المدافع عند قيامه بإستعمال حالة الدفاع الشرعي نجد بأن هناك نوعين من التجاوز: التجاوز بنية سليمة والتجاوز دون هذه النية، وقد عرف الفقه المدافع ذا النية السليمة بأنه من لا يقصد إحداث ضرر أشد مما يستلزمه الدفاع، وبتعبير أخر إعتقاد المدافع أن القانون يخوله إرتكاب ما إرتكبه، وأن فعله هو السبيل الوحيد والملائم لدرء الخطر ؛ فالقانون يقرر تخفيف عقوبة المدافع؛ أما إذا كان التجاوز عمداً أي بنية غير سليمة فالقانون يترك حكمه للقواعد العامة ، أي أنه يسأل عن جريمة عمدية ويوقع عليه العقاب المقرر لها ، وللقاضي أن يخفف عنه العقوبة إذا إلتمس له عذراً مخففاً، وهذا ما عبرت عنه الفقرة الأخيرة من المادة (253) جزاء عماني حينما ذكرت بأنه:- ((لا يعتبر المجرم في حالة الدفاع المشروع إذا لم يكن على إعتقاد بأن الإعتداء على الأشخاص أو الأموال كان غرض المعتدي المباشر أو بنتيجة ما يلقاه من المقاومة في تنفيذ مآربه)) أي أنه إذا ثبت أن المدافع كان يعلم بغرض المعتدي أو مدى خطورة فعله فإنه لا يستفيد من القرينة التي تقررت لمصلحته ويخضع فعله للقواعد العامة أي ضرورة توافر شروط الدفاع وبصفة خاصة شرط التناسب بين فعله وفعل المعتدي فقد يكون المدافع إستغل هذا الظرف لكي يتمكن من الإنتقام من المعتدي فهنا يكون قد بيت النية للتخلص من الأخير، ويمكن استخلاص النية من واقع الظروف التي أحاطت بالواقعة، وكمثال على ذلك إذا كان صاحب المنزل عالما بأن خادمته على علاقة مع أخر بينهما خلاف، وقام هذا الأخير بالدخول إلى المنزل من أجل التواصل مع الخادمة، فإن صاحب المنزل لا يمكنه التمسك بحالة الدفاع الشرعي في حالة إقدامه على قتل هذا الشخص عند دخوله لمنزله؛ ذلك أنه على علم بأن الشخص لم يكن قاصداً المساس بسلامة شخصه (صاحب المنزل) أو أهله ولم يكن في نيته الإعتداء على أمواله، بل تمكن استغلال هذا الظرف لأجل تصفية حسابات أخرى، ولذلك إنتفى شرط شروط قيام حالة الدفاع الشرعي وهو المساس بشخص المدافع أو أمواله؛ وهذا ما كنت أود الإشارة إليه حينما ذكرت بأن القرينة التي تطرق إليها المشرع قرينة قابلة لإثبات العكس.

وأود التطرق إلى حالتين الأولى: ما إذا كان الشخص المعتدي الأصلي يستطيع بأن يدفع بأنه كان في حالة دفاع شرعي تجاه المعتدى عليه إذا ما تجاوز حدود دفاعه الشرعي؛ فبالرجوع لحالة الدفاع الشرعي وأسباب تبريره وما يتطلبه من شروط؛ فيمكن القول بأنه إذا ما قام المعتدى عليه بتجاوز حدود دفاعه الشرعي، فإنه يكون للمعتدي حق الدفاع عن هذا التجاوز كون أن هذا الفعل يُعد من قبيل الإعتداء الغير مشروع وكذلك هو إعتداء حال ويهدد بإرتكاب جريمة ضد نفس المعتدي لذلك يستفيد من حالة الدفاع الشرعي، وتقدير قيام هذه الحالة من عدمها ترجع لقاضي الموضوع وعلى المعتدي الأصلي عبء إثبات تجاوز المعتدى عليه لحالة الدفاع الشرعي.

أما الحالة الثانية فهي فيما إذا كان من المتصور بأن يقوم تجاوز في حدود الدفاع الشرعي إذا ما إستخدم المدافع إحدى الوسائل التي تعمل تلقائياً؛ وأعتقد بأنه من المتصور أن يقـوم التجـاوز من الآلة، لكن من غـير المتصور بأن يكون هناك رد للإعتداء من قبل المعتدي- أي أنه لا يكون للمعتدي بأن يتمسك بالدفاع الشرعي تجاه تلك الآلة بحجة أنها قد جاوزت حدود ما لها من حق رد العدوان، وذلك فيما إذا قمنا بتطبيق شروط الدفاع الشرعي على تلك الحالة.

• التفرقة بين التجاوز وسوء إستعمال حق الدفاع الشرعي:-

إختلف الفقهاء في شأن التفرقة بين تجاوز حدود الدفاع الشرعي وإساءة إستعمال الحق؛ فذهب البعض منهم إلى عدم التفرقة بينهما، في حين ذهب البعض الأخر إلى التفرقة بينهما؛ ونعرض لكل من الرأيين على النحو التالي:

الرأي الأول:- ذهب بعض الفقهاء إلى القول بان كلاً من تجاوز حدود الدفاع الشرعي وإساءة إستعمال الحق مترادفان في المدلول، وبناء عليه فإنهم يعتبرون أن الرد إعتداء إذا أساء المدافع إستعمال حقه بأن تجاوز حد التناسب مثلاً، وعلى ذلك فإنه يعاقب في هذه الحالة.

الرأي الثاني:- وذهب البعض الأخر من الفقهاء إلى القول بخلاف ذلك، حيث فرقوا بينهما، وإستندوا في ذلك إلى أن إساءة إستعمال الحق ما هو إلا خروج عن الغاية التي شُرع هذا الحق من أجلها، ويرى أصحاب هذا الرأي أن للإساءة صورتين؛ الأولى: أن توجه القوة إبتداءاً بقصد الإنتقام كما لو كانت فتاة ترعى قطيعاً من المعز وتركتها ترعى في أرض الغير، فنهض المعتدى على زرعه وضرب الفتاة.
أما الصورة الثانية: فهي أن يستعمل المدافع القوة لرد الإعتداء، ولكنه يتجاوز حدود حقه بسوء نية، وهذه الصورة تختلط بحالة التجاوز، ولكن الذي يفرق بينها وبين حالة التجاوز أنها تتميز بسوء النية.

وقد وجه الدكتور. داود سليمان العطار في رسالته المتعلقة بتجاوز الدفاع الشرعي، النقد إلى كلا الرأيين، فإنتقد الرأي الأول على أساس أنه قد خلط بين تجاوز الدفاع الشرعي وبين إساءة إستعمال الحق هذا الحق بالرغم من وضوح التفرقة بين المدلولين، وإنتهى إلى القول بأن التجاوز في الدفاع الشرعي ما هو إلا (خروج عن حدود الإباحة) بينما إساءة إستعمال حق الدفاع الشرعي ما هي إلا صورة من صور (الخروج عن علة الإباحة) وبناء على هذه التفرقة يكون التجاوز غير مشروع لذاته، في حين أن إساءة إستعمال الحق تعتبر عدم مشروعيته طارئة وليست لذاته؛ ثم يستطرد الدكتور موضحاً ما ذهب إليه من نقد بالقول بأن من يستعمل من القوة ما يزيد على ما يناسب الخطر حسب ظروف الدفاع يتجاوز حدود الدفاع، وهذه الزيادة غير مشروعة أساساً كونها وقعت خارج حدود الإباحة، أما من يدافع دفاعاً شرعياً متناسباً ولكن كان بإمكانه الهرب بأسلوب غير ضار ولا مشين، يكون قد أساء إستعمال حقه في الدفاع، لأنه بذلك يكون قد خرج من علة الإباحة وعارض القانون في أهدافه العامة.

وأما الرأي الثاني فيرى أنه وإن كان قد تميز عن الأول كونه فرق بين كل من التجاوز في حدود الدفاع الشرعي، وإساءة إستعمال الحق، حيث أعطى لإساءة إستعمال الحق مدلولاً مخالفاً لمدلوله الإصطلاحي الذي لا يستلزم الخروج عن حدود الحق، إلا أنه يرى أن أصحاب هذا الرأي قد وقعوا في تناقض، حيث يصفون إرتكاب الجريمة بعد زوال الحق بأنه إساءة لإستعماله.

• سلطة قاضي الموضوع في القول بالتجاوز ورقابة المحكمة العليا (القانون) عليه:-

القول بتجاوز المدافع حدود الدفاع الشرعي من إختصاص قاضي الموضوع، إذ يتطلب بحثاً في وقائع الدعوى ومقارنة بين جسامة الخطر وجسامة فعل الدفاع؛ والقول بتوافر النية السليمة أو انتفائها هو كذلك من شأن قاضي الموضوع، وتحديد ما إذا كان المتجاوز ذو النية السليمة تنطبق عليه الفقرة الثالثة من المادة (253) أو المادة (110/2) جزاء عماني أو أنه جدير بالعقوبة العادية لجريمته أيضاً من الأمور التي يختص بها قاضي الموضوع؛ ولا يقبل الجدال أمام المحكمة العليا فيما يدخل على النحو السابق في سلطة قاضي الموضوع.
ولكن للمحكمة العليا أن تراقب إستنتاج قاضي الموضوع، فإذا كان ما إستخلصه لا يتفق عقلاً وما أثبته من وقائع، فللمحكمة أن تصحح حكمه، وذلك من مبدأ الخطأ في تطبيق القانون ؛ وسبق أن تطرقت إلى الحديث عن هذه السلطة في هذا البحث.

• بعض من تطبيقات محاكم النقض (العليا) بشأن تجاوز حالة الدفاع الشرعي:-

– إن العبرة في تقدير قيام الدفاع الشرعي ومقتضياته هي ما يراه المدافع في الظروف المحيطة به، بشرط أن يكون مبنياً على أسباب تبرره فإن إنتزاع السلاح من يد القتيل وشل حركته هو الحد الذي لا يجوز تجاوزه. (طعن رقم 110و111/ 2003م، جلسة 24/6/2003م، المحكمة العليا، سلطنة عمان) .
– من الخطأ أن تعامل المحكمة المتهم على اعتبار أنه تجاوز حق الدفاع الشرعي بعد قولها بإنتفاء هذا الحق لأن تجاوز حدود الحق لا يتصور مع انعدام هذا الحق.(طعن رقم 925 سنة 11 ق جلسة 3/3/1941، محكمة النقض المصرية) .
– إن الحد العام لحق الدفاع الشرعي لا يقاس بالتناسب في عدد الضربات أو نوع السلاح، بل مناط ذلك بزوال العدوان أو الخطر المراد دفعه. (نقض رقم م أ/م ك/35/1977 جلسة 16/3/1977م محكمة النقض السودانية) .
– إن حق الدفاع الشرعي قد قرر بالقانون لدفع كل إعتداء مهما كانت جسامته، وتناسب فعل الدفاع مع الإعتداء لا ينظر فيه إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي؛ وإن زاد فعل الدفاع عن فعل الإعتداء وكانت الزيادة غير مقبولة عُد المتهم متجاوزاً حق الدفاع وحق عليه العقاب في الحدود المبين بالقانون.(طعن رقم 505 سنة 25ق جلسة 5/12/1955م، محكمة النقض المصرية) .

• الخـــــــاتمة:-

من خلال هذا البحث نخلص للأتي:
– إن حق الدفاع الشرعي، حق أصيل أقرته الشرائع الدنيوية منذ قدم البشرية ذلك أن الطبيعة الإنسانية تقوم على حاسة البقاء التي تنشأ لدى المدافع.
– إذا ما ثبت قيام حالة الدفاع الشرعي فإن الشخص يعفى من المسئولية الجزائية والمدنية كاملة.
– لم يقم المشرع العماني بشرح حالة الدفاع الشرعي، وإنما أشار إلى حالتين تعدان من قبيل الدفاع الشرعي.
– إن المشرع العماني لم ينحى لمنحى بعض التشريعات الأخرى، حيث أنه لم يحصر الحالات التي يجوز فيها الدفاع عن الإعتداء الواقع على المال.
– لا تقوم حالة الدفاع الشرعي في حالة تخلف إحدى شروط فعل الإعتداء، ويكون مرتكبها مسئول عن فعله طبقاً للقواعد العامة.
– يكون المدافع متجاوزا لحالة الدفاع الشرعي إذا ما تخلف أحد شرطي فعل الدفاع (التناسب على الأخص) وحينها يستحق بأن توقع عليه عقوبة مخففة ويكون مسئول مسئولية كاملة عن الشق المدني (التعويض).
– لا تنشأ حالة تجاوز الدفاع الشرعي إلا بعد نشوء حق الدفاع بذاته.
– لا يُعد الشخص متجاوزا لحدود الدفاع الشرعي، إذا ما أقدم على تجاوز فعله بسوء نية.
– يتوجب على المستفيد من حالة الدفاع الشرعي أو تجاوزه، إثبات تلك الحالة، أمام محكمة الموضوع، وعلى الأخيرة التحقق من توافرها والحكم كذلك بموجبها.
– للمحكمة العليا سلطة الرقابة على محكمة الموضوع من حيث الإشراف على تطبيق القانون أو تأويله.
من خلال هذا البحث البسيط تجلت لي الحاجة إلى ضرورة وجود شرح لقانون الجزاء العماني وذلك لأنه قد واجهتني صعوبة بالغة في تفسير قصد المشرع العماني من حالة الدفاع الشرعي عامة وحالة تجاوزها خاصة، ذلك أنني إستعنت بشروحات القانون المصري والذي كان توجه لهذه الحالة نوعاً ما مختلفاً عما ذهب إليه مشرعنا العماني، فضلاً عن ذلك قلة المبادئ القانونية التي تحدثت عن هذه الحالة.
هذا البحث ليس من البحوث التي ينتهي إليها الباحث لإستنتاج معين، ولكن من المتصور بأن يتكون لدي رأي أو قناعة تجاه موضوع البحث ، وهذا الرأي قد يكون مستقل أو مماثل لرأي أخر من الآراء الكثيرة التي قيلت في ذلك الموضوع؛ وعلى ذلك فإن رأيي لا يختلف عما ذهب إليه الفقه عموماً في مسألة تجاوز الدفاع الشرعي؛ من حيث قيامه وتوافره وإثباته.
وختاماً فإنني لا أدعِي أن ما بُذل في هذا البحث، ما كان بوسع باحث أن يبذله لذلك أقرر أن النقيصة هي سمة الأعمال البشرية، مهما إجتهد صاحبها ومهما بذل من سعي وجهد، فالكمال لله وحده جل شأنه، وإن كان لي أن أدعي أنني بذلت جهد المُقل في موضوع إتسم بقلة الآراء المختلفة تجاهه .
وعليه سبحانه وتعالى قصد السبيل،،،

المراجع:-

– تم ترتيب المراجع بحسب الأهمية :-
1. قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم(7/74).
2. مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية والمبادئ المستخلصة منها لعام 2003م – المكتب الفني – المحكمة العليا – وزارة العدل.
3. شرح قانون العقوبات – القسم العام – د. محمود نجيب حسني – الطبعة السادسة 1989م – دار النهضة العربية – القاهرة – جمهورية مصر العربية.
4. جرائم القتل العمد – علماً وعملاً – المستشار عدلي خليل – 2002م – دار الكتب القانونية – المحلة الكبرى – جمهورية مصر العربية.
5. الدفاع الشرعي في ضوء الفقه والقضاء – د. عبد الحميد الشواربي – طبعة 1998 – منشأة المعارف – جمهورية مصر العربية.
6. شرح قانون العقوبات – القسم العام – د. علي عبد القادر قهوجي- منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – لبنان.
7. الأعذار القانونية المخففة من العقاب في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي – د. عبد العزيز محمد محسن – طبعة 1997- دار النهضة العربية – القاهرة – جمهورية مصر العربية.
8. قانون العقوبات – القسم العام – د. مأمون محمد سلامة – طبعة 1998م – دار النهضة العربية – القاهرة – جمهورية مصر العربية.

9. التعليق على قانون العقوبات – المجلد الثالث – المستشار مصطفى مجدي هرجه – دار محمود للنشر والطباعة – القاهرة – جمهورية مصر العربية.
10. التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي – الجزء الأول – عبد القادر عودة – الطبعة الرابعة عشرة عام 1997م – مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان.
11. العقوبة البدنية في الفقه الإسلامي (دستوريتها وعلاقتها بالدفاع الشرعي) – د. الحسيني سليمان جاد – طبعة 1991م – دار الشروق – القاهرة – جمهورية مصر العربية.
12. الوجيز في شرح القواعد العامة لقانون الجزاء الكويتي – الجزء الأول: الجريمة – د. فايز الظفيري – الطبعة الأولى 2000م – جامعة الكويت.
13. نظرية الجريمة المتعدية القصد في القانون المصري والمقارن – د. جلال ثروت – طبعة 2003م – دار الجامعة الجديدة للنشر – الإسكندرية – جمهورية مصر العربية.

بحث قانوني كبير حول تجاوز حدود الدفاع الشرعي