العرض العلمي : الكتابة والإلقاء
يونس مليح
طالب باحث بماستر العلوم والتقنيات الضريبية
جامعة الحسن الأول –سطات-
: مقدمة
يواجه العديد من الباحثين وطلبة الدراسات العليا وطلبة الصفوف المنتهية في كليات الجامعة مشكلات في كتابة وعرض رسائلهم أو أطاريحهم أو بحوث التخرج التي يكلفون بها . ويعود ذلك الى عدم المامهم بشكليات وأساليب كتابة او عرض البحث العلمي مما يوقعهم في أخطاء منهجية وفنية . ومن أجل تقديم خدمة لطلبتنا ولكل الباحثين أعددنا هذه الحلقات متناولين فيها كيفية التنقيب و تنقيح المعلومات المحصلة.
وبعد كل ماسبق فتبقى الصيغة النهائيه للعمل العلمي مرحلة اساسية للاهمية التي تكتسيها فيما يخص تسهيل عملية القاء العمل العلمي من طرف الشخص او المجموعة المكلفة بهذا العمل وذلك بالالتزام بتوصيات من شانها انجاح ذلك العمل على مستوى شكله وموضوعه.
ولقد حاولنا بأسلوب واضح ومبسط أن نشرح كيفية اختيار عنوان أو موضوع البحث العلمي ثم توفير المصادر والمراجع المناسبة للبحث ومعايير اختيار الافضل منها .. كما تناولنا كيفية أعداد خطة البحث العلمي وما تتضمنة أقسام البحث الرئيسة الثلاثة وهي : المقدمة والمتن والخاتمة.
تعتبر الكتب القانونية والرسائل والاطروحات الاكاديمية من اهم المصادر التي يستند اليها الباحث في انتقائه للمعلومات المتعلقه بموضوع بحثه . وفي هذا الاطار يجدر بالشخص المكلف بانجاز العمل العلمي ، التزاما منه باخلاقيات البحث العلمي، الاحالة على اسماء المؤلفين والكتاب ودور النشر وسنوات النشر.
وعلى اثر هذا تبقى مهمة تقييم العرض فيما يخص شكله ومضمونه من اكثر العمليات حساسية .
المحور الأول:سيرورة البحث العلمي و التنقيح المنهجي للمعلومات
إن المجتمعات التي ظهر فيها العلم الحديث هي المجتمعات التي إعتمدت على العلم كمنهج فكري وأسلوب للبحث والتحقق في ظواهر الكون للسعي وراء الحقيقة.
ولايمكن إجراء البحوث و الدراسات الإجتماعية الميدانية منها و النظرية دون معرفة مناهج البحث الإجتماعي والإطلاع على طبيعته وأنواعه وفنونه والإستفادة منه في جمع وتصنيف . المعلومات والحقائق التي يهتم بها الباحث أثناء دراسته وبحثه في موضوع معين.
ولا يجادل أحد في أهمية البحث العلمي في الميدان القانوني شأنه في ذلك شأن العلوم النظرية و التطبيقية جميعا، فالبحث هو الوسيلة التي لايمكن الإستغناء عنها في أي فرع من فروع العلم والمعرفة ، وعلم القانون لم يتقدم إلا بفضل البحث الذي قام به رجال القانون في مختلف الشرائع وعبر مختلف الحقب .
وتشكل المواد العلمية الناتجة عن سيرورة البحث العلمي أساس كل عمل مزمع عرضه أمام فئة من المهتمين والباحثين بميدان النقاش.
المطلب الأول:سيرورة البحث العلمي
قبل التطرق إلى المنهجية المتبناة في عملية البحث عن المادة العلمية التي تشكل بدورها أساس الموضوع الواجب التطرق إليه ، يعتبر إختيار عنوان يحمل في طياته محتوى العمل مسألة جد حساسة في كل عمل علمي .
الفقرة الأولى:البحث عن عنوان مناسب
يكتسي العنوان الرئيسي للعمل العلمي أهمية خاصة لأنه تعبير صادق عن الموضوع أو المشكلة أو الفكرة أو النظرية محل البحث العلمي، ويتعين على الباحث في اختيار عنوان بحثه الوضوح و الإختصار ويجب أن يكون دالا على كل عناصر وأجزاء ومقدمات وتفاصيل وجزئيات موضوع الكتابة بصورة دقيقة و شاملة
:ومن أهم الإعتبارات التي يتعين مراعاتها من طرف الباحث في صياغة العنوان ما يلي
-يجب أن يكون العنوان دالا على محتواه، فلا يجوز أن يكون دعائيا أو صحفيا هدفه إثارة القارئ دون إعطاء فكرة عن الموضوع
-يجب أن يكون العنوان واضحا و مختصرا وشاملا و جامعا لكافة أجزاء العرض العلمي.
-يجب على الباحث قدر الإمكان تجنب العناوين المركبة لما تؤدي إليه هذه العناوين من إلتباس و غموض، ومع ذلك فقد يكون العنوان مركبا باستعمال واو العطف عادة، والتركيب إما أن يكون دالا على المقارنة أو على العلاقة.
ومن المستحسن أن يكون الموضوع محددا تحديدا علميا دقيقا، ومن الأفضل أن يحرص الباحث بأن يكون موضوع بحثه موضوعا ينطوي على أهمية نظرية وعلمية وأن يكون جديدا سواء تناول المسألة لأول مرة أو تطويرا لموضوع سبق علاجه، ويلخص الأستاذ “عبد القادر الشيخلي أهمية الموضوع و بالتالي دقة العنوان :فيما يلي
-من الضروري أن يواكب موضوع البحث تطورات الحياة فهي متجددة
..من الضروري أن يتصدى الباحث لظاهرة أو مسألة كبرى أو ير مطروقة-
-من الضروري أن يحصل تطابق بين طموحات عنوان البحث وبين محتوى الرسالة العلمية، فموضوع البحث يختزل في عنوانه ويتعين أن يترجم العنوان جميع جوانب الموضوع وعناصره….ّ
الفقرة الثانية:تجميع الحصيلة المعلوماتية
تتنوع الوسائل و المراجع العلمية التي يعتمد عليها الباحث في إعداد بحثه إلى عدة أنواع وفروع، ويمكن إرجاع الوسائل المعتمدة في البحوث القانونية إلى وسيلتين رئيسيتين وهما: الوسائل الأساسية و التي تعتمد على الكلمة المكتوبة أو المقروءة مهما كان الشكل الذي تتخذه، والوسائل الثانوية حيث يعمد الباحث إلى آراء الآخرين كما هو الشأن بالنسبة للمقابلة والاستمارة الاستبيانية.
:الوسائل الأساسية في إعداد البحوث القانونية –
إن القيمة العلمية لأي بحث علمي في مجال العلوم القانونية تكون بقوة المراجع و المصادر و الوثائق التي تم الاعتماد عليها من حيث استجابتها و كفايتها وجدية و قيمة المعلومات المتوفرة في البحث العلمي بالنظر إلى قيمة وقوة المصادر والمراجع المعتمد عليها في إعداد البحث، وهناك مصادر ومراجع أكثر قوة وقيمة وحداثة وشمولية في معلوماتها من غيرها من المراجع والمصادر الأخرى ومن ثم لا يمكن القيام بالبحث بدون مراجع، وتتعدد هذه المراجع التي يلجأ إليها الباحث القانوني إلى أصناف عديدة منها :
(المؤلفات الفقهية العامة (المراجع العامة *
يحتاج الباحث القانوني في إعداد بحثه سواء كان بحثا أكاديميا أو مؤلفا عاما أو خاصا أو رسالة أو أطروحة جامعية أو مقالة علمية أو مذكرة قضائية أو غيرها من أنواع البحوث القانونية الرجوع إلى مصادر المعارف العامة و المؤلفات التي تتناول شتى الموضوعات ا لمتعلقة بفرع معين من فروع القانون كالقانون المدني أو التجاري أو العقاري و الضريبي .
وقد تتعلق هذه المراجع العامة بالمعارف غير القانونية والتي لها علاقة بكيفية مباشرة أو غير مباشرة بموضوع البحث.
المؤلفات الفقهية الخاصة (المراجع الخاصة) *
إن المؤلفات الخاصة تفيد في تعميق البحث بشكل فعال وهي تلك المؤلفات التي تعالج موضوعا معينا بقدر كبير من التعمق.
إن المراجع المتخصصة تتضمن عادة معلومات أوسع و أشمل وتفريعات دقيقة تفيد الباحث بشكل كبير في إنجاز موضوع بحثه بإغنائه بالمعلومات والأفكار التي لها علاقة بالبحث.
الأبحاث الجامعية
تعتبر الأبحاث الجامعية والرسائل العلمية الأكاديمية المتخصصة المعدة أساسا لنيل درجات و ألقاب علمية على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لعملية البحث العلمي
ومما لاشك فيه أن الأبحاث الجامعية تعد مرجعا هاما للباحثين الآخرين مادام أنه يخضع لمسطرة البحث الجامعي الأكاديمي الموجه. ولكننا نريد أن نوجه الانتباه إلى أنه في غالب الأحيان لايقدم الباحث الجامعي الذي ناقش أطروحته أو رسالته أو تقريره أمام لجنة من الأساتذة المتخصصين على إدخال التصحيحات اللازمة على البحث العلمي المناقش بعد المناقشة، حيث قد تحتوي الأطروحة أو الرسالة على عدة أخطاء علمية، أو يشوبها عيب شكلا أو مضمونا أو هما معا، مما ينبغي أن نحذر الباحث منه جيدا عند رجوعه إلى مثل هذه الأطروحات والرسائل الجامعية، ومن ثم فإننا ندعو المشرع للتدخل من أجل إجبار الباحث على إدخال جميع التعديلات والتصحيحات وأخذ الملاحظات والتوجيهات الموجهة إليه أثناء المناقشة بعين الاعتبار، وأن لا تسلم الشهادة للباحث إلا بعد إجرائها.
المطلب الثاني :مرحلة التنقيح المنهجي للمعلومات
تعتبر المادة العلمية المحصلة مادة ذات صبغة أولية، إلا أن تلك المصادر ولعدم تلاؤمها بشكل كامل مع موضوع البحث العلمي نظرا لتميز كل عمل بخصوصياته، تظل غير قادرة على إفادة الباحث في عمله العلمي دون تنقيح ومعالجة الكم الهائل من المعلومات المحصلة وتدوينها في صيغة أولية تشكل المرجعية الأولى لنسج خيوط العمل العلمي في صيغته النهائية.
الفقرة الأولى:مرحلة القراءة
يتعين أن يقوم الباحث بقراءة كل مرجع قبل الشروع في تدوينه، أو بالأحرى تدوين الجزء الذي ينصب عليه بحثه.
إن مرحلة القراءة و التأمل لا بد و أن تحقق أهذافها من خلال سيطرة الباحث و استيعابه لكل الحقائق و المعلومات المرتبطة بموضوع بحثه ، و القراءة المطلوبة هي تلك القراءة المنهجية الرامية الى تدوين محكم و منظم للمعلومات.
و للوصول الى هذه الغاية لابد من اتباع الباحث لقواعد و شروط القراءة العلمية و التي أذكر منها :
-يجب أن تكون القراءة شاملة الوثائق و المصادر و المراجع المتعلقة بموضوع البحث؛
-يتعين على الباحث الإطلاع على محتوى المراجع من خلال القراءة المتأنية لفهرس المراجع أولا، ثم يحاول بعد ذلك تحديد الصفحات ذات الصلة بالموضوع، و بعد ذلك يشرع في قراءة هذه الأجزاء المحددة مع القيام بتسجيل الملاحظات في بطاقة خارجية يدون عليها اسم المؤلف و المرجع ورقم الصفحة؛
-يتعين على الباحث الإهتمام بالقراءة العمودية أي قراءة الموضوع الواحد في كل المصادر و المراجع و هي الطريقة التي تستجيب لشروط المنهجية الصحيحة؛
-يجب على الباحث أن ينطلق في قراءته بالمؤلفات العامة و التي تتضمن معلومات عن المصادر الضرورية و الأحكام المختلفة و النظريات المؤطرة للموضوع محل البحث، ثم البحث و القراءة بعد ذلك في المؤلفات الخاصة و الرسائل الجامعية و المقالات العلمية المتخصصة و القرارات و الأحكام و الوثائق الخاصة…الخ؛
-على الباحث أيضا أن يقرأ أراء و أفكار المؤلفين في مؤلفاتهم الأصلية وليس في مؤلفات من نقل عنهم- كما يعمد الى ذلك أغلب الباحثين- فالقراءة في أصل المؤلفات تزيد الباحث و البحث عمقا و تغني أفكاره و تجنبه العديد من الأخطاء التي يكون المرجع الوسيط قد وقع فيها نتيجة النقل الخطأ أو الفهم السيئ لأفكار المرجع الأصل.
يتعين على الباحث أن يبدأ بقراءة المؤلفات الحديثة و إعتماد الطبعة الأحدث للكتاب الواحد، و أن تكون قراءة الباحث للموضوع الواحد مرتبة كالتالي :
؛ أ – القراءة في دوائر المعارف العامة ثم المتخصصة بما فيها القانونية
ب – الإطلاع على الموضوع في المصادر التشريعية “النصوص القانونية “
ج – الإطلاع على الموضوع في المصادر القضائية
د – القراءة في كتب الفقه العامة
ه – القراءة في المراجع الفقهية المتخصصة “الرسائل الجامعية، كتب الفقه المتخصصة، المقالات”
الفقرة الثانية : طرق تدوين المعلومات
إن وضع لائحة المراجع تعني تحديد و جرد المؤلفات و المصادر و مختلف المعلومات عملية غاية في الأهمية للتعامل مع مختلف المراجع المكونة للمادة الأولية لكل بحث علمي ويمكن النظر إلى هذه العملية من خلال الأساليب والطرق المتبعة من قبل الباحثين، والتي يمكن إرجاعها إلى طريقتين :
الطريقة التقليدية والتي تعتمد على أسلوبين أساسيين لجمع وتدوين المعلومات وهما أسلوب : البطاقات، وأسلوب الملفات ( أولا )، والطريقة الحديثة والتي أتت بها الكشوفات الجديدة والمرتبطة بالعقول الإلكترونية ، وشبكات الانترنيت (ثانيا).
الأسلوب التقليدي-
طريقة البطاقات: استعمال الباحث لطريقة البطاقات يعني جمع المعلومات في بطاقة خاصة صغيرة الحجم أو متوسطة الحجم من الورق المقوى ذات مقاس واحد (9*15سم أو 14*17سم أو 15*24سم…..إلخ)
وقد تكون هذه البطاقات معدة بكيفية مسبقة وتكون من ورق جيد، ويقوم الباحث بتنظيمها عن طريق تصنيفها وترتيبها طبقا لأجزاء وأقسام وعناوين التقسيم المتبع في التصميم.
ويفضل بعض الباحثين استعمال الألوان بحيث يجعل لكل قسم أو باب أو فصل أو مبحث لونا معينا، وتكون الكتابة في هذه البطاقات على وجه واحد فقط
:الأسلوب الحديث
ويمكن إرجاع الأسلوب الحديث الذي يعتمد عليه جل الباحثين في وقتنا الحاضر إلى تصوير .المراجع بالآلات الحديثة، وإلى البحث عن المراجع في أجهزة الكمبيوتر وعبر الأنترنيت.
المحور الثاني:كتابة العرض و التوصيات الواجب إتباعها أثناء الإلقاء
يتعين على الباحث أن يراعي العديد من الضوابط والشروط عند الإقدام على كتابة بحثه، رغم أن الكتابة تختلف في الشروط الواجب مراعاتها مابين الكتابة الأكاديمية الجامعية كالرسائل و التقارير والأطروحات المقيدة بضوابط علمية دقيقة و صارمة، وكتابة غير أكاديمية تصدر عن الأفراد و المؤسسات المختلفة بحيث تكون الكتابة هنا أكثر تحررا، ولكن الكتابة العلمية سواء كانت جامعية أو غير جامعية تكون وفقا لقواعد و أساليب وإجراءات منهجية وعلمية ومنطقية دقيقة.
بالإضافة إلى أن مرحلة إلقاء العرض العلمي تشكل بدورها أكتر المراحل حساسية لما تكتسيه من مهنية و منهجية واجبة التوفر في الشخص المكلف بإلقاء العرض، لإعطائه حركية وموضوعية من شأنها تعزيز وصول الرسالة الواجب إيصالها للأشخاص المعنيين بالعرض.
المطلب الأول:معايير كتابة العرض العلمي
مما لايمكن إنكاره أن التقسيم الثلاثي للعروض و الأبحاث العلمية من مقدمة و متن و خاتمة،
حافظ على ريادته فيما يخص الكتابات المنهجية و العروض العلمية لمحاور البحث العلمي .وبجدر إحترام عدة معايير في هذا التقسيم
الفقرة الأولى:مقدمة العرض العلمي
بعد إتمام الكتابة الأولى للموضوع “المسودة”، والاستعراض التام له، واستيفاء الكتابة في جزئياته وكلياته تكون قد اتضحت صورة البحث تماماً، واكتمل بناؤه العلمي، وحينئذ يكون من السهل تحديد النقاط وحصر المعلومات التي يرغب في تدوينها في المقدمة، فمقدمة البحث هي مطلع الرسالة وواجهتها الأولى، فلا بد أن تبدأ قوية متسلسلة الأفكار، واضحة الأسلوب متماسكة المعاني
:ويمكن أن تحتوي المقدمة على الأغراض والأفكار التالية
:أولاً
.الإشارة إلى قيمة وأهمية البحث
:ثانياً
.شرح الأسباب التي أدت إلى الاهتمام بهذا الموضوع بالذات أو بجانب من جوانبه
:ثالثاً
.التنويه للقارئ عن الآفاق المتعددة للبحث غير الجانب الذي جرى عليه البحث والدراسة
:رابعاً
.بيان خطة البحث وتقسيمه إلى أبواب وفصول ومباحث
:خامساً
.تحديد المنهج الذي سلكه الباحث في معالجة موضوعات البحث
:سادساً
.تحديد معاني الاصطلاحات التي جرى استعمالها خلال عرض البحث وبيان المقصود منها
:سابعاً
الدراسات والأعمال العلمية السابقة التي أسهمت في تطور الموضوع وخصائصه لتتبين المقارنة من خلال ذلك بينها وبين الإضافة الجديدة التي أضافها البحث.
والمفروض في المقدمة أن تكون ذات صلة وثيقة بموضوع الرسالة؛ لأنها تعتبر البداية الحقيقية للبحث، وأن تحرر في أسلوب علمي متين بحيث تكسب اهتمام القارئ، كما ينبغي أن تكون توضيحاً لأفكار البحث وإعطاء صورة مصغرة عنه بذكر التقسيمات الأساسية لمباحثه وترتيبها ترتيباً منطقياً يتذوقه القارئ من خلال استعراضه لها.
الفقرة الثانية:صلب الموضوع أو المتن
يقصد بمتن البحث الجزء الرئيسي و الأكبر منه و هو الجزء الذي يتضمن الأبواب و الفصول و المباحث التي تحتوي على الأفكار الرئيسية و الفرعية و الكلية و الجزئية للبحث و كذا مناقشة تلك الأفكار و نقدها و تمحيصها بين الآراء و ترجيح ما يراه الباحث أقرب إلى الصحة والموضوعية.
و يراعى في صياغة متن البحث الالتزام بقواعد الصياغة وقواعد النحو و الصرف و التنقيط و التهميش و الالتزام بقواعد الإقتباس و تحليل الأفكار و مناقشتها و عرضها تبعا للتسلسل المنطقي مما يسهل قراءتها و الاستفادة منها.
يقسم متن البحث إلى أقسام وفروع مختلفة اعتماداً على طبيعة البحث والغرض منه، فهو قد يقسم إلى أبواب أو فصول أو مباحث، ويتوجب اختيار عنوان مناسب لكل باب أو فصل أو مبحث معبرا عما يحتويه وعدم نسيان هيمنة وسيطرة الفكرة الرئيسية للمشكلة العلمية على جميع أقسام الأطروحة أو البحث أو أجزائه .
الفقرة الثالثة: خاتمة الموضوع
خاتمة البحث أهم جزء فيه، والبحث كله لا يعني للقاريء شيئاً حتى تقدم له النتيجة أو النتائج التي توصل إليها من البحث، والتي يجري عرضها في الخاتمة، في هذا الجزء من البحث يجري التعرض لموضوعاته بصورة مختصرة وكأنها مقدمات يقصد منها أن تقود إلى النتيجة أو النتائج في شكل طبيعي، وفي سبيل هذه الغاية يتطلب الأمر الكثير من التحليل والتركيز على أهمية بعض النقاط الرئيسية بحيث تلامس تفكير واهتمامات القراء؛ بالإضافة إلى أنه لا بد من وقفة .تأمل بالنسبة لتفريعات الموضوع والأفكار العامة ذات الصلة الوثيقة بنتيجة البحث أو خاتمته.
نتيجة البحث هي لا شك المساهمة الأصيلة والإضافة العلمية التي تنسب للباحث بلا مزاحمة أو منافسة. إنها الدليل الواضح الملموس على قيمة البحث والدراسة، ليس هذا فحسب بل إنه المرآة الحقيقية لمستوى الباحث ومقدار فهمه للمادة العلمية التي يعرضها على القراء، وهي أيضاً آخر ما يلامس نظر القراء فلا بد من إحكامها فكراً، وأسلوباً، وصياغةً، وترتيباً، حتى يكون الانطباع الأخير ذا أثر بالغ في نفس القارئ.
المطلب الثاني : التوصية الواجبة الإتباع أثناء إلقاء العرض العلمي
يعتبر تجميع المعلومات في إطار منهجية علمية ، بالإضافة إلى ترتيبها على شكل ديباجة متراصة ومنسجمة ، مرحلتان هامتان تسبقان خروج الكيان العلمي إلى حيز الوجود إلا أن المرحلة الأساسية والتي تعتبر من الأهمية بمكان ، تلك التي تخص إلقاء العرض العلمي ، نظرا لأن وجود هذا المكون كحبر على ورق يجعله يكتسي صبغة جامدة من الضروري إزالتها بالإستناد إلى إدخال طابع الدينامية والحركية عليه (العرض العلمي) وذلك لا يمكن أن يتم إلا بعرضه أمام جمع من المهتمين على اختلاف صفاتهم ودرجاتهم.
إلا أنه وبالإضافة إلى التعقيد والصعوبة التي تخص مرحلتي البحث والتركيب ، فيتوجب على المجموعة أو الفرد المكلف بإلقاء العرض التقيد بعدة تعليمات تتدحرج بين النقط الأساسية التالية :
ـ التموقع الجسدي ،
ـ التموقع الصوتي
ـ التموقع على مستوى استثمار محتوى العرض
الفقرة الأولى :التموقع الجسدي
من المعلوم أن الإطار التواصلي يعتبر صيرورة لا تخضع فقط إلى المعطى الشفوي لكن التواصل الشفوي يشكل عنصرا لا يمكن فصله عن بعض المعطيات الأخرى التي تخص التواصل ، لدرجة أن بعض المتخصصين في الميدان ذهبوا إلى تخصيص نسبة ثلاثة وتسعين بالمائة (93%) للمعطيات غير الكلامية في عملية التواصل ، وترك نسبة سبعة بالمائة (7%) فقط للجانب الشفوي لعملية التواصل.
وفي هذا الصدد تعتبر المكونات التواصلية الخاصة باستعمال التموقع الجسدي كأداة لإنجاح العرض العلمي عملية هامة ومسهمة بشكل كبير في انجاح الفعل المتعلق بالتواصل.
1 ـ وضعية الجسد :
يعتبر الوقوف من الأوضاع المثلى التي تكسب الملقي للعرض احساسا بالثقة والحضور ، ويعتبر توزيع الوزن على الساقين بجعلهما متوازيتين من أهم الوضعيات بالإضافة إلى ترك اليدين مبسوطتين واستعمالهما من أجل صياغة حركات من شانها تعزيز معنى الرسالة المراد إيصالها.
وفي هذا الصدد ، لا يستحسن شبك الساقين بجعلهما متقاطعتين أو إلقاء الوزن على واحدة دون أخرى ، لما لذلك من تأثير على توازن الجسم في وضع اكثر ما يكون الشخص فيه بحاجة إلى اعتدال وتوازن.
ينصح أيضا بعدم وضع اليدين منطويتين نظرا لأن ذلك من شأنه إكساب الملقي للعرض طابعا انطوائيا واحترازيا.
ومن جهة أخرى ، تشكل الجوانب المتعلقة بالنظر واستغلال الكفاءة البصرية للملقي للعرض مكونا هاما من مكونات الإطار التواصل في هذا الأخير.
2 ـ التماس البصري
يمكن التطرق إلى التعليمات الواجب إتباعها في ما يخص القواعد المتعلقة باتسغلال التماس البصري للملقي مع المتلقي للعرض كما يلي:
ـ أن يحافظ الملقي على نظرته الشاملة والفعلية تجاه كل مكونات المحيط المتلقي للعرض بدون إهمال الأشخاص المتواجدين في عمق القاعة ، المدرج ، أو قاعة الندوات ؛
ـ عدم تخصيص النظر فقط للأشخاص المتحمسين للموضوع ، والإهتمام أيضا بالأفراد الذين يعطون انطباعا ضمنيا بغيابهم الذهني وعدم الإكتراث ؛
ـ التفكير الفعلي والجدي في عدم مواجهة حشد المتلقين بالظهر، حتى في حالة الكتابة على السبورة فيجب التموقع على طرف هذه الأخيرة.
3 ـ المظهر الخارجي للملقي للعرض:
يستحسن على هذا المستوى اختيار الهندام والتوابع المرافقة له بعناية ، وذلك بشكل لا يسهم في تشتيت وغياب الحضور الذهني لعموم المتلقين.
فعلى سبيل المثال يجب تفادي الألوان المثيرة للإهتمامات السلبية والمؤثرة على انتباه المتلقي بجعل هذه الأخيرة لا تحفز لديه التساؤل عن السبب والدافع وراء ارتداء لون أو آخر. بالإضافة إلى ذلك فإن المظهر الخارجي على اختلاف مكوناته يشكل عنصرا ذا حمولة تعكس وبشكل كبير الأرضية الفكرية والإيديولوجية للعارض ولهذا فيستحسن تبني مظهر خارج مؤثث لمرجعية من شأنها تعميق الثقة بين الملقي للعرض والمتلقي له.
4ـ الدينامية والحركية :
على هذا المستوى يمكن للشخص المنوط به مهمة إلقاء العرض أن يتحرك داخل الوسط المخصص لإلقائه (قاعة ، المدرج أو مدرج الندوات…الخ) لكي يكون أكثرقربا من المستمعين ، إلا أنه يجب أن يحافظ على المسافة المطلوبة تجاه كل المتلقين.
وعندما يخص الأمر العروض المقدمة أمام لجنة أو تشكيلة أساتذة أو رؤساء في العمل يستحسن استعمال التنقل داخل وسط العرض مع مراعاة تلك التراتبية.
في ما يخص الحركات ، فيتوجب على القائم بالعرض ملاءمتها مع مساحة الوسط الذي يقام فيه العرض.
حيث أنه إذا كان هذا الوسط متسعا فلا بأس من استعمال الحركات الأكثر انفتاحا وتعبيرا ، أما في حالة إلقاء العرض في قاعة أقل اتساعا فتبني حركات أقل انفتاحا وحجما مسألة واجبة.
ويمكن الإضافة في هذا الإطار أن تبني الحركات ذات طابع افقي بخلاف تلك العمودية شيء من شأنه إكساب الملقي كثيرا من الانفتاح والموضوعية
الفقرة الثانية : التموقع الصوتي :
يؤثر المعطى الصوتي للعارض على مظهر وكفاءة هذا الأخير ، حيث يتوجب على العارض قبل الشروع في الكلام أخذ نفس بطيئ وعميق لما لذلك من فائدة في إيصال الهواء إلى الحبال الصوتية مصدر صوت العارض وبذلك يصبح الصوت أكثر وضوحا وخلوا من الشوائب.
يجب تبني مستوى صوتيا أكثر وضوحا، ومتغير حسب أهمية ودلالة الفكرة المراد إيصالها. بالإضافة إلى تسليطه على جهات مختلفة واستعمال السكتات التكتيكية لترتيب الأفكار وتفادي التمتمة اثناء العرض.
الفقرة الثالثة : التموقع على مستوى استثمار محتوى العرض
يجب استثمار المفاهيم والعناصر المتضمنة في العرض بشكل معقلن وذلك بعرضها عرضا واضحا ، ومهيكلا.
بالإضافة إلى تعزيز المفاهيم بأمثلة منطقية لما للمثال من قيمة بيداغوجية تسهم في توضيح المعاني باختلاف بساطتها وتعقيدها.
خاتمة
إرتأينا في خاتمتنا هذه أن نصيغها على شكل جدول نبرز فيه النقاط الأساسية لكيفية وضعنا :وكتابتنا و إلقائنا لهذا العرض العلمي وهو كالتالي
جيد حسن صحيح متوسط غير كاف سيء عناصر التقييم
الملقي مرتاح في إلقاءه، مسترخي،مبتسم-
نظرات مباشرة و عامة-
لغة مفهومة عند المتلقي-
تعبير واضح ،موجز،مباشر-
لهجة متفاوتة ، مقنعة-
الإشارات،المحاكاة،تعبيرية-
إيقاع متنوع،بإشارات الوقوف و السكون.-
الشكل
محتوى مثير للاهتمام-
الوسائل المرئية المسموعة-
الجوهر
جدول تقييمي للعرض
:ساعة البدء
: ساعة الإنتهاء
:المدة :الموضوع
:المتحدث
-إملأ الإستمارة بعلامة + أو
لائحة المراجع المعتمدة:
إدريس الفاخوري: مدخل لدراسة مناهج العلوم القانونية -مطبعة الجسور-وجدة-الطبعة الثالثة .2010
أطروحة دكتوراه الدولة من كلية الشريعة،جامعة القرويين آيت ملول – أكادير،من إعداد- .الباحث محمد البوشواري:الموسم الجامعي 2000-2001
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، من كلية الحقق بجامعة محمد الأول بوجدة أعدها -.الباحث: محمد دراريس عن الموسم الجامعي :99-2000
أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق/أعدها : إدريس الفاوري، من كلية الحقوق بجامعة- .عين شمس، للموسم الجامعي 89-1987
جلل محمد :مناهج البحث العلمي عند العرب،رسالة دكتوراه،بيروت،دار الكتاب اللبناني،- .الطبعة الأولى 1972 ،ص32
:مراجع باللغة الفرنسية
-Jenny Flaurant – expert consultante en management de communication.
-La communication d’entreprise -2ème édition.
-Philippe Moret : Conseiller en communication –édition :EXPLICIT’.
التصميم
مقدمة
المحور الأول:صيرورة البحث العلمي و التنقيح المنهجي للمعلومات
المطلب الأول:صيرورة البحث العلمي
الفقرة الأولى:البحث عن عنوان مناسب
الفقرة الثانية:تجميع الحصيلة المعلوماتية
المطلب الثاني :مرحلة التنقيح المنهجي للمعلومات
الفقرة الأولى:مرحلة القراءة
الفقرة الثانية:طرق تدوين المعلومات
المحور الثاني:كتابة العرض و التوصيات الواجب إتباعها أثناء الإلقاء
المطلب الأول:معايير كتابة العرض العلمي
الفقرة الأولى:مقدمة العرض العلمي
الفقرة الثانية:صلب الموضوع أو المتن
الفقرة الثالثة:الخاتمة
المطلب الثاني:التوصيات الواجب إتباعها أثناء العرض العلمي
الفقرة الأولى:التموقع الجسدي
الفقرة الثانية:التموقع الصوتي
الفقرة الثالثة:التموقع على مستوى إستثمار محتوى العرض
خاتمة
بحث قانوني حول العرض العلمي – الكتابة والإلقاء