مذكرة تخرج بعنوان الشفعة بين الشريعة الإسلامية و القانون المدني الجزائري

مقــــــــــدمــة:

الأصل أن الإنسان حر في تملك ما شاء من أموال منقولة أو عقارية ، وعلى هذا كانت له الحرية التامة في التصرف فيما يملك ، متى كان تصرفه في إطار مشروع .
غير أن معضلة الشفعة ، تكمن في كونها تمثل قيدا خطيرا على حرية التملك ، حرية التصرف والتعاقد. فبمقتضاها يجد المشتري نفسه مجبرا عن التخلي على العقار الذي اشتراه كما يجد البائع نفسه طرفا في عقد مع شخص أخر، غير الذي باع له، وفي الوقت نفسه يجد الشفيع نفسه طرفا في عقد لم يناقش بنوده ولا شروطه، ولم يشترك حتى في إنعقاده .

وهذه الطبيعة الخاصة للشفعة كان لها انعكاس واضح وعميق على تحديد أحكامها ، سواء في الشريعة الإسلامية أو القانون ، فنجد أن المشرع قد أحاط الشفعة بمجموعة من القيود الاجرائية والموضوعية وقد أدى هذا إلى كثير من التعقيدات في الميدان العملي ، فبمجرد استقرائنا للنصوص التشريعية ، نلاحظ أن المشرع قد وضع الضوابط اللازمة لاستعمال هذا الحق، وحدد الجزاءات المترتبة على مخالفتها . كما أن القضاء حاول معالجة هذا الموضوع في كل مناسبة كان يعرض عليه فيها هذا الموضوع ، ونظرا لعدم إطلاع الكثير من المتقاضين على أحكام وإجراءات الشفعة من جهة، وعدم إحترام هذه الإجراءات عمليا من جهة أخرى ، حاولت أن أعالج هذا الموضوع للوقوف على الصعوبات والمشاكل التي تشغل بال الكثير سواء كانوا قضاة أو متقاضين .

وعلى هذا ، وقع في اعتقادي أن الأسلوب الأمثل لدراسة الشفعة ، يجب أن يكون مصدرها أي الشريعة الإسلامية ، ثم مادتها العلمية الأولية والأساسية ، أحكام الفقه والقضاء للتغلب على الصعاب والمشاكل التي تعرض في هذا المجال خاصة وأن الكثير من المتقاضين تضيع حقوقهم بسبب جهلهم لإجراءات الشفعة ، وهنا يظهر بصورة جلية دور الدفاع العامل في المجال القانوني ، والذي عليه توجيه المتقاضين للاتجاه السليم والذي لا يتحقق إلا بالاطلاع الواسع على التراث الإسلامي والقانوني بخصوص مادون في موضوع الشفعة.

وقد ثار جدل كبير في الفقه القانوني حول الطبيعة القانونية للشفعة ، هل هي حق عيني أم شخصي ؟ أم أنها ليست أصلا بحق ، بل هي مجرد سبب من أسباب كسب الملكية العقارية على عكس الشريعة الإسلامية التي أجمع فقهائها على أنها حق .
كما أثار الخلاف حول وقت إعلان الرغبة في الشفعة في الشريعة الإسلامية ، عكس القانون المدني الذي حسم موقفه .
كما أن التساؤل حول وقت حلول الشفيع محل المشتري ، طرح خلاف بين الشريعة والقانون ، فهل يكون الحلول من وقت عقد البيع ؟ أم من وقت إعلان الرغبة ؟ أم من وقت صدور حكم نهائي يقضي بثبوت الشفعة ؟

وجدير بالذكر ، أن المشرع الفرنسي لم يتطرق إلى الشفعة لآنه لم يعرفها ولم يعمل بها ، عكس القانون المدني الجزائري الذي نص على الشفعة ، وخصها بمواد مبينة وواضحة ، لذا فالسؤال مطروح في هذا الصدد يتعلق بمحاولة معرفة مصدر الشفعة في القانون المدني
هل هو الشريعة الإسلامية ؟ أم غير ذلك ؟ وهل أن المشرع إختلف أم إتفق مع أقرته الشريعة الإسلامية بخصوص الشفعة ، طبيعتها ، شروطها ، إجراءاتها ، وأثارها ؟
وللإجابة على هذا السؤال المحوري وما يثار بشأنه ، سنحاول معالجة موضوع الشفعة بين الشريعة الإسلامية والقانون المدني الجزائري على ضوء الخطة إلا تي بيانها :

الخطـــــة:

الفصل الأول: ما هية الشفعـة
المبحث الأول: الشفعة كسبب لكسب الملكية العقارية .
المطلب الأول : مفهـوم الشفعـة.
الفرع 1 : تعـريف الشفعـة
الفرع2 : دليل مشروعية الشفعـة
المطلب الثاني : الطبيعة القانونية للشفعة.
الفرع 1 : تكييف الشفعـة.
الفرع 2 : خصائص الشفعــة
المبحث الثاني: شروط الأخذ بالشفعـة
المطلب الأول: بيع العقار
الفرع 1 : بيع العقار ، الأصل فيه، جواز الأخذ بالشفعة.
الفرع 2: البيوع التي لايجوز الأخذ فيها بالشفعـة.
المطلب الثاني:وجود الشفيع.
الفرع 1 : من هو الشفيع؟
الفرع 2: تزاحم الشفعاء؟

الفصل الثاني : إجراءات وأثار الشفعـة.
المبحث الأول : كيفية الأخذ بالشفعة .
المطلب الأول : إجراءات الشفعة.
الفرع 1 : إعلان الرغبة في الشفعة.
الفرع 2 : إعلان الثمن لدى الموثق
المطلب الثاني: دعـوى الشفعة
الفرع 1 : رفع الدعـوى.
الفرع 2 : الحكم الفاصل في دعوى الشفعـة.

المبحث الثاني : أثار الشفعـة.
المطلب الأول: انتقال ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع.
الفرع 1 : حلول الشفيع محل المشتري من وقت صدور الحكم بثبوت الشفعة
الفرع 2 : حلول الشفيع محل المشتري من وقت البيع.
المطلب الثاني : العلاقات المترتبة عن ممارسة حق الشفعة.
الفرع1 : علاقة الشفيع بالبائع.
الفرع 2 : علاقة الشفيع بالمشتري.
الفرع3 : علاقة الشفيع بالغير.

الخاتمـــة:
الملـحــق:

الفصـل الأول : ماهية الشفعـــــة

قبل الغوص في دراسة الشفعة، باعتبارها سببا من أسباب كسب الملكية العقارية، ومحاولة معرفة نقاط التوافق والاختلاف بين الشريعة الإسلامية والقانون المدني، لابد من التطرق إلى بيان مفهوم الشفعة وشروط الأخذ بها.

وعلى هذا سنخصص دراستنا في هذا الفصل على ماهية الشفعة، فنبرز في المبحث الأول الشفعة كسبب لكسب الملكية ، أما المبحث الثاني فنتناول فيه شروط الأخذ بالشفعة.

المبحث الأول : الشفعة كسبب لكسب الملكية العقارية.

المطلب الأول : مفهوم الشفعة.

سنحاول من خلال هذا المطلب التعرف على الشفعة ودليل مشروعيتها في الشريعة الإسلامية والقانون المدني .

الفرع الأول : تعريف الشفعة.

أولا لغة:
الشفعة، بضم السين وتسكين الفاء ، لفظ مأخوذ من الشفع وهو الضم أي ضد الوتر، وقد جاء في المصباح المنير للفيومي في مادة شفع ، قوله ” شفعت الشيء شفعا من باب نفع أي ضممته إلى الفرد وشفعت الركعة أي: جعلتها اثنين ، ومن هنا إشتقت الشفعة.” ( )
وقد عرفت الشفعة كذلك على أنها مأخوذة من الفعل شفع ، وهو يطلق إطلاقين : فيطلق بمعنى –ضم- ومنه الشفع بمعنى الزوج ، لأن كل واحد ضم إلى الآخر، ويطلق بمعنى –زاد- ومنه شاة شافع، إذا كان معها ولدها لأنه زادها ، والشفعة يصح أن تؤخذ من شفع بمعنى –ضم- لأن الشفيع يضم العقار المبيع إلى ملكه ، ويصح أن تؤخذ من شفع بمعنى –زاد- لأنه يزيد ملكه بسبب الشفعة.( )

ثانيا اصطلاحا :
أ) في الشريعة الإسلامية : عرفها الحنفية على أنها حق تملك العقار المبيع جبرا عن المشتري بما قام عليه ، من ثمن وتكاليف، ( أي النفقات التي أنفقها ) لدفع ضرر الشريك الدخيل أوالجوار، فالشفعة عند الحنفية تثبت للجار والشريك.( )
أما جمهور الفقهاء غير الحنفية ، فقد عرفها على أنها إستخقاق. شريك أخذ ما عاوض به شريكه من عقار ، بثمنه أو قيمته، بصيغة وبعبارة أخرى فهي : حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض.( ) ويرى الجمهور بأن الشفعة حق للشريك فقط دون الجار.

وقد عرف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الشفعة على أنها حق الشريك أو الجار في تملك العقار المبيع بالثمن الذي تم البيع به جبرا عن البائع والمشتري( ).
فكل هذه التعاريف تصب في مفهوم واحد للشفعة ألا وهو كونها حق تملك الشفيع للعقار جبرا وهو العنصر الجوهري والمميز للشفعة، ومن ثمة دفع الثمن والمؤن والتكاليف للمشتري وهو مقابل التنازل على العقار( ).
ب) في القانون المدني الجزائري:
جاء تعريف الشفعة في المادة 794 من القانون المدني وهو النص المطابق للمادة 935 من القانون المدني المصري وكذا المادة 939 من التقنين المدني الليبي ، وقد نصت المادة 794 من القانون المدني السالفة الذكر على أن:” الشفعة هي رخصة تجيز الحلول محل المشتري في بيع العقار ضمن الأحوال والشروط المنصوص عليها في المواد التالية.”
ويستخلص من هذا التعريف أن الشفعة تعد سببا من أسباب كسب الملكية ، إذا ما أستعملها الشفيع لتملك عقار باعه صاحبه لغير الشفيع ، الذي يحل محل هذا المشتري بشروط سيتم بيانها لاحقا .
ولهذا فالشفعة لا تكون بحسب المادة إلا في بيع العقار، ويسمى، العقار المشفوع فيه ومن شفيع وهو طالب الشفعة ، وقد عين القانون أحواله ومن مشتر هو المشفوع منه والذي يحل محله الشفيع، والبائع، وعقارا مشفوعا به وهو العقار الذي يملكه الشفيع والذي يستند إليه في طلب الشفعة لضمه إلى العقار المشفوع فيه .
والملاحظ مما سبق أن المصدر التاريخي الذي أستند وأستمد منه المشرع الشفعة وأحكامها هو الشريعة الإسلامية ومن رأي الجمهور تحديدا ، لأن المشرع الفرنسي لم يعرف الشفعة ولم يبين أحكامها ( )

الفرع الثاني : دليل مشروعيتـها.
تستمد الشفعة في الشريعة الإسلامية دليل مشروعيتها من السنة وإجماع علماء المسلمين على جواز الأخذ بها، فقد ثبتت الشفعة بقضاء الرسول صلى الله عليه وسلم بها، إذ روي في الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قوله: ) قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما ينقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) متفق عليه .( )
– كما روى بن أبي ملكية عن إبن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالً(الشريك شفيع والشفعة في كل شيء).( )
وكذا حديث أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” الجار أحق بصقبه ” متفق عليه ( ). وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قضى بالشفعة في الدين ، وبه قال أشهب من أصحاب الإمام مالك ( ).
فمن خلال هذه السنن الفعلية والقولية للنبي -صلى الله عليه وسلم- تتجلى مشروعية الشفعة وجواز الأخذ بها وبذلك عمل الصحابة والخلفاء الراشدون عليهم رضوان الله، إذ قضى بها الكثيرون، ومنهم الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- والخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه( ).
أما في القانون الجزائري فنجد أن الشفعة جار بها العمل، وقد نظمها المشرع في القانون المدني وفي نصوص خاصة أخرى .
فقد أوردها المشرع في القانون المدني في الباب الأول المتعلق بحق الملكية الواقع في الكتاب الثالث الخاص بالحقوق العينية الأصلية ، إذ نجدها في القسم الخامس من الفصل الثاني المتعلق بطرق اكتساب الملكية( )، وخصها بنحو أربع عشرة مادة، بدءا من نص المادة 794 إلى غاية 807 من نفس القانون.
كما نجدها منظمة في إطار نصوص خاصة أخرى، منها :
1- القانون رقم 87/19 المؤرخ في 08/12/1987 المتضمن كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهم، إذ منح هذا القانون الحق في ممارسة الشفعة للدولة في مجال المستثمرات الفلاحية، وقد حددت المادة 24 هذا الحق .
فنجد أن المادة 62 من قانون التوجيه العقاري رقم 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 تنص على مايلي: ” تمارس الهيئة العمومية المكلفة بالتنظيم العقاري حق الشفعة المنصوص عليه في المادة 24 من القانون 87/19 المؤرخ في 08/12/1987 ” ( ).

2- قانون التوجيه العقاري: 90/25 المؤرخ في 18/11/1990
تم النص على استكمال حق الشفعة في ظل هذا القانون من خلال المادتين 52 و71 فالأولى تتعلق بالمعاملات المنصبة على العقارات الفلاحية ،أما المادة الثانية فتتعلق بالمعاملات المنصبة على العقارات المخصصة للبناء.
وما يمكن قوله حول هذا القانون ، هو منحه حق ممارسة الشفعة للدولة ، رغم أنها ليست مالكة ولا صاحبة حق إنتفاع، وتمارس الدولة حق الشفعة عن طريق الديوان الوطني للأراضي الفلاحية.
فقد جاء في نص المادة52 من القانون 90/25 أنه في جميع الحالات الأخرى التي يعمد فيها لإجراء البيع لهاته الأراضي ، يمكن للهيئة العمومية المؤهلة أن تتقدم بشراء هذه الأراضي مع ممارسة حق الشفعة تبعا للرتبة المحددة في المادة 795 من الأمر 75- 58 المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن القانون المدني.
أما نص المادة 71 من القانون 90/25 فقد أعطى للدولة والجماعات المحلية الأسبقية والحق وأنزلهما المرتبة الأولى قبل أصحاب الحقوق الذين نص عليهم القانون المدني في المادة 795 ،إذ خولت المادة للدولة أوالجماعات المحلية ممارسة حق الشفعة، في حالة ما إذا أراد أصحاب الحقوق العقارية التنازل عنها، وهذا دون حاجة من الدولة أو الجماعات المحلية لإستعمال إجراءات نزع الملكية للمنفعة العمومية، طالما أنها تقوم بإنجاز مشروع في إطار المصلحة العامة وتمارس امتيازات السلطة العامة.
والملاحظ أن المادة السالفة الذكر نصت على أن الدولة أو الجماعات المحلية تمارس حق الشفعة بواسطة مصالح وهيئات عمومية معينة تحدد عن طريق التنظيم ، غير أنه لم يصدر بعد. ( )

03 – الأمر 76/105 مؤرخ في 09/12/1976 والمتضمن قانون التسجيل.
تضمن القسم الرابع من هذا الأمر حق الشفعة، لاسيما المادة 118 منه، حيث جاء فيها:”تستطيع إدارة التسجيل أن تستعمل لصالح الخزينة حق الشفعة على العقارات أو الحقوق العقارية أوالمحلات التجارية أو الزبائن أو حق الإيجار أو الإستفادة من وعد بالإيجار على العقار كله أوجزء منه، والذي ترى فيه بأن ثمن البيع غير كاف مع دفع مبلغ الثمن، مازادا فيه العشر” 1/10 ” لذوي الحقوق وذلك فضلا عن الدعوى المرفوعة أمام اللجنة المنصوص عليها في المواد من 102 إلى 106 وخلال أجل ابتداء من يوم تسجيل العقد أو التصريح،ويبلغ قرار إستعمال حق الشقعة إلى ذوي الحقوق إما بواسطة ورقة من العون المنفذ لكتابة الضبط وإما برسالة موصى عليها مع الإشعار بالإستلام يوجهها نائب مدير الضرائب للولاية التي توجد في نطاقها الأموال الذكورة”.
فالملاحظ هنا أن الإدارة المالية لها حق ممارسة الشفعة في الأملاك العقارية التي تم التصريح بها، إنطلاقا من أثمان على وجه التبرع ومن ثمة فهذه المادة جاءت من أجل الحد من التلاعب والتهرب الضريبي الذي يقوم به الأفراد لاسيما في البيوع العقارية ، ولمنع الأفراد من تقديم تصريحات كاذبة لإدارة التسجيل ( ).

4 – المرسوم التشريعي 03/93 المؤرخ في 01/03/1993المتعلق بالنشاط العقاري.
تنص المادة 23 من المرسوم على ما يلي : ” إذا قرر شخص معنوي مؤجر بيع البناية التي يملكها، أجزاء، يستفيد الشاغل القانوني للجزء الموضوع للبيع من حق الشفعة لشرائه ، وتبين بدقة نية البيع على الخصوص ثمن البيع المطلوب، كما يجب أن تبلغ برسالة موصى عليها مع وصل إستلام إلى الشاغل الذي يتعين عليه أن يجيب خلال أجل لا يمكن أن يتجاوز شهرا واحدا، ويصبح حق الشفعة دون أثر، إذا إنقضى هذا الأجل”.
نلاحظ أن المشرع هنا مكن المستأجر من ممارسة حق الشفعة، وهو خروج عند القاعدة العامة، غير أن الإيجار لابد أن يكون بين شخص معنوي هو المؤجر وشخص أخر يسمى بنص المادة الشاغل القانوني.
وعلى هذا الأساس فإن الشاغل القانوني يمكن أن يحتج بالشفعة أمام دواوين الترقية والتسيير العقاري التي يمكن لها أن تؤجر الأملاك العقارية التابعة لها، سواءا كانت محلات سكنية أو مهنية، طبقا للمرسوم 76/147 المؤرخ في 23.10.1976 المتضمن العلاقات بين المؤجر والمستأجر لمحل معد للسكن وتابع لمكاتب الترقية والتسيير العقاري ( ) .
وما تجب الإشارة إليه هو أن هذه القوانين لا تعنيننا في هذه الدراسة إذ سنركز دراستنا على ما جاءت به نصوص القانون المدني ، وحسب ، ونترك مجال دراسة الشفعة بموجب هذه القوانين والمراسيم لباحث آخر.

المطلب الثاني : طبيعتهـا القانونيــة.

من خلال هذا المطلب سنحاول معرفة تكييف الشفعة أو الطبيعة القانونية لها ، فنرى كيف اعتبرتها الشريعة الإسلامية وكيف كيفها الفقهاء القانونيون وموقف المشرع من كل هذا ، من خلال نصوص القانون المدني ثم نتطرق بعدها إلى خصائص الشفعة ، لنحاول معرفة مميزاتها .

الفرع الأول : تكييف الشفعـة.
جاءت الشريعة الإسلامية لتحقيق جملة من المقاصد ، ومن أهمها حفظ المال ،لذا فقد كان من الأصول الثابتة شرعا، أن مال الإنسان لا يتبرع به ، إلا برضاه ولما كان الرضا بين البائع والمشتري ليس شرطا للأخذ بالشفعة ، فإنها تعد بذلك إستثناءا من عموم الأصول الثابتة في التراضي في عقد البيع، وقد شرعت الشفعة لدفع الضرر عن الشريك عند الجمهور – عدا الحنفية- .
وقد إعتبر فقهاء الشريعة الإسلامية الشفعة والأخذ بها بمثابة شراء مبتدأ أي جديد يستحقها الشفيع بعد البيع ، فيثبت بها ما يثبت بالشراء ، كالرد بخيار الرؤية و العيب ( ) .
أما في الفقه القانوني ، فقد ثار جدل كبير حول الطبيعة القانونية للشفعة، أي: عكس فقهاء الشريعة الإسلامية ، لذا فقد تساءل الكثير من فقهاء القانون عن الطبيعة القانونية للشفعة ، فهل هي حق شخصي ؟ أم حق عيني ؟ أم هي مجرد رخصة ؟ أم أنها سبب من أسباب كسب الملكية ؟
في هذا الإطار هناك من اعتبر الشفعة حقا شخصيا ، معنى ذلك أن الشفيع لا يستعمل دعوى عينية لحماية حق عيني و إنما يباشر دعوى شخصية لحماية حق شخصي لصيق به ، و هو حقه في أن يصير مشتريا بالأفضلية ، و هذا الحق لا يورث عنه و لا تجوز حوالته، كما لا يجوز لدائني الشفيع أن يستعملوه باسمه.( )
– و هناك من اعتبر الشفعة طريقة من طرق كسب الملكية والحقوق العينية، أي: رخصة استثنائية تؤدي إلى تقييد حرية التصرف و التعاقد و على هذا النحو، فهي ليست حقا عينيا أو شخصيا إذ لا يتصور أن السبب المكسب للحق العيني يسمى ذاته حقا عينيا ، فالشفعة من الحقوق الترخيصية أوالمنشئة، تؤدي إلى تمليك العقار المبيع للشفيع جبرا عن المشتري.( )
– و يرى الأستاذ : أنور طلبة ، أن الشفعة هي رخصة، أي خيار للشفيع ، فله أن يأخذ بها أو أن يتركها، و من ثم فلا يكره عليها ولا تجوز إلا في العقار، و متى ثبت الحق فيها، تملك العقار المبيع ولو جبرا على المشتري ، بموجب حكم صادر من القضاء يعتبر عقدا حقيقيا حلت فيه سلطة القضاء محل الإرادة ( ).
غير أن الأستاذ السنهوري يرى بأن الشفعة ليست بحق عيني و لا بحق شخصي ، بل هي ليست بحق أصلا ، و إنما هي سبب لكسب الحق ، فالشفيع يكسب بالشفعة ملكية عقار أوحقا عينيا على عقار ، كحق الانتفاع مثلا ، لأن الفرق واضح بين الحق نفسه و بين سبب من أسباب كسبه فالشفعة باعتبارها سببا لكسب الحقوق العينية، فهي واقعة مركبة اقترن فيها الشيوع أو الصلة المادية القائمة بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به وهذه واقعة مادية، وببيع العقار المشفوع فيه وهي بالنسبة للشفيع واقعة مادية أخرى، وبإعلان الشفيع إرادته في الأخذ بالشفعة، وهذا تصرف قانوني صادر من جانب واحد. فهذه الوقائع المتسلسلة والمركبة، الغلبة فيها، للواقعة المادية لا للتصرف القانوني، ومن ثم يمكن إدخال الشفعة في نطاق الواقعة المادية ، فأمكن القول أن هناك مراكز قانونية إذا تهيأت أسبابها لشخص، استطاع أن يكسب الحق بإرادته المنفردة بعد إعلان رغبته في ممارسة الشفعة حيث يكون للشفيع رخصة في أن يتملك العقار المشفوع فيه، فالشفعة هي رخصة، وتتولد هاته الرخصة في التملك بقيام المركز القانوني، حيث تخول هاته الرخصة للشفيع الحق في أن يتملك العقار المشفوع فيه بإرادته متى تهيات أسبابه بإجتماع وقائع مادية معينة، فلا يكون للشفيع حق الملك بل الحق في أن يتملك هذا العقار، ثم يتحول حقه في أن يتملك العقار المشفوع فيه إلى حقه في ملكية هذا العقار وذلك عن طريق حلوله محل المشتري ( ).
من خلال ما سبق ذكره من أراء حول تكييف الشفعة، يمكن القول، أن الرأي الراجح هو رأي الأستاذ السنهوري، من أن الشفعة ليست حقا عينيا ولا شخصيا ، وإنما هي واقعة مادية مركبة وسبب من أسباب كسب الملكية، كما أنها تعد مصدرا للحق. وهذا الرأي ما حذا حذوه المشرع من خلال نص المادة 794 من القانون المدني، إذ إعتبر الشفعة رخصة تجيز الحلول محل المشتري وتتطلب إتباع إجراءات دقيقة حددها القانون .
وما تجدر الإشارة إليه أن فقهاء الشريعة، إعتبروا أن الشفعة هي حق تملك جبري يثبت للشفيع فيما ذهب القانون المدني إلى إعتبار الشفعة رخصة تجيز للشفيع الحلول محل المشتري. لذا فالإختلاف واضح في تكييف الشفعة بين الشريعة والقانون المدني.

الفـرع الثانـي : خصائص الشفعة
لقد سبقت الإشارة إلى أن الشفعة وسيلة لاكتساب حق الملكية بشروط حددها القانون، ونظرا لكونها رخصة تهيئ مركزا قانونيا للشفيع، فإنها تتميز بجملة من الخصائص، ونظرا لكون الشريعة الإسلامية هي مصدر الشفعة، وهي الأساس الذي أخذ منه المشرع النصوص المنظمة لها في القانون المدني، فإنها تشترك وتتماثل في الخصائص والمميزات، وسنحاول في هذا الفرع التطرق إلى أهم خصائص الشفعة في القانون ومطابقتها لما جاء في الشريعة الإسلامية .

01 – الشفعة واردة على سبيل الإستثناء:
من الأصول الثابتة شرعا وقانونا أن الأصل في العقود هو الرضائية، غير أن الشفعة تعد خروجا عن القاعدة العامة ، وبذلك فهي إستثناء لما فيها من تقييد لحرية التعاقد ( )، فبسبب الشفعة يجد المشتري نفسه مجبرا على التخلي عن العقار الذي اشتراه ، ويحل محله شخص آخر، لم يشأ البائع أن يبيعه العقار .
وقد نجد أن البائع قد عامل المشتري حين إبرم عقد البيع معاملة ممتازة من حيث شروط البيع اومن حيث الثمن، لإعتبارات خاصة موجودة بينهما، فيستفيد الشفيع بذلك من هذه المعاملة حتى وإن كانت لا توجد هذه الإعتبارات بالنسبة إليه، ولهذا لا يجب التوسع في نصوص الشفعة، وهو ما فعله المشرع من خلال النصوص المنظمة للشفعة والمضمنة بالقانون المدني، إذ نجد المادة 798 منه، تنص على أنه لا شفعة بين الأصول والفروع أو بين الزوجين أو بين الحواشي إلى غاية الدرجة الرابعة، أوبين الأصهار إلى غاية الدرجة الثانية. كما أن المشرع قلص من مدة المطالبة بالشفعة وإلا سقطت. والملاحظ في هذا المقال ، أن الشريعة الإسلامية طابقت القانون في هذه الخاصية .

02 – الشفعة لا ترد إلا على العقـار.
لقد قررت المذاهب الأربعة أنه لا شفعة في منقول ( )كالحيوان والثياب والعروض التجارية للحديث السابق ” قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم : بالشفعة في أرض أوربع أوحائط”. ورواية الحديث عن مسلم والنسائي وأبو داود:”أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أوحائط” ولأن الشفعة شرعت لدفع ضرر سوء الشركة بالاتفاق، بسبب الاستمرار والدوام ،ولأن المنقول لا يدوم بخلاف العقار، لذا فهي جائزة في العقار، وأجاز المالكية الشفعة في البناء أوالشجر إذا بيع أحدهما مستقلا عن الأرض، لأنه عندهم عقار وهو الأرض وما إتصل بها ( ).
ولذا نجد أن المشرع لم يجز الشفعة إلا في العقار دون المنقول، لآن المنقول يرد عليه حق الاسترداد، الذي مصدره القانون الفرنسي، عكس الشفعة المستمدة من الشريعة الإسلامية. ( ) وثبتت هذه الخاصية بنص المادة 794 من القانون المدني، التي جعلت الشفعة لا تكون إلا في العقار .

03 – عدم قابلية الشفعة للتجزئة :
إن مقتضى هذه الخاصية أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في صفقة واحدة بعض المبيع دون بعض، وذلك حتى لا تتفرق الصفقة على المشتري فيضار بذلك .
وقد كان تأصيل المسألة يقوم على أنه إذا تعددت الصفقة، جاز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في بعضها دون البعض، إذا توافرت شروط الأخذ بالشفعة فيها، ولا يكون هذا تجزئة للشفعة ( ).
فإذا قام المالك ببيع عقار واحد لعدة مشترين، وتوافرت شروط الشفعة جاز للشفيع أن يأخذ بالشفعة، إما في جميع العقار أو في جزء أحد المشترين الذي له فيه شفعة ولا يعد هذا تجزئة للشفعة، وهذه الحالة لم ينص عليها القانون المدني، غير أن الشريعة نظمتها وأقرتها( ) .
أما إذا باع المالك عقارات متعددة لمشتر واحد، في صفقات متفرقة،كان للشفيع، إذا توافرت شروط الشفعة أن يأخذ بها في بعض الصفقات دون بعض، ولا يعد هذا تجزئة للشفعة. في حين أنه إذا تم البيع بصفقة واحدة، كان على الشفيع، بتوافر الشروط، أن يأخذ العقارات كلها أو يدعها كلها حتى لا يضار المشتري ، وهذه الحالة أقرتها أيضا الشريعة الإسلامية ( ) .
وقد أقرت الشريعة الإسلامية أيضا حالة أخرى تتجسيد في البيع الذي يتعدد فيه الشفعاء وفي هذه الحالة، وجب على كل واحد منهم أن يطلب أخذ العقار بالشفعة أو يتركه، ويجوز المطالبة بجزء منه دون جزء و ليس في ذلك تجزئة للعقار ومن ثمة للشفعة، فيقدم في الأخذ بالشفعة الأخص في الشركة عن غيره وهذا رأي مالك ( ) ، ونجد أن نص المادة 796 من القانون المدني أقر انه في حالة تعدد الشفعاء يكون إستعمال حق الشفعة حسب الترتيب الآتي :
أ – إذا كان الشفعاء من طبقة واحدة إستحق كل منهم الشفعة بقدر نصيبه.
ب – وإذا كان المشترى قد توفرت فيه الشروط التي تجعله شفيعا بمقتضى المادة 795 فإنه يفضل على الشفعاء من طبقته أو من طبقة أدنى ، ولكن يتقدمه الذين هم من طبقة أعلى.
والجدير بالملاحظة هو توافق المشرع من خلال نصوص القانون المدني مع ما أقرته الشريعة الإسلامية والتي تعد مصدر الشفعة في القانون المدني .

4 – اتصال الشفعة بالشفيـع:
أقرت الشريعة الإسلامية والقانون المدني بأن الشفعة متصلة بشخص الشفيع ، وهي متروكة لتقديره وخياره، إن شاء أخذ بها وإن شاء تركها ن ويترتب على هذا الإتصال مايلي:
– لا يجوز لدائني الشفيع أن يستعملوا الشفعة نيابة عنه بالدعوى غير المباشرة، فالشفعة رخصة وليست حقا، كما لا يجوز للدائن أن يستعمل الدعوى غير المباشرة للمطالبة بالحقوق المتصلة بشخص المدين تطبيقا للقواعد العامة ( ).
– لا يجوز للشفيع، إحالة حقه في الشفعة إلى الغير عن طريق الحوالة ، بعد أن يثبت له الحق في الأخذ بالشفعة ، كما أن الشفعة تتبع العقار المشفوع به فلا تنفصل عنه، فإذا أراد الشفيع النـزول عن الشفعة لغيره، وجب عليه أولا أن ينزل عن العقار المشفوع به إلى هذا الغير لتتبع الشفعة هذا العقار، وتتنقل بالتبعية إلى من إنتقل إليه العقار متى كان مالكا له وقت بيع العقار المشفوع به ( ).
وقد ثار خلاف في الفقه حول إنقضاء الشفعة بوفاة الشفيع وعدم إنتقالها للورثة، وقد سكت القانون المدني عن هذه الحالة، غير أننا نلاحظ أن هناك إجماعا في الفقه القانوني على أن الشفعة تنتقل إلى الورثة بعد إعلان الشفيع لرغبته في الأخذ بالشفعة لأنه وفي هاته الحالة تكون عناصر سبب كسب ملكية العقار المشفوع فيه قد تكاملت، وللورثة الإستمرار في إجراءات الشفعة أيا كان الوقت الذي يثبت فيع للشفيع الحق في الحلول محل المشتري سواء كان وقت إعلان الرغبة أو وقت صدور الحكم، وفي هذه الحالة فالورثة لا يأخذون الشفعة أصالة عن أنفسهم ولكن نتيجة حلولهم محل مورثهم( ).
وقد أجمع جمهور الفقهاء على تأكيد الحالة السابقة، عدا الحنفية، الذين أكدوا بأن الشفعة متصلة بشخص الشفيع ، ومتى توفي فلا تنتقل الشفعة إلى الورثة سواء قبل أو بعد إعلان الرغبة على أساس أنها حق خيار وهذا الحق لا ينتقل لأنه لصيق بالشخصية وهو حق خيار ومشيئة ( ).
وجدير بالملاحظة أن جمهور الفقهاء وكذا فقهاء القانون قد أجمعوا على عدم جواز إنتقال الشفعة إلى الورثة قبل إعلان الرغبة في الأخذ بها، لعدم تكامل أسباب كسب الملكية ولإعتبار هذا الحق مجرد حق خيار واعتبار الشفعة في هذه المرحلة مجرد رخصة أو منزلة وسطى بين الرخصة والحق، وبذلك لا تنتقل إلى الورثة، لأن ما ينتقل إليهم هي الحقوق الكاملة التي تثبت للمورث ( )، وهذا ما يتفق مع المبادئ العامة للقانون والواجب تطبيقه في النزاعات المثارة أمام القضاء في هذا الشأن.

المبحث الثاني : شروط الأخذ بالشفعة.

سنحاول من خلال هذا المبحث أن نتطرق إلى أهم شروط الأخذ بالشفعة ولما يميز هذه الشروط ومن خلال هذه الدراسة سنسلط الضوء على تبيان مدى التوافق أوالإختلاف الحاصل بين ما أقرته الشريعة الإسلامية وما قننه المشرع بموجب القانون المدني .

المطلب الأول : بيع العقار

كي يتم الأخذ بالشفعة لابد من وجود عقار معد للبيع، هذا ما أجمع عليه فقهاء الشريعة وأقره المشرع الجزائري إذ لا شفعة في المنقول.
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقال هو: هل أن كل بيع عقاري يمكن أن يؤخذ فيه بالشفعة؟ وللإجابة عن هذا السؤال سنتعرض إلى مسألتين:

الفرع الاول : بيع العقار الاصل فيه جواز الاخذ بالشفعة.
يمكن القول أنه بمجرد وقوع بيع عقاري، ينفتح باب الشفعة متى توافر شروط الأخذ بها، فالأصل هو جواز الأخذ بالشفعة في البيع العقاري، وقد أقرت الشريعة الإسلامية ووافقها القانون المدني جملة من المسائل تدخل في هذا الإطار سنتناولها فيما يأتي :

1 – لا شفعة في المنقول:
فالشفعة لا ترد إلا على العقار، لذا فلا ترد على بيع حصة شائعة في السفينة ( ) لأنها منقول كما لا ترد الشفعة في المنقول بحسب المآل لبيع بناء آيل للهدم أو غراس للقلع ( )، وتجدر الإشارة إلى أن العقار بالتخصيص هو منقول بطبيعته رصد لخدمة العقار أو لاستغلاله ، فإنه بيع مستقلا عن العقار أعتبر منقولا ولا شفعة فيه أما إذا بيع مع العقار جاز أخذه بالشفعة تبعا للعقار وفقا للقواعد العامة قرار رقم 181 155 مؤرخ في 18/11/1997 جاء فيه )”إن المادة 794 من القانون المدني تنص على أن حق الشفعة لا يكون إلا في العقارات ، ولا يمكن ممارسته في المحلات التجارية “.

قرار رقم 100 150مؤرخ في 19/11/1997 جاء فيه ( ) ” من المقرر قانونا أنه يكتسب حق الانتفاع بالتعاقد ، بالشفعة وبالتقادم أو بمقتضى القانون.”
و من المقرر أيضا أنه يثبت حق الشفعة:
1- لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع المناسب للرقبة.
2- للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع لأجنبي.
3- لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أوبعضها.
ولما ثبت في قضية الحال – بأن قضاة المجلس قرروا بأن صفة الطاعنين كمستأجرين للأمكنة لا تسمح لهم التمسك بأي حق من حقوق الشفعة ، ولا يمكن اعتبارهم كذلك كمنتفعين حسب مفهوم المادة 844 من القانون المدني، فإنهم سببوا قرارهم تسبيبا كافيا ، وبالتالي فإن النعي على القرار المطعون فيه بانعدام الأسباب ليس في محله”.

2 – الشفعة غير قابلة للتجزئة:
تتعلق هذه المسألة بالحالة التي إذا بيع فيها عقار ، فلا يجوز للشفيع أن يشفع في جزء من هذا العقار دون جزء آخر ، فإما أن يشفع فيه كله أو يتركه كله .
وهذه المسألة قد تم تبيانها سابقا ضمن خصائص الشفعة

3 –لا شفعة إلا في عقد البيع:
إن فحوى هذه المسألة هو وجوب توافر عقد بيع للعقار يصدر من مالك العقار المشفوع فيه إلى المشفوع به، حتى يجوز الأخذ بالشفعة، وعقد البيع هو تصرف قانوني صادر من الجانبين وناقل للملكية يعوض، وعلى هذا فأي عقد أخر ولو كان ناقلا للملكية لا تجوز فيه الشفعة مثل: الهبة والمقايضة ( ) .
كما أنه إذا إنتقلت ملكية العقار بغير تصرف قانوني للميراث أوالإلتصاق أو التقادم فلا شفعة( ) وحتى لو إنتقلت ملكية العقار بتصرف قانوني من جانب واحد فلا شفعة، وهو الحال عليه في الوصية ( ) وما تجدر الإشارة إليه، هو حالة ما إذا كان عقد المعارضة الناقل للملكية هو عقد للبيع جاز الأخذ فيه بالشفعة ومع ذلك لا يؤخذ فيه بالشفعة، ومع ذلك لا يؤخذ بالشفعة في عقد البيع الباطل لأنه لاوجود له .
و يجوز الأخذ بالشفعة أيضا في البيع المعلق على شرط فاسخ أوعلى شرط واقف، لأن البيع في الحالتين موجود وإن كان وجوده قائم على خطر الزوال، ففي البيع العلق على شرط فاسخ، يكون البيع نافذا من وقت إبرامه، وعلى الشفيع أن يراعي مواعيد الشفعة وتسري من وقت إبرام العقد، فإذا أخذ بالشفعة في مواعيدها، حل محل المشتري في هذا البيع المعلق على شرط فاسخ، فإذا ما تخلف الشرط صار البيع باتا، وإذا ما تحقق زال البيع بأثر رجعي كما كان يزول بالنسبة للمشتري ولو لم يأخذ الشفيع بالشفعة أما إذا فوت الشفيع المواعيد فإن حقه يسقط. أما البيع المعلق على شرط واقف، فالبيع يكون غير نافذ و لكنه موجود، فيجوز الأخذ فيه بالشفعة و تحسب المواعيد من وقت إبرام البيع لا من وقت تحقق الشرط، فإذا مارس الشفيع الشفعة في المواعيد حل محل المشتري في هذا البيع وبتحقق الشرط ينفذ البيع بأثر رجعي وتنفذ معه الشفعة و إذا تخلف زال البيع بأثر رجعي و معه الشفعة، أما إذا فوت الشفيع المواعيد سقط حقه في الشفعة ( ) كما تجوز الشفعة كذلك في عقد البيع القابل للإبطال، لأنه موجود و نافذ و المواعيد فيه تحسب من يوم إبرام العقد ، و جدير بالذكر أن الشفيع قد يكون معرضا للمطالبة بالإبطال متى حل محل المشتري.( )
وتجدر الإشارة في ختام هذه المسألة إلى أن جميع النصوص و المواد المنظمة للشفعة تحدثت عن البائع و المشتري على أساس أن الشفعة لا تكون إلا في عقد البيع كما أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة في الوعد بالبيع في العقار وهذا ما أقرته المحكمة العليا في قرارها رقم 337 – 130 المؤرخ في 10/01/1995 إذ جاء فيه:” حيث أن قضاة الموضوع استجابوا لطلب المدعي و قضوا بإبطال عقد الوعد بالبيع القضاء له بإثبات حق الشفعة في العقار المتنازع عليه ، في حين أن حق الشفعة لا يكون إلا في حالة بيع العقار، فالمادة 794 من ق م تنص على أن الشفعة في بيع العقار، ولم تنص عليها في الوعد بالبيع “.

4 – الأخذ بالشفعة عند توالي البيوع:
لقد نصت المادة 797 من القانون المدني الجزائري على أنه:ًإذا إشترى شخص عقارا تجوز الشفعة فيه ثم باعه قبل أن تعلن أي رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل تسجيل هذه الرغبة طبقا للمادة801 ، فلا يجوز الأخذ بالشفعة، إلا من المشتري الثاني وحسب الشروط التي أشترى بها “، إن هذه المادة تفترض توالي عدة بيوع على نفس العقار، وتحدد في أي بيع منها يجوز للشفيع أن يأخذ فيه بالشفعة، ولتوضيح ذلك نفترض أن البائع قام ببيع عقاره لمشتر ما، ثم قام هذا المشتري ببيع نفس العقار لمشتر ثان ، فهل بأخذ الشفيع بالشفعة، في البيع الأول أم الثاني ؟
أجابت المادة على هذا التساؤل، وقضت الأخذ بالشفعة من المشتري الثاني، إذا لم تعلن الرغبة في الشفعة أو قبل تسجيلها، وهذا حسب الشروط التي اشترى بها، والسبب من وراء أخذ الشفعة في البيع الثاني، أي: من عند المشتري الثاني، هو أن البيع الأول لم يعد قائما بالنسبة للشفيع، وأما البيع الثاني فهو الساري المفعول والقائم في حقه لذا عليه المطالبة بالشفعة في هذا البيع بنفس الشروط، ولذا فإن كان هذا العقار مثلا غير قابل للشفعة لآي سبب منع على الشفيع الأخذ بالشفعة حتى ولو كانت شروط الأخذ بها قائمة في البيع الأول. ( )

5- جواز الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل:
السؤال المطروح في هذه المسألة يتمحور حول مدى جواز الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل أو غير المشهر .
إن المشرع سكت عن هذه المسألة ولم يتعرض لها لذا سنحاول في هذا المجال إستقراء إلى ما ذهب إليه الأستاذ السنهوري، وما أكدته أيضا محكمة النقض المصرية، فقد ذكر أن الشفعة جائزة في بيع العقار غير المسجل طالما أن الشفيع يحل محل المشتري في حقوقه، ومنها التزام في ذمة البائع بنقل الملكية إلى المشتري الذي حل محله الشفيع، إذ يستطيع الشفيع إلزام البائع بتنفيذ هذا الالتزام عينا، بل أن الحكم بثبوت الشفعة للشفيع إذا ما قام بتسجيله، بنقل ملكية العقار المبيع فعلا من البائع إلى الشفيع، وهو ما ذهب إليه الفقه، طالما أن نقل الملكية ليس ركنا في البيع، بل وأن قانون التسجيل لم ينص على بطلان العقد غير المشهر، سيما وأن حق الشفعة ينشأ من يوم البيع ولا يمكن تعليقه على حصول تسجيل العقد فوقت قيام سبب الشفعة هو وقت قيام العقد ( ).

الفرع الثاني: البيوع التي لايجوز الاخذ فيها بالشفعة
أجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على تحريم البيع الفاسد إذ لا تثبت عندهم الشفعة، في المشترى شراء فاسدا، لآن هذا العقد يجب نقضه، ورد المبيع إلى ملك بائعه، للتخلص من الفساد، فلا يكون البيع لازما لاحتمال فسخه من كل المتعاقدين( )، أما في القانون المدني فقد نصت المادة 798 منه على ما يلي:

لا شفعة:
– إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقا لإجراءات رسمها القانون
– وإذا وقع البيع بين الاصول والفروع أو بين الزوجين أوبين الأقارب إلى غاية الدرجة الرابعة، وبين الأصهار لغاية الدرجة الثانية،
– إذا كان العقار قد بيع ليكون محل عبادة أو يلحق بمحل العبادة.”
وبتفحص المادة يمكن القول بأن الفقرة الاولى تتحدث صراحة على أنه لا شفعة إذا حصل البيع بالمزاد العلني بإجراءات رسمها القانون ، ومن المعلوم قانونا أن البيع بالمزاد العلني هو البيع الجبري ، الذي يتم بناءا على أمر قضائي ، استنادا إلى طلب الدائنين قصد استيفاء حقوقهم من ثمنه ويتم وفقا لإجراءات رسمها القانون وهو ما يخص الدائنين المرتهنين وأصحاب حقوق الامتياز الخاصة على العقارات والحائزين على سند تنفيذي ، وقد حدد القسم الثاني من الباب السادس من قانون الاجراءات المدنية التدابير والاجراءات التي يتم بمقتضاها بيع العقارات بالمزاد العلني ، نظمتها المواد من 379 إلى 399 منه ( ) وعليه :
– البيع بالمزاد العلني لعقار شائع لا يمكن قسمته فلا تجوز الشفعة فيه .
– بيع الدولة لأملاكها الخاصة وفقا للإجراءات المقررة في التشريعات الجاري العمل بها، فهو بيع بالمزاد تلجأ إليه الإدارة في حالات معينة، فلا تجوز الشفعة فيه.
– الحجز الإداري و بيع العقار المحجوز عليه لاستيفاء الضرائب بمختلف أنواعها ، يتم وفقا لإجراءات غالبا ما تقررها التشريعات الجبائية، فهذا البيع لا تجوز فيه الشفعة.
– بيع عقار المفلس و عديم الأهلية والغائب بالمزاد العلني أمام جهة القضاء، فلا شفعة هنا.
– بيع أملاك القاصر العقارية بالمزاد العلني، بعد استئذان القاضي لما نصت عليه المادة 89 من قانون الأسرة، هو بيع لا تجوز الشفعة فيه.
أما قراءة الفقرة الثانية من المادة 798 من القانون المدني، فإننا نجدها تنص على أنه لا شفعة إذا وقع البيع بين الأصول و الفروع أو بين الزوجين أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة أو بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية و من ذلك :
– بيع الزوج لزوجنه أو الزوجة لزوجها ففي مثل هذه البيوع لا يجوز الأخذ بالشفعة
– بيع الشخص المالك لأحد فروعه أو لأحد أصوله فلا تتقيذ القرابة في هذه الحالة بدرجة معينة فإذا قام الأب أو الأم ببيع العقار لأحد أبنائهما أو أحفادهما ، فإن الشفعة لا تجوز، كذلك إذا قام الإبن أوالبنت ببيع عقار لأحد الوالدين أو الجدين فإن الشفعة في هذه الحالة أيضا لا يجوز الأخذ بها.
– بيع الشخص لأحد من أقربائه من الحواشي إلى غاية الدرجة الرابعة كإبن العم مثلا، فإن الشفعة في هذه الحالة لا يجوز الأخذ بها.
– بيع الشخص أملاكه لأحد أصهاره لغاية الدرجة الثانية مثل: الأب ، الزوجة أو لإبن زوجته من زوج أول ، أو لأخ زوجته أو أختها ، فهؤلاء الأشخاص يغلقون باب الشفعة على الشفيع، فلا يخول له إستعمال الشفعة عند حدوث هذا البيع.
أما الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر ، فتقرر أنه لا شفعة إذا كان العقار قد بيع ليكون محل عبادة أو ليلحق بمحل العبادة، فالمنع هنا تمليه إعتبارات دينية قدمها المشرع على مصلحة الشفيع . فإن باع شخص قطعة أرض لبناء مسجد فوقها أو ليلحقها بمسجد لغرض توسيعه، أو إقامة سكن للإمام، أولبناء حمام يضاف للمسجد، أو لإقامة دورة مياه للمسجد، أولبناء جناح صلاة للنساء، ففي كل هذه الحالات لا يمكن للشفيع أن يأخذ بالشفعة، وجدير بالملاحظة أن مثل هذه البيوع لا تشمل محلات العبادة للمسلمين فقط ، بل تتسع لتشمل أيضا الكنائس والمعابد لغير المسلمين.( )
و ما يمكن قوله حوله حول هذه المادة عموما هو،حظرها للشفعة مطلقا في هذه الحالات السالفة الذكر، فالشفعة بنص هذه المادة حظرت على الشفيع الأخذ بالشفعة ، تارة بالنظر إلى طريقة البيع، كحالة البيع بالمزاد العلني، وتارة إلى نوع العلاقة التي تربط طرفي عقد البيع كحالة القرابة، وتارة أخرى إلى الغرض الذي يقع البيع لأجله وتتجلى هذه الحالة في الفترة الأخيرة .

المطلب الثاني : وجود شفيع

سنحاول من خلال هذا المطلب التطرف إلى مسألتين:
الفرع الأول : من هو الشفيع؟
الفرع الثاني : تزاحم الشفعاء

الفرع الأول : من هو الشفيع ؟
لقد سبقت الإشارة إلى أن جمهور الفقهاء أعتبر أن الشفعة تثبت للشريك، أما الحنفية فقد إعتبروا أن الشفعة تثبت للشريك وجار، فهل أن المشرع الجزائري نحى هذا المنحى من خلال نصوص القانون المدني ؟ أم انه أقر غير هذا ؟
– إن المادة 795 من القانون المدني تنص : “يثبت حق الشفعة وذلك مع مراعاة الأحكام التي ينص عليها الأمر المتعلق بالثروة الزراعية : ( )
-لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع المناسب للرقبة .
– للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى الأجنبي.
– لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أوبعضها”
ولطالما أن المادة قد عددت الشفعاء مرتبين فسنستعرضهم هنا بهذا الترتيب الذي يتفاضلون به عند تزاحمهم كما سنرى لاحقا.
1- لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع:
هذه الحالة تكاد تكون نادرة في الحياة العملية، إلا أنه يمكن تحققها، كأن يكون هناك عقار مملوك لشخص معين ورتب عليه حق الانتفاع لشخص أخر، فإذا باع صاحب حق الانتفاع هذا الحق كان لملك العقار الذي أصبح مالكا لحق الرقبة بعد أن رتب حق الإنتفاع لغيره أن يشفع في حق الانتفاع المبيع، فإذا ما أخذ مالك الرقبة هذا الحق بالشفعة ضم بذلك حق الانتفاع لملكيته وعاد كما كان مالكا للعقار ملكية تامة ( ملكية وإنتفاع) وهذا هو الغرض الذي من أجله أعطى المشرع مالك الرقبة الحق في أن يأخذ بالشفعة، حق الانتفاع، وفي هذا الإحتمال لا نرى شفيعا أخر يزاحم مالك الرقبة في أخذ حق الانتفاع بالشفعة ( )
كما يمكننا أن نتصور إحتمالا أخر، كأن يرتب شخص مالك لعقار معين حق إنتفاع لأكثر من شخص في الشيوع، فإذا باع أحدهما حقه المشاع في الإنتفاع لشخص ثالث، كان لمالك الرقبة أن يستعمل حق الشفعة من أجل شراء الحصة المبيعة فيصبح حينئذ مالكا ملكية تامة لنصف الإنتفاع ومالكا لرقبة النصف الآخر، وفي هذه الحالة فإن المالك أسترد النصف الشائع من حق الانتفاع وضمه للرقبة كلها، وهكذا، لأن الشريك الآخر في حق الإنتفاع، لا يستطيع أن يزاحم مالك الرقبة في أخذ الحصة المبيعة في حق الانتفاع بالشفعة، لأن مالك الرقبة يسبق في الترتيب الشريك في الشيوع، المستفيد من حق الانتفاع ( ).
2 – للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي :
يتضح من هذه الفقرة أنه إذا قام أحد الشركاء في الشيوع ببيع حصته المشاعة أو جزء منها إلى شخص أجنبي، يكون الشركاء الآخرين في الشيوع أو أحد منهم أن يأخذ بالشفعة الحصة شائعة المراد بيعها، أو التي تم بيعها، وفي هذا المجال يجب أن تتوفر ثلاثة عوامل وهي( ):
– وجوب توافر عقار شائع
– قيام أحد الشركاء على الشيوع ببيع حصته المشاعة
– أن يكون البيع لفائدة أجنبي عن العقار قرار رقم 380 202 مؤرخ في 22/11/2000 الغرفة العقارية، القسم الثالث، “غير منشور جاء فيه:” من المقرر قانونا بالمادة 795 من القانون المدني، أن حق الشفعة يثبت الشريك في الشيوع، إذا بيع جزء من العقار لأجنبي، دون الإشارة إلى كون هذا الشريك وارثا أم لا.
– ولما كان ثابتا في قضية الحال أن الطاعن أصبح مالكا على الشيوع مع بقية الورثة المطعون ضدهم ، عندما إشترى مناب أختهما قي كل حقوقها العقارية ، بموجب عقد توثيقي مؤرخ في 29/01/1991 مسجل ومشهر، ومن ثمة فإنه لم يعد أجنبي عن العقار المشاع لما إشترى مرة ثانية كل الحقوق العقارية التي آلت إلى أختهما الثانية بموجب عقد توثيقي مؤرخ في 23/12/1996 ، عملا بأحكام المادة 795 من القانون المدني ، كما ذهب إليه خطأ قضاة المجلس عندما برروا موقفهم بأن الطاعن أجنبي عن الملكية الشائعة ، لأنه ليس وارثا ، وكرسوا للمدعي عليهما الطعن في حق إستعمال الشفعة، وبذلك فقد أخطئوا في تطبيق القانون، مما يتعين نقض قرارهم”( )

3-لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها :
و يتضح من هذه الفقرة أن صاحب حق الإنتفاع هنا يشفع في الرقبة، ولذلك يأتي في المرتبة الثالثة، وصورة ذلك تتجلى في إقدام مالك الرقبة على البيع إلى أجنبي في حين أنه كان قد رتب حق إنتفاع لفائدة شخص آخر ففي هذه الحالة فإن القانون بخول لصاحب حق الإنتفاع أن يتبع الإجراءات المنظمة للشفعة ، ذلك أنه بإستعماله هذا الحق يكون قد ضم حق الرقبة له و بذلك يستجمع عناصر الملكية التي ذكرناها سالفا ألا و هي السلطة القانونية التي يباشرها المالك على عقاره.
-هذه الصور الثالث السالفة الذكر هي ما أقره القانون المدني الجزائري ، إذ جعل الشفعة تثبت لأصحاب هذه الصور ، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا، هو المتعلق بنوع الشروط الواجب توافرها في الشفيع حتى يستحق المطالبة بالشفعة و يصبح شريكا بمفهوم المادة 795 ؟
و يمكن القول في إطار الإجابة على هذا السؤال أن هناك شروطا وجب أن تتوفر في الشفيع حتى يطالب بالشفعة ، تتمثل أساسا في ( ):
أ – أن يكون الشفيع مالكا للعقار المشفوع به من وقت بيع العقار المشفوع فيه، إلى وقت ثبوت حقه في الشفعة ، أي وجب أن يكون مالكا للرقبة أو صاحب حق إنتفاع، وإن كان الشفع بحصة شائعة في عقار مملوك على الشيوع، وجب أن يكون مالكا لهذه الحصة الشائعة، وملكيته سابقة على البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة ، فإن كانت الملكية بموجب عقد بيع، وجب أن يكون تاما ومسجلا وسابقا على البيع المشفوع فيه ، ولابد أن تستمر هذه الملكية حتى وقت ثبو

مذكرة تخرج بعنوان الشفعة بين الشريعة الإسلامية و القانون المدني الجزائري