مفهوم النظام العام وفقاً للاتجاهات الفقهية :
أختلف الفقه الاداري بتعريفه للنظام العام، وذلك بحسب وجهة النظر المنظور من خلالها لماهية هذه الفكرة، الامر الذي يستلزم بيان ذلك لدى الفقه الاداري في العراق ومصر وفرنسا.
1- موقف الفقه العراقي:
عرف النظام العام من قبل الفقه الاداري العراقي بتعاريف متعددة، اذ ذهب د. ابراهيم طه الفياض الى تعريفة بانه ((عبارة شاملة لكل امر او غرض يتدخل النشاط الضبطي المقيد للحرية الفردية لحمايتها))(1)، بينما عرفه د. خالد خليل الظاهر. بانه ((المفاهيم والعقائد التي يقوم عليها المجتمع ، سواء كانت اجتماعية او اقتصادية او سياسية السائدة في الدولة مع حركات تطور ظروف الزمان والمكان))(2)، اما استاذنا د. ماهر الجبوري فقد عرف النظام العام كونه ((مصالح عليا مشتركة لمجتمع ما في زمن معين يتفق الجميع على ضرورة سلامتها ))(3)، في حين عرفه استاذنا د. مهدي السلامي بانه ((مجموع المصالح المعترف بها كحاجات اساسية لحماية المجتمع))(4). ويلاحظ على تعريف النظام العام لدى الفقه العراقي انها قد وردت من قبل بعض الفقهاء دون البعض الاخر، كما ان تلك التعاريف لم تكن بارزة للجانب القانوني لهذه الفكرة، وسبب ذلك بالدرجة الاساس الى إن فكرة النظام العام هي فكرة قانونية واجتماعية، تخضع للمؤثرات السياسية السائدة في الدولة والهادفة الى حماية المبادئ والقيم الاخلاقية لأفراد المجتمع والتي توجب تدخل السلطة المختصة لغرض المحافظة عليها، وذلك قد يكون سبباً لاحجام الفقه العراقي سابقاً من تناول تعريفها بشكل مفصل، والاقتصار على ماهيتها بشكل عام فقط.
2- موقف الفقه المصري :
تباينت وجهات النظر لدى فقهاء القانون الاداري في مصر، عند تعريفهم لفكرة النظام العام، فذهب اصحاب الاتجاه الاول الى قصر هذه الفكرة على الجانب المادي فيه دون الجانب المعنوي له، بحيث يكون قاصراً للعناصر التقليدية فقط والمتمثلة بالأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة، ويترتب على ذلك ان لا شأن للنظام العام بحالة المجتمع المعنوية او الروحية، ما لم يكن لها مظهر خارجي يهدد النظام العام المادي، بشكل يسمح لسلطة الضبط بالتدخل لحمايتها الا ان ذلك لا يعني – بحسب اصحاب هذا الرأي – ان الاختلال الحاصل بالجانب المعنوي او الأخلاقي يقف مانعاً من تدخل الجهة الإدارية لحمايته، إذ لا يوجد ما يمنع من تدخلها بهذا المجال، الا ان الوسيلة المتبعة في ذلك هي وسيلة اخرى غير وسيلة الضبـط الاداري، باعتبار ان حماية الجوانـب المعنوية او الادبية من الواجبات الاساسية الملقاة على عاتق الجهة الادارية (5).
اما الاتجاه الثاني والذي يمثله اغلب الفقه المصري، فيذهب اصحابه الى توسيع مفهوم فكرة النظام العام، بحيث تكون شاملة للجوانب المادية منها والمعنوية على حدٍ سواء، كون هذه الفكرة تمثل ظاهرة قانونية تهدف الى حماية الاسس والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع. إذ يترتب على ذلك ان يكون لسلطة الضبط ان تتدخل لحماية النظام العام ، بغض النظر عما اذا كان الاخلال الحاصل به قد مس الجوانب المادية منه او الجوانب المعنوية والادبية.(6) ويلاحظ على الاتجاهين السابقين للفقهاء المصريين، إنها لم تتضمن تعريفاً محدداً للنظام العام، بوصفه غرض للضبط الاداري، بل اقتصرت على بيان مضمون هذه الفكرة، وفيما كانت مقتصرة على الجوانب المادية لها ام شاملة للجوانب المعنوية او الادبية ايضاً، لذا فقد اتجه بعض الفقه الى تعريف النظام العام من كونه ((حالة مادية او معنوية لمجتمع منظم، فهو الافكار الاساسية للقانون والمجتمع، فهو حالة وليست قانوناً، واحياناً اخرى تكون معنوية تسود المعتقدات والاخلاق، واحياناً اخرى تكون هذه الحالة هي الامرين معاً))(7). وذهب بعض الفقه المصري، الى بيان ماهية فكرة النظام العام، وتحديد العناصر الاساسية لها، باعتبار انها ظاهرة اجتماعية وقانونية ، تهدف الى المحافظة على اسس المجتمع ومبادئه وقيمة، وتكون ملزمة للافراد، بحيث لايجوز مخالفتها والا تحلل المجتمع اثر ذلك، ويتمثل مصدر تلك الظاهرة في القوانين او العرف او احكام القضاء، وتختلف من دولة الى اخرى، بحسب النظام السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي السائد فيها(8).
3- موقف الفقه الفرنسي :
أختلف الفقه الفرنسي، عند تحديده لماهية النظام العام، حيث ذهب الفقه التقليدي الى التضييق من هذه الفكرة العام، وقصرها على الجانب المادي لها دون الجانب المعنوي او الادبي منه، ويمثل هذا الاتجاه الفقيه هوريو Hauriou والذي عرف النظام العام كونه ((النظام المادي المحسوس والذي يعتبر بمثابة حالة مناقضة للفوضى))، اما النظام العام المعنوي او الأدبي والمتعلق بالأفكار والمعتقدات والاحاسيس فلا يقع تحت سلطان الضبط الإداري، ومع ذلك وبحسب أصحاب هذا الرأي فأن الاخلال بالنظام العام الادبي يمكن ان يكون مهدداً للنظام العام المادي بشكل مباشر وذلك لغرض حماية الجانب المادي منه (9). وقد اعتنق الفقيه ريفيرو Rivero الاتجاه السابق، حيث اكد بأن الأحاسيس السائدة في الأفكار والمعتقدات خارجة عن سلطات الضبط الاداري في النظم الديمقراطية، ومتى ما تجاوزت العقائد حدود الوجدان، وكان لها مظهراً خارجياً، بحيث يخشى منه على النظام العام المادي، فأن لسلطة الضبط ان تتدخل لحمايته(10). ونعتقد بأن قصر فكرة النظام العام على الجانب المادي فقط دون جانبه الادبي، وفقاً لما ذهب اليه الرأي السابق، وبشكل يضفي الطابع السلبي لهذه الفكرة دون طابعها الايجابي، قد يكون غير دقيق، وفيه تضييق لا مبرر له لفكرة النظام العام، باعتبار ان للجانب الادبي اوالمعنوي اهمية لا تقل عن اهمية الجانب المادي، بحيث ان الاخلال الحاصل في الجوانب الادبية لهذه الفكرة، قد ترتب اثارها السلبية احياناً على افراد المجتمع عند عدم تدخل سلطة الضبط الاداري لحمايتها او اعادتها الى نصابها. وقد ذهب الاتجاه الحديث في الفقه الفرنسي، الى تبني المفهوم الواسع لفكرة النظام العام بحيث تكون شاملة للجوانب المادية والمعنوية لها بوقت واحد على حد سواء، حيث ذهب الفقيه فالين “Waline” الى تعريف النظام العام بأنه ((مجموع الشروط اللازمة للأمن والاداب العامة التي لا غنى عنها لقيام علاقات سليمة بين الافراد، وعلى ذلك فأن النظام العام يتسع ليشمل الجانب الادبي او المعنوي اضافة للجانب المادي))(11)، بينما اتجه الفقيه بيردو “Burdeau” الى تعريف النظام العام كونه ((ذلك التنظيم الذي يتسع ليشمل جميع ابعاد النظام الاجتماعي ، فهو بذلك يشمل النظام المادي والادبي والنظام الاقتصادي)) ، اذ ان التعريف المذكور قد اضاف النظام العام الاقتصادي ضمن عناصر النظام العام.
واذا كانت الاراء السابقة في الفقه الفرنسي، قد اتفقت على اضفاء الصفة القانونية على فكرة النظام العام، واختلفت حول مضمون تلك الفكرة، وفيما اذا كانت مقتصرة على الجانب المادي لها ام انها شاملة للجوانب الادبية والمعنوية ايضاً ، فان هنالك من الفقه الفرنسي من انكر الصفة القانونية للنظام العام ، ومن هؤلاء الفقيه لويس لوكاس “Lauis Lucas” الذي يرى بان فكرة النظام العام هي فكرة متغيرة وعائمة، ويتعذر معها تحديد ماهيتها كونها اقرب صلة بالشعور منها بالواقع القانوني ، بينما ذهب الفقيه هيلي “Healy” بان تلك الفكرة هي بالدرجة الاساس فكرة اخلاقية يستحيل معه تحديد اطارها القانوني، كونها لا تعدو ان تكون مذهب ذي مضمون سياسي . واذا كانت فكرة النظام العام هي فكرة مرنة، ومتغيرة من زمان لاخر ومن مكان لاخر، الا ان ذلك لايقف مانعاًَ من تحديد اطارها القانوني، كونها فكرة قانونية ترتب نتائج مباشرة تجاه الادارة والافراد على حد سواء، والقول بخلاف ذلك يعني ان تلك النتائج قد تحققت عن فكرة غير قانونية، وذلك غير مقبول منطقاً، باعتبار انه قد يؤدي الى هدر واضح في حقوق وحريات الافراد. لذا فقد ذهب الفقيه برنارد Bernard”” الى التاكيد بان الادعاء بعمومية او اتساع فكرة النظام العام، وكونهـا غامضة، يمكن ان يرتب نتيجة مقتضاها عدم جدوى دراسة هذه الفكرة ، كونها تمثل مبادئ عليا وتوجيهات فقط.(12)
______________
1- د. ابراهيم طه الفياض: القانون الاداري، مكتبة الفلاح، الكويت، 1988.، ص232.
2- د. خالد خليل الظاهر: القانون الاداري، دراسة مقارنة، الكتاب الثاني، ط1، دار المسيرة للطباعة والنشر، 1997. ص23.
3- د. ماهر صالح علاوي الجبوري: مبادئ القانون الاداري، دراسة مقارنة، دار الكتب للطباعة والنشر، 1996، ص76.
4- د. عصام البرزنجي ، د.علي محمد بدير، د. مهدي السلامي: المبادئ العامة في القانون الاداري، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، بغداد 1993. ص216.
5- د. محمد فؤاد مهنا: مبادئ واحكام القانون الاداري، مؤسسة شباب الجامعة، القاهرة،1973، ص634.
6- د. سليمان محمد الطماوي: الضبط الاداري، بحيث منشور في مجلة الامن والقانون تصدرها كلية شرطة دبي، ع 1، س1، يناير، 1993، ص276. محمد شريف اسماعيل عبد المجيد: سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1980، ص60. د. عبد الرؤوف هاشم محمد بسيوني: نطرية الضبط الاداري في النظم الوضعية المعاصرة وفي الشريعة الاسلامية، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004، ص84. د. عادل السعيد محمد ابو الخير: الضبط الاداري، مجلة مركز بحوث الشرطة، اكاديمية الشرطة في مصر، ع14، (يوليو)، 1998.، ص150.
7- د. صلاح الدين فوزي: المبادئ العامة للقانون الاداري، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991، ص48.
8- د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام واثره على الحريات العامة، دار النهضة العربية، 1998، ص61.
9-Maurice Hauriou : op. cit، ،p.220 .
10-Jean Rivero: op. cit، p.392 .
11-Marcile waline : op. cit،p.641.
12- Paul Bernard: La natian d’order puplice endroit administrative، 1962. نقلاً عن حلمي خيري الحريري: وظيفة البوليس في النظم الديمقراطية، دراسة تطبيقية على مصر، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الدراسات العليا اكاديمية الشرطة في مصر، 1989، ص94
مفهوم النظام العام وفقاً للاتجاهات القضائية :
كان لغموض فكرة النظام العام، سبباً في عدم تحديد ماهيتها بدقة ووضوح في احكام القضاء الاداري في العراق ومصر وفرنسا، اذ كتب مفوض الدولة الفرنسي LeLaurneur)))) بهذا الصدد قائلاً ((ان فكرة النظام العام مبهمة، ان الضبط الاداري ليس مكلف فقط بحماية الدولة من الأخطار التي تهددها، بل عليه أيضاً ان يحمي الفرد من الاخطار والتي لا يمكنه هو نفسه استبعادها سواء كان مصدرها افراد اخرون ام كان مصدرها حيوانات او ظواهر طبيعية، لذلك ليس من الممكن حصر تلك المقتضيات ذات المضمون المتغير داخل صيغة محددة، ان تلك حقيقة قد ادركها القضاء تماماً))(1). ولغرض بيان موقف القضاء الاداري من فكرة النظام العام، فان ذلك يتطلب عرضاً مفصلاً لاحكام القضاء الاداري في العراق ومصر وفرنسا، وهذا ما سنعمد اليه في هذا الصدد تباعاً.
1- موقف القضاء الاداري العراقي:
تبنى القضاء الاداري العراقي الاتجاه القائم على التوسيع من فكرة النظام العام، بان جعلها شاملة للجوانب المادية والادبية او المعنوية على حد سواء، حيث استقرت الاحكام الصادرة في هذا الخصوص على الاقرار بمشروعية الاجراءات الادارية المتخذة لحماية النظام العام الاخلاقي، كونه مبرراً لتدخل سلطة الضبط الاداري المختصة للحفاظ عليه او اعادته الى نصابه، وتطبيقاً لذلك فقد عمدت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة الى نقض الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري المتضمن الغاء القرار الاداري الصادر بترحيل امرأة بسبب سوء سلوكها لعدم ثبوت ممارستها البغاء بحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية، على اعتبار (… ان معالجة مثل هذه الحالة والقضاء عليها قبل استفحالها وتحولها الى مرض خطير يؤثر على المجتمع صحيا واجتماعيا يتطلب ان يتخذ رئيس الوحدة الادارية اجراءات اصولية القصد منها ردع مَنْ تحوم حولهم هذه الشبهات بتأييد من اجهزة الشرطة والاجهزة الامنية ومجلس الشعب والجهات الاخرى ذات العلاقة، ذلك لان المحافظ هدف الى استتباب الامن والنظام عند اصداره القرار بترحيل المدعية….)(2).
كما ذهبت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة ايضاً الى تصديق حكم محكمة القضاء الاداري الصادر بالغاء القرار الاداري المتضمن منع نشر كتاب ((الاديان والمعتقدات وجزاء الثواب والعقاب في الحياة الدنيا)) كونه ((.. مفيد للقراء وانه يحذر المجتمع من غائلة ارتكاب الموبقات او مخالفة شرع الله … وانه ليس فيه ما يتقاطع مع مبدأ السلامة الفكرية او مايشم منه رائحة الاخلال بنظام المجتمع واحداث الشقاق والتفرقة بين شرائحه ويصلح للنشر ….. وقد أيد الخبراء المختصون ذلك امام المحكمة … لذلك يكون الاستنباط الذي توصلت اليه المحكمة سائغاً ويتفق مع الاصول المقررة قانوناً……..))(3) . رغم قلة احكام القضاء الاداري العراقي الصادرة بهذا الخصوص، الا ان مضمون تلك الاحكام بالاقرار من وجود نظام عام اخلاقي يكون مبرراً لتدخل سلطة الضبط انما يعد اتجاهاً جديراً بالاحترام، كونه يتطابق واحكام القانون الذي اشار صراحة الى اعتبار الاداب العامة من عناصـر النظام العام، كما سبقت الاشارة الى ذلك من جهة، ولان ذلك يتطابق مع المبادئ والاعراف والتقاليد السائدة في المجتمع العراقي من جهة اخرى. الامر الذي يقف حائلاً دون الاعتداد بالاتجاه القائم علي التضييق من فكرة النظام العام، بادعاء ان التوسيع فيها، وجعلها شاملة للجانب الاخلاقي يمثل تقييداً لا مبرر له لحريات الافراد، حيث ان هنالك من الضمانات الكافية لحماية تلك الحريات، ومن ابرزها الحماية القضائية، التي يمكن ان تحول دون حصول ذلك التقييد الا وفقاً للضوابط والحدود المرسومة قانوناً.
2. موقف القضاء الاداري المصري.
سارت احكام القضاء الاداري المصري ايضاً على التوسع من مفهوم فكرة النظام العام، ومنذ فترة مبكرة من ولادة هذا القضاء في مصر. بحيث تكون شاملة للجانب المادي والمعنوي بوقت واحد، حيث قضت محكمة القضاء الاداري بمشروعية القرار الاداري الصادر برفض الترخيص بفتح محل تجاري في منطقة الجيزة في القاهرة، وذلك بسبب مخالفته لمشروع تنسيقي اعدته الجهة الادارية المختصة سابقاً، بأعتبار ان (( الادارة – بمالها من وظيفة الضبط الاداري – مكلفة بمراعاة هدوء الاحياء السكنية وصيانتها من حيث الامن والصحة والمظهر، وانها قامت باعداد المشروع التنسيقي المذكور لحسن اداء الوظيفتين … ))(4). كما قضت ايضاً بمشروعية القرار الصادر من مجلس الوزراء بمصادرة كتاب ((الفرقان لابن الخطيب)) ومنع تداوله في مصر، وذلك بناء على طلب الازهر وشيخ المقاريء المصرية ، بأعتبار انه ((لا يشترط ان يقع بسبب التعرض للدين تكدير للسلم العام فعلاً، بل يكفي ان يكون من شأن التعرض حصول هذا التكدير أي يكون ثمة احتمال ان ينشأ عنه ويترتب عليه كما ان هذا التكدير لا يلزم ان يكون مادياً بحدوث شغب او حصول هياج، بل يكفي ان يكون معنوياً بأثارة الخواطـر واهاجة الشعور))(5).
وقد استمرت احكام القضاء الاداري المصري على الاعتداد بذات الاتجاه بأحكامه اللاحقة، حيث رفضت محكمة القضاء الاداري الطعن المقدم تجاه القرار الاداري الصادر بمصادرة كتاب ((الدين والضمير)) لكون ((الكتاب على هذه الصورة فيه مناهضة للنظام العام الذي من أخص عناصره الدين، كما فيه اخلال بالاداب العامة، ومن ثم اذا اصدر مدير عام الرقابة قراره بمصادرة هذا الكتاب بالتطبيق للاحكام السابقة، فان القرار يكون قد صدر ممن يملكه في حدود اختصاصه وقائماً على اسباب جدية مستمدة من اصول ثابتة في الاوراق التي توصل اليها مستهدفاً المصلحة العامة لحماية العقائد السماوية التي هي من النظام العام، وحماية الاداب العامة، وبالتالي فهو قرار سليم ومطابق للقانون))(6). كما قضت ايضاً برد الدعوى المقامة لغرض الغاء القرار الاداري الصادر بسحب الترخيص السابق بعرض فيلم ((خمسة باب)) بأعتبار ان ((الادارة العامة للرقابة قد اتخذت هذا القرار حرصاً على حماية الاداب العامة والمحافظة على الامن والنظام العام ومصالح الدولة العليا، وذلك لما يتضمنه الفيلم من مشاهد فاضحة وعبارات ساقطة تصريحاً وتلميحاً ، ومن ثم فان القرار الصادر بسحب الترخيص المطعون فيه يكون قرارا صائباً قانوناً ….))(7). وبذات الاتجاه فقد ذهبت المحكمة الادارية العليا في مصر الى ان ((المشرع قد اطلق حرية الابداع الفني في مجال الفن السينمائي، الا انه قيد هذا الاطلاق بحدود بينها القانون على سبيل الحصر هي حماية الاداب العامة، والمحافظة على الامن، والنظام العام، ومصالح الدولة العليا، بحيث اذا ما خرج المصنف السينمائي عن أحد هذه الحدود عد خارجا عن المقومات الاساسية الاقتصادية او الاجتماعية أو الاخلاقية او السياسية التي يحميها الدستور والتي تعلو وتسمو دائماً في مجال الرقابة والحماية على ما تتطلبه الحرية الفردية الخاصة……))(8).
ومن الاحكام الحديثة لمحكمة القضاء الاداري ماقضت بان (( النقاب في جميع الاحوال غير محظور شرعاً، وانما هو زي يباح للمــراة ارتدائه وفقا لما تراه، واساس ذلك تجسيد حرية المرأة الشخصية، وتاكيد لحريتها العقيدية التي كفلها الدستور، ونتيجة لذلك لا يجوز لاية سلطة كانت ان تحظر ارتداء النقاب ولا وجه للقول بان لولي الامر لان يضع الضوابط اللازمة لحفظ النظام العام……وارتداء طالبات المدارس للنقاب لاينطوي على اخلال او عدم التزام بالزي المدرسي وانما هو في حقيقته إضافة الى الزي وليس انتفاضاً منه……))(9).
3. موقف القضاء الاداري الفرنسي:
اتجه القضاء الاداري الفرنسي اول الامر الى تبنى الاتجاه القائم على التضييق من فكرة النظام العام، بان قصرها على الجانب المادي فقط بدون جوانبها الادبية او المعنوية بحيث لا يجوز لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحماية الجانب المعنوي للنظام العام ما لم يكن هذا الاخير ماساً بشكل مباشر بالجانب المادي لهذه الفكرة، لذا فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بشرعية القرار الاداري الصادر بمنع عرض المطبوعات المتضمنة عرض ووصف للجرائم التي تقع في الاماكن العامة بأعتبار ان ذلك يتعلق بالاداب العامة كونه يثير نزعة الاجرام عند الشباب(10). كما قضى بصحة لائحة الضبط التي تحرم على النساء ارتداء زي الرجال ، بأعتبار انه (( ينبغي ان يكون مفهوماً ان الضبط الاداري من واجبه ان يحافظ على مقتضيات الاداب العامة التي اصطلحت اوساط الناس على تقبلها في وقت من الاوقات، ومعيار هذه الاداب يقاس بما يحرص الناس على احترامه والابقاء عليه ))(11). وقضى ايضاً ، بان (( حماية المقيمين في المستعمرة من تعاطي المشروبات الروحية ، يهم النظام العام مباشرة ، بشكل يسمح للجهة الادارية ان تتخذ الاجراءات اللازمة لحماية ابناء المستعمرة من تأثير المشروبات الروحية…))(12). ويلاحظ بأن الاحكام السابقة التي اصدرها مجلس الدولة الفرنسي، تعد احكاماً فردية في حماية الاداب العامة، ولا تجيز لسلطة الضبط ان تتدخل لحمايتها ما لم يكن لها مظهر مادي ملموس خارجياً، الا ان نقطة التحول في قضاء هذا المجلس يتمثل بحكمه الصادر بتاريخ 18/ديسمبر/1959 في قضية لوتسيا ((Lutetia))، حيث اقر مجلس الدولة الفرنسي لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لمنع عرض الفيلم المذكور، رغم وجود اجازة سابقة بعرضه صادرة من هيئة الرقابة، وذلك متى ترتب على عرض الفيلم المذكور اخلال بالنظام العام بسبب صفته اللااخلاقية والمقترنة مع الٍٍظروف المحلية بموقفها(13).
وقد تواترت احكام مجلس الدولة الفرنسي بعد الحكم المذكور، على الاقرار بالنظام العام المعنوي او الادبي بشكل مستقل عن النظام العام المادي، والذي يجيز لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحمايته والحفاظ عليها(14)، بل ان مجلس الدولة الفرنسي لم يتوقف عند هذا الحد، بل توسع الى ابعد الحدود في تفسير فكرة الاداب العامة نفسها، حيث قضى بقراره المؤرخ27/اكتوبر/1995 الى ان كرامة وشرف الانسان الادمي تشكل احدى عناصر النظام العام وبالتالي فقد اعترف لسلطة الضبط بالحق في التدخل لمنع العروض المسرحيه التي تشكل اعتداء على كرامة الانسان الادمية. واذا كنا قد عرضنا للاحكام الصادرة من القضاء الاداري في العراق ومصر وفرنسا، فان ماتجب الاشارة اليه، ان الاحكام المذكورة لم تتطرق لبيان تعريف محدد للنظام العام، بل اكتفت هذه الاحكام للاشارة فيما واذ كان النظام العام يتمثل بالنظام العام المادي فحسب بل انه شاملاً للنظام العام المعنوي او الادبي، حيث يلاحظ بان احكام القضاء الاداري في العراق ومصر قد شملت الامرين معاً ولم تقصر ذلك على الجانب المادي فقط، ويعود ذلك الى ان النظام العام المعنوي قد ورد النص عليه صراحة في الدستور او القوانين المنظمة لعمل سلطة الضبط الاداري في العراق ومصر، كما سبقت الاشارة لذلك، بينما تبين ان احكام القضاء الاداري الفرنسي قد قصرت ذلك الامر على النظام العام المادي ابتداء الا انها ما لبثت أن شملت ذلك للجوانب المادية والمعنوية اوالادبية فيما بعد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فان استقراء الاحكام القضائية المذكورة قد اوضحت الفارق الشاسع في الصياغة القانونية واستنباط الاحكام القانونية من جوهر التشريع لدى القضاء الاداري في مصر وفرنسا، بخلاف عما هو عليه الحال في احكام القضاء الاداري العراقي، والتي جاءت مقتضبة التسبيب، وعدم تناولها لاراء الفقه القانوني في هذا الخصوص، وربما يعود السبب بذلك الى حداثة نشوء القضاء الاداري العراقي مقارنة عما هو عليه الحال في مصر وفرنسا، اذ لم ينشأ القضاء الاداري في العراق الابموجب القانون رقم 106لسنة 1989وهو قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة .
__________________
1- د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده، الهيئة المصرية للكتاب، 1995.
، ص 150
2- قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة رقم 15/تمييز / 1996 في 7/4/1996 اورده علي حسين احمد غيلان: الاتجاهات الحديثة في الرقابة القضائية والسلطة التقديرية للادارة، دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد، 2000، ص150 وبذات المعنى قرارها المرقم 12/97 في 16/3/1997، اورده استاذنا د.ماهر صالح علاوي: مفهوم القرار الاداري في احكام القضاء الاداري العراقي ، بحث منشور في مجلة العدالة، ع1، س1999، ص74 .
3- قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة المرقم 4/ اداري / تمييز / 93 في 7/2/1993 اورده علي حسين احمد غيلان: الاتجاهات الحديثة في الرقابة القضائية والسلطة التقديرية للادارة، دراسة مقارنة، كلية القانون، جامعة بغداد، 2000، ص150.
4- قرارها المرقم 571 ، س3 في 26/4/1949، اورده د. مجدي احمد فتح الله حسن: فاعلية الاداء الضبطي لرجال الشرطة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002 ص109
5- قرارها المرقم 685 في 11/5/1950، اورده د. فاروق عبد البر: دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقوق والحريات العامة، ج1، مطابع سجل العرب، 1988، ص302.
6- قرارها المرقم 837، س14. ق في 9/7/1963، اورده د. محمد الوكيل: حالة الطوارئ وسلطات الضبط الاداري، دارسة مقارنة، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص65
7- قرارها المرقم 1/ 556 س37. ق في 13/ يونيو/ 1989، اورده د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: الوجيز في القانون الاداري، دار النهضة العربية، 2001 – 2002، ص65 .
8- قرارها الرقم 1007،س32. ق.في 26/1/1991، اورده د. مجدي احمد فتح الله حسن: فاعلية الاداء الضبطي لرجال الشرطة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002ص111.
9- قرارها الرقم 282/ 49 في 18/10/1994، اورده د.عبد الفتاح مراد : شرح الحريات العامة وتطبيقات المحاكم بشأنها، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، بدون سنة نشر ص425-426
10- قراره المؤرخ 29/ يناير/ 1937، اورده د. محمد شريف اسماعيل: الوظيفة الادارية للشرطة، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، 1995، ص57
11-C.E.17.JUILL، 1941،DAM DERAUARD ،D ،1942 ،p.
12- قراره المؤرخ 5/ديسمبر /1941، اورده د. عزيزة الشريف: دراسات في التنظيم القانوني للنشاط الضبطي، دار النهضة العربية، 1989، ص28.
13-C.E.18. Dec، 1959، Societe des films lutetia، D.1960،
14- ومن ذلك القرارات المؤرخة 14/اكتوبر/1960 و 23/ ديسمبر/1960 و 13/مارس/1965، 26/يوليو/1985 لتفصيل ذلك ينظر د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995 ص164، هامش 3.
العناصر التقليدية للنظام العام :
لا شبهة من كون العناصر التقليدية للنظام العام تقتصر على الامن العام والصحة العامة والسكنية العامة، بحيث يجوز لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحماية النظام العام او اعادته الى نصابه عند الاخلال باحد العناصر المذكورة.(1)
اولاً : الأمن العام:
يقصد بالامن العام حماية افراد المجتمع من المخاطر والحوادث التي تهددهم في ارواحهم واعراضهم واموالهم، سواء كان مصدر تلك المخاطر يرجع الى فعل الانسان ام الحيوان ام الطبيعة.(2)
كما يعرف بانه ((عنصر النظام العام الذي يتضمن غياب الاخطار التي تهدد الحياة وحماية حق الملكية للافراد، وتدارك اخطار الحوادث))(3)، او هو ((اشاعة اطمئنان الناس على انفسهم وعلى اموالهم واعراضهم ، ويتحقق بالاحتياط من الاخلال به وبدرء الفتن والاضطربات وحماية الجمهور من مخاطر وسائط النقل والحرائق وانهيار المباني وفيضان الانهر))(4). وتتمثل المخاطر التي تهدد الامن العام، وتُعد من صنع الانسان ، بحوادث القتل والسرقة والمرور. وغيرها، بينما تتمثل الحوادث الواقعة بفعل الطبيعة بالزلازل والبراكين والفيضانات والحرائق وانهيار الابنية وغيرها.
ولغرض المحافظة على الامن العام فان على سلطة الضبط الاداري ، القيام بالعديد من الواجبات واهمها:
(1)اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع وقوع الجرائم كالقتل والسرقة وحوادث المرور وغيرها ، ومن ذلك مايتعلق بمنح التراخيص بحمل او حيازة السلاح او الغاءها ، فقد قضت محكمة القضاء الاداري في مصر على سبيل المثال برفض الطلب المقدم من قبل احد الافراد لغرض الترخيص بحمل السلاح وذلك بسبب المعلومات المتوفرة عنه والتي دلت على رعونته ، مما قد يعرض الامن العام للخطر(5).
(2)اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من خطورة بعض الاشخاص في المجتمع بسبب خطورتهم الاجرامية ، فقد قضت محكمة القضاء الاداري في مصر (بصحة قرار الاعتقال بحق احد الافراد بسبب اتجاره بالمخدرات وان له نشاط كبير فيها مما يعرض الامن العام للخطر)( 6 ) .
(3) أتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاجتماعات والمظاهرات العامة، متى ما كانت مهددة للامن العام، فقد قضت محكمة القضاء الاداري في مصر بان ((هذا الحق شانه شان أي حق فردي اخر يجب الاتخرج ممارساته عن مقتضيات النظام العام بمدلولاته المتعاوف عليها الامن- السكينة – الصحة))(7)
(4) اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنظيم المرور في الشوارع، كفرض حدود معينة للسرعة او فرض قيود على مركبات النقل او تنظيم وقوف المركبات في الاماكن المخصصة لها، فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي على سبيل المثال بمشروعية القرار الاداري الذي اصدره المحافظ ومنع بموجبه بيع المشروبات الكحولية من الساعة العاشرة مساءاً وحتى الساعة السادسة صباحاً لغرض الحد من حوادث المرور وحماية الامن العام في المحافظة(8). كما قضت محكمة القضاء الاداري في مصر بان(( للمحافظ حق في تعين الشوارع التي تمر بها عربات الركوب وفي قصر هذا المرور على شارع دون غيره وفي منعه من شارع او جزء من شارع كما ان له الحق في تنظيم المرور وذلك صيانة لارواح الناس وللمحافظة على الامن العام))(9).
(5) اتخاذ الاجراءات اللازمة بغية ابعاد الاجانب عن البلاد ، حفاظاً على الامن العام (10)، فقد قضت محكمة التمييز في العراق بان (( الجنسية هي علاقة تربط الفرد بالدولة وتتعلق بكيان الدولة ومقوماتها الاساسية وان الدولة هي صاحبة الحق في منح الاجنبي جنسيتها واعتباره من رعاياها الذين يساهمون في تكوينها وبقائها والذود عنها ان رأته مواطناً صالحاً والا فمن حقها أن تسحب جنسيتها منه إن رأته مصدر خطر على سلامتها وامنها وابعاده خارج ارضها…))(11).
(6) اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية الافراد من خطر المباني الايلة للسقوط ، لما يمكن ان يسبب ذلك من اخطار مهددة للامن العام داخل المجتمع.(12)
ولأهمية الأمن العام كأحد عناصر النظام العام. فقد ورد النص عليه في العديد من المواثيق الدولية، حيث نصت المادة التاسعة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 على انه ((لا يجوز اعتقال أي انسان او نفيه او حبسه تعسفاً)). كما نصت المادة (9/1) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية لعام1966، على ((لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية، ولا يجوز القبض على أحد او ايقافه بشكل تعسفي)) كما نصت المادة12/3 منها على ان ((لا تخضع الحقوق المشار اليها اعلاه لاية قيود عدا تلك المنصوص عليها في القانون والتي تعتبر ضرورية لحماية الامن الوطني او النظام العام او الصحة العامة او الاخلاق او حقوق وحريات الاخرين …. )). كما ورد النص على الامن العام في العديد من الدساتير الاجنبية والعربية، وذلك كمبرر لتقييد بعض الحريات العامة، حيث ورد النص عليه في بعض الدساتير بشكل منفرد لغرض تقييد بعض الحريات العامة(13)، بينما ورد النص عليه في دساتير اخرى مع مبررات اضافية له لتقييد تلك الحريات(14) ، ومن جهة اخرى فان هنالك من النصوص الدستورية التي تستخدم مصطلحات مترادفة للدلالة على الامن العام ومن ذلك الامن القومي او امن المجتمع، فقد ورد النص في المادة (41) من الدستور المصري لعام 1971 على ان ((الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على احد او تفتيشه او حبسه او تقيد حريته باي قيد او منعه من التنقل الا لأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع))(15). أما في العراق فقد ورد النص في المادة (7/ثانياً) من الدستور الحالي لعام 2005 على ان ((تلتزم الدولة بمحاربة الارهاب بجميع اشكاله، وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقراً او ممراً او ساحة لنشاطه)) كما نصت المادة (9/اولاً/د) منه بان ((يقوم جهاز المخابرات الوطني العراقي بجمع المعلومات ، وتقويم التهديدات الموجهه للامن الوطني، وتقديم المشورة للحكومة العراقية، وبموجب مباديء حقوق الانسان المعترف بها)). بينما نصت المادة (40) منه على ان ((حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية وغيرها مكفولة ولا يجوز مراقبتها او التصنت عليها او الكشف عنها الا لضرورة قانونية وامنية وبقرار قضائي)).
ويمكن لسلطة الضبط الاداري في العراق ان تتخذ الاجراءات اللازمة لحماية الامن العام، استناداً للعديد من النصوص القانونية، ومن اهمها ما ورد عليه النص في المادة الثانية من قانون المخدرات رقم 68 سنة 1965، من ان ((على السلطة الادارية ان تتخذ التدابير لاقتلاع كل ما يصل الى علمها من النباتات الوارد ذكرها في الفقرة (1) سواء كانت مزروعة بصورة مشروعه او غير مشروعة..))، لمادة الاولى من قانون الاستعانة الاضطرارية رقم 37 لسنة 1961 من ان ((للمتصرف في الحوادث الفجائية التي ينجم عنها ضرر جسيم كالفيضان وطغيان المياه وتوسع الحريق والثلوج وانهيار المباني والزلازل وانتشار الآفات الزراعية اتخاذ ما يلزم من تدابير واجراءات تستلزمها هذه والاحوال وفق احكام هذا القانون….))، والمادة السابعة عشرة من قانون المحافظات رقم 159 لسنة 1969 التي تنص على ان ((يهدف المحافظ في ادارة محافظته الى تحقيق ما يلي: 1-استتاب الامن والنظام)). اضافة الى المواد من (103- 110) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المتعلقة باتخاذ التدابير الاحترازية بحق الافراد الذين يكونوا في حالة خطرة على المجتمع، وهي تدابير احترازية سالبة ومقيدة للحرية ومنها الحجز في مأوى علاجي وحظر ارتياد الحانات ومنع الاقامة ومراقبة الشرطة. كذلك مادور عليه النص في المادة (5) من قانون جوازات السفر رقم 32 لسنة 1999 من ان((اولاً: لمدير الامن العام او من يخوله لامور تتعلق بمصلحة العدل او الامن او لاسباب استثنائية ان لا يأذن لشخص ما بمغادرة العراق…)) والمادة (13) من قانون المرور رقم 86 سنة 2004 من ان ((لضابط المرور صلاحية ايقاف وتفتيش أي مركبة لا تتوفر فيها شروط المتانة والامان)) والمادة (35) منه على ان ((1. تقوم مديريات المرور بالمحافظات بتنظيم اسبوع في كل عام لغرض توعية المواطنين بقصد تنظيم المرور وتخفيض نسبة الحوادث))، كذلك فقد نصت المادة الثالثة من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 بأنه ((تعتبر بوجه خاص الافعال التالية من جرائم امن الدولة 1- كل فعل ذو دوافع ارهابية من شأنه تهديد الوحدة الوطنية وسلامة المجتمع ويمس امن الدولة واستقرارها ويضعف من قدرة الاجهزة الامنية في الدفاع والحفاظ على امن المواطنين وممتلكاتهم وحدود الدولة ومؤسساتها بالاصطدام المسلح مع قوات الدولة او أي شكل من الاشكال التي تخرج عن حرية التعبير التي يكفلها القانون…)).
ثانياً: الصحة العامة.
يقصد بالصحة العامة حماية افراد المجتمع من كل ما يهدد صحتهم من امراض او أوبئة و مخاطر العدوى و اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية صحة الانسان والحيوان وسلامة العقارات والطرق العامة ومراعاة الشروط الصحـية في المنشآت الصناعية والتجارية(16). كما تعرف الصحة العامة من كونها ((عنصر النظام العام الذي يتميز بانعدام الامراض وتهديدها والذي يتطلب حالة صحية مرضية، ويتمخض عن اجراءات تتعلق بصحة الاشخاص والحيوانات والاشياء))(17).
وللصحة العامة اهمية قصوى في الوقت الحاضر، وذلك بسبب زيادة السكان وسهولة الاختلاط بينهم وازدحام الشوارع والطرق العامة، بشكل يسهل انتقال الامراض بينهم، اضافة للتطورات الصناعية التي ترتب اثارها السلبية في تلوث الهواء لكثرة عدد المركبات وانتشار الغازات السامة وزيادة اعداد المصانع، الامر الذي يجعل من بعض الامراض كوارث حقيقية تجاه افراد المجتمع(18). اضافة الى وجود بعض الامراض المستعصية على العلاج حتى الوقت الحاضر مثل امراض الايدز وانفلونزا الطيور. وللصحة العامة ارتباط مباشر بالامن العام، باعتبار ان المحافظة عليها يؤدي الى رفع المستوى المعاشي لدى الافراد وازدهار الانتاج القومي للدولة الامر الذي يترتب عليه الحد عن العديد من الجرائم المرتكبة وخاصة الاقتصادية منها، وفي ذلك اثار ايجابية على الامن العام داخل الدولة(19). ولغرض المحافظة على الصحة العامة، فان على سلطات الضبط الاداري اتخاذ العديد من الاجراءات، ومن اهمها:
(1) حماية الصحة الجماعية: ويتم ذلك من خلال اتخاذ العديد من الاجراءات لحماية افراد المجتمع من الامراض والاوبئة كتلقيح الافراد اجبارياً ضد الامراض المعدية وابادة الحشرات وقتل الحيوانات الموبوءة، والاهتمـام بميـاه الشرب والتخلص من الفضلات والقمامة ونقلها الى الاماكن المخصصة لها، واتخاذ التدابير اللازمة لمراقبة المواد الغذائية والمعروضة للبيع والاشراف الصحي المباشر في اماكن بيعها أو استهلاكها، ومراقبة نظام الاماكن والطرق العامة(20). ان حماية الصحة الجماعية لافراد المجتمع، قد تؤدي احياناً الى المساس ببعض الحريات الفردية ومن ذلك على سبيل المثال فرض الرقابة الصحية على الافراد القادمين من خارج البلاد، وخاصة للقادمين من دول تفشى فيها وباء ما، أو عزل الاشخاص المصابين بامراض معدية او حجزهم في الاماكن المخصصة لذلك(21).
2- حماية البيئة من التلوث: البيئة هي الوسط المتصل بحياة الافراد وصحتهم في المجتمع، سواء كان ذلك الوسط من صنع الانسان ام من صنع الطبيعة، وتشمل على عناصر طبيعية كالانهار والبحار والغابات والهواء، واخرى صناعية كالمدن والمصانع والاراضي والزارعية وغيرها(22). وحماية البيئة من التلوث تعد من الحقوق الاساسية للانسان، والمعترف بها على الصعيدين الداخلي والدولي على حد سواء، وذلك بسبب ما يمكن ان ترتبه من ابعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، اذ يطلق عادة على القانون المنظم لها بقانون ((التضامن والتصالح))، كون الغاية الاساسية من تشريع القانون تتمثل بالتضامن بين افراد المجتمع داخل الدولة الواحدة، وكذلك بين الدول المختلفة بغية حماية البيئة والحفاظ عليها(23). واذا كان للتطورات العلمية اثارها الايجابية في كافة الميادين، والمتمثلة برفع المستوى المعاشي للافراد، وزيادة الرفاهية لهم، والتقليل من عدد الوفيات بينـهم، الا ان ذلك لا يمنع من حصول اثار سلبية لتلك التطورات بشكل يهدد حياة الافراد وصحتهم العامة، والتي تتمثل بانبعاث الغازات السامة الناتجة عن العمليات الصناعية، والاخطار الناجمة من استخدام مصادر الطاقة المتعددة كالبترول والمواد النووية والكيميائية والذرية، وما ينتج عن ذلك من اشعاعات خطرة تهدد حياة الافراد مباشرة في المجتمع(24). وذلك ما يتطلب تضامن كافة الجهود لمعالجة ذلك والحد من الخطر المترتب عليها. ان ما تجب الاشارة اليه ان الحق في بيئة سليمة، لا يمكن ان يعني الحق في بيئة مثالية، باعتبار ان هذا الاخير صعب المنال ان لم يكن مستحيلاً، لذا فان الامر لا يتعدى كونه الحفاظ على البيئة الحالية وحمايتها وتطويرها، وفي ذلك اتصال مباشر بحق الانسان في الحياة، باعتبار ان مخالفته يمثل انتهاكاً لحقوق الانسان، اذ لا حياة بدون بيئة صحية، وبالتالي فلا يمكن ان يفسر مصطلح ((حقوق البيئة)) بمعزل من حقوق الانسان، رغم ما يتطلبه كل ذلك من جهود وطنية ودولية لهذا الغرض(25)، وتتمثل على وجه الخصوص باتخاذ الاجراءات الوقائية من قبل سلطة الضبط الاداري داخل الدولة، لمنع حصول التلوث او الزام المصانع والمعامل بمواصفات معينة عند تصنيع الاجهزة او تنقية المياه او استخدام نوع معين من الوقود(26).
3- توافر الشروط الصحية للعقارات والمنشآت الصناعية والتجارية: ويراد من ذلك اتخاذ الاجراءات المناسبة عند بناء المساكن للافراد، بحيث يتوفر فيها الشروط الصحية اللازمة للسكن، ومنع تعرضهم للامراض، وكذلك مراعاة الشروط الصحية في المنشآت الصناعية والتجارية، لغرض الحفاظ على سلامة المقيمين فيها او العاملين او المارين بالقرب منها، ومن ذلك على سبيل المثال توافر المعدات اللازمة لاطفاء الحرائق أو احتياطات المصاعد الكهربائية او اقامة المصانع والمعامل على بعد معين من المناطق السكنية وغيرها(27). ولاهمية الصحة العامة، كأحد عناصر النظام العام، فقد تناولته العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية، ومن ذلك المادة 25/1/ من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948، والتي نصت بأن ((1- لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولاسرته….))، والمادة (12) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على ان ((1- لكل فرد مقيم بصفة قانونية ضمن اقليم دولة ما الحق في حرية الانتقال… 2- لا تخضع الحقوق الشار اليها اعلاه لاي قيود عدا تلك المنصوص عليها في القانون والتي تعتبر ضرورية لحماية الامن الوطني او النظام العام او الصحة العامة او الاخلاق او حقوق وحريات الاخرين…)). كما ابرزت العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية، مظاهر الاهتمام بالبيئة من قبل المجتمع الدولي، ومن اهمها اعلان استوكهولم لعام 1972 الصادر عن الامم المتحدة للبيئة البشرية، والذي اشار لمبادئ العلاقات بين الدول بشأن البيئة وكيفية التعامل معها أو المسؤولية عما يصيبها من اضرار، والاجراءات اللازمة للحفاظ عليها، وكذلك الميثاق العالمي للطبيعة لعام 1982 والصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة والمتضمن وجوب التعاون بين الدول والمنظمات الدولية والافراد للحفاظ على الطبيعة وحماية البيئة. وكذلك جدول اعمال القرن (21) وهي الوثيقة الاساسية لمؤتمر الامم المتحدة، للبيئة والتنمية لعام 1992، والمتضمن توجيهات الحماية البيئية على مستوى العالم ومن ذلك الحفاظ على الموارد الطبيعية وحماية الغلاف الجوي ومحاربة التصحر والجفاف والحفاظ على الغابات والحفاظ على مصادر المياه العذبة وغيرها…، واخيراً اعلان (ريو) الصادر عن مؤتمر الامم المتحدة للبيئة والتنمية لعام 1992 (قمة الارض)، والهادف الى ارساء علاقات متوازنة بين العالم الصناعي والعالم النامي من خلال التعاون لمواجهة تدهور البيئة، ومسؤولية الدول الصناعية عن ذلك، وحق الدول النامية في التنمية(28). اما عن النصوص القانونية التي وردت لغرض المحافظة على الصحة العامة، فقد ورد النص في المادة (97) من قانون 5/ابرل/1884 الفرنسي والتي تقابل المادة 131 من قانون المحليات والتي اصبحت المادة 142 من قانون سنة 1996 بان العمدة هو المسؤول عن الصحة العامة، وله اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لحمايتها في المحافظة والبلديات التابعة لها، كما ان له اتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية المواد الغذائية المعروضة للبيع والاشراف على سلامة السوق وتوافر الشروط الصحية فيه، وله الحق في مراقبة السلع المعروضة للبيع وسلامة المذابح دون المساس او الاعتداء على حرية التجارة التي كفلها القانون، كما اعطى القانون المذكور للمحافظ ان يأمر بايقاف الابنية التي لا تتوافر فيها شروط السلامة الصحية، وقد فرق القانون الصادر عام 1902 في هذا الصدد بين المباني القديمة والمباني الحديثة، حيث اجاز للعمدة ان يمنع السكن في المباني القديمة، عند عدم توافر الشروط الصحية فيها، وان له الحلول محل مالك العقار لغرض اصلاحه على حسابه (المالك) الخاص عند امتناعه عن القيام بذلك، اما المباني الحديثة فانها تخضع لنصوص لائحية وزارية توجب الحصول على ترخيص بالبناء من الجهة الادارية المختصة قبل المباشرة بالبناء، بحيث لا يمكن منح الترخيص الا بعد التأكد من توافر الشروط الصحية فيه(29).
اما في مصر، فقد ورد النص في المادة (16) من الدستور المصري لعام 1971، على ان ((تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية في يسر وانتظام وفقاً لمستواها))، ونصت المادة (17) منه على ان ((تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي. ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعاً، وذلك وفقاً للقانون)). وقد صدر في مصر العديد من القوانين اللازمة لحماية الصحة العامة ومنها قانون الادارة المحلية، رقم 43 لسنة 1979، والذي اوجب على المحافظ حماية الصحة العامة في المحافظة، وله اتخاذ التدابير الضبطية اللازمة لوقايتها ومنع انتشار الاوبئة، والامراض المعدية، ومنع انتقال العدوى ومعاقبة المخالفين للمواقع الصحية. والقانون رقم 33 لسنة 1957 الخاص بالباعة المتجولين والقانون رقم 10 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1976 الخاص بمراقبة الاغذية وتنظيم تداولها، والقانون رقم 106 لسنة 1976، المعدل بالقانون رقم 209 لسنة 1980 الخاص بتوافر الشروط الصحية للعقارات. اضافة الى القانون رقم 27 لسنة 1978 والخاص بتنظيم الموارد العامة للمياه اللازمة للشرب والاستعمال الادمي، والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، والقانون رقم 894 لسنة 1969 بشأن انشاء لجنة عليا لحماية الهواء من التلوث، والقانون رقم 102 لسنة 1983 في مجال حماية المحميات الطبيعية(30).
أما في العراق، فقد ورد النص في المادة (33) من دستور عام 1970 على ان ((تلتزم الدولة بحماية الصحة العامة عن طريق التوسع المستمر بالخدمات الطبية المجانية، في الوقاية والمعالجة والدواء، على نطاق المدن والارياف))، كما ورد النص في المادة (30) من الدستور الحالي لعام 2005 عل ان ((أولا: تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حالة الشيخوخة او المرض او العجز من العمل…))، كما نصت المادة (31) منه على ان ((أولا: لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية، وتعنى الدولة بالصحة العامة، و تكفل وسائل الوقاية والعلاج بأنشاء مختلف انواع المستشفيات والمؤسسات الصحية)) بينما نصت المادة (33) منه على ان ((أولا: لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة، ثانياً: تكفل الدولة حماية البيئة والتنوع الاحيائي والحفاظ عليها)).
ولسلطة الضبط الاداري في العراق، اتخاذ العديد من التدابير اللازمة للحفاظ على الصحة العامة، ومن اهمها المادة (48) من قانون ادارة البلديات رقم 165 لسنة 1964، والتي الزمت اصحاب المحلات والمصانع التي قد تكون او تصبح مصدرا للخطر او القلق او الازعاج بسبب ما ينبعث منها من دخان او ابخرة او غازات… بالتقيد بالشروط التي يحب ان تخضع لها هذه المحلات والمصانع. كما نصت المادة (5) من قانون المخدرات رقم 68 سنة 1965 على ان ((1- ينحصر بوزارة الصحة استيراد المخدرات الاتية والمتاجرة بها بالجملة والبيع للاشخاص المجازين وللمؤسسات الحكومية بالكمية المناسبة التي تراها..))، والمادة (17) من قانون المحافظات رقم (59) لسنة 1969 بنصها على ان ((يهدف المحافظ في ادارة محافظته الى تحقيق ما يلي… 10 – المحافظة على الصحة العامة وتحسين الشؤون الصحية واتخاذ الوسائل الكافية لمنع انتشار الامراض السارية والمعدية بين المواطنين)) وقد افرد المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 الباب الثالث من الكتاب الرابع للمخالفات المتعلقة بالصحة العامة، وهي تشمل المواد (496-499) منه والمتعلقة بفرض العقوبات عن الجرائم الضارة بالصحة العامة. كذلك فقد حددت المادة (83) من قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981 شروط منح الاجازة الصحية للمؤسسات الصحية غير الحكومية،واجازت المادة (100) منه ((لوزير الصحة حق الغاء الاجازة الصحية وغلق المحل العام فوراً عند ثبوت وجود تلوث يهدد سلامة وصحة المواطنين في ذلك المحل..)). بينما اجازت المادة (4) من قانون استغلال الشواطئ رقم 59 لسنة 1987 المعدل بالقانون رقم (7) لسنة 1990 من انشاء البساتين والابنية والمشاريع الاخرى على جانبي النهر امام السدة النظامية او خلفها بما لا يؤثر على انسيابية مجرى النهر وتلوثه، وللجهة الادارية الحق في ازالة المنشآت التي تقام خلافاً لذلك. كذلك فقد منعت المادة (19) من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 3 لسنة 1997 من تصريف اية مخلفات صناعية او زراعية او منزلية او خدمية الى الانهار والمسطحات المائية او المياه الجوفية الا بعد اجراء المعالجات اللازمة عليها. اضافة الى ما ورد عليه النص في المادة (8/ عاشراً) من قانون الطرق العامة رقم 35 لسنة 2002، بانه (( لا يجوز اقامة اية ابنية او منشآت او محدثات ينتج عن استعمالها خطر او ازعاج او تأثير على بيئة الطريق ومستخدميه بسبب ما ينبعث منها من ادخنة او ابخرة او غازات او اتربة او روائح مضرة او ما يماثل ذلك..)). وقد استقرت احكام القضاء الاداري في فرنسا ومصر والعراق، على الاقرار بحق سلطة الضبط الاداري باتخاذ الاجراءات اللازمة للحفاظ على الصحة العامة، اذ قضى مجلس الدولة الفرنسي بحق العمدة بغلق أي مكان يضر بالصحة العامة او منع السكن فيه او ازالته ، كما ذهب بحق العمدة ايضاً بأن يفرض على المؤجرين للعقارات وفق ما تضمنته احكام اللائحة الصحية الصادرة من المحافظة بوجوب تزويد المستأجرين بالماء الصافي.(31) كما ذهب مجلس الدولة الفرنسي ايضاً بمشروعية القرار المتخذ من قبل الجهة الادارية المختصة بمنع الباعة المتجولين من بيع الاغذية والمشروبات على البلاج والشواطئ،ومواقف المركبات المعدة لذلك، كون القرار قد تم اتخاذه لغرض المحافظة على الصحة العامة للافراد في تلك الامكنة، كما ذهب الى تأكيد مشروعية القرار الاداري المتخذ بمنع السباحة او مرور المراكب ذات المحرك في احدى البحيرات ، بسبب مايؤدي اليه ذلك من تلوث المياه في البحيرة وضيق مساحتها، مما يشكل خطراً على الصحة العامة (32). وقدر تعلق الامر، بتوافر الشروط الصحية للعقارات فقد اقر مجلس الدولة الفرنسي بمشروعية الاجراءات الادارية المتخذة،بازالة مبنى بالتنفيذ المباشر على نفقة مالكة الخاصة، وذلك بسبب عدم توافر الشروط الصحية فيه، مما يهدد الصحة العامة بالخطر،(33).
وقد استقرت احكام القضاء الاداري المصري على السير بذات الاتجاه، اذ قضت محكمة القضاء الاداري بان ((القرارات التي تصدرها وزارة الصحة للمحافظة على الصحة العامة ومنع نشوء الامراض وانتشارها، تخضع بوصفها قرارات بوليسية لرقابة هذه المحكمة التي لها سلطة واسعة في تحري اسبابها وملابساتها لكي تتأكد من موافقتها لظروف الحال، وانها لازمة وضرورية لصيانة الصحة العامة)).(34) كما قضت ايضاً بانه ((لئن كانت سلطة مجلس مراقبة الامراض العقلية على النحو المنصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 141 لسنة 1944 بشأن حجز المصابين بامراض عقلية في تقرير ما اذا كان الشخص مصاباً بمرض عقلي ام لا هي في الاصل سلطة تقديرية باعتبارها من الامور الفنية ذات التقدير الموضوعي، بحيث ما كان يجوز التعقيب عليها الا عند اساءة استعمال السلطة…))(35). كما ذهبت محكمة القضاء الاداري في مصر ايضاً الى الاقرار بمشروعية القرار الاداري الصادر بالغاء ترخيص لاحد الاشخاص ببيع الخمور استناداً لاحكام القانون رقم 453/54 باعتبار انه ((قد استهدف المشرع من هذا النص حماية مصالح مجموع الناس عن الخطر الداهم على الصحة العامة ومصالح الناس وتتعدى ان تكون جلب نفع لهم او دفع ضرر عنهم… ولما كان الترخيص ببيع الخمور وتداولها فهو وان حققا عوضاً زائداًً للبعض كان وراء مصلحتهم الخاصة الا ان المصلحة العامة لمجموع الناس تقف مع منع بيع الخمور وتداولها، فقد ثبت علمياً وصحياً تأثير الخمور الضار على صحة الناس…))(36). وقد درجت احكام القضاء الاداري العراقي على اعتناق الاتجاه المتبع لدى القضاء الاداري في فرنسا ومصر اذ قضت محكمة القضاء الاداري بمشروعية القرار الاداري المتخذ من قبل الجهة الادارية المختصة ((… بالغاء اجازة حقل الدواجن العائدة للمدعي لعدم توافر الشروط الصحية والبيئية المطلوبة.. لان اجازة انشاء حقل الدواجن المذكورة كانت قد صدرت خلافاً للقانون كونها لم تستوفِ استحصال الموافقات الاصولية من الجهات المختصة قانونًا…))(37). واذا كانت احكام القضاء الاداري العراقي قد وردت قليلة ومقتضبة لحداثة نشوء هذا القضاء في العراق، فلا بد من الاشارة بانه لم يتسنى لنا الحصول على قرارات المحاكم المدنية الصادرة في هذا الخصوص والمتمثلة بقرارات محكمة التمييز، وذلك لامتناعها عن النظر في الدعاوي المتعلقة بذلك الموضوع كون القانون قد منع المحاكم من ذلك صراحة، لذا فقد ذهبت محكمة التمييز الى انه ((ليس للمحاكم النظر في دعوى منح اجازة لغسل وتشحيم السيارات في المناطق السكنية))(38)، كما ذهبت ايضا الى انه ((لا ولاية للمحاكم للنظر في دعوى سحب اجازة مخبز مادام القانون قد نص على ذلك))(39).
ثالثاً : السكينة العامة:
للسكينة العامة، كونها من عناصر النظام العام معنيان اولهما ايجابي يتمثل بحالة الهدوء والسكون داخل المناطق السكنية وفي الطرقات والاماكن العامة، وبالشكل الذي يحول دون تعرض افراد المجتمع الى مضايقات الغير بتلك الاماكن من خلال ازعاجهم في اوقات الراحة بالضوضاء وغيرها، والثاني سلبي يتمثل باتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع مظاهر الازعاج والمضايقات التي تتجاوز المضايقات العادية للحياة داخل المجتمع، كمنع استخدام مكبرات الصوت، وتنظيم استخدام المذياع ، ومنبهات المركبات واجراس الكنائس الخ …(40). وقد تُفهم السكينة العامة، من الناحية الشكلية الخارجية على انها((القضاء على التجاء كل فرد الى اقتضاء حقة من خصمه بالقوة. فيقال ان السكينة مستتبة في بلد ما عندما يكون شعب ذلك البلد قد كف عن متابعة خصوماته الخاصة بالعنف، ودرج افراده ان يعهدوا فيما ينشأ بينهم من منازعات بالاقتصاص لما يقع عليهم من ايذاء الى السلطات العامة))(41). ولغرض الحفاظ على السكينة العامة فان ذلك يقتضي اتخاذ العديد من الاجراءات اللازمة من قبل سلطة الضبط الاداري، ومن ذلك مكافحة الضوضاء الصادرة من الباعة المتجولين، كتحديد اماكن خاصة لعملهم، والحد من بعض التصرفات الصادرة منهم، ومكافحة الضوضاء الصادرة من وسائل النقل المختلفة، كتجنب الاختناقات المرورية، وانشاء المطارات وخطوط السكك الحديدية خارج المدن، والتخطيط العمراني السليم بمراعاة مواقع المدارس والمستشفيات، ومكافحة الضوضاء الصادرة من المقاهي والمحلات والنوادي الليلية ، كمراقبتها ومنع استخدام مكبرات الصوت فيها وسحب تراخيص المخالفين لذلك ، ومكافحة الضوضاء الصادرة عن ممارسة العادات والتقاليد الاجتماعية، كاستخدام مكبرات الصوت في المنازل او اطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية، ومكافحة الضوضاء الناتجة عن المعامل والمصانع، كاستخدام الآلات والمعدات فيها تكون اقل تاثيراً من غيرها صوتاً او ثلوثاً والتحكم بالآلات والمعدات الموجود بتعديل طريقة العمل او وقفه او ابعاد بعض المعامل او المصانع الى خارج المدن والقصبات وغيرها(42).
ان الحفاظ على السكينة العامة وحمايتها، يتطلب حماية تشريعية واخرى قضائية لها، وتتمثل الحماية التشريعية بالقوانين الصادرة في هذا الجانب والغاية منها هو الحفاظ على السكينة العامة، بينما تتمثل الحماية القضائية، بما تواترت عليه احكام القضاء الاداري من وجوب اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل سلطة الضبط الاداري لتحقيق ذلك الغرض. وقد صدر في فرنسا المرسوم المؤرخ 5/ فبراير/1969 بمنع استعمال جهاز التنبيه داخل المباني السكنية في المدينة وضواحيها ، ولا يسمح باستخدامه الا لحالة الضرورة، كما ورد النص في المادة (7) من اللائحة التنفيذية لقانون الطرق العامة على ان (الشاحنات لا يجب ان تكون مصدر ازعاج مستخدمي الطرق او القاطنين على ضفاف الطريق، ويجب ان تكون الشاحنات مزودة بآله تفريغ هواء هادئة وفي حالة جيدة للعمل) بينما نصت المادة 211/3 من اللائحة التنفيذية لقانون الطيران المدني على عدم جواز انشاء مباني او امتدادها الى جوار المطارات وتخضع هذه المنشاءات لرقابة القضاء الاداري لاجراء الموازنة بين الضوضاء الحاصلة لاصحاب المباني والمنفعة العامة من انشاء المطارات، كما ورد النص في قانون العقوبات الفرنسي بفرض عقوبة الغرامة على محدثي الضوضاء او الصخب او المشاجرات التي تقلق او تخل بسكينة المواطنين وراحتهم(43). اما في مصر فقد صدرت العديد من القوانين اللازمة لحماية السكينة العامة، ومنها القانون رقم 25 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 209 لسنة 1980 والخاص بعدم استخدام مكبرات الصوت في المحلات العامة او الخاصة او المنازل او الحفلات الا بترخيص سابق من المحافظة، والقانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 209 لسنة 1980 المتضمن عدم جواز ممارسة أي محل من المحال الصناعية او التجارية المقلقة للراحة بدون ترخيص من المحافظ. والقانون رقم 49 لسنة 1933 الخاص بمعاقبة الاشخاص الذين يقومون بالتسول في الطرق والمحال العامة(44). اما في العراق ، فقد ورد النص في المادة (13) من قانون الفرق التمثيلية والفنية رقم 66 لسنة 1964 من عدم جواز القيام باعمال الفرق التمثيلية او السينمائية أو الموسيقية مالم يتم الحصول على اجازة لذلك من الجهة الادارية المختصة. والمادة (42/أ) من قانون البلديات رقم 165 لسنة 1964 التي نصت على ان وجوب ((اجازة المحلات العامة وتفتيشها ومراقبتها والزام اصحابها لاتخاذ ما يقتضي من التدابير التي تضمن راحت وسلامة المواطنين…)). وبموجب المادة 38/3 منه فان لامانة العاصمة ومجالس المحافظات ان تعين المحلات او المصانع التي تكون او تصبح مصدر للخطر او القلق او الازعاج للجيران، بسبب ما ينبعث من هذه المحلات والمصانع من دخان او ابخرة او غازات او اتربة او روائح ، ولها ان تضع الشروط اللازمة التي تخضع لها المحلات والمصانع المذكورة ، كما ورد النص على ذلك ايضاً في المادة (2) من قانون منع الضوضاء رقم (21) لسنة 1966. وقد استقرت احكام القضاء الاداري على الاقرار بمشروعية القرارات الادارية الصادرة من سلطة الضبط الاداري للحفاظ على السكينة العامة اذ ذهب مجلس الدولة الفرنسي الى ان ((… دق اجراس الكنائس يكون مقلقاً للراحة بحيث يجوز لجهة الادارة ان تمنعه في الاوقات غير المناسبة كساعات الليل والصباح الباكر…))(45). كما قضى بأن ((… على العمدة المنوط به بمقتضى احكام المادة 97 من قانون الادارة المحلية تنفيذ اعمال الضبط المحلي واعمال السلطة العليا المرتبطة باتخاذ الاجراءات الخاصة من اجل منع الضوضاء على ارض القرية والتي من شأنها اقلاق راحة وسكينة السكان…))(46). كما قضى ايضاً بأنه ((اذا تراخى العمدة تراخياً مفرطاً في عدم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الضوضاء فأن الطاعن يستطيع الالتجاء الى مسؤولية الدولة لازالة هذا التقصير او التصرف السلبي المفرط))(47).
ومن الاحكام الحديثة للقضاء الاداري الفرنسي، بشأن الحفاظ على السكينة العامة، ما ذهب اليه مجلس الدولة من الحكم بمشروعية القرار الاداري الذي اصدره العمدة وفقاً لاحكام المادة 131 من قانون المحليات باستخدام سلطات الضبط الاداري في تنظيم استخدام اجهزة صناعة الطائرات الصغيرة على اراضي قرية من اجل ضمان سكينة وأمن السكان فيها(48). كما قضى من الحكم ايضاً بمشروعية القرار الاداري الصادر من العمدة والمتضمن منع البيع من الساعة العاشرة مساءً وحتى الساعة العاشرة صباحاً في احد المخابز بسبب الضجيج الذي يحدثه الزبائن والمقلق لراحة السكان في المنطقة(49). كما قضى ايضاً بموافقة القرار الاداري للقانون والمتخذ من العمدة بالغاء احد الاسواق العمومية والذي يقام كل يوم اثنين من كل اسبوع، بغية المحافظة على السكينة العامة في ذلك المكان.(50) وقد سارت احكام القضاء الاداري المصري، على السير بذات الاتجاه السابق، اذ قضت محكمة القضاء الاداري بأنه ((لا شبهة في انه يدخل في تقدير فتح المحل الذي يستعمل محركات كهربائية، مدى ما ينتج عن ادارة المحركات من صوت أو ضجة تقلق راحة السكان، وهو امر مستفاد من طبيعة هذه المحال ومقتضيات الحرص على شؤون الامن والسكينة العامة في الاحياء السكنية))(51) . كما قضت ايضاً الى رفض الطلب المقدم لايقاف تنفيذ القرار الاداري الصادر بغلق محل ((فيديوجيم)) كون العابه من العاب الاتاري والتي تُعد من قبيل الملاهي وما يترتب على ذلك من ضوضاء في المنطقة(52). كما رفضت المحكمة ايضاً الطلب المقدم لايقاف تنفيذ القرار الاداري الصادر بغلق احد المساكن بسبب تحويله الى محل لبيع الطيور لما يترتب على ذلك من اضرار بالصحة العامة والسكينة العامة،(53) وكانت محكمة القضاء الاداري في الاسكندرية قد ذهبت الى ايقاف تنفيذ القرار الصادر بنقل موقف المركبات من ميدان الشهداء الى منطقة (سموحة) السكنية لمخالفته للقانون بسبب تعديه على الرقعة الخضراء المخصصة كحديقة عامة، وما يترتب على ذلك من تعرض الامن العام والسكينة العامة في المنطقة للخطر.(54) وقدر تعلق الامر باحكام القضاء الاداري العراقي، فقد قضت محكمة القضاء الاداري بمشروعية القرار الاداري الصادر بغلق ملهى ليلي وسحب اجازته بسبب مخالفة صاحبه لشروط الاجازة القانونية،(55) كما قضت ايضاً بان ((قرار ترحيل اصحاب محلات بيع اليابسات (البقوليات) بالجملة من منطقة الميدان في الموصل بسبب الازدحام الذي تسببه هذه المحلات والزخم المروري في وسط المدينة كان بتوجيه مجلس الشعب في قضاء الموصل الى المنطقة الصناعية القديمة بعد انشاء علاوي متخصصة لاصحاب المحلات… وحيث ان استعمال الأبنية يكون بموافقة البلدية استناداً لاحكام المادة (32) من نظام الطرق والابنية رقم 44 سنة 1935 ، لذا فلا يعتبر مدير بلدية الموصل متعسفاً في منع المدعي من العمل في محله الواقع في منطقة الميدان في وسط الموصل…)).(56)
__________________
1- وقد اضاف بعض الفقه عنصراً رابعاً يتمثل بعنصر النظام “L’order” ويتحقق بصور متعددة منها حماية المجتمع في الظروف الاستثنائية، وتأكيد مكاسب الشعب ووحدته عن طريق الدفاع عن السلطة وحماية افراد المجتمع. لتفصيل ذلك ينظر د. قدري عبد الفتاح الشهاوي: ضوابط السلطة الشرطية في التشريع الاجرائي المصري والمقارن، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1999، ص32 ، وكذلك مؤلفة السلطة ومناط شرعيتها جنائياً وادارياً ، منشاة المعارف بالاسكندرية ، بدون سنة نشر، ص87.
2- د. سليمان محمد الطماوي: الضبط الاداري، بحيث منشور في مجلة الامن والقانون تصدرها كلية شرطة دبي، ع 1، س1، يناير، 1993، ص276. د. علي الخطار: رقابة القضاء الاداري الاردني على مشروعية اجراءات الضبط الاداري ، مجلة العلوم الادارية، ع2، س36، 1994، ص115
3- د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده، الهيئة المصرية للكتاب، 1995، ص154
4- د. د. ابراهيم طه الفياض: القانون الاداري، مكتبة الفلاح، الكويت، 1988، ص226.
5- قرارها المرقم 872 في 13/12/1958، اورده د. عادل ابو الخير: المصدر السابق ،ص154
6- قرارها المرقم 780 في 30/6/1962، اورده د. محمد عبيد الحساوي القحطاني: الضبط الاداري، سلطاته وحدوده، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003،ص123
قرارها المرقم 5014 سنة 39 في 9/7/1985 اورده افكار عبد الرزاق عبد السميع: حرية الاجتماع، دراسة مقارنة، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2002، ص413
8- قرارها المؤرخ 13/ مارس/1993 اورده د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام واثره على الحريات العامة، دار النهضة العربية، 1998، ص80.
9- قرارها المرقم 335 س4. ق في 24/4/1951 ، اورده د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده، المصدر السابق ،ص155.
10- صباح عبد الرحمن الغيظ: سلطة الشرطة في اقامة الاجانب، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، 2004، ص199، د. حمدي علي عمر: دور القاضي الاداري والدستوري في حماية الاجانب، دار النهضة العربية القاهرة، 1999، ص58.
11- قرارها الرقم 2114 /ح/1966 في 28/8/1966 منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني ع2، س5، كانون الاول ،1966 ص191
12- احمد محمد مرجان: الضبط الاداري في مجال البناء والتعمير، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة الاسكندرية، 2000، ص39
13- من ذلك ماورد عليه النص في المادة 40 من الدستور الصيني لعام 1982 من ان ((اي منظمة او فرد لا يمكنها على أي اساس خرق حرية وسرية المراسلة للمواطنين ماعدا في الحالات المقابلة لحاجات امن الدولة او للتحقيق في الجرائم والامن العام)).
14- من ذلك ماورد عليه النص في المادة 16 من الدستور الايطالي لعام 1947 من انه ((يجوز لكل مواطن ان يتنقل وان يقيم بحرية في كل جزء من اجزاء الاقليم الوطني فيما عدا القيود التي يفرضها القانون بصورة عامة لاسباب تتعلق بالصحة والامن).
15- لتفصيل ذلك ينظر حارث اديب ابراهيم: تقييد ممارسة الحريات الشخصية، دراسة دستورية، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون، جامعة بابل، 2003 ، ص79
16- د. سليمان محمد الطماوي: الضبط الاداري، بحيث منشور في مجلة الامن والقانون تصدرها كلية شرطة دبي، ع 1، س1، يناير، 1993، ص276. د. عدنان عمر: مبادئ القانون الاداري، نشاط الادارة ووسائلها، ط2، منشآة المعارف بالاسكندرية، 2004، ص19. د. حسن درويش عبد الحميد: الضبط الاداري في النظم الوضعية المعاصرة وفي الشريعة الاسلامية، مجلة المحاماة المصرية، ع 7-8، س65، 1985، ص140.
17- د. محمد عبيد الحساوي القحطاني: الضبط الاداري، سلطاته وحدوده، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص132.
18- علي علي صالح المصري: وظيفة الشرطة في الجمهورية اليمنية مقارنة بالقانون المصري، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الدراسات العليا، اكاديمية الشرطة المصرية، 1997، ص191.
19- د. محمد محمد بدران: مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط الاداري، دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1992، ص79.
20- د. عزيزة الشريف: دراسات في التنظيم القانون للنشاط الضبطي، دار النهضة العربية، 1985، ص30-31
21- د. عبد الغني بسيوني عبد الله: النظرية العامة في القانون الاداري، منشأة المعارف بالاسكندرية، 2003، ص395
22- د. احمد عبد الكريم سلامة: الحماية القانونية لبيئة المناطق الساحلية المصرية، مجلة مصر المعاصرة، ع 320، 1965، ص27.
23- د. نبيلة عبد الحليم كامل: نحو قانون موحد لحماية البيئة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص17.
24- ئافان عبد العزيز رضا: المسؤولية التقصيرية عن الاضرار البيئية، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد، 1999، ص167.
25- صلاح عبد الرحمن عبد الحديثي: النظام القانوني الدولي لحماية البيئة، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد، 1997، ص15.
26- د. الشافعي محمد بشير: قانون حقوق الانسان، مصادره وتطبيقاته الوطنية والدولية، منشأة المعارف بالاسكندرية، 2004، ص253.
27- د. محمد شريف اسماعيل: الوظيفة الادارية للشرطة، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، 1995، ص70.
28- لتفصيل ذلك بنظر صلاح عبد الرحمن عبد الحديثي: المصدر السابق ص29. كريم عبد الكاظم التميمي: الحماية الدولية للبيئة من ظاهرة التصحر، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد، 2002، ص52. سلامة طارق عبد الكريم الشعلان: الحماية الدولية للبيئة من ظاهرة الاحتباس الحراري، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون- جامعة بغداد، 2003، ص55.
29- د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام واثره على الحريات العامة، دار النهضة العربية، 1998، ص83-85
30- المصدر السابق، ص87.
31- قرارا مجلس الدولة الفرنسي المؤرخين 30/مايو/1947و14/نوفمبر/1951، اوردها د. عبد الرؤوف هاشم محمد بسيوني: نطرية الضبط الاداري في النظم الوضعية المعاصرة وفي الشريعة الاسلامية، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004،ص91.
32- قرارا مجلس الدولة الفرنسي المؤرخين 14/مارس/1979و28/نوفمبر/1980 اوردها د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام واثره على الحريات العامة، دار النهضة العربية، 1998،ص81-82.
33- قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ 2/فبراير/1994، اورده د. مجدي احمد فتح الله حسن: فاعلية الاداء الضبطي لرجال الشرطة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص123.
34- قرارها المرقم 657 في 16/6/1949، اورده محمد حسنين عبد العال: فكرة السبب في القرار الاداري ودعوى الالغاء، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1971، ص167.
35- قراراها المرقم 467/5 في 27/6/1959 اورده د. رمضان محمد بطيخ: الاتجاهات المتطورة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي للحد من سلطة الادارة التقديرية وموقف مجلس الدولة المصري منها، دار النهضة العربية، القاهرة، 1994، ص171.
36- قرارها المرقم 608/43 في 15/11/1990 اورده محمود سلامة جبر : نظرية الغلط البين في قضاء الالغاء، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1992، ص474.
37- قرارها المرقم 4/2001 في 11/7/2001 المصدق بقرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة المرقم 61/ اداري / تمييز /200001 في 20 /8/2001 غير منشورين.
38- قرارها المرقم 1751/ح/62 في 19/7/1962 مجلة ديوان التدوين القانوني ، ع1، س2 ،1963- ص 211
39- قراراها المرقم 3139/ح/1962 في 29/12/1962 مجلة ديوان التدوين القانوني،ع2، س2، 1963، ص217
40- د. داود الباز : حماية السكنية العامة، معالجة لمشكلة العصر في فرنسا ومصر، الضوضاء ، دراسة تاصيلية مقارنة في القانون الاداري البيئي بالشريعة الاسلامية ، دار النهضة العربية ، القاهرة 1998، ص 128-129 .
41- د. نعيم عطية: في النظرية العامة في للحريات الفردية ، الدار القومية للطباعة والنشر القاهرة، 1965، ص 39 د. نعيم عطية: الفلسفة الدستورية للحريات الفردية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص 343 .
42- عيسى سعد سعد مبارك الجفالي : حماية السكينة العامة في دولة قطر، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2003، ص 178.
43- د. داود الباز : حماية السكنية العامة، معالجة لمشكلة العصر في فرنسا ومصر، الضوضاء ، دراسة تاصيلية مقارنة في القانون الاداري البيئي بالشريعة الاسلامية ، دار النهضة العربية ، القاهرة 1998، ص212 -213.
44- لتفصيل ذلك ينظر د. محمد شريف اسماعيل: الوظيفة الادارية للشرطة، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، 1995، ص67-68.
45- قراره المؤرخ 26/ ديسمبر/1930 اورده د. داود الباز: السكينة العامة، المصدر السابق ، ص252.
46- قرارها المؤرخ 27/6/1976، اورده د. محمد الوكيل: حالة الطوارئ وسلطات الضبط الاداري، دارسة مقارنة، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص72 .
47- قراره المؤرخ 22/ مارس/1978 اورده عيسى سعد سعد مبارك الجفالي : حماية السكينة العامة في دولة قطر، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2003، ص269.
48- قراره المؤرخ 8/مارس/1993، اورده د. مجدي احمد فتح الله حسن: فاعلية الاداء الضبطي لرجال الشرطة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002ص118.
49- قراره المؤرخ 7/7/1993 اورده المصدر السابق، ص118.
50- قراره المؤرخ 5/مايو/1995، اورده د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام واثره على الحريات العامة، دار النهضة العربية، 1998،ص87.
51- قرارها المرقم 58/س10.ق في 19/1/1971، اورده رضا عبد الله حجازي: الرقابة القضائية على ركن السبب في اجراءات الضبط الاداري، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمه الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة،2001، ص315.
52- قرارها المرقم 227في 7/5/1996 اورده عيسى سعد سعد مبارك الجفالي : حماية السكينة العامة في دولة قطر، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 2003، ص262.
53- قرارها المرقم 3415 في 12/ 7/ 1996، اورده د. داود الباز: السكينة العامة، المصدر السابق، ص265.
54- قرارها المرقم 792 في 2/ 6/ 1994، اورده المصدر السابق، 262.
55- قرارها المرقم 126/ قضاء اداري/ 1990 في 14/ 8/ 1990، غير منشور.
56- قرارها المرقم 32/ قضاء اداري/ 2000 في 12/ 8/ 2000 منشور في مجلة العدالة، ع1، س2001، ص172.
العناصر غير التقليدية للنظام العام :
كون فكرة النظام العام هي فكرة مرنة، ولا تقتصر على عناصر محددة، اضافة الى ان اتساع تدخل الدولة في ميادين متعددة داخل المجتمع، قد ترتب عليه ان اصبحت فكرة النظام العام غير مقصورة على العناصر التقليدية لهذه الفكرة، والمتمثلة بالأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة، بل اتسعت لتشمل عناصر اخرى اضافية، اذ لم تعد العناصر التقليدية كافية للحفاظ على النظام العام وحمايته، بحيث اصبح لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحماية عناصر اخرى. نادى بها الفقه الاداري، واكدتها احكام القضاء الاداري في فرنسا ومصر والعراق. تتمثل العناصر غير التقليدية للنظام العام، بالنظام العام المعنوي او الاخلاقي (الاداب العامة)، والنظام العام الجمالي للبيئة (جمال الرونق والرواء)، والنظام العام الاقتصادي، الامر الذي يتطلب بحث العناصر المذكورة مفصلاً، وهذا ما سنعمد الية في الموضوع تباعاً.
اولاً: النظام العام المعنوي او الاخلاقي (الاداب العامة).
اختلف الفقه القانوني فيما اذا كان هنالك نظام عام معنوي او اخلاقي بصورة مستقلة عن النظام العام المادي بعناصره التقليدية المعروفة، بشكل يجيز لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحمايته من عدمه؟ لا بد من الاشارة ابتداء بان لسلطة الضبط ان تتدخل لحماية النظام العام المعنوي، متى ما كان لهذا الاخير مظهراً مادياً خارجياً، بحيث يكون لسلطة الضبط ان تتدخل لحماية النظام العام المادي في هذه الحالة، اما في الحالة التي لا يكون فيها ارتباط بين النظام العام المادي والنظام العام المعنوي، فان الفقه قد اختلف في ذلك، باعتبار ان المهمة الاساسية للقانون هو ان يسود النظام لا ان تسود الفضيلة من جهة، ومن جهة اخرى فان وجود نظام عام معنوي مستقل يبيح لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل بشكل واسع لتقييد الحريات العامة، هو امر يجب التحرز منه كونه يؤدي الى حلول سلطة القانون محل سلطة الدين، بحيث يمكن ان تفرض على الافراد نمطاً خاصاً من الاخلاق بقوة القانون الامر الذي يحد من بعض الحريات العامة كحرية الفكر والعقيدة، من خلال سبر اغوار الضمائر والنفوس لدى افراد المجتمع، رغم ان الواقع يوجب الفصل، التام بين التصرفات الاخلاقية والتصرفات القانونية وذلك لصعوبة التحديد الدقيق للحد الفاصل بينهما(1). ويلاحظ ان الخلاف حول وجود نظام عام معنوي مستقل من عدمه، يمكن ان يثار في فرنسا اكثر مما هو عليه الحال في مصر والعراق، اذ ذهب الاتجاه الاول في الفقه الفرنسي الى انكار وجود نظام عام معنوي مستقل عن النظام العام المادي، ويعود ذلك اساساً الى ان المشرع الفرنسي لم يتطرق للاداب العامة كأحد عناصر النظام العام في التشريعات الصادرة في هذا الخصوص، وتحديداً في قانون 5/ ابرل/ 1884 او قانون الادارة المحلية الصادرة في 27/ يناير/1977 والقانون الحالي رقم 142 لسنة 1996 والمتعلق بالجماعات الاقليمية او المحلية، بل اقتصر على تعداد العناصر التقليدية للنظام العام فقط، وذلك ما دفع بعض الفقه الفرنسي الى انكار وجود نظام عام معنوي او اخلاقي، اذ ذهب الفقيه هوريو “Hauriou” الى ((انه يجب ان يخرج من نطاق الضبط الاداري المحافظة على ما يسمى بالنظام العام الادبي على نحو ما يعبر عنه الافكار والمعتقدات والاحاسيس ما لم يكن الاخلال بهذا النظام خطيراً، ويكون من شانه تعكير النظام العام المادي وتهديده تهديداً مباشراً))،(2) كما ذهب الفقيه ريفيرو “Rivero” الى ان ((فكرة النظام العام يجب ان تحمل على مدلول النظام العام المادي والذي يعتبر في هذه المثابة حالة مناقضة للفوضى. اما الحفاظ على النظام العام الادبي والابقاء على هذا الوضع الذي يسود الافكار والمعتقدات والاحاسيس فلا يقع تحت سلطان الضبط الاداري))(3).
اما الاتجاه الثاني في الفقه الفرنسي، فقد ذهب الى الاقرار بوجود نظام عام معنوي او اخلاقي وبشكل مستقل عن النظام العام المادي، بحيث يمكن لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحمايته وان لم يكن له ارتباط مباشر بالنظام العام المادي، وذلك على اعتبار ان ما ورد في النصوص القانونية من تحديد لعناصر النظام العام، قد ورد على سبيل المثال وليس الحصر، لذا فانه لا يوجد ما يمنع من اعتبار الاداب العامة كونها احد عناصر النظام العام، وان كان ذلك لا يجيز لسلطة الضبط ان تتدخل مالم يكن هنالك تهديد مباشر للنظام العام المادي(4). واذا كان المشرع الفرنسي، قد احجم عن التطرق للاداب العامة كونها احد عناصر النظام العام، فان الامر على خلاف ذلك في التشريع المصري والعراقي، اذ ورد النص صراحة في المادة 184/ من الدستور المصري لعام 1971 على ان ((الشرطة هيئة مدنية نظامية، رئيسها الاعلى رئيس الجمهورية. وتؤدي الشرطة واجبها في خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والامن وتسهر على النظام والامن العام والاداب، وتتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات وذلك كله على الوجه المبين بالقانون))، كما نصت المادة (3) من القانون الخاص بهيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 على ان ((تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والامن العام والاداب وبحماية الارواح والاعراض والاموال، وعلى الاخص منع الجرائم وضبطها، كما تختص بكفالة الطمانينة والامن للمواطنين في كافة المجالات، وتنفيذ ما تفرضه عليها اللوائح والقوانين من واجبات)). وقدر تعلق الامر بموقف المشرع العراقي من وجود نظام عام معنوي او اخلاقي، بشكل مستقل عن النظام العام المادي، فقد ورد النص صراحة في المادة (17) من الدستور الحالي لعام 2005 على ان ((لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية، بما لا يتنافى مع حقوق الاخرين والاداب العامة))، كما نصت المادة (36) منه على ان ((تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والاداب اولاً: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر. ثالثاً: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظيم بقانون)). وذلك ما لا يدع مجالاً للشك من اقرار المشرع العراقي بوجود نظام عام معنوي او اخلاقي مستقل عن النظام العام المادي، والذي يسمح لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحمايته والحفاظ عليه. ان ما تجب الاشارة اليه في هذا الصدد، انه قد ورد النص على الاداب العامة في العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية، اذ نصت المادة (29/2) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948، على انه ((يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والاخلاق في مجتمع ديمقراطي)) كما نصت المادة (12/3) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 على ان ((لا تخضع الحقوق المشار اليها اعلاه لاية قيود عدا تلك المنصوص عليها في القانون والتي تعد ضرورية لحماية الامن الوطني او النظام العام او الصحة العامة او الاخلاق او حقوق وحريات الاخرين وتتمشى كذلك مع الحقوق الاخرى المقررة في الاتفاقية الحالية)). ويلاحظ اخيراً بان المقصود بالاداب العامة هو الحد الادنى من المعتقدات والافكار والقيم الاخلاقية والتي تواتر افراد المجتمع على اتباعها، ووجوب احترامها والتقيد بها، كونها تمثل انعكاساً للاخلاق العامة، والتي تتجدد وفقاً للعادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية واحكام القضاء،(5) وان المعيار المعتمد لتحديد تلك الافعال هو معيار موضوعي وليس معياراً شخصياً يعود تقديره لشخص القاضي(6،كونه يمثل ((الناموس الادبي الذي يسود العلاقات الاجتماعية في دولة معينة، وزمن معين، وهذا الناموس الادبي هو وليد المعتقدات الموروثة والعادات المتاصلة وما جرى به العرف وتواضع عليه الناس، والى جانب ذلك ميزان انساني يزن الحسن والقبح ونوع من الالهام البشري بين الخير والشر)).(7)
ثانياً: النظام العام الجمالي للبيئة (جمال الرونق والرواء).
يقصد بالنظام العام الجمالي للبيئة بانه ((الاهتمام بجماليات الشوارع، ومرافقها وبهائها، بحيث تبعث الهدوء والراحة النفسية سواء بتجميل الشوارع او وضع مواصفات معينة في المباني، بحيث ياتي منظر المدينة والشوارع منسقاً))،(8) كما يعرف بانه ((النظام الذي يهدف الى حماية الرونق والرواء للبيئة حفاظاً على السكينة النفسية للافراد المقيمين في هذه البيئة)).(9) وبصورة مشابهة لما هو عليه الحال بالنسبة للنظام العام المعنوي او الاخلاقي، فقد اختلف الفقه الاداري ايضاً حول وجود نظام عام جمالي للبيئة بشكل مستقل عن النظام العام المادي من عدمه، وفيما اذا كان لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحماية جمال الرونق والرواء، حتى في الحالة التي لا يرتبط بها مع النظام العام المادي. اتجه اصحاب الفريق الاول من الفقهاء الى الاقرار بوجود نظام عام جمالي للبيئة مستقل، يجيز لسلطة الضبط ان تتدخل لحمايته حتى وان لم يترتب على ذلك اخلال بالنظام العام المادي، اذ ذهب الفقيه دويز “Duez” بان على الجهة الادارية المختصة ان تعمل على حماية المشاعر الفنية والاحساس الجمالي لافراد المجتمع بذات الطريقة المتبعة لحماية حياتهم وسلامة ابدانهم، كون ذلك يدخل ضمن المصلحة العامة لافراد المجتمع، اذ يمثل جمال الرونق والرواء جزءً من التراث الثقافي الوطني للدولة.(10) وبذات الاتجاه ذهب الفقيه بيرنارد “Bernard” الى ان حماية جمال الرونق والرواء تدخل بطبيعتها ضمن فكرة النظام العام، وذلك على اعتبار ان على سلطة الضبط الاداري ان تعمل على حماية الجوانب المعنوية للافراد كما هو دورها في حماية الجوانب المادية لهم، كونهما يمثلان جوانب لازمة للوجود البشري المتكامل(11). واتجه الفريق الثاني من الفقه الاداري الى عدم الاعتداد بالنظام الجمالي للبيئة بشكل مستقل، بحيث يحول ذلك دون تدخل سلطة الضبط لحمايته ما لم يرتبط مباشرة مع احد العناصر التقليدية للنظام العام المادي، حيث يرى اصحاب هذا الاتجاه بان جمال الرونق والرواء يندمج عادة في هذا الصدد مع عنصر الصحة العامة، او مع عنصر السكينة العامة، بحيث ان تدخل سلطة الضبط في هذا الجانب انما يتم للحفاظ على الصحة العامة او السكينة العامة، فعلى سبيل المثال ان لسلطة الضبط ان تلزم صاحب الارض الفضاء بتسويرها حفاظاً على الصحة العامة من الاتربة التي قد تتطاير فيها بسبب الرياح، اضافة الى وانه يجوز لسلطة الضبط ان تتدخل لتحقيق الاستقرار النفسي والعصبي لافراد المجتمع.(12) وقد ذهب اتجاه ثالث في الفقه المصري، الى انكار وجود نظام عام جمالي للبيئة اطلاقاً، بادعاء ان ذلك ((امر منكر للغاية، فهو لم يتكون بعد، واذا كانت هنالك بعض القوانين التي تنص على حماية الطبيعة التاريخية لمنطقة معينة، فان الامر في حقيقته ينطلق من الاهمية الاثرية والاقتصادية لتلك المنطقة فحسب)).(13)
اما عن موقف القضاء الاداري من مسالة وجود النظام العام الجمالي للبيئة، فقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي اول الامر الى عدم الاقرار بمشروعية القرارت الادارية المتخذة لحماية جمال الرونق والرواء ما لم يوجد نص قانوني صريح بذلك، اذ قضى الى ان ((السلطة القائمة على وظيفة الضبط الاداري لا يحق لها ان تستهدف صون المظهر المنمق والمحافظة على جمال الرواء الا في الحالات التي يرخص فيها القانون ذلك بنصوص صريحة…))(14) . كما قضى ايضاً بانه ((وان كان من حق المحافظ ان يمارس سلطات الضبط الاداري الخاص التي خولها اياه القانون بشان حماية المدن والاثار التاريخية، الا انه لا يجوز استخدام هذا الحق للحد الخطير من ممارسة حق الملكية او حرية التجارة…))(15). وقد عدل مجلس الدولة الفرنسي عن موقفه السابق، وتحديداً منذ عام 1936، بشكل اجاز لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحماية النظام العام الجمالي للبيئة وان لم يرد نص صريح بذلك، اذ اصدر قراره في قضية ((اتحاد نقابات مطابع باريس))، والتي رفض فيها الدعوى المقامة من قبل الاتحاد المذكور تجاه لائحة ضبط تحظر توزيع المنشورات والاعلانات على المارة في الشوارع، خشية من القائها بعد قرائتها بشكل يؤدي الى تشويه منظر وجمال الطرق والاحياء العامة(16). وقد تواترت احكام القضاء الاداري الفرنسي منذ ذلك الحين، من الاعتداد بالتفسير الواسع للنظام العام، بحيث يكون شاملاً لحماية المظهر العام والفن والثقافة والتراث القومي(17). وقد تماشت احكام القضاء الاداري المصري، مع ما استقرت عليه احكام القضاء الاداري الفرنسي، من الاعتراف لسلطة الضبط بالتدخل لحماية النظام العام الجمالي للبيئة، حيث قضت محكمة القضاء الاداري من الاقرار بمشروعية القرار الاداري الصادر برفض الترخيص بفتح محل تجاري في احد المناطق في القاهرة، كونها من المناطق التي يمنع فتح المحال التجارية فيها، وذلك بسبب مخالفته لمشروع تنسيقي اعدته الادارة سابقاً، باعتبارها ((الجهة الادارية))، هي المكلفة بمراعاة هدوء الاحياء السكنية، ذلك يدخل ضمن وظيفة الضبط الاداري.(18) كما ذهبت الى ان ((الادارة بما لها من وظيفة الضبط الاداري مكلفة بمراعاة هدوء الاحياء السكنية من حيث الامن والصحة والمظهر، وانها اذ قامت بوضع المشروع الاسكاني وهو مشروع تنسيقي بشان التوفيق بين صيانة الاحياء السكنية وبين تزويدها باحتياجاتها من المحال المخصصة، وجعلت هذا المشروع التنسيقي مرجعاً تستلزم الاوضاع التي تقررت فيه عند دراسة حالة كل ترخيص على حده في ضوء القواعد التنظيمية التي تضمنها المشروع…)).(19) كما ذهبت المحكمة الادارية العليا في مصر ايضاً، الى تبني الاتجاه السابق، اذ قضت بان ((… الترخيص للافراد باستعمال جزء من المال العام هو من قبيل الاعمال الادارية المبنية على مجرد وقت لمقتضيات المصلحة العامة او الامن العام او الصحة العامة او حركة المرور او الاداب العامة وجمال تنسيق المدينة…))(20). اما عن احكام القضاء الاداري العراقي، ورغم قلة الاحكام الصادرة في هذا الصدد، الا ان محكمة القضاء الاداري قد استقرت الى اضفاء المشروعية على القرارات الادارية الصادرة بغية المحافظة على النظام العام الجمالي للبيئة، ومن ذلك الاجراءات الادارية المتخذة من قبل سلطة الضبط الاداري لغرض حماية المواقع الاثرية في العراق والمحافظة عليها، ومنها المكتبات الواقعة في شارع المتنبي، كونها تعد من الاثار التراثية بموجب البيان المرقم 12 لسنة 1992، اذ صدر القرار الاداري في هذا الجانب لدوافع المصلحة العامة وليس لدوافع شخصية(21). ولابد من الاشارة بان محكمة التمييز في العراق، قد اقرت بالاجراءات الادارية المتخذة لحماية جمال الرونق والرواء، اذ قضت بأن ((قيام البلدية بواجباتها المتعلقة بالخدمات العامة ومن ذلك تنوير الشوارع والطرقات العامة وفقاً لاحكام المادة (44) من قانون ادارة البلديات تكون من واجبات المجلس البلدي، وهي لا تخضع لرقابة المحاكم))(22). كما قضت ايضاً بانه ((اذا كان الملك موضوع الاجازة يقع جميعه ضمن الشارع المقرر في التصميم المصادق عليه، فيجوز للبلدية الامتناع عن اعطاء اجازة البناء … ))(23)، كما ذهبت بانه ((لا يجوز لصاحب اجازة البناء ان يتجاوز الحدود المنصوص عليها في الاجازة،، وينبغي ازالة هذا التجاوز لتعارضه مع احكام نظام الطرق والابنية…))(24)، وكذلك فانه ((ليس لامانه العاصمة الامتناع عن منح اجازة بناء على قطعة ارض لمجرد النية في جعل المنطقة التي تقع فيها القطعة منطقة خضراء او متنزهات عامة اذا لم تكن قد اعلنت التصميم الذي يمنع انشاء البناء واكتسب المراحل القانونية…))(25).
ثالثاً: النظام العام الاقتصادي:
ترتب على التطورات الاقتصادية الكبيرة الحاصلة في النصف الثاني من القرن العشرين، اثار بارزة في اتساع تدخل الدولة في الانشطة الخاصة، وذلك من خلال تقييد العديد من العلاقات الاقتصادية الفردية، والتي كانت متروكة سابقاً للنشاط الخاص، باعتباره يمثل انعكاساً لاستقرار الاوضاع السياسية والاجتماعية داخل الدولة، الامر الذي ترتب عليه ظهور ما يعرف بالنظام العام الاقتصادي او بيان الجانب الاقتصادي للقانون الاداري(26). والمتمثل عادة بتدخل سلطة الضبط الاداري في المجالات الاقتصادية المتنوعة، باعتبار ان الاقرار بحرية الافراد في المجال الاقتصادي، قد يعرض اقتصاد الدولة لمشاكل متنوعة، والتي تؤدي الى اثار سلبية لحركة تطور المجتمع، مالم ينظم ذلك بسلطات تمنح للجهة الادارية.(27) واذا كان لسلطة الضبط الاداري ان تتدخل لحماية النظام العام الاقتصادي، متى ما كان هذا الاخير مرتبطاً باحد العناصر التقليدية للنظام العام، اذ لا تثريب على الجهة الادارية من ذلك حفاظاً على الامن العام او الصحة العامة او السكينة العامة، وما يمكن ان ينتج عنه من تقييد بعض الحريات الاقتصادية كحرية الصناعة او التجارة، كونهما يمثلان مجالاً خصباً لذلك التدخل، بغية المحافظة على النظام العام المادي،(28) فان الامر يكون اكثر دقة بشان تدخل سلطة الضبط لحماية النظام العام الاقتصادي دون ان يكون له ارتباط مباشر مع النظام العام المادي، حيث ان القاعدة المقررة بهذا الشان بان المشرع وحده هو الذي يحدد النظام العام الاقتصادي للدولة، الامر الذي يحول دون تدخل سلطة الضبط لحمايته، وما يمكن ان ينتج عن ذلك من تقييد لبعض الحريات الاقتصادية للافراد، ما لم يوجد نص قانوني صريح، يقرر لها ذلك الحق وفق حدود وضوابط محددة سلفاً(29).
ورغم ان تحديد الاطار القانوني للنشاط الاقتصادي، يكون من اختصاص المشرع، بغية تحقيق السياسة الاقتصادية العامة للدولة، الا ان الفقه والقضاء الاداري قد اتجها الى الاعتراف لسلطة الضبط الاداري من التدخل لتحقيق بعض الاهداف الاقتصادية، بحيث تتسع فكرة النظام العام ضمن ذلك الاطار لتكون شاملة للنظام العام الاقتصادي، بغية اشباع حاجات ضرورية وملحة لافراد المجتمع، اذ يترتب عن عدم القيام بذلك حدوث اضطرابات داخلية تنتج اثارها السلبية، والتي لا يمكن ان تقل خطورتها عن الاضطرابات الحاصلة عند الاخلال باحد عناصر النظام العام المادي، ومن ذلك على سبيل المثال ما يتعلق بالتسعير الجبري او توفير المواد الغذائية للافراد او تنظيم عملية الاستيراد والتصدير للبضائع او توفير السكن الملائم لافراد المجتمع.(30) ويلاحظ بان الاقرار بحق سلطة الضبط الاداري بالتدخل لحماية النظام العام الاقتصادي دون الاستناد الى نص قانوني لا يكون مطلقاً، بل لا بد من حصره في اضيق نطاق ممكن، بحيث يقتصر ذلك على بعض المصالح الاقتصادية الاساسية والهامة لافراد المجتمع، باعتبار ان استقلالية النظام العام الاقتصادي عن النظام العام المادي لا يكون دائماً ومطلقاً، بقدر ما لهما من ارتباط مباشر وثيق الصلة(31). وقد استقرت احكام القضاء الاداري، على الاعتراف لسلطة الضبط الاداري، وضمن حدود معينة، من التدخل لحماية النظام العام الاقتصادي، اذ قضى مجلس الدولة الفرنسي بان ((المحافظ يستطيع ان ينظم فتح مخازن الخبز، وان يحظر نقله الى المنازل في نطاق السياسة العامة للتغذية، وان العمدة يملك لحماية مصالح المستهلكين ان يفرض التدابير الملائمة لمنع نقص المواد الاولية وكذلك الارتفاع الوهمي للاسعار…)).(32) كما قضت المحكمة الادارية العليا في مصر بان ((القانون رقم 163 لسنة 1950 والخاص بشؤون التسعير الجبري ومن قبله القانون رقم 101 لسنة 1939 بشان التسعير الجبري يمنح الادارة سلطة تقديرية لتحديد الاسعار وتعين الارباح في السلع الواردة في الجدول المرفق، وما دام القرار الصادر من اللجنة قد حدد سعراً عاماً بالنسبة للكافة فانه يكون مستنداً الى مبدأ المشروعية ولا سبيل بعد ذلك للطعن عليه…)).(33)
وقد سارت احكام القضاء الاداري العراقي على ذات النهج السابق، اذ قضت محكمة القضاء الاداري بأن ((القرار الصادر من المدعي عليه ((محافظ نينوى)) بمصادرة المواد المضبوطة والمدرجة في عريضة الدعوى…موافق للقانون… ذلك ان المدعي وهو مصري الجنسية قد خزن المواد المذكورة في احدى الدور وهي بكميات كبيرة، ولم يصرح بها للجهات ذات الاختصاص حتى يمكن ان يكون خزناً مشروعا ولاغراض التجارة، لذا ياخذ هذا الخزن وصف الاحتكار ويكون من قبيل المخالفات في قضايا السوق))،(34) كما ذهبت ايضاً الى الغاء القرار الاداري الصادر من المدعي عليه (امين بغداد) المتضمن رفض تغيير استعمال قطعة الارض من زراعية الى سكنية بأعتبار ان((… المشروع يلبي حاجة ملحة في الوقت الحاضر لمعالجة ازمة السكن في بغداد وان المشروع ذو اهمية استثمارية واقتصادية وتنفيذه يوفر مصدراً مهماً للعمل وامتصاص البطالة وفتح ابواب جديدة للعمل واستثمار طاقات اخرى وفتح مجالات اقتصادية في ظل الركود الاقتصادي…. وحيث ان تشجيع استثمار بناء وحدات سكنية لتأمن السكن المناسب للمواطن فيه مردود على عموم الناس ويبعث على الاطمئنان والاستقرار ما دامت الارض لم تستغل للزراعة او البستنة…))(35).
__________________
1- د. محمود عاطف البنا: الوسيط في القانون الاداري، ط2، دار الفكر العربي، 1992، ص369. د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام واثره على الحريات العامة، دار النهضة العربية، 1998، ص91. حلمي خيري الحريري: وظيفة البوليس في النظم الديمقراطية، دراسة تطبيقية على مصر، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الدراسات العليا اكاديمية الشرطة في مصر، 1989، ص68.
2- Mourice Hauriou: op. cit، ، p.220.
3- Rivero: op. cit، p.400.
4-Bernard: La notion d’order public en droit administrative.
نقلاً عن د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام، المصدر السابق، ص93.
5- د. سعاد الشرقاوي: القانون الاداري، دار النهضة العربية، 1983، ص22.
6- د. محمود عاطف البنا: حدود سلطة الضبط الاداري، مجلة القانون والاقتصاد، ع3-4، س42، 1978، ص184.
7- د. عبد الرزاق احمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، ج1، مصادر الالتزام، دار النشر للجامعات المصرية ،1952، ص400-401 .
8- د. مجدي احمد فتح الله حسن: فاعلية الاداء الضبطي لرجال الشرطة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص145 .
9- د. محمد الوكيل: حالة الطوارئ وسلطات الضبط الاداري، دارسة مقارنة، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص76 .
10- Duez: police et esihetique، chronique، DallOz، 1927
نقلاً عن د. محمد محمد بدران: مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط الاداري، دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي، دار النهضة العربية، 1992، ص108
11-. Bernard: Lanation d’order publiqueen droit administrative
نقلاً عن د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام، المصدر السابق، ص112. ومن انصار هذا الراي د. سليمان محمد الطماوي: الضبط الاداري، بحيث منشور في مجلة الامن والقانون تصدرها كلية شرطة دبي، ع 1، س1، يناير، 1993، ص277. د. سعاد الشرقاوي: القانون الاداري، دار النهضة العربية، 1983، ص29. د. محمد عبيد الحساوي القحطاني: الضبط الاداري، سلطاته وحدوده، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص151. د. ابراهيم طه الفياض: القانون الاداري، مكتبة الفلاح، الكويت، 1988، ص231.
12- د. محمد شريف اسماعيل: الوظيفة الادارية للشرطة، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، 1995، ص73. د. محمد الوكيل: المصدر السابق، ص78. د. محمود عاطف البنا: حدود سلطة الضبط الاداري، مجلة القانون والاقتصاد، ع3-4، س42، 1978، ص179. د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام، المصدر السابق، ص113. د. سامي جمال الدين: اللوائح الادارية وضمانة الرقابة الادارية، منشاة المعارف بالاسكندرية، بدون سنة نشر، ص325، محمد احمد فتح الباب السيد: سلطات الضبط الاداري في مجال ممارسة حرية الاجتماعات العامة، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1993، ص47.
13- محمد جمال عثمان جبريل: الترخيص الاداري، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1992، ص102. محمد الطيب عبد اللطيف: نظام الترخيص والاخطار في القانون المصري، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1956، ص78
14- قراره المؤرخ 28/ مايو/ 1928، اورده د. محمود سعد الدين الشريف: النظرية العامة للضبط الاداري، مجلة مجلس الدولة المصري، س11، 1962، ص171.
15- قراره المؤرخ 4/ مايو/ 1928، اورده د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام، المصدر السابق، ص114.
16- قراره المؤرخ 23/ اكتوبر/ 1936، اورده د. سليمان محمد الطماوي: الضبط الاداري، المصدر السابق، ص277.
17- عاشور سليمان صالح: مسؤولية الادارة عن اعمال وقرارات الضبط الاداري، منشورات جامعة قاريوس، بنغازي، ط1، 1997، ص145
18- قرارها المرقم 571 في 26/ 4/ 1949.
19- قرارها المرقم 827 س16. ق في 26/ 5/ 1964، اورده د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995، ص208.
20- قرارها المرقم 3274 و 3407 في 16/ 4/ 1995، اورده د. عبد الفتاح مراد : شرح الحريات العامة وتطبيقات المحاكم بشأنها، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، بدون سنة نشر، ص404-405.
21- قرارها المرقم 27/قضاء اداري / 1999 في 22/8/1999 المصدق بقرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة المرقم 36/ اداري / تمييز / 1999 في 3/11/1999 ، غير منشورين، وبذات المعنى قرارها. المرقم 28/قضاء اداري /99 في 22/8/1999 المصدق بقرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة والمرقم 37/ اداري / تمييز/ 99 في 3/11/1999 ، غير منشورين.
22- قرارها المرقم 120 /ح /63 في 13/2/1963 منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني، ع3، س2، 1963، ص165.
23- قرارها المرقم 88 /ح/ 69 في 22/3/1969 ، مجلة ديوان التدوين القانوني، ع1، س7، 1970، ص110.
24- قرارها المرقم357/ح/ 69 في 5/7/1969 مجلة ديوان التدوين القانوني، ع1،س7 ، 1970،ص110.
25- قرارها المرقم 95 /حقوقية ثانية/ 1969 في 24 /12/1969 منشور في قضاء محكمة تمييز العراق، المجلد السادس، الصادرة عن المكتب الفني في محكمة التمييز، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1972، ص634-635.
26- د. محمد الوكيل: المصدر السابق ، ص74.
27- Gernard farjat: L’order publice ecanamiquec، paris، L.G.D.J. ed، 1963،p.62
28- د. محمود عاطف البنا: الوسيط في القانون الاداري، المصدر السابق، ص326
29- د. عبد الرؤوف هاشم محمد بسيوني: نطرية الضبط الاداري في النظم الوضعية المعاصرة وفي الشريعة الاسلامية، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004، ص109.
30- د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام، المصدر السابق، ص120.
31- منيب محمد ربيع: ضمانات الحرية في مواجهة سلطات الضبط الاداري، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1981، ص84-85 .
32- قراره المورخ 22/ ديسمبر/ 1949، اورده د. محمد الوكيل: المصدر السابق، ص75 .
33- قرارها المؤرخ 31/ 3/ 1963، اورده د. عبد الرؤوف هاشم محمد بسيوني: المصدر السابق، ص109.
34- قرارها المرقم 132 / قضاء اداري/ 1994 في 24/12/1994 وبذات المعنى قرارها المرقم 32/ قضاء اداري/ 93 في 20/11/1993 اوردهما فوزي حسين سلمان الجبوري: الاغراض غير التقليدية للضبط الاداري، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الحقوق، جامعة النهرين، 1997ص80.
35- قرارها المرقم 95/ قضاء اداري / 2005 في 14/4/2005 ، غير منشور.
المؤلف : حبيب ابراهيم حمادة الدليمي
الكتاب أو المصدر : سلطة الضبط الاداري في الظروف العادية
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
بحث ودراسة قانونية حول تعريف وعناصر النظام العام وفقاً لأحكام الفقه والقضاء