دراسة وبحث عن منهجية التعليق على نص مادة قانونية( نص نموذجي )

· التعليق على نص المادة 103 من قانون الولاية
· نص المـادة: يتخذ الوالي قرارات تنفيذ مداولات المجلس الشعبي الولائي و ممارسة السلطات المحددة في الفصلين الأول و الثاني من هذا الباب.

· المـــقدمـــة:

i. تحديد موقع النص:

– طبيعة النص: النص الذي بين أيدينا هو ذو طبيعة قانونية تشريعية كونه عبارة عن مادة مأخوذة من القانون الولائي.
– مصدر النص: نص المادة 103 صدر في القانون رقم 90-59 المؤرخ في 12 رمضان 1410 الموافق لـ 7 أفريل 1990 الصادر في الجريدة الرسمية رقم 15 بتاريخ11 أفريل 1990 و المتعلق بالولاية.
– موقع النص من النص الكامل: تقع المادة 103 في الباب الرابع تحت عنوان الوالي من الفصل الثالث المعنون بـ قرارات الوالي صفحة رقم 73.
– صاحب النص: المشرع الجزائري
– ظروف صدور النص: صدر النص في ظل دستور 1989 المعدل و المتمم، و ما جرى في الدستور و في التنظيم السياسي الذي ساد الجزائر و قد مست هذه التعديلات التشريعات حتى تتماشى و الوضع الجديد منها قانون الولاية لسنة 1990، فقد اعتمد القانون القديم المؤرخ في 23 ماي 1969 على هيئة تنفيذية جماعية متمثلة في الوالي إضافة إلى النواب نظرا للوجهة الإشتراكية التي كانت سائدة آنذاك و ذلك في المادة 50 أما في القانون الولائي الجديد لسنة 1990 جعل المشرع الهيئة التنفيذية أحادية متمثلة في شخص الوالي وحده في المادة 103 منه.
– وجهه النص لكل من: الولاة، موظفي الهيئات المحلية ، رجال القانون، و كافة المواطنين.
– و في الأخير نذكر أن نص المادة 103 يتمتع بالطابع الرسمي و يتصف بالمصداقية لظهوره في الجريدة الرسمية. و تعتبر مصدر السلطة المسندة للوالي ما يمنحه امتيازات و مركز قانوني خاص.

ii. التحليل الشكلي:

– كتب نص المادة بآلة الحاسوب و هو خال من الأخطاء المطبعية كما أنه قصير متكون من فقرة واحدة غير أنه يمكن تقسيمها إلى فقرتين متميزتين يربط بينهما حرف واو و هما:
الفقرة الأولى: تبدأ من يتخذ الوالي …إلى… مداولات المجلس الشعبي البلدي
الفقرة الثانية: تبدأ من و ممارسة…إلى… من هذا الباب
و قد احتوت على أدوات ربط أخرى كحرف في و من أما علامات الوقف فقد خلى النص منها باستثناء نقطة النهاية.
– البناء اللغوي: جاءت المادة بألفاظ و لغة سهلة و واضحة محتوية على بعض المفردات اللغوية منها:
تنفيذ: تحقيق و إنجاز على أرض الواقع.
ممارسة: مباشرة المهام في حدود الاختصاص.
محددة: مذكورة بصفة ضيقة لا يجوز تجاوزها
و المصطلحات القانونية كانت كثيرة بالنسبة لقصر النص و نذكر منها:
الوالي: هو موظف سامي ممثل الدولة و رئيس جماعة محلية معين من طرف رئيس الجمهورية.
القرارات: حوصلة ما اجتمع عليه رأي الأغلبية من نواب، تتخذه سلطة إدارية لضمان تنفيذ القوانين.
المداولات: فحص و مناقشة حول موضوع أو قضية من طرف هيئة جماعية منتخبة.
المجلس الشعبي الولائي: هيئة تداولية على مستوى الولاية منتخبة عن طريق الاقتراعالنسبي على القائمة لمدة 5 سنوات يعد نظامه الداخلي و يصادق عليه.

كما يمكن اعتبار يتخذ كلمة مفتاح كون المقصود منها البادرة و تولي القيام بما أوكل له من مهام.

– البناء المنطقي:جاء البناء المنطقي للمادة 103 متسلسلا ما أعطى للنص صفة السهولة و الوضوح فقد استعمل المشرع الأسلوب الخبري المناسب للإعلام و الإخبار كما استعان في الشطر الثاني بأسلوب الإحالة في قوله:ممارسة السلطات المختصة في الفصلين الأول و الثاني من الباب غير أنه وقع في تكرار كون المراد المتضمنة لقرارات الوالي في تنفيذه لمداولات المجلس الشعبي الولائي المتواجدة في الشطر الأول من المادة هي نفسها الموجودة في الفصل الأول من الباب الذي ذكر في الشطر الثاني من المادة 103.

iii. تحليل مضمون النص:

– تناول النص القرارات التي يتخذها الوالي و حدد صلاحياته في الفصلين الأول و الثاني من باب الوالي.
و قد احتوت المادة على فكرتين أساسيتين:
الفكرة الأولى: اتخاذ القرار الإداري لتنفيذ مداولات المجلس الشعبي الولائي.
الفكرة الثانية: حدود سلطة الوالي في اتخاذه للقرار الإداري.
– المعنى الإجمالي للنص: قرارات الوالي.
– الإشكالية: ما هي القرارات الإدارية التي يتخذها الوالي؟ و ماهو مجال هذه القرارات؟
– الخطة:
المبحث الأول: سلطة الوالي في اتخاذ القرارات.
المطلب1: المركز القانوني للوالي.
المطلب2: الطبيعة التنفيذية لقرارات الوالي.
المبحث الثاني: مجال قرارات الوالي الإدارية.
المطلب1: قرارات الوالي بصفته هيئة تنفيذية.
المطلب2: قرارات الوالي باعتباره ممثل الدولة.

v المبحث الأول: سلطة الوالي في اتخاذ القرارات الإدارية.

الوالي هو حلقة وصل بين الحكومة و القاعدة.

§ المطلب1: المركز القانوني للوالي.

في قانون الولاية لسنة 1969 اعتبر الوالي الممثل المباشر و الوحيد لكل الوزراء، و كان هناك مجلس تنفيذي تحت سلطته مكون من مديري مصالح الدولة المكلفين بمختلف أقسام النشاط في الولاية و المكلف بتنفيذ قرارات الحكومة و المجلس الشعبي الولائي. لكن بصدور قانون الولاية 90-09 المؤرخ 07 أفريل 1990، أصبح الوالي يكون هيئة مسيرة للولاية بمفرده إلى جانب المجلس الشعبي الولائي حسب المادة 8 منه، فهو حل محل المجلس التنفيذي القديم.

و الوالي موظف من الموظفين السامين للإدارة المحلية، يعينه رئيس الجمهورية بموجب مرسوم رئاسي وفقا لنص المادة 78 من الدستور. و هذا المرسوم الرئاسي يتخذ في مجلس الوزراء بناءا على تقرير وزير الداخلية و عملا بنص المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 90-230 المؤرخ في 25 جويلية 1990.

يلاحظ أنه لا يوجد نظام قانوني خاص بالوالي لكونه يغلب عليه الطابع السياسي على الطابع الإداري إلى أن تعيينه يخضع لبعض الشروط منها أن يكون ذا مستوى جامعي و أن يكون قد مارس وظائف إدارية، و على هذا الأساس يختار الوالي المعين من بين الكتاب العامين للولايات أو من بين رؤساء الدوائر، كما يمكن تعيين 5% من أعداد سلك الولاة من خارج هذه الوظائف.

كما يمكن للوالي أن يوضع خارج الإطار بمرسوم رئاسي بناءا على اقتراح وزير الداخلية و هذه الوضعية تكون لفائدة المصلحة لأجل أن يضطلع بمهمة لدى المصالح أو لدى أية مؤسسة أو هيئة عمومية، و عند نهاية هذه الوضعية يعين في إحدى الولايات.
و نجد معظم صلاحيات الوالي محددة في قانون الولاية، و له صلاحيات أخرى منصوص عليها في قوانين أخرى منها: قانون البلدية، قانون أملاك الدولة، قانون الحالة المدنية، قانون الإجراءات الجزائية و قانون الضرائب و كذا الصلاحيات الواردة في عدة مراسيم تنفيذية منها:
– مرسوم رقم 83-373 المؤرخ في 28 ماي 1983 يحدد سلطات الوالي في ميدان الأمن و المحافظة على النظام العام.

– مرسوم تنفيذي رقم 90-99 مؤرخ في 27 مارس 1990 يتضمن سلطة التعيين و التسيير الإداري، بالنسبة للموظفين و أعوان الإدارة المركزية و الولايات و البلديات و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
– مرسوم تنفيذي رقم 92-143 المؤرخ في 11 أفريل 1992 يتعلق بتوقيف عضوية منتخبي المجالس الشعبية الولائية و المجالس الشعبية البلدية.
– مرسوم تنفيذي رقم 94-215 مؤرخ في 23 جويلية 1994 يحدد أجهزة الإدارة العامة في الولاية و هياكلها.
و تكون نهاية مهام الوالي بنفس الطريقة التي عين بها، أي بمرسوم رئاسي يتخذ من مجلس الوزراء بناءا على تقرير من وزير الداخلية.

§ المطلب2: الطبيعة التنفيذية لقرارات الوالي.

القرار الإداري هو ذلك العمل الصادر عن الإدارة بإرادتها المنفردة من أجل إحداث تغيير أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني عام أو خاص، فهو بمثابة وسيلة قانونية لممارسة الإدارة نشاطها و الغاية منه تحقيق الصالح العام و عرف الأستاذ عوابدي عمار قرارات الإدارة بأنها طائفة القرارات التي يصدرها الوالي في مختلف الاختصاصات الموضوعية و المكانية و الزمانية و الشخصية المقررة لهم بقانون الولاة و النصوص المتعلقة بهم.

و من خلال هذا التعريف يتبين لنا أن قرار الوالي يخضع لجملة من الشروط لتكتل صحته. فالقرارات التي يتخذها ذو طابع تنفيذي، فهو ينفذ قرارات المجلس الشعبي الولائي من جهة، و ينفذ قرارات السلطة المركزية الوصية من جهة أخرى. و بما أ، القرارات تحترم مبدأ التدرج الهرمي، فالوالي ملزم بإتباع نفس المسلك الذي يضفي على قراراته الشرعية، و كل ما يخالف هذه القاعدة يعد غير مشروع و بالتالي يمكن الطعن فيه من طرف الجهات المختصة.

و هو مطالب باحترام مبدأ الاختصاص في إصداره للقرارات طبقا لما خول له القانون، إذ يعتبر الاختصاص شخصي إذا تعلق بصفة الشخص الذي أصدر القرار و يعتبر موضوعي (مادي) إذا تعلق بمجالات و مواضيع محددة. كما يتناول الاختصاص بتناول مجال إقليمي، فالوالي لا يستطيع أن ينفذ قرارات ترتب آثارا خارج حدود إقليم ولايته. كما قد يكون الاختصاص زماني كأن يحدد مدة معينة لإصداره، فإذا انقضت المدة المحددة لا يصبح لقرار الوالي أية فعالية.

و سلطة الوالي مقيدة في إصداره للقرارات، فهو ملزم بإتباع النصوص القانونية المختلفة، و بإتباع السلطة الوصية، و بضرورة تنفيذ القرارات التي تنبثق على مداولات المجلس الشعبي الولائي و هذه التبعية تجعل من قراراته أولية و ليست قطعية، أي أنها قابلة للطعن و التعديل و الإلغاء.

و قد عرف دوجي القرارات الإدارية ذات الطبيعة التنفيذية بأنها قرارات لا تتخطى القواعد الشكلية الإجرائية لأنها تخضع دائما لأحكام سبقتها من سلطة أخرى و هذا لضمان خضوعها لها و انسجامها معا لأنها مكملة لها فلا تعدلها و لا تنقضها و تستمد قوتها و أساس وجودها و حدودها من طبيعتها الإجرائية و الهيكلية هذه.

v المبحث الثاني: مجال قرارات الوالي الإدارية

يتمتع الوالي بالازدواجية في الاختصاص فيحوز على سلطات كثيرة بصفته هيئة تنفيذية للمجلس الشعبي الولائي و باعتباره ممثل الدولة.

§ المطلب1: قرارات الوالي بصفته هيئة تنفيذية

و هو بهذه الصفة يقوم بممارسة الصلاحيات التالية:
1. تنفيذ مداولات المجلس الشعبي البلدي: ذلك بإصدار قرارات ولائية ينفذ بها ما يصادق عليه المجلس الشعبي الولائي في مداولاته.
2. الإعلام: يلزم قانون الولاية الوالي بالإطلاع و إعلام المجلس الشعبي الولائي بوضعية الولاية و نشاطها من خلال:
– إطلاع الرئيس بانتظام بين الدورات عن مدى تنفيذ مداولات المجلس.
– تقديمه لتقرير حول مدى هذا التنفيذ عند كل دورة عادية.
– يقدم بيان سنوي للمجلس حول نشاطات مصالح الدولة في الولاية و نشاطات مصالح الولاية قد يؤدي إلى رفع لائحة عند مناقشته إلى الوزارة المختصة.
3. تمثيل الولاية: و ذلك في جميع أعمالها المدنية و الإدارية طبقا للتشريع الحالي، كما يمثلها أمام القضاء كمدعي أو مدعى عليه باستثناء حالة طعن رئيس المجلس الشعبي الولائي باسم الولاية في قرارات وزير الداخلية المثبتة لبطلان مداولاته أو يعلن إلغائها أو رفض المصادقة عليها (المادة 54).
ممارسة السلطة الرئاسية: فيعتبر حسب المادة 106 من قانون الولاية رئيس على موظفي الولاية.

§ المطلب2: قرارات الوالي باعتباره ممثل الدولة

يجسد الوالي أسلوب عدم التركيز و ليس اللامركزية نظرا لاعتباره ممثلا للدولة في إقليم الولاية و هو بهذه الصفة يتمتع بالصلاحيات و السلطات:

1. التمثيل: حسب المادة 92 من قانون الولاية يعد الوالي ممثل الدولة و مندوب الحكومة على مستوى الولاية حيث يقوم بتنفيذ تعليمات الوزراء في قيامه بتمثيلهم فينسق و يراقب أعمال المصالح الخارجية للوزارات المتواجدة في الولاية باستثناء بعض القطاعات المتصلة مباشرة بالإدارة المركزية.

2. التنفيذ: المادة 95 فينفذ كل من:
– القوانين و الأوامر الصادرة عن السلطة التشريعية في مختلف المجالات يوم بعد وصول الجريدة الرسمية لمقر الدائرة.
– التنظيمات و اللوائح: الصادرة عن هيئات الإدارة المركزية من مراسيم رئاسية أو تنفيذية أو قرارات تنظيمية صادرة عن الوزراء طبقا للمادة 92 من قانون الولاية و ذلك في قرارات ولائية مدرجة في مدونة القرارات الإدارية الخاصة بالولاية.

3. الضبط: بنوعيه الإداري أو الشرطة الإدارية حيث توضع تحت تصرفه مصالح أمن في ممارسته لسلطته في مجال الضبط الإداري و قد يتطلب تدخل الأمن أو الدرك الوطني عن طريق التسخير في حالات استثنائية.
أما الضبط القضائي (المادة 28) فيمارس سلطته فيه بقيود أهمها:
– حالة وقوع جناية أو جنحة ضد أمن الدولة.
– توفر حالة الاستعجال.
– عدم علمه أن السلطة القضائية قد أخطرت بوقوع الجريمة.
كما يجب عليه أن يبلغ وكيل الجمهورية خلال مدة أقصاها 48 ساعة متخليا عن كل إجراءات السلطة القضائية المختصة.

· الخاتمة:

الوالي رغم ازدواجية تمثيله و تعدد صلاحياته إلا أن تعيينه يجعل منه أكثر حساسية في منصبه مقارنة مع أعضاء المجلس الشعبي الولائي المختارين من قبل المواطنين ما يمنحهم الصبغة الشرعية.

قائمة المراجع:

– الدكتور محمد صغير بعلي، القانون الإداري، التنظيم الإداري، دار العلوم
2002
– محاضرات الدكتور مصطفى شريف، القانون الإداري، الجزء الثاني 2006
– قانون رقم 90-59 المؤرخ في 07 أفريل 1990 المتعلق بالولاية.
– قانون الولاية المؤرخ في 23 ماي 1969

ورقة بحثية حول منهجية التعليق على نص مادة قانونية