اثار اتفاق التحكيم – بحث قانوني
الطالب في سلك الدكتوراة -الاستاذ علي الطويل- رام الله – فلسطين
مركز راشيل كوري
مقدمة:
أفرزت التحولات التي يعرفها العالم في مجالات عدة اقتصادية كانت أو اجتماعية أو تكنولوجية أو معلوماتية مجموعة من القضايا لم تعد معها المحاكم قادرة على مواكبتها مما أدى إلى البحث عن وسائل أخرى لفض النزاعات ويعتبر التحكيم من بين هذه الوسائل وقد تضمن المشرع قانون 05/08 بعدما أن ظلت ممارسته في المغرب خاضعة ل 23 مادة واردة في الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 447 174 بتاريخ 11 رمضان 1394 ( 28 شتنبر 1974) ويتضمن القانون 08/05 71 مادة تتعلق بالتحكيم وقد قسمه المشرع إلى أربعة فروع تناول في الفرع الأول التعريف بالقواعد العامة حيث وضع تعريفا للتحكيم في الفصل 306 بكون ” حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم” وخصوا الفصل الموالي لتعريف اتفاق التحكيم بأنه “التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية” ليأتي في الفقرة الثانية من نفس الفصل ليبقى على أن اتفاق التحكيم يكتسي شكل عقد تحكيم أو شرط التحكيم.
وبما ان التحكيم عقد كغيره من العقود يخضع لما تخضع له الاتفاقيات عموما باعتباره تصرف قانوني فلا وجود له إلا بتوافر أركانه الأساسية اللازمة لأي تصرف قانوني من أطراف يبرمانه وموضوع ينصب عليه وآثار تترتب عليه وإن كانت متمايزة عن الآثار المعتادة للتصرفات القانونية في نظم القانون الخاص. وهنا تتجلى أهمية الموضوع أي في الجانب الإجرائي والذي يرتب أهم اثرين الأول في نزع الاختصاص عن قضاء الدولة والثاني في منح الاختصاص للهيئة التحكمية للنظر في موضوع النزاع.
وما يهم موضوعنا هذا هو آثار اتفاق التحكيم لذا نتساءل ما هي هذه الآثار المترتبة على اتفاق التحكيم متى توافرت الشروط الموضوعية والشكلية لصحته وفقا للقانون؟
من خلال هذه المقدمة سنقسم موضوعنا إلى مطلبين رئيسيين وذلك على الشكل التالي:
المطلب الأول: الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم.
الفقرة الاولى: اختصاص الهيئة التحكيمية بالبت في النزاع.
أولا: مفهوم مبدأ الاختصاص بالاختصاص
ثانيا: مصادر مبدأ الاختصاص
ثالثا: أساس ومبررات المبدأ.
الفقرة الثانية: آثار أعمال وتطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص.
أولا: آثار مبدأ اختصاص بالاختصاص
ثانيا: أعمال مبدأ الاختصاص بالاختصاص.
ثالثا: تطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص.
المطلب الثاني: الأثر السلبي لاتفاق التحكيم.
الفقرة الأولى: مضمون الأثر السلبي.
أولا: إقصاء القضاء من النظر في النزاع.
ثانيا:الطبيعة القانونية للدفع بمنع القضاء من النظر في النزاع المتفق بشأنه على التحكيم.
الفقرة الثانية: آثار قبول الدفع بسبق الاتفاق على التحكيم.
أولا: حدود أعمال الدفع بوجود اتفاق التحكيم.
ثانيا: مدى سلطة القضاء في النظر في صحة اتفاق التحكيم.
ثالثا: القانون الواجب التطبيق على الدفع بوجود اتفاق التحكيم.
المطلب الأول : الأثر الايجابي لاتفاق التحكيم.
إن اتفاق التحكيم يلزم الأطراف بأن يعهدوا بالمنازعة الناشئة بينهم والمتفق على حلها بواسطة التحكيم إلى الهيئة التحكيمية، وبالتالي ثبوت الاختصاص لقضاء التحكيم. كما أن اتفاق التحكيم يعد الأساس الذي تستمد منه الهيئة التحكيمية اختصاصها بالفصل في المنازعة.
الفقرة الأولى : اختصاص الهيئة التحكيمية بالبت في النزاع.
يعتبر مبدأ اختصاص الهيئة التحكيمية بالفصل في مسألة اختصاصها والمعروف بمبدأ الاختصاص بالاختصاص Compétence compétence من أهم المبادئ في إطار التحكيم الدولي ومن أدقها، وقد أثار هذا المبدأ العديد من الجدل وذلك على الرغم من الاعتراف شبه الكامل به في الأنظمة القانونية المعاصرة المتعلقة بالتحكيم.
أولا : مفهوم مبدأ الاختصاص بالاختصاص :
يعني هذا المبدأ أن هيئة التحكيم لها صلاحية الفصل في صحة اختصاصها نظرا لبطلان عقد التحكيم او بطلان العقد الأصلي، وإذا لم يمنح لها هذا الاختصاص يضحى/ يصبح التحكيم مجرد لغو طالما كان في متناول خصوم التحكيم شل فعاليته عبر مجرد إثارة هذا الدفع، والسؤال الذي يثور هنا، هل تختص هيئة التحكيم في تقرير اختصاصها من عدمه؟
أم أن القضاء هو صاحب الولاية في حسم تلك المسألة ؟
وما هو موقف الفقه والقضاء من هذه المسألة ؟ وهل اعترفت التشريعات للمحكم بحق النظر في هذا الدفع ؟
يمكن القول أن هذه الإشكالية كانت مثار خلاف احتدم بين الفقه والقضاء[1]، فشايع كل فريق النظرية التي يعتنقها ، فأنصار النظرية العقدية ناصروا قضاء الدولة باعتباره مرجع الاختصاص وحده لحسم الإشكال في حين ذهب أنصار النظرية القضائية إلى أن الاختصاص هو للهيئة التحكيمية/ المحكمين باعتبار التحكيم هو قضاء استثنائي.
إن المشرع الفرنسي قد حسم هذا الخلاف حينما نص في المادة 1466 من قانون المسطرة المدنية الجديد على أنه إذا نازع أحد الخصوم في أصل أو نطاق سلطة المحكمة القضائية فإن المحكم هو الذي يفصل في ذلك. كما أن موقف المشرع المصري[2] هو كذلك اقر بمقتضى المادة 22 من قانون التحكيم نفس المبدأ، مضيفا على ذلك بتنظيمه الكامل لكيفية إبداء الدفع به وكيفية الفصل فيه.
انطلاقاً من هذه النصوص فما هي إلا تكريس للطبيعة القضائية لمهمة المحكم الذي هو مثله مثل القاضي هو قاضي اختصاصه.
أما المشرع المغربي فقد نص على هذا المبدأ في المادة 9-327 ” على الهيئة التحكيمية ، قبل النظر في الموضوع أن تبث ، إما تلقائيا أو بطلب من أحد الأطراف في صحة أو حدود اختصاصاتها أو في صحة اتفاق التحكيم وذلك بأمر غير قابل للطعن وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي نفس الوقت “.
والملاحظ في هذا النص أنه أتى بصيغة الوجوب بدل صيغة الإمكان التي تنص عليها بعض التشريعات الأخرى فمثلا المشرع التونسي استعمل عبارة ” إذا أثيرت، واستعمل القانون اللبناني عبارة ( إذا نازع ) جاعلين من الهيئة التحكيمية غير قادرة أو غير ملزمة بالنظر في اختصاصها من عدمه إلا إذا طلب منها ذلك في شكل دفع أو اعتراض أو إثارة.
ثانيا : مصادر مبدأ الاختصاص بالاختصاص :
يستمد مبدأ اختصاص هيئة التحكيم أساسه من العديد من المصادر سواء كانت هذه المصادر هي المعاهدات الدولية المتعلقة بالتحكيم أو القوانين الوطنية المعاصرة للعديد من الدول وكذلك الغالبية العظمى من لوائح التحكيم، إذ تنص العديد من القوانين الوطنية المنظمة للتحكيم على هذا المبدأ ومن بينها :
– قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 في مادته 22.
– وقانون التحكيم التونسي لعام 1993 في مادته 26.
– وقانون التحكيم الموريتاني لعام 2000.
كما تبنى هذا المبدأ المشرع المغربي في قانون 05-08 المنظم للتحكيم في الفصل 9-327 كما تم الإشارة إليه في السابق ” على الهيئة التحكيمية ، قبل النظر في الموضوع…” فبالإضافة إلى صيغة الوجوب فإن هذه المادة تتضمن في طياتها تناقضا بين قولها : ” على الهيئة التحكيمية قبل النظر في الموضوع أن تبث …” وقولها في نهاية الفصل ” وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي نفس الوقت، ليختلط الأمر بين ضرورة انه تبث الهيئة التحكيمية في اختصاصها قبل النظر في الموضوع أو بين وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي نفس الوقت.
أم أنه يترك الخيار للهيئة بان تبث في الأمر قبل الدخول في الموضوع إذا تبين لها أنها غير مختصة منعا لإضاعة الجهد والوقت وبالتالي الحقوق، أو أن تضم هذا الدفع للموضوع وتبث فيهما في نفس الوقت إذا قررت بأنها مختصة .
فبالإضافة على هذه القوانين الوطنية هناك مجموعة من الاتفاقيات الدولية هي كالتالي :
– معاهدة جنيف الموقعة في 21 أبريل 1961 تعرضت بشكل واضح لمبدأ اختصاص الهيئة التحكيمية بالفصل في مسألة اختصاصها في الفقرة الثالثة من المادة الخامسة منها[3].
كما أن قواعد قانون اليونتسترال النموذجي ( المادة 16/1) تتجه هي الأخرى على منح الهيئة صلاحية الفصل في صحة اختصاصها، ولقد تبنت معاهدة واشنطن لعام 1965 الخاصة بتسوية منازعات استثماريين الدول ورعايا الدول الأخرى مبدأ الاختصاص بالاختصاص في المادة 41 منها والتي تنص على أن ” المحكمة هي التي تحدد اختصاصها ” ومن الأعمال العلمية الجماعية ذات الطابع التشريعي التي قننت هذا المبدأ نذكر قرار مجمع القانون الدولي في دورة انعقاده بمدينة سان جاك دوكو مبوستيبل عام 1989 الصادر بخصوص مشكلات التحكيم بين الدول والتشريعات الأجنبية ، حيث نصت المادة 3/ب من ذلك القرار على أن ” تحدد محكمة التحكيم وجود ونطاق اختصاصها وسلطاتها “.
ولم تخل لوائح هيئات ومراكز التحكيم من تقرير هذا المبدأ ومن ذلك:
– نظام التوفيق والتحكيم التجاري لغرفة تجارة وصناعة دبي لعام 1994 في مادته 5/ب
– لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس لعام 1998 في المادة 6/2.
– لائحة جمعية التحكيم الأمريكية لعام 1992 في المادة 15/1.
هذا وقد أجرى القضاء تطبيقات عدة لمبدأ الاختصاص بالاختصاص من ذلك في القضاء الفرنسي، حكم محكمة Colmar بتاريخ 29 نوفمبر 1967 الذي قضى بأنه من المسلم به ” مبدأ أن القاضي المطروح عليه النزاع يكون مختصا بالفصل في اختصاصه، وهذا يستلزم بالضرورة عندما يكون القاضي محكما حيث تستسقى سلطاته أصلها من اتفاق الطرفين ، فحص وجود وصحة ذلك الاتفاق”.
ثالثا: أساس ومبررات مبدأ الاختصاص بالاختصاص :
ذهب جانب من الفقه في تحديده لأساس مبدأ الاختصاص بالاختصاص، ومنهم الأستاذة حفيظة السيد حداد إلى القول بأن مبدأ اختصاص الهيئة التحكيمية بالفصل في مسألة اختصاصها لا يستمد مصدره في اتفاق التحكيم وإنما في قانون التحكيم في دولة المقر وفي قوانين الدول الأخرى المحتمل عرض حكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم للاعتراف به أمام محاكمها.[4]
وهذا المبدأ لا يعني مطلقا أن يترك للمحكم موضوع الرقابة على اختصاصه، بل على العكس فإن هذا الاختصاص تتم مراقبته بواسطة الجهات القضائية في الدولة بمناسبة الطعن والبطن على حكم التحكيم أو إصدار الأمر بتنفيذه.
فمبدأ اختصاص الهيئة يفرض على الجهات القضائية في الدولة التي يعرض عليها الفصل في اتفاق التحكيم لأي سبب من الأسباب سواء أثناء المنازعة بشأن تشكيل الهيئة أو بسبب التمسك بأن اتفاق التحكيم باطل أولا وجود له أن تمتنع عن الفضل في موضوع المنازعات التي تدخل في اختصاص المحكم ومن هنا فإن هذا المبدأ يتضمن فكرة الأولوية أي أنه تعطى للهيئة الفرصة في أن تفصل أولا في جميع المسائل المتصلة باختصاصها وذلك مع الخضوع للرقابة اللاحقة للقضاء الوطني المختص المعني بالقيام بهذه الرقابة[5].
بينما نجد اتجاها آخر من الفقه وعلى رأسهم الدكتور عبد الكريم سلامة، بأن مبدأ الاختصاص يجد أساسه في نطاق التحكيم الدولي ، في قاعدة عرفية خاصة بتحكيم منازعات التجارة الدولية قبل أن يصير قاعدة قانونية تطبق في التحكيم الداخلي وكذلك رسوخه في مختلف الاتفاقيات الدولية وقضاء التحكيم. ويدعم هذا التحليل ، ان مبدأ الاختصاص بالاختصاص يكون واجب الإعمال بغض النظر عن وجود أو صحة العقد الأصلي ، وعن وجود أو صحة اتفاق التحكيم ذاته، بل وبغض النظر عن ضرورة الرجوع إلى قانون دولة معينة يقره أو يعترف به، ويستشف هذا التحديد الأخير من حكم غرفة التجارة الدولية بباريس لعام 1982 الصادر في القضية المعروفة بقضية dow chemical بتاريخ 23 سبتمبر 1982 حيث قضى ” أن المادة 8 من اللائحة تخول المحكم سلطة اتخاذ كل قرار حول اختصاصه، دون أن تفرض عليه من اجل ذلك، تطبيق قانون وطني أيا كان “[6].
وبعيدا عن تلك القاعدة الموضوعية الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي ، يمكن البحث على أساسا مبدأ الاختصاص بالاختصاص في المبادئ العامة للقانون الإجرائي الداخلي. فمن الثابت أن الدفوع المتعلقة باختصاص أية محكمة ، سواء تعلق الأمر بعدم الاختصاص المحلي أو لانتفاء الولاية فإن المحكمة هي التي لها الحق في الفضل في مدى اختصاصها ، ولا يضعف من قيمة هذا السند القانوني لمبدأ الاختصاص في مجال التحكيم الدولي، أن هذا الأخير قضاء اتفاقي لا يقارن بالقضاء النظامي للدولة فالحقيقة أنه رغم الطابع الاتفاقي الخاص للتحكيم فإنه في النهاية ، قضاء يحسم المنازعات بحكم ملزم واجب النفاذ ومن تم تحكمه القواعد العامة في القانون الإجرائي كمبدأ الاختصاص بالاختصاص، ومبدأ المواجهة بين الخصوم ومبدأ المساواة بينهم …الخ.
وبذلك لا يكون صحيحا الرأي الذي يعتبر أن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم هو الأساس الحقيقي لمبدأ الاختصاص بالاختصاص وذلك لعدم إدراكه حقيقة طبيعة الاختلاف بين المبدأين، فمبدأ استقلال اتفاق التحكيم مبدأ موضوعي يتعلق بوجود اتفاق التحكيم وهو عقد ، والحفاظ عليه من أية شائبة قد تعلق بالعقد الأصلي وتمتد إليه فيصيبه البطلان أو الانعدام و الفسخ. وبالتالي يتعين ضمان فعاليته تحقيقا لآثاره التي يبتغيها أطرافه، أما مبدأ الاختصاص بالاختصاص فهو مبدأ إجرائي يتعلق بسلطة المحكم في البث في مسألة اختصاصه، كما أن مسألة اختصاص الهيئة تثور في وقت مبكر قبل أن تثور مسألة استقلال اتفاق التحكيم من عدمه، فكان مبدأ الاختصاص بالاختصاص يسمح لهيئة التحكيم بمواصلة مهمتها حتى ولو كان اتفاق التحكيم باطلا في ذاته.
ويدعم مبدأ الاختصاص بالاختصاص عدة مبررات قانونية وأخرى عملية يمكن إجمالها في النقط التالية :
– أن هذا المبدأ يسد طريق الغش والتحايل أمام الطرف السيئ النية الذي يرغب في تعويق مسار التحكيم، برفع الدعوى بالنزاع أمام قضاء الدولة.
– كما يعمل على الاقتصاد في الوقت والإجراءات .
– كما أن مقتضيات الثقة الكاملة التي أولاها الأطراف لقضاء التحكيم لا تستتبع نقط الثقة في الحكم الموضوعي بل كذلك الثقة في كل حكم تمهيدي يصدر قبل الفصل في الموضوع، كالحكم بثبوت الاختصاص.
– أن الأثر السالب لاتفاق التحكيم يدعم بدوره هذا المبدأ، حيث أن هذا الأثر يحجب على القضاء النظر في المنازعة وبالتالي الاعتراف لهذه الهيئة بسلطة الحسم في مسألة اختصاصها.
الفقرة الثانية : آثار إعمال وتطبيق مبدأ الاختصاص :
على الرغم من رسوخ مبدأ الاختصاص بالاختصاص في مختلف التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، وكذا جل لوائح وهيئات ومراكز التحكيم ، فإن تطبيق هذا المبدأ لا يتم بنفس الطريقة في جميع الدول.
أولا : آثار مبدأ اختصاص بالاختصاص :
لقد ساعد مبدأ الاختصاص بالاختصاص في ازدهار التحكيم الدولي ، وجعله بمثابة شبكة من القرارات المستقلة بذاتها والموازية لتلك المتعلقة بالحل القضائي للعلاقات الدولية الخاصة، غير أن هذا المبدأ لا يطبق بنفس الطريقة في جميع الدول، ويقضى مبدأ الاختصاص بالاختصاص بإعطاء الصلاحية للمحكمين بتأكيد أو إلغاء عملية تنصيبهم كمحكمين حسب ما هو ظاهر أو ناتج عن شرط التحكيم، مما يعني اختصاصهم لوحدهم بالتصريح بقبول كل دفع أثير أمامهم من طرف أحد الخصوم يتعلق مباشرة بالفصل في صحة وجود بند التحكيم. ويتوفر هذا المبدأ على وجهين:
– الوجه الإيجابي ويهم اختصاص المحكمين لوحدهم في البث في كل طعن يهم اختصاصهم في النزاع من طرف أحد الخصوم، وذلك استنادا إلى سلطة تنصيبهم كمحكمين.
– الوجه السلبي : ويطبق أمام محاكم الدولة ، يقتضي أن تمتنع هذه المحاكم عن النظر أو البث في أي دعوى تتعلق بوجود الشرط ألتحكيمي أو صحته، أو في موضوع النزاع مباشرة بالرغم من صحة وجود هذا الشرط ظاهريا قبل أن يقول المحكمون كلمتهم فيها.
ثانيا : إعمال مبدأ الاختصاص بالاختصاص :
إذا دفع احد المحتكمين بعدم اختصاص هيئة التحكيم على أساس أن اتفاق التحكيم باطل، أو غير موجود، أو عدم شموله موضوع النزاع، كان على الهيئة أن ترد على هذا الدفع طالما تم إبداء الدفع بعدم الاختصاص في الموعد المحدد، وهو عادة ميعاد لا يتجاوز تقديم بيان الدفاع أو في ميعاد لا يتجاوز تقديم الرد على الطلبات العارضة في حالة وجود مثل هذه الطلبات[7].
كما لا يترتب على قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين محكمة أو الاشتراك في تعينه سقوط حقه في تقديم الدفع بعدم الاختصاص ، أما الدفع بعدم الاختصاص المبني على عدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع، فيجب التمسك به فورا وإلا سقط حقه، ويجوز في جميع الأحوال أن تقبل هيئة التحكيم الدفع المتأخر إذا رأت أن التأخير كان لسبب معقول.
فإن قدم الدفع بعدم الاختصاص في الموعد كان لهيئة التحكيم الخيارين:
-الأمر الأول : أن تفصل في ذلك الدفع بحكم تمهيدي أو أولى استقلالا عن حكمها الفاصل في موضوع النزاع. وهذا يحدث عادة في الفرض الذي تنتهي فيه هيئة التحكيم إلى انتفاء اختصاصها، إذ تسارع إلى إصدار الحكم بعدم اختصاصها، حيث لن يكون هناك ثمة داع للانتظار. كما يحدث في الفرض التي ترى فيه الهيئة أن هناك طلبات أو دفوع، كطلبات التدخل ينبغي البث فيها مع الدفع بعدم الاختصاص، حتى لا يؤدى تفرع جوانب الخصومة إلى إطالة أمد الفصل في النزاع وإثقال كاهل الهيئة، بما قد يؤثر على تفرغها لحسن فحص وتدقيق الموضوع الأصلي للنزاع[8].
-الأمر الثاني : ففيه ترجئ هيئة التحكيم البث في الدفع بعدم الاختصاص للفصل فيه وفي موضوع النزاع معا بحكم واحد، وهذا بحدث عادة حينما تقدر هيئة التحكيم ثبوت الاختصاص لها ، حيث تقتضي دواعي الاقتصاد في الإجراءات وسرعة البث في النزاع، إصدار حكم واحد حاسم لمسألة الاختصاص والنزاع المثار.
غير أنه وفي كل الأحوال لا يجوز الطعن في حكم هيئة التحكيم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص المبني على عدم وجود اتفاق التحكيم أو سقوط أو بطلانه أو عدم شموله موضوع النزاع، استقلالا بل يطعن فيه مع الحكم الصادر في موضوع الدعوى وذلك بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها.
وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 22/3 من قانون التحكيم المصري، والمادة 16/3 من قانون التحكيم اليوناني لعام 1999.
إضافة إلى الحالة الأولى ، وهي الطعن في حكم هيئة التحكيم الصادر برفض الدفع بعدم اختصاصها وإثبات اختصاصها، هناك الحالة العكسية وهي انتهاء هيئة التحكيم على قبول الدفع بعدم الاختصاص وتخليها عن الفصل في النزاع، فهل يجوز الطعن بالبطلان في الحكم بعدم الاختصاص ؟
إن الرد بالإيجاب هو الأقرب إلى الصواب ، بل أوجب في هذه الحالة منه في الحالة الأولى ، بحيث أنه إذا قبل الطعن وانتهى إلى صحة الحكم بثبوت الاختصاص ، كان في ذلك تدعيما لاتفاق التحكيم وتفعيلا لمقتضياته.
ومن القوانين التي أجازت الطعن في حكم هيئة التحكيم الصادر في مسألة اختصاصها، قانون التحكيم التجاري الدولي اليوناني 1999، قانون التحكيم الإنجليزي 1996.
ثالثا : تطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص :
عن تطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص ، الهدف منه ، هو العمل على منع الخصم الذي لا يريد المشاركة في عملية التحكيم من أجل استمرارها بكيفية عادية، على النهاية من تقديم أي دفع يطعن بمقتضاه في وجود الشرط ألتحكيمي ، أو صحته، وكذلك منعه من إثارة أي طلب يرمي من خلاله الحصول على إيقاف مسطرة التحكيم إلى حين صدور قرار عن محاكم الدولة حول الشرط ألتحكيمي . فإن هذا المبدأ الأساسي يطبق بنفس الطريقة في جميع الدول، وتظهر إشكالية تطبيقه في كون أن المحاكم التي سوف يرفع أمامها النزاع ، يمكن أن تكون محاكم دولة لا يعترف قانونها بالوجه السلبي لمبدأ الاختصاص بالاختصاص، وبالتالي يمكن لهذه المحاكم أن تنظر أو تبث في وجود الشرط ألتحكيمي أو صحته قبل المحكمين إذا تقدم لديها احد الأطراف بدفع متعلق بهذا الشرط أو قد تصرح ببطلانه، أو قد تنظر أيضا في بعض الحالات في موضوع الدعوى، وتفصل فيه بحكم ويكون بذلك اللجوء إلى محاكم الدولة موازاة مع سريان مسطرة التحكيم وسيلة تحايلية للمماطلة و التهرب من قضاء التحكيم، أو الحصول على حكم أجنبي غالبا ما سيكون مخالفا لقرار المحكمين الذي سيصدر بعده.
وفي هذه الحالة ، فإن محاولة تنفيذ هذه القرارات المتناقضة والصادرة من جهة عن قضاء الدولة، ومن جهة أخرى عن قضاء التحكيم من شانه أن ينتج وضعية معقدة وصعبة يطلق عليها عبارة ” نزاع النزاع ” وهي الوضعية التي لم يكن أطراف النزاع يتوقعونها عند إبرام العقد، حتى بالنسبة للمختصين منهم في التجارة الدولية[9] .
وخلافا لما هو جار به العمل في بعض القوانين الأوروبية، فإن القانون الفرنسي للتحكيم ومشروع القانون المغربي، رقم 05-08، يعترفان صراحة بتطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص حسب وجهه السلبي، حيث إن الفصل 1458 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي والفصل 1-327 من مشروع القانون المغربي 05-08. يلزمان في فقراتهما الأولى بأن تصرح في حالة عرض النزاع على هيئة التحكيميضأ
بعدم الاختصاص للنظر في وجود شرط التحكيم في العقد الرابط بين الأطراف ، بل إن الفقرة الثانية من هذين الفصلين تنص على أن القاضي الفرنسي أو المغربي يكون ملزما بالتصريح بعدم اختصاصه حتى في الحالة التي لم يعرض فيها النزاع بعد على التحكيم، ما عدا إذا كان شرط التحكيم باطلا بشكل واضح .
المطلب الثاني: الأثر السلبي لاتفاق التحكيم:
الأثر الأهم الذي يرتبه اتفاق التحكيم هو سلب النزاع من سلطة ولاية القضاء وحرمان أطراف العقد من اللجوء إلى القضاء العادي بشأن النزاع الذي وقع الاتفاق على حله عن طريق التحكيم.
الفقرة الأولى: مضمون الأثر السلبي
إذا انعقد اتفاق التحكيم انعقادا صحيحا ترتبت عليه آثار قانونية تتمثل في إقصاء قضاء الدولة من النظر في النزاع على أن سلب القضاء العادي حق النظر في النزاع موضوع اتفاق التحكيم يضع على بساط الواقع جملة من المسائل احتدم حولها النقاش بين الفقه وأمام القضاء
أولا : إقصاء القضاء من النظر في النزاع :
يترتب على إبرام اتفاق التحكيم صحيحا وفقا للقانون الواجب التطبيق بشأن نزاع معين امتناع الأطراف بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة وعلى هذه الأخيرة الامتناع عن نظر النزاع وتخليها عنه إذا كان قد طرح بالفعل عليها[10]، أو بمعنى آخر سلب النزاع من سلطة ولاية القضاء العادي وحرمان أطراف العقد من اللجوء على القضاء بشأن النزاع الذي وقع الاتفاق على حله عن طريق التحكيم أي أن اتفاق التحكيم ينتج عنه أن الأطراف قد تنازلوا عن القضاء العادي وارتضوا التحكيم[11] ويترتب على هذا التحديد أثران الأول هو انه بمجرد وجود اتفاق التحكيم يعتبر مانعا أو حاجبا من رفع الأمر أمام القضاء والثاني وهو أثر غير مباشر أنه إذا رفع النزاع أمام قضاء الدولة تعين عليها التخلي عنه احتراما لوجود اتفاق التحكيم وقد نص المشرع المغربي على الاختصاص السلبي في المادة 327 وقد أتت هذه المادة في سياق التشجيع لآلية التحكيم وجعلها آلية إلزامية حيث يختاروها الأطراف بحيث لا يمكنهم العدول عن هذا الاختيار واللجوء على محاكم الدولة.
وهناك من الباحثين من ينتقد هذا الفصل ( رباعي فخري) باعتبار أن المشرع جعل تصريح المحكمة بعدم القبول مشروط بدفع المدعى عليه بوجود نفس النزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية ويذهب إلى أنه صحيح أن أغلب التشريعات تشترط هذا الشرط كان على المشرع المغربي أن يكون أكثر جرأة منها مستغلا فرصة وضع هذا القانون ويستجيب لنداءات الفقهاء وممارسي التحكيم وينص صراحة على وجوب النطق بعدم القبول تلقائيا من قبل المحكمة عند ملاحظة وجود عقد أو شرط التحكيم كما فعل المشرع اليمني في المادة 19 من قانون التحكيم اليمني لسنة 1992، والمشرع الكويتي في المادة 173 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38 لسنة 1980.
ثانيا : الطبيعة القانونية للدفع بمنع القضاء من النظر في النزاع المتفق بشأنه التحكيم.
يقصد بالدفع تمسك الخصم بوجه من أوجه الدفاع الذي يؤدي على تفادي الحكم عليه بطلبات خصمه كلها أو بعضها بصفة نهائية ونميز في الدفوع بين الدفوع الموضوعية والدفوع الشكلية والدفوع بعدم القبول.
والتساؤل الذي يطرح في هذا السياق ما محل التحكيم من هاته الدفوع؟ بمعنى أدق ما هي الطبيعة القانونية للدفع بوجود اتفاق التحكيم والمبرم بين الخصمين؟
ولمحاولة استيعاب الموضوع سنتطرق لهذه الدفوع وطبيعتها وموقف التشريعات منها.
1: الدفع بعد الاختصاص :
هناك العديد من التشريعات تعتبر الدفع بوجود اتفاق التحكيم هو دفع بعدم الاختصاص وبالتالي فهو دفع شكلي لا يتعلق بالنظام العام ويجب إبداءه عند بدء الخصومة وقبل الخوض في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه ومن هذه التشريعات التي أخذت بهذا المبدأ نجد المشرع الفرنسي حيث نص في المادة 1458 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسية أنه ” إذا رفع أمام محكمة قضائية نزاعا موضوعا أمام محكمة تحكيمية بموجب اتفاقية تحكيمية فعليها إعلان عدم اختصاصها إذا لم يسبق للمحكمة التحكيمية أن تعهدت النزاع فعلى المحكمة القضائية أيضا إعلان عدم اختصاصها ما لم يكن عقد التحكيم واضح البطلان وفي هاتين الحالتين لا يمكن للمحكمة القضائية أن تعلن عدم اختصاصها من تلقاء نفسها ” إلا أن هذه النقطة المتعلقة بالنظام العام فيها خلافا بين محكمة النقض الفرنسية والمحاكم الدنيا، إذ اعتبرت محكمة النقض الفرنسية إن الدفع بالتحكيم هو دفع بعدم الاختصاص النوعي المتعلق بالنظام العام والذي يتعين على المحكمة إثارته من تلقاء نفسها ويجوز التشبث به في أية مرحلة تكون عليها الدعوى أما المحاكم الدنيا فلا تعتبره من النظام العام. إضافة على بعض أحكام محكمة النقض المصرية التي ذهبت في نفس الاتجاه على اعتبار الدفع بالتحكيم هو دفع بعدم الاختصاص غير متعلق بالنظام العام.
ومن الفقهاء كذلك من ذهب على اعتبار الدفع باتفاق التحكيم هو دفع بعدم الاختصاص وذلك في نظرية اعتبرت الدفع باتفاق التحكيم هو دفع بعدم الاختصاص[12].
ذلك ان المشرع بإقراره لاتفاق التحكيم الذي اتفق فيه طرفيه بعدم طرح نزاعاتهم على القضاء يجعل من هذا النزاع خارجا عن اختصاص القضاء بمقتضى ذلك الاتفاق[13].وذلك إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة.
وهكذا نفهم من أصحاب هذا الاتجاه أن اتفاق التحكيم يترتب على إبرامه سلب ولاية المحكمة في نظرها للنزاع وجعل ذلك من اختصاص الهيئة التحكيمية المتفق عليها.
إلا أن هذه النظرية تعرضت لمجموعة من الانتقادات من بينها :
-إن اختصاص المحكمة في بثها في قضايا معينة يكون مستمدا من نصوص قانونية وبالتالي فالقول أن اتفاق التحكيم بعد إبرامه يجعل المحكمة غير مختصة هو قول يتنافى مع هذا الاعتبار.
-يجب على الطرف الذي يقدم الدفع بعدم الاختصاص أن يبين في دفعه المحكمة المختصة تحت طائلة عدم قبول طلبه وذلك وفق ما نصت عليه الفقرة 8 من الفصل 16 من ق.م .م مما يفيد أن عدم الاختصاص لا يكون إلا بين المحاكم فيما بينها[14].
-المحكم أو مجموعة محكمين ليسوا بمحكمة بالمفهوم التقني للكلمة بدليل أن المشرع يستعمل هيئة تحكيمية وليس محكمة.
2: الدفع بعدم القبول :
يعد هذا الدفع من الدفوع التي أخذ بها المشرع ا
لمغربي إذ حسم في موقفه واستقر على أن الدفع باتفاق التحكيم هو دفع بعدم القبول كما جاء في الفصل 327 لقانون 05/08 إلا انه دفع يجب إثارته من طرف الخصم المدعى عليه وهذا الدفع يجب ان يقدم قبل الدخول في جوهر النزاع مما يعني انه دفع شكلي غير متعلق بالنظام العام . هذا ومن المعلوم أن المشرع المغربي نظم الدفع بعدم القبول في الفصل 49 ق م م ومن خلاله يتعين بكل جلاء أن المشرع المغربي يسير في الاتجاه الذي يعتبر الدفع بعدم القبول هي دفوع شكلية مادام الفصل يؤكد على وجوب إثارتها قبل أي دفاع في الجوهر وبالرجوع إلى الفصل 327 من قانون 08/05 نجد ان المحكمة يجب عليها التصريح بعدم القبول ليس فقط عندما يعرض عليها نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية بل أنها تصرح بعدم القبول ليس فقط عندما لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية فالفصل مقسم على فقرتين الأولى عندما يعرض النزاع على المحكمة والثانية تتحدث عن النزاع الذي لم يعرض على الهيئة التحكيمية بحيث عرض مباشرة على قضاء الدولة.
ويسير في نفس الاتجاه القانون المصري من خلال المادة 13 من قانون 1994 المتعلق بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية على ما يلي ” يجب على المحكمة التي يرفع إليها النزاع يوجد بشأنه اتفاق التحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا رفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى ” إلا أن ما يلاحظ فيما يتعلق بالطبيعة القانونية للدفع بعدم القبول في القانون المصري أن المادة 110 فقرة أولى من قانون المرافعات المصري ينص على إمكانية إبداء الدفع بعدم القبول في أية حالة تكون عليها الدعوى مما يعني انه دفع موضوعي وهذا المقتضى يخالف ما قرره المشرع المصري في المادة 13 من قانون 1994 المتعلق بالتحكيم حيث اعتبره دفعا شكليا وجب إثارته قبل إبداء أي طلب أو دفاع في جوهر النزاع ويؤيد هذه النظرية أغلب الفقه السائد في مصر وأتوا بمجموعة من التبريرات إذ في نظرهم أن اتفاق التحكيم ليس تلك الثورة التي مقتضاها يتم سلب الاختصاص من القضاء بل أنه مجرد عائق أو مانع يحول مؤقتا دون سماع الدعوى أو طرح النزاع أمام القضاء والذي يبقى مختصا من حيث الأصل[15] فما هو إلا وسيلة مانعة للطرفين من الالتجاء إلى القضاء بشكل مؤقت طالما أن اتفاق التحكيم مازال موجودا وقائما بين الطرفين فإن زال أصبحت الدعوى مقبولة أمام القضاء طالما انه هو المختص أصلا بها وان ذلك الاتفاق لا يمس بالاختصاص في شيء وغير ذي أثر عليه[16] إلا أن هذه النظرية لم تسلم بدورها من الانتقادات من أهمها أن :
-الاتفاق على التحكيم لا يسلب أطرافه حق اللجوء على القضاء بل حق استمرار الإجراءات لحين الفصل في النزاع وتخلف شرط من شروط قبول الدعوى يجعلها غير مقبولة أمام سائر المحاكم وليس الأمر كذلك عند الاتفاق على التحكيم لأن وجود هذا الاتفاق يجعل المحكمة وحدها غير مختصة لأنها غير ذات ولاية مادام التحكيم قائما وصحيحا[17].
-أن شروط قبول الدعوى أمام القضاء جاءت محددة فإما أن تقوم فيقبل الطلب وإما أن تتخلف فيجاب بعدم القبول الشيء الذي يجعلنا أمام هذه الحقيقة نتصور أن عدم إدراج اتفاق التحكيم هو بمثابة شرط من شروط قبول الطلب والحال أن الطلب يقبل ولو مع وجود شرط التحكيم لأن الدفع بهذا الاتفاق مقرر لصالح الخصوم[18].
-أمام هذه الانتقادات حاول جانب آخر من الفقه إيجاد صياغة أخرى للدفع باتفاق التحكيم فكانت هي الدفع ببطلان المطالبة القضائية.
3: الدفع ببطلان المطالبة القضائية :
يرى هذا الاتجاه ان المطالبة القضائية هي إجراء والإجراء عمل قانوني يتألف من عناصر موضوعية كالإدارة والأهلية والمحل والاختصاص وأخرى شكلية تتمثل في الشكل الذي وصفه له القانون ذلك أن الهدف من اتفاق التحكيم هو الحيلولة دون المطالبة بالحق المتنازع عليه عن طريق القضاء على نحو لا يكون صالحا لأن يكون محلا لهذه المطالبة ومن تم فالمطالبة بالحق بعد الاتفاق على التحكيم تكون باطلة وسبب البطلان هو افتقاد هذا الإجراء أي المطالبة القضائية عنصرا من عناصره الموضوعية وهو عنصر المحل وهذا الدفع يؤدي في حالة إن قبلته المحكمة إلى أنها والخصومة دون الفصل في موضوعها وهي غاية الدفع بالتحكيم إلا أن هذا الرأي لم يسلم بدوره من النقد فلقد لفت البعض النظر على حقيقة أن الدفع ببطلان صحيفة الدعوى يتعين أن يكون له سبب راجع على الصحيفة ذاتها ببياناتها وعناصرها ولا يجوز أن يترتب على أمر خارج عنها كما هو الحال في اتفاق التحكيم دون استبعاد إمكانية تحقق اتفاق على التحكيم بعد رفع الدعوى حيث لا يمكن القول ببطلان هذه الدعوى لسبب لاحق لاشتمالها كافة مقوماتها[19].
إلى جانب هذه النظريات الثلاث هناك دفع جديد يسمى ” الدفع بالتحكيم” يتبناه الأستاذ عبد الكريم سلامة ، وهو دفع بموجبه تلتزم المحكمة ألا تقضى بعدم الاختصاص ولا بعدم القبول بل تقوم بعملين : أحدهما سلبي وهو الامتناع عن نظر النزاع والثاني إيجابي وهو إحالة الأطراف أو توجيههم إلى قضاء التحكيم ، الأول يظهر الاحترام لاتفاق التحكيم، أما الثاني فيدعم فعالية ذلك الاتفاق بتوجيه الأطراف إلى القوة الملزمة لهذا الأخير وتنفيذ كل منهم لالتزامه بالمساهمة في إجراءات التحكيم.
الفقرة الثانية : أثر قبول الدفع بسبق الاتفاق على التحكيم
يثير قبول الدفع بسبق الاتفاق على التحكيم جملة من المسائل الدقيقة التي يمكن اختزالها في ثلاثة نقط أساسية تتمثل أولا في مناط أو حدود أعمال الدفع بسبق الاتفاق على التحكيم تم مدى سلطة القضاء بالنظر في صحة اتفاق التحكيم وتفسيره وأخيرا تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا الدفع.
أولا : حدود أعمال الدفع بوجود اتفاق التحكيم :
يثور التساؤل في هذا المقام حول ما إن كانت المحكمة التي رفع إليها النزاع بالرغم من وجود اتفاق التحكيم ملزمة بالحكم بعدم قبول الدعوى او بعدم الاختصاص أو بالتخلي عن النزاع لوجود اتفاق التحكيم على حسب التشريعات والنظم السابقة ، حتى ولو كان اتفاق التحكيم باطلا أو غير ممكن أعماله ؟
المستقر عليه من خلال استقراء الأعمال التشريعية أن المحكمة لا تتخلى عن نظر النزاع لمجرد أن يتمسك أحد المحتكمين بوجود اتفاق التحكيم، بل يلزم أن يكون ذلك الاتفاق صحيحا منتحا لآثاره فإن كانت عبر ذلك استمرت في نظر النزاع.
ومثال ذلك اتفاقية نيويورك لعام 1958 في الفقرة الثالثة من المادة الثانية منها إضافة إلى القانون النمطي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لعام 1985في المادة 8 البند الأول حيث اشترط لإحالة الطرفين إلى التحكيم ألا يتضح أن الاتفاق باطل ولاغ أو عديم الأثر أو لا يمكن تنفيذه.
وكذلك برتوكول جنيف ل 1923 حيث نصت المادة 4/2 منه على أن إحالة الأطراف إلى التحكيم المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابعة ” لا تنال من اختصاص المحاكم في الحالة التي تكون فيها مشارطة التحكيم أو شرط التحكيم باطلا أو لا أثر له “.
وقد سارت في ذات الاتجاه التشريعات الوطنية التي نذكر منها : ” القانون الهولندي لعام 1986 في مادته 1022/1 – قانون التحكيم البلغاري لعام 1988 في مادته 8/1- قانون التحكيم التونسي لعام 1993في مادته 19/2[20].-والقانون الألماني لعام 1996 في مادته 1032/1
-القانون البلجيكي لعام 1998 في مادته 1697/1-قانون التحكيم الموريتاني لعام 2000 في مادته 19/2.
إلا أن هناك اتجاها يذهب إلى عدم إلزام المحكمة الحكم بعدم اختصاصها والتخلي عن النزاع عند بطلان اتفاق التحكيم إذا كانت هيئة التحكيم لم تتشكل ولم تتصل بالنزاع حيث يجوز لها هنا الاستمرارية في نظر النزاع، وذلك بشرط أن يكون البطلان الذي شاب اتفاق التحكيم ظاهرا.فإذا كانت هيئة التحكيم قد تشكلت واتصلت بالنزاع وكان اتفاق التحكم باطلا التزمت المحكمة رغم ذلك بالحكم بعدم الاختصاص.
وهذا الرأي قد وجد صدى لدى بعض التشريعات من بينها التشريع الفرنسي حيث نص عليه في المادة 1458 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسية المعدل لعام 1981.
ثانيا : مدى سلطة القضاء في النظر في صحة اتفاق التحكيم وتفسيره
إذا ما رفع أحد طرفي التحكيم دعواه إلى القضاء ودفع المدعى عليه بسبق الاتفاق على التحكيم يثور التساؤل عما إذا كان للمدعى أن يدفع في هذه الحالة ببطلان الاتفاق على التحكيم أو بعدم شموله للنزاع المطروح على المحكمة ومن تم ما إذا كان للمحكمة أن تفصل في مسألة بطلان الاتفاق على التحكيم أو تفسيره بقصد تحديد ما إذا كان يشمل النزاع الذي طرحه المدعي على المحكمة؟
يبدو من خلال آليات التحكيم ذاتها أنها تفرض اختلاف الحل الواجب الإتباع من حالة إلى أخرى فإذا كان المدعي قد رفع دعواه أمام القضاء للفصل في أمرها بعد تشكيل هيئة التحكيم وطرح النزاع المحكم فيه عليها ودفع المدعى عليه بسبق الاتفاق على التحكيم فلا شك أنه لا يكون للمدعي أن يدفع ببطلان اتفاق التحكيم أو بعدم شموله للنزاع المطروح على المحكمة ويتعين على المحكمة بدورها أن تمتنع عن النظر في صحة اتفاق التحكيم، أو في شموله للنزاع المطروح عليها ، ما لم يكن هذا النزاع منبت الصلة بالنزاع المحكم فيه على نحو واضح يثير لبسا أو شكا.
أما إذا كان المدعي قد رفع دعواه قبل تشكيل هيئة التحكيم وطرح النزاع عليها فيبدو أنه يكون للمدعي أن يدفع ببطلان اتفاق التحكيم او بعدم شموله للنزاع المطروح على المحكمة ولا يكون للمحكمة ان تمتنع عن النظر في هذا الدفع او ذاك، ما لم يقرن المدعى عليه دفعه بسبق الاتفاق على التحكيم بما يفيد اتخاذه ما يلزم لتحريك إجراءات التحكيم. حيث أن القول بغير ذلك من شانه أن يؤدي على نتيجة غير منطقية هي أن الطرف الذي يعتقد ببطلان اتفاق التحكيم أو بعدم شموله للنزاع القائم بينه وبين الطرف الآخر ومن ثم يعتقد ببطلان بان النزاع بينه وبين خصمه من اختصاص القضاء ن يكون عليه مع ذلك ان يبدأ بتحريك إجراءات التحكيم، ثم ينازع في اختصاص التحكيم الذي تولى بنفسه تحريكه والذي قبله خصمه. وإذا ما انتهت هيئة التحكيم على تقرير اختصاصها فغنه يكون عليه الانتظار على حين الحكم في الموضوع، حتى يتمكن من بعد من إثارة عدم اختصاص هيئة التحكيم أمام القضاء.
ثالثا : القانون الواجب التطبيق على الدفع بوجود اتفاق التحكيم :
عن اتفاق التحكيم هو عقد حقيقي له شروط وأركان العقود المعروفة غير أن الملاحظ ان هذا العقد قد يختلف عن سائر العقود في أن جوهره هو سلب النزاع من ولاية القضاء العادي ونقله على قضاء التحكيم وهذا اثر إجرائي وليس موضوعي وبالتالي يثور الخلاف حول تحديد القانون الواجب التطبيق على ذلك الأثر الإجرائي الهام، فهل يختص قانون القاضي المسلوب منه الاختصاص لتعلق الأمر بمسألة إجرائية أم يختص القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم باعتباره عقد كسائر العقود؟
يمكن القول ان القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم لا سيما بخصوص أثره السلبي هو قانون القاضي الذي كان مختصا أصلا بنظر النزاع إذ أن اتفاق التحكيم لا ينظم مصلحة خاصة لأطرافه وعندما يتعلق الأمر بتعديل الاختصاص القضائي وهذا يقود إلى القول بان الطبيعة الإجرائية تغيب عن هذا الاتفاق بل تعمل جنبا على جنب مع الطبيعة العقدية له، وبما أن الجانب الإجرائي في تحديد طبيعة اتفاق التحكيم لا يدع مجالا لقانون الإرادة الذي يحكم الاتفاق ليطال الأثر الخاص بسلب ولاية قضاء الدولة فنظرا لأن جوهر هذا الأثر حجب الاختصاص القضائي فمن اللازم أن يتدخل قانون المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، أي قانون القاضي الذي حجب اختصاصه.
خاتمة:
بالنظر لكل من الأثرين السلبي والإيجابي لاتفاق التحكيم يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، إلى أن هناك قطيعة بين كلا القضائين أي قضاء الدولة وقضاء التحكيم. غير أن هذا الاستنتاج مرفوض بإطلاقه، حيث نجد أن التعاون بين كلا القضائين مطلوب، بل ومفروض وذلك لأن قضاء التحكيم قضاء اتفاقي يجد سنده في اتفاق التحكيم الذي ابرمه المحتكمون. وهو بتلك المثابة يفتقد إلى السلطة التي تستطيع وضع أحكامه موضع التنفيذ الجبري على أطرافه، سواء تلك التي يصدرها قبل الفصل في الموضوع أو بعده. ومن حيث أن سلطة الأمر أو الجبر لا تتوفر إلا لقضاء الدولة، فليس هناك ما يمنع من طلب تدخله لمساندة قضاء التحكيم.
إلى جانب أن الاتفاق على التحكيم لا ينزع الاختصاص من قضاء الدولة وإنما يحجبه عن نظر النزاع، ويمنعه من سماع الدعوى طالما بقي ذلك الاتفاق قائما. ومن تم فإنه من الضروري اللجوء إليه كلما طرأ عارض يعوق سير عملية التحكيم، أو يحد من فعالية الحكم الصادر.
وهكذا يبدو التعاون بل والتكامل بين القضائين منذ انطلاق عملية التحكيم وحتى تنفيذ الحكم الصادر في نهايتها وتحقيق الحماية القضائية المبتغاة، برهانا على انعدام القطيعة بينهما بل سعيهما نحو أداء العدالة لمن ينشدها.
لائحة المراجع المعتمدة
– – إبراهيم حرب محيسن ” طبيعة الدفع بالتحكيم في الخصومة المدنية ” دار الثقافة للنشر والتوزيع
– أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي ، بيروت ، بدون طبعة 1981.
– احمد أبو الوفاء, التحكيم الاختياري والإجباري ، منشاة المعارف بالإسكندرية ، الطبعة الخامسة ، 2001.
– احمد محمد حشيش, القوة التنفيذية لحكم التحكيم, دار الفكر الجامعي , الإسكندرية ,الطبعة الأولى , سنة 2001 .
– احمد هندي, تنفيذ الأحكام المحكمين, دار الجامعة الجديدة للنشر , الإسكندرية , الطبعة غير مذكورة , سنة 2001 .
– احمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري الدولي و الداخلي ، دار النهضة العربية ، القاهرة، الطبعة الأولى 2004.
– حفيظة السيد حداد، الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي، منشورات
– الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، الطبعة 2004.
– محمد احمد عبد الصادق, المرجع العام في التحكيم, الإسكندرية, الطبعة الثانية, 2008.
– مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية ، الفتح للطباعة والنشر بالإسكندرية ، الجزء الأول، الطبعة الأولى 1998.
– رحال البوعناني ” التحكيم اختياري في القانون المغربي الداخلي ” .
– عبد الحفيظ ميمون ” شرط التحكيم وحدود أثره على الاختصاص القضائي.
– عبد الله درميش ، التحكيم الدولي في المواد التجارية ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية الحقوق بالدار البيضاء ، السنة الجامعية 1982-1983.
– فوزي محمد سامي ، ” التحكيم التجاري الدولي ” دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2006.
– فتحي والي ، ” قانون التحكيم بين النظرية والتطبيقية ” الطبعة الأولى 2007.
– التقرير السنوي للمجلس العلى 2005، مركز النشر والتوثيق القضائي ، مطبعة الأمنية ، الرباط.
– مجلة القصر – العدد 10 يناير 2005.
– مشروع قانون 05/08 يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية.
الفهرس:
مقدمة
المطلب الأول: الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم.
الفقرة الأولى: اختصاص الهيئة التحكمية بالبت في النزاع.
أولا: مفهوم مبدأ الاختصاص بالاختصاص
ثانيا: مصادر مبدأ الاختصاص
ثالثا: أساس ومبررات المبدأ.
الفقرة الثانية: آثار أعمال وتطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص.
أولا: آثار مبدأ اختصاص بالاختصاص
ثانيا: أعمال مبدأ الاختصاص بالاختصاص.
ثالثا: تطبيق مبدأ الاختصاص بالاختصاص.
المطلب الثاني: الأثر السلبي لاتفاق التحكيم.
الفقرة الأولى: مضمون الأثر السلبي.
أولا: إقصاء القضاء من النظر في النزاع.
ثانيا:الطبيعة القانونية للدفع بمنع القضاء من النظر في النزاع المتفق بشأنه على التحكيم.
الفقرة الثانية: آثار قبول الدفع بسبق الاتفاق على التحكيم.
أولا: حدود أعمال الدفع بوجود اتفاق التحكيم.
ثانيا: مدى سلطة القضاء في النظر في صحة اتفاق التحكيم.
ثالثا: القانون الواجب التطبيق على الدفع بوجود اتفاق التحكيم.
خاتمة .
– أبو زيد رضوان , الأسس العامة في التحكيم الدولي , دار الفكر العربي ,بيروت, الطبعة غير مذكورة , السنة 1981 .ص79 [1]
– احمد أبو ألوفا , التحكيم الإجباري والاختياري , منشأة المعارف , الطبعة الخامسة , سنة 2001 ص 123[2]
[3] – إذ تنص على أنه : ” لا يلتزم المحكم الذي يذكر الأطراف عليه، أن يتخلى عن نظر المنازعة ، وله أن يفصل في مسألة اختصاصه وفي وجود وصحة اتفاق التحكيم أو في وجود وصحة العقد الذي يعد هذا الاتفاق جزءا منه ، وذلك دون إخلال بالرقابة القضائية اللاحقة “.
– فتحي والي , قانون التحكيم بين النظرية والتطبيق , الطبعة الأولى , سنة 2007 , ص 71[4]
-احمد محمد حشيش , القوة التنفيذية لحكم التحكيم , دار الفكر الجامعي , الإسكندرية ,الطبعة الأولى , سنة 2001 , ص 119[5]
[6] – انظر بتفصيل وقائع هذه القضية في مؤلف حفيظة السيد حداد، ص 245.
– احمد هندي , تنفيذ أحكام المحكمين , دار الجامعة الجديدة للنشر ,الإسكندرية , الطبعة غير مذكورة , سنة 2001 ,ص 89[7]
– احمد سعيد المومني , التحكيم في التشريع الاردني والمقارن , الجزء الاول , سنة 1983 ,ص 153[8]
– محمد احمد عبد الصادق , المرجع العام في التحكيم , الإسكندرية , الطبعة الثانية , سنة 2008 ,ص82[9]
[10] -د. احمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري الدولي والداخلي، تنظير وتطبيق مقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى 2004، الصفحة 494.
[11] – عبد الله درميش ، التحكيم الدولي في المواد التجارية ، رسائل لنيل دبلوم الدرسات العليا في القانون الخاص، كلية الحقوق بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1982-1983-، الصفحة 218-219.
[12] – رحال البوعناني : التحكيم الاختياري في القانون المغربي الداخلي , رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص , جامعة محمد الخامس , الرباط ,السنة الجامعية ، ص446.
[13] – مصطفى الحمال عكاشة محمد عبد العال” التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية و الداخلية ” ص 516.
[14] – عبد الله درميش : محاضرات في القانون القضائي الخاص ألقيت على طلبة السنة الرابعة للإجازة في الحقوق كلية الحقوق بالدار البيضاء، السنة الجامعية 2003/2004
[15] – رسالة عبد الله درميش والذي جاء بمجموعة من الحكام في الموضوع ، هامش 2 ص 221.
[16] – مصطفى الجمال عكاشة محمد عبد العال ، ص 520.
[17] – إبراهيم حرب محيسن ، ” طبيعة الدفع بالتحكيم في الخصومة المدنية ” دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص81.
[18] – عبد الحفيظ ميمون، شرط التحكيم وحدود أثره على الاختصاص القضائي
[19] – عكاشة محمد عبد العال مصطفى محمد الحال , م س ,ص 525
[20] – د احمد عبد الكريم سلامة ، المرجع السابق ، الصفحة 510.
اثار اتفاق التحكيم بحث و دراسة متميزة للأستاذ علي الطويل