بحث ودراسة قانونية هامة حول حجية الاحكام الصادرة على المسلمين في الدول غير الاسلامية
أ/ أيمن الحسون
اللجوء الى التحكيم له حالتان ذكرهما الفقهاء هما :
الحالة الأولى : المحكم الذي له ولاية كولاية القاضي ويستمد ولايته من توافق المسلمين.
وهذه الحالة صورتها أن يوجد مسلمون في منطقة معينة تخلو من قضاء اسلامي فيتوافقون فيما بينهم أو أكثرهم على اختيار جهة أو شخص وتوليته للنظر في نزاعاتهم في شأن من الشؤون ، ولذا فإن المحكم هنا غير المحكم الذي يختاره الطرفان اتفاقا ، بل يجوز أن يلجأ اليه أحد الأطراف وإن لم يقبل به الطرف الآخر .
وقد ورد عن الشافعية في بعض قضايا التفريق التي تتطلب رفع الأمر فيها إلى القاضي كما في التفريق للإعسار عن دفع النفقة أنه إن فقد القاضي وجب اللجوء إلى المحكم( ).
هذا وقد أصل الجويني حكم المسألة حال شغور الزمان عن الوالي ذي الكفاية فإن الحل يكمن في تحكيم المجتهدين من العلماء ، ونفوذ أحكامهم فيما ينفذ فيه حكم القاضي والخلاف في نفوذ الأحكام حال وجود الإمام يصير مقطوعا به عند فقده( ) ، وقال الشربيني : (ولو خلا الزمان عن إمام رجع الناس إلى العلماء فإن كثر علماء الناحية فالمتبع أعلمهم فإن استووا وتنازعوا أقرع) .
والأحكام الصادرة عن هذه الجهة تأخذ من الحجية ما للأحكام الصادرة عن القاضي المسلم
يقول الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء عن زوجين مسلمين يقيمان في السويد ، وقد أصدرت المحكمة السويدية حكماً بطلاقهما: (إن الطلاق الذي تحكم به المحكمة السويدية بين زوجين مسلمين مقيمين في السويد، وقد يكون أحدهما أو كلاهما سويدي الجنسية، هذا الطلاق ليس له مفعول شرعي، ويجب عرضه على محكمة شرعية رسمية في أي بلد من بلاد المسلمين، أو على الجهة الشرعية التي عقدت الزواج الشرعي في السويد، أو على الجهة الشرعية المعترف بها من قبل المسلمين في السويد بحكم الواقع. وعلى هذه الجهة الشرعية أن تبيّن ما إذا كان الطلاق الحاصل من قبل المحكمة السويدية نافذاً شرعاً، فتعلن ذلك للزوجين.
وإذا كان هذا الطلاق الصادر عن المحكمة السويدية بناءً على طلب الزوج فإنه يعتبر نافذاً من تاريخ تلفّظ الزوج بالطلاق ، أو من تاريخ طلبه الطلاق من المحكمة. وليس للجهة الشرعية في السويد في هذه الحالة إلاّ أن تعلن وقوع الطلاق الشرعي بالتاريخ المشار إليه.
أما إذا كان الطلاق الحاصل من المحكمة السويدية بناءً على طلب الزوجة فإنه لا يكون له أي أثر شرعي إلاّ إذا وافق عليه الزوج.
ويعتبر تاريخ الطلاق حاصلاً عند تاريخ موافقة الزوج عليه، وتبدأ عدّة الزوجة من هذا التاريخ. وإذا كان الزوج غير موافق على الطلاق ، ومصراًّ على بقاء الحياة الزوجية فيجب على الجهة الشرعية أن تدعو الطرفين للنظر في القضية. فإذا وافق الطرفان على تحكيم هذه الجهة فيكون حكمها نافذاً شرعاً وقانوناً. وإذا لم يحضر الزوج رغم دعوته، أو لم يعرف عنوانه، فبإمكان الجهة الشرعية التي تعتبر بمثابة القاضي الشرعي للضرورة، بإمكان هذه الجهة أن تقرّر التفريق بين الزوجين إذا تبيّن أن الزوج مضار، أي : أنه يريد عدم الطلاق إضراراً لزوجته رغم استحالة استمرار الحياة الزوجية. ويعتبر الطلاق في هذه الحالة حاصلاً بتاريخ صدور القرار من الجهة الشرعية، وليس بتاريخ صدور الحكم من المحكمة السويدية. كما يمكن للجهة الشرعية التفريق بين الزوجين إذا تبيّن لها استحالة استمرار الحياة الزوجية ولو لم يكن الزوج مضارا ) .
الحالة الثانية : التحكيم الاختياري
وهو التحكيم المصطلح عليه عند الفقهاء عند الاطلاق ويمكن تعريف التحكيم بما يلي :
التحكيم لغة( ) :
التحكيم لغة من كلمة أصلها حكم ، والتحكيم مصدر للفعل حكم ، وقيل حكمه في ماله تحكيما إذا جعل اليه الحكم فيه فاحتكم عليه في ذلك ، والحكم في اللغة كذلك بمعنى القضاء ، ويأتي بمعنى المنع ، قيل حكمت الرجل تحكيما إذا منعته عما يريد ، ولعل المعنى الأقرب في معاجم اللغة للمعنى الذي نريد هو جعل الحكم إلى جهة ما بمعنى تحكيمها ، وكذلك المنع ومنه المنع من الخصومة .
التحكيم اصطلاحا :
عرفت مجلة الأحكام العدلية التحكيم بأنه اتخاذ الخصمين شخصا آخر برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما( ) ، والتحكيم تدور فكرته على أشياء هي :
1- اتفاق وتراض من قبل الخصوم على الجهة الحاكمة .
2- جهة حاكمة .
3- موضوع التحكيم ، وهو الخصومة في موضوع ومجال ما .
4- نتيجة التحكيم وهو الحكم الصادر من الجهة المحكمة المنهي للخصومة المعروضة .
و إن أي تعريف يشمل هذه الأركان فإنه يفي بالغرض المراد ،حيث التدقيق اللفظي في التعريفات ليس مرادنا في هذا الأمر .
وقد عرفه د. إبراهيم حرب محيسن قائلا : (هو تولية الخصمين حكما بينهما للحكم فيما تنازعا فيه ) .
والفقهاء قديما عرفوا التحكيم بمفهومه اكثر من تعريفه بحده فنجدهم ذكروا في بداية أبواب التحكيم ما مثاله : (فلو حكم اثنان فأكثر بينهما شخصا صالحا للقضاء نفذ حكمه)
طريقة تعيين المحكم
المحكم له طريقان في التعيين :
الطريقة الأولى : أن يختار الطرفان المتنازعان المحكم بكامل رضاهما سواء كان فردا أو أشخاصاً متعددين ، وبعد اختيارهما له يعطى صفة الحكم ، ويباشر مهام عمله في حل الخصومة بينهما وهذا التعيين هو المشهور في باب التحكيم .
الطريقة الأخرى : أن يختار القاضي أو الحاكم الحكم ويرسل الخصومة له ، وهذا وان كان اسمه حكما إلا انه بهذه الصفة يأخذ صفة التولية الرسمية ممن له التولية إن كان مأذونا فيها، وهو بهذا يكون منابا عن القاضي أو الإمام الذي ولاه .
والمعنى المراد من التحكيم في اصطلاح الفقهاء هو الأول لانهم لما عرفوه ذكروا أن شرطه تولية الخصمين حاكما يحكم بينهما ، ومعنى التولية أن يستمد الحكم سلطته في الفصل بين الخصمين منهما ، ولذا فانه لا بد من وجود هذه التولية ابتداءً ، ثم تحقق القبول من قبل الحكم ثانياً ، فالرضا عنصر متبادل بين الأطراف ثلاثتهما( ).
مجال التحكيم في مسائل التفريق بين الزوجين
الفرع الأول : مجال التحكيم في الفقه
تعددت أقوال الفقهاء في جواز عرض الخصوم مسائل التفريق على غير القضاء من المحكمين على النحو الآتي :
القول الأول : يجوز نظر المحكمين في مسائل التفريق بين الزوجين ، واثبات الطلاق وحكمهم في ذلك كحكمهم في غيره من الأمور التي يجوز فيها التحكيم .
وقال بذلك من أهل العلم كل من الحنفية( ) و الشافعية( ) والحنابلة( ) .
ومن أمثلة ما ذكر الحنفية ، حكم المحكم في الطلاق المضاف فإنه ينفذ عندهم ، لكن لا يفتى به ، وذكروا مثالا على ذلك لو قال رجل لامرأته أنت علي حرام ونوى الطلاق دون الثلاث فحكما رجلين ، فحكم أحدهما بأنها بائن ، وحكم الآخر بأنها بائن بالثلاث لم يجز لأنهما لم يجتمعا على أمر واحد( ) .
و ضربوا مثالاً آخر : في من مس صهرته بشهوة فانتشر لها ، فحكم الزوجان رجلا ليحكم بينهما بالحل على مذهب الشافعي فإنه يصير حكما بينهما ، لكن الصحيح عندهم أن حكم المحكم في مثل هذه لا ينفذ( ) .
القول الثاني : لا يجوز نظر المحكمين في مسائل التفريق أصالة ، وذهب إلى هذا الرأي من أهل العلم المالكية( ) ، أما ما ورد عنهم بخصوص التحكيم في الشقاق بين الزوجين فتوجيهه أن الأصل فيه أنه تحكيم في الصلح أصالة ثم بالطلاق تبعا ً .
الفرع الثاني : مجال التحكيم في القانون الأردني
التقنين الأردني بشقيه الشرعي والمدني اعتمد من حيث المبدأ التحكيم وسيلة من وسائل فض النزاع بين الأطراف المختلفة وهناك قانون خاص للتحكيم ولكنه مقتصر على المسائل الحقوقية التي يجوز فيها الصلح ( ) ، وأما ما يتعلق بموضوع الدراسة وهي قوانين الأحوال الشخصية فقد نص قانون الأحوال الشخصية الأردني على التحكيم في حالتين :
الحالة الأولى : حالة التفريق للشقاق والنزاع ( ) ولكن الصفة التحكيمية هنا تختلف عن التحكيم الفقهي المتعارف عليه وهي أقرب إلى التولية القضائية منها إلى التحكيم ، لأن القاضي هو الذي يعين الحكمين دون أن يكون للزوجين رأي في ذلك أو قرار باستثناء أن يتحرى القاضي في تعيين الحكمين أن يكونا من أهل الزوجين ، كما أن الحكمين عملهما مقتصر على مسائل محددة في قضايا التفريق للشقاق والنزاع ولا يباشران عملهما إلا بعد ثبوت الدعوى بالشقاق لدى القاضي ويعملان على المصالحة ما استطاعا أو التفريق على الشروط التي يريانها كما أنهما يقومان بتحديد نسبة إساءة كل من الزوجين للآخر ويصدران القرار بالتفريق بطلقة بائنة بعد ذلك ، وقرارهما هذا لا بد وأن يتم اعتماده من قبل القاضي ويصدر به حكم ليصبح نافذا وبعد أن يصدق من محكمة الاستئناف الشرعية ، ولذا فإن مجرد قرار الحكمين ليس له تلك الحجية ما لم يؤيد بحكم القاضي مع أن القاضي بحسب نص القانون لا يملك مخالفته إذا كان صادرا حسب الأصول ، واشترط القانون اتفاق الحكمين على القرار وفي حال الاختلاف يضيف القاضي إليهما ثالثا ليرجح رأي أحدهما دون أن يعيد الإجراءات المتخذة بحضورهما سابقا .
والملحظ الآخر أن حكم المحكمين هنا لا يعتبر ملزما واجب التنفيذ على الطرفين ولو صدر موافقا للأصول حيث يملك المدعي إسقاط الدعوى قبل صدور حكم القاضي باعتماد قرار الحكمين والحكم بمضمونه .
لكل ذلك فلا أرى أن هذه الحالة تنطبق على ما أراده الفقهاء من التحكيم ، ولعل هذه الحالة حالة تحكيمية خاصة لورود النص فيها في قوله تعالى : )وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) (النساء:35) .
الحالة الثانية: التحكيم في التفريق للخلع بعد الدخول( ) حيث اشترط القانون بعث حكمين ولكن الاسم هنا لا يشير إلى حقيقة المهمة الموكلة إليهما حيث نصت المادة عليها وهي موالاة مساعي الصلح بين الزوجين كما أن هذين الحكمين يعينهما القاضي وليس الزوج والزوجة .
وأما قانون أصول المحاكمات الشرعية فقد أشار الى حالة أخرى وهي متعلقة بالتقديرات في بعض المسائل المتنازع عليها كتقدير النفقات للأصول والفروع والزوجات والأقارب وتقدير التعويض والديات غير المقدرة فقد أجاز القانون التحكيم في هذه المسائل في الدعاوى الشرعية ولكن تحت اشراف قضائي بحيث يتم التحكيم من خلال دعوى المطالبة المنظورة لدى القضاء وهذا الأمر قد جعله القانون حقا للطرفين المتنازعين بحيث لا يمكن للقاضي أن يتجاوز رغبة الطرفين في اختيار محكمين لتقدير ما يحتاج الى التقدير في حال رغبا في ذلك وقد رتب القانون على حدوث التجاوز ان وجد البطلان في الاجراءات وهو أمر مستقر قضاء وأشارت اليه المادة 84 من قانون أصول المحاكمات الشرعية الأردني ويأتي هذا الجواز باعتبار أن هذه التقديرات من الحقوق المالية التي يجوز فيها الصلح كسائر الحقوق الأخرى .
والقانون بذلك سار مع الإطار العام القانوني في الدولة وفي التشريعات الأخرى التي تتجه إلى اعتبار الحالة الشخصية للإنسان حالة خارج إطار الاتفاقات التحكيمية( ) لخصوصيتها وارتباطها بقضايا النظام العام التي لا بد وان تبقى منضبطة داخل إطار الجهاز القضائي ليفرض عليها رقابة قانونية و إجرائية مباشرة لتعدد آثارها على النسب والنسل والأسرة بشكل عام .
وهناك إشكالات قد تعترض التطبيق العملي لمبدأ التحكيم بشكل عام بنوعيه المذكورين ويمكن إجمالها في النقاط التالية:
1- إن الفقهاء اشترطوا في المحكم ما اشترطوا في القاضي من صفات وليس في مقدور الأفراد الوصول إلى شخص فيه هذه الصفات حيث لا يملكون وسائل التحري والتدقيق .
وان كان يمكن تجاوز ذلك بان يختار خيرة القوم من علمائهم أشخاصا معينين يرشدون الناس إليهم يلجأ لهم عامة الناس في التحكيم في الخصومات ، وهؤلاء المحكمين يهيئون أنفسهم لذلك الأمر من العلم والمعرفة وشرائط القضاء .
2- لا يحتاج الناس اللجوء إلى القضاء إلا في الخصومات والمنازعات ، ومن المعلوم فقها أن المحكم لا بد وأن يكون باختيار الفريقين لكي يكون حكمه ملزما، وعند الخصومة فإن المستفيد من النزاع قد لا يوافق على التحكيم ، فيتضرر الطرف الآخر لأجل ذلك .
وأما القول أن هذا المحكم هو محكم من نوع خاص بحيث لا يشترط في الترافع لديه موافقة الطرف الآخر فنقول أن ذلك لا يتم الا بتوافق المسلمين المقيمين في منطقة ما على اعطائه هذه الصفة ، ولا يأخذ هذه الصفة باختيار أفراد له فقط ، ولذا قد يتعذر في بعض المناطق وجود مثل هذا الاختيار والتفويض .
3- ثم إن المهم في عنصر اللجوء إلى القضاء هو تنفيذ الأحكام ، لأنه الثمرة المطلوبة، والمحكمون وان كانت أحكامهم ملزمة إلا أنهم لا أداة لديهم لتنفيذ الأحكام ولا سلطة لديهم لإلزام الآخرين بها ما لم تتأيد أحكامهم بقوة قانون الدولة الآمر بتنفيذها بعد عرضها على دوائر التنفيذ ، وهذا قد يتعذر إذا لم يقبل به قانون الدولة ونظامها .
4- والإشكالية الأخرى في حكم المحكمين على فرض الوصول اليه ، أنه إذا عرض على القضاء لغايات التنفيذ ،فان المحكمة المختصة وعلى فرض عدم الاعتراض عليه من قبل الطرفين تنظر في الحكم تدقيقا و إذا رأت أنه مخالف للنظام العام في الدولة فلا تنفذه ، و تقوم بإبطاله ، وكذلك فإن الدول عند تشريع قانون التحكيم تحدد موضوعات النزاع التي يجوز التحكيم فيها والتي لا يجوز ، وما لا يجوز فانه يكون خاضعا للإبطال عند عرضه على القضاء( ) .ولذا فقد تختار بعض الدول عدم الاعتراف باجراءات التحكيم في بعض الموضوعات .
5- ومن الاعتراضات الواردة كذلك أن بعض الموضوعات لا يجوز التحكيم فيها عند بعض الفقهاء كعدم جواز التحكيم في التفريق بين الزوجين عند المالكية( ) في غير حالة الشقاق ، وإذا كان موضوع النزاع مما يجوز فيه التحكيم فلا إشكال لكن الاختلال يكون في الشق الآخر الذي لا يجوز فيه التحكيم .
الا أنه ينبغي الاشارة الى أن كثيرا من المسلمين في العالم وخاصة في المناطق التي يكون لهم فيها وجود واضح أخذوا على عاتقهم ورعاية لدينهم وحفاظا على عقيدتهم في ترتيب أوضاع خاصة لهم يرجعوا اليها في حل مشكلاتهم وذلك من خلال بعض المراكز الاسلامية التي ينشؤونها أو المرجعيات الدينية كما أنهم يحاولون الحصول على اعتراف بهذه الأوضاع من الدولة وفق الأطر القانونية القائمة والمتاحة والتي تختلف من منطقة الى أخرى ، وإن من يريد من المسلمين أن يكون مسلما حقا فعليه أن يبذل جهده في أن يتوافق في أعماله وتصرفاته مع أحكام دينه ما استطاع لذلك سبيلا وخاصة اذا كان بالمقدور أن يفعل ذلك وأتيحت له الفرصة في هذا الشأن ، وتأكيدا لذلك فانني وفي زيارتي للولايات المتحدة الأمريكية مع مجموعة من القضاة في عام 2006م كنا قد التقينا بمجموعة من القانونيين والقضاة العاملين هناك ومع بعض القائمين على المراكز الاسلامية أو الذين يمثلون مصالح المسلمين من الناحية الدينية وهم من يسمون ( الأئمة ) وواحدهم امام فقد أعلمنا أن بعض القوانين في بعض الولايات الأمريكية تتيح للخصمين ان كانا مسلمين ورغبا في التحاكم امام (الامام) في مسائل الطلاق فإن المحاكم لا تمانع وترسلهما بشكل رسمي الى الامام ليحكم بينهم وفق دينهم ويرسل بحكمه الى المحكمة التي تعمل على اعتماده ويكون له من الحجية ما للأحكام القضائية الأخرى , وهذا إن وجد فإنه لا يدع حجة أمام المسلمين هناك .
علاقة التحكيم بالقضاء
هذا المطلب مهم في باب التحكيم في هذه الدراسة لأننا قد اعتبرنا أن التحكيم هو بديل للقضاء في بعض الحالات في بعض الظروف وحل يمكن اللجوء اليه من قبل المسلمين عند فقدهم للمرجعية القضائية الاسلامية ، لأننا عندما نصدر حكما شرعيا بالمنع مثلا فلا بد من بيان الحل الشرعي المقابل لها لتكون الفتوى كاملة فلا يصح أن نترك الناس دون بيان .
و لا بد في هذه الدراسة من بيان نوع العلاقة بين التحكيم و القضاء ، وللإلمام بهذه العلاقة سنبحث الأمر من الجهات التالية :
الجهة الأولى : التكييف الفقهي والقانوني الخاص بالتحكيم نسبة إلى القضاء
الجهة الثانية : صفة الأحكام الصادرة عن المحكمين
الجهة الثالثة : تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمين .
الجهة الأولى : التكييف الفقهي والقانوني للتحكيم
إن الناظر المدقق في طبيعة التحكيم ومفهومه لدى الفقهاء يلحظ أن الفقهاء جعلوه بمنزلة تولية الحاكم للقاضي ، وهي من باب الولايات إلا أنها ولاية خاصة في خصومة معينه بين خصوم محددين ، قال الطحاوي عن الحكم ( هو بمنزلة القاضي ) ، وقال ابن الهمام (هذا أيضا من فروع القضاء ) يعني بذلك التحكيم ، ( والمحكم أحط رتبة من القاضي ) ، وقال: (لكل واحد من الحكمين أن يرجع ما لم يحكم عليهما ، لأنه مقلد من جهتهما إذ هما الموليان له فلهما عزله قبل أن يحكم كما أن للسلطان أن يعزل القاضي قبل أن يحكم ) .
وقال الشربيني ( والمحكم لا ينفذ حكمه إلا على راض به قبل حكمه ، لأن رضا الخصمين هو المثبت للولاية ) ، وقال البهوتي: ( وان تحاكم شخصان إلى رجل للقضاء بينهما فحكم….فهو كحاكم الإمام) .
وهذا التكييف هو من جهة الخصمين للمحكم فانها تولية من قبلهما في شأن يخصهما ، لذا فلا بد من رضاهما بذلك ثم قبول من الآخر ، والتحكيم كما يرى الدكتور قحطان الدوري هو عقد بين المتخاصمين ، والمحكم يحتاج إلى إيجاب منهما وقبول منه وهو عقد له سائر أحكام العقود من الشروط الخاصة والعامة ( ).
ولكن ما صفة هذا العقد من جهة ارتباطه بين المتخاصمين والمحكم ،هل هو عقد لازم للطرفين أم غير لازم ؟، إن الجاري على قواعد الفقهاء في تولية الإمام للقاضي أن له عزله قبل تمام الحكم ( ) ،والمحكم له نفس الحكم من هذه الناحية عندهم ، لان ذلك في حق المحكم يعتبر من باب التعيين له ،وهو توكيل من قبلهما له ، لكن تبقى مسألة معالجة النفقات التي يكون قد تكبدها الحكم في إجراءات التحكيم .
أما صفة التحكيم بين الطرفين المتخاصمين فما حكم لزومه بينهما ؟ لقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أقوال :
القول الأول : إن عقد التحكيم لازم للطرفين من جهة و المحكم من جهة أخرى وذلك إذا بدأ بالحكم أي في حال انتهاء عملية التحكيم والبدء بالنطق بالحكم فمتى ما بدأ بالنطق بالحكم كان لازما لا يجوز للخصمين الرجوع فيه ولو اتفقا على ذلك .
وذهب إلى هذا القول الحنفية( ) .
القول الثاني : عقد التحكيم لازم للطرفين إذا أتم المحكم الحكم ، وقبل ذلك لا يلزم ، واستدامة الرضا بالتحكيم إلى تمام الحكم يعتبر من الشروط الواجب توفرها .
وذهب إلى هذا القول الشافعية( ) و هو وجه عند الحنابلة( ) .
القول الثالث : عقد التحكيم لازم للطرفين إذا شرع المحكم في عملية التحكيم ، وقبل ذلك لا يلزم ، وذلك قياساً على التوكيل بعد التصرف فيما وكل الوكيل به .
وذهب إلى هذا القول المالكية في الراجح عندهم( ) و الحنابلة ( ).
و بعد استعراض الخلاف المذكور نحتاج إلى معرفة التكييف الفقهي للتحكيم فيما بين الطرفين المتخاصمين نفسيهما ، فهل اتفاقهما على عملية التحكيم وموضوعه واختيار الحكم يأخذ حكم العقد بينهما؟ أم هو اتفاق غير لازم لهما ؟ .
إن الفقهاء لم يتوسعوا كثيرا في تفصيل هذا الأمر بل أطلقوا الحديث في الأمر حال اتفاق الطرفين على تولية الحكم بعد حدوث النزاع ، والبحث عن حل له ، أما قبل ذلك فلم يبحثه الفقهاء ، بينما نجد في الفقه الحديث الاتجاه إلى بحث مسألة إنشاء عقد للتحكيم أو الاتفاق عليه عند إجراء عقد من العقود التي يحتمل أن يحدث فيها النزاع مستقبلاً ، فيلجأ الطرفان إلى الاتفاق على طريقة حل أي نزاع مستقبلي بواسطة الاتفاق على إحالة النزاع إلى محكمين وليس إلى القضاء ، وقد يقومان بالاتفاق على المرجع القانوني للتحكيم وهذا يحتاج إلى بحث فقهي في مدى إلزامية مثل هذا الاتفاق، وهل يمكن اعتباره شرطا من شروط العقد ؟وما مدى صحة الشرط ؟ وما مدى تأثيره على العقد الأصلي ؟ ، وهل هذا الاتفاق يبطل حق الطرفين باللجوء إلى القضاء؟.
ولعل التفسير الفقهي للتحكيم لدى الفقهاء كما ذكرناه في الخلاف السابق والاتفاق على جواز الرجوع عن التحكيم قبل الشروع فيه ، يجعل أي اتفاق تحكيمي غير إلزامي ، ولا يصل هذا الاتفاق إلى درجة العقد الملزم عندهم ، وهذا نظر منهم للاتفاق التحكيمي على حدة دون نظر إلى ارتباطه بعقد آخر ، أو بجعله على شكل شرط من شروط العقد ، خاصة إذا علمنا أن الفقهاء باستثناء الحنابلة لا يتوسعون في قبول الشروط في العقود . وهو عند الجميع بمثابة التوكيل قبل التصرف ويتفقون على أنه لازم بعد الحكم ، وقد اعتبر الفقهاء حكم المحكم بمثابة عقد صلح بين الطرفين لا يجوز لأحدهما الرجوع عنه .
وهناك اتجاه حديث يستند إلى أصل الشروط عند الحنابلة يجعل من الشرط التحكيمي في عقد من العقود شرطاً صحيحاً ملزماً للطرفين ما لم يحل حراما أو يحرم حلالا .
الجهة الثانية : حكم المحكم
الحكم الذي يصدره المحكم في النزاع المعروض عليه يستند إلى تولية الخصمين له في النزاع ، ونريد في هذه السطور بيان العلاقة بين حكم المحكم وحكم القاضي وهل يأخذ حكم المحكم صفة قضائية من نوع ما أو لا ؟
لقد تطرق الفقهاء إلى هذا الأمر من خلال أمور مثل لزوم حكم المحكم وجواز نقض حكمه وهل يحتاج تنفيذه إلى حكم قضائي أم لا ؟ و تشير أقوال الفقهاء( ) إلى أن حكم المحكم يحتاج لإمضائه إلى قرار قضائي تنفيذي في الجملة ، وذلك لعدم وجود ولاية عامة أو سلطة لدى المحكم لإنفاذ ما حكم به مع أن القرار الصادر من المحكم له اعتبار عند الفقهاء ، وهذا الاعتبار هو الذي أدى إلى وجود الخلاف في مدى إلزام حكم المحكم للقاضي حال طلب الخصوم من القاضي النظر في الخصومة مجدداً من حيث الموضوع ، و الخلاف في المسألة دائر في الآراء التالية :
القول الأول : ليس للقاضي نقض حكم المحكم ولا إبطاله إلا أن يكون خطأ بينا ما لم يقيد المحكم بمذهب معين، فإذا خالف المذهب الذي قيد به لم يكن قراره ملزما ، وان لم يقيد يحكم بما يرى من أقوال أهل العلم ما لم يكن جورا بينا لم يحكم به أحد ، و ليس لواحد من الخصمين الرجوع عن الحكم قبل رفعه إلى القاضي ، واستدل أصحاب هذا القول بالقياس على حكم القاضي( ).
وقد ذهب إلى هذا القول المالكية ( ) ، وقد أعطوا حكم المحكم صفة حكم القاضي من حيث الحجية ، والشافعية( ) ، والحنابلة().
وبناء على ذلك فانه حال ورود حكم تحكيمي لدى الجهات القضائية فانها لا تملك أن تنقضه أو تبطله ما دام قد وقع تحت قول من أقوال الفقهاء وهو ما بعني اعتماده حجة كحكم ما لم يمنع مانع آخر من تنفيذه بحسب قانون التنفيذ المعمول به وهذا أمر آخر عندئذ .
القول الثاني : حكم المحكم لا يجوز نقضه ولو تم الترافع أمام القضاء ، إلا أن يكون المحكم خالف الحق كما يراه القاضي عنده و لا يتقيد القاضي عندئذ بما ذهب اليه المحكم أو بما اختاره من أقوال أهل العلم واجتهاداتهم ، وفي هذه الحالة ينقض الحكم ،ويحكم في المسألة وفق قانونه وذلك على وجه الجواز لا الوجوب ، وذهب إلى هذا القول الحنفية( ) .
وقد ذهب الحنفية إلى ابعد من ذلك في إجازة نقض حكم المحكم من قبل محكم آخر كذلك ، ودليلهم في الإبطال أن المحكم لا ولاية عامة له ، وبالتالي فإن حكمه لا يلزم القاضي( ).
القول الثالث
ملخص هذا القول أن لكل واحد من الخصمين أن يبطل الحكم قبل التنفيذ ، ولذا يشترط الرضا بالحكم ما لم ينفذ وذلك لاستمرار لزومه للخصمين ، وهذا لا يعطي حكم المحكم قبل تنفيذه أي اعتبار ، وهذا الرأي منقول عن ابن شبرمة( ) .
وعلى الأقوال جميعها فإن حكم المحكم إذا اتصل بقضاء القاضي يكتسب قوة إلى قوته، ويصبح حكما قضائيا باتفاق ، لا ينقض إلا بما تنقض به الأحكام القضائية .
ويلاحظ أن قول الجمهور هو الأقرب إلى القواعد الداعية إلى اللزوم في حكم المحكمين للخصمين إذا صدر ، وبهذا اللزوم يأخذ صفة اعتبارية لا يجوز نقضها ما لم يكن في الحكم مخالفة واضحة مما يمكن أن يبطل بها الحكم القضائي ذاته . حيث لا يعقل أن يكون حكم المحكم في درجة أعلى من حكم القاضي .
وعلى التصوير الفقهي لحكم المحكم انه حكم بالصلح بين الأطراف فان الصلح إذا تم بين الأطراف لزمهما ما لم يكن فيه إثما( ) .
كما أن هذا مبني على قاعدة هامة وهي أن الحكم يرفع الخلاف في المسألة المتنازع فيها وحيث أن الجمهور أعطوا حكم المحكم هذه الصفة فقد رفع الخلاف عندهم بحيث لا يجوز نقضه بناء على اجتهاد جديد ( ) .
وهذا ما لم يقبل به الحنفية الذين لم يلزموا القاضي صاحب الولاية العامة باجتهاد من هو أدنى منه ولاية ، ولعل الحنفية من حرصهم على مذهبهم وأحكامه لم يسعهم قبول أحكام غيرهم ، وخاصة في المسائل المختلف فيها ، وقد بدا هذا واضحا في بعض النقولات عنهم، فقد أورد صاحب الفتح جواز استفتاء شافعي أو مالكي في مسائل خلافية كحكمين فيها من حيث المبدأ ، لكن استدرك ذلك وقال : ولا يفتى به من خشية تجاسر العوام على هدم المذهب( ).
الرابع : استقلال المرأة بالفسخ
أجاز الشافعية للمرأة في بعض الحالات عند عدم وجود القاضي أو المحكم وتعذر الوصول إليهما أن تستقل المرأة بفسخ عقد النكاح في بعض الحالات ونصوا على ذلك في حالة التفريق لعدم النفقة واشترطوا عليها أن تشهد على دعواها( ) ، قال الغزالي : ( ولا خلاف في أنه ينفذ ظاهرا- أي الفسخ – إذا لم يكن في الناحية حاكم أو عجزت- أي المرأة – عن الدفع( )– ) يعني إذا طلب منها مالا مقابل الرفع إلى القاضي ولم تقدر عليه أو لم يكن هناك قاض ترفع إليه أمرها أو من يقوم مقامه ، جاز لها أن تفسخ العقد إذا وجد سبب الفسخ و يتطلب منها ذلك أن تشهد على ما تفعل من وجود السبب وقرار الفسخ ، وهذه الحالة هي حالة استثنائية وليست من الأحكام السارية في ضمن الأحوال الطبيعية التي يكون فيها نظام الدولة مستقرا .
ولعل هذا الحل لا يستقيم و إلا اضطربت الأحوال ثم لا نكاد نتصور خلو الزمان عن حاكم أو محكم يلجأ له والله أعلم .
الخاتمة
الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد
فانه وفي ختام هذا البحث الذي غايرت فيه طريقة الباحثين في العرض يمكن أن اورد تلخيصا لما سبق على النحو الآتي :
-ان اشتراط أن يكون القاضي مسلما هو الأصل وهو حكم خاص بالتولية في بلاد المسلمين لأنه حكم تكليفي فرعي لا يكلف به ولاة الأمر غير المسلمين ممن يحكمون في العالم في الدول غير الاسلامية .
-ان المسلمين مكلفون ديانة بالتحاكم الى شرع الله أينما وجدوا وأينما وجدوا سبيلا لذلك لا يحل لأحد منهم أن يرتضي غير شرع الله حكما وعليهم أن يسعوا لذلك ما استطاعوا وبكل وسيلة ممكنة تضمن لهم حقوقهم ولا تلحق بهم ضررا وعليهم أن يفعلوا ذلك من باب الوجوب التكليفي .
-ان أوسع الأبواب للتحاكم الى شرع الله في البلاد التي لا تحكم بالاسلام هي اللجوء الى التحكيم الاختياري أو التحكيم الملزم المشترط في العقد والذي تتيحه كثير من قوانين الدول وعلى المسلمين القيام بذلك لتبرأ ذمتهم وأن يختاروا لذلك من هو أهل له من المسلمين ، وعليهم أن يبذلوا جهدهم في تنظيم شؤونهم بما لا يتعارض مع أحكام دينهم ولينظروا الى غيرهم من الملل كيف يبدون اهتماما بعقائدهم وكيف يجعلون لأنفسهم أوضاعا خاصة تحترمها الدول لتنظيم المسائل الدينية ، يقول الشيخ المولوي : (وإذا لم يتفق الزوجان على إخضاع مفاعيل زواجهما الأوروبي للأحكام الشرعية أو إذا اتفقا ثمّ نقض أحدهما الاتفاق وادّعى أمام المحاكم الأوروبية طالباً الطلاق، فالزوج الآخر ملزم بالمثول أمام هذه المحاكم للمطالبة بحقوقه التي يكفلها له القانون، فإذا أثم الزوج الأول بطلبه التحاكم إلى القضاء الأوروبي، فإن الزوج الثاني لا يأثم لأنّه مضطرّ إلى ذلك بحكم العقد أو الجنسية أو الإقامة ( .
-في حال عدم القدرة على اللجوء الى التحكيم لأي سبب فلا بأس من باب الضرورة أن يلجأ المتضرر الى القضاء في تلك الدول وإن ما يصدر من أحكام يمكن اعتباره نافذا من هذا الباب على أن يراعي الخصوم أن يترتب على ذلك قدر الامكان ظلم لأحدهما من الآخر أو أن يكون في الحكم مخالفة واضحة لمعلوم من الدين ضرورة أو مما اتفق الفقهاء على تحريمه فان قضاء القاضي وإن كان مسلما لا يغير حقيقة الأشياء وأصلها فكيف بمن هو غير مسلم بل هما سواء .
-ان القول بنفاذ حكم القاضي غير المسلم هو قول ناشئ عن دليل بل أكثر كما أشار اليه أصحابه فيما أفتو به من عمل بمدأ الضرورة ورفع الضرر المستند الى أصل في الشريعة لا ينكر بعمومه فكيف اذا ورد به حكم خاص في ما نص القرآن عليه في جواز الاستشهاد بغير المسلم عند عدمه وكثير من الفقهاء رتب أحكام التولية في القضاء على أحكام الشهادة .
وإعمالا لما ذكره الفقهاء من نفاذ أحكام من تغلب على المسلمين من غيرهم وولى عليهم للقضاء من الفاسدين أو غير المسلمين وقد يكونوا أهل عدل في قضائهم المجرد خاصة أن التقنين هو السائد في الأنظمة القضائية الدولية .
-واما الاعتراض على المسألة بأمر ولاية غير المسلم على المسلم فهذا في الحكم العام مع أن النصوص التي يستند عليها في ذلك ليست نصا في موضوعها ولا قاطعة في الدلالة عليه اذ كيف يتصور القبول بأن ينصب غير المسلم في كثير من ادارات الدولة وهي نوع من الولاية وبعضها قد يكون أخطر من القضاء بينما يعترض أشد الاعتراض على المسألة في باب القضاء وربما هذا كان مرتبطا بمسألة أخرى وهي أن القاضي نائب عن السلطة الأعلى في الدولة التي يشترط الاسلام فيها بينما غير ذلك لا يحتمل معنى النيابة.
-ان فيما ذكره بعض الفقهاء من جواز أن تقوم المرأة بنفسها بحل عرى النكاح بحكم تصدره لنفسها أدعى للقول بجواز اعتماد حكم القاضي غير المسلم ما لم يخالف ما اجمعت عليه الأمة لأنه بقياس المصالح والمفاسد تبقى صورة التقاضي واجراءاتها أدعى الى العدل وأقرب اليه وأبعد عن التهمة والفوضى وان ما لا يدرك كله لا يترك جله .
هذا ونسأل الله أن يجزينا الخير على الخير وأن يغر كل زلة فما كان ما هو الا محاولة لتلمس الرأي في أقوال من سبق تم على عجالة وهي وجهات نظر مطروحة للنقاش والمداولة والعرض والتمحيص ليس الا فهذه هي طبيعة البحوث التي تقدم للمؤتمرات والندوات وهي لا تمثل رأيا نهائيا يمكن تعميمه ، وقد تعلمنا من الفقهاء وخاصة المحدثين الذين يشاركون في الندوات المخصصة لبحث مسألة فقهية أن يبذل أحدهم جهده في تمحيص ما يستطيع من أقوال وعلل ويأتي بها بحيث تظهر أحيانا وكأنها أقوال شاذة تستغرب من قائلها وما كان له ليفعل لولا أن يعلم أن هذا القول لن يخرج للعلن ويذهب في الآفاق قبل أن يتم التشاور حوله والنقاش بحيث يخرج بشكل آخر بعد التمحيص أو يتبنى من المجموع اذا وجدوا أنه قد وافق الدليل .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قائمة بالمراجع والمصادر
• الأحدب ، عبد الحميد ،( 2000مـ )، التحكيم بالصلح في الشرع الاسلامي ، بحث منشور في كتاب التحكيم المطلق في ضوء الشريعة والقانون _ المؤتمر الاسلامي الثاني للشريعة والقانون ، ط 1 ، معهد طرابلس الجامعي ، لبنان .
• البغدادي ، الإمام أبو محمد بن غانم بن محمد ( 1987 م ) . مجمع الضمانات في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان ، ( ط 1 ) . بيروت : عالم الكتب .
• البغوي ، أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي، (ت516هـ)، التهذيب في فقه الامام الشافعي ، ط1، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1997م .
• البناني ، عبد الرحمن بن جاد الله البناني المغربي،( ت 1198 هـ ) ، حاشية العلامة البناني على شرح الجلال شمس الدين محمد بن أحمد المحلي على متن جمع الجوامع للإمام تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي ، ضبط نصه وخرج آياته ، محمد عبد القادر شاهين . ( ط 1 ) ، بيروت : دار الكتب العلمية، ( 1998 م ) .
• البهوتي ، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي،( ت 1051 هـ ) ، كشاف القناع عـن متن الإقناع ، تحقيق هلال مصيلحي مصطفى هلال . بيروت : دار الفكر ، ( 1402هـ ) .
• ــ . الروض المربع شرح زاد المستنقع ، تحقيق ، عمـاد عامر . ( ط 1 )، القاهرة ، دار الحديث ( 1994 م ) .
• ابن تيمية ، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم الحراني، (728هـ )،الفتاوى الكبرى، تحقيق عبدالرحمن النجدي ، مكتبة ابن تيمية .
• ــــ، نظرية العقد . بيروت ، دار المعرفة .
• الجبعي ، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي الجبعي المعروف بالشهيد الثاني،( ت566هـ ) ، الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ،دار العالم الاسلامي .
• الجديع ، عبد الله ،اسلام المرأة وبقاء زوجها على دينه ، بحث منشور في مجلة المجلس الاوروبي للإفتاء والبحوث ، العدد الثاني ، صفحة 113 _ 206
• الجرجاني الإمام علي بن محمد بن علي ، ( ت 816 هـ )، التعريفات . حققه إبراهيم الأبياري . ( ط 2 ) . بيروت دار الكتاب العربي ، (1992 ) .
• الجريدة الرسمية ، (1976م ) ، قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976، عمان ، الأردن .
• الجريدة الرسمية ، (2001 م ) ، قانون الأحوال الشخصية الأردني /قانون مؤقت معدل رقم 82 لسنة 2001 ، عمان ، الأردن .
• الجريدة الرسمية ،( 1959م ) ، قانون أصول المحاكمات الشرعية /الأردني، رقم 31 لسنة 1959م ، عمان ، الأردن .
• الجريدة الرسمية ، ( 1960م ) ، قانون العقوبات الأردني رقم (16 ) لسنة ( 1960م ).
• الجريدة الرسمية ، ( 1976م) ، القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة (1976م)
• ابن جزي . القوانين الفقهية . بيروت : دار القلم .
• الجصاص ، أحمد بن علي الرازي ( أبو بكر ) ، ( ت 370 هـ ) ،أحكام القرآن ، تحقيق محمد الصادق قمحاوي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، (1405 هـ ).
• جميل صليبا ، (1982م) ، المعجم الفلسفي ، بيروت ، دار الكتاب اللبناني .
• الجويني ، أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، (478هـ ) الاجتهاد من كتاب التلخيص ، تحقيق عبد الحميد أبو زنيد ، ط1 ، دمشق ، دار القلم ، ( 1408هـ ) .
• ــــ . غياث الأمم في التياث الظلم (المعروف بالغياثي) ، ط1 بيروت ، دار الكتب العلمية ، (1997م) .
• الحصني ، (2001م) ، تقي الدين أبو بكر بن محمد الحسيني الدمشقي الشافعي، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ، تحقيق كامل محمد عويضة ، بيروت ، دار الكتب العلمية .
• الحطاب ، محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حسن الرعيني المكي المشهور بالحطاب، (ت 954هـ) ، مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل ، ط2،بيروت، دار الفكر ، (1398هـ ) .
• الحموي ، أحمد بن محمد الحنفي ،( ت 770 هـ ) ، غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر . ( ط 1 ) ، بيروت دار الكتب العلمية ( 1985 م ) .
• ابن حنبل ، الإمام أحمد بن حنبـل، ( ت 241 ) ، المسند . تحقيق عبد الله محمد الدرويش أبو الفداء الناقد ، ( ط 1 ) . دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، ( 1991 م ) .
• حيدر ، علي حيدر( 1991 م ) . درر الحكام شرح مجلة الأحكام ، تعريب المحامي فهمي الحسيني . ( ط 1 ) ، بيروت : دار الجيل .
• الخرشي ، محمد بن عبد الله، ( ت 1101 هـ ) ، شرح مختصر خليل ، دار الفكر .
• الخفيف ، علي الخفيف ، ( 1958م ) ، فرق الزواج في المذاهب الاسلامية بحث مقارن، معهد الدراسات العربية العالية .
• خلاف ، عبد الوهاب ( 1986 م ) . علم أصول الفقه . ( ط 20 ) ، دار القلم.
• داود ، أحمد محمد علي داود، ( 1999م )، القرارات الاستئنافية في الأحوال الشخصية،ط1 عمان ، دار الثقافة ،
• ــــ، ( 2004 م) القرارات الاستئنافية في أصول المحاكمات الشرعية ومناهج الدعوى،ط1الإصدار الثاني،عمان ، دار الثقافة .
• الدردير ، أبو البركات سيدي أحمد الدردير،( ت 1201 هـ ) ، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي عليه . دمشق : دار الفكر .
• الدريني ، محمد فتحي ( 1981 – 1982 م ) . النظريات الفقهية . دمشق : مطبعة خالد بن الوليد .
• ــ ، ( 1994 م ) ، بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله . ( ط 1 ) ، بيروت : مؤسسة الرسالة .
• الدسوقي ، شمس الدين محمد عرفة الدسوقي، ( ت 1230 ) ، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأبي البركات أحمد الدردير ، تحقيق محمد عليش، بيروت، دار الفكر .
• الدسوقي ، إبراهيم الدسوقي أبو الليل ، (1994م) ، العقد غير اللازم دراسة مقارنة معمقة في الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية ، الكويت ، جامعة الكويت .
• الدمياطي ، أبو بكر ، السيد البكري ابن السيد محمد شطا الدمياطي . حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين ، لزين الدين ابن عبد العزيز المليباري الفناني . بيروت : دار الفكر.
• الدوري ، قحطان عبد الرحمن الدوري ،( 1985 م ) ، عقد التحكيم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي،ط1، بغدا د ، مطبعة الخلود 1405هـ/.
• الزركشي ، أبو عبدالله محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي ، ( ت 794 ) ، المنثور في القواعد الفقهية . نشر وزارة الأوقاف الكويتية .
• ـــ ،( 2000 م ) . البحر المحيط في أصول الفقه . تحقيق ، محمد محمد تامر . ( ط 1 ) ، بيروت : دار الكتب .
• ـــ ، ( 1405هـ ) ، المنثور في القواعد ، تحقيق تيسير فائق أحمد ، ط2 ، الكويت ، وزارة الأوقاف.
• الزرقاني ، عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن محمد الزرقاني المصري ، ( ت1099هـ)، شرح الزرقاني على مختصر خليل ومعه الفتح الرباني فيما ذهل عنه الزرقاني وهو حاشية محمد بن الحسن بن مسعود البناني ،ط1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، (2002م ) .
• الزرقاني، محمد بن عبد الباقي أبو عبد الله ، ( ت1122هـ) ، شرح الزرقاني على موطأ الامام مالك ، ط1 ،بيروت ، دار الكتب العلمية ، ( 1411هـ ) .
• ــ ، ( 1996م ) ، الفائق في غريب الحديث ، تحقيق : إبراهيم شمس الدين، ( ط 1 ) ، بيروت : دار الكتب العلمية ،
• الزعبي ، تيسير أحمد ( 1997 م ) . الجامع المتين للأنظمة والقوانين . ( ط 1 ) ، عمان : المكتبة الوطنية .
• زيدان ، عبد الكريم ( 1984 م ) . نظام القضاء في الشريعة الإسلامية . ط1، بغداد، مطبعة العاني .
• السرخسي ، أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل . (1406هـ ) ، المبسوط . بيروت – دار المعرفة ،.
• السرطاوي ، محمود علي ( 1997 م ) .شرح قانون الأحوال الشخصية ، ط1، عمان، دار الفكر .
• السغدي ، ( ت 461هـ ) ، علي بن الحسين بن محمد ، النتف في الفتاوى ، تحقيق صلاح الدين الناهي ، ط2 ، عمان ، مؤسسة الرسالة ،(1404هـ )
• السلمي ، عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي( ت 660 هـ ) ، قواعد الأحكام في مصالح الأنام . بيروت : مؤسسة الريان ( 1990 ) .
• السمرقندي ، محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي، ( ت539 هـ ) ، تحفة الفقهاء ، ط1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، ( 1405 هـ ) .
• الشاطبي ، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي ، ( ت 790 هـ ) ،الموافقات في أصول الأحكام . علـق عليه ، الأستاذ الشيخ محمد حسنين مخلوف ، بيروت : دار الفكر .
• الشافعي ، أبو عبد الله محمد بن إدريس، (ت 204 هـ ) ، الأم ،( ط2 ) بيروت: دار المعرفة ،( 1393هـ )
• الشربيني ، شمس الدين محمد بن محمد الخطيب الشربيني ( 1994 م ) . الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع . تحقيق ، علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود ، قدم له محمد بكر إسماعيل . ( ط 1 ) ، بيروت : دار الكتب العلمية .
• ــ . مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، على متن المنهاج للإمام النووي . بيروت – دار الفكر .
• الشيرازي ، أبو اسحق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي، ( ت 476 هـ ). المهذب في فقه الإمام الشافعي . بيروت ، دار الفكر .
• ــــ ، التنبيه في الفقه الشافعي ، تحقيق عماد الدين حيدر ، ط1 ، بيروت، عالم الكتب ، ( 1403هـ ) .
• ابن ضويان ، إبراهيم بن محمد بن سالم، (ت1353هـ ) ، منار السبيل في شرح الدليل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل . تحقيق ، عصام القلعجي ، ( ط 2 ) ، الرياض ، مكتبة المعارف ( 1405هـ ) .
• ابن عابدين ، محمد أمين ( 1386هـ ) . حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار المشهورة بحاشية ابن عابدين ، ط2 ، بيروت ، دار الفكر .
• العاملي ، زين الدين بن علي العاملي . الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، بيروت : دار العالم الإسلامي .
• ابن عبد البر ، الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الأندلسي، ( ت 463 هـ ) ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ مـن معاني الرأي والآثار ، وشرح ذلك كله بالإيجاز والاختصار ، تحقيق ، حسان عبد المنان ، ود . محمود أحمد القيسية . ( ط 4 ) ، أبو ظبي : مؤسسة النداء ( 2003 ) .
• ــــ . الكافي في فقه أهل المدينة ، ( ط1 ) ، بيروت ، دار الكتب العلمية (1407هـ ) .
• الغزّالي ، الإمام أبـو حـامـد محمد بن محمد بن محمد الغزّالي، ( ت 505 هـ ) ، الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي ، ضبط وتصحيح خالد العطار بيروت : دار الفكر ، ( 1994 ) .
• ابـن قدامـة ، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد، ( ت 620 هـ )، المغني و الشرح الكبير . بيروت : دار الفكر ، ( 1414 ـ 1994 )
• ــ . المغني ( طبعة أخرى ) ، بيروت : دار الفكر ( 1405هـ ) .
• ــ . الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل ، تحقيق زهير الشاويش ، (ط5 )،بيروت، المكتب الإسلامي ، ( 1408هـ /1988م ) .
• الكاساني ، الإمام أبو بكر علاء الدين مسعود بـن أحمد الكاساني(ت 587هـ). بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ط2 ، بيروت : دار الكتاب العربي ، ( 1982م ).
• مولوي ، فيصل ، حكم تطليق القاضي غير المسلم ، بحث منشور في العدد الأول من المجلة العلمية للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ، صفحة 75 – 88.
• ــــ ، التحكيم الشرعي في بلاد الغرب ، بحث منشور في العدد الثالث من المجلة العلمية للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ، صفحة 195.
• الميقاتي ، رأفت الميقاتي ، ( 2000م) ،وجوب تحكيم الشريعة الاسلامية ووسائله ، بحث منشور في كتاب التحكيم المطلق في ضوء الشريعة والقانون _ المؤتمر الاسلامي الثاني للشريعة والقانون ، ط 1 ، معهد طرابلس الجامعي، لبنان .
• ابن النجار ، تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي، (ت972هـ) ، منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات ، تحقيق عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، ط1 ، بيروت ، مؤسسة الرسالة ، ( 2000م ) .
• نجم ، محمد صبحي نجم (1991م) ، الوجيزفي قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني ، ط1 ، عمان ، دار الثقافة للنشر والتوزيع.
• ابن نجيم ، زين الدين بن إبراهيم بن محمد الحنفي، ( ت 970 هـ ) ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق . بيروت : دار المعرفة .
• ــ . الأشبـاه والنظائر ، تحقيق محمد مطيع الحافظ ، تصوير ( 1986 عن ط 1 ) ، دمشق : دار الفكر ، ( 1983 م ) .
• ابن الهمام ، الإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد الإسكندري، ( ت 681هـ) ، التحريـر في أصول الفقه الجامع بين اصطلاحي الحنفية والشافعية ، بيروت : دار الكتب العلمية .
• ــ . شرح فتح القدير ، ط2 ، بيروت ، دار الفكر .
دراسة قانونية هامة حول حجية الاحكام الصادرة على المسلمين في الدول غير الاسلامية