دراسة وبحث قانوني عن القضاء العسكري والجرائم العسكرية

اعداد:رلى صفير

القضـاء العـسكري قـضاء خاص له قـواعده ونظمـه المنصـوص عنها في القانـون رقـم 24/68 الصادر في 13/4/68, أي “قانون القضاء العسكري” (إخـتصاره “ق. ق. ع.”), وهو القانـون الذي يُعـنى أولا ً بتحديد وتنـظيم المحاكـم العسكرية, بما في ذلك الصلاحيات والأصول المتـبعة أمامـها, ويعنى ثانياً بتحـديد العقوبات والجرائم العـسكرية. ولكن تخصـيص القضاء العسـكري بقـواعـد خاصـة لا ينـفي رجوعــه في أكـثر من مـسألة الى قـانون أصول المحاكمات الجزائية والى قانون العـقوبات العـامة؛ فالمحـكمـة العـسكرية تُطبّق قواعد أصول المحاكمـات الجـزائية في كلّ ما لا يتعارض مع أحكام ق. ق. ع., وتطـبق في الجـنايات والجنح العادية (أي تلك المنصوص عنها في قانـون العـقوبات العـام) المحـالة أمامها بحسب قواعد الإختصاص, العـقوبات الأصلية والإضافية والفرعية المنصوص عنها في قانـون العـقوبات؛ مع العـلم أنهـا, وبالنسـبة للعسكريين الذين يرتكـبون هـكذا جـرائم, تُطــبق بحقـهم, إضافـة الى هـذه العـقـوبات, العقـوبـات الفرعـية المنصـوص عنها في ق. ق. ع. وهي التجريد العسكري والعزل وفقـدان الرتبة والطرد… الى ما هنالك من الحالات التي تستـدعي رجـوع المحكمـة العسـكرية الى أحـكام القانون العـادي, أي قانون أصـول المحاكـمات الجزائـية وقانـون العـقوبات العـام.
متى تكـون المحكمة العسكرية صالحة للنظر بالدعوى؟ وما هي الجرائم العسكرية؟

ممَ يتألف القضاء العسكري؟

يتألف القضاء العسكري من:
– ­ محكمة تمييز عسكرية, مركزها بيروت.
– ­ محكمة عسكرية دائمة, مركزها بيروت.
– ­ قضاة منفردين عسكريين في المحافظات, تحدد مراكزهم بقرار من وزير الدفاع بناءً على اقتراح السلطة العسكرية العليا.
– ­ مفوّض حكومة ومعاونيه.
– ­ قضاة تحقيق.
يُعطى وزير الدفاع الوطني تجاه المحاكم العسكرية جميع الصلاحيات المعطاة لوزير العدل تجاه المحاكم العدلية, في كل ما لا يتنافى وأحكام ق. ق. ع. في زمن الحرب, يمكن إنشاء محاكم عسكرية مؤقتة خاصة بالقوى المسلحة, وذلك بموجب مرسوم.

أهم أحكام الصلاحية

ينص ق. ق. ع. على صلاحية المحكمة العسكرية من الناحية الإقليمية, النوعية والشخصية, وفقاً لما يلي:
إقليمياً, تشمل صلاحية المحكمة العسكرية الدائمة جميع الأراضي اللبنانية والأراضي الأجنبية التي يحتلها الجيش اللبناني, باستثناء المناطق التي تشملها صلاحية المحكمة العسكرية المؤقتة الخاصة بالقوات المسلحة.
أما لناحية الصلاحية النوعية, فتختص المحكمة العسكرية بالنظر في:
– ­ الجرائم العسكرية المنصوص عنها في ق. ق. ع. وهي التخلّف والفرار والتسليم والخيانة والمؤامرة العسكرية والتجسس والتمرّد والعصيان… وغيرها.
– ­ جرائم الخيانة والتجسس والصلات غير المشروعة بالعدو المنصوص عنها في قانون العقوبات العام, وفي القوانين الخاصة التي تعاقب على هذه الجرائم.
– ­ الجرائم المتعلقة بالأسلحة والذخائر الحربية المنصوص عنها في قانون الأسلحة, وذلك ضمن الشروط المحددة قانوناً.
– ­ الجرائم المرتكبة في المعسكرات وفي المؤسسات والثكنات العسكرية.
– ­ الجرائم الواقعة على شخص أحد العسكريين, باستثناء تلك التي تقع على شخص أحد المجندين ولا تتعلّق بالوظيفة.
– ­ الجرائم الواقعة على شخص أحد رجال قوى الأمن الداخلي والأمن العام.
– ­ الجرائم الواقعة على الموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الوطني والمحاكم العسكرية, أو لدى الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام, إذا كانت لهذه الجرائم علاقة بالوظيفة.

– ­ جميع الجرائم, مهما كان نوعها, التي تمس مصلحة الجيش أو قوى الأمن الداخلي أو الأمن العام.
– ­ الجرائم الواقعة على شخص أحد رجال الجيوش الأجنبية أو التي تمس بمصلحتها, ما لم يكن هناك إتفاق مخالف على تحديد الصلاحية بين الحكومة اللبنانية والسلطة التابعة لها هذه الجيوش.
ولجهة الصلاحية الشخصية للمحكمة العسكرية, فينص القانون على أن يحاكم أمام هذه المحكمة, أياً كانت جنسيتهم, وأياً كان نوع الجريمة المسندة إليهم:
العسكريون والمماثلون للعسكريين, باستثناء المجندين عند ارتكابهم جرائم لا علاقة لها بالوظيفة.
– ­ رجال قوى الأمن الداخلي والأمن العام.
– ­ الأسرى.
– ­ رجال قوى الجيوش الأجنبية والموظفون المدنيون فيها, ما لم يكن هناك إتفاق مخالف على الصلاحية بهذا الشأن بين الحكومة اللبنانية والسلطات التابعة لها هذه الجيوش الأجنبية.
– ­ الموظفون المدنيون لدى وزارة الدفاع الوطني والجيش والمحاكم العسكرية أو قوى الأمن الداخلي أو الأمن العام, إذا كانت جرائمهم ناشئة عن الوظيفة أو واقعة تحت طائلة ق. ق. ع.
– ­ كل فاعل أصلي أو شريك أو متدخل أو محرّض في جريمة مُحال بها أمام القضاء العسكري أحد الأشخاص المذكورين أعلاه.
إشارة الى أنه بتاريخ 30/6/77, صدر المرسوم الإشتراعي رقم 110 المتعلّق بتحديد صلاحية القضاء العسكري في الجرائم الواقعة على رجال قوى الأمن الداخلي والأمن العام والموظفين المدنيين التابعين لقوى الأمن الداخلي والأمن العام, وقد تمّ تعديله جزئياً عام 1992.

من المهم جداً لفت الإنتباه الى أن صلاحية المحكمة العسكرية, من أية درجة كانت, تنحصر بدعوى الحق العام (وهي الدعوى التي ترمي الى توقيع العقوبة بالمجرم), من دون دعوى الحق الشخصي (وهي الدعوى الرامية الى الحصول على التعويض وغير ذلك). ولا يجوز الإستماع الى الشاكي المتضرر إلا على سبيل المعلومات. تُقام دعوى الحق الشخصي أمام المحكمة المدنية الصالحة, ولكن يتوقف صدور الحكم فيها الى أن تفصل دعوى الحق العام نهائياً.

إذا لوحق شخص في آن واحد بجرم من صلاحية المحكمة العسكرية وبآخر من صلاحية المحاكم العادية, فإنه يحاكم مبدئياً بكل جرم على حدة من قبل القضاء الصالح. وعلى المحكمة التي تنظر بعد الأولى بالجرم الذي هو من صلاحيتها, أن تبت عند الإقتضاء بجميع العقوبات أو بإدغامها (والإدغام يعني تنفيذ العقوبة المحكوم بها الأشد من دون سواها).
أما إذا كان الجرم من نوع الجناية وكان من صلاحية المحكمة العسكرية, فإنها تنظر تبعاً للجناية بسائر الجرائم المتلازمة معها.
وفي حال كان الجرم من صلاحية القضاء العادي, وكان ثمة جرم سلاح حربي متلازماً معه, فإن القضاء العادي ينظر بالجرمين معاً.

الجرائم العسكرية

الجرائم العسكرية هي الجرائم المحددة حصراً في الباب الثاني من الكتاب الثالث من ق. ق. ع., وهي تندرج ضمن أربع فئات:
– ­ جرائم التملّص من الواجبات العسكرية: التخلّف, الفرار والتشويه الذاتي.
– ­ الجرائم المُخلة بالشرف والواجب: التسليم, الخيانة والمؤامرة العسكرية والتجسس, السلب والإتلاف, التدمير, التزوير والغش, السرقة والإختلاس, وإنتحال الألبسة والأوسمة والشارات.
– ­ الجرائم المخلة بالإنضباط العسكري: التمرّد, العصيان, رفض الطاعة, التحقير وأعمال الشدة الواقعة على الرؤساء, إساءة إستعمال السلطة, ومخالفة التعليمات العسكرية.
– ­ جرائم رجال سلاحي الجو والبحرية.
في ما يلي شرح لكل من هذه الجرائم وللعقوبات الملازمة لها, ولكن لا بد قبل ذلك من توضيح الأمور التالية:
– ­ بالنسبة للجرائم العسكرية التي خُصصت (في ق. ق. ع.) بالعسكريين فقط, والتي يمكن أن يرتكبها أشخاص مدنيون, تسري أحكام هذا القانون على هؤلاء المدنيين, على أنه يمكن تخفيض العقوبة وفقاً لأسس معينة نصّ عليها القانون نفسه.
– ­ إنّ كل الأحكام التالي ذكرها تُطبّق على قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة وسائر المماثلين للعسكريين, كما تطبق على العسكريين التابعين للجيوش الحليفة (وذلك عندما تكون المحكمة العسكرية اللبنانية صالحة للنظر بالدعوى).
– ­ إن العقاب المفروض على الضابط لارتكابه أياً من الجرائم العسكرية هو في غالب الأحيان أشد من العقوبات المفروضة على العسكري الذي يرتكب الجرم نفسه, وغالباً ما تُفرض على الضابط عقوبة العزل.

جرائم التملّص من الواجبات العسكرية

– التخلّف:
يعد متخلفاً ويعاقب بالحبس كل شخص يُدعى للخدمة في الجيش أو للتدريب العسكري (بما في ذلك خدمة العلم) وفقاً للقوانين والأنظمة, ولا يلبي الدعوة بعد إنقضاء تسعة أيام في زمن السلم وثلاثة أيام في زمن الحرب, ولا تحول هذه العقوبة دون فرض العقوبات المسلكية المنصوص عليها في قانون الجيش وقانون الخدمة في الجيش وقانون التدريب العسكري وسائر القوانين العسكرية.
من جهة أخرى, تُطبق هذه العقوبات على كل من تفرض عليه تكاليف عسكرية ولا يتقيد بها.

– الفرار:
– الفرار داخل البلاد: في زمن السلم, يعدّ فاراً الى داخل البلاد:
– ­ كل عسكري غاب عن قطعته أو شرذمته, بدون إذن أو عذر شرعي, بعد إنقضاء ستة أيام.
-­ كلّ عسكري سافر من قطعة الى قطعة أو من نقطة الى نقطة, وانتهت رخصته (في حال كان مأذوناً مثلاً أو في مهمة رسمية), ولم يعد الى قطعته أو شرذمته بعد انقضاء تسعة أيام من التاريخ المحدد لعودته.
-­ العسكري الذي لم تمض على وجوده في الخدمة ثلاثة أشهر, وانقضى على غيابه 30 يوماً.
يعاقب على الفرار داخل البلاد بالحبس.

أما في زمن الحرب, فتخفض المدد المذكورة (ستة أيام, تسعة أيام, وثلاثين يوماً) الى ثلثها (أي يومين, ثلاثة أيام, وعشرة أيام), وتضاعف العقوبة, نظراً لخطورة الوضع.

في حال حصول الفرار الى العدو أو أمامه أو بمؤامرة, لا يعتدّ بالمدد المذكورة, بمعنى أن الجرم يعتبر واقعاً, وإن لم تنقض المدة المحددة قانوناً (مثلاً مدة اليومين في حال غياب العسكري عن قطعته بدون إذن أو عذر شرعي, في زمن الحرب… الخ). في كل هذه الحالات, تكون العقوبة أشد من تلك المفروضة في الأحوال العادية, وتصل الى الإعدام في البعض منها.
إشارة الى أنه يعد فراراً أمام العدو, الفرار الذي يُقدم عليه العسكري وهو في حالة إشتباك مع العدو, أو على وشك الإشتباك معه, أو بينما كان عرضة لهجماته. ويعد فراراً بمؤامرة, الفرار الحاصل من عسكريين إثنين أو أكثر, بعد إتفاقهم عليه, حتى ولو استسلموا أو قُبض عليهم قبل إنقضاء المدة المحددة قانوناً (كما ذكرنا).

– الفرار الى خارج البلاد: في زمن السلم, يعد فاراً الى خارج البلاد كل عسكري يجتاز الحدود اللبنانية بدون إذن, أو يترك قطعته ويلتحق ببلاد أجنبية, وذلك بعد انقضاء ثلاثة أيام على غيابه بدون عذر شرعي. أما في زمن الحرب, فيعدّ فاراً بعد غياب يوم واحد.

يعاقب العسكري الفار الى خارج البلاد بالسجن؛ واذا كان الفار ضابطاً, فيعاقب بالإعتقال المؤقت. إشارة الى أن العقوبة المفروضة قانوناً في حالة الفرار الى الخارج هي دائماً أشد من تلك المفروضة في حالة الفرار الى الداخل, وتلك المطبقة في زمن الحرب أشد من تلك المطبقة في زمن السلم.

– التشوية الذاتي:
كلّ عسكري جعل نفسه غير صالح للخدمة مؤقتاً أو مؤبداً ليتهرب من واجباته العسكرية أو من أي مهمة أو عمل مشروعين كلّف بهما, يعاقب بالحبس. تصل عقوبة جرم التشويه الذاتي الى حدّها الأقصى, أي الى الإعدام, وذلك إذا حصل الجرم أمام العدو.
إذا أقدم أحد العسكريين على التدخل في هذا الجرم (أي على مساعدة الفاعل في إرتكابه), عوقب بعقوبة الفاعل. أما إذا كان المتدخل من الأطباء أو الصيادلة أو الممرضين, ضوعفت العقوبة, وأضيفت إليها الغرامة وتسحب رخصة مزاولة المهنة لمدة معينة.
تُطبق هذه الأحكام أيضاً على المدعوين الى خدمة العلم.

الجرائم المخلة بالشرف والواجب

– التسليم:
يعد مرتكباً لجرم التسليم كل قائد منطقة أو قطاع عسكري أو قطعة عسكرية, برية, بحرية أو جوية, يقدم على التسليم للعدو أو على إعطاء الأمر بوقف القتال, من دون أن يستنفد كلّ وسائل الدفاع التي تحت تصرّفه, أو من دون أن يعمل كل ما يفرضه الشرف والواجب.
كذلك الأمر إذا إستنكف (امتنع), وهو قادر عن مهاجمة العدو أو مقاتلته أو تأخر عن مساعدة أية قطعة عسكرية تابعة للجيش اللبناني أو الجيوش الحليفة, ما لم يكن المانع أوامر عسكرية مخالفة أو أسباباً أخرى خطيرة.
عقوبة التسليم هي إما الإعدام أو الأشغال الشاقة, وفقاً للحالة.

– الخيانة والمؤامرة العسكرية والتجسس:
يعاقب بالإعدام كل عسكري, لبناني أو في خدمة لبنان, يحمل السلاح على لبنان.
يعاقب بالإعدام أو بالأشغال الشاقة أو الإعتقال, وفقاً لظروف الجرم, كلّ عسكري من القوات البرية أو البحرية أو الجوية:
– ­ يحرّض على الفرار أو يحول دون التألّب بوجه العدو.
– ­ يُقدم بدون أمر من الرؤساء على التحريض على وقف القتال, أو على الإستسلام, أو على الإنضمام الى العدو.
– ­ يتسبب قصداً باستيلاء العدو على القطع الحربية الموضوعة تحت إمرته.
– ­ يقيم علاقات مع العدو بغية تسهيل أعماله.
يُعاقب بالإعدام أو بالإعتقال, وفقاً لظروف الجرم, كل شخص أُدين بمؤامرة تستهدف النيل من سلطة القائد أو من إنضباط الجنود أو أمنهم.

يُعاقب بالإعتقال كلّ عسكري يغتصب قيادة أو يحتفظ بها بدون سبب مشروع أو خلافاً لأوامر الرؤساء. ويُعاقب بالحبس كل عسكري, لبناني أو في خدمة لبنان, وقع في قبضة العدو, وتعهد لإطلاق سراحه بأن لا يحمل السلاح ضد العدو.

يُعاقب بالإعدام كل أسير أخذ من جديد وقد نقض العهد وحمل السلاح ضد لبنان.
يعد جاسوساً ويعاقب بالإعدام:
– ­ كل عسكري يدخل الى موقع حربي أو الى مركز عسكري أو مؤسسة عسكرية أو أي موقع آخر من مواقع الجيش للحصول على وثائق أو معلومات تعود بالمنفعة على العدو أو تمس بسلامة هذه الأمكنة.
– ­ كل عسكري يعطي العدو وثائق أو معلومات من شأنها أن تؤثر في الأعمال العسكرية.
– ­ كل عسكري يخبئ, بنفسه أو بواسطة الغير, وهو على بيّنة من الأمر, جواسيس الأعداء.
يُعاقب بالإعدام كل عسكري يسلّم العدو الجند الذين هم تحت إمرته أو الموقع الموكول إليه الدفاع عنه, أو يسلّمه مؤن الجيش أو خرائط المواقع الحربية أو المعامل أو المرافئ أو الأحواض, أو يبوح له بكلمة السر أو بأي من أسرار الأعمال العسكرية.

– السلب والإتلاف:
يُعاقب:
-­ العسكريون الذين يقدمون, وهم عصبة, على سلب أو إتلاف الغلال أو البضائع أو سائر الأشياء والأمتعة التي تخصّ الجيش, باستخدام السلاح أو القوة, أو بخلع أو كسر الأبواب أو الحواجز, أو باستعمال العنف على الأشخاص, أو بأية وسيلة أخرى.
– ­ كل عسكري يقدم قصداً على إتلاف أو تمزيق السجلات أو سائر الأوراق الرسمية العائدة للسلطة العسكرية.
– ­ كل شخص, عسكري أو مدني, يُقدم في منطقة عمليات حربية على سلب جريح أو مريض أو غريق أو ميت.
عقوبة كل من السلب والإتلاف تتدرج من الإعتقال الى الأشغال الشاقة, وفقاً للحالة, حتى أنها تصل الى الإعدام في بعض حالات السلب.

– التدمير:
يُعاقب بالحبس كل عسكري يتسبب بإهماله بالتدمير أو الضياع أو التعطيل الدائم أو المؤقت, الواقع على بناء أو متراس أو تحصين أو أي قطعة برية أو بحرية أو جوية, أو أي منشآت أو إنشاءات تستخدمها القوات المسلحة أو تسهم في الدفاع الوطني, أو أوراق رسمية عائدة للسلطة العسكرية.
عقوبة جرم التدمير هي مبدئياً الحبس؛ ولكن في بعض الحالات المحددة, ينص القانون على أن يعاقب على الفعل بالأشغال الشاقة, أو حتى بالإعدام؛ وفي حالات أخرى, ينص على تطبيق الأسباب المشددة.

– التزوير والغش:
يُعاقب بالحبس:
– ­ كل عسكري أوكلت إليه شؤون المحاسبة, سواء تناولت النقود أم سائر المواد, وارتكب تزويراً في الحساب أو استعمل أوراقاً مزورة, مع علمه بأمرها ­ وهذا ما يسمى بـ”بالتزوير”.
– ­ كلّ عسكري أقدم, بالذات أو بواسطة الغير على غش المواد الموكول إليه حفظها أو حراستها أو أقدم على توزيعها, وكلّ عسكري أقدم, بالذات أو بواسطة الغير, على توزيع لحوم يعرف أنها لحوم حيوانات مصابة بأمراض معدية ­ وهذا ما يسمى بـ”الغش”.

– السرقة والإختلاس:
يتعرض للعقاب كل عسكري أو موظف لدى الجيش يسرق الأموال أو الأعتدة أو الأجهزة أو الألبسة أو الأسلحة أو الذخائر أو الحيوانات أو أي شيء من أشياء الجيش, أو يختلسها أو يبيعها أو يرهنها أو يبددها أو يُسيء الأمانة بها, أو لا يُعيد ما سُلّم إليه من هذه الأشياء. والعقوبة هي الحبس في الأحوال العادية والإعتقال المؤقت في حال وقع الفعل ممّن أوكل إليهم أمر حفظ هذه الأشياء أو حراستها.
أما إذا أقدم شخص من غير الأشخاص المذكورين أعلاه على سرقة هذه الأشياء, وهو عالم بالأمر, عوقب بالحبس وبالغرامة أو بإحداهما.
يُعاقب كذلك بالحبس أو بالإعتقال المؤقت (وفقاً للحالة) كلّ عسكري فارّ لم يُحكم عليه بجرم الفرار أو بريء منه, إذا لم يُرجع الحيوانات أو الأسلحة أو أي شيء من أشياء الجيش التي أخذها عند فراره, أو لم يدفع ضعفي قيمتها إذا تعذرت إعادتها عيناً (أي بذاتها).

– إنتحال الألبسة والأوسمة والشارات:
يعاقب بالحبس:
– ­ كل شخص يقدم, علانية, وبدون حق, على إنتحال صفة أو رتبة عسكرية أو على حمل وسام أو رصيعة أو شارة من الأوسمة أو الرصائع أو الشارات العسكرية اللبنانية, أو على إرتداء زي أو لباس عسكري.
– ­ كل شخص يُقدم, وهو عالم بالامر, على تصريف أو حيازة أو إسترهان أو نقل أي شيء من أشياء الجيش.
– ­ كلّ عسكري يحمل وساماً أو رصيعة من الأوسمة أو الرصائع أو الشارات الأجنبية, من دون أن يؤذن له بحملها مسبقاً من السلطات اللبنانية.
– ­ كلّ شخص يستعمل, علانية, وبدون حق, في مناطق القتال, وفي زمن الحرب, شارة الصليب الأحمر أو علمه أو رمزه أو الشارات أو الأعلام أو الرموز المماثلة له.

الجرائم المخلّة بالإنضباط العسكري

– التمرّد:
يُعدّ في حالة تمرّد, العسكريون الذين يقومون مجتمعين, وعددهم أربعة على الأقل, بأي من الأعمال الآتية:
– ­ رفض الإمتثال لأوامر رؤسائهم لدى أوّل إنذار.
– ­ أخذ الأسلحة بدون إذن, والعمل خلافاً لأوامر رؤسائهم.
– ­ القيام بأعمال عنف مع إستعمال السلاح, وعدم تلبية نداء رؤسائهم للتفرّق والعودة الى النظام.
يعاقب العسكريون المتمردون مبدئياً بالسجن, ولكن العقوبة ترتفع الى الأشغال الشاقة في حالات معينة منصوص عنها قانوناً, والى الإعتقال أو الإعدام في حالات أخرى ­ وينص القانون على إعمال الأسباب المشددة إذا توافرت ظروف معينة.

– العصيان:
يُعدّ عصياناً كل هجوم أو مقاومة بالعنف أو أعمال الشدة يرتكبها عسكري ضد أفراد القوات المسلحة أو رجال السلطة.
يُعاقب على العصيان مبدئياً بالحبس, إلا أن العقوبة تصبح أشغالاً شاقة إذا ارتكب العسكري الجرم, وهو مسلّح, ضدّ خفير أو مراقب أو أي عسكري أو مُنتدب لعمل معيّن, بقصد منعه من القيام بالمهمة الموكولة إليه.

– رفض الطاعة:
يُعاقب بالسجن كل عسكري يرفض إطاعة رؤسائه أو تنفيذ الأوامر التي يتلقاها, ما لم تحل دون ذلك قوة قاهرة. وتصل العقوبة الى الإعتقال في حالات معينة والى الإعدام في حالات أخرى. وينص القانون على إعمال الأسباب المشددة إذا ما توفّرت ظروف معينة.

– التحقير وأعمال الشدة الواقعة على الرؤساء:
يُعاقب بالإعتقال كل عسكري يوقع برئيسه عملاً من أعمال الشدة لأسباب تتعلق بالخدمة.
يُعاقب بالسجن:
العسكري الذي يرتكب أعمال العنف على رئيسه, لأسباب لا علاقة لها بالخدمة, سواءً حصل الفعل في أثناء الوظيفة أو في معرضها, أم خلافاً لذلك. وينص القانون على إعمال الأسباب المشددة إذا ما توفّرت ظروف معينة.
كل عسكري يُقدم أثناء الوظيفة أو في معرضها أو لأسباب تتعلّق بالخدمة على تحقير رئيسه بالكلام أو بالحركات أو بالكتابة أو بالتهديد.
كل شخص يُقدم, بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 209 من قانون العقوبات (وهي باختصار الأعمال والحركات والكلام والكتابات والرسوم والصور… وغيرها, الحاصلة أو المعروضة في مكان عام, أو على مرأى أو مسمع من الغير… إلخ), على تحقير العلم أو الجيش أو المسّ بكرامته أو سمعته أو معنوياته, أو يُقدم على ما من شأنه أن يُضعف في الجيش النظام العسكري أو الطاعة للرؤساء والإحترام الواجب لهم.

كلّ من يقدم على نشر أو إبلاغ أو إفشاء كلّ ما يتعلّق بالجيش أو بالحوادث العسكرية داخل الثكنات أو خارجها, أو بالإجراءات التي تتخذها السلطة العسكرية بحقّ أحد أفرادها, أو الأوامر أو القرارات الصادرة عن هذه السلطة, وكلّ ما يتعلق بتنقلات الوحدات والمفارز وبالترقيات وبالتشكيلات وبتوقيف المشبوهين وبتعقّب المتمردين أو بالعمليات التي تقوم بها قوى الدولة, ويُستثنى من ذلك التبليغات والإذاعات التي تسمح بنشرها السلطة المختصة.

إشارة الى أن أحكام الفقرتين الأخيرتين لا تُطبّق على المطبوعات المعيّنة بالقانون رقم 2/71 الصادر بتاريخ 22/1/1971 الذي حصر حق النظر بجرائم المطبوعات كافة بالمحاكم المنصوص عنها في المادة 67 من قانون المطبوعات.

– إساءة إستعمال السلطة:
يُعاقب بالحبس:
كل رئيس عسكري يضرب مرؤوسه, في غير حالات الدفاع عن النفس أو عن الغير, وإعادة الهاربين أمام العدو أو أمام المتمردين, وإيقاف السلب والتدمير.
كل رئيس عسكري يحقّر مرؤوسه تحقيراً جسمياً وبدون إستفزاز, سواءً حصل ذلك في أثناء الخدمة أو بسببها أو في معرضها, أو خلافاً لذلك.
كل عسكري يُسيء إستعمال السلطة المعطاة له للمصادرة لمصلحة الجيش وفقاً للقوانين والأنظمة, أو يرفض إعطاء وصل بالكميات التي يتسلمها.
كل عسكري, لا صفة له لإجراء المصادرة, إذا أجراها بدون عنف. أما إذا حصلت هذه المصادرة بالعنف, فىُعاقب بالإعتقال.
يُعاقب بالإعتقال:
كل رئيس عسكري يقدم, بدون إستفزاز ولا أمر ولا إذن, على عمل من الأعمال العدائية في إقليم محايد أو حليف, أو يستمر في الأعمال العدائية بعد تسلّمه رسمياً إعلان السلم أو الهدنة أو وقف القتال.
كل عسكري يستلم قيادة ما, بدون أمر أو سبب مشروع, أو يحتفظ بالقيادة خلافاً لأوامر رؤسائه.

– مخالفة التعليمات العسكرية:
يُعدّ مرتكباً لجرم مخالفة التعليمات العسكرية:
كل خفير أو مراقب يترك مركزه قبل أن يُنهي المهمة الموكولة إليه.
كل عسكري ينام في أثناء قيامه بوظيفة الخفير أو المراقبة.
كل عسكري يترك مركز وظيفته؛ ويقصد بمركز الوظيفة, المكان الذي وُجد فيه العسكري بناءً على أمر رؤسائه للقيام بمهمة معينة موكولة إليه.
كل عسكري يُخالف الأنظمة أو الأوامر أو التعليمات العامة المعطاة لقطعته خاصة أو للعسكريين عامة, أو التعليمات التي أُوكل إليه شخصياً أمر تنفيذها, أو يتمرد على التعليمات المعطاة لعسكري سواه.
يُعاقب مبدئىاً على جرائم مخالفة التعليمات العسكرية بالحبس, إلا أن العقوبة تصل الى الإعتقال أو الى الإعدام في حالات معينة منصوص عنها قانوناً.

الجرائم الجوية والبحرية

– جرائم رجال سلاحي الجو والبحرية:
كل بحري وكل شخص آخر يكون على ظهر سفينة أو مركبة بحرية عسكرية أو مخصصة لأعمال عسكرية, ويتسبب قصداً في فقدان هذه السفينة أو المركبة أو في إستيلاء العدو عليها, يُعاقب بالإعدام.
أما إذا لم يُقدم على الجرم قصداً, إنما نتيجة لإهماله, كانت العقوبة الإعتقال في زمن الحرب والسجن في زمن السلم.
وتُطبّق هذه الأحكام:
– ­ على العسكريين من سلاح الجو إذا كان الجرم يتعلّق بطائرات عسكرية أو مخصصة لأعمال عسكرية.
– ­ على المدنيين, إذا كانوا مُرشدي السفن العسكرية, أو مُرشدي بواخر مدنية تواكبها سفن عسكرية أو بحارة لها, أو إذا كانوا ملاحي طائرات مدنية.
يُعاقب بالإعدام كلّ قائد سفينة عسكرية يعلم أن سفينته في حالة الغرق ويغادرها قصداً قبل آخر بحري فيها.
يُعاقب بالإعتقال المؤقت كل قائد قوة بحرية أو سفينة عسكرية:
– ­ لا يُهاجم قوات العدو إذا كانت قواته معادلة لها أو متفوقة عليها, أو يُهمل مساعدة قوات بحرية لبنانية أو حليفة مشتبكة بقتال مع العدو مطاردة من قبله, أو لا يُحطّم قافلة عدوّة, إلا إذا حالت دون ذلك أوامر خاصة أو أسباب خطيرة.
– ­ لا يتابع مطاردة العدو أو قوافله إلا إذا حالت دون ذلك أسباب خطيرة أو تفوّق في قوّات العدو.
تُطبق هذه الأحكام على العسكريين من سلاح الجو, إذا كان الجرم يتعلّق بطائرات عسكرية.
يُعاقـب بالسجـن كل بحري يتيح للعدو بسبب إهماله أن يفاجئ سفينة عسكرية أو يسبب جنوحها أو حريقها أو تعطيلها تعطيلاً جسيماً. تُطبّق هذه الأحكام على العسكريين من سلاح الجو إذا كان الجرم يتعلّق بطائرات عسكرية.
يُعاقب بالإعدام:
– ­ كل قائد قوة بحرية يستسلم أمام العدو أو يأمر بوقف القتال, من دون أن يكون قد استنفد كلّ وسائل القتال التي هي تحت تصرّفه, وقام بكل ما يمليه عليه الواجب والشرف.
– ­ كل بحري يُقدم بأية وسيلة كانت, ومن دون أمر من قائد السفينة, على التسبب في وقف القتال.
تطبّق هذه الأحكام على العسكريين من سلاح الجو إذا حصل الفعل ضمن طائرات عسكرية.

بحث قانوني هام حول القضاء العسكري و الجرائم العسكرية