بحث و دراسة حول التنظيم القضائي الجزائري

مقدمة:

يشمل التنظيم القضائي مجموع القواعد القانونية المنظمة للسلطة القضائية بشكل عام
والمتعلق بالجهات القضائية على اختلاف أنواعها ودرجاتها وكذا الشروط
المتعلقة
بتعيين القضاة ونظام انضباطهم … الخ.
وقد مرّ التنظيم القضائي الجزائري بعدة محطات أساسية، أهمها مرحلة الإصلاح القضائي لسنة 1965 والذي كرس وحدة
القضاء واستمر مدة معتبرة إلى غاية صدور دستور 1996 والذي تبنى نظام الازدواجية القضائية (القضاء العادي والقضاء
الإداري) لتتميز الفترة الأخيرة للبلاد بمتطلبات اجتماعية اقتصادية وسياسية أملت ضرورة إعادة
النظر في الكثير من المفاهيم التي تحكم النظام القضائي  الجزائري، مما أدى إلى ظهور توجهات جديدة ثم تفعيلها بإحداث اللجنة الوطنية لإصلاح
العدالة سنة 1999، و كذا معالجة العديد من النصوص التي لها علاقة بالتنظيم
القضائي الجزائري كالقانون الأساسي للقضاء والقانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وكذا إلغاء الأمر رقم 65-278 بصدور القانون العضوي
رقم 05-11 والمتعلق بالتنظيم القضائي الجزائري وقد نص في المادة 2
على:
“أن التنظيم القضائي يشمل النظام القضائي العادي والنظام القضائي
الإداري
و محكمة التنازع” وسنتطرق لهذه الأجهزة من خلال المباحث التالية:
الإشكالية:
فيما تتمثل أجهزة التنظيم
القضائي الجزائري من خلال القانون العضوي رقم 05-11 ؟

المبحث
الأول: النظام القضائي العادي

أبقت المادة 152 من
الدستور على بعض الجهات القضائية التي أنشأت بموجب الدساتير
السابقة
وهي: المحكمة العليا، المجالس القضائية والمحاكم، كما نصت المادة 3
من
القانون العضوي 05/ 11 المؤرخ في 17-07-2005 المتعلق بالتنظيم القضائي
على
أن النظام القضائي العادي يشمل المحكمة العليا، المجالس القضائية
والمحاكم
وسنتطرق إلى هذه الأجهزة من خلال 3 مطالب.

المطلب
الأول: المحاكم

تعدّ المحكمة قاعدة الهرم القضائي لأنها
أول جهة قضائية تعرض عليها أغلب
المنازعات وهي موجودة في دائرة اختصاص
كل مجلس قضائي جزائري تشكل بالنسبة
له الجهة القضائية الابتدائية وهي
تفصل في جميع القضايا التي تدخل ضمن
اختصاصها و لا يخرج عن ولايتها إلا
ما استثني بنص م 1 ق.إ.م و سنتطرق
للتنظيم القضائي للمحاكم من خلال
النقاط التالية:

أولا- اختصاص المحكمة:
نصت
المادة 11 من
القانون العضوي “يحدد اختصاص المحكمة في قانون الإجراءات
المدنية
وقانون الإجراءات الجزائية والقوانين الخاصة المعمول بها” وقد نص
قانون
إ.م و ج على نوعين من الاختصاصات هما الإحتصاص النوعي( م 1 2 3 4
ق.إ.م
) والاختصاص المحلي (م 8 9 ق.إ.م). حيث تكون القاعدة العامة في
انعقاد
الاختصاص لمحكمة المدعي عليه، إلا أن هناك استثناءات في المادة 8
وحالات
جوازية في م 9، أما الاختصاص في المواد الجزائية فقد نظمته المواد
328
و329 و451 ق.إ.ج
وقد نص القانون 04-14 المعدل
والمتمم لقانون الإجراءات
الجزائية “يجوز تمديد الاختصاص المحلي للمحكمة
إلى دوائر اختصاص محاكم
أخرى عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات والجريمة
المنظمة عبر الحدود
الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية
للمعطيات وجرائم تبييض
الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص
بالصرف”.

ثانيا-أقسام المحكمة:

قسمت المادة 13 من القانون العضوي المحكمة إلى
10 أقسام ويمكن لرئيس المحكمة
بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية تقليص
عددها أو تقسيمها إلى فروع حسب أهمية
و حجم النشاط القضائي، وهذه
الأقسام هي كالآتي:
أ- القسم المدني: ينظر في القضايا
المدنية مثل منازعات عقد البيع والإيجار والوكالة
ب – القسم
العقاري:
تم فصله عن القسم المدني بموجب القرار المؤرخ في
11 ابريل 1994 و الصادر
عن وزارة العدل وذلك لحجم المنازعات العقارية
المتزايد و كذا كثرت النصوص
التشريعية و التنظيمية في المادة العقارية.
ت – القسم
التجاري: من الأقسام القديمة التي أحدثت بموجب المرسوم رقم
66-163 المؤرخ في 08 جوان 1966 وينظر في المنازعات التجارية بمختلف أنواعها
ث – القسم الاجتماعي: ينظر في المنازعات الفردية
للعمل وكذا منازعات الضمان الاجتماعي ويتميز بتشكيلته الخاصة.
ج – القسم
البحري: احدث
بموجب القرار الوزاري المؤرخ في 14 جوان
1995، وينظر في المنازعات
المتعلقة بالعقود البحرية، وتوجد الأقسام
البحرية في المحاكم الواقعة على
الساحل.
ح – قسم شؤون
الأسرة: كان
يسمى قسم الأحوال الشخصية، وينظر في
المنازعات المتعلقة بالتركات و عقود
الزواج و الطلاق والحجر و كل ما
يدخل في نطاق قانون الأسرة.
خ – القسم الاستعجالي: ينظر
في القضايا الاستعجالية وهي القضايا التي لا تمس بأصل الحق والتي يتوافر
فيها عنصر الاستعجال.
د – قسم الجنح : يفصل في
القضايا الجنح.
ذ – قسم الأحداث: ينظر في قضايا الأحداث،
و ينظر قسم الأحداث بمقر المجلس القضائي في الجنايات الأحداث.

ثالثا – تشكيل هيأت حكم المحكمة:

بحسب موضوع النزاع،
والقاعدة العامة هي أن المحكمة تفصل بقاض إذ تنص المادة 15
من القانون
العضوي على انه: تفصل المحكمة بقاض فرد ما لم ينص القانون على
خلاف
ذلك، وهناك استثناءين لهذه القاعدة:
– المسائل
الاجتماعية: تتشكل من قاض فرد و مساعدين من العمال
ومساعدين من المستخدمين، ويجوز انعقادها بحضور مساعد من العمال ومساعد من
المستخدمين فقط.
– قضايا الأحداث:
تتكون محكمة الأحداث من قاض ومساعدين محلفين.
رابعا-
التشكيلة البشرية للمحكمة: تشمل المحكمة حسب نص
المادة 12 من القانون العضوي:
– رئيس المحكمة و نائبه: وهو قاض يحتل وظيفة
قضائية نوعية، يتولى إدارة المحكمة والإشراف على تسيير أعمالها ومراقبة
موظفيها، بالإضافة إلى مهامه القضائية.
– وكيل الجمهورية ومساعديه: هو من
مؤطري المحكمة وله مهام قضائية و إدارية
– قضاة الأحداث:
وهم قضاة يختارون
لكفاءتهم بقرار من وزير العدل لمدة 3 سنوات بالنسبة
لمحكمة مقر
المجلس، وفي باقي المحاكم بموجب أمر من رئيس المجلس على طلب من
النائب
العام (المادة 449 من ق.إ.م)
– قاضي التحقيق: من مؤطري المحكمة، يعين
بموجب مرسوم رئاسي وتنتهي مهامه بنفس الأشكال، ويناط به إجراءات البحث
والتحقيق والتحري.
– القضاة: وهم من يترأس أقسام المحكمة حسب تخصصاتهم طبقا
للمادة14 من قانون التنظيم القضائي، هذا ويوجد بالمحكمة أمانة الضبط.

المطلب
الثاني: المجالس القضائية

نصت المادة 16 من
القانون العضوي رقم 05/11 ” يعد المجلس القضائي جهة استئناف
للأحكام
القضائية الصادرة من المحاكم وكذا في الحالات الأخرى المنصوص عليها
في
القانون”،كما نصت المادة 05 من ق ا م: “تختص المجالس القضائية بنظر
استئناف
الإحكام الصادرة من المحاكم في جميع المواد في الدرجة الأولى حتى
وإن
وجد خطاء في وصفها، وتبعا لذلك تعد المجالس القضائية كقاعدة عامة الجهة
القضائية في النظام القضائي العادي ذات الدرجة الثانية، وهي تجسيد لمبدأ
التقاضي
على درجتين، وكان عددها 15 مجلس ثم ارتفع إلى 31 ثم إلى 48 بموجب
الأمر
رقم 97-11 المؤرخ في 19/03/1997 المتضمن التقسيم القضائي، و سنتطرق
إلى
تنظيم المجالس و تشكيلها كالأتي:

أولا- تنظيم
المجالس القضائية:

نصت المادة 6 من قانون التنظيم القضائي
على انه: يشمل المجلس القضائي:-الغرفة
المدنية –الغرفة الجزائية –غرفة
الاتهام –الغرفة الاستعجالية –غرفة شؤون
الأسرة –غرفة الأحداث –الغرفة
الاجتماعية –الغرفة العقارية –الغرفة البحرية
–الغرفة التجارية، و يمكن
لرئس المجلس القضائي بعد الاستطلاع الرأي النائب
العام تقليص عدد
الغرف أو تقسيمها إلى أقسام حسب أهمية و حجم النشاط
القضائي، بعد
استطلاع رأي النائب العام، كما يجوز لرئس المجلس رئاسة أي
غرفة أو
تعيين نفس القاضي في أكثر من غرفة أو قسم (م9 ق ع ت ق)، وتوجد على
مستوى
كل مجلس قضائي محكمة جنايات، وهي جهة قضائية جزائية متخصصة تنظر في
الأفعال
الموصوفة جنايات وكذا الجنح والمخالفات المرتبطة بها.

ثانيا- تشكيل هيأت حكم المجالس القضائية: تتشكل لهيأت حكم المجالس القضائية دائما
من ثلاثة
قضاة برتبة مستشار، أما محكمة الجنايات فتتشكل من قاض برتبة رئيس
غرفة
بالمجلس القضائي على الأقل رئيسا ومن قاضيين برتبة مستشار بالمجلس
على
الأقل ومحلفين اثنين، ويعين القضاة بأمر من رئيس المجلس طبقا للمادة
258
ق ا ج
ثالثا-
التشكيلة البشرية للمجالس القضائية: تبعا لما نصت عليه المادة 7(ق ع ت)فان
التشكيلة البشرية للمجالس القضائية هي كالأتي:
أ‌- رئس المجلس القضائي و
نائب أو نواب الرئيس
ب‌- النائب العام و النواب العاميون المساعدون.
ت‌- رؤساء الغرف و
المستشارون.

هذا ويوجد على مستوى كل مجلس قضائي أمانة ضبط بالمجلس القضائي و
المحاكم.

المطلب الثالث: المحكمة العليا

المحكمة
العليا قمة
هرم النظام القضائي العادي، ومقرها بالجزائر العاصمة، ويطلق
عليها في
مصر محكمة النقض وفي تونس محكمة التعقيب وهي هيأة قضائية دستورية
وكانت
تسمى سابقا بالمجلس الأعلى والذي كان ينظمه القانون رقم 63-218
المؤرخ
في 18/06/1963المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها، ثم
طرا
على هذا الأخير تعديل سنة 1996 بمقتضى الأمر رقم96-25 المؤرخ في
12/08/1996
ومن صلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وتشكيلتها نجد ما يلي:

أولا- صلاحيات المحكمة العليا: ويمكن إرجاع صلاحيات المحكمة
العليا طبقا للمادة 152 من الدستور إلى:
– توحيد الاجتهاد القضائي
في جميع أنحاء البلاد و السهر على احترام القانون
– تمارس رقابتها على تسبيب
الأحكام القضائية ورقابة معيارية تأخذ بعين الاعتبار تكييف الوقائع على ضوء
القاعدة القانونية
– تقدير نوعية القضائية التي ترفع إليها، وتبلغها سنويا إلى وزير
العدل
– تشترك في برامج تكوين القضاة
– تعمل على نشر قراراتها وجميع التعليقات و البحوث
القانونية والعلمية لتدعيم توحيد الاجتهاد القضائي

ثانيا- تنظيم المحكمة العليا: يشمل تنظم المحكمة
العليا الغرف والهياكل غير القضائية
أ‌- الغرف: غرف المحكمة العليا على
نوعين، غرف عادية و رف موسعة
الغرف العادية:
وهي 8 غرف: الغرفة
المدنية، الغرفة العقارية، الغرفة التجارية والبحرية،
غرفة الأحوال
الشخصية والمواريث، الغرفة الاجتماعية ،الغرفة الجنائية ،غرفة
الجنح
والمخالفات، غرفة العرائض.
الغرف الموسعة: تتشكل في شكل غرف مختلطة
(تتكون من غرفتين او 3 غرف) وغرف مجتمعة.
ب‌- الهياكل
الغير قضائية للمحكمة العليا وهي
مكتب المحكمة العليا: ويتكون
من الرئيس الأول للمحكمة العليا ونائبه وعميد رؤساء الأقسام وعميد
المستشارين والنائب العام وعميد المحامين العامين.
الجمعية العامة للقضاة:
تتألف من كافة قضاة المحكمة العليا.
مكتب المساعدة القضائية: يرأسه النائب
العام لدى المحكمة العليا ويضم مستشار ومحام ممثلا عن المنظمة الوطنية
للمحامين وممثلا عن وزارة المالية.

ثالثا- تشكيل المحكمة العليا:

أ‌- التشكيلة
البشرية للمحكمة العليا
تتشكل
من الرئيس الأول
للمحكمة العليا، نائب الرئيس، 9 رؤساء غرف، 18رئيس قسم
على الأقل، 95
مستشار على الأقل، النائب العام لدى المحكمة العليا، النائب
العام
المساعد، 18 محام عام على الأقل.
ب‌- تشكيلات جهات حكم
المحكمة العليا:
تشكيلة الغرف العادية: لا يمكن لأي
غرفة أو قسم من الغرفة الفصل في قضية إلا بحضور 3 أعضاء على الأقل.
تشكيلة الغرف الموسعة:
تختلف فيما إذا كانت مختلطة أو مجتمعة:

الغرف المختلطة المشكلة من غرفتين تبث
بصفة قانونية بحضور 9 أعضاء على
الأقل وإذا كانت مشكلة من 3 غرف تبث
بصفة قانونية بحضور15 عضو على الأقل
ويتخذ القرار بموافقة الأغلبية وفي
حالة تعادل الأصوات يرجح صوت الرئيس.
– أما الغرف المختلطة تبث بصفة قانونية
بحضور25 على الأقل ويتخذ القرار بموافقة الأغلبية و في حالة تعادل الأصوات
يرجح صوت الرئيس.

المبحث الثاني: أجهزة النظام القضائي الإداري

تنص المادة 4 من القانون العضوي 05/11
المتعلق بالتنظيم القضائي على مايلي: ”
يشمل النظام القضائي الإداري
مجلس الدولة والمحاكم الإدارية”.

المطلب الأول: المحاكم الإدارية

أنشأت المحاكم الإدارية بمقتضى قانون رقم 98/02
المؤرخ في 30-05-1998 لتحل محل
الغرف الإدارية التي كانت تابعة للمجالس
القضائية، وبتاريخ 14-11-1998 صدر
المرسوم التنفيذي رقم 98/356
المتضمن كيفيات تطبيق القانون رقم 98/02 و
الذي أنشأ محكمة إدارية تنصب
عند توفر الظروف الضرورية لسيرها.

أولا-
اختصاصات المحاكم الإدارية:

تختص المحاكم الإدارية
بالفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئناف أمام مجلس الدولة
في جميع القضايا
أيا كانت طبيعتها، التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية
أو إحدى
المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها.
وتجدر
الإشارة إلى أنه
إلى حين تنصيب المحاكم الإدارية تستمر الغرف الإدارية
بالمجالس
القضائية في النظر في المواد الإدارية وذلك طبقا للحكم الانتقالي
الذي
ورد في المادة الثامنة من القانون العضوي المتعلق بالمحاكم الإدارية،
وقد
نصت المادة 9 من نفس القانون على أنه سوف تحال جميع القضايا المسجلة أو
المعروضة على الغرف الإدارية إلى المحاكم الإدارية بمجرد تنصيبها.

ثانيا-التشكيلة البشرية للمحاكم الإدارية:

تتشكل المحكمة من الناحية البشرية من:
– رئيس المحكمة: الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي
– محافظ الدولة
ومساعديه: يتولى وظيفة قضائية نوعية و يعين بموجب مرسوم رئاسي و يمارس
مهام النيابة العامة بمساعدة محافظي الدولة المساعدين.
– القضاة (المستشارون): عددهم
غير محدود ويشغلون رتبة مستشار و يخضعون للقانون الأساسي للقضاء.

ثالثا-تشكيل جهات حكم المحاكم الإدارية:

نصت المادة 3 من
القانون رقم 98/02 على: “يجب أن تتشكل المحكمة الإدارية من
ثلاث قضاة
على الأقل من بينهم رئيس ومساعدان برتبة مستشار” ويتولى محافظ
الدولة
دور النيابة العامة، وللمحاكم الإدارية كتابة الضبط تحدد كيفيات
تنظيمها
و يرها عن طريق التنظيم، كم تتشكل من قضاة مجتمعين خلافا للمحاكم
العادية
التي يسودها مبدأ القاضي الفرد بالإضافة إلى أن المحاكم الإدارية
تتشكل
من قضاة ذوي الخبرة، كما فرض المشرع أن يكون القضاة برتبة مستشار على

الأقل.

المطلب الثاني: مجلس الدولة

هو عبارة عن مؤسسة
قضائية دستورية أحدثت بموجب دستور1996 وهو يمثل الهيأة
القضائية
الإدارية العليا في التنظيم القضائي الجزائري، ونصبه المشرع بموجب

القانون العضوي رقم 98/01 المؤرخ في 30-05-1998 المتعلق باختصاصات مجلس
الدولة
وتنظيمه.

أولا- اختصاصات مجلس الدولة:
لمجلس الدولة دور
استشاري يتمثل في إبدائه رأي في المشاريع القانونية التي
إخطاره بها،
ويقترح التعديلات التي يراها ضرورية ويقدم آراء تفسيرية تخص
النصوص
القانونية السارية المفعول
وله اختصاصات ذات طابع قضائي تتمثل في:
– يفصل في استأناف
القرارات الصادرة ابتدائيا من قبل المحاكم الإدارية في جميع الحالات ما لم
ينص القانون على خلاف ذلك.
– الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية
أو الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية.
– الطعون الخاصة بالتفسير
ومدى شرعية القرارات التي تكون نزاعاتها من اختصاص مجلس الدولة.
– يفصل في الطعون بالنقض
في قرارات الجهات القضائية الإدارية الصادرة نهائيا وكذا الطعون بالنقض في
قرارات مجلس المحاسبة.
-المنازعات التي تقررها نصوص قانونية خاصة مثل
الاستئناف المقدم ضد الأمر
الصادر ابتدائيا من قبل رئيس المحكمة
الإدارية، وكذلك الطلبات المتضمنة وقف
تنفيذ القرارات مثل القرار
الإداري المطعون فيه بالبطلان.
– الأمر الإستعجالي محل الإستأناف والصادر عن رئيس
الغرفة الإدارية (م 171 مكرر ق.إ.م )

ثانيا- التشكيلة البشرية لمجلس الدولة:
يتكون مجلس الدولة من
الناحية البشرية من:

رئيس مجلس الدولة الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي، حيث يسهر
على تطبيق احكام
النظام الداخلي للمجلس ويوزع المهام على رؤساء الغرف و
الأقسام ومستشاري
الدولة.
– نائب الرئيس الذي يعين بعد استشارة
المجلس
الأعلى للقضاء، وتتمثل مهامه أساسا في استخلاف رئيس مجلس الدولة في
حالة
حصول مانع له أو غيابه.
– رؤساء الغرف الذين يرأسون الغرف الخمسة المحددة
بموجب النظام الداخلي.
– رؤساء الأقسام ويوزعون القضايا على القضاة
التابعين لهذه الأقسام ويرأسون الجلسات ويعدون التقارير ويسيرون المناقشات
والمداولات.
– مستشارو الدولة ويضم مستشاري دولة في مهمة عادية ومستشاري دولة
في مهمة غير عادية.


محافظ الدولة ومساعديه ويشغل وظيفة قضائية
نوعية ويعين بموجب مرسوم رئاسي
ويقوم بدور النيابة العامة بمساعدة
محافظي الدولة مساعدين.

ثالثا- تنظيم مجلس الدولة:
يشمل تنظيم مجلس الدولة الهيآت القضائية والهيآت
الاستشارية والهيآت الأخرى.
أ‌- تنظيم الهيآت القضائية:
لم ينص القانون العضوي رقم 98/01 على عدد الغرف والأقسام لكن القانون
الداخلي
لمجلس الدولة حدد بمقتضى المادة 44 منه عدد الغرف بخمسة وهي:
• الغرفة الأولى: تبث في
قضايا الصفقات العمومية والمحلات والسكنات.
• الغرفة الثانية: تنظر في
قضايا الوظيف العمومي ونزع الملكية للمنفعة العمومية والمنازعات الضريبية.
• الغرفة الثالثة: تنظر في
قضايا مسؤولية الإدارة وقضايا التعمير والإيجارات.
• الغرفة الرابعة: تنظر في
القضايا العقارية.

الغرفة الخامسة: تنظر في قضايا إيقاف التنفيذ و الاستعجال
والمنازعات
المتعلقة بالأحزاب، ويمكن عند الاقتضاء إعادة النظر في
اختصاص الغرف بقرار
من رئيس مجلس الدولة، وتتكون كل غرفة من قسمين على
الأقل، ويمارس كل قسم
نشاطه على انفراد، وتنص المادة 34 على أنه لا
يمكن لأي غرفة أو قسم الفصل
في قضية إلا بحضور ثلاث أعضاء على الأقل،
أما في حالة الضرورة فتكون جميع
الغرف مجتمعة في شكل غرفة واحدة خاصة
في القضايا التي من شأنها أن يؤدي
القرار فيها إلى التراجع عن اجتهاد
قضائي، وتتشكل الغرفة المجتمعة من رئيس
المجلس- نائب الرئيس – رؤساء
الغرف – عمداء رؤساء الأقسام.
ب – تنظيم الهيآت الاستشارية:
تنص المادة 35 ” يتداول مجلس الدولة في المجال الاستشاري في شكل جمعية
عامة ولجنة دائمة”.
* الجمعية العامة:
تضم نائب الرئيس ومحافظ مجلس الدولة
ورؤساء الغرف و5 من مستشاري الدولة،
وترأس من طرف رئيس مجلس الدولة
ويمكن للوزراء المشاركة بأنفسهم أو يعينوا
من يمثلهم في الجلسات
المخصصة للقضايا التابعة لقطاعاتهم، ولا يصح الفصل
الا بحضور نصف عدد
أعضاء الجمعية العامة على الأقل ويتخذ رأي أغلبية
الأصوات وفي حالة
التعادل يرجح صوت الرئيس.
اللجنة الدائمة: تتشكل من رئيس برتبة رئيس
غرفة وأربعة مستشاري دولة على الأقل.
ث‌-
تنظيم الهيآت الأخرى: وهي مكتب مجلس
الدولة (يتشكل من رئيس مجلس الدولة
رئيسا- محافظ الدولة نائبا للرئيس-
نائب رئيس مجلس الدولة- رؤساء الغرف-
عميد رؤساء الأقسام- عميد
المستشارين). والمصالح الإدارية والتقنية لمجلس
الدولة (تضم قسم
الإدارة وقسم الوثائق)، بالإضافة إلى أمانة الضبط.

المبحث
الثالث: الجهات القضائية المتخصصة

نص القانون العضوي
05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي في فصله الرابع على جهتين
قضائيتين
جزائيتين متخصصتين هما محكمة الجنايات والمحكمة العسكرية هذا
بالإضافة
إلى محكمة التنازع. وهذا ما سنتطرق إليه في مطلبين:

المطلب
الأول: محكمة التنازع

أنشأت
محكمة التنازع في
الجزائر بموجب دستور 1996 والقانون العضوي رقم 98/03
المؤرخ في 03
يونيو 1998 المتعلق باختصاص محكمة التنازع وتنظيمها وعملها.

أولا-تشكيلة محكمة التنازع : تتشكل من

أ‌-رئيس محكمة
التنازع: يعين لمدة 3 سنوات من قبل رئيس الجمهورية باقتراح من
وزير
العدل وفي حالة حصول مانع للرئيس يخلفه القاضي الأكثر أقدميه.
ب‌- قضاة محكمة التنازع:
وعددهم خمسة على الأقل.
ت‌- محافظ الدولة ومساعده: يعين من بين القضاة
لمدة 3 سنوات من طرف رئيس
الجمهورية ، مهمته تقديم الملاحظات الشفوية
والطلبات بخصوص حالات التنازع
المعروضة على المحكمة.
هذا ويتولى أمانة ضبط
المحكمة كاتب ضبط رئيسي يعين من قبل وزير العدل.

ثانيا:اختصاصات محكمة التنازع:
نصت المادة 03 من القانون العضوي رقم 98-03 على أنه: “تختص محكمة التنازع
في الفصل في
منازعات الاختصاص بين الجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي
العادي
والجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي الإداري حسب الشروط
المحددة
في هذا القانون- ولا يمكن لمحكمة التنازع التدخل في منازعات
الإختصاص
بين الجهات القضائية الخاضعة لنفس النظام” بالإضافة الى المادة 15
” لا
ترفع أمام محكمة التنازع إلا المواضيع المتعلقة بتنازع الإختصاص مما
يجعل
اختصاص محكمة التنازع اختصاصا محددا، وليس عاما ويشمل مجموعة من
الحالات
فقط هي حالة التنازع الإيجابي و التنازع السلبي و حالة تناقض
الأحكام”.
أ- حالة
التنازع الإيجابي:
عرفته المادة 16 من نفس القانون بأنه
يتحقق عندما تقضي جهتان قضائيتان
إحداهما خاضعة للنظام القضائي العادي
والأخرى خاضعة للنظام القضائي الإداري
باختصاصهما للفصل في نفس
الموضوع.
ب‌-
التنازع السلبي: وهو حسب م 16/2 الصورة التي تعلن
فيها كل من جهة القضاء العادي و جهة القضاء الإداري عدم اختصاصهما في نفس
النزاع.
ت‌-
حالة تناقض الأحكام: نصت عليها م 17/2 و هي إذا
وجد حكمان قضائيان نهائيان، و وجود تناقض في موضوع هذين الحكمين.

المطلب الثاني: الجهات القضائية الجزائية المتخصصة

تتمثل هذه الجهات في محكمة
الجنايات والمحكمة العسكرية حسب ما نص عليه القانون العضوي رقم 05-11 في
فصله الرابع.

أولا- محكمة الجنايات:
نصت المادة 18 على: “توجد على مستوى كل مجلس قضائي محكمة جنايات تختص
بالفصل
في الأفعال الموصوفة بالجنايات وكذا الجنح والمحالفات المرتبطة بها”
أ‌- اختصاصاتها:
تختص محكمة الجنايات بالنظر في الجنايات والجنح والمخالفات المرتبطة بها
والتي
يرتكبها البالغون والتي تحال عليها بقرار من غرفة الاتهام وتعقد
دوراتها
مرة كل 3 أشهر، ويجوز لرئيس المجلس القضائي بناءا على اقتراح
النائب
العام تقرير انعقاد دورة إضافية أو أكثر، وتعقد جلساتها بمقر المجلس

القضائي أو أي مكان آخر من دائرة الاختصاص بقرار من وزير العدل.
ب‌- تشكيلتها:
تتشكل محكمة الجنايات من قاض برتبة رئيس غرفة- ومستشارين- ومحلفين اثنين.
ويعين
القضاة بأمر من رئيس المجلس القضائي، كما يعين قاضي إضافي أو أكثر
لاستكمال
تشكيلة المحكمة في حالة وجود مانع لدى الأعضاء. ويقوم النائب
العام أو
مساعدوه بمهام النيابة العامة ويمسك أمانتها أمين ضبط.

ثانيا-المحكمة العسكرية: هي جهة قضائية جزائية تنظر في
الجرائم العسكرية وتتميز بتشكيلتها و إجراءاتها الخاصة.
أ‌- اختصاصاتها:
تختص المحكمة العسكرية في النظر في الجرائم العسكرية التي يرتكبها
البالغون
بصفتهم فاعلين أصليين أو شركاء دون الدعوى المدنية المرتبطة بها.
والجرائم
العسكرية قد ترتكب من العسكريين أو المدنيين، كالتخلي عن
الالتزامات
العسكرية.
وينعقد
الإختصاص المحلي للمحكمة العسكرية بالنظر إلى مكان وقوع الجريمة أو مكان
إيقاف المتهم أو الوحدة العسكرية التي يتبعها.
ب‌- تشكيلتها: تتشكل
من 3 أعضاء هم: رئيس برتبة مستشار من المجلس- وقاضيان مساعدان، ويتولى
مهام
النيابة العامة أمام المحاكم العسكرية وكيل جمهورية عسكري أو وكيل
جمهورية
عسكري مساعد. هذا وتوجد بالمحاكم العسكرية غرفة تحقيق أو أكثر تضم
قاضي
تحقيق عسكري وأمانة ضبط يتولاها أمين ضبط برتبة ضابط أو ضابط صف
الأكثر
أقدميه.

خاتمة:

إن التنظيم القضائي
الجزائري الذي يقوم على الازدواجية القضائية منذ سنة 1996
يحتاج إلى
تفعيل أكثر للتوجهات الجديدة وتعزيزها أكثر فأكثر بما يوفر
الإمكانات
المادية والبشرية و التقنية لتخصيص الجهات القضائية تخصيصا
يتلائم مع
عدد السكان ضمن الدوائر القضائية وكذا حجم المنازعات، وهذا سيؤدي
حتما
إلى تعزيز أكثر للعدالة في الجزائر.

بحث و دراسة حول التنظيم القضائي الجزائري