دراسة وبحث قانوني هام عن الظروف المشددة المتعلقة بالخبر الحاصل
الظروف المشددة :
المبحث الأول :
1- الظروف المشددة المتعلقة بالخبر الحاصل :
2- المطلب الأول :
أ- حدوث عاهة مستديمة: لم يعرفها القانون و إنما ذكر بعض صورها و هذه الصور لم ترد على سبيل الحصر بدليل قوله في المادة 264 الفقرة الثالثة أو أية عاهة مستديمة أخرى. ويقصد بالعاهة المستديمة فقد منفعة عضو من أعضاء الجسم فقدا كليا أو جزئيا، سواء بفعل العضو أو بتعطيل وظيفته أو مقاومته، على أن يكون ذلك بصفة مستديمة أي لا يرجى شفاء منه.
3- و تقدير هذا متروك لقاضي الموضوع يبت فيه بناء على حالة المصاب و ما يستخلصه من تقرير الطبيب.
4- لم يحدد القانون نسبة مئوية معينة للنقص الواجب توفره لتكون العاهة المستديمة ، فيكفي لسلامة الحكم أن يثبت أن منفعة أحد الأعضاء أو وظيفته قد فقدت ولو فقدان جزئيا بصفة مستديمة.
5- و نص المادة 264 في فقرتها الثالثة على أمثلة لما يعتبر عاهة مستديمة وهي : بتر أحد الأعضاء ، الحرمان من استعمال احد الأعضاء، فقد البصر، فقد ابصار إحدى العينين.
و في القضاء المصري أمثلة للعاهة المستديمة، نذكر منها: ضعف بصر إحدى العينين، و فصل الذراع، و فقد جزء من فائدة الذراع بصفة دائمة، و خلع التف و تخلف عسر مستديم في حركته، و فقد سلامية من أحد أصابع اليد، و عدم إمكان ثني إصبع اليد، و تقصير الفخذ، و عدم إمكان انطباق الفك العلوي على الفك السفلي تماما بسبب إصابة الفك السلفي بكسر التحم التحاما معيبا، و العسر في الحركات العنق من رفع أو خفض أو التفات يمين أو شمالا، و اختلال علاقة مركز الكلام بالذاكرة بسبب إصابة في الرأس، إذ يجعل المصاب أقل مقاومة للإصابات الخارجية و التغيرات الجوية و يعرضه لإصابات المخ كالصرع و الجنون و خراجان المخ و يقلل من كفاءته للعمل .
كما حكم بأن فصل صوان الأذن بأكمله يعد عاهة مستديمة بصرف النظر عما يلتحق حاسة السمع من ضعف، و حكم بأن استئصال طحال المجني كلية بعد ت؟؟؟؟ من ضربة أحدثها المتهم بعد عاهة مستديمة و كذلك الإعاقة في حركة ثني الإصبع الوسطى للكف الأيسر ؟؟ يقلل من كفاءة المصاب على العمل بحوالي 33%
و قضي بالمقابل بأنه لا يعد عاهة مستديمة فقد جزء من صوان الآذن كزوال الثلث العلوي أو فقد حلمة الآذن مع جزء صغير من الحافة الخلفية للصوان لأن العضو باق و يؤدي وظيفته.
و حكم بأن كسر الأسنان أو فقدها لا يعد عاهة مستديمة ، لأن الأسنان ليست من أعضاء الجسم فقدها لا يقلل من منفعة الفم بطريقة دائمة لغم كان أن يستبدل بها أسنان صناعية تؤدي وظيفتها .
و يشترط لقيام الجريمة وجود علاقة سببية بين الضرب والعاهة، و لكن لا يشترك القانون لأن يكون الجاني قد نوى إحداثها، و إنما يشترط فقد ان يكون قد تعمد الضرب الذي نشأت عنه عاهة فيحاسب عليها على أساس أنها من النتائج المحتملة لفعل الضرب الذي تعمده.
العقوبة :
-1المبدأ : جناية (المادة 264/3ق.ع.ح): و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات.
2- جناية مشددة: إذا كانت:
– مع سبق الإصرار و الترصد (المادة 265): و عقوبتها من 10 إلى 20 سنة سجنا .
– الضحية من الاصول المادة 267/3 ق ع ج و عقوبتها من 10 الى 20 سنة سجنا
– الضحية من الأصول مع توافر سبق الإصرار أو الترصد (المادة 267 الفقرة الأخيرة): و عقوبتها السجن المؤبد.
– الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة( المادة 271/1) : و عقوبتها من 10 إلى 20 سنة سجنا.
– – الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة و الجاني من الأصول أو ممن لهم سلطة على الضحية أو يتولى رعايتها (المادة 272/3): و عقوبتها السجن المؤبد .
ملاحظة :
بالنسبة للخصاء (castration) هو الفعل المنصوص و المعاقب عليه في المادة 274 ف.ع، و يقصد به استئصال أو قطع أو بتر عضو ضروري للفعل الجنسي (النسل)، أي كان ذلك العضو .
لا يميز القانون بين المرأة و الرجل، غير أنه من الصعب تحقيق استئصال المبيض لأنه يستوجب إجراء عملية داخلية.
و من ناحية أخرى، تتطلب هذه الجريمة توافر فيه حرمان المجني عليه من إمكانية الإنجاب.
تعاقب المادة 274 على ارتكاب الخصاء بالسجن المؤيد، و ترفع هذه العقوبات إلى الإعدام إذا أدى الفعل إلى الوفاة.
المطلب الثاني :
ب- مرض أو عجز عن العمل لمدة تقل عن 15 يوم :
1- المبدأ : مخالفة (المادة 442-1) و عقوبتها : الحبس من 10 أيام إلى شهرين و غرامة من 100 إلى 1000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين .
2- الاستثناء : تكون جنحة إذا كانت :
مع سبق الإصرار أو الترصد أو حمل سلاح (أو استعمال السلاح) (المادة 266 قانون العقوبات)، و عقوبتها الحبس من شهرين إلى 5 سنوات و الغرامة من 500 إلى 10.000 دج.
و لا يقتصر مفهوم السلاح على السلاح بطبيعته مثل السلاح النازي أو السلاح الأبيض بل يشمل أيضا السلاح بالاستعمال مثل العصا و السكين و الحجر و لا يشترط استعمال السلاح بل يكفي حمله.
الضحية أحد الوالدين أو من الأصول الشرعيين (المادة 267-1) :
و عقوبتها الحبس من 5 إلى 10 سنوات.
الضحية و قاصر لا يتجاوز 16 سنة (المادة 269 قانون عقوبات) : و عقوبتها الحبس من سنة إلى 5 سنوات و الغرامة من 500 إلى 5.000 دج.
و تشدد العقوبات إذا كان الجاني من الأصول أو ممن لهم سلطة عليه أو يتولون رعايته (المادة 272 ق.ع) لتصبح الحبس من 3 إلى 10 سنوات و الغرامة من 500 إلى 6000 دج.
المطلب الثالث :
جـ- حرض أو عجز عن العمل لمدة تفوق 15 يوم :
1- المبدأ : جنحة ( المادة 264/1 ق ع) : و عقوبتها الحبس من شهرين إلى خمس سنوات و غرامة من 500 إلى 10.000 دج.
2- جنحة مشددة : إذا كانت
الضحية من الأصول الشرعيين (المادة 267/2) : و عقوبتها : الحبس من 3 إلى 10 سنوات
– الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة المادة 267 /1 وعقوبتها الحبس من 3 الى 10 سنوات و غرامة من 500 الى 6000د ج
3- الاستثناء جنائية : إذا كانت :
– مع سبق الاصرار و الترصد (المادة 265) : و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات.
– الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة و الجاني أحد الأصول أو ممن لهم سلطة عليها أو يتولون رعايتها (المادة 272/2 ق.ع) و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات.
– الضحية من الأصول مع توافر سبق الإصرار أو الترصد (المادة 267 الفقرة قبل الأخيرة)، و عقوبتها السجن منه 10 إلى 20 سنة .
المبحث الثاني : الظروف المشددة المتعلقة بظروف التي وافقت الجريمة
المطلب الأول : سبق الإصرار و الترصد
1-سبق الإصرار :
تعريفه : يعتبر يبق الإصرار من الظروف المشددة في كافة جرائم الاعتداء العمدي التي تقع على سلامة لجسم بوجه عام، إن الإصرار هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معيّن وجده أو صادفه، سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط.
عناصره : يقوم سق الإصرار على عنصرين اثنين لا غير له أحدهما، و هما طبق للسائد في الفقه و المستقر من أحكام القضاء.
1- العنصر الزمني .
2- العنصر النفسي .
و يعني الزمني أن يكون التفكير في ارتكاب الجريمة سابقا الإقدام عليها، إذ يجب أن يمر على التصميم على ارتكاب الفعل فترة من الزمن طالت أم قصرت قبل الإقدام عليه.
أما العنصر النفسي فينبغي أن يكون الجاني قد أقدم على تنفيذ جريمة بعد أعمال الفكر الهادئ و التروي قبل التنفيذ بحيث يتاح له أن يقلب الأمر على وجوهه المختلفة.
أما إذا أقدم الجاني على تنفيذ الجريمة متجها إليه مباشرة دون أن يكون هناك ثمة فاصل زمني بين اعتزامه ارتكاب الجريمة و قيامه باقترافها بالفعل فإن ذلك يدل على عدم أعمال الذكر كلية فضلا عن انتقاء الرواية و تقليب الأمر اللذان يسبقان التصميم لسابق على التنفيذ مما ينفي قيام سبق الإصرار عليها.
علة تشديد العقاب : جعلت التشريعات المختلفة من طرف سبق الإصرار ظرف مشدد للعقدية و ذلك لما لهذا الظرف من أهمية بالغة في الكشف عن شخصية الجاني الذي يقدم على ارتكاب الجريمة بعج أعمال الفكر الهادئ فيها حيث تباح له أثناء ذلك العالم بمخاطرها و مدى ما تسفر عنه من عواقب فيقوم على الرغم من ذلك بالأقدام عليها و هو بهذه الكيفية يعد اكثر خطرا ممن صمم على جريمة و تفذها تحت تأثير انفعالات قوية حرمته هذا التقدير فلم يدرك ما تنطوي عليه الجريمة من أضرار و مخاطر.
إذ يعد سبق الاصرار وصف للقصد يستمد عناصره من عناصر القصد و مكوناته كما تقوم في جوهرها بما يقوم به القصد و ينتفي بما ينتفي به و هو بهذا المعني لا ينتقي بالغلط في شخصية المجني عليه.
أو الخطأ توجيه الفعل إليه و لا ينتقي كذلك سبق الاصرار إذا كان قصد الجاني غير محدد، فمن يصمم قتل أي شخص تسوقه الظروف أمامه و ذلك اخلالا بحالة المن أو بغرض بث الرعب أو للإعلان عن منظمة إرهابية أو منيقوم باختطاف طائرة و يقوم بقتل أحد المحتجزين لاثبات جدية التهديد و لارغام السلطات على الادعان لمطالبة يتوافر به سبق الاصرار على ارتكاب الجريمة.
سبق الاصرار و تعدد الجناة :
سبق الاصرار الشخصية التي إذا قامت بأحد الجناة فليس يلازم ان تتعداه بقية الساهمين في الجريمة من لا يتوافر لديهم هذا الظرف، إلا أنه إذا توافر الاتفاق بين المساهمين على ارتكاب الجريمة كان ذلك دليلا على توافر سبق الاصرار لديهم جميعا لأن الاتفاق ينتقي تغلب الأمر و مناقشة و الخروج إلى حيز تنفيذه مما يعني التصميم عليه.
إثبات سبق الإصرار :
يتضح سبق الإصرار لذات القواعد التي يخضع لها الجاني من حيث الإثبات فهو يعد تبعا لذلك من المسائل الموضوعية التي يرجع تقديرها إلى قاضي الموضوع.
2-الترصد :
تعريفه :
و يعني الترصد قيام الجاني بالترصد للمجني عليه في مكان أو عدة أماكن غيرها و إعتقد بتناسبها لتنفيذ الجريمة في غفلة من المجني عليه، و الترصد علاوة على كونه ظرف مشدد في جرائد القتل و جرائم الاعتداء على سلامة الجسم يعد ظرف متعلقا بماديات الجريمة فهو ظرف عيني يتعلق، كيفية تنفيذ الجريمة و بالمكان الذي تمت فيه التنفيذ و مباغتته من حيث لا يتوقع.
عنصر الترصد :
و يتكون الترصد من عنصرين الأول زمني و يعني مرور مدة من الزمن بين حدوث الترصد و بين ارتكاب الجريمة و ذلك حتى يمكن القول بتحقق الترصد، إما العنصر الثاني فهو عنصر مكاني أو مادي يتعلق بمكان ارتكاب الجريمة و ذلك حتى القول بتحقق الترصد، إما العنصر الثاني فهو عنصر مكاني أو مادي يتعلق بمكان ارتكاب الجريمة و طريقة ارتكابها و لا أهمية لما إذا كان الجاني قد اختبأ في هذا المكان أم ظهر سافرا فيه.
علة تشديد العقاب عليه :
يرجع السبب في تشديد العقاب عند توافر عناصر الترصد على أن قيام الجاني بالنتج يحقق له اختيار أفضل السبل التنفيذ الجريمة كما ينتج له فرصة الفتك بصحية دون أن يترك لهذه الضحية فرصة لمواجهة و الدفاع عن نفسه كما انه يدل على نفس آثمة قامت بالتخطيط و التدبير و اختارت زمان الجريمة و مكانها و الوسيلة المناسبة لتنفيذها مما يدل على مدى الخطورة التي يتسم بها الجاني هذا فضلا عن مفاجأته الاعتداء من حيث لا ينتظر،و يعتبر أن يكون مستعددا لعلاقاته.
العلاقة بين سبق الإصرار و الترصد :
يختلف ظرف الترصد عن سبق الاصرار اختلافا يتعلق كل منها إذ يعد الترصد ظرفا عينيا يتعلق بمكان ارتكاب الجريمة و كيفية تنفيذها و هذا بهذا المعني إذا توافر في الجريمة طبق على جميع المساهمين فيها و توافر في حقهم جميعا. أما ظرف سبق الاصرار فهو ظرف شخصي يتعلق بقصد الجاني و هو بهذا المعني لا ينطبق إلا على من توافر لديه هذا القصد من المساهمين في الجريمة.
الأثر القانوني للترصد :
الترصد ظرف عيني يلحق أثره إذا توافر في الجريمة بكل ساهم في الجريمة لا فرق بين فاعل و شريك فيها و سواء علم به أم لم يعلم كأن يتواعد الجناة في مكان و زمان معين على تنفيذ الجريمة دون أن يعلم أحدهم أو بعضهم انه مكان و زمان علاقات المجني عليه حيث اعتاد المرور و يقدمون بتقيد الجريمة.
كما أن الترصد لا علاقة له بالأوصاف التي تعرض للقصد الجنائي لأنه ظرف مستقل.
نطاق التشديد في حالة اقتران فعل الاعتداء بسبق الإصرار أو الترصد :
إذا قترن الفعل بالتعدي على سلامة الجسم بأي من ظرفي سبق الإصرار أو الترصد فإنه يشدد من قدر العقوبة المحددة له و ذلك على النحو التالي :
يكون التشديد في حالة الضرب و الجرح إذا ترتب عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على (25) يوما فان التشديد يكون برفع نطاق العقوبة.
كما يكون التشديد في حالة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة فيكون برفع العقوبة.
(سبق الإصرار و الترصد ظرف مشدد، يزيد من شدة العقوبة في الحالات البسيطة).
المطلب الثاني :
استعمال أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى :
يعد استعمال الأسلحة أو العصي أو آلات و الأدوات الأخرى من الظروف المشددة العامة في جرائم الضرب و الجرح البسيط و كذلك في جرائم الضرب الذي يترتب عليه عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على 15 يوما.
حيث تشدد العقوبة المقررة لكل جريمة إذا اقتربت باستعمال الأسلحة أو العصى أو لآلات و الأدوات الأخرى إلى الحبس في حده العام و هو ثلاث سنوات و ذلك لما يشكله استعمال هذه الأسلحة من خطورة في أفعال الجرح و الضرب و يزيد من قدر جسامتها فضلا عما تكشف عنه من خطورة شخص مرتكبها.
مدلول استعمال الأسلحة أو العصي أو الآلات و الأدوات الأخرى :
عدد الشرع الأدوات السابقة المثال لا الحصر لأن المعني في ذلك ليس السلاح بذات و إنما مدى ما يحدثه الاستعانة من خطورة إذا ما استعمل في الاعتداء فأي آلة سواء كانت معدة من حيث الأصل لإهمال الاعتداء أو لم تكن معدة لذلك و إنما تم الاستعانة بها في هذه الأعمال تصلح أن تكون أداة طبقا المعني للقانون الذي يكفي لأن يتحقق به قصد المشرع و يزيد من قدر العقوبة المقدرة للجريمة.
و العبرة في هذا المجال أن تكون الجاني قد استعان بأداة في فعل الاعتداء أيا كانت هذه الأداة حيث يعد هذا الشرط متوافر و لو استعمل الجاني في الحجارة في قذف المجني عليه، و إن يكون من شأن هذه الأداة زيادة مقدرة الجاني على الاعتداء فإذا لم يكن للأداة هذا الأثر انتقى قيام شرط التسديد و هو الخطورة التي يبعثها استعمال الأسلحة أو العصى أو الآلات لدى استخدامها في أفعال الاعتداء كأن يقوم شخص بالاعتداء و على آخر مستعملا أجزاء من الورق المقوي أو قاذفا إياه ببعض ثمار الفاكهة فلا يحدث منها إصابته بإصابات جسيمة.
المبحث الثالث : الظروف المتعلقة بصفة المجني عليه (الضحية) و الظروف المتعلقة بصفة الجاني .
I- الظروف المتعلقة بصفة المجني عليه :
المطلب الأول :
1. موظف أثناء تأدية مهامه (المادة 148 من قانون العقوبات الجزائري) :
لقد اعتبر المشرع الجزائري ظرفا مشددا إذا تعلق الأمر بالضرب أو الجرح و كل أعمال العنف أو القوة التي تقع على القضاة أو أحد الموظفين أو القواد أو رجال القوة العمومية أو الضباط العموميين في مباشرة أعمال وظائفهم أو المناسبة مبتشرتها، وحدد نوع العقوبة المسلطة على المعتدي و هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات.
لقد شدد العقوبات عليه أكثر إذا نتج عن هذا التعدي إسالة دماء أو جرح أو مرض، أو وقع عن سبق إصرار أو ترصد سواء ضد أحد القضاة او الأعضاء المحلفين في جلسة محكمة أو مجلس قضائي و العقوبة هي السجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات.
و إذا كان العنف قد أدى إلى تشويه أو بتر أحد الأعضاء أو عجز عن استعماله أو فقد النظر أو فقد اصار إحدى العينين أو أية عاهة مستديمة فستكون العقوبة أشد من المذكورتين آنفا و هي السجن المؤقت من عشر سنوات على عشرين سنة.
التعدي على أحد الأصول : كما بين المشرع الجزائري جريمة الضرب و الجرح التي تقع على أحد الأصول كالأب أو الأم مثلا و شدد العقوبة بالنسبة لكل الحالات المذكورة في المادة 267 من قانون العقوبات الجزائري و ذلك في كل الفقرات الأربع.
* إذا نتج عن الضرب أو الجرح مرض أو عجز كلي عن العمل يفوق 15 يوما.
* إذ تعتبر جنحة من حيث المبدأ (المادة 264/1) و عقوبتها الحبس من شهرين إلى خمس سنوات و غرامة من 500 على 10.000 دج .
و تكون جنحة مشددة إذا كانت الضحية (المجني عليه) من الأصول الشرعيين (المادة 267 الفقرة قبل الأخيرة) و عقوبتها السجن من 10 إلى 20 سنة .
* إذا نتج عن الضرب أو الجرح عاهة مستديمة :
إذا كان الضحية من الأصول (المادة 267/3) تشدد العقوبة من 10 سنوات إلى 20 سنة سجنا.
إذا كان الضحية من الأصول مع توافر سبق الإصرار أو الترصد (المادة 267 الفقرة الأخيرة ) و عقوبتها السجن المؤبد.
* إذا نتج عن الضرب أو الجرح وفاة دون قصد أحداثها :من حيث المبدأ هي جناية (المادة 264/4) و عقوبتها السجن من 10 إلى 20 سنة و تكون جناية مشددة إذا كان الضحية من الأصول (المادة 267/4) و عقوبتها السجن المؤبد .
المطلب الثالث :
3- القصر الأقل من 16 سنة (المادة 269 من قانون العقوبات الجزائري) :
لقد اعتبر المشرع الجزائري كذلك ظرفا مشددا لجريمة الضرب و الجرح إذا تعلق المر بصفة المجني عليه كونه أقل من 16 سنة و ذلك في المادة 269 من قانون العقوبات الجزائري بالنسبة لكل الحالات المذكورة و من ذلك نتوج مرض أو عدم القدرة على الحركة أو عجز كلي عن العمل لاكثر من 15 يوما، أو وجد سبق الإصرار، او ترصد، فقد أوبتر أحد الأعضاء أو الحرمان من استعماله أو فقد البصر أو فقد أبصار إحدى العينين أو أية عاهة مستديمة أخرى، نتوج عن ذلك وفاة بدون قصد احاثها أو بالقصد، أو تكون من قبل أحد الأصوليين الشرعيين أو أي شخص آخر سلطة على الطفل أو يتولى رعايته مع كل الحالات المذكورة سابقا.
· إذا لم ينتج عن الضرب و الجرح او عجز كلي لمدة تفوق 15 يوم.
إذ تعتبر مخالفة من حيث المبدأ (المادة 442/1) و عقوبتها الحبس من 10 أيام إلى شهرين و غرامة من 100 على 1000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين.
إما إذا تعلق المر بقاصر لا يتجاوز 16 سنة (المادة 269) فتشدد العقوبة من سنة إلى 5 سنوات و الغرامة من 500 إلى 5000 دج.
· إذا نتج عن الضرب و الجرح مرض أو عجز كلي لمدة تفوق 15 يوما فهي جنحة من حيث المبدأ (المبدا 264/1) و عقوبتها الحبس من شهرين إلى خمس سنوات و غرامة من 500 إلى 10000 دج.
· إذا نتج عن الضرب و الجرح مرض أو عجز كلي لمدة تفوق 15 يوما.
فهي جنحة من حيث المبدأ (المادة 264/1) و عقوبتها الحبس من شهرين على خمس سنوات و غرامة من 500 على 10000 دج.
و تكون جنحة مشددة إذا تعلق المر بقاصر (الضحية) لم يتجاوز 16 سنة (المادة 270/1) و عقوبتها الحبس من 3 إلى 10 سنوات و غرامة من 500 إلى 6000 دج .
و تكون جناية إذا كان الضحية قاصر أقل من 16 سنة و الجاني احد الأصول أو ممن له سلطة عليها أو يتولون رعايتها ( المادة 272/2) و عقوبتها السجن من 05 إلى 10 سنوات .
· إذا نتج عن الضرب و جرح عاهة مستديمة :
من حيث المبدأ هي جناية (المادة 264/3) و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات و هي جناية مشددة إلى تعلق الأمر بقاصر لم يتجاوز 16 سنة ( المادة 271/1) (الضحية) و عقوبتها السجن من 10 إلى 20 سنة .
و إذا كان الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة و الجاني من الأصول أو ممن لهم سلطة على الضحية أو يتولى رعايتها (للمادة 272/3) و عقوبتها السجن المؤبد
· إذا نتج عن الضرب و الجروح وفاة دون قصد إحداثها:
من حيث المبدأ هي جناية (المادة 264/4) و عقوبتها السجن من 10 إلى 20 سنة و تعتبر جناية مشددة إذا كانت الضحية قاصر لم يتجاوز 16 سنة مع ظرف الاعتياد (المادة 271/3) و عقوبتها السجن المؤبد.
وإذا كانت الضحية قاصرا لم يتجاوز 16 سنة و الجاني من الأصول أو ممن لهم سلطة عليها أو يتولى رعايتها ( المادة 272/4) و عقوبتها الإعدام .
II الظروف المتعلقة بصفة الجاني :
المطلب الأول :
1- موظف أثناء تأدية مهامه ( المادة 143 من قاانون العقوبات الجزائري ):
لم يحدد المشرع الجزائري نوع الاعتداء أو الجريمة التي يقوم بها أحد الموظفين أثناء تأدية مهامهم، بل حدد العقوبات في الجنايات و الجنح التي يرتكبونها المواظفون أو القائمون بوظائف عمومية أو مساهمتهم في جنايات و جنح مما يكلفون بمراقبتها أو ؟؟؟ظ
المطلب الثاني
2-التعذيب و الأعمال الوحشية : Torturesetactes de cruaute
يعد التعذيب و الأعمال الوحشية في التشريع الجزائري من الظروف المشددة لبعض الجرائم .
و نظرا الانتشار هذه الأفعال على المستوى الدولي لجأت المجموعة الدولية إلى ابرام معاهدات تجريبيا، نذكر منها اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية أو اللانسانية أو المهنية الكمعتمدة في 10-12-1984 و التي صادقت عليها الجزائر في 16-05-1989.
و لكن إلى يومنا لم تجرم هذه الأفعال تجريما شاملا في شريعتنا الوطني حيث تم حصر التجريم في التعذيب الذي يمارسه أو يأمر بممارسته موظف او مستخدم للحصول على إقرارات (المادة 110 مكرر ق.ع) ، في حين جرمت هذه الأفعال في القانون الفرنسي إثر إصلاح قانون العقوبات في سنة 1992.
أ-أركان الجريمة :
لم يعرف قانون العقوبات الجزائري التعذيب و الأعمال الوحشية، وهو نفس المنهج الذي سلكه المشرع الفرنسي تاركا للقضاء تحديد هذه الأعمال و المتفق عليه فقها أنه من الصعب التمييز بين التعذيب و الأعمال الوحشية .
و بالرجوع إلى اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب نجدها تعرف التعذيب في المادة الأولى منها كالآتي :” يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج منه ألم أو عناء شديد، جسديا كان أو عقليا ، يتم إلحاقه عمدا بشخص ما بفعل أحد الموظفين العموميين ، أو بتحريض منه، لأغراض مثل الحصول من هذا الشخص أو من شخص آخر على معلومات أو اعتراف، أو معاقبة على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتنكبه أو تخويفه أو تخويف أشخاص آخرين و لا يشتمل التعذيب إلا لم أو العناء الذي يكون ناشئا عن مجرد جزاءات مشروعة أو ملازما لها أو مترتبا عليها ، في حدود تمشي ذلك مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ، و من هذا التعريف نستخلص أركان الجريمة :
1- الركن المادي : يتمثل في ارتكاب عمل يسبب للضحية ألما شديدا ، و في القضاء الفرنسي أمثلة عن هذه الأفعال الشنيعة .
– الجاني الذي يقوم يشطب وجه الضحية و يديها و مفصلي اليد بسكين بعد أن أشبعها ضربا باللكمات .
– الزوج الذي كمم زوجته و عراصا وربطها ثم قام بجلدها ووضع على ثديها كلابة الأقمشة و شطب مختلفا جزاء جسمها سركين .
– الجناة الذين قاموا، بغرض السطو على بنيتها، بتكميم عجوز وربطها في سريرها ثم أشبعوها ضربا ضربا باللكمات و ختموا هذه الأعمال البشعة بايلاج جسم في فرجها.
– الجناة الذين قاموا بضرب المجني عليها بسوط على رجليها خلال 5 ساعات و أشربوها كمية كبير من الماء المالح و مسكوا عنق و ضغطوا عليها ثم أدخلوا خشف في فمها .
– يطرح التساؤل حول ما إذا كان التعذيب المعنوي يدخل في عداد التعذيب المعاقب عليها ، و الجواب : نعم ، بالرجوع إلى المادة الاولى من المعاهدة الدولية سالفة الذكر .
– كما يمكن وصف قطع عضو تعذيبا إذا كان للجاني ” العقلية المميزة” لهذه الجريمة، حسب عبارة الفقيهين جان براديلا و ميشالو أنتي جوان .
2- الركن المعنوي : جريمة التعديب و الأعمال الوحشية جريمة عمدية تتطلب توافر القصد العام و القصد الخاص معا. و يتمثل القصد الخاص في ان تكون للجاني إرادة خاصة في ايلام الضحية و التسبب لها في عناء شديد، و هذا يتطلب أن تكون للجاني عقلية خاصة لاحداث ذلك، و قد عبر عنها الفقيهات جان براديل و وميشال دانتي جوان بـ : Etat d’esprit
فإن انتفت هذه النية المحددة، و هي القصد الخاص تنتهي جريمة التعذيب و يكون الفعل عملا من أعمال العنف.
و على هذا الأساس جرى الفضاء الفرنسي على متابعة مرتكبي ختان الإناث (Excision) من أجل بترء ضوء و ليس التعذيب، و ذلك لكون الجاني هنا لا يقوم بفعله من اجل، يلام الضحية و إنما إرضاء لعادات قديمة.
و لا يهم الباعث على ارتكاب الجريمة،فسواء كان إغرام الضحية على الإشفاء بواقعة أو القيام بعمل أو كان مجرد شر و ا انحراف و فساد
و هكذا قضي في فرنسا بقيام جريمة التعذيب في حق من أتى بأعمال نتج عنها ألم و عناء شديد حسدي مدعيا اناما قام به من أعمال لا تستهدف المجني عليه و إنما الشيطان الذي يسكنه .
يثار التساؤل ، في هذا الصدد، حول ما إذا كانت أعمال العنف التي يأتيها الراق بمناسبة حصة رقية تعد تعذيبا إذا نتج عنها ألم و عناء شديد جسدي.
نميل على القول بعدم قيام جريمة التعذيب لانعدام القصد الجنائي الخاص اعتبار على كون الجاني لا يقوم بفعله من اجل إيلام الضحية و إنما إرضاء للعادة .
المتابعة والجزاء:
1- المتابعة : لا يتضمن القانون الجزائري أي حكم مميز يخض متابعة جرائم التعذيب ، في حين تضمنت الاتفاقية للتعذيب إجراءات مميزة في باب المتابعة .
و هكذا أنصت المادة 5-2 من الاتفاقية المذكورة على الاختصاص الشامل للجهات القضائية لمتابعة و مقاضاة مرتكبي جرائم التعذيب، لو ارتكبوها خارج البلد الذي ضبطوا فيه.
و على ذا الأساس نصت المادة 689-1 قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي على اختصاص الجهات القضائية الفرنسية لمتابعة و مقاضاة مرتكبي جرائم التعذيب ولو ارتكبوها خارج التراب الفرنسي متى كانوا على التراب الفرنسي .
2- الجزاء : إذا كان المشرع الجزائري قد جرم التعذيب في الصورة التي يمارسه موظف أو مستخدم أو بأمر بممارسة فإن الجزاء المقرر له لا يراقي على درجة الخطورة التي يكسبها هذا العمل ، إذا تعاقب المادة 110 مكرر قانون العقوبات الجزائري على مثل هذا الفعل بالحبس من 06 أشهر على 03 سنوات فقط، أي أن الفعل يشكل جنحة بسيطة .
و من جهة أخرى ، اخذ المشرع بالتعذيب ظرفا فشد البعض الجنايات وهي :
استعمال التعذيب أو ارتكاب الأعمال الوحشية في تنفيذ جناية _202( : يتعرض لعقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار و ترصد، أي عقوبة الإعدام، كل مجرم استعمل التعذيب أو ارتكب أعمالا و حشية في تنفيذ جنايته .
و لا يشترط ان تكون الجناية المرتكبة من الجنايات ضد الأشخاص، فقد تكون من جنايات انتهاك الآداب أو من الجنايات ضد الأموال
استعمال التعذيب الجسدي ضد شخص مخطوف (المادة 293 مكرر) و عقوبتها الإعدام.
و يلاحظ على المشرع لجزائري أنه يكاد يحصر التعذيب في ما يصدر من أعمال وحشية عن المجرمين من عامة الناس، في حين حصرت الاتفاقية الدولية المناهضة للتعذيب أعمال التعذيب المجرمة في ما يصدر من أعمال وحشية عن الموظفين العموميين.
المطلب الثالث :
3- أصول الطفل الأقل من 16 سنة (المادة 272 من قانون العقوبات الجزائري) :
* إذا نتج الضرب و الجرح مرض أو عجز كلي عن مدة لا تزيد 15 يوما. إذا كان الجاني من أصول الطفل الأقل من 16 سنة، أو ممن لهم سلطة عليه أو يتولون رعايته (المادة 272) عقوبتها الحبس من 3 إلى 10 سنوات و الغرامة من 500 إلى 600 دج.
· إذا نتج الضرب أو عجز كلي عن العمل يفوق 15 يوم.
إذا كان الجاني من أصول الطفل الأقل من 16 سنة، أو ممن له سلطة عليه أو يتولون رعايته (المادة 272/2) و عقوبتها السجن من 5 إلى 10 سنوات .
· إذا نتج عن الضرب و الجرح عاهة مستديمة :
إذا كان الجاني أحد أصول الطفل الأقل من 16 سنة، أو ممن لهم سلطة عليه أو يتولى رعايته (المادة 272/3) و عقوبتها السجن المؤبد .
· إذا نتج عن الضرب و الجرح وفاة دون قصد :
إذا كان الجاني أحد أصول الأقل من 16 سنة، أو ممن لهم سلطة عليه أو يتولى رعايته (المادة 272/4) و عقوبتها الإعدام.
بحث قانوني متميز حول الظروف المشددة في قانون العقوبات الجزائري