دراسة وبحث قانوني قيم عن مفهوم الطعن الموازي
مقدمة :
إن دعوى الإلغاء باعتبارها دعوى قضائية تخضع في تحريكها وتطبيقها إلى شروط قانونية لقبولها , فهكذا لا يمكن أن يقبل القاضي المختص بدعوى تجاوز حد السلطة بعملية النظر أو الفصل فيها ما لم تتوافر الشروط المقررة لقبولها , وتعني دعوى تجاوز حد السلطة (دعوى الإلغاء) إلغاء القرارات الإدارية الغير مشروعة لتوافر إحدى الأسباب القانونية أو القضائية التي تبرر هذا الإلغاء .
ومن هذه الشروط ما يتعلـّق بالقرار المطعون فيه (أن يكون إدارياً ونهائياً)
ومنها ما يتعلق بالمصلحة_ ذات المفهوم الواسع والشامل_ فإنها وإن كانت كذلك إلا أنها شرط واجب بصريح نص القانون , وهذا ما أكدت عليه المادة /12/ من القانون /55/ لسنة 1959 (قانون مجلس الدولة السوري) وكذلك نص المادة /106/ من مرسوم شورى الدولة اللبناني، وهذه هي القاعدة المستقرة في اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي (من ذلك حكمه الصادر في 16/11/1962 وحكمه في 12/12/1969 ) مع الإشارة إلى دور الاجتهاد القضائي في توسيع مدلولها.
فلا يشترط أن تكون حقـّاً بالمعنى الدقيق للمصطلح وإنما يكتفي بالمصلحة الشخصية والمباشرة ليتمكن المدعي من ولوج باب قضاء الإلغاء .
ومن الشروط المتطلبة أيضاً لقبول دعوى الإلغاء ما يتعلق بالمهل أو الميعاد , فقد حرص المشرع الإداري على أن يقـّيد دعوى الإلغاء بنطاق ضيق فيما يتعلق بالأصل الذي حدده من أجل تقديمها وهي ـ أي المدة ـ ستون يوماً من تاريخ نشر القرار المطعون فيه أو تبليغه لصاحب الشأن
(م22/ من قانون مجلس الدولة السوري ) .
وفي مصر جاء النص على ميعاد دعوى الإبطال (أو الإلغاء ) في المادة/24/ من قانون 1972 وقد حددته بـ ستون يوماً أيضاً من تاريخ النشر أو التبليغ .
أما في لبنان فالمادة /69/ من مرسوم شورى الدولة فقد حددت مهلة المراجعة بشهرين من تاريخ النشر (للقرارات التنظيمية) أو من تاريخ التبليغ أو التنفيذ للقرارات الفردية .
وما يهم في هذا السياق هو شرط انتفاء الطعن الموازي كشرط من شروط قبول دعوى الإلغاء _أو الإبطال_ لتجاوز حد السلطة .
وهذا ما ستعالجه فيما يلي بالتفصيل وذلك بعد أن نلقي نظرة سريعة على ظروف نشأة دعوى الإلغاء من المهد باعتبار أنها من ابتداع مجلس الدولة الفرنسي .
تطور اختصاصات مجلس الدولة الفرنسي
إذا كان من المسلم به الآن أن مجلس الدولة الفرنسي هو القاضي العام لجميع المنازعات التي تخص الإدارة ورغم التوسع الكبير لاختصاصات مجلس الدولة و -القضاء الإداري عموماً- في الوقت الراهن ، فإن الوضع لم يكن كذلك فيما مضى . قبل قيام الثورة الفرنسية 1789 كانت المحاكم القضائية (البرلمانات) تتعسف في استخدام صلاحياتها وتتعنت في مواقفها ضد الإدارة ، فقد كانت هذه البرلمانات تعرقل نشاط الإدارة وتقف في وجه كل إصلاح ، وكانت تستدعي رجال الإدارة أمامها وتناقشهم في تصرفاتهم وتلجأ في ذلك إلى عدة وسائل منها أن البرلمانات كانت مختصة بتسجيل الأوامر والقرارات التي تصدر عن الحكومة ، وفي حال رفض تسجيلها يتعذر على الحكومة تطبيق هذه الأوامر مهما طالت المدة ، وكانت الوسيلة الوحيدة لإجبار البرلمانات على تسجيل أوامر الحكومة هو حضور الملك شخصياً إلى البرلمان .
وقد نجم عن هذا الوضع إقدام رجال الثورة الفرنسية على اتخاذ موقف حاسم ضد هذه البرلمانات ( المحاكم ) ووضع نهاية لعبثها وتدخلها في شؤون الإدارة، فأصدرت الجمعية التأسيسية القانون رقم /16/ تاريخ 24 آب 1790 ونصت المادة 13 منه على مايلــــي :
(إن الوظائف القضائية مستقلة وستبقى دوماً مستقلة عن الوظائف الإدارية ، فليس للقضاة ،تحت طائلة الإجرام، أن يعرقلوا بأي شكل كان ،أعمال الهيئات الإدارية ولا أن يدعو رجال الإدارة للمثول أمامهم لمقاضاتهم بسبب قيامهم بوظائفهم .
وبهذا النص أقرت الجمعية التأسيسية ،بالإضافة إلى مبدأ فصل السلطات، نظرية فصل الهيئتين القضائية و الإدارية ، ومنعت القضاء من التدخل في أي شأن من شؤون الإدارة أو التعقيب على تصرفاتها بأي شكل.
أدى الوضع السابق إلى جعل الإدارة العاملة هي المختصة في نظر المنازعات التي تنشأ بينها وبين الأفراد. وهذا ما أكده قانون صدر بتاريخ 14/10/1790 أسند الفصل في الدعاوي التي تكون الإدارة المركزية طرفاً فيها إلى الإدارة العاملة ممثله في رئيس الدولة و الوزراء، كلٌّ فيما يخصه ، كما صدر قانون آخر بتاريخ 11/9/1790 تضمن النص على أن يتولى حكام الأقاليم الفصل في القضايا التي تكون الإدارة المحلية طرفاً فيها .
إذاً كانت الإدارة في هذه الفترة من تاريخ فرنسا هي الخصم والحكم. وقد وصفت بأنها (إدارة قاضية) وكانت هذه المرحلة بمثابة خطوة أولى نحو نظام فضاء إداري مختص بمنازعات الإدارة عموماً .
طرأت عدة تعديلات على نظام الإدارة القاضية فيما بعد كان من شأنها أن تفصل الوظيفة القضائية عن وظيفة الإدارة العاملة ، لكن الاختصاصات التي خولت للمجالس الإقليمية لم تعدُ أن تكون مجرد اختصاصات توجيهية استشارية، في حين تقضي الوظيفة القضائية أن تستقل هذه المجلس في مزاولة الاختصاصات المسند إليها . ظل هذا النظام قائماً إلى عام 1872 ،حيث أصدر المشرع الفرنسي قانوناً حمل في نصوصه تحولاً هاماً في تطور القضاء الإداري الفرنسي ويمكن إجمال ما تضمنه بالنواحي التاليــة :
1- تقرير مبدأ نظام القضاء المفوض، وبحسب هذا النظام أو المفهوم يصدر مجلس الدولة أحكاماً قضائية نهائية ونافذة بمجرد صدورها .
2- تنظيم مجلس الدولة، فأصبح يشمل بالإضافة إلى القسم الاستشاري قسماً قضائياً مستقلاً تماماً عن الإدارة العاملة. وهكذا أصبح مجلس الدولة هيئة قضائية بالمعنى الدقيق يملك سلطة إصدار أحكام نهائية فيما يعرض عليه من منازعات .
3- إنشاء محكمة تنازع الاختصاص التي يقع على كاهلها مهمة الفصل في المنازعات التي قد تنشأ بين القضاء العادي والقضاء الإداري حول اختصاص كل منهما .
تجدر الإشارة هنا إلى أن مجلس الدولة منذ حكمه في قضية (cadof)
في تاريخ 13/12/1889، هجر فكرة اعتبار الإدارة العاملة قاضي القانون العام وذلك بقبوله دعوى أقامها الإفراد ابتداء أمام مجلس الدولة أي أن تعرض على الوزير المختص ليبدي رأيه فيها
وبذلك يكون مجلس الدولة الفرنسي قد تحول منذ عام 1889 من محكمة استئنافية إلى قاضي القانون العام صاحب الولاية العامة في جميع المنازعات الإدارية إلا ما استثني منه بنص صريح .
ومن أهم القضايا التي يختص بها مجلس الدولة الفرنسي كقضاء إداري :
أ) دعوى الإلغاء (قضاء الإلغاء) وهو القضاء الذي يهدف إلى إلغاء القرارات الإدارية المخالفة لمبدأ الشرعية، وتتميز تلك (دعاوى الإلغاء) بان سلطة القاضي الإداري فيها تقتصر على بحث مشروعية القرار الإداري ومدى اتفاقه مع قواعد القانون. أي لا تتعدى سلطة القاضي الإداري أكثر من إلغاء القرار غير المشروع .
فلا يستطيع القاضي أن يقوم بتحديد نطاق المركز القانوني للطاعن أو أن يقوم بسحب قرار الإدارة أو تعديله أو يصدر قراراً آخر محل القرار المعيب الذي أصدرته الإدارة .
ب) القضاء الكامل، وهذا النوع من القضاء لا يقتصر على إلغاء القرار المخالف لمبدأ المشروعية , بل يرتب على الوضع غير المشروع جميع نتائجه القانونية , فيمتد إلى تعديل القرارات الإدارية المعيبة أو استبدالها بغيرها, وكذلك الحكم بالتعويضات المختلفة . وإن هذا النوع من القضاء يمثل الخصومة الواقعة بين الإدارة و الأفراد المتضررين و هذا ما دعا بعض الفقهاء إلى تسمية هذا النوع من القضايا ب (قضاء التعويض).
ونشير إلى أنه توجد فروقات عديدة و هامة بين النوعين السابقين في الدعاوى(الإلغاء و التعويض) ليس هنا المجال لذكرها..
لكن ما يعنينا في هذا المقام هو دعوى الإلغاء من حيث موضوعها و شروط قبولها، ونذكر بأن دعوى الإلغاء تنتمي هذه المخالفة و حقوق الأفراد و هذا ما أوضحته المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكمها الصادر في 9/3/1957 حيث نص الحكم على :
(إذا كان من الثابت … أن الخصومة انصبت على طلب إلغاء قرار إداري موضوع الدعوى هو اختصام القرار الإداري بذاته, ووزنه بميزان القانون ,
ويكون حصيناً من الإلغاء إذا لم ينطوِ على عيب أو أكثر من تلك العيوب .
والخصومة عينية بالنسبة إلى القرار, بمعنى أن الحكم الصادر بالإلغاء يكون حجة على الكافة ..).
إذا ً دعوى الإلغاء تمثل الطريق القضائي لمراقبة مشروعية القرارات الإدارية. وهي الوسيلة الناجعة لتأمين احترام مبدأ سيادة القانون من قبل الحاكم و المحكوم على السواء. وكما أسلفنا عن دور مجلس الدولة الفرنسي و قضائه الإنشائي الخلاّق فإن دعوى الإلغاء – تجاوز حدّ السلطة – تعتبر من نتاج هذا القضاء الإبداعي المجلس الدولة الذي كان حتى عام 1934، ينظر دون سواه في مثل هذا النوع من الدعاوى, بينما كانت بقية هيئات القضاء الإداري لا تفصل إلا في دعاوى التعويض .
وحيث أن مجلس الدولة الفرنسي يعتبر قاضي القانون العام , فإن دعوى الإلغاء ،وفقاً لهذا المفهوم، تتصف أيضاً بأنها دعوى القانون العام لإلغاء القرارات الإدارية عموماً. وهذا يعني أن دعوى الإلغاء يمكن أن توجه إلى أي قرار إداري دون حاجة إلى نص صريح بها في القانون . و قد قرر مجلس الدولة حقه في النظر في الطعون المقدمة ضد قرارات عدّها المشرع غير قابلة للطعن, معتبراً أن هذا التعبير يتعلق بالطعون الأخرى و لا يعني دعوى الإلغاء.
والواقع إن دعوى الإلغاء لم تصبح ذات طبيعة قضائية إلا منذ عام 1872 عندما أصبح مجلس الدولة الفرنسي قضاءً مفوضاً – كما ذكرنا- أما قبل هذا التاريخ فإن دعوى الإلغاء كانت بمثابة تظلم إداري رئاسي .
وإذا كانت دعوى الإلغاء تهدف أساساً إلى إعدام القرار المعيب بعدم المشروعية، فإنها تمثل السلاح الفعال قي يد الأفراد لمنع تعسّف الإدارة في ممارستها لاختصاصاتها, و إجبارها على التزام حدود القانون . فإن المشرع الفرنسي قد ساهم مع مجلس الدولة الفرنسي في تسهيل عملية لجوء الأفراد إلى رفع دعاوى الإلغاء ، وقد تجلت هذه التسهيلات في عدم اشتراط تقديم عريضة الدعوى عن طريق محام ، وفي عدم ضرورة دفع الرسوم سلفاً .
كما أن دعوى الإلغاء أو دعوى تجاوز حد السلطة لا تعد اليوم بمثابة دعوى استثنائية أو احتياطية ولكنها تتصف بأنها دعوى القانون العام, ويمكن اللجوء إليها دون حاجة لوجود نص تشريعي وهي تهدف كما ذكرنا إلى تأمين مبدأ الشرعية وفقاً لمبادئ القانون العام .
لكن يجب ألا يفهم من ذلك أن دعوى الإلغاء لا تخضع في قبولها ، أمام القضاء الإداري، إلى أي من القواعد الخاصة بالإجراءات والشكليات. بل أن دعوى الإلغاء تخضع تقريباً للشروط نفسها المطلوبة من أجل قبول أي دعوى أمام القضاء بشكل عام ، لكن يجب التنويه إلى أن مجلس الدولة الفرنسي يستخدم في هذا الموضوع مرونة كبيرة ، فأحياناً يتساهل بالنسبة لبعض هذه القواعد و أحياناً يتشدد بالنسبة لبعضها الآخر، ك أنه ابتدع شرطاً جديداً يتعلق بعدم وجود دعوى موازية .
وإلى شروط القبول هذه أشارت المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكمها الصادر في 25/3/1962 حيث تقول :
( إن لدعوى الإلغاء – طبقاً لما جرى عليها القضاء الإداري – شروطاً لابدّ من توفرها حتى تكون هذه الدعوى مقبولة أمام القضاء وعليه أن يتصدى لها بفحص قبل أن يتصدى لموضوع المخالفة المدعاة ، إذ لا يمكنه بحث الموضوع إلا بعد أن يتأكد من توفر هذه الشروط ، وإذا لم تتوافر تحتم عليه الحكم بعدم قبولها دون التغلغل في الموضوع ) .
إذاً تتمثل شروط قبول الدعوى الإلغاء – وفقاً لما جرى عليها القضاء الإداري الفرنسي – بمايلي :
1- طبيعة القرار المطعون فيه بمعنى أن يكون إدارياً ونهائياً وله صفة النفاذ .
الشروط المتعلقة برفع الدعوى ، وهي الصفة أي أن يكون المدعي أهلاً للتقاضي وللمثول أمام المحاكم
(راجع حكم المحكمة الإدارية العليا السورية في قرارها رقم /39/ بتاريخ 1972 ، مجموعة الأحكام الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا لسنة 1972 ص116)
كذلك شرط المصلحة والتي يجب أن تكون شخصية ومباشرة .
2- الإجراءات و المواعيد .
3- انتفاء الطعن الموازي أو المقابل، وهو موضوع الفصل الثاني من الدراسة، وسنلقي الضوء بشكل تفصيلي على مضمون هذا الشرط وأساسه القانوني وشروط تطبيقه. كل ذلك بعد أن نستعرض مقدمة موجزة عن الشروط الثلاثة الأولى لقبوله لدعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري وذلك على الشكل التالي :
المطلب الأول : المقصود بالطعن المقابل أو الموازي :
يعني انتفاء الطعن الموازي كشرط لقبول دعوى الإلغاء أو الإبطال أن الدعوى تكون غير مقبولة إذا أمكن للفرد أن يسلك طريقاً قضائياً أخر يتمكن بمقتضاه أن يصل إلى ذات النتائج التي تحققها دعوى الإلغاء .
فمقتضى شرط انتفاء الطعن المقابل أو الموازي ( أن الطعن بالإلغاء لا يقبل من شخص ما ضد قرار إداري إلا إذا كان هذا الشخص لا يملك طريقاً مقابلاً أي أنه لا يستطيع أن يصل إلى نفس النتيجة بواسطة طعن أخر يقدم إلى جهة قضائية أخرى )(1)
ومن ثم فإنه يشترط لقبول دعوى الإبطال – الإلغاء – ألا يكون هناك طريق قضائي أخر ليتمكن بواسطته المدعي الحصول على ذات النتائج التي تحققها دعوى الإلغاء فإذا كان المدعي بوسعه الحصول على ذات النتيجة المرجوة من إلغاء القرار الإداري بواسطة هيئة قضائية أخرى فلا يحق له في هذه الحالة الالتجاء إلى دعوى الإلغاء وإذا فعل ولجأ إلى دعوى الإلغاء فإن دعواه لن تكون مقبولة.
.
ولقد عرف الفقيه بونارد الطعن الموازي بمايلي :
( يكون هناك دعوى موازية لدعوى الإلغاء عندما توجد دعوى قضائية أخرى يمكن اللجوء إليها بطريق الدعوى المباشرة لإلغاء العمل غير المشروع أو منع تطبيقه ) ..
مثال :
المكلف يدفع ضريبة إذا قدر أن الإدارة قد حصلت منه مبلغاً دون وجه حق فإنه يستطيع أن يلجأ إلى قاضي الضرائب (بحسب نوع الضريبة) دون الرجوع إلى مجلس الدولة بقصد إلغاء القرارات الإدارية المعيبة التي تصدر في هذا الموضوع .
أساس نظرية الطعن الموازي أو المقابل :
ثار التساؤل عن الأساس القانوني الذي ترتكز عليه نظرية الطعن الموازي وذلك بسبب انتفاء الأساس التشريعي لها كما أسلفنا في فرنسا وقد اختلف الفقه الفرنسي بشأن أساس هذه النظرية فمنهم من رده إلى فكرة الطعن الاحتياطي أو(الصفة الاحتياطية) لدعوى الإلغاء ،ومنهم من اعتبره تطبيقاً لقواعد الاختصاص القضائي .
أولاً : الصفة الاحتياطية لدعوى الإلغاء :
ذهب البعض إلى اعتبار الطعن بالإلغاء أو الإبطال طعن احتياطي أو استثنائي لا يجب الالتجاء إليه طالما نظم القانون دعوى قضائية أخرى يمكن أن يلجأ إليها صاحب الشأن بدلاً من دعوى الإلغاء ومن ثم ينتفي الطعن بالإلغاء عند وجود طريق قضائي أخر .
والفقه الذي وجد في الطابع الاحتياطي للطعن بالإلغاء أساساً لنظرية الطعن الموازي كان دافعه إلى ذلك الحد من سيل دعاوى الإلغاء التي كانت ترفع أمام المجلس وتثقل كاهله، أي تحقيق غاية لها طابع عملي تنحصر في عدم جعل اختصاص المجلس شاملاً لكل المنازعات، وهو أمر لا يتواءم مع الهدف الذي أنشئ من أجله المجلس وهو رقابة أعمال الإدارة .
لكن هذا التفسير منتقد، لأنه من غير المنطقي ولا المقبول أن نقلل من أهمية دعوى الإلغاء ونصفها بأنها دعوى احتياطية، لأنه على العكس فإن دعوى الإلغاء هي دعوى أساسية وأصلية في ضمان احترام مبدأ المشروعية وإبطال القرارات الإدارية المخالفة لهذا المبدأ.
إلا أنه ورغم الانتقاد السابق نجد أن مجلس شورى الدولة اللبنانية يشاطر هذا الفقه رأيه في اعتبار دعوى الإبطال دعوى احتياطيه حيث قرر :
( ولما كانت مراجعة الإبطال لتجاوز حد السلطة مراجعة احتياطية لا تسمع إذا كان بوسع المتضرر اللجوء إلى مراجعة قضائية أخرى للحصول على النتيجة نفسها فإن مراجعة إبطال قرار الهدم الرامية إلى المحافظة على البناء عيناً تغدو بعد تنفيذ هذا القرار غير مسموعة ).
جانب أخر من الفقه أسند هذه النظرية على ضرورة المحافظة على تعدد درجات التقاضي إذا كان طريق الدعوة الموازية هو دعوى من اختصاص المحاكم الإقليمية التي تستأنف أحكامها أمام مجلس الدولة لكن قيمة هذا الرأي قد تضاءلت كثيراً بعد أن أصبحت دعوى الإلغاء من اختصاص المحاكم الإقليمية الإدارية .
وهناك رأي أخر في تفسير هذه النظرية وهو ضرورة التخفيف عن كاهل القضاء الإداري من تراكم دعاوي الإلغاء أمامه، إذا كان من الممكن الحصول على ذات نتيجة دعوى الإلغاء عن طريق ولوج طريق دعوى قضائية أخرى تنظر أمام محاكم أخرى قد تكون مدنية أو غيرها..
ثانياً: الطعن الموازي تطبيق لقواعد توزيع الاختصاص القضائي :
ذهب البعض الأخر من الفقه الفرنسي في تبرير نظرية الطعن الموازي، إلى القول بأن أساس هذه النظرية لا يمكن في اعتبار الطعن بالإلغاء طعن احتياطي بل يكمن في المبدأ الأصولي العام (أن الخاص يقيد العام ) وأن القواعد الخاصة تقيد القواعد العامة في التطبيق .. هذا المبدأ الذي يجعل للقواعد الخاصة أولوية في التطبيق على القواعد العامة .
وتطبيق هذا المبدأ من شأنه أن يجعل مجلس الدولة غير مختص بنظر المنازعات التي جعلها القانون من اختصاص جهات أخرى كالقضاء العادي أو المحاكم الإدارية .
فإذا وجد نص خاص يعطي لجهة قضائية معينة اختصاص بمنازعة معينة اختصاص بمنازعة معينة وتحقق ذات نتائج دعوى الإلغاء في الجوهر فالمفروض أن يتقدم النص الخاص في التطبيق على القاعدة العامة لأنه يشكل استثناءاً عليها .
وتبعاً لذلك رأى هذا الفقه أن الطعن الموازي يقوم على احترام قواعد الاختصاص، فإذا كان قضاء الإلغاء يمثل القضاء العام الذي يختص به مجلس الدولة، فإن المجلس لا يكون مختصاًَ حال تنظيم المشرع طريقاً أخر للطعن في بعض القرارات الإدارية، إذ يجب في هذه الحالة سلوك هذا الطريق الأخير في الطعن في هذه القرارات .
وأكد هذا الفقه أن احترام قاعدة الاختصاص المقررة بنص خاص وإعمالها دون القواعد العامة التي تتمثل في دعوى الإلغاء، يترتب عليه اعتبار طريق الطعن الموازي أو المقابل حائلاً يحول دون قبول الطعن بالإلغاء لدى مجلس الدولة والقول بغير ذلك يؤدي إلى قلب قواعد الاختصاص القضائي التي نص عليها المشرع .
– والرأي السابق هو الأولى بالتأييد، لأننا ننفق مع غالبية الفقه في عدم اعتبار دعوى الإلغاء دعوى احتياطية بل هي دعوى عادية (وأصلية) لرقابة شرعيه أعمال الإدارة .
والواقع أن نظرية الطعن الموازي نجد أساسها في قواعد الاختصاص القضائي التي هدف المشرع بتقريرها إلى الحؤول دون نظر مجلس الدولة في شرعية أعمال إدارية ترتبط بصورة وثيقة بمنازعات تدخل في اختصاص مراجع قضائية أخرى، تفادياً لفرض المجلس حلوله واجتهاده على تلك المراجع والتعدي بذلك على اختصاصها .
ثالثاً: موقف المشرع اللبناني :
يعتمد المشرع اللبناني على نحو صريح شرط انتفاء الطعن المقابل لقبول دعوى الإبطال، فإذا كان المشرع الفرنسي لم يضمـِّن أي من القوانين المنظمة لمجلس الدولة شرط انتفاء الطعن المقابل – الموازي – لقبول دعوى الإلغاء ولم يجعل لهذه النظرية أساساً في التشريع، فإن المشرع اللبناني كما ذكرنا قد حرص على النص صراحة في المرسوم الإشتراعي رقم /10434/ لعام 1975 ،الخاص بمجلس شورى الدولة – وكذلك القوانين السابقة عليه – على اعتبار انتفاء الطعن الموازي كشرط لقبول دعوى الإبطال. فنصت المادة /107/ من المرسوم الإشتراعي سالف الذكر على أنه
( لا يقبل طلب الإبطال بسبب تجاوز حد السلطة ممن يمكنه اللجوء إلى مراجعة قضائية أخرى للحصول على النتيجة نفسها ) .
وقد اعتمد القضاء الإداري اللبناني فكرة الطعن الموازي حيث قضى بأنه:
( لا يقبل طلب الإلغاء بسبب تجاوز حد السلطة ممن يمكنه اللجوء إلى مراجعة قضائية أخرى للحصول على النتيجة نفسها وهي إحباط مفاعيل العمل الإداري المقصود وفق تنفيذه )
المطلب الثاني : شروط تطبيق نظرية الطعن الموازي في القانون اللبناني :
يستفاد من نص المادة /107/ من المرسوم الإشتراعي سالف الذكر أنه يتعين أن يتوفر عدة شروط للفول بوجود طريق للطعن المقابل أو الموازي الذي يؤدي إلى عدم قبول دعوى الإبطال أمام مجلس شورى الدولة فيجب أن يكون الطعن الموازي دعوى مراجعة قضائية وأن يكون هذه الطعن متمثلاً في دعوى وليس مجرد دفع، ويجب أن يؤدي الطعن الموازي إلى الحصول على نفس النتيجة التي يحصل عليها الطاعن من دعوى الإبطال، وأن يكون الطعن الموازي من اختصاص محكمة أخرى غير مجلس شورى الدولة..
أولاً : يجب أن يكون الطعن الموازي دعوى مراجعة قضائية :
يتعين أن يكون الطعن الموازي الذي يحول دون قبول دعوى الإلغاء دعوى قضائية، أي دعوى ترفع أمام مرجع قضائي كالقضاء العدلي، فإذا كان هذا الطعن مجرد تظلم إداري، أي عريضة إسترحامية يطلب بمقتضاها الطاعن إعادة النظر في القرار من الجهة الإدارية التي أصدرته أو من الجهة الإدارية الأعلى، فلا يعد طعناً موازياً يحول دون قبول دعوى الإبطال، ذلك أن التظلم أو العريضة الإسترحامية لا تعتبر من المراجعات القضائية، بل تعتبر مجرد طعن إداري يؤدي إلى قطع مهلة المراجعة ولا يحول قط دون قبول دعوى الإبطال.
فالطعن الإداري يختلف عن الطعن القضائي لا يعتبر طعناً موزاياً أي مقابلاً لأنه -الطعن الإداري- لا يتمتع بحجية المراجعة القضائية ولا يتمتع بمزاياها.
ثانيا: يجب أن يكون الطعن الموازي متمثلاً في دعوى لا مجرد دفع :
ومعنى ذلك أنه لا يكفي لوجود الطعن الموازي الذي يؤدي إلى عدم قبول دعوى الإبطال أمام مجلس شورى الدولة أن يكون للمدعي حق الدفع بعدم شرعية القرار إبان دعوى مختصم فيها ومنظورة أمام القضاء، بل يشترط أن يأخذ الطعن شكل الدعوى المباشرة التي يكون المدعي رفعها أمام المرجع القضائي المختص أي المحكمة الأخرى غير مجلس الشورى التي أناط بها المشترع ولاية النظر في شرعية القرار .
وعلى ذلك فالدفع الذي يدلي به الخصم بعدم شرعية لائحة من لوائح البوليس أمام القاضي الجزائي لا يعتبر طعناً موازياً يحول دون رفع دعوى الإبطال لتجاوز حد السلطة ضد هذه اللائحة. ويشير الفقه إلى أن الدفع بعدم مشروعية اللائحة أمام القاضي الجزائي لا يحقق نفس النتائج التي يحققها الطعن بالإلغاء فيها أمام قاضي الإبطال. فهو يكون أقل من الطعن بالإلغاء من حيث الآثار، فكل ما يترتب على الدفع بعدم المشروعية هو مجرد امتناع القاضي عن تطبيق اللائحة في خصوص الخصومة القائمة، كما يستطيع القاضي الجزائي تطبيقها بشأن قضايا أخرى، هذا فضلاً عن أن جهة الإدارة تستطيع الاستمرار في تطبيقها لأن القاضي الجزائي لم يحكم بإلغائها بل مجرد الامتناع عن تطبيقها في الدعوى، أما دعوى الإبطال فالحكم الصادر فيها سيؤدي إلى إلغائها والحكم الصادر في هذا الشأن يتمتع بحجية مطلقة ويسرى على الكافة .
ثالثاً : يجب أن يؤدي الطعن الموازي إلى الحصول على نفس النتيجة التي تؤدي إليها دعوى الإبطال :
ومعنى ذلك أن يؤدي الطعن الموازي إلى حصول المدعي أو الطاعن على نفس النتيجة التي يحصل عليها من دعوى الإبطال وهي إبطال القرار المطعون فيه وإزالة آثاره أو شلها على الأقل .
وفي ذلك قرر مجلس شورى الدولة:
(أما قرار الاعتراض على لجنة التخمين، فإنه لا يوصل المستدعي إلى النتيجة نفسها التي يحصل عليها بواسطة مراجعة الإبطال الموجهة ضد المرسوم القاضي بالإستملاك ويكون طلب الرد لوجود مراجعة موازية يستوجب الرد).
-قرار مجلس شورى الدولة رقم/1160/ تاريخ 4/12/1968 ،المجموعة الإدارية 1969 ص6
كما قرر بأن ترد مراجعة المستدعي الذي يمكنه الوصول لذات النتيجة التي ترمي إليها مراجعته عن طريق مراجعة قاضي العقد .
رابعاً : أن يكون الطعن الموازي من اختصاص محاكم قضائية أخرى غير مجلس شورى الدولة :
يجب حتى نكون إزاء طعن موازي يحول دون قبول دعوى الإبطال، أن يكون الطعن من اختصاص مرجع قضائي آخر غير مجلس شورى الدولة، فيكون مثلاً من اختصاص محاكم القضاء العدلي أو أي جهة أخرى ينص عليها القانون كالجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي .
فأعلن مجلس الشورى عدم قبول دعوى الإبطال لتجاوز حد السلطة لوجود طعون موازية أمام القضاء العدلي، حيث قرر أنه ( ما دام للمدعي الحق بمراجعة المحاكم العدلية بطريق الدعوى الموازية فلا تقبل دعوى الإبطال المرفوعة منه لدى مجلس شورى الدولة طعناً بالقرار الصادر عن رئيس دائرة الإحصاء بتجريده من الجنسية
اللبنانية ).
كما قرر بأن ( رفض وزير العمل والشؤون الاجتماعية _الذي لا سلطة له على القضاء_ استعادة محاضر ضبط منظمة بحق أحد الإفراد ومتعلقة بقانون العمل هو في محله القانوني لاسيما إذا كان باستطاعة المستدعي الإدلاء بدفوعه أمام القاضي الجزائي وإظهار عدم مسؤوليته وعدم مخالفته لقانون العمل، وبهذه الطريقة الموازية يتوصل إلى الغاية التي ينشدها عن طريق القضاء الإداري في حال صحة إدعائه )
_قرار مجلس شورى الدولة رقم /4/ تاريخ 5/1/1970 ، المجموعة الإدارية 1970 ص106 .
دعوى القضاء الشامل لا يعد طعنا موازيا للطعن بالإبطال
كما قرر عدم قبول دعوى الإبطال بسبب وجود الطعن الموازي أمام الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي حيث قضى برد دعوى إبطال قرار صادر من لجنة الشرفية في بلدية بيروت لتجاوز حد السلطة لثبوت تقديم اعتراض على القرار الطعون فيه لدى اللجنة نفسها إذ يعتبر هذا الاعتراض مراجعة موازية تؤدي إلى ذات النتائج التي تترتب على الإبطال لتجاوز حد السلطة .
إذا كان الطعن المقابل للطعن بالإبطال يدخل في اختصاص مجلس شورى الدولة، فإن ذلك لا يحول دون قبول دعوى الإبطال لأن الطعن في هذه الحالة لا يعد طعنا موازياً، ذلك أن قبول دعوى الإبطال في هذه الحالة لا يكون من شأنه المساس بقواعد توزيع الاختصاص بين المجلس ومحاكم الجهات الأخرى .
ويتحقق ذلك حينما يكون للفرد إقامة دعوى القضاء الشامل ودعوى تجاوز حد السلطة أمام مجلس شورى الدولة كما هو الشأن بالنسبة لقضايا الموظفين المتعلقة بالمزايا المادية للوظيفة. فيكون للموظف أن يرفع دعوى القضاء الشامل أو دعوى إبطال أمام مجلس شورى الدولة. هنا في هذه الحالة لا تعتبر دعوى القضاء الشامل طعناً موازياً يحول دون رفع دعوى الإبطال .
فهب أن الإدارة قد أصدرت قراراً يقضي بحرمان أحد الموظفين من منفعة مالية مستحقة له وفقاً للقانون. فهو يستطيع أن يرفع دعوى القضاء الشامل لحماية حقه الشخصي الذي يتمثل في دين له في ذمة جهة الإدارة، ولكنه يستطيع أيضاً _ بدلاً من أن يرفع دعوى القضاء الشامل _ أن يرفع دعوى إبطال لتجاوز حد السلطة لإبطال القرار غير المشروع الذي حرمه الحق الذي نص عليه القانون. في هذه الحالة لا يكون هناك مجال للدفع بالطعن الموازي لأن دعوى القضاء الشامل لا تعد طعناً موازياً .
على أن يجب أن نلفت النظر أن هذا الموظف إذا ترك دعوى القضاء الشامل ولجأ إلى دعوى الإبطال، فإنه لا يستطيع إلا أن يطلب القضاء بعدم مشروعية قرار الإدارة على أساس مخالفته حكم القانون وعلى أساس مركزه الموضوعي. ومن ثم فلا يكون له حق طلب الحكم بمستحقاته المالية وتحديد مركزه الذاتي .
دعوى القضاء الشامل إذن لا تعد طعناً موازياً يحول دون قبول دعوى الإبطال لأن الدعويين من اختصاص مجلس شورى الدولة ولأنهما يفترقان حتى من حيث الأثر القانوني أي من حيث النتيجة على نجو ما أسلفنا القول .
مثال :
في سوريا إذا صدرت لائحة من لوائح الضابطة الإدارية و كانت ترتب على مخالفتها توقيع بعض العقوبات الجزائية فإنه لا يكون لصاحب الشأن، ( المتهم بمخالفة اللائحة ) ،أن يدفع الدعوى الجزائية لعدم مشروعية اللائحة فإذا ما تحقق القاضي الجزائي من مخالفة اللائحة للقانون قضى ببراءة المتهم دون أن يمس حكمه اللائحة في ذاتها حيث تبقى نافذة المفعول ما لم يتقرر إلغائها إدارياً أو بحكم من القاضي الإداري المختص. وهكذا لا يكون الدفع بعدم مشروعية هذه اللائحة طعنا مقابلاً ومباشراً لدعوى إلغائها _ أي اللائحة _ وما يترتب على هذا الإلغاء من نتائج حاسمة تؤدي إلى اعتبارها كأن لم تكن بصفه عامة ومطلقة من تاريخ صدورها .
في لبنان نذكر في هذا السياق حكمين حديثين لمجلس شورى الدولة اللبناني قضى فيهما بعدم قبول دعوة الإبطال ضد القرار الإداري لعلة وجود طعناً مقابلاً أو دعوى أخرى تحق ذات النتيجة من الناحية العملية :
الحكم الأول بتاريخ 21/5/1997 حيث قرر مجلس شورى الدولة أنه:
( في القرارات الصادرة عن وزير شؤون المهجرين المتعلقة بإخلاء مسكن وتسليمه للمستأجر فإنه يقتضي اللجوء إلى القضاء العدلي متى كان هناك نزاع بين الطرفين يتنازل صحة عقد الإيجار وهي النتيجة نفسها المتوخاة من إبطال قرار الوزير أمام مجلس شورى الدولة ) .
وفي الحكم الأخر رقم/ 662/ في نفس التاريخ يقرر مجلس الشورى أيضاً رد الطعن أي عدم قبوله ضد قرار وزير الإعلام بأن أصحاب الشأن أمامهم دعوى موازية متاحة أمام القضاء العدلي، تحقق لهم ذات النتيجة التي يريدونها في الجوهر.
ويقول مجلس شورى الدولة في هذا الحكم :
( يرد الطعن بقرار وزير الإعلام المتضمن السماح لأحد الشركاء بإعادة إصدار مطبوعة إذا تبين أن الشركاء المستدعين يتوخون من مراجعتهم الحصول على ما يطالبون به من حق في ملكية هذه المطبوعة لأن الحكم بالحق موضوع الملكية المتنازع فيها بين الأفراد يدخل ضمن اختصاص القضاء العدلي مما يستتبع أنه في وسع المستدعيين مراجعة هذا القضاء للحصول على حقهم الذي يطالبون به عند وجود نزاع حول هذا الحق) .(1)
الخاتمة :
في قطرنا العربي السوري لم يشـر قانون مجلس الدولة رقم/55/ لعام 1959 ، إلى
فكرة الدعوى الموازية كشرط من شروط قبول دعوى الإلغاء ، ذلك على اعتبار أن اختصاصات مجلس الدولة بحسب القانون المذكور هي اختصاصات ممنوحة له بطريق التعداد ( من المواد 8 حتى 15 من القانون /55/ ) وعلى سبيل الحصر ، فلا مجال لوضع مثل هذا الشرط لمنع اجتذاب الدعاوى التي ليست من اختصاص مجلس الدولة .
ونرى أنه إذا تعرض مجلس الدولة السوري لمثل هذه الحالة ، فلا يوجد ما يمنع من تطبيق القواعد العامة التي توصل إليها مجلس الدولة الفرنسي بشأن الطعن الموازي .
ولهذا لا يبدو لنا ضرورة من استبعاد فكرة الطعن الموازي كشرط من شروط قبول دعوى الإلغاء والاكتفاء بالدفع بعدم الاختصاص .
بحث قانوني متميز حول مفهوم الطعن الموازي