تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاعات المسلحة
في الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني
Definition of cultural property protected in the event of armed conflicts
in Islamic jurisprudence and international law
الدكتور سيد رمضان عبد الباقي إسماعيل، رئيس قسم البحوث والدراسات- وزارة المالية، مصر.
Sayed Ramadan Abdel Baqi Ismail
Abstract:
The rules of international humanitarian law include the definition of cultural property protected during armed conflict,
The Hague Convention for the Protection of Cultural Property in Armed Conflict of 1954 is the first international convention to include a general and detailed statement of what is meant by “cultural property”, and many previous and subsequent international attempts have been made to this Convention.
However, the definition contained in that Convention was not without criticism, for the lack of specific criteria for measuring cultural significance, and for the definition of modern elements of cultural property, intangible cultural property and those belonging to ethnic minorities.
In Islamic jurisprudence, the term “cultural property” was not mentioned specifically, but was dealt with like any other property belonging to combatants.
Accordingly, cultural property in Islamic jurisprudence includes all cultural property: useful and beneficial, considered legitimate, and not used for worship and sanctification, and not used in spreading falsehood, and does not call for moral corruption.
Cultural property can be defined as:
“Movable, immovable or intangible property” of great value to the cultural and spiritual heritage of peoples in accordance with criteria to be determined by UNESCO ”, whatever its origin or owner, such as architectural, artistic or historical buildings, religious or secular, archaeological sites, and collections of buildings which gain value. Historical or artistic works, artifacts, manuscripts, books and other objects of historical and archaeological value, as well as scientific collections, important collections of books, archives, electronic catalogs and reproductions of the aforementioned heritage. Cultural centers, such as museums, major books and archives, as well as bunkers intended for the protection of cultural property in the event of armed conflict. 3. Centers containing cultural property called “commemorative building centers” for this purpose.
ملخص:
تضمنت قواعد القانون الدولي الإنساني تحديدا للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاعات المسلحة، وتُعد اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح والمبرمة عام 1954 أول اتفاقية دولية تضمنت بيان المقصود “بالممتلكات الثقافية” بشكل عام وتفصيلي، وقد جرت محاولات دولية كثيرة سابقة ولاحقة على هذه الاتفاقية، غير أن التعريف الوارد بتلك الاتفاقية لم يسلم من النقد، لعدم وضع معايير محددة لقياس الأهمية الثقافية، وعدم شمول التعريف للعناصر الحديثة للممتلكات الثقافية، والممتلكات الثقافية غير الملموسة، وتلك التي تخص الأقليات العرقية.
وفي الفقه الإسلامي لم يأت ذكر لمصطلح “الممتلكات الثقافية” على وجه التخصيص، وإنما تم تناوله كغيره من الممتلكات الذي تخص المحاربين العامة أو الخاصة أو المنقولة أو الثابتة، فالشريعة الإسلامية سباقة في تحديد المقصود بالممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاعات المسلحة.
وعليه فالممتلكات الثقافية في الفقه الإسلامي تشمل كل ممتلك ثقافي:نافع ومفيد منفعة معتبرة شرعًا، ولا يستخدم للعبادة والتقديس، ولا يستخدم في إشاعة الباطل، ولا يدعو إلى الفساد الأخلاقي.
ويمكننا تحديد المقصود بالممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاعات المسلحة بأنها:
” الممتلكات المنقولة أو الثابتة أو غير الملموسة “ذات القيمة الكبرى لتراث الشعوب الثقافي والروحي وفق معايير تحددها منظمة اليونسكو” أيًا كان أصلها أو مالكها كالمباني المعمارية أو الفنية منها أو التاريخية، الديني منها أو الدنيوي، و الأماكن الأثرية، ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنية، والتحف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات القيمة الفنية التاريخية والأثرية، وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة والمحفوظات والفهارس الإليكترونية ومنسوخات التراث السابق ذكرها.
2- المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية ، كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح.
3- المراكز التي تحتوي على ممتلكات الثقافية والتي يطلق عليها اسم “مراكز الأبنية التذكارية” والمخصصة لهذا الغرض.”
المقدمة
تعتبر الممتلكات الثقافية للأمم هي أكثر ما تعتز به في تاريخها قبل اعتزازها بأمجادها السياسية والعسكرية؛ ذلك أن التراث السياسي والعسكري ذخر كُلّي للأمة في مناط فخرها وعزتها؛ بينما يتسع ويمتد أثر ممتلكاتها الثقافية ليجاوز حدود الزمان والمكان، ويبقى في أيدي الأجيال عبر التاريخ، وتنتفع به وتفيد منه.
فالممتلكات الثقافية تشكل رمزًا وهويةً وتاريخًا، وتحتل مكانة مهمة ليس فقط في الوعي؛ إنما أيضًا في اللاوعي عند كل شعب؛ لذلك فإن أي اعتداء على هذه الممتلكات اعتداء على كرامة البشرية كافة وتاريخها؛ بل تدمير واحتلال للتاريخ، وهو أشد من احتلال الأرض؛ فالأرض تُحرر، أما التاريخ فمن يُحرره؟!
وعليه، فقد حظيت مسألة حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة باهتمام كبير من قِبل المجتمع الدولي، ونظرًا لما تحتله من قيمة تاريخية استثنائية كبرى.
ومع أن الاتفاقيات الدولية التي تحمي الممتلكات الثقاقية أثناء النزاع المسلح أصبحت اليوم تُشكل جزءًا أساسيًّا من القانون الدولي الإنساني العرفي، إلا أن الممتلكات الثقاقية ما زالت تتعرض لأبشع الاعتداءات أثناء النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي أو غير الدولي، فكان لزامًا اللجوء إلى نظام آخر، يضمن التطبيق الأمين والفعال لأحكامه، وليس من قبيل التعصب الديني أو القومي أن نؤكد أن الشريعة الإسلامية هي التي رفعت المبادئ الأخلاقية إلى مستوى القواعد الشرعية الإلزامية في المجال الدولي ومعاملة الشعوب الأخرى، سواء كان ذلك في مجال السلم أو الحرب.
ومن الأهمية بمكان تحديد النطاق الموضوعي لسريان أحكام حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح على النحو الوارد بقواعد القانون الدولي الإنساني، وكذلك وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، حيث أن التعريف الدقيق للممتلكات الثقافية من شأنه أن يقطع الطريق على أطراف النزاع سيئة النية في تطبيق أحكام الحماية أن تتحل من تلك الأحكام، وبخاصة فيما يتعلق بتلك الممتلكات الثقافية التي لا تتوافق مع المذهب السياسي والاعتقادي للأنظمة الحاكمة لتلك الدول.
وانطلاقًا مما سبق، سنبحث في هذه الدراسة تحديد الممتلكات الثقافية وفقًا النظام القانوني الذي أقرته الشريعة الإسلامية ، وكذلك قواعد القانون الدولي العام لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح ؛ وذلك بغية الوصول إلى تصور للتعريف الأمثل لها.
إشكالية البحث:
وضمن هذا المنهج ارتأيت أن تكون إشكالية البحث وفق الصيغ التالية:
١- ما مدى كفاية المعالجة القانونية لموضوع تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاع المسلح في كل من القانون الدولي الإنساني والفقه الإسلامي؟
٢- وما مظاهر الاتفاق والاختلاف بين النظام القانوني الدولي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح والفقه الإسلامي في تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية؟
-3ما دور المجتمع الدولي في إنشاء نظام قانوني متكامل وفعال يتضمن تحديدًا واضحًا للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاع المسلح؟
أهمية البحث:
لقد كانت -وما تزال – النزاعات المسلحة مصدر تهديد دائم للممتلكات الثقافية؛ لما تتعرض له من تدمير ونهب خلال هذه النزاعات، فأصبح لزامًا على البشرية جمعاء المحافظة عليها؛ لما لهذه الممتلكات من فائدة عظمى لجميع شعوب العالم، وعليه، فقد حظيت مسألة حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة باهتمام كبير من قبل المجتمع الدولي؛ وبخاصة بعد ان تأكد للمجتمع الدولي صعوبة تعويض ما يتم نهبه أو إصلاح ما يتم تدميره من الممتلكات الثقافية، لذا، فقد أصبح لزامًا تحديد تلك الممتلكات بشكل دقيق وشامل، وذلك للأسباب التالية:
1- أن االممتلكات الثقافية تمثل ضمير البشرية وهويتها وتاريخها، والاعتداء عليه اعتداء على كرامة الشعوب كافة وتاريخها.
2- عدم وجود تعريف شامل ومحدد بدقة للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاعات المسلحة.
3- التدمير والخراب الواسع ، وكذلك السلب والنهب الذي تعرضت وتتعرض له الممتلكات الثقافية في فترات التاريخ الحديثة، وبخاصة تلك التي تخص الأقليات العرقية.
4- اعتقاد الغلاة وبعض فقهاء الفكر الغربي بأن الإسلام لا يعترف للآخر بثقافته ووجوده، وأن الفاتحين الأوائل من المسلمين دمروا حضارات وثقافات الدول التي فتحوها، وادعاؤهم بأن قواعد القانون الدولي بشكل عام هي من صُنع العالم الغربي، ولا علاقة لها بالدين الإسلامي، وهذه الدراسة ترد عليهم بإبراز القواعد الدولية الإسلامية في هذا المجال.
5- حاجة الفكر الدولي لإبراز وجهة النظر الإسلامية تجاوبًا مع صوت الصحوة الإسلامية والمفكرين الإسلاميين في التعريف بالإسلام، وتأصيل سمو الفكر الدولي الإسلامي على الفكر الغربي العام؛ لإعادة بناء الثقة المفقودة.
4- قلة المراجع في هذا الموضوع، وبخاصة في مجال التشريع الإسلامي، فأحببت أن أقدم جهدًا متواضعًا يضاف إلى هذا المجال.
الهدف من الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى:
وضع تعريف دقيق وشامل للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاعات المسلحة، استنادًا إلى النظام القانوني الذي أقره المجتمع الدولي، ووفقًا لقواعد الشريعة الإسلامية الغراء، بعد استعراض تلك التعريفات ومناقشتها، وبيان مدى كفايتها وإحاطتها بالمعنى الشامل المانع للممتلكات الثقافية، حتى تقطع الطريق على أطراف النزاع المسلح سيئة النية في التهرب من الالتزام الدقيق بقواعد الحماية المقررة لتلك الممتلكات، والحفاظ على الممتلكات الثقافية الإثنية والعرقية والتي تخص الأقليات .
منهج الدراسة:
تُعتبر دراسة موضوع حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح في كل من الشريعة الإسلامية والقانون الدولي بشكل عام من الدراسات الحديثة التي لم تستوف بعد كل مجالات الموضوع؛ على اعتبار أن الممتلكات الثقافية لم تحظ حتى الآن بالحماية اللازمة خلال النزاعات المسلحة؛ ومن ثم فالدراسة تقتضي منا اتباع المنهج التحليلي المقارن.
تحليلي؛ لأن سرد النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع يقتضي منا تحليليها وتمحيصها بالشكل الذي يجعلنا نتبين مدى كفايتها وقصورها، ومدى شمول التعريف الوارد بها وكفايته للممتلكات الثقافية.
ومقارن؛ لأن معالجة الموضوع سيكون على مستوى التشريعين الإسلامي والوضعي بشأن النصوص والقواعد الواردة في كليهما، ومن ثم الوقوف على أوجه الاختلاف والافتراق بينهما، إضافة إلى تبيان فضل وسبق الشريعة الإسلامية في إقرار قواعد الحماية اللازمة للتراث الثقافي في فترات الحروب.
كما أننا اتبعنا المنهج الاستقرائي، وذلك بجمع التعريفات الواردة بالمصادر المختلفة بغية الوصول إلى التعريف الأمثل للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاعات المسلحة .
الدراسات السابقة:
هناك من تحدث عن الموضوع بوصفه جزءًا من القانون الدولي الإنساني وهذا هو الغالب في معظم الكتب
والمراجع، ومن أمثلة ذلك:
١- سامح عمرو، الحماية الدولية للممتلكات الثقافية في فترات الحروب.
٣- هايك صالح بدر الدين، حماية التراث الثقافي والطبيعي في المعاهدات الدولية.
٢- محمد سبيكر، حماية الأعيان الثقافية وفقًا لقانون المعاهدات الدولية.
٤- إبراهيم العناني،الحماية القانونية للتراث الإنساني والبيئة وقت النزاعات المسلحة.
٥- علي خليل إسماعيل الحديثي، حماية الممتلكات الثقافية في القانون والدولي.
وبالنظر إلى أغلب الدراسات السابقة نجد أنها تناولت الموضوع بشكل جزئي ومختصر، كما أنها لم تواكب التغيرات الحديثة، كما أنها لم تتناول قواعد الحماية التي أقرتها الشريعة الإسلامية لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح.
وعليه فقد قسمنا البحث إلى مبحثين:
المبحث الأول: والذي تناول تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية كما ورد بالقانون الدولي الإنساني، وقد قسمناه إلى مطلبين:
المطلب الأول: تحديد الممتلكات الثقافيةالمشمولة بالحماية لغًة.
المطلب الثاني: تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية كما ورد بالقانون الدولي الإنساني وقسمناه الى عدة فروع:
الفرع الأول: تحديد الممتلكات الثقافية فيالصكوك الدولية قبل اتفاقية لاهاي لعام 1954
الفرع الثاني: تحديد الممتلكات الثقافية في اتفاقية لاهاي 1954 وبروتوكوليها الإضافيين
الفرع الثالث: تحديد الممتلكات الثقافية في الصكوك الدولية اللاحقة على اتفاقية لاهاي 1954
الفرع الرابع: ممتلكات ثقافية أم تراث ثقافي؟
وفي نهاية المبحث وضعنا تعريفًا للممتلكات الثقافية.
المبحث الثاني: تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية في الفقه الإسلامي، وقد قسمناه إلى:
المطلب الأول: تحديد مصطلح الممتلكات الثقافية المشمولة بالحمابة في الفقه الإسلامي.
المطلب الثاني: الحكم الفقهي للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاع المسلح
المطلب الثالث: الأدلة الواردة في تحديد الممتلكات الثقافية أثناءالنزاع المسلح في الفقه الإسلامي.
المطلب الرابع: حكم التماثيل وهل يجب هدمها ؟
الخاتمة: وتشتمل على نتائج البحث وتوصياته.
المبحث الأول:
تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية كما ورد بالقانون الدولي الإنساني
تقتضى دراسة “حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح ” تحديد تلك الممتلكات التي تمثل محل الحماية، وفي التعريف اعتمدنا على مصدرين:
أولًا: مصادر المعالجة اللغوية، وهي مصادر تبين المعاني التي وضعت لها المفردات بالمعالجة اللغوية لها، ومنها المعجمات اللغوية، وسوف نتعرض للمعنى اللغوي كما ورد بمعاجم اللغة العربية،وكذا اللغة الانجليزية والفرنسية، وهي اللغات التي يشيع استخدامها في الصكوك الدولية والقانون الدولي عمومًا.
ثانيًا: المصادر التي حددت التعريف الاصطلاحي للألفاظ، وفي مجال دراستنا نذكر التعريفات التي وردت بالصكوك الدولية المختلفة التي تعرضت لموضوع الدراسة، وكذلك قواعد الشريعة الإسلامية.
المطلب الأول
تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية لغًة
جرى استخدام كلمة ” تراث”إلى جانب كلمة ممتلكات في بعض الصكوك الدولية، والممتلكات مشتقة من الفعل الثلاثي “مَلَكَ”، ومَلَّكَه تمليكًا: أي جعله مِلكْا له، ويقال مَلَّكَه المال والمُلْك فهو (مُمَلَّكَ)([1]).
والتراث في اللغة هو: هو مصدر من كلمة ” وَرَّثَ” وهو ما يخلّفه الرجل لورثته، ويقال وِرْثٌ وإِرْثٌ وإِرثٌ ووِارثٌ ومِيراثٌ، وتراث أصله: ورُاث فأُبدلت التاء من الواو، قال تعالى: ﴿وتأكلونالتُّرَاثأكلًالمَا﴾([2]).
والثقافة لغة:جاء في لسان العرب: َثقِف الشئ ثَقفًا وثِقافًا وثُقوفة: حذقه، ورجل ثَقْف وثَقِف وثُقف: حاذق وفهم، يقول ابن دريد: ثَقِفتُ الشئ حذقته،وثقفته ظفرت به، قال تعالى: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم﴾([3]).وفي حديث الهجرة:{هو غلام لَقِنْ ثَقِفْ}([4])أي: ذو فطنةٍ وذكاءٍ، والمراد: ثابت المعرفة بما يُحتاج إليه([5]).
والثقافة اصطلاحًا: هي: “مخزون تراكمي مركب نتيجة لمحصلة العلوم والمعارف والأفكار والمعتقدات والفنون والآداب، والأخلاق والقوانين، والأعراف والتقاليد والموروثات التاريخية واللغوية والبيئية التي تشكل فكر الإنسان وتمنحه من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية فتصوغ سلوكه في الحياة “([6]).
وقد عرفها ابن خلدون بأنها:( آداب الناس في المعاش كالعمران والصنائع والدراية في مجالات الحياة اليومية، في حين تتشكل آداب الناس بالتعليم والاكتساب وإعمال الفكر)([7]).
وقد جاء في ديباجة إعلان اليونسكو للتنوع الثقافي تعريفًا للثقافة بأنها:
) ُجمل السمات المميِّزة، الروحية والمادية والفكرية والعاطفية، التي يتصف بها مجتمع وجماعة منه؛ فهي تشمل إلى جانب الفنون والآداب، طرائق الحياة وأساليب العيش معا، ونُظُم القيم والتقاليد والمعتقدات(([8]).
المطلب الثاني
تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية وفقا لاحكام القانون الدولي الإنساني
تُعد اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح والمبرمة عام 1954 أول اتفاقية دولية تضمنت بيان المقصود “بالممتلكات الثقافية” بشكل عام وتفصيلي([9]).
وقد جرت محاولات دولية كثيرة سابقة على هذه الاتفاقية لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، وتم التعرض لتعريف تلك الممتلكات المشمولة بالحماية، وقد تلت هذه الاتفاقية مجموعة من الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية لذات الغرض، وعليه فسوف نستعرض بعضًا من التعريفات الواردة قبل اتفاقية لاهاي 1954، ثم نستعرض التعريف كما ورد بتلك الاتفاقية وبروتوكوليها الإضافيين، ثم نتناول بعده أهم ماجاء من تعريفات في الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية التالية لاتفاقية لاهاي 1954.
الفرع الأول
تحديد الممتلكات الثقافية في الصكوك الدولية قبل اتفاقية لاهاي لعام 1954
نشأت وتطورت حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح عبر محاولات دولية لصياغة بعض النصوص القانونية لتحقيق تلك الحماية، وقد شهدت الساحة الدولية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين محاولات لتضمين بعض المعاهدات والتصريحات الصادرة خلال تلك الفترة عددًا من النصوص التي كانت تهدف إلى حماية تلك الممتلكات، ومن خلال تلك النصوص نستطيع أن تتبين التعريف كما جاء بها، ومن أمثلة ذلك:
أولًا: تضمن تقنين لايبير لعام1863في المواد( 34- 36- 44) تحديدًا ” للممتلكات الثقافية”المشمولة بالحماية والتي شملت: ( الكنائس، ودور العبادة وماتحويه من ممتلكات، والمؤسسات التعليمية من مدارس أو جامعات، والمتاحف التي تضم أشكال الفنون المختلفة والمكتبات والمجموعات العلمية ).
ثانيًا: كذلك تضمنت المادة الثامنة من تصريح بروكسيل لعام 1864 ” تحديدًاللممتلكات الثقافية بأنها:
( المؤسسات المخصصة للأغراض الدينية والبر والأوقاف، والمؤسسات والمعاهد العلمية والفنية، وبغض النظر عما إذا كانت مملوكة للدولة أو للأفراد، وبغض النظر عن مصادر تمويلها،…. والأماكن الأثرية…… )([10]).
ثالثًا: وتناول دليل أكسفورد لعام 1880 “تحديدًا “للممتلكات الثقافية” في مادتيه (34)، (53) بالنص على:
(استبعاد “المباني المخصصة للأغراض الدينية والفنية والعلمية والخيرية والآثار التاريخية، والمحفوظات، والأعمال الفنية ” من دائرة القتال).
رابعًا: جاءت المادة الأولى من “ميثاق روريش” لعام 1935 لتحدد الممتلكات الثقافية بأنها:
( الآثار التاريخية، والمتاحف العلمية والفنية، والمؤسسات التعليمية والثقافية).
وبعد هذا الاستعراض للتعريفات التي تضمنتها أهم الاتفاقيات الدولية السابقة على اتفاقية لاهاي لعام 1954، يمكننا ملاحظة التالي:
1- أن الاتجاه الذي ساد خلال هذه الفترة وتبنته تلك الصكوك الدولية هو الأخذ بمعيار “التعداد على سبيل الحصر” حيث تم تحديد عناصر الممتلكات الثقافية بشكل حصري، بدا ذلك واضحًا من النصوص المذكورة آنفًا، حيث يمكن تحديد تلك العناصر بالآتي:
(المؤسسات المخصصة للأغراض الدينية والبر والأوقاف، والمؤسسات والمعاهد العلمية والفنية، والمتاحف والآثار التاريخية والفنية والعلمية، والمكتبات والمجموعات العلمية، والأعمال الفنية).
2-ميزت تلك التعريفات بشكل واضح بين المؤسسات المخصصة للعبادة والأغراض الدينية، والآثار التاريخية، وهو ما لم تأخذ به اتفاقية لاهاي 1954 كما سنرى، ولم تضع شرط الأهمية الثقافية الكبرى أو التاريخية لاعتبار تلك المباني من الممتلكات الثقافية.
3- شملت التعريفات السابقة الممتلكات الثقافيةالثابتة أو غير المنقولة “Immovable Cultural property” دون أن تذكر الممتلكات الثقافية المنقولة” movableCultural property ” حيث تم التركيز على المباني والمؤسسات دون غيرها، كذلك لم تذكر تلك التعريفات شيئًا عن الممتلكات الثقافية غير الملموسة Intangible Cultural property ““.
الفرع الثاني
تحديد الممتلكات الثقافية في اتفاقية لاهاي 1954 وبروتوكوليها الإضافيين
أسلفنا القول أن اتفاقية لاهاي 1954 تعد أول اتفاقية دولية تضمنت بيان المقصود “بالممتلكات الثقافية” بشكل عام وتفصيلي، وقد تم استخدام مصطلح ” الممتلكات الثقافية” بالاتفاقية، وبذلك تُعد أول اتفاقية تستخدم مصطلح ” الممتلكات الثقافية” في السياق الدولي([11]).
وقد عرفت المادة الأولى من الاتفاقية ” الممتلكات الثقافية”بقولها:
يقصد من الممتلكات الثقافية، بموجب هذه الاتفاقية، مهما كان أصلها أو مالكها ما يأتي:
(أ) الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية أو الفنية منها أو التاريخية، الديني منها أو الدنيوي، و الأماكن الأثرية، ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنية، والتحف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات القيمة الفنية التاريخية والأثرية، وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة والمحفوظات ومنسوخات التراث السابق ذكرها.
(ب) المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة “أ”، كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة “أ” في حالة نزاع مسلح.
(ج) المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين “أ” و”ب” والتي يطلق عليها اسم “مراكز الأبنية التذكارية”.
وقد حافظ البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية لاهاي والمبرم عام 1999 على التعريف الوارد بالاتفاقية([12]).
ومن النص السابق يتبين لنا أن المقصود بالممتلكات الثقافية:
1- الممتلكات المنقولة أو الثابتة التي تتمتع في حد ذاتها بقيمة فنية أو تاريخية أو بطابع أثرى.
2- المباني والممتلكات التي لا تتمتع في حد ذاتها بالخصائص المنصوص عليها في الفقرة السابقة، وإنما مخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية.
3- المراكز التي تحتوى على مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين السابقتين، والتي يطلق عليها اسم ” المباني التذكارية “، وأحيانًا ما تشغل هذه المباني أحياءً أو مُدنًا بأكملها([13]).
وزيادة في التأكيد على أن “الممتلكات الثقافية” محمية استنادًا لقيمتها الذاتية فقد ورد بالتعريف أن الحماية ممنوحة لها بصرف النظر عن أصلها ومالكها([14]).
وقد ذهب البعض إلى القول وبحق أن الإشارة إلى العناصر المكونة ” للممتلكات الثقافية ” على النحو الوارد بالاتفاقية هو على سبيل المثال وليس الحصر([15]).
ومما سبق نستطيع القول بأن أهم مناقب اتفاقية لاهاي لعام 1954 هو إدخالها لمفهوم “الممتلكات الثقافية” الجديد في المصطلح القانوني ( وليس في مصطلح القانون الدولي فقط) فهذا المصطلح الموحد يوفر مزية مهمة، مقارنة بالمصطلحات المتعددة التي كانت تستخدم من قبل، فهو بطبيعته الجامعة والشاملة قادر على اختزال طائفة واسعة من الأشياء والتراث المختلفة، والتي لها خصائص مشتركة، في مصطلح قانوني واحد([16]).
كما يُلاحظ أن الاتفاقية قد أخذت في التعريف بمعيار “الأهمية الكبرى للتراث الثقافي للشعوب”، وهذا المعيار يتسع ليشمل كافة عناصر”الممتلكات الثقافية” من ممتلكات ثابتة كالمواقع الأثرية والتاريخية والفنية والدينية الثابتة، سواء كانت مرتبطة أو منفصلة عن بعضها، وسواء كانت مملوكة ملكية عامة أو خاصة، علاوة على الممتلكات الثقافية المنقولة كاللوحات الفنية، والأرشيف، ومجموعات الكتب التاريخية والعلمية أيًا كان موطنها الأصلي، وكذلك المباني التي تحتوى بداخلها على “ممتلكات ثقافية”، بل وشملت أيضًا وسائل النقل التي تُستخدم في نقل “الممتلكات الثقافية”( مادة 12)، وكذلك حماية الأشخاص المكلفين(مادة15) بحماية تلك الممتلكات([17]).
وبالرغم من شمول التعريف الوارد باتفاقية لاهاي1954 ووضوحه، إلا أن تساؤلات تُطرح بين فقهاء القانون الدولي حول الأخذ بالمعيار المذكور بالمادة الأولى من الاتفاقية وهو معيار” الأهمية الكبرى للتراث الثقافي للشعوب”، من هذه التساؤلات:
ماالجهة الموكول إليها تحديد ما إذا كان موروثًا معينًا يتمتع بأهمية كبرى للتراث الثقافي للشعوب على النحو الوارد بالاتفاقية ؟ وكذلك ما المعايير التي يجب الالتزام بها بغية الوصول إلى تحديد تلك الأهمية؟ وهل اعتبار ذلك متروك للدولة الطرف التي تقع على أراضيها هذا التراث؟ أم أنه لابد من توافر اتفاق دولي عام على تمتع ذلك التراث الثقافي بتلك الأهمية الكبرى لتراث الشعوب؟ وما مدى تأثير ذلك على الممتلكات الثقافيةالتي تخص المجموعات الإثنية؟
وقد انقسم الفقه الدولي في الإجابة على هذه التساؤلات، ويمكن أن نتبين رأيين في هذه المسألة:
الرأي الأول: حيث ذهب فريق من الفقهاء إلى تبنى نظرة ضيقة مفادها عدم تمتع أي ممتلك ثقافي بالأهمية الكبرى لتراث الشعوب المنصوص عليها باتفاقية لاهاي لعام 1954 ما لم يكن هناك اتفاق دولي عام على اعتباره متمتعًا بتلك الأهمية، وبالتالي فإن الأمر ليس متروكًا للدول الأطراف التي يقع على أراضيها هذا الممتلك، وساقوا أمثلة لذلك التراث الثقافي التي تتمتع باتفاق دولي عام على “أهميتها الكبيرة للتراث العالمي” المنصوص عليها سواء كانت ثابتة مثل “الأهرامات” وتمثال “أبى الهول ” بمصر، و”تاج محل” بالهند، “والمدينة التاريخية” بالمكسيك، أو كانت منقولة مثل “لوحة الموناليزا “([18]).
الرأي الثاني: وتبناه فريق ثانٍ من الفقهاء؛ حيث اعتمدوا مفهومًا واسعًا “للممتلكات الثقافية ” المشمولة بالحماية بموجب أحكام القانون الدولي؛ حيث رأوا أن تمتع ممتلكٍ ثقافي بالأهمية الكبيرة للتراث الثقافي للشعوب المنصوص عليها في اتفاقية لاهاي لعام 1954 إنما يرجع إلى ما تحدده الدول الأطراف التي يقع على أراضيها ذلك الممتلك، وذلك طبقًا للقواعد والمعايير الوطنية التي تضعها تلك الدول، وأن تحديد المعيار المذكور يثير مصلحتين أساسيتين على المحك، وهما مصلحة الدول منفردة، ومصلحتها مجتمعة (المجتمع الدولي في مجمله)؛ بيد أن تحديد الممتلكات الثقافية الواقعة داخل أراضي الدولة وتستحق الحماية نظرًا لأهميتها تقع على عاتق الدول كل منهم على حدته([19]).
وبناءً على الرأي السابق فإن الممتلكات الثقافية متى أُدرجت على القوائم التي تعدها الدولة الطرف التي تقع على أراضيها تلك الممتلكات تتمتع بالحماية المنصوص عليها، وبغض النظر عما إذا كان هناك اتفاقًا دوليًا عامًا على تمتعها بالأهمية المنصوص عليها في الاتفاقية، وأن الأهمية المنصوص عليها بالاتفاقية يقصد بها الأهمية وفقًا لإرادة الشعب الذي يقع على أراضيه الممتلكات الثقافية، وما إذا كان لهذه الممتلكات أهمية كبرى في تراث هذا الشعب من عدمه، ومن ثم لا تتوقف على مدى ما يتمتع به من أهمية لسائر البشر.
وفي رأينا ومن خلال الاستعراض السابق يتضح لنا مايلي:
أولًا: أن المعيار الذي أخذت به هذه الاتفاقية وإن كان قد اتسع ليشمل معظم عناصر “الممتلكات الثقافية” إلا أنه قد شابه العموم وعدم الدقة، وكان الأولى استخدام معيار “القيمة الثقافية أو التاريخية ” بدلا من “الأهمية” حيث إنه أكثر دقة وتحديدًا.
ثانيًا: لم تحدد الاتفاقية معايير واضحة يمكن الوصول بها إلى تحديد ما إذا كان ممتلكًا ثقافيًا يتمتع بأهمية كبيرة لتراث الشعوب من عدمه، وعدم تحديد الجهة التي يُناط بها تحديد تلك الأهمية، وما إذا كانت الدول الأطراف التي يقع على أراضيها “الممتلكات الثقافية” كل دولة على حدة، أم يشترط لذلك اتفاق دولي عام من قبل تلك الدول، كل ذلك من شأنه أن يترك ثغرات يمكن من خلالها للدول سيئة النية أن تتحلل من التزاماتها تجاه حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح.
ثالثًا: إن تبنى الرأي القائل بأن تحديد مدى تمتع الممتلك الثقافي بالأهمية الكبيرة للتراث الثقافي للشعوب إنما يرجع إلى الدولة الطرف التي يقع على أراضيها ذلك الممتلك، من شأن ذلك أن يتيح لهذه الدولة أن تستبعد ذلك التراث الذي لا يتوافق مع عقيدة وفكر النظام السياسي الحاكم بها، وما حدث بأفغانستان أيام حكم طالبان خير دليل على ذلك، كما أن الاتفاقية لم تتعرض للممتلكات الثقافية الإثنية وصمتت حيالها تمامًا([20]).
رابعًا: ما جاء بالفقرة (ج) من المادة الأولى من اتفاقية لاهاي 1954:
(المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية المُبينة في الفقرتين “أ” و”ب” والتي يطلق عليها اسم “مراكز الأبنية التذكارية”)، يثار تساؤل هنا عن المراكز التي لا تحتوي على مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية هل تشملها الاتفاقية بالحماية أم لا ؟ وما المعيار الذي به نحدد المجموعة التي تحتويها تلك المراكز حتى تصير كبيرة ؟
خامسًا: كما أن التعريف الوارد بالاتفاقية لم يشمل الممتلكات الثقافية غير المادية، وكان التركيز على الممتلكات الثقافية المادية فقط([21])، كما لم تشمل كثير من الممتلكات الثقافية التي استُحدثت كالفهارس الإلكترونية وغيرها.
وعليه ينبغي تعديل هذا النص ليشمل معايير محددة وواضحة يتم الرجوع إليها لتحديد تلك الأهمية، ويمكن للدولة التي تقع على أراضيها الممتلكات الثقافية أن تحدد ما إذا كان الممتلك الثقافي يتمتع بأهمية كبرى من عدمه؛ وذلك باتخاذ تلك الدولة تدابير وإجراءات معينة تُثبت تلك الأهمية، وذلك وفق تلك المعايير المُقترح إضافتها إلى النص، وذلك كله تحت مراقبة المجتمع الدولي؛ لنتفادى تعنت الدولة تجاه الممتلكات الثقافية التي تخص الأقليات، والممتلكات الثقافية الإثنية.
وهذه الملاحظات التي لم يحسمها التعريف الوارد باتفاقية لاهاي لعام 1954 كان يمكن معالجتها في البروتوكول الإضافي الثاني للاتفاقية لعام 1999، وهو ما لم يحدث، لكن كثيرًا منها تم معالجتها في الاتفاقيات اللاحقة، والتي سعت الجماعة الدولية إلى إبرامها والتي سنتناول بعضًا منها في السطور التالية.
الفرع الثالث
تحديد الممتلكات الثقافية في الصكوك الدولية اللاحقة على اتفاقية لاهاي 1954
علاوة على التعريف الوارد باتفاقية لاهاي لعام 1954 وبروتوكوليها الإضافيين، فقد ورد عديد من التعريفات في الاتفاقيات والصكوك الدولية التي أُبرمت بعد هذه الاتفاقية نذكر منها: ما جاء بالمادة (53) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 والمادة (16) من البروتوكول الإضافي الثاني تحت عنوان “حماية الأعيان الثقافية وأماكن العبادة ” والتي حددت الممتلكات الثقافية بأنها: ” الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب”.
كذلك ما جاء بالمادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 عبارة “الآثار التاريخية” للتعبير عن الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية، والتي يُعد الاعتداء عليها جريمة حرب.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن التعريف الوارد بالبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف، وكذلك الوارد بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أوسع نطاقًا من التعريف الوارد باتفاقية لاهاي لعام 1954، وعليه، فقد ذهب جانب من الفقه إلى القول بإمكانية تفادى التباين بين تلك التعريفات إذا ما أثير ذلك عند وضع هذه النصوص موضع التطبيق العملي، وذلك بتحديد الاتفاقية واجبة التطبيق لكل نزاع على حدته([22]).
وأن عبارة: ‘التراث الثقافي أو الروحي للشعوب” الواردة بالبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف تتميز عن عبارة: “الأهمية الكبرى للتراث الثقافي للشعوب” الوارد في ديباجة اتفاقية لاهاي لعام 1954؛ وذلك لأنها تشكل معيارًا موضوعيًا أوسع مدىً؛ وذلك لأن كلمة “الشعوب” الواردة بالبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف(1977) تقضي بتجاوز الحدود الوطنية، وتقضي على التعصب الديني أو العرقي، وبخاصة فيما يتعلق بالأقليات العرقية أو الدينية والتي لا وطن لها، كما أن عبارة ” أو الروحي” تتسع بنطاق الممتلكات الثقافية لتشمل مواقع وأشياء ذات أهمية روحية([23]).
أما الغالبية العظمى من الفقهاء فقد ذهبوا إلى تطابق تلك التعريفات، وأن الهدف من إدراج التعريف في البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هو التأكيد على أهمية حمايتها أثناء النزاع المسلح، وليس بهدف المغايرة في تحديد مفهوم الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية، وأن الأمر لا يعدو أن يكون تكرارًا لما جاء باتفاقية لاهاي 1954([24]).
ومما سبق يتضح لنا أن التعريفات الواردة بالبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، جاءت لتسد الثغرات التي شابت التعريف الوارد باتفاقية لاهاي لعام 1954، وأنها دعمت بشكل كبير حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، وأن التباين إن وجد إنما يفسر لصالح حماية تلك الممتلكات؛ بحيث تتسع التعريفات لتشمل كافة عناصر التراث الثقافي.
وعليه، فإن هذه التعريفات يكمل بعضها بعضًا([25])، نلاحظ ذلك جيدًا فيما يخص أماكن العبادة، حيث لم يشمل التعريف الوارد باتفاقية لاهاي لعام 1954 إلا أماكن العبادة التي لها أهمية ثقافية وتاريخية وأثرية، فجاءت التعريفات الواردة بالبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لتسد تلك الثغرة بالنص على أنها تشمل أماكن العبادة التي تشكل التراث الروحي للشعوب([26]).
هذا وقد اعتمدت منظمة اليونسكو عدة اتفاقيات وتوصيات لاحقة ذُكرت فيها تعريفات أخرى، منها اتفاقية بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة لعام 1970، وقد عرفت الممتلكات الثقافية في المادة الأولى منها([27]).
وكذلك جاء في المادة (1) فقرة (أ) من اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي (التراث العالمي) لعام 1972 تعريفًا للتراث الثقافي([28])، وكذلك المادة (2) من الاتفاقية الدولية لإعادة الممتلكات الثقافيةالمسروقة أو المصدرة بطرق غير مشروعة (UNIDROIT)([29]).
وقد أخذت هذه الاتفاقيات بمعيار “التعداد على سبيل الحصر”، في تعريفها للتراث الثقافي، وذهب البعض إلى أن هذه التعريفات أكثر شمولًا، وتختلف كثيرًا عن التعريف الوارد باتفاقية لاهاي لعام 1954([30]).
وقد اعتمدت اليونسكو مجموعة من التوصيات والتي ورد بها أيضًا تعريفًا للتراث الثقافي ([31]).
الفرع الرابع
ممتلكات ثقافية أم تراث ثقافي؟
من الملاحظ أن الممارسات الدولية دأبت على استخدام كلمة “تراث” بدلًا من كلمة “ممتلكات”، ويرى بعض الفقهاء أن هناك تفضيلًا متزايدًا لاستخدام كلمة “تراث” لأنها تشمل طائفة أوسع من العناصر، بما فيها الممتلكات غير المادية ( التراث غير المادي)([32])، كما أن الممتلكات الثقافية هي عناصر التراث الثقافي، ولهذا السبب أشارت اتفاقية لاهاي لعام 1954 عند تعريفها للممتلكات الثقافية ( المادة الأولى) إلى الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب([33])، بل ويرى ذلك الفريق أن مصطلح “الممتلكات الثقافية” غير كاف وغير ملائم لمجموعة من المسائل التي يشملها مصطلح “التراث الثقافي”، مثل الممتلكات الثقافية غير المادية، ويرتبط مفهوم “الممتلكات” عند هذا الفريق بنقل الملكية، في حين أن “التراث” يفترض الحفظ والنقل من جيل إلى جيل([34]).
وقد عارض ذلك الرأي فريق آخر من الفقهاء؛ حيث إنهم رأوا أن جميع المصطلحات التي تم استخدامها في السياق الدولي، مثل “ممتلكات”، “أعيان”، “سلع”، “تراث” وغيرها مترادفة، ويرى هذا الفريق أن التعريفات والنظم القانونية تختلف من معاهدة لأخرى، ومن دولة إلى أخرى، وأن هناك قاسم مشترك بين هذه التعريفات، وهو أنها تُكوِّن جميعًا عناصر الممتلكات الثقافية([35]).
وفي رأينا أنه وبالرغم من الرأي الذي تبناه الفريق الثاني من الفقهاء والذي يرى أن التعريفات الواردة بمختلف الصكوك الدولية مترادفة، وأن ذلك يعزز حماية الممتلكات الثقافية بتوسيع مفهومها، إلا أننا نرى أن المصطلح الوارد باتفاقية لاهاي لعام 1954 وهو “الممتلكات الثقافية” هو ما يُعول عليه، وكذلك ما ورد بالاتفاقيات التي تنظم وتحكم “النزاع المسلح”، كاتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907، والبروتوكولين الإضافيين لاتفاقات جنيف والمعتمدين عام 1977، وكذلك ما جاء بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة، أما بخصوص التعريفات التي وردت بالاتفاقات الدولية التي تنظم الحماية وقت السلم، كاتفاقية التراث العالمي 1972، وغيرها، فهي بمثابة تعريفات يمكن الاسترشاد بها والرجوع إليها لتبيان ما أُشكل في التعريفات الواردة بالاتفاقيات التي تحكم حالة النزاع المسلح المشار إليها آنفًا.
تعريفنا للممتلكات الثقافية:
وفي ختام هذا الاستعراض نستطيع تحديد المقصود بالممتلكات الثقافية بأنها:
1- الممتلكات المنقولة أو الثابتة أو غير الملموسة “ذات القيمة الكبرى لتراث الشعوب الثقافي والروحي وفق معايير تحددها منظمة اليونسكو” أيًا كان أصلها أو مالكها كالمباني المعمارية أو الفنية منها أو التاريخية، الديني منها أو الدنيوي، و الأماكن الأثرية، ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنية، والتحف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات القيمة الفنية التاريخية والأثرية، وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة والمحفوظات والفهارس الإليكترونية ومنسوخات التراث السابق ذكرها.
2- المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية ، كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح.
3- المراكز التي تحتوي على ممتلكات الثقافية والتي يطلق عليها اسم “مراكز الأبنية التذكارية” والمخصصة لهذا الغرض.
المبحث الثاني
تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء
النزاعات المسلحة في الفقه الأسلامي
تحدثنا آنفًا عن نطاق الحماية المقررة للممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح في ضوء قواعد وأحكام القانون الدولي العام، والآن ننتقل إلى تحديد ذلك النطاق وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء.
ونود ان نؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية مبادئ سامية، فهي تهدف إلى تحقيق مكارم الأخلاق، وتقنين المثل العليا، بل إن تلك الأخلاق والمثل هي عقيدة متأصلة في قلوب المسلمين، أما القانون الدولي الوضعي، فأملته إرادة الدول الكبرى ذات النفوذ في المجتمع الدولي، ومواده خالية من المثالية، ولم يقصد بها إلا منع الحرب لمجرد المصالح الذاتية، دون نظر إلى شرف أو خلق أو ضمير أو كرامة([36]).
ولا يكفي في هذا المجال المعرفة بالنصوص- على أهميتها – بل يجب أن يضم إليها فقه الواقع المُعاش، ولابد من المزاوجة بينها وبين المقاصد الكلية، فتفهم الجزئيات في ضوء الكليات، وفي ضوء فقه المآلات، وفقه الأولويات وفقه الموازنات([37]).
المطلب الأول
تحديد مصطلح “الممتلكات الثقافية” في الفقه الإسلامي
تجدر الإشارة إلى أنه لم يأت ذكر لمصطلح “الممتلكات الثقافية” على وجه التخصيص فيى الفقه الإسلامي، وإنما تم تناوله كغيره من التراث الذي يخص المحاربين الذين يدخلون في نزاع مسلح مع المسلمين، وإن كان هناك بعض النصوص التي تعرضت بشكل مباشر إلى بعض عناصر الممتلكات الثقافية كما سنرى فيما بعد.
كما تجدر الإشارة إلى أن الفقهاء المسلمين قد استخدموا كلمة ” الأموال ” عند الحديث عن ممتلكات العدو، وهو مصطلح يشمل جميع أنواع الأملاك، سواء كانت من قبيل الأملاك العامة أو الخاصة أو المنقولة أو الثابتة([38]) .
والإسلام لا يُبيح إتلاف ممتلكات العدو بعد الاستيلاء عليها، وذلك بعد انتهاء القتال فعليًا، فذلك درب من الفساد لا يقره شرع ولا عقل، ويمكن القول بأن الأموال التي يحوزها المسلمون بعد انتهاء الحرب تنقسم إلى قسمين، هما: ” أموال الفيء والغنيمة “، وهي كل ما وصل من الحربيين، أو كان سببًا في وصولها([39]).
فالفيء هو: المال الذي يؤخذ من الحربيين من غير قتال، كالجزية والخراج، ويكون الفيء منقولًا أو عقارًا، فإن كان عقارًا فإنه لا يُقسم، وإنما يُقسم ريعه، ويكون الفيء لعامة المسلمين على التفصيل الوارد في كتب الخراج([40]).
أما الغنيمة – على أشهر الأقوال – فهي: ما أُخذ من أموال أهل الحرب عنوة بطريق القهر والغلبة([41]).
وينبغي التأكيد على أنه وإن أُحلت أموال العدو أو ما اُصطلح على تسميته “بالغنائم” ونزل في شأنها تشريع تفصيلي، فلم يكن أبدًا مقصد الجهاد في الإسلام هو الحصول على الأموال والأسلاب، فمقصد الجهاد هو إعلاء كلمة الله تعالى والذب عن الملة، والغنائم تابعة، ونتيجة تترتب على الحرب([42]).
هذا فيما يتعلق بوضع التراث الخاصة بالحربيين بعد انتهاء العمليات الحربية، أما أثناء القتال فإن مصير ذلك التراث يكون مختلفًا.
وفي هذا الإطار ينبغي أن نشير أولًا إلى أن الإسلام لا يعتبر المحرم مالًا، وليس له قيمة يُتقوم بها، وذلك مثل الخمر والخنزير وغيرها من الأشياء المحرمة، وفي مجال دراستنا كالكتب التي تدعو إلى الفحش والرذيلة، أو الآثار التي تُعبد من دون الله – إن وُجدت-، فهذه الممتلكات تخرج عن نطاق الحماية التي تقررها أحكام الفقه الإسلامي، والممتلكات الثقافية التي تدخل في نطاق الحماية، هي تلك الممتلكات المباحة([43])، وهو ينقسم من حيث استخدامه في الحرب إلى قسمين:
القسم الأول: وهو يشمل الممتلكات المستخدمه في الأغراض العسكرية([44]).
وهو لا يدخل في نطاق الحماية، فهي ممتلكات لا خلاف في مشروعية إتلافها والاستيلاء عليها؛ حيث إن لها علاقة مباشرة بالقتال والحرب، وسواء كان هذه الممتلكات ذي ملكية عامة أو خاصة، ثابتًة كانت أو منقولةً([45])، وهذا موجود أيضًا في القانون الدولي كما بينّا سابقًا.
القسم الثاني: ويتعلق بالممتلكات- بصفة عامة ومنها الممتلكات الثقافية- غير المستخدمة في الأغراض العسكرية، وهي تنقسم بدورها من حيث ملكيتها إلى قسمين: عامة، وخاصة.
فالممتلكات العامة ( الثابتة منها أو المنقولة ): هي تلك الممتلكات المملوكة للدولة، أو الأموال التي تتولى الدولة إدارتها، وبالتالي يكون نفعها للمدنيين الحربيين وغيرهم من المقاتلين، ومن أمثلة ذلك الممتلكات الثقافية العامة، كالمتاحف العامة، والآثار التاريخية كالمعابد والأهرامات والمكتبات العامة وغيرها، وهذه الممتلكات في حال ظفر المسلمين بالحرب يؤول ملكيتها إلى الدولة الإسلامية، وتُعتبر من قبيل الفيء إذا نالها المسلمون بدون قتال، كما تُعتبر وقفًا على المسلمين جميعًا إذا نالها هؤلاء بالسيف، وقد ثار اختلاف جزئي بين الفقهاء في هذا السياق: فذهب جمهور الصحابة والشافعية والظاهرية إلى أنه تنتقل ملكية هذه الممتلكات إلى المسلمين، الخمس لمن ذكرتهم آية سورة الأنفال ﴿ واعلموا أنما غنتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول﴾، والأربعة أخماس للغانمين، فإن طابت بتركها نفوسهم بعوض أو غيره، وقفها ولي الأمر على مصالح المسلمين؛ وقال المالكية في المشهور عندهم والشيعة الإمامية: تصبح هذه الممتلكات وقفًا على المسلمين بمجرد الحيازة دون أن تحتاج إلى وقف الإمام؛ وقال الحنفية والزيدية: الإمام فيها بالخيار إن شاء قسمها بين المسلمين، أو أقرا أهلها عليها.
والراجح من هذه الأقوال هو: تفويض الأمر إلى الإمام في قسمتها أو وقفها على المسلمين جميعًا([46]).
أما الممتلكات الخاصة ( الثابتة منها أو المنقولة ومن بينها الممتلكات الثقافية): فيُقصد بها تلك الممتلكات التي يكون ملكها مقصورًا على أفراد بعينهم، أو مملوكة لعدة أشخاص، وليست مملوكةً للدولة، ولا تتولى إدارتها، فهذه الممتلكات تبقى في ملكية أصحابها الأصليين، ولا يجوز للمسلمين القيام بهدمها أو تخريبها إذا كانت من الممتلكات الثابتة، أو الاستيلاء عليها وسلبها أو نهبها إن كانت من الممتلكات المنقولة، طالما أن هذه الممتلكات لم تُستخدم لأغراض القتال، ولم تُحتم الضرورة الحربية ذلك، وأنه يجب التمييز بين ” النهبة ” و”سلب القتيل “، وهو ما يحمله الحربي القتيل المعادي من ممتلكات، حيث إن النهبة ممنوعة شرعًا، بينما يكون سلب القتيل من حق قاتله من المسلمين، نزولًا عند الحديث الشريف{ من قتل قتيلًا فله سلبه} ، كما يجب التمييز بين النهبة والغنائم الحربية حيث إن الأخيرة مشروعة، ويتم جمعها وقسمتها ([47]).
وبالنظر إلى التعريفات التي وردت بالقانون الدولي كما أسلفنا، فقد تعددت التعريفات والمعايير التي تحددت بناءً عليها الممتلكات الثقافية، وهذه المعايير وغيرها توزن بميزان الشرع فما وافقه أُخذ به، وما خالفه تُرك، وعليه فيمكننا اعتماد التعريفات الواردة بالاتفاقيات الدولية بذلك الشرط.
فالممتلكات الثقافية المشتملة على صفة مفيدة، سواء كانت الفائدة علمية بأن كانت مشتملة على مضمون علمي، أو كانت الفائدة معنوية كما إذا كان الأثر التاريخي يمثل هوية المجتمع ويعبر عن ثقافته أو قيمه التي يؤمن بها، أو كانت الفائدة اقتصادية بحتة بأن اشتمل الأثر التاريخي على مضمون يُدر نفعًا اقتصاديًا إما مباشرًا، كما إذا كانت الممتلكات الثقافية بنفسها ثروة اقتصادية، أوغير مباشر، كما إذا كانت الممتلكات الثقافية تستثير رغبة الناس في الاستطلاع وبذلك تؤدي إلى نفع اقتصادي من خلال جلبه للسائحين وتأثيره في تنشيط حركة السياحة المحلية أو العالمية([48]).
وسواء كانت صفة الفائدة للممتلكات الثقافية تعود على شعب أو أمة بذاتها، أو كانت تلك الفائدة تعود على المجتمع البشرى بأسره، فكثير من الممتلكات الثقافية التي تخص أمة من الأمم مع أنها تشكل عنصرًا أساسيًا لهوية تلك الأمة، فإنها تمثل مقومًا مهمًا للهوية الإنسانية عمومًا، وتراثًا مشتركًا للبشرية جميعًا.
أما كل ممتلك ثقافي يشتمل على صفة مضرة أو مفسدة سواء خلا من المنفعة مطلقًا أو اشتمل على منفعة نادرة أو قليلة الأهمية بالقياس إلى الضرر المترتب عليه، وسواء كان الضرر المترتب على الشيء ضررًا ماديًا، أو ضررًا معنويًا، فلا يدخل ضمن الممتلكات الثقافيةالمشمولة بالحماية.
فكل ممتلك ثقافي مشتمل على صفة مضرة ضررًا ماديًا كما لو كان بناءً مشرفًا على الانهدام ومصدرًا للخطر على أرواح الناس ولم يكن من الممكن عمارته أو الحفاظ عليه بالشكل الذي يتجنب معه الخطر على حياة الناس وأرواحهم لم يجز تركه بحاله بل يجب هدمه لضمان أمن الناس في حياتهم وأرواحهم. وكذا الممتلك الثقافي المشتمل على صفة مضرة ضررًا معنويًا كما لو كان مدعاة لفساد أخلاق الناس وضعف القيم الأخلاقية والمُثُل المعنوية فيما بينهم([49]).
فالإسلام بتعهده بسموّ الأخلاق والقيم،لا يعترف بقيمة ثقافية أو فنية ذات شكل غير أخلاقي أو فــاحش، وحين تفتخـــر بعض التقـــاليد بالتعري الكـامل أو الجزئي المتمثل في التماثيل واللوحات والرسومات والشعر والنثر وغيرها، فإن قيم الإسلام الشاملة لا تسمح بإنتاج ونشر أفكار وأشياء غير أخلاقية وغير محتشمة، وبالأخص فإن القرآن وبسبب اهتمامه بما هو تفريق أخلاقي بين المعروف والمنكر، فإنه لا يسمح بتدنيس نظر الإنسان أو سمعه من خلال مشاهدة أو سماع تعابير “فنية” بذيئة وغير محتشمة. وعليه، فإن كثيرًا من المنتجات “الفنية” لأجسام عراة لن تُقبل لأنها تتناقض مع المنفعة الأخلاقية للناس([50]).
فالأصنام والأوثان والمجسمات التي خصصت للعبادة كذلك لا يمكن أن تعتبر تراثًاثقافيًا ما لم تخرج عن حالتها التي خصصت لها أولًا وهي العبادة والتقديس، فهذه يجب هدمها؛ فعبادة الأوثان والأصنام مع أنها من أبين الخرافات فسادًا، وأنها تعتبر في ذاتها ظاهرة تقضي على الثقافة والفكر، ومن أكبر العوائق التي تحول دون التطور الثقافي والحرية الفكرية، نهي عنها الإسلام كما نهت عنها الأديان السماوية نهيًا باتًا.
والظاهر أن السر فيما اتخذته الأديان السماوية وخاصة الدين الإسلامي من الموقف الصارم في رفض هذه الظاهرة هو ما تلعبه هذه الظاهرة من الدور في تجميد العقل الإنساني وتعطيل قواه الفكرية، وإفراغ الشخصية الإنسانية من محتواها القائم بالتعقل والتفكير([51]).
وعليه فإن المتتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاع المسلح وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية تشمل كل ممتلك ثقافي:
نافع ومفيد منفعة معتبرة شرعًا([52]).
ولا يستخدم للعبادة والتقديس.
ولا يستخدم في إشاعة الباطل، ولا يدعو إلى الفساد الأخلاقي.
ويدخل تحت هذا العنوان أية عناصر من الممتلكات الثقافية التي ورد ذكرها في الاتفاقيات الدولية، كالممتلكات المنقولة أو الثابتة التي تتمتع في حد ذاتها بقيمة فنية أو تاريخية أو بطابع أثرى، والمباني العلمية والمتاحف التي تضم أشكال الفنون المختلفة والمكتبات والمجموعات العلمية، وأماكن العبادة، وكذلك الممتلكات الثقافية غير المادية، ما توافر لها شرط عدم مخالفة أحكام الشرع الإسلامي الحنيف.
المطلب الثاني
الأدلة الواردة في تحديد الممتلكات الثقافية أثناءالنزاع المسلح في الشريعة الإسلامية
وستنتناول تحت هذا العنوان كل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة واقوال الفقهاء.
الفرع الأول: القرآن الكريم
1-ذكر الله تعالى في كتابه الكريم كثير من الآيات التي تنهي عن الفساد في الأرض ومنها قوله تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ وقوله تعالى:﴿…وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾([53]).
وفي الآيات الكريمة دلالة على النهي عن عموم الفساد في الأرض، ومن الفساد في الأرض: وجود تلك الممتلكات الثقافية التي تُعبد من دون الله، أو تلك التي تُشيع الباطل وتدعو إلى فساد الأخلاق.
2- وردت كثير من الآيات الكريمة التي تُحرم عبادة الأوثان، كقوله جل شأنه: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَاِن﴾([54])، وقوله تعالى في الحكاية عن إحراق سيدنا موسى عليه السلام للعجل الذهبى الذي صنعه السامري: ﴿وَانْظُرْ إلى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾([55]).
كما أن سيدنا إبراهيم عليه السلام حطم الأصنام، وجعلها جذاذًا، كما حكى القرآن الكريم، وقد قال الله تعالى لرسوله :﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾([56]).
وقد دلت الآيات الكريمات على حرمة الإبقاء على التماثيل والأصنام التي تعبد من دون الله تعالى، ووجوب هدمها وتحطيمها مادامت تُستخدم لذلك الغرض، ومن المعلوم أن التماثيل من عناصر الممتلكات الثقافية، فطالما بقيت تلك التماثيل مُتخذة للعبادة من دون الله فلا تدخل ضمن الممتلكات الثقافية التي تشملها أحكام الحماية المقررة لها في الشريعة الإسلامية([57]).
الفرع الثاني: السنة النبوية الشريفة
1-روى البخاري عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: { دخل النبي مَكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، جَاءَ الْحَقُّ، وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}([58]).
وروى البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما:{ أنرسول الله لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فَأُخْرِجَتْ، فَأُخْرِجَ صورة إبراهيم، وإسماعيل في أيدِيهما من الأزلام، فقال النبِي ” قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قَط”. ثم دخل البيت، فكبر في نواحي البيت، وخرج ولم يُصَلِّ فيه}([59]).
وقد ذكر ابن هشام: أن النبي دخل البيت الحرام يوم الفتح، فرأي فيه صور الملائكة وغيرهم، فرأي إبراهيم عليه السلام مُصورًا وفي يده الأزلام يستقسم بها، فقال: قاتلهم الله، جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام، ما شأن إبراهيم بالأزلام !، وقرأ قول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾([60]).
وقد بعث النبي خالدًا بن الوليد رضي الله عنه إلى ( العُزَّى )، وكانت بنخلة ( اسم موضع )، وكانت بيتًا يُعظِّمه هذا الحي من قريش وكنانة ومُضر كلها، فلما انتهي إليها خالد هدمها، ثم عاد إلى النبي ([61])، وبُعث عمرو بن العاص إلى ( سُواع )، وهو صنم لهذيل ليهدمه، وسعد بن زيد الأشهلي إلى ( مناة ) وهي صنم للأوس والخزرج وغسان، وتم هدم هذه الأصنام بأمر النبي ([62]).
وقد دلت الروايات السابقة على أن هياكل العبادة المبتدعة كالأصنام والصور وغيرها، لا تدخل في نطاق الحماية المقررة للممتلكات الثقافية وفقًا لأحكام الفقه الإسلامي.
2- عن جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه – قال: { قال لي رسول : ألا تريحني من ذي الخلصة – وكان بيتا في خثعم يسمى الكعبة اليمانية – قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أَحمَس، وكانوا أصحاب خيل، وقال: كنت لا أثبت على الخيل، فضرب على صدري، وقال: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا، فانطلق إليها فكسرها وحرَّقها، ثم بعث إلى رسول الله يخبره، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف أو أجرب. قال: فبارك في أَحمَس ورجالها خمس مرات}([63]).وذي الخلصة: الخلصة هو نبات له حبٌ أحمر كخرز العقيق، وذو الخلصة: اسم للبيت الذي كان فيه الصنم، وقيل: اسم لبيت الخلصة، واسم الصنم: ذو الخلصة، وهو صنم لدوس وخثعم وبجيلة([64]).
وفي الحديث دلالة واضحة على وجوب تدمير الممتلكات الثقافية المستخدمة في العبادة، حيث دل الأمر في الحديث على الوجوب، ومباركة النبي ذلك الفعل، وكان التدمير بالقدر الذي يُخرجه من دائرة التقديس والعبادة، دل على ذلك قول رسول جرير: (والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف أو أجرب).
الفرع الثالث: أقوال الفقهاء
تعرض الفقهاء في كتاباتهم – فضلًا عن تعرضهم للأحكام الخاصة بممتلكات الحربيين عمومًا- ومن بينها الممتلكات الثقافية- لبعض عناصر الممتلكات الثقافية كالكتب مثلًا، والتماثيل وغيرها، وقد ذكروا تلك الممتلكات التي لا تشملها الحماية المقررة للممتلكات الثقافية أثناء الحروب، ومن هذه الأقوال:
يقول الشافعي رحمه الله وما وجدوه من كتبهم فهو مغنم كله، وينبغي للإمام أن يدعو من يترجمه، وإن كان علمًا من طب أو غيره لا مكروه فيه باعه كما يبيع ما سواه من الغنائم، وإن كان كتاب شرك شقوا الكتاب وانتفعوا بأوعيته وأداته فباعها ولا وجه لتحريقه ولا دفنه قبل أن يُعلم ما هو)([65]).
ويقول الإمام النووي لو ظفرنا بكتب لهم مما يحل الانتفاع به، كطب وشعر ولغة وحساب وتواريخ، فلها حكم سائر الأموال، فتباع أو تقسم، وما حرم الانتفاع به، ككتب الكفر والهجو والفحش والمحض، لم يترك بحاله، وعن القاضي أبى الطيب أنها تُمزق أو تُحرق، وكتب التوراة والإنجيل مما لا ينتفع به، لأنهم بدلوا وغيروا، وإنما نقرها في أيديهم كما نقر الخمر)([66]).
وقد ذهب ابن قدامة المقدسي وهو من الحنابلة، إلى ما ذهب إليه الإمام النووي فيما يتعلق بالكتب، فقال في المغني: ( فأما كتبهم فإن كانت مما ينتفع به، ككتب الطب واللغة والشعر، فهي غنيمة، وإن كانت مما لا ينتفع به ككتاب التوراة والإنجيل، فأمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد غسلها، غُسل، وهو غنيمة، وإلا فلا يجوز بيعها)([67]).
وأوجب الحنابلة هدم الأوثان، لقصة وفد ثقيف، وسؤالهم رسول الله أن يدع لهم اللات (وهو صنم لهم) ولو شهرًا، فأبى، وكذلك جميع القباب على القبور([68]).
وذهب الأحناف كذلك إلى: وجوب إتلاف كتبهم المبدلة، دفعًا لضررها، وقاسوا عليه إتلاف كتب الرفض والاعتزال([69]).
وباستعراض آراء الفقهاء على اختلافهم نجد أنهم قد فرقوا بين الكتب النافعة، فأوجبوا الانتفاع بها، وتلك التي تدعو إلى الشرك والكفر والفحش، فأوجبوا إتلافها، ويقاس على الكتب غيرها من الممتلكات الثقافية.
غير أنه من الملاحظ أنهم اعتبروا التوراة والإنجيل من الكتب التي لا يُنتفع بها، وبالتالي فهي تأخذ حكم الإتلاف، ولكننا نرى أنه لابد من مراجعة هذا الحكم للآتي:
1-أن الله تعالى قد دعى الأمة ممثلة في رسولها إلى مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، يقول جل شأنه: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ([70])،﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ َ﴾([71])، ولا تكون المجادلة بالتي هي أحسن إلا بالاطلاع على كتب من نُجادلهم، وعليه، فإنه لا يجوز إتلاف أو تحريق كتبهم حتى يُطلع عليها ويُرد على ما فيها حتى يتبين الحق، لأن ذلك هو الوسيلة الصحيحة لإدحاض ضلالات تلك الكتب([72]).
2- أن النبي رد صحائف التوراة التي وُجدت بالغنائم التي غنمها المسلمون في خيبر، لرواية الواقدي أن النبي أمر فروة بن عمرو البياضي أن يجمع غنائم خيبر في حصن النطاة، وجُمعت يومئذٍ مصاحف فيها التوراة من المغنم، فجاءت اليهود تطلبها وتُكلم فيها رسول الله ، فأمر النبي بدفعها إليهم([73]).
فدل ذلك على عدم اعتبار صحائف التوراة من الغنائم،وعدم التعرض لها بالإساءة، ورُدت إلى أصحابها.
3-عملًا بقاعدة ” سد الذرائع “؛ حيث إن تدمير أو إتلاف كتب الديانات الأخرى، سوف يدفع أصحاب هذه الديانات إلى التعرض إلى المصحف الشريف وغيره من كتب المسلمين، ولإن كان في الماضي يمكن أن نتحكم بنشر المصحف الشريف فلا يقع في أيدي الأعداء، فإن تعدد الوسائل الحديثة التي تحوى القرآن الكريم من مطبوعات بكميات هائلة، ووسائل إليكترونية مختلفة، يجعل تعرض القرآن للتدنيس من قبل الأعداء أمرًا واردًا، فوجب عدم التعرض لكتبهم، فيعاملونا بالمثل فيتعرضوا للقرآن الكريم، وقد دل على ذلك قول الله تعالى:﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾([74]).
أن النبي قدعاهد أهل نجران على حفظ أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعيرهم وبعثهم وأمثلتهم ( الصلبان والصور)([75])،ولو كان الأمر بإتلاف كتبهم ما عاهدهم النبي على حفظها لهم.
5– أن ما جرى عليه العمل على مدار التاريخ الإسلامي أن المسلمين لم يتعرضوا لهذه الكتب، ولم يحرقوها أو يُتلفوها، بل إن أبا عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد وغيرهم من قادة الجيوش الإسلامية الفاتحة، قد عاهدوا أهل هذه البلاد من اليهود والنصارى على حفظ كنائسهم ومعابدهم، بل وسمحوا لهم في أيام أعيادهم أن يظهروا الصلبان([76]).
وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز التعرض لكتب التوراة والإنجيل بالتدمير أو الإتلاف، ونرى أن لها حكمًا خاصًا بها، -مع التأكيد على أنها كتب مُحرفة-، ولكنَّ أهل الكتاب قد خصهم الله تعالى بأحكام خاصة بهم دون غيرهم من الفئات الأخرى من غير المسلمين، أما كتب الديانات الأخرى من غير اليهود والنصارى، فإن الحكم فيها حسب ما تقتضيه المصلحة العامة للمسلمين.
المطلب الثالث
الحكم الفقهي للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاع المسلح
من خلال النصوص السابقة التي جاءت في كتاب الله تعالى وسنة نبيه نستطيع أن نستجلي الحكم الفقهي المتعلق بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وهو يدور مع الأحكام الشرعية الخمسة حسب التفصيل الآتي:
أولُا: ما تجب حمايته والمحافظة عليه، ويحرم هدمه أو تخريبه أو التفريط به والتساهل في صيانته وحفظه بما يؤدي إلى خرابه وتلفه، وهو كل أثر تاريخي تنطبق عليه المواصفات والعناوين التالية:
1-الشعائر الإلهية:الشعائر الإلهية تشمل كل مكان أو أثر اختص شرعًا أو عرفًا بعمل مندوب إليه في الشرع يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وبناء على ذلك فالمساجد والأماكن المختصة بالعبادة ونشر العلم،كل ذلك مما يعتبر من شعائر الله التي يجب تعظيمها وعمارتها وحمايتها، ويحرم التفريط بها أو أي عمل يوجب الوهن في المعلم الرباني أو الحط من قدر الشعار الإلهي وشأنه عند الناس([77])، وقد دل على ذلك العديد من النصوص التي سقناها آنفًا.
2-الأثر العلمي ويشمل الأثر الفني والأدبي الذي لا يشتمل على مخالفة شرعية:
ويدل على وجوب حماية الأثر العلمي وحفظه كل ما دل على وجوب طلب العلم، كما أن التعرض لهذه الآثار من باب الإفساد في الأرض المنهي عنه في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾([78])، وغيرها من الآيات التي تنهي عن الفساد في الأرض.
فحماية العلم النافع وآثاره واجب مطلقًا، وكذا حماية الآثار الفنية والأدبية التي صدق عليها أنها مما يحتاج إليه الناس في حياتهم، فيجب حمايتها وحماية ما يدل عليها ويؤدي إليها سواء كان الأثر كتابًا أو عمارة أو بناء أو غير ذلك([79]).
ثانيًا: ما يُستحب حمايته والمحافظة عليه من غير وجوب:
يُستحب حماية الممتلكات الثقافيةإن كانت مما يستفاد منه للاعتبار بحياة الماضين مما دعت إليه الشريعة، وأكدته آيات الكتاب، وأحاديث السنة الشريفة، كما في قوله تعالى: ﴿قَدْ خَلَت مِنْ قَبْلِكُم سُنَنٌ، فَسِيرُوا فِيالأرْضِ فَانْظُرُوا﴾، وقوله تعالى: ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا وَآذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا.﴾،وقوله تعالى:﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾، وغيرها من الآيات الكريمة التي تحث على الاعتبار والعظة.
ثالثًا: ما يحرم إبقاؤه بل يجب هدمه وتدميره:
تحرم حماية كل ممتلك ثقافي مضر وفاسد، بل يجب تدميره، فالأصنام والمجسمات التي خصصت للعبادة لا يمكن أن تعتبر ممتلكً اثقافيًا ما لم تخرج عن حالتها التي خصصت لها أولًا وهي العبادة والتقديس.
وعمدة الدليل الشرعي المثبت لعدم جواز الإبقاء على الأصنام والأوثان ووجوب هدمها وإمحائها ما ذكرناه سابقًا مما دل على وجوب إمحاء الباطل وعدم جواز إبقائه أو إحيائه، وكذا قوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَاِن﴾([80])، وكذلك تحطيم النبي للأصنام التي كانت حول الكعبة، وقد كان يضربها برمحه وهو يقول:﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾([81]).
وينبغي أن نشير إلى أن الحكم بالحرمة ووجوب التدمير والهدم في هذا القسم مختص بحال بقاء الموضوع على ما هو عليه من الاندراج تحت العنوان السلبي أو الصفة السلبية التي ثبت له الحكم بالحرمة بسببها، فلو تغير الموضوع تغيّرًا نفي عنه الصفة السلبية التي ثبت الحكم بالحرمة بسببها زال الحكم بزوال الموضوع.
رابعًا: ما يقع تحت حكم المكروه:
ويقع تحت حكم المكروه حمل المصحف إلى ميدان القتال في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه، وقدمنا أن حكم الكراهة يدور مع الخوف وجودًا وعدمًا.
وكذلك كل ممتلك ثقافي اندرج إبقاؤه تحت عنوان نهي الشارع عنه نهي كراهة وتنزيه لا نهي منع وتحريم.
5- ما يباح إبقاؤه وصيانته والمحافظة عليه من غير تعيّن الفعل أو الترك ولا رجحان لأحدهما:
وهو الأثر التاريخي غير المندرج تحت شئ من العناوين المأمور بها أمرًا وجوبيًا أو استحبابيًا أو المنهي عنها نهيًا تحريميًا أو تنزيهيًا.
المطلب الرابع
حكم التماثيل وهل يجب هدمها ؟
التماثيل من العناصر التي توجد وتشيع في كثير من الحضارات لذلك خصصنا لها فرعًا مستقلًا، فما موقف الشريعة الإسلامية منها؟ وهل تشملها أحكام الحماية المقررة للممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية؟
والتّمثال هو: الصّورة التي تُماثل الشّيء الأصلي. هذه الصورة حين تكون مجسّمة تُسمّى تمثالًا. والتّمثال قد يكون صورة لشيء ذي روح ، وقد يكون صورة لجماد. ولكنّ اسم التّمثال غلب على صورة ذي روح([82]).
والصّور المرسومة باليد والتّماثيل المجسّمة لها لا يزال الخلاف قائمًا حولها بين الفقهاء والمذاهب، وإن كان أكثر الفقهاء يستعملون مصطلح الصّورة أو التّمثال بمعنى واحد.
وقد انقسمت الآراء حول تدمير وهدم التماثيل إلى رأيين:
الرأي الأول: يرى وجوب هدم وتدمير التماثيل والصور والمجسمات([83])، واستندوا فيما ذهبوا إليه إلى أدلة منها:
1-أن سيدنا إبراهيم عليه السلام حطم الأصنام وجعلها جذاذًا، كما حكى القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى:﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إليه يَرْجِعُونَ﴾([84])، وقد أمر الله تعالى نبيه محمد باتباع إبراهيم عليه السلام، يقول تعالى:﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾([85]).
2- أن نبي الله موسى عليه السلام حرَّق ( العجل الذهبي ) الذي صنعه السامرى لبنى إسرائيل، وقال له موسى: ﴿وَانْظُرْ إلى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾([86]).
3-أن النبي : {حطم الأصنام عندما فتح مكة، وكانت نحو ثلاثمائة وستين صنمًا([87])،وكان يضربها برمحه ويقول: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾}([88]).
4-أن سيدنا علي كرم الله وجهه قال لأبى الهياج الأسدي: { أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله : { لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته}([89]).
4-أن الإسلام قد حرم التماثيل وقد أجمعت الأمة على ذلك.
الرأي الثاني: يرى أصحاب هذا الرأي أنه يجب التفرقة بين حالتين:
الحالة الأولى: والتي يصنع فيها المسلمون هذه التماثيل أو تُصنع لهم.
والحالة الثانية: تتعلق بالتماثيل التي صنعها الأقدمون قبل الإسلام، أو تصنعها الأمم الأخرى عمومًا.
وقبل التعرض لتفصيل الحالتين السابقتين نؤكد على أن الحكم في التماثيل التي تُستخدم للتقديس والعبادة أنها خارج نطاق الحماية التي يكفلها الإسلام للممتلكات الثقافية ، لا خلاف في ذلك بين الفقهاء.
أما ما يتعلق بإقامة التماثيل أو صنع الصور المجسمة فحكم الإسلام فيها معروف وهو التحريم، والذي صحت به أحاديث نبوية كثرت واستفاضت، واتفق عليها علماء الأمة السابقون، ولاسيما الصور المعبودة من دون الله، هذا في التماثيل التي يصنعها المسلمون أو تُصنع لهم، بعد أن منَّ الله عليهم بالإسلام، وعرفوا منه الحرام والحلال([90]).
أما التماثيل التي صنعها الأقدمون قبل الإسلام، والتي لا تستخدم للعبادة والتعظيم والتقديس، فهي داخلة في نطاق الحماية التي كفلتها الشريعة الإسلامية للتراث الثقافي ، ولا يجب تدميرها أو تحطيمها.
وقد ناقش أصحاب هذا الرأي الأدلة التي استند إليها أصحاب الرأي الأول بما يلي:
1-أن تحطيم سيدنا إبراهيم عليه السلام للأوثان وجعلها جذاذًا، وكذلك تحريق سيدنا موسى عليه السلام لعجل السامرى ونسفه في اليم نسفًا، فإن الأوثان التي حطمها إبراهيم عليه السلام كانت تعبد من دون الله، وقد حاجهم في ذلك وأفحمهم: ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾([91])، وكذلك العجل الذي صنعه السامرى قد غدا صنمًا يعبده السامري ومن تبعه من بني إسرائيل الذين قالوا لسيدنا هارون:﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾([92]).
2-أما ما يتعلق بفعل النبي يوم فتح مكة؛ حيث إنه حطم الأصنام التي كانت حول الكعبة، فإن هذه الأصنام كانت في المسجد الحرام، وحول الكعبة البيت الحرام، ولا يجوز أن يبقى في مسجد من مساجد المسلمين وثن يعبد، فكيف بأعظم مساجد الله، وبأول بيت وُضع في الأرض ؟([93]).
3-وحول الحديث الذي استدل به أصحاب الرأي الأول القائل بوجوب هدم التماثيل وتحطيمها على العموم، والذي رواه الإمام مسلم عن أبى الهياج الأسدي، أن عليًا رضي الله عنه قال له: {أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله : {لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته}، فإن أمر سيدنا على رضي الله عنه إنما أمر بـ ( طمس التماثيل )، أي تشويه معالمها، ولم يأمر بهدمها([94]).
وقد استند أصحاب الرأي الثاني إلى أن الله تعالى أخبرنا أن الجن كانوا يعملون تماثيل لسليمان عليه السلام، وقد ذكر الله ذلك في معرض الامتنان على آل داود: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾([95])، ولا يُتصور أن يذكر الله تعالى عمل شيء يجب هدمه وتدميره في معرض الامتنان على آل دادو عليهم السلام([96]).
الترجيح:
يجب علينا أن نفرق بين نوعين من التماثيل ورد ذكرهما في القرآن الكريم:
الأول: تماثيل تُعبد من دون الله، وهذه تُسمّى تماثيل وتُسمّى أصناماً وتُسمّى أنصاباً.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ…. وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾([97]).
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾([98])، والأنصاب هي الأصنام المعبودة التي تنصب لتقدّم لها الذّبائح.
ومن البديهي أن نقول: أنّ مثل هذه التّماثيل- التي تُعبد من دون الله – يحرم على المسلم صنعها أو بيعها أو تقديم الذّبائح لها، فضلاً عن أنّ عبادتها هي الشّرك الواضح.
الثّاني: تماثيل لا تُعبد من دون الله، وهي بالتالي ليست أصناماً ولا أنصاباً.
مثل هذه التّماثيل كان معروفًا منذ القدم، ولا يزال موجودًا عند أكثر شعوب العالم. وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن الجنّ كانوا يصنعون مثل هذه التماثيل لسليمان عليه السّلام.
قال تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾([99])،وهذا يعني أنّ التّماثيل كانت مباحة في شريعة سليمان عليه السلام كما يقول المفسّرونوقد ذكر الله تعالى في سورة الصّافّات على لسان إبراهيم عليه السلام قوله لقومه:﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾([100]).فاستنكار إبراهيم لم يوجه إلى فنّ النّحت، وإنما كان موجهًا ضد عبادة ما يُنحَت،مما يعني إباحة نحت التّماثيل إذا لم تكن للعبادة([101]).
وعليه، فإننا نرى الرأي الثاني هو الرأي الراجح، وذلك لقوة الحجج التي ساقوها، كما أن الرأي القائل بوجوب تدمير التماثيل وهدمها على العموم لم يصح استدلالهم، لأنهم قد ساقوا الأدلة في غير موضعها، كما أنهم حملوا الدليل على غير ما يحتمل، وعلاوة على الأدلة التي ساقها أصحاب الرأي الذي يرى عدم جواز تدمير التماثيل التي صنعها الأقدمون شريطة ألا تُستعمل للعبادة والتقديس، فإننا نزيد عليها فنقول:
1-أن القاعدة التي يًعول عليها في الحكم على التماثيل هي ألا تكون رمزًا للتقديس أو العبادة من دون الله تعالى، ولا يأتي من ورائها فتنة دينية يُخاف شرها على عقيدة الأمة، وما ساقه أصحاب الرأي الأول كله يدور في هذا الفلك وهو ما لا خلاف عليه، ولكن لا يجوز التعميم على كافة التماثيل، فأغلبها صار من بقايا الأمم والحضارات، وأصبحت تراثًا تاريخيًا، ومادة حية من مواد التاريخ، ولا يُخشى من استخدامها للعبادة والتقديس.
2- أن الصنم هو ما يعبده الناس بالفعل، أو ما أُعد ليُعبد، فهل هذا الوصف ينطبق اليوم على التماثيل جميعها؟! وهل بقى في عالم اليوم من يتخذ صنمًا يعبده من دون الله ؟! إن الناس اليوم ينظرون إلى التماثيل على أنها تحف فنية، وآثار تعبر عن فترة من التاريخ لأمم هلكت، ولا يخطر ببالهم تقديسها أو عبادتها.
3-أنه حتى في حالات وُجدت فيها أصنام استعملها بعض الناس للعبادة والتقديس، لم يكن التدمير الكامل والهدم التام هو ما صنعه المسلمون بها، بل شوهوا بعض معالمها فقط، لتخرج من دائرة التقديس والعبادة، وليس أدل على ذلك من صنم دوس وكان يسمى بـ ( ذي الخلصة)، حيث بعث النبي من يقضي عليه، وكان بيتًا يسمونه ( الكعبة اليمانية )، فعاد الصحابي المُكلف بالإزالة، وقال تركته يا رسول الله كالجمل الأجرب، وهذا يعني أنه لم يهدمه تمامًا، بل اكتفي بطمسه وتشويهه، وهذا حدث مع بعض التماثيل التي وُجدت في كثير من البلاد التي فتحها المسلمون، وكان يعبدها الناس من دون الله.
4- أن المسلمين الأوائل من جيل الصحابة الكرام في بداية الفتوحات الإسلامية، في عهد الخلفاء الراشدين، قد فتحوا كثيرًا من البلدان التي وُجدت بها كثير من المعابد التي احتوت كميات هائلة من التماثيل والصور، كالعراق التي كانت بها الآثار البابلية والآشورية وغيرها، وكذلك مصر التي وُجدت بها الآثار الفرعونية، وغير ذلك من البلدان التي فُتحت في تلك الفترة، ولم يثبت عن هؤلاء المسلمين الفاتحين أنهم دمروا أيًا من هذه التماثيل والآثار، وكان في هذه الجيوش الصحابة الأوائل الذين عاصروا النبي من أمثال الزبير بن العوام وعبادة بن الصامت وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وكانت هذه الجيوش تُوجه من قبل الخلفاء الراشدين وهم أعلم الناس بشرع الله وهم من صحابة القرن الأول الذين هم خير الأمة، وكانوا يمثلون أعظم قوة عسكرية في العالم يومئذٍ، فلو وجب هدم هذه التماثيل، وكان ذلك هو حكمها الشرعي، لكان هؤلاء الصحابة أول من يطبق ذلك الحكم، ولكن وسعهم السكوت على هذه الآثار، واتجهوا إلى تحرير البشر أولًا، وإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
وبناءً على ما تقدم فإن التماثيل التي لا تُعبد من دون الله، ولا تشكل فتنة للأمة في عقيدتها، فهي مشمولة بالحماية، ولا يجوز تدميرها أو هدمها، ما لم تدعو الضرورة العسكرية إلى ذلك.
الخاتمة والتوصيات:
بعدأن انتهينا من الإجابة عن إشكالية الدراسة فإنه يجب تتويج الدراسة بخاتمة نُبرز من خلالها أهم النتائج التي تم التوصل إليها في موضوع تحديد الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاع المسلح، واقتراح بعض التوصيات.
ومن الاستنتاجات التي تم التوصل إليها:
أولًا: أن المجتمع الدولي قد أدرك مبكرًا الخطر الذي يتهدد الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، فسن القوانين الوطنية وعقد الاتفاقيات الدولية التي تمنع من تدمير أو نهب الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة ، والتي تضمنت تحديدا للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية.
ثانيًا: أن أهم مناقب اتفاقية لاهاي لعام 1954 هو إدخالها لمفهوم ” الممتلكات الثقافية ” الجديد في المصطلح القانوني ( وليس في مصطلح القانون الدولي فقط) فهذا المصطلح الموحد يوفر مزية مهمة، مقارنة بالمصطلحات المتعددة التي كانت تستخدم من قبل.
وبالرغم من شمول التعريف الوارد باتفاقية لاهاي1954 ووضوحه، إلا أنه قد وُوجهت إلية بعض الانتقادات كالأخذ بمعيار ” الأهمية الكبرى للتراث الثقافي للشعوب” في تعريف الممتلكات الثقافية، وهو معيار غامض وغير محدد، وكان الأولى الأخذ بمعيار ” القيمة التاريخية أو الثقافية” وهو معيار أكثر وضوحًا وتحديدًا، كم أن هذا التعريف لم يشمل الممتلكات الثقافية غير الملموسة، ولم يتضمن العناصر الحديثة من الممتلكات الثقافية.
ثالثًا:أن الشريعة الإسلامية قد وضعت نظامًا قانونيًا تضمن تحديدًا للممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية أثناء النزاع المسلح، بوضع معايير محددة لتعريف تلك الممتلكات، بأن تكون نافعة ومفيدة منفعة معتبرة شرعًا، ولا تُستخدم للعبادة والتقديس، ولا تُستخدم في إشاعة الباطل، ولا تُدعو إلى الفساد الأخلاقي.
أما عن التوصيات والمقترحات:
أولًا: يجب التأكيد على السعي من قبل المجتمع الدولي إلى وضع وثيقة دولية واحدة تشتمل على الأحكام الواردة بالوثائق الدولية المختلفة – بعد معالجة النقد الموجه إليها – والمتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، وحشد الدعم الدولي لها؛ لأن تعدد الوثائق لايشكل نظامًا فعالًا للحماية، علاوة على عدم تمتع كثير من هذه الوثائق بالقبول العالمي مع أهميتها الشديدة، على أن تستقي هذه الوثيقة الدولية أحكامها من قواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية، وبذلك نضمن وضع وثيقة دولية تخلو من النقائص التي تعيب الوثائق الدولية الموجودة حاليًا، مع خلق وعي عالمي واسع بهذه الوثيقة، لنستطيع القول في النهاية أننا توصلنا إلى نظام قانوني دولي متكامل وذي فاعلية لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة يشتمل على تعريف دقيق للممتلكات الثقافية.
ثانيًا: وضع تعريف واضح ومحدد للممتلكات الثقافية يشمل جميع عناصر التعريفات التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية الممتلكات الثقافية في السلم أو أثناء النزاعات المسلحة، مع الأخذ في الاعتنبار التطورات والتكنلوجيا الحديثة والتي احتوت على ممتلكات ثقافية لم تكن موجودة من قبل مثل الفهارس الإلكترونية وغيرها.
قائمة المصادر والمراجع:
أولًا:القرآن الكريم.
ثانيًا: المراجع العربية:
ابن قدامة المقدسي: المغنى، تحقيق عبد الله ابن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو، دار عالم الكتب، الرياض، 1997، ط3، ج13.
أبو الحسن علي بن محمد الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405 هـ، ط1 .
أبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني،سنن أبي داود،،شرح وتحقيق:السيد محمد سيد وعبد القادر عبد الخير والاستاذ سيد إبراهيم،،دار الحديث، القاهرة،1999،ج 4.
أبو عبيد القاسم بن سلام، الأموال، دار الشروق، ط 1، 1989.
إحسان الهندي، أحكام الحرب والسلام في دولة الإسلام، دار النمير، دمشق،1993، ط1.
أحمد أبو الوفا محمد، النظرية العامة للقانون الدولى الانسانى فى القانون الدولى والشريعة الاسلامية، دار النهضة العربية، ط 1.
أحمد بن على بن حجر العسقلانى، فتح البارى بشرح صحيح البخاري، تحقيق: عبدالقادر شيبة أحمد، مطبعة الملك فهد، ط1، 2001.
الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، الأم، دار المعرفة، بيروت، 1393 هـ، ط2، ج4.
الإمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي:
روضة الطالبين، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412هـ، ط1.
صحيح مسلم بالشرح النووي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1392 هـ، ط 2، ج16.
الأمم المتحدة – مجموعة المعاهدات – المجلد 1752 الرقم 30597.
البخاري، ط. دار ابن كثير، بيروت، 1407هـ، ت مصطفي البغا.
الحافظ أبي بكر محمد بن الحسين البيهقي، سنن البيهقي، دار المعرفة، بيروت.
الحافظ المنذرى، مختصر سنن أبى داود، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000.
حسن عبد الغني أبو غدة، قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية حال الحرب، مكتبة العبيكان، الرياض، ط1، 2009.
رشاد عارف السيد، المسئولية الدولية عن أضرار الحرب العربية الإسرائيلية، دار الفرقان، 1984، ط 1، ج 1.
سعيد سالم جويلى،المدخل لدراسة القانون الدولى الانسانى ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002.
صحيح مسلم، ط، دار إحياء التراث، بيروت، ت محمد فؤاد عبد الباقي.
صلاح عبد البديع شلبى، حق الاسترداد – دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، وتطبيق مبادئه في العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل -، بدون دار نشر، ط 1، 1983.
عبد الأمير زاهد، المدخل إلى النظرية العامة للقانون الدوليالإسلامي، شركة الغدير للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1999.
عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي، الروض المربع شرح زاد المستقنع، بدون دار نشر، 1397 هـ، ط1.
القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، كتاب الخراج، دار المعرفة، بيروت، 1979.
محمد ابن أحمد السرخسي،المبسوط، دار المعرفة، بيروت، 1406هـ، ط2، ج10.
محمد الخطيب الشربينى، مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، دار الفكر بيروت، ج 6، .
محمد بن سيد الناس اليعمري، عيون الأثر في فنون المغازى والشمائل والسير، ت. محمد العيد الخطراوي، دار بن كثير، بدون تاريخ، ج 2.
محمد بن عيسى الترمذي، السنن، تحقيق محمد شاكر وآخرين، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون طبعة، ج 5.
محمد سامح عمرو، الحماية الدولية للمتلكات الثقافية فى فترات النزاع المسلح ، المركز الاصيل للطبع والنشر والتوزيع ، ط 1 ، 2002.
وهبة الزحيلى، آثار الحرب في الفقه الإسلامى – دراسة مقارنة -، دار الفكر، دمشق، 1998.
يوسف القرضاوي، قضايا إسلامية معاصرة، مكتبة وهبة، القاهرة، 2006.
يوسف محمد رضا ،قاموس Alkabir ، مكتبة لبنان.
ثالثًا: رسائل الماجستير والدكتوراه:
زكريا حسين عزمى ، من نظرية الحرب الى نظرية النزاع المسلح ، رسالة دكتوراة ، جامعة القاهرة، كلية الحقوق ، 1978 ، ص 40.
رابعًا: المجلات والمقالات باللغة العربية:
أنيس أحمد، الإسلام والتراث الثقافي، بحث مقدم إلى مؤتمر الدوحة للعلماء حول الإسلام والتراث الثقافيديسمبر
آية الله محسن الأراكي، التراث الثقافي في الفقه الإسلامي، بحث مقدم إلى مؤتمر الدوحة للعلماء حول الإسلام والتراث الثقافيديسمبر
داود درويش حلس، حقوق الإنسان الثقافية بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية الواقع والمأمول، بحث مقدم إلى مؤتمر “الإسلام والتحديات المعاصرة،2007، ص 8.
رشاد عارف السيد ، دراسة لاتفاقية لاهاى 1954 المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافيةأثناء النزاعات المسلحة ، المجلة المصرية للقانون الدولى، العدد 40 ، 1984.
فيصل مولوي، دراسة أصولية حول التماثيل في الإسلام، متوافرة على موقعه في: http://www.mawlawi.net.
خامسًا: الاتفاقيات الدولية:
تقنين لايبير لعام 1863.
نصريح بروكسيل لعام 1864.
دليل أكسفورد لعام 1880.
اتفاقيات لاهاي لعامي 1899، 1907.
اتفاقية ولشنطن لعام 1935.
اتفاقيات جنيف لعام 1949.
اتفاقية لاهاي لعام والبروتوكول الأول والملحق بها لعام 1954.
البروتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف 1949 لعام 1977.
البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية لاهاي 1954 لعام 1999.
سادسًا:المراجع الأجنبية:
UN, document, S/25704, 3 May 1993.
A / CN.4 / L.602/Rev.1,26 July 2001UN. Doc.
Longman dictionary of contemporary English.
I. Bhat,” Protection of Cultural Property under International Humanitarian Law: Some Emerging Trends “, University of Mysore, Manasagangotri, 2004.
Ishwara, “Protection Of Cultural Property Under International humanitarian Law: Some Emerging Trends”, paper presented at the Seminar on International Humanitarian Law, University of Mysore, June 2000.
J. Boylan, “Review of the Convention for the Protection of Cultural Property”, UNESCO ,1993 , CLT-9J /Wh /12, (note11), p.147;
J. Boylan, “The Concept of Cultural Protection in Times of Armed Conflict: from the Crusades to the New Millennium, London: Routledge.
Pierre Ducrey, Le traitement des prisonniers de guerre dans la Grèce antique, Des origines à la conquête romaine, Éditions E. de Boccard, Paris, 1968.
Desch ,” Problems in the Implementation of the Convention from the Perspective of International Law” in” Protection of Cultural Property in the Event of Armed Conflict – a Challenge in Peace Support Operations”, Vienna , 2002 .
Sadoz , and others (eds.), ” Commentary on additional Protocols of 8 June 1977 to the Geneva Conventions of 12 August 1949″, 1987, para. 4844.
سادسًا: المجلات والمقالات باللغات الأجنبية:
Abtahi, “The Protection of Cultural Property in Times of Armed Conflict: The Practice of the International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia”, H.H.R.J(Harvard Human Rights Journal) , vol.14, Spring 2001.
Merryman, “Two Ways of Thinking about Cultural Property”, A.J.I.L,(American Journal of International Law), vol. 80 , 1986.
Blake,«On defining the cultural heritage », International & Comparative Law Quarterly, Vol. 49, 2000.
Manlio , F., Cultural property v. cultural heritage: A “battle of concepts” in international law?, I.R.R.C(International Review of the Red Cross), June, 2004, Vol. 86, No. 854.
O’Keefe, « The meaning of ‘cultural property’ under the 1954 Hague Convention », N.I.L.R(Netherlands International Law Review) , Vol. 46, 1999.
Lambert, ” Recalling the War Crimes Trails of World War II”, M.L.R, vol, 149, 1995.
Prott et J. O’Keefe, « ‘Cultural heritage’ or ‘cultural property’? », I.J.C.P,(International Journal of Cultural Property) Vol. 1, 1992.
Vittorio, Mainetti.,”De nouvelles perspectives pour la protection des biens culturels en cas de conflit armé : l’entrée en vigueur du Deuxième Protocole relatif à la Convention de La Haye de 1954, I.R.R.C . June, 2004, Vol. 86 , No 854.
([1]) مختار الصحاح، باب ملك.
وفي اللغة الانجليزية :
تعنى كلمة ” property” يملك، وملكية.،Property: (n , u) land , buildings or both together–common property: an article shared or used by all , Longman, dictionary of contemporary English , p.880 . وفي اللغة الفرنسية:
كلمة” Biens” تعنى مال، منفعة، مصلحة، ثروة، و “”Biens Culturels بمعنى ممتلكات ثقافية، د.يوسف محمد رضا،قاموس Alkabir، مكتبة لبنان، ص 1038.
([2]) سورة الفجر، الآية 19.
([3]) سورة الأنفال، الآية 57.
([4])أخرجه البخاري، كتاب اللباس: باب التقنع، ح رقم: 5470.
([5])لسان العرب: مادة ثقف، معجم مقاييس اللغة: باب الثاء والقاف وما يثلثهما، المصباح المنير: مادة ثقف.
([6]) داود درويش حلس،حقوق الإنسان الثقافية بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية الواقع والمأمول، بحث مقدم إلى مؤتمر “الإسلام والتحديات المعاصرة،2007، ص 8.
([7])مذكور في: فهد بن على الحسين، مقدمة في إدارة التراث، جامعة الملك سعود، 1327هـ، ص1.
([8]) وبالبحث بالمعاجم اللغوية وجد أن كلمة ” ثقافة ” تعنى في اللغة الانجليزية:كلمة “Culture ” مشتقة من الكلمة اللاتينية “Colere “، وهي بمعنى ربَّى واعتنى، وقد تأتى مرادفة لكلمة “Civilization” بمعنى الحضارة والمدنية الراقية، وهي تعنى تثقيف، تهذيب، ثقافة، حضارة، أو مرحلة معينة من مراحل التقدم الحضاري،ويكاموسالقاموس الحر متاح في: ، تمت الزيارة في 25/4/2010؛المورد – مرجع سابق – ص 238؛
Culture:(1) a state of high development in art and thought existing in society and represented at various levels in its members , (2) the particular system of art , thought and customs of a society ; the arts , customs , beliefs and all the other products of human thought made by a people at a particular time ; ancient Greek culture., Longman dictionary, op.cit, p.270.
وفي اللغة الفرنسية: تعنى كلمة”” Culture ” بالفرنسية، ثقافة، وهي مجموعة من المعارف والثقافات الاجتماعية والدينية والفنية التي تخص مجتمعًا ما، انظر: Larousse, p. 273 .
(9) محمد سامح عمرو، الحماية الدولية للتراث الثقافي في فترات النزاع المسلح، المركز الاصيل للطبع والنشر والتوزيع ، 2002، ط 1، ص 39.
([10]) J. Merryman., “tow ways of thinking about cultural property”, A.J.I.L, vol. 80 , 1986, p.834.86, p.834
([11]) F. Manlio, “Cultural property v. cultural heritage: A “battle of concepts” in international law?”, I.R.R.C, June, 2004, Vol. 86, No. 854, p.367.
([12])تنص الفقرة (ب) من المادة الأولى من البروتوكول الإضافيالثاني لعام 1999 على: (ب) يقصد بـ(الممتلكات الثقافية) الممتلكات الثقافية كما عرفت في المادة (1) من الاتفاقية.
([13]) محمد سامح عمرو، الحماية الدولية الممتلكات الثقافية، مرجع سابق، ص 40.
([14]) رشاد عارف السيد، دراسة لاتفاقية لاهاي سنة 1954، المجلة المصرية للقانون الدولى، العدد 40 ، 1984، ص249.
([15]) D. Fleck, “The Handbook of Humanitarian Law in Armed Conflict”, 1999, p.382.
([16]) V. Maintti, .,”De nouvelles perspectives pour la protection des biens culturels en cas de conflit armé : l’entrée en vigueur du Deuxième Protocole relatif à la Convention de La Haye de 1954, IRRC . June, 2004, Vol. 86 , No 854, p347.
([17])أحمد أبوفا محمد، النظرية العامة للقانون الدولي الإنسانيفي القانون الدولي والشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، 2006، ط 1، ص 155-156.، محمد سامح عمرو، الحماية الدولية للممتلكات الثقافية، مرجع سابق، ص 41-42.
([18]) . J. Boylan, “Review of the Convention for the Protection of Cultural Property”, UNESCO ,1993 , CLT-9J /Wh /12, (note11), p.147;P. Ishwara, ” Protection of Cultural Property Under International humanitarian Law: Some Emerging Trends,paper presented at the Seminar on International Humanitarian Law”, University of Mysore,June, 2000,pp.6-7.
([19]) V, Maintti, “De nouvelles perspectives pour la protection des biens culturels”, 2004, op.cit , p.348 ; ; R. O’Keefe, ” The meaning of ‘cultural property’ under the 1954 Hague Convention”, N.I.L.R, Vol. 46, 1999, p.30; J.Toman, ” La Protection des Bien Culturels dans les ConflitsArmes Internationaux;Cadre Juridique et Institutionnel”,1996,pp.49-50.
([20]) Boylan, “Review of the Convention for the Protection of Cultural Property”, op.cit,p.26;P. Ishwara,”Protection Of Cultural Property Under International humanitarian Law”, op.cit , p.7.
([21])تم تعريف التراث غير الماديةفي المادة (2) من اتفاقية صون الممتلكات الثقافية غير المادية لعام2002، والتي تنص في فقرتها الأولى على: ( لأغراض هذه الاتفاقية: يُقصد بعبارة “الممتلكات غير المادية” الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات- وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية- التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانًا الأفراد، جزءًا من تراثهم الثقافي غير المادية المتوارث جيلًا عن جيل. تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة= =بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية. ولا يؤخذ في الحسبان لأغراض هذه الاتفاقية سوى التراث غير المادية الذي يتفق مع الصكوك الدولية القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع مقتضيات الاحترام المتبادل بين الجماعات والمجموعات والأفراد والتنمية المستدامة).
([22])T. Desch, ,” Problems in the Implementation of the Convention from the Perspective of International Law” in” Protection of Cultural Property in the Event of Armed Conflict – a Challenge in Peace Support Operations”, Vienna , 2002, p.17.
([23])A. F. Vrdoljak,”Cultural Heritage in Human Rights and Humanitarian Law”, University of Western Australia, Perth, Australia, 2006, pp.19-20.
([24])Y.Sadoz , and others (eds.), ” Commentary on additional Protocols of 8 June 1977 to the Geneva Conventions of 12 August 1949″, 1987, Para. 4844.
([25])يذكر أن المادة (53) من البروتوكول الإضافي الأول (1977) نصت على:(تحظر الأعمال التالية، وذلك دون الإخلال بأحكام اتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح المعقودة بتاريخ 14 آيار / مايو 1954 وأحكام المواثيق الدولية الأخرى الخاصة بالموضوع:……) ومن هنا فإن هذه التعريفات الواردة في اتفاقية لاهاي لعام 1954، وكذلك البروتوكولين الإضافيين لاتفاقية جنيف متكاملة وغير متباينة.
([26]) سعيد سالم جويلى، المدخل لدراسة القانون الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، 2002،ص 328-329،زكريا حسين عزمي، من نظرية الحرب إلى نظرية النزاع المسلح، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1978، ص 40.
([27])تنص المادة (1) من هذه الاتفاقية على: (تعنى العبارة”التراث الثقافي” لأغراض هذة الاتفاقيةالتراث الذي تقرر كل دولة لاعتبارات دينية أو علمانية،أهميتها لعلم الآثار أو ما قبل التاريخ،أو التاريخ،أو الأدب أو الفن،أو العلم، التي تدخل في إحدى الفئات التالية: أ) المجموعات والنماذج النادرة من مملكتي الحيوان والنبات،ومن المعادن أو علم التشريح،والقطع الهامة لصلتها بعلم الحفريات. ب) التراث المتعلقة بالتاريخ بما فيه تاريخ العلوم والتكنولوجيا، والتاريخ الحربي والتاريخ الاجتماعي، وحياة الزعماء الوطنيين والمفكرين والعلماء والفنانين،والأحداث الهامة التي مرت بها البلاد. ج) نتاج عملية التنقيب عن الآثار (القانونية وغير القانونية) والاكتشافات الأثرية. د) القطع التي كانت تشكل جزءًا من آثار فنية أو تاريخية مبتورة أو من مواقع أثرية. هـ) الآثارالتي مضى عليها أكثر من مائة عام،كالنقوش والعملات والأختام المحظورة. و) الأشياء ذات الأهمية الأثنولوجية. ز) التراث ذات الأهمية الفنية…………)
([28]) تنص المادة (1) فقرة(أ) على: يعني بالممتلكات الثقافية لأغراض هذه الاتفاقية: – الآثار والأعمال المعمارية، وأعمال النحت والتصوير على المباني، والعناصر والتكاوين ذات الصفة الأثرية، والنقوش، والكهوف، ومجموعات المعالم التي لها جميعًا قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخأو الفنأو العلم. – المجمعات: مجموعة المباني المنعزلة أو المتصلة، التي لها بسبب عمارتها،أو تناسقها، أو اندماجها في منظر طبيعي، قيمة عالية استثنائية من وجهة النظر التاريخية أو الجمالية، أو الأثنولوجية، أو الإنثروبولوجية.
([29])نصت المادة(2) من هذه الاتفاقية على: لأغراض هذه الاتفاقية،الممتلكات الثقافيةهي: تلك الأشياء الثقافية، الدينية أو العلمانية، والتي لها أهمية بالنسبة لعلم الآثار، وفترة ما قبل التاريخ، والتاريخ، والأدب، أو الفن أو العلم وينتمي إلى واحدة من الفئات المبينة في المرفق لهذه الاتفاقية.
([30]) Boylan, “Review of the Convention for the Protection of Cultural Property”, op.cit,p.51.
([31]) من هذه التوصيات:
– توصية اليونسكو بشأن الحفريات الأثريه 1956المادة الأولى،وقد اعتبرت مكملة لاتفاقية لاهاي 1954.
– توصية اليونسكو المعنية بالاتجار غير المشروع تصدير واستيراد ونقل الممتلكات الثقافيةالمادة (1).=
=- توصية اليونسكو بشأن التبادل الدولي للتراث الثقافي 1976 المادة (1)،توصية اليونسكو لحمايه الممتلكات الثقافيةالمنقولة 1978المادة(1).- توصية اليونسكو بشأن حماية المناطق التاريخية 1976.
([32]) J.Blake,”On defining the cultural heritage”,I.C.L.Q, Vol. 49, 2000, pp. 61-85.
([33]) ينظر حول هذه القضية:
Roger O’Keefe, “The meaning of ‘cultural property’ under the 1954 Hague Convention”, op.cit, pp. 26-56; V. Prott et J. O’Keefe, “Cultural heritage’ or ‘cultural property?” , I. J. C. P, Vol. 1, 1992, pp. 307-320.
([34]) F.Manlio, “Cultural property v. cultural heritage”, A “battle of concepts” in international law?, I.R.R.C, June, 2004, Vol. 86, No. 854,p.369.
([35])H. Abtahi,”The Protection of Cultural Property in Times of Armed Conflict:The Practice of the International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia, H. H.R.J,Vol.14, Spring 2001,p.6.;Legal and Practical Measures Against IllicitTrafficking in Cultural Property, UNESCO,Handbook, CLT/CH/INS/66/22, p.4;How to define “Cultural Property”?, http/culture. unesco.org,2008.
([36])وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي – دراسة مقارنة -، دار الفكر، دمشق، 1998، ص24؛ لذلك فقد تم الاعتراف بالشريعة الإسلامية كمصدر عالمي للتشريع والقانون في عدد من المؤتمرات الدولية العلمية منذ عام 1932 منها:1-القانون المقارن الدولي في لاهاي عام 1932م. 2 – مؤتمر لاهايالمنعقد في عام 1937م3-مؤتمر القانون المقارن في لاهاي 1938م.4- المؤتمر الدولي عام 1945م بواشنطن. 5- شعبة الحقوق بالمجمع الدولي للقانون المقارن 1951م بباريس. وقد صدرت عن هذه المؤتمرات قرارات هامة هي: أ- اعتبار التشريع الإسلامي مصدرًا رابعًا لمقارنة الشرائع. ب- الشريعة الإسلامية قائمة بذاتها لا تمت إلى القانون الروماني أو إلى أي شريعة أخرى. ج- صلاحية الفقه الإسلامي لجميع الأزمنة والأمكنة. د – تمثيل الشريعة الإسلامية في القضاء الدولي ومحكمة العدل الدولية.
([37])يوسف القرضاوي، قضايا إسلامية معاصرة، مكتبة وهبة، القاهرة، 2006، ص 804.
([38]) تجدر الإشارة إلى أن غالبية الفقهاء لم يفرقوا في أدلتهم بين الملكية العامة والخاصة، ولم ترد هذه التفرقة إلا عند المالكية والحنابلة .
([39])أبوالحسن علي بن محمد الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405 هـ، ط1، ص 121؛ أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، روضة الطالبين، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412هـ، ط1، ص 1809؛ محمد الخطيب الشر بيني، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، تحقيق محمد خليل عيتانى، دار الفكر، بيروت، ج 6، ص 72؛صلاح عبد البديع شلبي، حق الاسترداد – دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، وتطبيق مبادئه في العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل -، بدون دار نشر، ط 1، 1983، ص32.
([40]) انظر تفصيلًا، أبو عبيد القاسم بن سلام، الأموال، دار الشروق، 1989، ط 1، ص 75 وما بعدها؛ محمد بن أحمد بن سهل السرخسي، المبسوط، دار المعرفة، بيروت، ط1، ج 10، ص 7؛ أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، كتاب الخراج، دار المعرفة، بيروت، 1979، ص 75 وما بعدها.
([41]) وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 553.
([42]) المرجع السابق، ص 550.
([43]) نلاحظ هنا أن القانون الدولي لا يعتد بذلك الأمر، وهذا مما تتميز به الشريعة الإسلامية عن القانون الدولي؛ حيث إن موافقة أحكام الشرع الحنيف من الضوابط اللازم توافرها في أي علاقة قانونية وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
([44]) انظر تفصيلًا حول تقسيم أموال الحربيين إلى مستخدمة وغير مستخدمة في القتال،حسن عبد الغني أبو غدة، قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية حال الحرب، مكتبة العبيكان، الرياض،2009، ط1، ص22-23.
([45]) النووي، روضة الطالبين، مرجع سابق، ص 1809؛ ابن قدامة المقدسي، المغني، تحقيق عبد الله ابن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو، دار عالم الكتب، الرياض،1997، ط3، ج 13، ص144.
([46]) إحسان الهندي، أحكام الحرب والسلام في دولة الإسلام، دار النمير، دمشق،1993، ط1، ص 181.
([47])سنن الترمذي، كتاب السير، باب ما جاء فيمن قتل قتيلًا فله سلبه، ح رقم:1562؛ إحسان الهندي، أحكام الحرب والسلام في دولة الإسلام، مرجع سابق، ص 181، 184.
([48]) آية الله محسن الآراكي، الممتلكات الثقافيةفي الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 32.
([49]) آية الله محسن الآراكي، الممتلكات الثقافيةفي الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 38.
([50])أنيس أحمد، الإسلام والتراث الثقافي، بحث مقدم إلى مؤتمر الدوحة للعلماء حول الإسلام والتراث الثقافي، ديسمبر2001، ص 49.
([51]) آية الله محسن الآراكي، الممتلكات الثقافيةفي الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 39.
([52]) نقصد بها: أن تكون المصلحة التي تمثلها الممتلكات الثقافيةمن المصالح التي توافق أحكام الشريعة الإسلامية، فهناك مما يعتبر مصلحة ولكن لا يقرها الشرع، مثال ذلك بعض الممتلكات الثقافيةكاللوحات التي تتضمن رسومًا عارية تدعو إلى الفساد الأخلاقي، وكذلك التماثيل التي تُتخذ للعبادة والتقديس، فبالرغم من أنها تمثل مصلحة لأصحابها إلا أن هذه المصلحة غير مُعتبَرة شرعًا، فلا يُعتد بها.
([53]) سورة الأعراف، الآية 56، 85.
([54]) سورة الحج، من الآية 30.
([55]) سورة طه، من الآية 97.
([56]) سورة النحل، الآية 123.
([57]) سوف نعالج مسألة التماثيل في مطلب مستقل من هذا الفصل.
([58]) صحيح البخاري، كتاب المغازى، باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح ( حديث رقم: 4332).
([59]) صحيح البخاري، كتاب المغازى، باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح ( حديث رقم: 4333).
([60]) سورة آل عمران: الآية 67؛ ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، ج3 -4، ص413.
([61]) المرجع السابق، ص 436 -437.
([62]) محمد بن سيد الناس اليعمري، عيون الأثر في فنون المغازى والشمائل والسير، ت. محمد العيد الخطراوي، دار ابن كثير، بدون تاريخ، ج 2، ص 249-250.
([63])حديث متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب : الجهاد، باب : حرق الدوروالنخيلح رقم: ٣.
([64])ابن حجر، فتح الباري، مرجع سابق،ج8، ص 89.
([65]) الشافعي، الأم، مرجع سابق، ج4، ص 179.
([66]) النووي، روضة الطالبين، مرجع سابق، ص 457.
([67]) ابن قدامة المقدسي، المغني، مرجع سابق، ص 130.
([68]) عبدا لرحمن النجدي، حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع، بدون دار نشر، 1397 هـ، ط 1، ج 4، ص 272.
([69]) البهوتي، شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق، ص 19.
([70]) سورة النحل، الآية 125.
([71]) سورة العنكبوت، الآية 46.
([72]) د. وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 611.
([73]) سبق تخريج هذه الرواية ص126.
([74]) سورة الأنعام، الآية 108.
([75]) انظر الرواية كاملة ص125.
([76]) أبو يوسف، كتاب الخراج، ص 138 وما بعدها.
([77]) محسن الآراكي، التراث الثقافي في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 42 – 43.
([78]) سورة البقرة، الآية 205.
([79]) محسن الآراكى، التراث الثقافي في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 42 – 43.
([80]) سورة الحج، الآية 30
([81]) سورة الإسراء، الآية 81.
([82]) فيصل مولوي، دراسة أصولية حول التماثيل في الإسلام، متوافرة على موقعه في: http://www.mawlawi.net تمت الزيارة في 31/ 8/ 2011.
([83]) ذهب إلى هذا الرأي علماء حركة طالبان في أفغانستان، وكذلك كثير من علماء المملكة العربية السعودية مثل: الشيخ صالح الفوزان والمستشار سعد الحصين والشيخ ناصر بن محمد الفهد وغيرهم، انظر: جريدةالمدينة المنورة- الرسالة،٤محرم١٤٢٤هـ، جريدةالمدينةالعدد١٤٥٩٠،٢صفر١٤٢٤هـ، وعددربيعالأول١٤٢٤هـ،عدد رقم (4618)، وانظر هدم التماثيل من منظور إسلامي، بحث منشور لناصر بن محمد الفهد على: http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=157122= .
([84]) سورة الأنبياء، الآية 63.
([85]) سورة النحل، الآية 123.
([86]) سورة طه، من الآية 97.
([87]) صحيح البخاري، حديث رقم: 2478.
([88]) سورة الإسراء، الآية 81.
([89]) رواه مسلم في الجنائز ( ح رقم: 969 )، وأحمد في المسند ( ح رقم: 683)، وأبو داود في الجنائز ( ح رقم: 3218)، والترمذي في الجنائز ( ح رقم: 1049)، والنسائي في الجنائز ( ح رقم: 2031 ).
([90])يوسف القرضاوي، قضايا إسلامية معاصرة، مرجع سابق، ص 805- 806 .
([91]) سورة الصافات، الآية 95 – 96؛ حري بالذكر هنا أن سيدنا إبراهيم لم يُحطم الأصنام كلها بل استبقى كبيرهم لمصلحة قَّدرها، وهو استخدامه في مجادلتهم، يقول تعالى: ﴿قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ﴾، وفي ذلك دلالة على جواز ترك حتى الأصنام إذا اقتضت المصلحة العامة للدعوة ذلك.
([92]) سورة طه، الآية 91، يقول الدكتوريوسف القرضاوي في شأن الاستدلال بشرع من قبلنا: ( فمن المعلوم أن فعل الأنبياء يدل على الجواز وليس الوجوب ) ويرجح أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد نسخ له في شرعنا، انظر: يوسف القرضاوي، قضايا إسلامية معاصرة، مرجع سابق، ص808 – 809.
([93]) المرجع السابق، ص 809.
([94]) المرجع السابق، ص 809.
([95]) سورة سبأ، الآية 13.
([96])يوسف القرضاوي، قضايا إسلامية معاصرة، مرجع سابق، ص 807.
([97]) سورة الأنبياء من الآية 52 إلى الآية 58.
([98]) سورة المائدة، الآية 90.
([99]) سورة سبأ، الآية 13.
([100]) سورة الصافات، الآية 95- 96.
([101])وقد استدلّ بالآيتين من يرى أنّ (صنع التّماثيل مباح إذا لم تكن للعبادة). ورد في الموسوعة الفقهيّة- الصّادرة عن وزارة الأوقاف في الكويت- في مادة تصوير أنّ: ( الألّوسي نقل هذا القول في تفسيره للآية13من سورة سبأ. وذكر أنّ النّحّاس ومكّي بن أبي طالب وابن الفرس نقلوه عن قوم، (ولكنّه لم يذكر أسماء هؤلاء القوم). كما ذكرت مجلّة الوعي الإسلامي (العدد 29 الصّادر عام 1387هـ ص 57-58) هذا القول في مقال للسّيّد محمّد رجب البيلي ونسبته للشّيخ عبد العزيز جاويش، مذكور في الشيخ فيصل مولوي، دراسة أصولية حول التماثيل في الإسلام، مرجع سابق.
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
بحث قانوني حول حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني