وان بدت اتفاقات الاثبات الوسيلة الاكثر فاعلية للتغلب على ما يحيط الاعتراف بحجية المحرر الالكتروني في الاثبات من عقبات قانونية، حيث العقد شريعة المتعاقدين ودستوريهما ، الا ان فاعلية أثر هذه الاتفاقات مرهونة بعدم تعارضها مع المبادئ العامة في القانون التي من الممكن ان تصطدم بها، طالما ان اتفاقات الاثبات تؤدي الى تسهيل مهمة احد طرفي الاتفاق في اثبات حقه على حساب حق الطرف الاخر كونها تهدف – من حيث الاصل – الى التعديل في وسائل الاثبات، وفي حجية هذه الوسائل وقدرتها على الاثبات، وان كنا قد توصلنا الى صحة مثل هذه الاتفاقات الا ان اطلاق حرية الاطراف في ابرامها من شأنه المساس بأهم مبادئ قانون الاثبات وهو الحق في الاثبات الذي يكفله قانون الاثبات لكل شخص مما يؤلف قيدا يرد على حرية الافراد في ابرام مثل هذه الاتفاقات ، كما قد تبلغ هذه الاخيرة درجة التعسف فيما اذا كانت مفروضة من احد المتعاقدين على المتعاقد الاخر مما يجعل المبادئ العامة للعقود بمثابة قيد ثان يرد عليها وعلى التفصيل المتقدم في الفرعين التاليين :-
الفرع الاول : الحق في الاثبات
على الرغم من اهمية اتفاق الاثبات بالوسائط الالكترونية للمتعامل بها على وجه العموم وللبنوك والمؤسسات المالية بالنسبة للعمليات والخدمات المصرفية التي تقدمها لعملائها عن طريق وسائل الاتصال الحديثة على وجه الخصوص(1)، اذ تلجأ عادة الى تضمين عقودها مع العملاء مثل هذه الاتفاقات لكي تكون بمنأى عن أي احتجاج او اعتراض من قبلهم مما يسمح لهذه المؤسسات باداء مهامها بفاعلية وسرعة(2). الا ان ذلك لا ينهض كمسوغ لمصادرة حق الطرف الاخر في اثبات حقه مصادرة كلية ،ولا يمكن بأي حال من الاحوال حرمان الشخص من الحق في الاثبات ذلك ان حق الالتجاء للقضاء للذدود عن حق من الحقوق حق دستوري تكفله سائر الدساتير(3)، وان حق الخصم في الاثبات يعد هو الاخر من الحقوق المكملة للالتجاء الى القضاء لحماية الحق وبالتالي من المبادئ الاساسية لضمانات التقاضي(4). والحق في الاثبات من المبادئ التي استقر عليها العمل ، ومن الاسس المهمة التي تستند عليها احكام الاثبات(5) ، وهو حق يستفاد بطريق التلازم من النصوص التي تقرر الحقوق الاخرى لاصحابها ، لان فاعلية أي حق تتوقف على امكانية اثباته، و لابد من ان يقترن أي حق لشخص معين بمكنة اثبات الواقعة التي تعد مصدراً لهذا الحق والا كان الحق هو والعدم سواء(6) .
لذا فأن كل ما يؤدي صراحة او ضمناً الى حرمان احد الاطراف من حقه في اثبات ما يدعيه او نفي ما تقدم به خصمه من ادعاءات ، يحكم عليها بالبطلان ويجب ان لايؤخذ بها من قبل القاضي لتعارضها مع الحق في الاثبات. فمثلاً نجد نص البند الرابع من شروط عقد البطاقة التي يصدرها بنك مصر على انه (( تعتبر كافة المبالغ المسحوبة بمعرفتي وفقاً لهذا النظام والتي تم قيدها على حسابي بدفاتر البنك ،صحيحة وحجة علي ولايحق لي الاعتراض عليها بأي وجه من وجوه الاعتراض او المناقضة واسقط حقي من الان في الادعاء بأن ما تم قيده في الحساب يخالف ماتم تسجيله بمعرفتي على لوحة مفاتيح …))(7). كما ينص البند الحادي عشر من تلك الشروط على انه (( اوافق من الان على الاعتداد بالبيانات التي تدون على وسائط ممغنطة كوسيلة اثبات غير قابلة لاثبات العكس وذلك في حالة حدوث نزاع بيني وبين البنك امام القضاء )). و قضى البند السادس من شروط بطاقة بنك صادرات ايران حيث يقر فيها العميل بأن (( قيود البنك هي البينة القاطعة الملزمة لي ، بخصوص المبالغ التي يتم سحبها وايداعها في حسابي بواسطة البطاقة )). وجاء في البند الخامس من البنود الواردة في عقود اصدار بطاقات الائتمان عن بنك ابو ظبي الوطني على ان (( يقوم البنك بالخصم على حساب البطاقة جميع المبالغ والاجور ومدفوعات البطاقة والسلف النقدية ، واية التزامات اخرى لحامل البطاقة ، واية خسائر يتحملها البنك نتيجة استعمال البطاقة . ويكون مسؤلا عن دفع جميع المبالغ التي يتم خصمها على حساب البطاقة بواسطة البنك ، سواء تم التوقيع على قسائم المبيعات او السلف النقدية من قبل حامل البطاقة ام لا . ويعتبر كشف الحساب الذي يتم ارساله الى حامل البطاقة الرئيسي بواسطة البنك موضحاً قيمة المبالغ التي تم خصمها على حساب نتيجة استعماله البطاقة ، دليلاً قاطعاً للمديونية)). نستنتج مما تقدم ان هذه الشروط ولدت ميتة وفاقدة لجدواها وفائدتها. بدليل ان المصارف تهدف من وارء هذه الاشتراطات ضمان عدم معارضة ومخاصمة الطرف الاخر وقت نشوء النزاع ، حينها يتحول مركز الفرد من عميل الى خصم وما يجر ذلك من ضرورة تحقيق العدالة واقرار النظام ، وان ذلك يستتبع القاء هذه الاتفاقات بعيدا والحكم على اساس الواقع لان التطبيق الحرفي لهذه الاتفاقات قد يؤدي الى طمس الحقيقة والاضرار بالعدالة وزعزعة الثقة بها من خلال حرمان احد الاطراف من اثبات ما حدث في الواقع(8). لذا نتفق مع الفقه الذي انتقد هذه الاتفاقات على اساس كونها تقرر احكام تتعارض مع المبادئ المستقرة في قانون الاثبات ، ويرى في وجوب عدم تقيد القاضي بها الذي لايستطيع ان يحرم الخصم من حقه في اثبات دعواه او نفي ادعاءات خصمه والا كان حكمه مشوبا” بالقصور الذي يستوجب النقض(9)، وما يتفرع عن هذا الحق من عدم جواز اصطناع الشخص دليلاً لنفسه والحق في المجابهة في الادلة ولما كان المبدأ الاول اكثر صلة بموضوع بحثنا من الثاني وحرصا من الخوض في القواعد العامة دون الاتيان بجديد سوف نركز في دراسة المبدأ الاول لما له من صلة وثيقة باتفاق الاثبات بالمحرر الالكتروني دون الثاني .
المقصد الاول :- عدم جواز اصطناع الشخص دليل لنفسه
الاصل في الدليل الذي يقدمه من يقع عليه عبء اثبات تصرف قانوني هو ألا يكون قد اصطنعه بنفسه ضد خصمه (10) ، اذ لاقيمة لدليل اخترعه الشخص لمصلحته ، وهذه قاعدة نجد لها مستقرا” في العقل والمنطق والعدالة . لذا فهي ” قاعدة بديهية “(11) اذ لولاها لغدت عملية الاثبات عملية صورية(12) لاقيمة لها ولايأمن معها الناس حقوقهم(13) ، اذ ما أيسر على الخصم ان يعد دليلاً لنفسه بما يؤيد ادعاءاته من اقوال وكتابات وفي هذا ” تعارض واضح ليس فقط مع المبادئ العامة للاثبات بل مع جوهر القانون واسس وجوده وهو العدل والنظام “(14) ونجد لهذا المبدأ تطبيقه العملي في صلب تشريعنا المدني ، اذ نصت المادة (1160) من القانون المدني رقم ( 40 ) لسنة 1951 على ان (( 1- ليس لاحد ان يحتج بالتقادم على خلاف مقتضى سنده ، فلا يستطيع ان يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ، والاصل الذي تقوم عليه هذه الحيازة )). وتأييد هذا المبدأ بجملة من القرارات القضائية عن قضاء محكمة النقض المصرية مؤكدة فيها على ان الشخص لايملك ان يتخذ عملا” لنفسه او قوله دليلاً يحتج بها على الغير(15). ولعلنا نجد ان هذه القاعدة اشد وطأة في تشريع الاثبات العراقي منه في التشريعات العربية المقارنة ، بدليل ان المشرع العراقي قد عمد الى الغاء كل ما من شأنه ان يؤلف استثناءاً على هذه القاعدة ويجيز فيها للشخص التمسك بدليل من صنعه ، اذ عمد مشرعنا العراقي الى الغاء المادة (105 ) من قانون التجارة الملغي التي كانت تعطي للدفاتر التجارية حجية ولو بقدر محدود لصالح صاحبها على خصمه التاجر ، كما الغى نص المادة (458 ) من القانون المدني العراقي ، التي اجازت للتاجر استثناءاً التمسك بدفاتره ضد غير التاجر ، على ان توجه المحكمة اليمين المتممة له وذلك فيما يجوز اثباته بالشهادة(16) . بل ويزداد الامر تأكيداً لدينا ، اذا ما عرفنا ان مشرع الاثبات العراقي قد جاء بقاعدة عامة تجرد البنود الواردة في الدفاتر التي يوجب القانون مسكها سواء كانت منتظمة او غير منتظمة من اية قيمة قانونية لصاحبها(17). بخلاف ما نجده في التشريعات العربية المقارنة كالتشريع المصري(18). والاردني، حيث تضمن تشريع الاثبات خاصتهما ، مايشير الى وجود استثنائين كليهما ينصب على استثناء الدفاتر التجارية من حكم القاعدة المذكورة انفا” ، اذ يباح بموجبه للتاجر الاستشهاد بدفاتره التجارية لاثبات ما ورده الى عملائه ، وهنا عدت تلك الدفاتر دليلاً غير كامل يصلح اساساً يجيز فيه للقاضي توجيه اليمين المتممة الى أي من الطرفين فيما يخص ماهو مدون فيها من معلومات(19)، وكذلك يستطيع التاجر ان يتخذ مما دونه في دفاتره المنظمة دليلاً لصالحه في الدعاوى التجارية التي تكون بينه وبين تاجر آخر(20).
اذن ما الحكم القانوني اذا ما كانت الدفاتر التجارية التي من الممكن الاحتجاج بها قانوناً قد تم تنظيمها على اساس اعتماد الوسائل التقنية الحديثة ؟ فهل يستطيع التاجر الاحتجاج لصالحه بالمعلومات المدونة بدفاتره الكترونياً لاسيما في الاحوال التي يسمح فيها قانون التجارة بمسك بعض الدفاتر التجارية بصورتها الالكترونية ، هذا سوف نتعرض له خلال المقصد الثاني.
المقصد الثاني :- مدى تعارض الاحتجاج بالمحرر الالكتروني مع مبدأ عدم جواز اصطناع الشخص دليل لنفسه
قد ينجح اتفاق الاطراف في جعل الاثبات بالمحررات الالكترونية جائزاً ، وقد يفلح في جلب قناعة القاضي .
الا انه من المتصور ان يقف مبدأ عدم جواز اصطناع الشخص دليلاً لنفسه عائقاً امام الاعتراف بحجية قانونية للمحرر الالكتروني ، على اساس ان الاخير يصدر عن حاسوب الكتروني يكون في حوزة الشخص الذي يقع عليه عبء الاثبات فيصير وهذه الحالة صادراً ممن يحتج به ويصطدم بالتالي مع المبدأ مما يحتم استبعاده .
والحقيقة ان هذا فرض محتمل الا انه ليس مرجحاً في مطلق الاحوال ، ولعل هذا ما حدا بالفقه الى الانقسام بهذا الشأن والى تردد واضح في احكام محكمة النقض الفرنسية وهذا سيتوضح امامنا :-
اولاً: موقف الفقه
اختلف الفقه في مدى تعارض الاحتجاج بالمحرر الالكتروني مع قاعدة عدم جواز الاحتجاج بدليل صنعه من يقع عليه عبء الاثبات لصالحه ، على اساس حقيقة ان الحاسب الالكتروني يخضع تماماً لارادة من يستعمله ولاوامره وتوجيهاته مما يعني ان المعلومات المتأتية من الحاسب الالكتروني من صنع مستعمله .
تمثل منبت الخلاف الاول بالتسجيلات الورقية والالكترونية التي يتقدم بها البنك لاثبات عمليات السحب الالي التي تمت بواسطة الصراف الالي والبطاقة الممغنطة التي قام بها عميل البنك .
وظهر ثلاثة اتجاهات في هذا الصدد ، الاتجاه الاول ذهب الى امتناع الاحتجاج بالمحررات الالكترونية كدليل لاثبات التصرفات القانونية ، وذلك لان ما يتضمنه من معلومات ما هي الا من صنيع مستعمل جهاز الحاسوب(21)، معززين رأيهم هذا بقولهم انه من غير الممكن النظر الى جهاز الحاسوب بمعزل عن شخص مستعمله واعتباره من الغير، لان ذلك يؤدي الى عدم مسائلة مستعمل الحاسوب في حالات الغش والخطأ ، واوضح مثل لذلك نظام الصرف الالي المعمول به في البنوك اذ يكفي للمؤسسة المصرفية لاثبات حقها بمواجهة عميلها صاحب البطاقة الممغنطة ان تقدم تسجيلاً للعمليات التي تمت بواسطة جهاز الصراف الآلي الذي يخضع لسيطرتها الفعلية(22).
والواقع ان اصحاب الرأي المتقدم وان اعتمدوا في تسويغ وجهة نظرهم حقائق علمية ، الا انها جزء من الحقيقة الواقعة ، وليست كامل الحقيقة ، ذلك انه حتى في الاحوال التي احتج بها للتدليل على صحة رأيهم بنظام الصراف الآلي ، فمن الصحيح القول ان المؤسسة المصرفية تمارس سيطرة فعلية على الجهاز الالي ، الا ان ذلك لايمنع الاحتجاج بمستخرجاته سواء كانت ورقية او الكترونية لان الاخيرة هي نتائج لاجراءات مشتركة بين حامل البطاقة “العميل ” الذي عليه اتباع اجراءات متفق عليها تبدأ من ادخال البطاقة الممغنطة في المكان المخصص لها في الجهاز مع ادخال الرقم السري الخاص به ومن ثم تدوين المبلغ المراد سحبه وتخضع هذه لارادة حامل البطاقة ، ليقوم الجهاز بمعالجة طلب حامل البطاقة معالجة الكترونية ليتمخض عن ذلك الاستجابة لطلب العميل الكترونياً وتخضع هذه المرحلة لادارة البنك الذي يتحكم ببرمجة جهاز الصراف الالي(23). وبهذا احتج اصحاب الرأي الثاني للقول بعدم وجود ثمة تعارض بين الاحتجاج بالمحررات الالكترونية وفكرة الدليل المصطنع من قبل المكلف بالاثبات مما يفسح المجال امام الاستعانة به لاثبات تصرف قانوني طالما قضى بذلك اتفاق مسبق بين طرفي التصرف .ولعلنا وجدنا هذا الرأي هو الاكثر انسجاما مع واقع المحررات الالكترونية المستقاة من اجهزة الصراف الالي .
في حين حاول اصحاب الرأي الثالث اتخاذ موقف وسط ، معترفاً من ناحية بوجود تعارض ، ومحاولاً ايجاد الحلول لرفع ذلك التعارض من ناحية اخرى .
ففي حالة استخدام البطاقة في عمليات الوفاء بواسطة البطاقة الممغنطة بثمن مشتريات السلع او الخدمات قام بها العميل ، فأن له الاستعانة بالتسجيلات الالكترونية او الورقية التي يحتفظ بها البنك على اعتبار انه محرر صادر من الغير وهو البنك اذا لم يكن الاخير طرفاً في النزاع ، اما اذا كان النزاع قائماً بين العميل والبنك ، فأن للبنك التمسك بما يحتفظ به من كشوف حسابات لكي يثبت صدور امر صرف المبلغ المقصود على حساب معين بالذات ، ولاجل ذلك يفضل اعطاء رقم محدد لكل ايصال يعطى للعميل عقب كل عملية سحب آلي مع حقه على الاحتفاظ به وتسجيله،لتتم مقارنته بما هو مسجل لدى البنك ، ذلك ان عملية الاثبات تبدو صعبة بالنسبة للعميل،على اعتبار ان التسجيل يتم لدى اجهزة البنك وهي بالضرورة تخضع لسيطرته،وكما يتحمل البنك عبء اثبات ان نظام المعلومات خاصتها يعمل بكفاءة وانتظام وان التسجيلات الالكترونية التي يتقدم بها جديرة بالثقة(24).
ثانياً : موقف القضاء
ان الموقف الاول للقضاء كان يميل الى تجريد المحرر الالكتروني من اية قيمة قانونية في الاثبات ، اذا وجد جهاز الحاسوب الالكتروني المصّدر للمحرر في حوزة من يقع عليه عبء الاثبات لانه يمتنع على الشخص الاحتجاج بدليل اصطنعه لنفسه وهذا ما اوضحته محكمةSETE الجزائية ، في حكمها الصادر في 9/5/1984 ، اذ امتنعت عن القناعة بالمستندات التي قدمها البنك لاثبات مديونية عميله على اساس (( ان اثبات التزام المقترض بالرد لايمكن ان ينتج الا من توقيعه على محرر يبرر التزامه الناشئ عن استخدام بعض او كل الاعتماد الممنوح له ، ولا يمكن ان يستعاض عن ذلك بما تسميه المؤسسة الائتمانية توقيعاً الكترونياً ، وانما من خلال آلة تملك المؤسسة المدعية السيطرة الكاملة عليها))(25).
وصدر عن المحكمة نفسها حكماً يحمل المعنى نفسه بتاريخ 14/5/1986 ، حيث قضى بأنه (( ولئن كان الاثبات حراً بالنسبة للديون الاقل من خمسة الاف فرنك ، فأنه من الضروري ، اياً كانت اتفاقات الاطراف ، ان تقدم عناصر الاثبات اللازمة لاقناع القاضي ، وليس مجرد مستندات مطبوعة من خلال آلة تملك المؤسسة المدعية كامل السيطرة عليها))(26). ويبدو من الحكمين المتقدمين ، ان القضاء ولمجرد وجود الجهاز المصدر للمحرر الالكتروني في حوزة الشخص الذي يقع عليه عبء الاثبات يستتبع حتماً بالضرورة عـدّه من صنيع حائز الجهاز وبالتالي يمتنع الاحتجاج به وبغض النظر عن مدى قدرة الحائز على التلاعب في مضمونه ، وان الفرق واضح بين الحالتين . كما ان الحكمين يأخذان بظاهر الحال فقط ، الذي لايتطابق تماماً مع ما هو معمول به ، ذلك ان كون الجهاز موجود تحت حيازة المدعي لايعني حتماً امكانية وقدرة الاخير على العبث بمحتويات المحرر وتزويره ، وهذا ما اكده جانب من الفقه الفرنسي حينما انتقد الحكمين السابقين على اعتبار ان كون الالة في حيازة المؤسسة لايؤدي حتما الى الاستبعاد التلقائي للتسجيلات الناتجة عنها ، بل يجب البحث عما اذا كانت المؤسسة تستطيع التلاعب بالآلة ام لا ، فأذا ثبت استطاعة المؤسسة التلاعب بها ، فهنا فقط يجب العمل بمبدأ ” ليس لاحد ان يعد دليلاً لنفسه”(27) . كما ان المحرر لم يكن من صنع المؤسسة المالية ، بل هو محصلة اجرائين مشتركين احدهما صادر عن العميل ( ادخال البطاقة مع الرقم السري مع كتابة المبلغ المطلوب سحبه ) والثاني صادر عن الآلة ( جهاز الصراف الآلي ) وتتمثل بالمعالجة الالكترونية لطلب العميل ، يتمخض عنها الاستجابة لطلبه. لذا من غير الصحيح التشديد في تطبيق المبدأ ، لانه يؤدي بنا الى حرمان احد الاطراف من الاحتجاج بالمحررات الالكترونية مما يعوق التطور العلمي من جهة . كما ان لهذه المحررات من الحجية في الاثبات ما يصعب تجاهلها ، لانها على العموم تتم بمستوى من الدقة والكفاءة ، وان اقتصر على اعتبارها مجرد قرينة ، ومايؤيد وجهة نظرنا هذه هو ان حكم محكمة SETE الاول قد نقضته محكمة النقض الفرنسية بقرار لها صدر بتاريخ 8/11/1989 ، لمخالفته حكم المحكمة للمادتين ( 1134 ، 1341 ) من التقنين المدني الفرنسي ، اذ قضت بأنه (( لما كانت المؤسسةCREDICAS قد تمسكت بوجود شرط في العقد يحدد طريقة اثبات امر الوفاء ، وانه بالنسبة للحقوق التي يملك الاطراف حرية التصرف فيها ، فأن هذه الاتفاقات المتعلقة بالاثبات تعد مشروعة))(28).
الفرع الثاني : القواعد العامة للعقود
قد لاتنطوي الاتفاقات المعدلة للقواعد الموضوعية للاثبات في مجال المحررات الالكترونية على المساس بالمبادئ العامة للاثبات بما تؤدي اليه عملاً من اهدار الحق في الاثبات وحرمان احد طرفي الاتفاق من حقه في الاثبات عموماً صراحة أو ضمناً، فحسب، بل قد تصل الى درجة التعارض مع القواعد العامة في العقود من خلال ما تسمح به للمحترف من اطراف الاتفاق من الاحتجاج على غير المحترف بالمحررات التي يسيطر هو على بياناتها،مع سلب ما يتمتع به القاضي من سلطة لتقدير قيمة هذه المحررات اذا ما انطوى الاتفاق على تحديد حجية معينة لها تصل الى حد مساواتها بالمحررات الورقية او اعطائها حجية مطلقة في الوقت الذي لاتستوفي فيه تلك المحررات شروط هذه الحجية.
وهذا ما حدا بالبعض الى القول بأن العقود المنظمة لاتفاقات الاثبات هي عقود اذعان وان هذه الشروط هي في حقيقتها شروط تعسفية وردت في علاقة قانونية تربط بين المهنيين والمستهلكين(29). ونعتقد أن السبب الرئيس وراء هذا القول يكمن في محاولة الحفاظ على الدور الموكل للقاضي من قبل المشرع في ضرورة عدم السماح لمثل هذه الاتفاقات بتهديد مصالح الطرف غير الخبير من خلال عده الطرف الضعيف في عقد اذعان مما يحتم الغاء أي شرط تعسفي ورد في العقد او في الاقل تفسيره لمصلحة الطرف المذعن كجزء من ((النظام التقليدي لحماية المستهلك))(30) من ناحية. ومن ناحية اخرى اعتبار اتفاقات الاثبات بالمحررات الالكترونية شروطاً تعسفية تفرض تدخل القاضي بناءاً على مقتضيات تحقيق العدالة واحقاق الحق . وان الوقوف على مدى صحة الرأي المتقدم يستدعي التأكد عن مدى انطباق شروط عقود الاذعام على العقود التي تتضمن اتفاقات الاثبات ، ومدى امكانية توصيف اتفاقات الاثبات بالمعلومات المعالجة الكترونياً شروطاً تعسفية ، مسلطين الضوء على ردة فعل القضاء على مثل هذه الاراء وعلى التفصيل الوارد في المقاصد الاتية :
المقصد الاول :- مدى اعتبار اتفاقات الاثبات بالمحررات الالكترونية شروط تعسفية واردة في عقود اذعان
يعرف عقد الاذعان(31) بأنه عقد يسلم فيه القابل بشروط مقررة يضعها الموجب ولايسمح بمناقشتها وذلك فيما يتعلق بسلع او مرافق ضرورية تكون محل احتكار قانوني او فعلي او تكون موضع منافسة محدودة النطاق بشأنها(32).
أي ان عقد الاذعان يفترض مايلي :
ان يكون احد الاطراف في مركز اقتصادي اقوى من الطرف الاخر لما يتمتع به من احتكار قانوني او فعلي لسلعة او خدمة .
ان يكون الطرف الاخر في مركز اقتصادي ضعيف لتعلق العقد بسلعة او خدمة تعد من الضرورات الاساسية بالنسبة للمستهلكين او المنتفعين .
ان يصدر الايجاب للكافة وبصورة دائمة .
ان يصدر الايجاب ضمن قالب نموذجي .
مفاد ما تقدم ان صفة الاذعان والرضوخ لاتظهر الا في العقود التي يختصر في ابرامها المرحلة التي تمهد لانعقادها والسابقة لها في الوجود ، حيث المفاوضات والمناقشات حول العقد المرتقب(33).
اذ تتيح هذه المرحلة الفرصة لاطراف العقد بمناقشة ودراسة شروط العقد المراد ابرامه وبما يضمن مصالح كلا الطرفين ويحقق الرضا الكامل لبنوده وبخلافه يستقل الطرف القوي في العقد باملاء شروط التعاقد كاملة ، ولايكون امام المتعاقد الاخر الا ان يقبل هذه الشروط جميعاً ، او يرفضها جميعاً دون مناقشة او تحاور بصددها وان بدت تحقق مصلحة الاول(34)دون الثاني ، ولطالما تعلق التعاقد بسلعة او خدمة لايمكن الاستغناء عنها او يصعب الاستغناء عنها ، فلا يكون امام المتعاقد الاخر ( الطرف الضعيف ) الا الموافقة(35).
أي ان اهم مميزات عقود الاذعان هو اختلال التوازن العقدي لطرفيه بسبب قوة احد الاطراف لما يتمتع به من مركز احتكاري وضعف المتعاقد الاخر لاحتياجه لسلعة او خدمة هي محل احتكار الطرف الاول . الحقيقة ان هذه الخاصية لا تعد متوافرة في جميع اشكال العقود التي تبرم بوسائط الكترونية اذ من الممكن ان يسبق هذا النمط من العقود مرحلة يتفاوض فيها الطرفان على الشروط الفنية والقانونية للعقد ، بل ان مرحلة التفاوض فيها لها من الخصوصية ما يجعلها تمتاز من مراحل التفاوض التي تسبق غيرها من العقود.
فمن العقود التي تتم بوسائط الكترونية ما يظهر عليها ذلك الاختلال العقدي المكسب لسمة الاذعان – حسب المفهوم المتقدم – اذ لا وجود لمفاوضات سابقة لابرام العقد لاسيما منها عقود خدمات المعلومات الالكترونية التي تقدم للكافة ( عقد الاشتراك في خدمات الانترنت ) ، ويرجع ذلك الى كثرة هذه العقود وتكرارها والسرعة اللازمة لابرامها،بالاضافة الى ان تدخل الحاسوب الالكتروني بهذه العقود يجعل التفاوض امراً صعبا”.لان الحاسب يتعامل على وفق برنامج معد سلفاً ، فهو لايتعامل الا بخصوص البيانات المدرجة في برنامجه(36). الامر نفسه نجده بالنسبة لعقود برامج الحاسوب المعدة سلفاً ( النموذجية)(37) اذ تطرح برامج الحاسوب النموذجية ( المعدة سلفاً ) على الجمهور مرافقاً لها نص العقد ( اتفاقية الترخيص ) التي تكون بالعادة منظمة من قبل المنتج وبصورة لايقبل بها مناقشة الطرف الاخر(38) ومن العقود التي لايملك فيها احد المتعاقدين الا القبول بالشروط الي يضعها المتعاقد الاخر او يحجم عن التعاقد،تلك التي تبرمها البنوك مع عملائها بصدد اصدار البطاقات المصرفية اذ يرى البعض ان تلك العقود تصنف ضمن عقود الاذعان،ذلك ان البنك ان لم يعد محتكراً، حيث يكون بامكان المتعاقد الاستغناء عن التعاقد معه والذهاب الى بنك آخر يصدر البطاقات المصرفية فأنه سيجد ذات الشروط ان لم تكن اكثر شدة ومن ثم اكثر تعسفاً ، مما يجعل حرية الاختيار امام المتعاقد محدودة ولايمكنه في نهاية المطاف الا التسليم بالشروط المعروضة عليه ،والاذعان لارادة الطرف الاخر، أي ان العميل في حالة وجود عدة بنوك تطرح البطاقات المصرفية يستطيع اختيار احد البنوك وليس له ان يختار العقد(39). وفيما يتعلق بورود العقد على سلعة او خدمة تعتبر من الضروريات الاولية بالنسبة للجمهور ، نتساءل هل تعد المعلومات في عقود خدمات المعلومات والبرامج النموذجية في عقود البرامج المعدة سلفاً، والبطاقات المصرفية في عقود اصدار البطاقات المصرفية، من قبيل السلعة والخدمات التي لايمكن الاستغناء عنها او يصعب الاستغناء عنها . ذهب رأي بهذا الصدد الى ان مثل هذه السلع والخدمات قد اصبحت في الوقت الحاضر ضرورة لا غنى عنها في مفردات الحياة اليومية نتيجة للتطور والمدنية التي اصابت الحياة واصبح التعامل مع المعلوماتية في ظلها امرا” لازما” لكل شخص(40). لذا يقيم جانب من الفقه بكون العقد يتعلق بسلعة او خدمة ضرورية او كمالية مسألة نسبية ،وان على القضاء في هذا تبني مفهوم مرن ،بحيث يأخذ في اعتباره حاجة الشخص وظروف التعاقد، ومدى حاجة الانشطة الاقتصادية الى التعامل الكترونياً بالبطاقة المصرفية المصحوبة بالتوقيع الالكتروني كمثل على الوسائل الحديثة في التعامل(41). ونتفق مع الرأي المتقدم في اعتماد معيار شخصي يأخذ بنظر الاعتبار طبيعة نشاط المتعاقد وظروف التعاقد للوقوف على مدى حاجة المتعاقد للسلعة او الخدمة محل الاحتكار التعسفي او الفعلي . اما الشرط الثالث الذي يستلزم العمومية والديمومة والوحدانية في الايجاب المطروح من قبل محتكر السلعة او الخدمة وبما يضمن وصوله الى عدد غير محدود من الناس ، فنحن نتفق مع من يجد انطباق هذا الشرط بالنسبة لعقد الاشتراك ببنوك المعلومات وعقود البرامج المعدة سلفاً وعقد اصدار البطاقات المصرفية ، حيث تطرح شروط الحصول على محل العقود اعلاه دون تحديد شخص بعينه ودون ان يشكل المتعاقد محل اعتبار لدى المحتكر.
والشرط الرابع الذي يحتم صدور الايجاب ضمن نماذج مطبوعة ، وبما ينطوي عليه من شروط كلية ، لكي يقبل كله او يرفض كله ، وهذا ايضاً متوافر في حالة العقود الموضوعة من قبل البنوك او مقدم خدمات المعلومات او معد البرامج النموذجية .
وعليه، يظهرمما تقدم ذكره، ان من الممكن ان توصف العقود التي تشكل الوسائط الالكترونية جزءا”من تكوينها او تنفيذها او اثباتها، بانها عقود اذعان، تفترض الرضوخ والتسليم من قبل الطرف الضعيف لمشيئة الطرف القوي الذي يكون في مركز سيادي يتاح له من خلال ما يملكه من قوة اقتصادية او خبرة فنية تسمح له بفرض شروطه وان كانت تعسفية، كما من الممكن ان توصف الشروط التي وردت فيها واسفرت اعطاء المحررات الالكترونية حجية مطلقة بأنها مجحفة بحق المتعاقد الاخر وتسبب له ضرراً، لاسيما مع موقف المشرع العراقي المشابه لموقف المشرع المصري من عدم تحديد المقصود بالشرط التعسفي الوارد في عقود الاذعان تاركاً تقدير مدى التعسف للقاضي بالنظر الى ظروف وملابسات كل حالة على حدة والظروف الشخصية لاطراف العقد(42). وحسنا فعل مشرعنا حينما لم يضع تعريفا” للشرط التعسفي،ذلك ان الشرط الذي يُفرض من الطرف القوي غالباً ما يكون غير مفهوم للرجل العادي الذي لايملك ازاءها الا القبول بها رغم انه لم يدرك ابعادها تماماً مما يجعل من الصعب القول بقبوله التام لها لاسيما مع غياب مرحلة التفاوض(43) .وازاء ما قد يلحق الطرف المذعن من ضرر قرر المشرع حماية فعالة له تتمثل(44) بـ :-
اعطاء القاضي السلطة التقديرية الكاملة في تقدير الشروط التعسفية .
منح القاضي سلطة تعديل شروط العقد التي عدَها تعسفية بحق الطرف الاخر ، واعفاء الطرف المذعن منها كلية اضافة الى تفسير الشرط لصالح الطرف المذعن.
الا ان هذه الحماية مرهونة باللجوء الى القضاء ، أي يمتنع على القاضي سلطة التدخل التلقائي في العقود التي تظهر عليها صفة الاذعان اذ لابد من طلب يتخذ صورة دعوى قضائية يتقدم بها الطرف الضعيف في عقد اذعان لاستحقاق تلك الحماية ، وبخلافه لا توجد حماية .
ومما تجدر الاشارة اليه بهذا الصدد ، انه لكي يوصف اتفاق الاثبات بالمحررات الالكترونية بأنه شرط تعسفي يحق للقاضي تعديله لابد ان يرد ضمن عقد يوصف بأنه عقد اذعان في الوقت الذي يتصورفيه ايراد اتفاقات الاثبات بالمحررات الالكترونية ضمن عقود لاتتسم بالاذعان لكنهامع ذلك تبقى مجحفة بحق الطرف الاخر فهل يحق للقاضي التدخل في تعديله وان اجيز له ذلك ، ما الاساس القانوني لهذا التدخل؟ هذا ما سيكون عليه مضمون المقصد التالي.
المقصد الثاني :- مدى اعتبار اتفاق الاثبات بالمحرر الالكتروني شرطاً تعسفياً
وردت الاشارة الى الشروط التعسفية في التشريع العراقي ضمن دائرة معينة وهي دائرة عقود الاذعان،اذ تأتي ضمن ايجاب عام مطروح للكافة من قبل محتكر فعلي او قانوني لسلعة او خدمة تغذي حاجة اساسية للمتعاقد الاخر اذ لايملك القاضي ازاء تلك الشروط من سلطة تعديلها او الغائها او حتى تفسيرها لمصلحة الطرف المذعن الا استناداً الى التفويض التشريعي الوارد ضمن نص المادة (167) الخاصة بعقود الاذعان(45).
في الوقت نفسه ، من الوارد،لاسيما فيما يتعلق بالمعاملات المالية الالكترونية،ان يكون احد المتعاقدين جاهلاً بالامور الفنية والتقنية مما يجعله بمركز اضعف من الاخر الذي يكون على علم ودراية كافية بها،مما يرجح احاطة الشروط المتفق عليها ومنها شرط الاثبات بالمحرر الالكتروني شبهة التعسف بمثل هذه الحالة بالنظر الى التفوق التقني لاحد اطراف الاتفاق الذي يمكنه من استغلال جهل الطرف الاخر لتحقيق مصالحه الشخصية،فهل من الممكن اعتبار شرط الاثبات بالمحررالالكتروني شرطاً تعسفياً حتى ضمن اطار المفاوضات والمنافسات للعقد المرتقب.ومن ثم هل يستطيع القاضي التدخل لرفع التعسف دون تفويض تشريعي ؟
الحقيقة لايوجد في تشريعنا العراقي نظام قانوني يعالج الشروط التعسفية بطبيعتها في أي عقد وردت فيه ،متخلفاً بذلك عن اللحاق بالركب القانوني للكثير من التشريعات المقارنة ، كالتشريع الفرنسي شأنه شأن الكثير من دول الاتحاد الاوربي(46)،اذ ادرك المشرع الفرنسي ضرورة مقاومة الشروط التعسفية تحت مظلة توفير حماية قانونية قصوى للمستهلك(47).بغية استبعادها من عقود الاستهلاك(48)، متجاوزاً بذلك على القوة الملزمة للعقود(49)،من خلال قانون (10 ) كانون الثاني 1978 حول الإعلام وحماية المستهلكين ، اذ خصص الفصل الرابع منه لحماية المستهلكين من الشروط التعسفية،وعد البعض هذا القانون خطوة جريئة على طريق مقاومة الشروط المجحفة بحق المستهلك. وبغض النظر عن نوع العقد طالما كان احد طرفيه مستهلكا” او غير محترف(50). وعرفت المادة (35) من القانون المذكور الشروط التعسفية بأنها (( تلك التي تبدو مفروضة بواسطة المحترف على غير المحترف او على المستهلك من خلال التعسف في استخدام التفوق الاقتصادي وتسمح بحصول المحترف على ميزات مبالغ فيها))(51). أي ان المشرع الفرنسي قد حدد الاطار العام للشرط التعسفي من خلال تعريفه من حيث اشخاص واضعيه من جهة، مبرزاً في ذلك الهدف من النص وهو حماية المستهلك، ومحددا” اثر الشرط من جهة ثانية الذي يتمثل بالفائدة المفرطة التي يحققها احد المتعاقدين على حساب المتعاقد الاخر ومن خلال اساءة استعمال القوة الاقتصادية التي يتفوق بها على الطرف الاخر . وبهذا فأن شرط الاثبات بالمحرر الالكتروني وسواء كان مقترناً بالاتفاق على مساواته بالمحرر الورقي او ترك تقدير حجيته للقاضي ، يعد شرطاً تعسفياً يخل بالتوازن العقدي ، وبالتالي يحظر ادراجه في العقد طالما ثبت انه فرض من قبل محترف بالامور الفنية والتقنية على الغير محترف بها طالما نجم عنها ميزات مبالغ فيها للطرف القوي.
ومع ذلك فأن مما تقدم محصور في نطاق عقود الاستهلاك ، وان الحماية المستفادة من هذا القانون الذي وضع لمواجهة الشروط التعسفية يستلزم ان يكون العقد مبرماً بين طرفين غير متكافئين في القوى وهو المهني وغير المهني والسبب في ذلك مايؤدي اليه عدم التكافؤ الحقيقي بين الطرفين من اختلال في الحقوق والواجبات لكل من طرفيه ، وبخلافه لايوجد مسوغ لهذه الحماية المباشرة التي تهدف الى مقاومة ادراجها من الاصل ومن خلال التفويض التشريعي للسلطة التنفيذية في اصدار ما تشاء من اللوائح عن طريق مجلس الدولة الفرنسي وبعد اخذ رأي لجنة الشروط التعسفية طالما ثبت لديها ان هناك شروطا” تعسفية تحتم المنع(52). ولكن اذا ما بحثنا في ثنايا التشريع المدني العراقي،لا نلحظ مثيل لهذه الحماية المقررة للطرف الضعيف في عقد غير متوازن في قوة طرفيه ومع ذلك نجد للقاضي اساسا” للحق في التدخل لتعديل العقد واعادة توازنه الحقيقي من خلال وظيفته في احقاق الحق وتحقيق العدالة(53)،فالمصلحة العامة تقتضي بأن يقوم القضاء بوظيفته على اكمل وجه لكي يثق الافراد به، وتؤدي العدالة وظيفتها،وان اضفاء الحجية القاطعة على بعض الوسائل بناء على اتفاق ما يعرقل سير عمل القضاء .
اذن لو اردنا تقييم الاتفاق كوسيلة لاضفاء القوة الثبوتية للمحرر الالكتروني فانها وعلى الرغم من صحة الاتفاقات المعدلة للاثبات من الناحية القانونية، كمنفذ لجعل المحررات الالكترونية في مصاف الادلة المقبولة قانونا”، تبدو هذه الاتفاقات لدينا محدودة الاثر وغير قادرة على تأمين حلول جذرية وذلك للأسباب الاتية :-
ان هذه الاتفاقات تعود بنا الى نقطة الانطلاق الاولى وهي ضرورة وجود دليل كتابي يؤيد ويؤكد وجود هذا الاتفاق ، اذ لابد ان ترد اتفاقات الاثبات ضمن صياغة خطية تقليدية تعتمد الورقة والتوقيع الخطي لاثباتها(54)،اذ لايجوز الاحتجاج بالاتفاقات الضمنية غير المكتوبة لكونها تتنافى مع الواقع القانوني الذي يعتمد في احكامه على الشائع العام لا على النادر ، وان امكن الاعتداد بالنزول من التمسك بالقاعدة العامة في اثبات التصرفات القانونية على شكل دفع.
نسبية اثر هذه الاتفاقات ،اذ ان فاعليتها واثرها ينحصر ضمن اطراف العلاقة العقدية دون الغير تبعاً للمفعول النسبي للعقود ، بذات الوقت من الوارد ان تثار مشكلة الاثبات بالمحرر الالكتروني من جانب هذا الغير ، كأن يكون المستفيد من تحويل مصرفي او تنفيذ الامر بالدفع.
ان هذه الاتفاقات قائمة على افتراض مفاده ضرورة وجود علاقات قانونية سابقة بين اطرافه، وهذا امر محتمل الوجود ضمن العلاقات التجارية الالكترونية ، لذا فأن مساحة ما تقدمه من فائدة على صعيد الاعتراف القانوني بالمحررات الالكترونية ، تبدو ضيقة ومقتصرة على الاشخاص الذين يجدون في الاتفاق مصلحة كالاشخاص الذين يزاولون اعمالا” تجارية على شبكة الانترنت بصورة منتظمة ومتكررة دون مستخدمي شبكة الانترنت الذين يقيمون علاقات عبرها بصورة ظرفية وغير متكررة والذين يشكلون العدد الهائل لمستخدمي الانترنت .
من الوارد ان تشكل هذه الاتفاقات صورة من صور الاذعان ،اذ نجد ان الطرف الاقوى اقتصادياً يحدد الوسيلة التي تسهل اثبات حقه ويفرضها على الطرف الاخر الذي يجد نفسه عاجزاً عن اثبات مايدعيه لاسيما ان لم يكن خبيراً في الامور الفنية .
واخيراً فأن هذه الاتفاقات ذات الاثر المحدود تقتصر فائدتها على افساح المجال امام المحرر الالكتروني لاثبات الحقوق الى جانب بقية الادلة دون تقدير قوته الثبوتية .
على ضوء ما تقدم ، تبدو الحاجة ملحة الى حسم هذا الخلاف حول المعلومات المعالجة او المسجلة او المنقولة بواسطة اجهزة الحاسوب وشبكة الانترنت وضرورة البت في هذه المسألة من قبل المشرع ، اذ ان مجرد ظهور هذه الوسائط الالكترونية في الاثبات لن يغير من المبادئ الاساسية لقواعد الاثبات بل لابد من تكييف القانون لاستيعاب هذه الانماط المستخدمة من وسائل الاثبات ، وعليه سوف نناقش كيف ان المشرع بدأ في عملية الاعتراف بها خلال الباب الثاني .
___________________
[1] – على اعتبار ان اكثر التطبيقات العملية لهذه الاتفاقات نجدها لدى البنوك والمؤسسات المالية التي تعتمد الحاسوب الالكتروني والاتصال الالكتروني بدلاً من التبادل المادي للمستندات والوثائق كوسائل لاداء الخدمات والاعمال المصرفية علاوة على الاستشارات المالية وخدمات الاستثمار التي قد يحتاجها العميل ، على ان الاخير يستطيع الافادة من تلك الخدمات من خلال برامج معينة يطرحها البنك لعملائه لكي يستطيع العميل الدخول عليها والتعامل معها من أي جهاز حاسوب في أي مكان وفي أي وقت وليس بالضرورة من خلال حاسبته الشخصية ،لذا فهي احوج الى مثل هذه الاتفاقات من غيرها ، ونجد في سويسرا مثلاً ان عدد المتعامل مع البنوك الالكترونية قد زاد من (555000) عميل في سنة 2000 الى حوالي( 586000) عميل في 2001 في اكبر البنوك بها وهو البنك السويسري. للمزيد من المعلومات حول البنوك الالكترونية يراجع د. جلال عبد المطلب بدري- البنوك الالكترونية ( ماهيتها ومعاملاتها والمشاكل التي تثيرها)-بحث مقدم الى مؤتمر الاعمال المصرفية بين الشريعة والقانون-ص1943ومابعدها .
2- د. ثروت عبد الحميد : التوقيع الالكتروني – الطبعة الثانية – مكتبة الجلاء الجديدة – المنصورة – 2002 -ص103.
3 – قضت المادة ( 19 ) من الدستور العراقي الحالي 2005 على ان (( ثالثاً : والتقاضي حق مصون ومكفول للجميع . رابعاً : حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة )).
4 – د. رمضان ابو السعود اصول الاثبات في المواد المدنية والتجارية – الدار الجامعية – بيروت – 1985 -ص92.
5 – استاذنا د. عباس زبون العبودي : – شرح احكام قانون الاثبات المدني – دار الثقافة للنشر والتوزيع – الاردن – 1999-ص87.
6- استاذنا د. عباس العبودي-شرح احكام قانون الاثبات المدني-مصدر سابق-ص87.
7- اشار اليه د. ثروت عبد الحميد-مصدر سابق-ص101.
8 – د. ثروت عبد الحميد-مصدر سابق-ص103.
9 – استاذنا د. عباس العبودي-مصدر سابق-ص91.
10- Verailles .12/10/1995 .R.T.D.civ،1996 ،p.172obs Jacques Mestre.
نقلاً عن ضياء امين مشيمش : التوقيع الالكتروني- صادر للمنشورات الحقوقية – لبنان – 2003 -ص25-هامش رقم (1)
1[1] – استاذنا د. عباس العبودي-شرح احكام قانون الاثبات المدني-مصدر سابق-ص93.
12- د. اشرف جابرص21.
13- نجد ان الاساس الشرعي لهذه القاعدة تكمن في حديث نبوي شريف لسيد الخلق محمد ( صلى اله عليه وآله وصحبه وسلم )) اذ قال (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى اناس دماء رجال واموالهم ))صحيح مسلم-ج-/ص128.
14- سمير السيد تناغو : النظرية العامة في الاثبات – منشأة المعارف – الاسكندية – 1999 -ص27.
15 – قضت محكمة النقض المصرية على انه (( لايجوز للشخص الطبيعي او المعنوي ان يتخذ من عمل نفسه لنفسه دليلاً يحتج على الغير )) نقض مدني في 13/مارس/1977 /مجموعة احكام النقض لسنة 28 رقم 122/ص671. اشار اليه اشرف جابر سيد-مصدر سابق-ص21-هامش (29).
16- المنصوري -ج2 – ص297 وما بعدها .
17- نصت المادة ( 28 ) من قانون الاثبات المدني القانوني رقم ( 107 ) لسنة 1979 على ان (( اولا”:- لا تكون القيود الواردة في الدفاتر التي يوجب القانون مسكها سواء اكانت منظمة ام غير منتظمة حجة لصاحبها ))
18 – د. توفيق حسن فرج وعصام حسن فرج : قواعد الاثبات في المواد المدنية والقانونية – منشورات الحلبي الحقوقية – لبنان – 2003 -ص37-38 ، د. حسن عبد الباسط حسن جميعي : اثبات التصرفات التي يتم ابرامها عن طريق الانترنت – دار النهضة العربية – 2000-ص85ومابعده
19- نصت المادة (17/1) من قانون الاثبات المصري رقم ( 25 ) لسنة 1968 على ان (( دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار ، غير ان البيانات المثبتة فيها عما ورده التجار تصلح اساسا يجيز للقاضي ان يوجه اليمين المممة الى اي من الطرفين وذلك فيما يجوز اثبات بالبينة . وتكون دفاتر التجار حجة على هؤلاء التجار ولكن اذا كانت هذه الدفاتر منظمة فلا يجوز لمن يريد ان يستخلص منها دليلا لنفسه ان يجزىء ماورد فيها ويستبعد منه ما كان مناقضا لدعواه )).
20- استاذنا د. عباس العبودي- شرح احكام قانون البينات الاردني – الطبعة الاولى دار الثقافة للنشر والتوزيع – الاردن – 2005 -ص128 ومابعدها
21- Croze (H.) : In formatique ،prevue et sécrurits .D.1987 ،p.105.
اشار اليه د. محمد حسين عبد العال : ضوابط الاحتجاج بالمستندات العقدية في القانون الفرنسي – دار النهضة العربية – القاهرة – 1999-ص159-هامش رقم (1).
22 – يراجع بخصوص هذا الرأي د. محمد المرسي ابو زهرة : الدليل الكتابي وحجية مخرجات الكومبيوتر في الاثبات في المواد المدنية والتجارية – من بحوث مؤتمر القانون والكومبيوتر والانترنت – 1-3 مايو – جامعة الامارات العربية المتحدة -ص8و 9.
23 – ضياء امين مشيمش : التوقيع الالكتروني- صادر للمنشورات الحقوقية – لبنان – 2003-ص28-29 ، عايض راشد المري : مدى حجية الوسائل التكنلوجية الحديثة في اثبات العقود التجارية – رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة – بدون سنة -ص187ومابعدها .
24 – يراجع بخصوص هذا الرأي-محمد حسين عبد العال-مصدر سابق-ص158ومابعدها .
25- تتلخص وقائع هذه القضية في الشركةCredicoo قد وافقت على فتح ائتمان للسيدةP.Brisson في حدود 4000 فرنك ، وقد حصلت على مبلغ الأئتمان بواسطة جهاز الصراف الآلي التابع للشركة المصرفية، وفي تاريخ الاستحقاق طالبت الشركة السيدة المقترضة الوفاء بما عليها من وقدمت الشركة تأييداً يطابها نسخة الشريط الورقي الذي يبقى في جهاز الصراف الالي نتيجة السحب النقدي الذي قامت به المدعى عليها ، ورفضت المحكمة طلب الشركة على اساس ان من يطالب بتنفيذ الالتزام يجب عليه اثباته استناداً الى نص المادة (1322) الا بدليل موقع من المدين يثبت استخدامه لجزء او لكل مبلغ الأئتمان المتفق عليه ، وان هذا الدليل الموقع من المدين لايغني عنه ما اسمته الشركة التوقيع الالكتروني الذي يصدر ليس ممن يراد الاحتجاج به في مواجهة ، وانما عن آلة تخضع كلية لارادة المدعي
Tribunal d’instance de sete 9mars 1984 ، .D.s 1985 note Bnabet.
اشار اليه كل من د. ثروت عبد الحميد-مصدر سابق-ص111، د. محمد حسين عبد العال-مصدر سابق-ص156، وضياء امين مشيمش-مصدر سابق-ص27.
26-T.T. Séte ،14 mai 19986 ،D.1990،p.369،obs. Gavalda
27- Bénabent (A.) obs .saus T.1. séte 9mai 1984 D. 1985 ،p.360،-C.A.
Montpellier ،9Av.1987،R.dr.Banc.et Banc 1990،p.43،obs.Credot et cévand.
نقلاً عن كيلاني عبد الراضي-ص153.
28- Civ 8Nov.1989 ،Bull.civ.I، n.342، p.230،D. 1990 ،p.369.note Gavalda ;J.C.P . 1990-111-21576 note Virassamy.
اشار اليه كلاً من د. محمد حسين عبد العال-مصدر سابق-ص156،د. ثروت عبد الحميد -مصدر سابق -ص111.
29- د. ثروت عبد الحميد -مصدر سابق-ص45.
30- د. عامر حسن قاسم : الحماية القانونية للمستهلك – ص93
31- كما يعرف عقد الاذعان بأنه (( انضمام لعقد نموذج يحرره احد الفريقين بصورة احادية الجانب وينضم اليه الفريق الاخر دون امكانية حقيقية لتعديله )) جاك غستان- المطول في القانون المدني-ترجمة منصور القاضي-ص97 فقرة 95 .
32- د. عبد المنعم فرج الصدة -في عقود الاذعان في القانون المصري -رسالة دكتوراه –القاهرة-1946-ص58-70.
33- يعرف البعض التفاوض بأنه (( المرحلة التهيدية حيث تتم دراسة ومناقشة شروط العقد ))
j.Carbonnier ،Droit civil ،les obligation. Puf théns 1985.p.85.
وعرفه البعض الاخر التفاوض بأنها :
(( مرحلة يتم فيها تبادل الاقتراحات والمساومات والمكاتبات والتقارير والدراسات الفنية بل ، والاستشارات القانونية التي يتبادلها اطراف التفاوض ليكون كل منها على بينة من افضل الاشكال القانونية التي تحقق مصلحة الاطراف وللتعرف على ما يسفر عنه الاتفاق من حقوق والتزامات لطرفيه)) د. حسام الدين كامل الاهواني-المفاوضات في الفترة قبل التعاقدية ومراحل اعداد العقد الدولي -تقرير مقدم الى ندوة الانظمة التعاقدية للقانون المدني ومقتضيات التجارة الدولية-معهد قانون الاعمال الدولي-القاهرة -2-3يناير/1993/ص2. نقلا” عن د. محمد حسن قاسم-مراحل التفاوض في عقد الميكنة المعلوماتية-دار الجامعة الجديدة للنشر-2002- ص10 -هامش رقم (1).
34- من الطبيعي ان تصدر اغلب هذه الشروط تحقيقاً لمصلحة الطرف القوي فهي تارة تخفف من مسؤوليته العقدية واخرى تشدد مسؤولية الطرف الاخر ، وفي حياتنا اليومية الكثير من العقود التي توصف بأنها عقود اذعان مثلاً العقود المبرمة مع شركات الهواتف النقالة التي دخلت حديثاً للعراق كما في شركة اسيا سيل ، اذ جاء بنص الفقرة (1) من عقد اشتراك موبايل اسيا سيل “نمط الدفع المسبق ” على ان “اسيا سيل ” ليست ملزمة بتقديم الخدمات في جميع انحاء العراق كما انها ليست ملتزمة او مسؤولة عن اية مشكلة او عن التأخير او التوقف او التقطع الذي يمكن ان يحصل في أي وقت للشبكة ومهما كان نوع الخدمة المستعملة ، او عن اية اضرار او خسائر ناشئة عنها قد تلحق بالمشترك اضافة الى ان اسيا سيل ليست مسؤولة عن أي خطأ او عطل اجهزة المشترك”.كما جاء بنص البند (4) من هذا العقد على ان (( يحق لاسيا سيل اجراء التعديلات والتغيرات في الاسعار وان التعديل في الاسعار لن يعطي للمشترك اية ذريعة او مبرر لانهاء عقد الاشتراك )).
35- د. عبد الودود يحي : دروس في قانون الاثبات – القاهرة – 1970 -ص46.
36- Jacques GHSIIN،Isabelle MARCHESS،aux VANMEUE.
37- تعرف برامج الحاسوب النموذجية بأنها (( مجموعة كاملة وموثقة من البرامج المعدة لان تورد الى مستعملين بهدف اتمام تطبيق واحد او وظيفة واحدة )). التعريف الصادر عن لجنة تعريف مصطلحات المعلوماتية الحديثة الفرنسية
Arréte relative à l’enrichissement du vocbulaire de l’informatique du 22 décember 1981 l.J.O.
نقلاً عن طوني ميشيال عيسى : التنظيم القانوني لشبكة الانترنت – الطبعة الاولى – صادر للمنشورات الحقوقية / 2001- ص141.
38- د. اياد احمد البطانية -النظام القانوني لعقود وبرامج الحاسوب-رسالة دكتوراه -جامعة بغداد-2002-ص123.
39- ونجد ذات الامر فيما يتعلق بعقد التأمين وما ينطوي عليه من شروط تفرضها الشركات القوية التي تتمتع باحتكار فعلي لايملك ازاءها من يريد التأمين مناقشتها او تعديلها ، كما ان لجوئه الى بقية شركات التأمين لايوفر له ما فقده من امكانية التفاوض بخصوص شروطها حيث له ان يختار بين شركات مختلفة ولكن مع ذلك ، فأن شروطها متشابهة أي يمكنه فقط اختيار الشركة وليس له ان يختار العقد . د. عبد المنعم فرج الصدة : الاثبات في المواد المدنية – الطبعة الثانية – شركة ومطبعة مصطفى الحلبي واولاده – القاهرة – 1989 -ص59.
40 – عايض راشد المري : مدى حجية الوسائل التكنلوجية الحديثة في اثبات العقود التجارية – رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة – بدون سنة -ص220.
41- د. ثروت عبد الحميد : التوقيع الالكتروني – الطبعة الثانية – مكتبة الجلاء الجديدة – المنصورة – 2002 -ص108.
42- احمد السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني – الجزء الثاني – الاثبات / اثار الالتزام -ص234 .
43 – عامر قاسم حسن-مصدر سابق-ص28ومابعدها.
44- يراجع نص المادة (167) مدني عراقي رقم (40 ) لسنة 1951.
45 – قضت المادة (167) من القانون المدني العراقي رقم ( 40 ) لسنة 1952 على ان (( 1- القبول في عقود الاذعان سينحصر في مجرد التسليم بمشروع عقد ذي نظام مقرر يضعه الموجب ولايقبل فيه مناقشة .2- اذا تم العقد بطريق الاذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للمحكمة ان تعدل هذه الشروط او تعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك . 3- لايجوز تفسير العبارات ….))
46 – اخر ما صدر عن الاتحاد الاوربي وفيما يتعلق بحماية المستهلك من الشروط التعسفية هو التوجيه الاوربي رقم ( 13/93 ) الصادر في 5 ابريل 1993 ونصوص هذا التوجيه منشورة في
Rev.crit 1993،p.495 etss.
47- صدر عن المجلس الاوربي قرار في 14 نيسان 1975 اطلق عليه (( البرنامج الاول للتجمع الاقتصادي الاوربي نحو حماية واعلام المستهلكين )) كما صدر قرار آخر عن المجلس في 19 مايس 1981 اطلق عليه ( البرنامج الثاني للتجمع الاقتصادي الاوربي من اجل تنظيم حماية واعلام المستهلكين ) ، وعلى اثر ذلك صدر في المانيا تشريع اتحادي متخصص في مقاومة الشروط التعسفية الواردة ضمن الشروط العامة في العقود النموذجية ، ذلك بتاريخ 9 كانون اول 1976 ثم صدر بعد ذلك في انكلترا قانون خاص بالشروط المجحفة في العقد قانون 1977 ، ثم صدر بعد ذلك القانون الفرنسي رقم 78/23في 10 كانون الثاني 1978 . وللمزيد مراجعة د. عامر قاسم احمد- مصدر سابق -ص119.
48- لاتعتبر عقود الاستهلاك من العقود المسماة بالنظر الى اختلاف طبيعة الاداءات او الخدمات التي تقدم للمستهلك ، اذ يمكن ان تكون عقود بيع، او عقود قرض او عقود تعليم بالمراسلة او عقد ايجار… الا انها جميعها تشترك بوجود طرف ضعيف يستاهل حماية القانون في مواجهة المهني . د. احمد عبد الكريم سلامة -علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع ( اصولاً ومنهجياً) -المنصورة – مكتبة الجلاء -1996-ص1110-1111-بند 799.
وكذلك
M.FALLON : Le droit des rapports internationaux de consornmation ،clunet .1984.p.765ets spec. 784ets.no-24ets.
نقلاً عن د. خالد عبد الفتاح محمد خليل -حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص -دار النهضة العربية-مصر –2002-ص18-هامش رقم (2).
49- جاك غستان -المطول في القانون المدني (تكوين العقد ) -مترجم من قبل منصور القاضي -المؤسسة الجامعة بللدراسات والنشر والتوزيع-الطبعة الاولى -2000-ص177.
50- استناداً الى نص المادة (35) من هذا القانون والمستعادة في المادة (132-201 ) من قانون الاستهلاك الجديد بتاريخ 26 تموز 1993 الذي ينقسم الى خمسة كتب ، يتعلق الكتاب الاول بالاعلام المستهلكين وتكوين العقود ، والكتاب الثاني بتطابق وأمان المنتجات والخدمات . والكتاب الثالث باستدانة المستهلك ، والكتاب الرابع بجمعيات المستهلكين والكتاب الخامس بالمؤسسات الاستهلاكية ، أي ان هذا القانون جاء شاملاً لجميع قوانين الاستهلاك السابقة وجامعاً لها وهي :
-القانون رقم 22 ديسمبر 1972 بشأن البيع في الموطن .
-القانون رقم 78-22 الصادر في 10 يناير 1978 بشأن الشروط التعسفية .
-القانون الصادر في 13 يوليو 1979 بشأن الأئتمان العقاري.
-القانون الصادر في 21 يوليو 1983 بشأن امانة المستهلكين .
-القانون الصادر 5يناير 1988 بشأن دعاوى جمعيات المستهلكين .
-القانون الصادر 5 يناير 1988 بشأن البيع بالمراسلة .يراجع بشأن ذلك :
j- CN-AIS –AULOY: Un code ،un droit ،in apres le code de la consommations ،paris –litec 1996،p.15 et ss.
اشار اليه د. خالد عبد الفتاح محمد : حماية المستهلك في القانون الدولي – دار النهضة العربية – مصر – 2002 -ص23-هامش رقم(1).
51- يراجع بخصوص هذه المادة كلا من د. عامر قاسم احمد -مصدر سابق –ص34 ، جاك غستان : المطول في القانون المدني ( تكوين العقد ) – ترجمة منصور القاضي – الطبعة الاولى – المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر والتوزيع – 2000-ص177.
52- جاك غستان – مصدر سابق-ص177.
53- Dominique MOREND: op،cit p(7) ،De surcroit .dans les relations avec les consommateure .la loi du ler janvier 1995 sur les claues abusives est pleinement applicable .II est qinsi interdit de conférer au document l’nformatique une valeur prabatoire telle que le consommatcur ne pourrait combattre cette preuve ou bien aboutrvait a renverset la charge de la preuve à son detrimaet.
نقلاً عن ضياء امين مشيمش- مصدر سابق- ص62-هامش رقم (2).
54 – ضياء امين مشيمش-مصدر سابق -ص63.
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
بحث قانوني مفصل حول القيود الواردة على حرية الأفراد في ابرام اتفاقيات الاثبات