بحث و دراسة حول التحقيق الإداري و الضمانات التي كفلها القانون عند فرض العقوبة
المقدمة
تطورت مهمة الدولة في العصر الحديث عما كانت عليه من قبل وانعكس ذلك التطور في مسؤولياتها إذ تجاوزت الحدود المرسومة لها في الحفاظ على الأمن وجباية الضرائب والدفاع عن الوطن إلى ميادين أخرى وكلما تطورت وظيفة الدولة واتسعت دائرة مسؤولياتها كلما زادت أهمية الموظف بوصفه الأداة المنفذة لسياسة وتوجهات الدولة والمحققة لأهدافها . ومن هنا برزت الحاجة إلى سن تشريعات تستهدف تأديب الموظفين وإخضاعهم إلى ضوابط تضمن عدم انحرافهم واستغلال صفتهم الوظيفية أو التقاعس عن القيام بأداء مهامهم على النحو الذي يعرقل سير المرفق العام ويؤدي إلى عدم قيام الموظف بأداء مهامه وأداء الواجبات المناطة به على أكمل وجه ممكن .
ومن ابرز الضمانات للموظف في نطاق التأديب هو أن يتم إجراء التحقيق الإداري مع الموظف والاستماع لأقواله ومنحه فرصة للدفاع عما اسند إليه من اتهام على اعتبار إن التحقيق الإداري هو الخطوة الأولى في الإجراءات التأديبية .
والتحقيق الإداري بصفة عامة يعني البحث والتقصي الموضوعي والمحايد والنزيه لكشف الحقيقة وإسناد الوقائع إلى أشخاص محددين بغية محاسبتهم ومعاقبتهم وفقا للقانون حيث أن التحقيق الإداري لا يستهدف سوى الكشف عن الحقيقة وبيان حقيقة العلاقة بين الموظف والمخالفة المسندة إليه (1). وهو إجراء شكلي يتخذ بعد وقوع المخالفة بقصد الكشف عن فاعلها أو التثبت من صحة إسنادها إلى فاعل معين الهدف منه الوصول إلى الحقيقة وإماطــــة اللثام عنها (2). وعلى الرغم من إن إجراء التحقيق الإداري مع الموظف المحال إلى اللجنة التحقيقية هو ضمانة له نصت عليها المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991فقد أوصت غالبية التشريعات التي تتعلق بالوظيفة العامة إلى تشكيل لجنة تحقيقية تتولى التحقيق مع الموظف المخالف قبل مساءلته أو فرض العقوبة الانضباطية عليهكما استقرت قرارات الهيئة التمييزية في مجلس شورى الدولة ومجلس الانضباط العام إلى بطلان العقوبات الانضباطية التي تفرض على الموظف وما يترتب عليها من إجراءات إذا لم يسبق فرض العقوبة تشكيل لجنة تحقيقية تتولى التحقيق في المخالفة التي ارتكبها الموظف وسماع أقواله ودفاعه عما اسند إليه . وبعد هذه المقدمة بات من الضروري الإحاطة بشكل مفصل فيما يتعلق بالتحقيق الإداري ومقومات نجاحه إضافة إلى الضمانات التي يجب إن تتوافر لسلامة التحقيق الإداري ونزاهته لذا سوف يتضمن بحثنا ثلاثة فصول هي:-
الفصل الأول- الإحالة إلى التحقيق.
الفصل الثاني- مقومــــات التحقيق.
الفصل الثالث- ضمانـــــة التحقيق.
الفصل الأول
الإحالة إلى التحقيق
لاشك أن أولى واجبات الموظف احترام القوانين والأنظمة والتعليمات ومراعاة أحكامها وتنفيذ نصوصها وان أي خروج عن ذلك يعرضه إلى المساءلة القانونية كما ان واجباته تقضي عليه تنفيذ الأوامر الصادرة إليه من رؤسائه الذين لهم سلطة الرئاسة عليه شريطة ان تكون تلك الأوامر تدخل ضمن واجبات وظيفته فمبدأ المشروعية واحترام القانون يخضع له جميع الموظفين على اختلاف مستوياتهم وان كان ذلك الأمر يكون مخالفة قانونية ظاهرة يتعين على الموظف الامتناع عن تنفيذه حيث نصت المادة (40) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 على أن (لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أو شخص مكلف بخدمة عامة في الحالات الآتية :
أولا- إذا قام بسلامة نية بفعل تنفيذا لما أمرت به القوانين أو اعتقد إن إجراءه من اختصاصه.
ثانيا- إذا وقع الفعل منه تنفيذا لأمر صادر إليه من رئيس تجب عليه طاعته أو اعتقد إن طاعته واجبة عليه).
وفي كلا الحالتين يجب أن يثبت الموظف أن اعتقاده بمشروعية الفعل كان مبنيا على أسباب معقولة وانه لم يرتكب هذا الفعل إلا بعد اتخاذه الحيطة المناسبة ومع ذلك فلا عقاب في الحالة الثانية إذا كان لا يسمح للموظف بمناقشة الأمر الصادر إليه (3).
عليه تعد اللجنة التحقيقية هي الوسيلة الأساسية الضامنة التي أوجدها المشرع لمساءلة الموظف عند ارتكابه فعلا يخل بمتطلبات العمل الوظيفي أو يولد فسادا بالمال العام او ضررا بالمصلحة العامة وبالتالي لامساغ لمساءلة الموظف خلافا للآلية المنصوص عليها في القانون في تشكيل اللجنة التحقيقية التي تشكل لهذا الغرض . لذا بات من الضروري التعرف على القوانين التي تنظم آلية عمل اللجان التحقيقية وآلية تشكيلها في ضوء الصلاحيات المنصوص عليها في تلك القوانين ومعرفة الضمانات الواجب توافرها في اللجنة التحقيقية لضمان فاعلية أدائها والقيام بواجباتها على أكمل وجه ممكن .
المبحث الأول
السلطة المختصة بتشكيل اللجنة التحقيقية
تتخذ الإجراءات القانونية بحق الموظف المخالف بصدور الأمر الوزاري أو الأمر الإداري الصادر بتشكيل اللجنة التحقيقية من السلطة المختصة قانونا استنادا إلى أحكام الفقرة (أولا) من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 والتي نصت ( على الوزير أو رئيس الدائرة تأليف لجنة تحقيقية من رئيس وعضوين من ذوي الخبرة على يكون احدهم حاصلا على شهادة جامعية أولية في القانون ).
كما نصت المادة (2) من قانون التضمين رقم (12) لسنة 2006 على أن ( يشكل الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة لجنة تحقيقية من ثلاثة أعضاء على الأقل من ذوي الخبرة والاختصاص ويكون احد أعضاءها موظفا قانونيا لتحديد مبلغ التضمين والمسؤول عن أحداث الضرر المنصوص عليه في المادة (1) من هذا القانون وجسامة الخطأ المرتكب وما إذا كان عمديا أو غير عمدي وعلى اللجنة الاستعانة بجهة رسمية ذات اختصاص) .
كما تضمنت المادة (10) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (1) لسنة 2008 بان تشكل لجنة مركزية للنظر في الاعتراضات والشكاوى التعاقدية وترتبط بالوزير المختص أو المحافظ أو من يخوله وتتألف من مجموعة من الخبراء والاختصاصيين .
عليه لابد من الإشارة عند تشكيل اللجنة التحقيقية إلى السند القانوني في تشكيلها سيما وان كل لجنة تحقيقية من هذه اللجان التي سبق الإشارة إليها لها جهة اختصاص في الطعن بتوصياتها المقترنة بمصادقة الوزير فمثلا اللجنة التحقيقية المشكلة بموجب قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 يكون مجلس الانضباط العام هو الجهة المختصة في النظر بالاعتراضات عليها أما اللجنة المشكلة بموجب قانون التضمين فيكون الطعن بقرار التضمين لدى محكمة البداءة المختصة ويكون الحكم الذي تصدره المحكمة قابلا للطعن به أمام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية . وكذلك الحال بالنسبة إلى اللجنة التحقيقية المشكلة بموجب تعليمات تنفيذ العقود الحكومية أمام الجهة التي نصت عليها التعليمات المذكورة انفا. وبالتالي فان صدور توصيات اللجنة التحقيقية المشكلة من جهة غير اختصاص يترتب على هذه التوصيات أو القرارات الصادرة بناء على هذه التوصيات بطلان التحقيق والآثار المترتبة عليه واهمها القرارات الصادرة بفرض عقوبات انضباطية والتي لها مرجع قانوني للطعن (4) .
وتطبيقا على ذلك فقد قضت الهيئة التمييزية في مجلس شورى الدولة بقرارها المرقم (60/انضباط / تمييز /2009 ) ببطلان العقوبات الانضباطية إذا صدرت ممن لا يملك صلاحية فرضها (5) .
المبحث الثاني
الغاية من إجراء التحقيق الإداري
إن الغاية الأساسية من إجراء التحقيق الإداري هو التحقق من أن الموظف قد ارتكب احد الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بالوظيفة العامة من خلال:
1. التحقق من أن الفعل المرتكب قد صدر من الموظف المخالف فعلا.
2. التحقق من أن الفعل مخالف لإحكام القوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بالوظيفة العامة .
3. التحقق في كيفية وقوع المخالفة المرتكبة من الموظف وتحديد جسامة الخطأ ومدى خطورته على المرفق العام.
4. التحقق في أسباب ارتكاب الموظف لهذه المخالفة والدوافع التي دعت إلى ارتكابها .
5. بيان حجم الضرر الذي لحق بالمال العام أو النظام القانوني للدائرة حماية للمصلحة العامة .
المبحث الثالث
نطاق عمل اللجنة التحقيقية وصلاحياتها في فرض العقوبة
ينحصر عمل اللجنة التحقيقية في ضوء الأمر الصادر بتشكيل اللجنة التحقيقية ولا يتعداه ويسري نطاق عمل اللجنة التحقيقية على منتسبي الدائرة الذين هم على الملاك الدائم أو من هم تحت التجربة من الموظفين أو المعينين بعقد في ضوء أحكام قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (603) لسنة 1987 لغرض التحقيق معهم في القضية الجاري التحقيق عنها بموجب الأمر الصادر بتشكيل اللجنة التحقيقية إذ لا يتعدى نطاق عمل اللجنة التحقيقية الى موظفين في وزارات أو دوائر أخرى إلا بعد استحصال الموافقات الأصولية باستقدامهم للتحقيق معهم مباشرة أمام اللجنة التحقيقية . أما فيما يتعلق بصلاحيات اللجنة التحقيقية في ضوء أحكام المادة ( 10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 فقد نصت الفقرة (ثانيا) من المادة المذكورة على أن (تتولى اللجنة التحقيق تحريريا مع الموظف المخالف المحال عليها ولها في سبيل أداء مهماتها سماع وتدوين أقوال الموظف والشهود والاطلاع على جميع المستندات والبيانات التي ترى ضرورة الاطلاع عليها وتحرر محضرا تثبت فيه ما اتخذته من إجراءات وما سمعته من أقوال مع توصياتها المسببة أما بعدم مساءلة الموظف وغلق التحقيق أو بفرض إحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون وترفع كل ذلك إلى الجهة التي أحالت الموظف عليها ).
وبالتالي فأن اللجنة التحقيقية لها الحق في الايصاء بفرض أي من العقوبات المنصوص عليها في المادة (8) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991وهي:-
أولا- لفت النظر: ويكون بإشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها وتوجيهه لتحسين سلوكه الوظيفي ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع أو الزيادة مدة ثلاثة أشهر.
ثانيا-الإنذار: ويكون بإشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها وتحذيره من الإخلال بواجبات وظيفته مستقبلا ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع او الزيادة مدة ستة أشهر.
ثالثا: قطع الراتب : ويكون بحسم القسط اليومي من راتب الموظف لمدة لا تتجاوز عشرة أيام بأمر تحريري تذكر فيه المخالفة التي ارتكبها الموظف واستوجبت فرض العقوبة وبترتب عليها تأخير الترفيع او الزيادة وفقا لما يأتي:
1. خمسة أشهر في حالة قطع الراتب لمدة لا تتجاوز خمسة أيام .
2. شهر واحد عن كل يوم من أيام قطع الراتب في حالة تجاوز مدة العقوبة خمسة أيام.
رابعا: التوبيخ : ويكون بإشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها والأسباب التي
جعلت سلوكه غير مرض ويطلب إليه وجوب اجتناب تكرار المخالفة وتحسين سلوكه الوظيفي ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع أو الزيادة مدة سنة واحدة .
خامسا: إنقاص الراتب : ويكون بقطع مبلغ من راتب الموظف بنسبة لا تتجاوز (10%) من راتبه الشهري لمدة لاتقل عن ستة أشهر ولأتزيد على سنتين ويتم ذلك بأمر تحريري يشعر الموظف بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع أو الزيادة مدة سنتين .
سادسا: تنزيل الدرجة : ويكون بأمر تحريري يشعر فيه الموظف بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة :
1. بالنسبة للموظف الخاضع لقوانين أو أنظمة أو قواعد أو تعليمات خدمة تأخذ بنظام الدرجات المالية والترفيع تنزيل راتب الموظف إلى الحد الأدنى للدرجة التي دون درجته مباشرة مع منحه العلاوات التي نالها في الدرجة المنزل منها (بقياس العلاوة المقرر في الدرجة المنزل إليها ) ويعاد إلى الراتب الذي كان يتقاضاه قبل تنزيل درجته بعد قضائه ثلاث سنوات من تاريخ فرض العقوبة مع تدوير المدة المقضية في راتبه الأخير قبل فرض العقوبة .
2. بالنسبة للموظف الخاضع لقوانين أو أنظمة أو قواعد أو تعليمات خدمة تأخذ بنظام الزيادة كل سنتين تخفيض زيادتين من راتب الموظف ويعاد إلى الراتب الذي كان يتقاضاه قبل تنزيل درجته بعد قضاءه ثلاث سنوات من تاريخ فرض العقوبة مع تدوير المدة المقضية في راتبه الأخير قبل فرض العقوبة .
3. بالنسبة للموظف الخاضع لقوانين أو أنظمة أو قواعد أو تعليمات خدمة تأخذ بنظام الزيادة السنوية تخفيض ثلاث زيادات سنوية من راتب الموظف مع تدوير المدة المقضية في راتبه الأخير قبل فرض العقوبة
سابعا: الفصل : ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة مدة تحدد بقرار الفصل يتضمن الأسباب التي استوجبت فرض العقوبة عليه على النحو الأتي:
1. مدة لاتقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات إذا عوقب الموظف باثنتين من العقوبات التالية أو بإحداها لمرتين وارتكب في المرة الثالثة خلال خمس سنوات من تاريخ فرض العقوبة الأولى فعلا يستوجب معاقبته بإحداها :-
أ- التوبيخ
ب-إنقاص الراتب
جـ- تنزيل الدرجة
1. مدة بقاءه في السجن إذا حكم عليه بالحبس أو السجن عن جريمة غير مخلة بالشرف وذلك اعتبارا من تاريخ صدور الحكم عليه وتعتبر مدة موقوفيته من ضمن مدة الفصل ولا تسترد منه أنصاف الرواتب المصروفة له خلال مدة سحب اليد.
ثامنا: العزل : ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة نهائيا ولا تجوز إعادة توظيفه في دوائر الدولة والقطاع العام وذلك بقرار مسبب من الوزير في إحدى الحالات الآتية :
1. إذا ثبت ارتكابه فعلا خطيرا يجعل بقاءه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة .
2. إذا حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية
3. إذا عوقب بالفصل ثم أعيد توظيفه فارتكب فعلا يستوجب الفصل مرة أخرى .
كما نصت الفقرة (ثالثا) من المادة المذكورة على (إذا رأت اللجنة إن فعل الموظف المحال عليها يشكل جريمة نشأت عن وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية فيجب عليها أن توصي بإحالته إلى المحاكم المختصة ). وبالتالي فان صلاحية فرض العقوبة تكون خارج اختصاص اللجنة التحقيقية ويترتب على ذلك أحالة الأوراق التحقيقية إلى رئاسة الادعاء العام لتحريك الشكوى ضد الموظف المخالف أو إلى هيئة النزاهة إذا كانت الجريمة التي ارتكبها الموظف تتعلق بفساد مالي وفقا للقانون .
الفصل الثاني
مقومات التحقيق
هناك مقومات أساسية يتعين توافرها في التحقيق الإداري حتى يستكمل ضماناته الأساسية ويحقق النتيجة التي استهدفها القانون على اعتبار إن من المبادئ الأساسية المقررة في نطاق شرعية الإجراءات في التحقيق الإداري انه يجب أن يكون للتحقيق الإداري كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح وهي أمور تقتضيها العدالة كمبدأ عام عند إجراء التحقيق الإداري مع الموظف لذا سوف نعالج في هذا الفصل مقومات التحقيق الإداري على النحو الأتي:-
المبحث الأول
إجراء التحقيق الإداري تحريريا مع الموظف
يعد استيفاء الشكل الكتابي للتحقيق ضمانة هامة للموظف عند التحقيق معه فيما هو منسوب إليه من اتهام حيث تضمنت الفقرة (ثانيا) من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991بان تتولى اللجنة التحقيقية التحقيق تحريريا مع الموظف المخالف المحال عليها ولها في سبيل أداء مهمتها سماع وتدوين أقوال الموظف الشهود والاطلاع على جميع المستندات التي ترى ضرورة الاطلاع عليها وتحرر محضرا تثبت فيه ما اتخذته من إجراءات وما سمعته من أقوال مع توصياتها المسببة .
ومن هنا يجب على اللجنة التحقيقية عند تدوين إفادة الموظف المخالف تحريريا إن تثبت بمحضر أصولي ساعة وتاريخ تدوين إفادة الموظف من القائم بالتحقيق عملا بإحكام المادة (10) المذكورة انفا وتكمن أهمية التحقيق الإداري الموثق تحريريا في تمكين الموظف من تسجيل كل ما يتعلق بموقفه من المخالفات المنسوبة إليه حتى يكون تحت تصرف الإدارة تقرير نوع العقوبة التي سيتم فرضها بحق الموظف المخالف كما أن التحقيق الإداري يضمن عدم ضياع معالم التحقيق والظروف والملابسات التي جرى في ظلها وقد تكون حجة للموظف أو عليه (6) .
كما يفضل أن يتم تدوين إفادة الموظف المخالف بحضور رئيس وأعضاء اللجنة التحقيقية وان لا يكلف الموظف المخالف بتدوين أقواله وإنما يكلف احد أعضاء اللجنة التحقيقية بذلك ذلك أن قيام الموظف المخالف بكتابة إفادته قد يشغله عن إعداد دفاعه ويتسبب في إرهاقه سيما وانه قد يكون في حالة نفسية مضطربة في غالب الأمر وهو ما يبعده عن التركيز المطلوب في مثل هذه الحالات . حيث أخذت بعض التشريعات في بعض الدول بذلك ومنها المملكة العربية السعودية حيث نصت المادة (10) من اللائحة الداخلية لهيئة الرقابة والتحقيق في المملكة العربية السعودية بعدم جواز تكليف الموظف المتهم بكتابة التحقيق بنفسه وحسنا فعل المشرع السعودي في هذا الصدد للاعتبارات السالفة الذكر (7) .
وعند الانتهاء من التحقيق الإداري مع الموظف المخالف يتم توقيعه على كافة محاضر التحقيق الخاصة به والتي دونت أقواله فيها إضافة إلى اقتران هذه المحاضر بتوقيع رئيس اللجنة التحقيقية وكذلك الحال فيما يتعلق بتدوين إفادة الشهود حيث يتم تدوين إفادات الشهود بموجب محاضر أصولية يثبت فيها ساعة وتاريخ تدوين أقوالهم أمام اللجنة التحقيقية مع الإشارة في محاضر التحقيق إلى تحليف الشهود اليمين القانونية ويتم توقيع الشهود على محاضرافاداتهم التي دونت بحضور رئيس وأعضاء اللجنة التحقيقية كما تقترن هذه المحاضر بتوقيع رئيس اللجنة التحقيقية .
المبحث الثاني
إجراء التحقيق شفويا مع الموظف المخالف
أجازت الفقرة (رابعا) من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 للوزير أو رئيس الدائرة بعد استجواب الموظف المخالف أن يفرض عليه مباشرة أيا من العقوبات الآتية :-
أولا- لفت النظر
ثانيا- الإنذار
ثالثا- قطع الراتب
وقد حصر المشرع العراقي صلاحية الوزير أو رئيس الدائرة بفرض العقوبة الانضباطية بالعقوبات الثلاث أعلاه عند استجواب الموظف المخالف فقط ولا تمتد صلاحيته إلى ابعد من ذلك وفي حالة فرض عقوبة اشد من العقوبات المنصوص عليها في أعلاه فان الحال يتطلب تشكيل لجنة تحقيقية للتحقيق مع الموظف المخالف.
أن القاعدة العامة هي وجوب أجراء التحقيق الإداري بحق الموظف المخالف تحريريا إلا إن هذه القاعدة ليست مطلقة بل توجد عليها بعض الاستثناءات حيث أن بعض التشريعات تجيز إجراء التحقيق الشفوي او الاستجواب إذا تعلق الأمر بعقوبات معينة وهذا ما اخذ به المشرع العراقي.
كما استثنى المشرع المصري في قانون العاملين المدنيين رقم (47) لسنة 1978 عقوبتي الإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تزيد عن ثلاثة أيام بالنسبة للعاملين المدنيين بالدولة من شرط إجراءات التحقيق التحريري عندما أجاز الاكتفاء بالتحقيق الشفهي في تلك الحالة .
كما أجاز المشرع الليبي وفقا للمادة (80) من القانون رقم (55) لسنة 1976 التحقيق الشفوي مع الموظف في حالة تلبس الموظف بالمخالفة عندما يشاهده الوزير(8 ) .
أما المشرع اليمني فقد حظر توقيع أي جزاء تأديبي بحق الموظف باستثناء عقوبتي التنبيه والإنذار إلا بعد إجراء تحقيق كتابي مع الموظف المخالف (9) .
وفي الحقيقة أن استجواب الموظف أو التحقيق معه شفهيا إجراء خطير للغاية يترتب عليه إخفاء الحقيقة في تلك الإجراءات مما يشكل خطرا حقيقيا على ضمانات الموظف في تلك المرحلة الهامة . لذا نرى أن المشرع المصري حاول التقليل من خطورته بإيراد ضمانة ضئيلة تتعلق بإثبات مضمونه في محضر الجزاء إلا أن ذلك برأينا ليس كاف إذ لا يمكن أن يستكمل التحقيق الشفوي كافة المقومات التي يقوم عليها التحقيق القانوني السليم(10) .
وبتقديرنا أن الاستثناء الوارد في نص الفقرة (رابعا) من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة انف الذكر في أطلاق سلطة الإدارة في استجواب الموظف المخالف قد يضعف ضمانات الموظفين في تلك المرحلة الهامة من مراحل التحقيق الإداري لاسيما عند فرض العقوبة فقد ينسب إلى الموظف اقوالا لم يدل بها ويجازى بسببها بأشد العقوبات سيما وان المشرع العراقي لم ينص على إثبات مضمون الاستجواب في محضر فرض العقوبة أو
الأمر الصادر بفرض العقوبة بحق الموظف المخالف سيما وان الاستجواب أو التحقيق الشفوي غالبا ما يأتي قاصرا عن تلبية الضمانات الأساسية خصوصا عند إطالة التحقيق وزيادة إطرافه وكثرة الشهود.
المبحث الثالث
حيادية اللجنة التحقيقية
إن التجرد والحيادية هي من الصفات المهمة والأساسية التي يجب أن تتوافر في رئيس وأعضاء اللجنة التحقيقية وبات لزاما مطلقا يلقى على كل وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة الالتزام بهذه المعايير عند تشكيل اللجنة التحقيقية كما إن الإخلال بهذه المعايير يفضي إلى الطعن بنزاهة إعمال اللجنة التحقيقية مما يخل بتوصياتها ويجعلها معيبة .
ومن هنا فانه يشترط لسلامة التحقيق الإداري أن تتوافر فيه كل مقومات التحقيق القانوني السليم ومن أبرزها حيادية المحقق حيث يتعين أن تكون له الكفاية والاستقلال وحسن التقدير بما يطمئن إلى القيام بواجباته على أكمل وجه ممكن.
وفي تقديرنا انه بدون توافر الحيادية والنزاهة في رئيس وأعضاء اللجنة التحقيقية لا يمكن الوصول إلى الحقيقة ذلك ان الحيادية تتطلب أن يجرد المحقق نفسه من كل تأثير يقع عليه وان يسير في التحقيق واضعا نصب عينيه إحقاق الحق والوصول إلى الحقيقة وهو خالي الذهن من أي رأي مسبق .
وأمام صعوبة وضع تعريف للحيادية فانه يمكن القول بان الحيادية تتحقق في أعمال اللجنة التحقيقية من خلال وضع قواعد الاختصاص بما يمنع الجمع بين أعمال التحقيق والاتهام وسلطة فرض العقوبة وعدم منح الصلاحية لمن تحيط به اعتبارات شخصية أو وظيفية تشكك في حياديته وتجرده . وهذا ما سنتناوله على الوجه الأتي:-
أولا- الحيادية في توزيع الاختصاص في التحقيق والحكم
حتى تتحقق الحيادية المنشودة في التحقيق الإداري حرصت بعض التشريعات العربية على الفصل بين وظيفتي التحقيق والحكم عندما حرصت على إسناد مهمة التحقيق الإداري إلى جهات مستقلة عن سلطة الحكم كالنيابة الإدارية في القانون المصري وهيئة الرقابة والتحقيق في النظام القانوني السعودي (11) .
وتطبيقا لذلك اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن مجرد حضور المحقق جلسة لجنة التأديب يعيب تشكيل اللجان المكلفة بنظر المخالفات المرفوعة أمامها وذلك بالنظر إلى طبيعة هذه اللجنة واعتبارها القضاء الوحيد المختص في المخالفات التأديبية (12) .
وتأسيسا على ذلك ذهب البعض إلى انه في حالة تولي الرئيس الإداري بنفسه سلطة التحقيق وتوقيع فرض العقوبة فان ذلك يعتبر إخلالا بمبدأ واضح واصل قانوني مستقر هو عدم جواز الجمع بين سلطة الاتهام والإدانة ومن ثم يكون لازما في مثل هذه الحالة أن يترك ذلك الرئيس لغيره إحدى السلطتين وإلا كان قراره في هذا التحقيق معيبا بعدم الصلاحية (13) .
ثانيا- التجرد من الميول الشخصية أو الوظيفية
إن القائم بالتحقيق مع الموظف المخالف يتطلب منه أن يكون محايدا بين طرفي النزاع فلا يجوز له أن ينحاز لطرف على حساب الطرف الأخر الأمر الذي يجب أن تتوافر في رئيس اللجنة التحقيقية أو المستجوب للموظف المخالف الحيادية التامة في مباشرة مهامه وهي ضمانة من ضمانات القاضي النزيه (14) .وبناء على ذلك فانه ينبغي على من يقوم بالتحقيق الإداري أن ينأى بنفسه عن أي مؤثر خارجي من شأنه أن يباعد بينه وبين الموضوعية وروح الإنصاف الذي يجب إن يتمتع فيه القائم بالتحقيق.
الفصل الثالث
ضمانــــة التحقيق
إن حماية الموظف من خطورة فرض العقوبات الانضباطية هي من أهم الأسباب التي دعت المشرع العراقي إلى تقرير العديد من الضمانات في مجال فرض العقوبة بحق الموظف والتي نص عليها دستور جمهورية العراق لعام 2005 وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 إضافة إلى القوانين الأخرى وتأتي هذه النصوص كضمانة في عدم تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن وهي ضمانة أكيدة وأساسية لحماية الموظف من القرارات الصادرة عن الإدارة سيما وان حق الدفاع مقدس يجسد صورة العدالة وهذا ما نصت عليه المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان . لذا سوف نبين في هذا الفصل الضمانات التي يتمتع بها الموظف المخالف أثناء التحقيق وعند فرض العقوبة وبعد فرض العقوبة في ضوء التشريعات النافذة .
المبحث الأول
الضمانة التي يتمتع بها الموظف المخالف أثناء التحقيق
أولا- إشعار الموظف بإحالته إلى التحقيق.
في ضوء تشكيل اللجنة التحقيقية المنصوص عليها في الفقرة (أولا) من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 فان على الإدارة أشعار الموظف المخالف في كتاب تشكيل اللجنة التحقيقية بإحالته إلى التحقيق إذ تشترط اغلب التشريعات المتعلقة في تأديب الموظفين إشعار الموظف المخالف بإحالته إلى اللجنة التحقيقية لإحاطته علما بالمخالفة التي ارتكبها ومدى جسامتها ليتسنى له إعداد دفاعه وتقديم وجهة نظره في التهمة والمخالفة المسندة إليه إذ من غير المقبول أن يتم التحقيق مع الموظف المخالف دون أن يكون لديه علم مسبق بالمخالفة التي يتم التحقيق معه بشأنها وعن أسباب ارتكابه لها لذا بات من الضروري إشعار الموظف المخالف بالمخالفة التي ارتكبها وانه محال إلى التحقيق لبيان الأسباب والدوافع التي جعلته يقدم على ارتكاب هذه المخالفة سيما وان معاقبة الموظف المخالف دون تدوين إفادته عن الفعل الذي ارتكبه يجعل الجزاء التأديبي أو العقوبة الانضباطية مخالفة للقانون مما يترتب عليه إلغاء هذه العقوبة .
ثانيا- اطلاع الموظف المخالف على كافة الأدلة الثبوتية لمخالفته القانون
من الضمانات الأساسية للموظف المخالف هو اطلاعه على كافة الأدلة التي تثبت إنه قد خالف واجبات وظيفته من خلال المستمسكات الثبوتية حتى يتمكن من دراستها وتدقيقها وإعداد إجابته الخطية بشأنها .
ويعد هذا الأمر امرأ جوهريا في التحقيق الإداري إذ يجب على السلطة التحقيقية إن تفسح المجال للموظف المخالف المحال إلى التحقيق من تقديم دفاعه إذ إن كثيرا من المخالفات أذا ما أتيح للموظف بيان رأيه فيها وتفسيرها للجنة التحقيقية بالامكان بطلانها إذ بالإمكان إن تتفهم اللجنة التحقيقية حقيقية الأمر والدوافع التي دفعت الموظف لارتكاب هذا الفعل والذي قد لا يعد مخالفة في حد ذاته عملا بإحكام الفقرة ثانيا من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 .
ثالثا- تدوين إفادة الموظف المخالف كتابة
تضمنت الفقرة (ثانيا) من المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 بان تتولى اللجنة التحقيقية إجراء التحقيق تحريريا مع الموظف المخالف المحال عليها ولها في سبيل أداء مهمتها سماع وتدوين أقوال الموظف المخالف والشهود وكما أسلفنا سابقا فان تدوين أقوال الموظف المخالف لابد أن يتم من قبل القائم بالتحقيق ولا يترك ذلك إلى الموظف المخالف الذي يتم التحقيق معه لان ذلك سيضعف تركيزه في الدفاع عن نفسه وهي ضمانة أساسية يجب على اللجنة التحقيقية الاهتمام بها (15)
المبحث الثاني
الضمانة التي يتمتع بها الموظف المخالف عند فرض العقوبة
أولا- أن تكون العقوبة الانضباطية شخصية
يعد مبدأ شخصية العقوبة من النتائج الهامة والمباشرة التي تترتب على مبدأ مشروعية العقوبة إذ لا يمكن أن يتحمل احد الأشخاص جريرة ذنب ارتكبه شخص أخر كما أن العقوبة يجب أن تنال بضررها الموظف المخالف دون سواه وبعبارة أخرى يجب أن تفرض العقوبة على الموظف المخالف حصرا ومن كان شريكا معه أو مساهما معه في ارتكاب المخالفة ولا تتعداها إلى آخرين لم يكونوا مشاركين أو مساهمين في ارتكاب هذه المخالفة (16) .
ثانيا- أن تتناسب العقوبة مع المخالفة المرتكبة
من الضمانات الأساسية للموظف المخالف أن تكون العقوبة المفروضة بحقه تتناسب مع الفعل الذي ارتكبه ذلك أن من حق الإدارة فرض أي من العقوبات التي اقرها القانون بحق الموظف المخالف لضمان حسن سير المرفق العام شريطة أن لا تهدر حق الموظف والضمانات التي اقرها له القانون في فرض اشد العقوبات بحقه وإنما يجب عليها أن توازن بين حجم المخالفة التي ارتكبها ونوع العقوبة التي سيعاقب بها إذ أن من مبادئ العدالة أن تكون العقوبة المفروضة بحق الموظف المخالف تتناسب مع حجم الضرر الذي أصاب المرفق العام .
ثالثا- أن تكون العقوبة مسببة
أن القاعدة العامة بالنسبة للقرارات الإدارية أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك . ونظرا لأهمية تسبيب القرار الإداري كونه من أهم الضمانات الجوهرية التي توفر للموظف الطمأنينة النفسية والاقتناع بصحة وثبوت الوقائع التي توجب فرض العقوبة الانضباطية بحقه (17) فقد نص قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 في الفقرة (ثانيا) من المادة (10) على أن تكون توصيات اللجنة التحقيقية (مسببة) إما بعدم مساءلة الموظف وغلق التحقيق أو بفرض احدى العقوبات المنصوص عليها في القانون انف الذكر . على ان ترفع اللجنة التحقيقية توصياتها إلى الجهة التي أحالت الموظف عليها .
المبحث الثالث
الضمانة التي يتمتع بها الموظف المخالف بعد فرض العقوبة
أولا- التظلم من العقوبة
لا يعد قرار فرض العقوبة بحق الموظف قرارا نهائيا حيث أجاز قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 الطعن بقرارات فرض العقوبة حيث اشترط القانون المذكور قبل تقديم الطعن لدى مجلس الانضباط العام على القرار الصادر بفرض العقوبة التظلم من القرار لدى الجهة التي أصدرته وذلك خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الموظف بقرار فرض العقوبة وعلى الجهة المذكورة البت بهذا التظلم خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه وعند عدم البت فيه رغم انتهاء هذه المدة يعد ذلك رفضا للتظلم .
ثانيا- إقامة الدعوى إمام مجلس الانضباط العام
يعد الطعن القضائي وسيلة مكملة للتظلم الذي تقدم به الموظف للإدارة التي أصدرت بحقه العقوبة الانضباطية والتي رفضت تظلمه حقيقة أو حكما وفقا للقانون وبالتالي له الحق في إقامة الدعوى أمام مجلس الانضباط العام الذي هو ضمانة أخرى لحماية الموظف بما يختص فيه القضاء من حيادية ونزاهة لا يرقى إليها الشك حيث نصت المادة (15) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 بان يختص مجلس الانضباط العام في النظر في الاعتراضات على قرارات فرض العقوبة المنصوص عليها في المادة (8) من القانون المذكور آنفا وله أن يقرر المصادقة على القرار أو تخفيض العقوبة أو إلغاءها.
ثالثا- الطعن بقرارات مجلس الانضباط العام أمام الهيئة التمييزية في مجلس شورى الدولة
أجازت الفقرة(رابعا /ب) من المادة (15) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 الطعن بقرار مجلس الانضباط العام لدى الهيئة التمييزية لمجلس شورى الدولة خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ التبلغ به أو اعتباره مبلغا ويكون قرار الهيئة التمييزية الصادر نتيجة الطعن باتا وملزما . من هنا نرى أن المشرع العراقي قد أعطى ضمانات واسعة للموظف المخالف في الطعن بقرار فرض العقوبة الصادرة بحقه وعدم تحصين القرارات الإدارية الصادرة بفرض عقوبة انضباطية من الطعن . حفاظا على المركز القانوني للموظف .
الخاتمة
تناولت في هذا البحث أهمية التحقيق الإداري والضمانات التي كفلها قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة1991 للموظف المخالف عند فرض العقوبة بحقه وذلك في ثلاثة فصول حيث تضمن الفصل الأول آلية إحالة الموظف إلى التحقيق ومن هي السلطة المختصة في تشكيل اللجنة التحقيقية بحق الموظف المخالف لواجبات وظيفته وتحديد نطاق عمل اللجنة التحقيقية والصلاحيات المخولة لها في فرض أي من العقوبات المنصوص عليها في المادة (8) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 . كما تضمن الفصل الثاني من هذا البحث أهمية مقومات التحقيق الإداري وقد تم تناول هذا الموضوع في ثلاثة مباحث تضمن المبحث الأول أهمية إجراء التحقيق الإداري تحريريا مع الموظف المخالف وكيفية تدوين إفادته وضرورة إن يتم تدوين إفادة الموظف المخالف من قبل احد أعضاء اللجنة التحقيقية ولا يترك للموظف ان يدون افادته بنفسه حتى يفسح المجال له للدفاع عن نفسه والتركيز في الإجابة على الأسئلة التي توجه إليه أثناء التحقيق كضمانة لهكما تضمن المبحث الثاني كيفية إجراء التحقيق شفويا مع الموظف المخالف وصلاحيات فرض العقوبة عند استجواب الموظف والعقوبات التي حددها القانون وهي عقوبات لفت النظر والإنذار وقطع الراتب كما تضمن المبحث الثالث في هذا الفصل أهمية حيادية اللجنة التحقيقية عند فرض العقوبة بحق الموظف المخالف .
أما الفصل الثالث فقد تضمن ضمانة التحقيق مع الموظف المخالف من خلال الضمانات التي يتمتع بها الموظف قبل فرض العقوبة بحقه ثم الضمانات التي يتمتع بها عند فرض العقوبة ثم تناولنا الضمانات التي يتمتع بها الموظف المخالف بعد فرض العقوبة بحقه في ضوء النصوص الواردة في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 .
بحث و دراسة حول التحقيق الإداري و الضمانات التي كفلها القانون عند فرض العقوبة