حماية المستهلك في عقد القرض

تعد الوظيفة الاساسية التي تسعى القواعد القانونية إلى تحقيقها والوصول إليها، هي تعميم العدالة وسيادتها في كافة المجالات والنواحي ، والعدالة مفهوم نسبي يتغير بتغير الزمان والمكان، وباختلاف المؤثرات والتفاعلات القائمة بين القانون والظروف العامة المحيطة به.[1]

لذلك، فللتحولات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الثورة الصناعية والتطور التكنولوجي، بالغ الاثر على القاعدة القانونية، ومن تم على فكرة العقد ومفهومه، هذا الاخير الذي أصبح عاجزا ولم يستطع مواكبة المستجدات والتطورات التي يعرفها العالم في ظل العولمةّ. وبالتالي ظهرت مفاهيم جديدة لدى الانسان الذي يسعى دائما إلى تلبية حاجاته سواء منها الضرورية أو التحسينية وصولا إلى الكمالية. كما أن تطور الحياة الاقتصادية في المجتمعات الحديثة أثر على النمط الاستهلاكي لمكوناتها من مختلف الفئات والشرائح العمرية، وأصبح كل فرد مستهلكا لما يقدم له من خدمات وما يحتاجه من متطلبات المعيشة.

فالاستهلاك من وجهة نظر الاقتصاديين يعد وسيلة للإشباع الذاتي للأفراد، ، أو بمعنى أخر هو تصرف تتحقق بموجبه الوظيفة الاقتصادية للسلع و الخدمات، و نظرا لتطور نمط العيش، وانتشار آليات و تقنيات التشجيع على الاستهلاك، ازدادت اهتمامات الباحثين بدراسة الوضعية القانونية للمستهلك[2] في علاقته مع المهني و ذلك بسبب توسع الهوة فيما بينهما من حيث التعبير عن الارادة[3]

ومن المعلوم أن أبرز مظاهر مبدأ سلطان الارادة في قانون الالتزامات والعقود المغربي هو الفصل 230 الذي ينص على أن الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئيه[4]، وهو ما يعني أن ما يتفق عليه المتعاقدان أي ما يدخل في نطاق العقد يكون ملزما لهما كما لو كان القانون قد نص عليه، وبعبارة أوضح أن الحقوق والالتزامات التي ينشئها العقد في ذمة كل من المتعاقدين تكون واجبة الاحترام والتنفيذ كما لو كان القانون هو الذي أنشأها[5].

فالالتزامات التعاقدية لا تقوم الا اذا كانت الارادة قد توجهت إلى انشاءها وفي الإطار الذي تتجه إليه تلك الارادة، ولا يمكن أن يقيد الافراد إلا بها وبالتالي تكون هذه الاخيرة هي أساس القوة الملزمة في التعاقد[6].

وامام خطورة الوضعية التي آلت اليها العلاقة التعاقدية بين المستهلكين والمهنيين بادرت التشريعات الحديثة إلى البحث عن كيفية تجاوز الاثار السلبية لوضعية المستهلكين بصفة عامة والمستهلك المقترض بصفة خاصة.

وقد أصبح الائتمان[7] في وقتنا الحاضر من بين الوسائل إن لم نقل أهمها على الاطلاق، التي تساهم وبفعالية كبيرة في دعم الاقتصاد الوطني ونموه، وذلك عن طريق تمويل حاجيات المقاولات على اختلاف حجمها وتنوع نشاطها[8]، إضافة إلى تقديم قروض[9] للأفراد بحسب وظائفهم أو مهنهم أو دخولهم.

ورغم أن القرض للاستهلاك قد يبدو من المظاهر المستجدة في الحياة داخل الجماعة أو المجتمع، فقد قيل إنه يعتبر “أقدم مهنة في العالم” ففي العصور الوسطى كانت القروض الموجهة للاستهلاك، تتخذ أشكال قروض على رهون حيازيه مادية تمنح على نسب فوائد فاحشة. وقديما كانت الصورة التقليدية للقرض، تقضي بالسماح بوضع رهن حيازي لدى المقرض كي يحصل من عنده على ديون يواجه بها مصاريفه[10].

فقد تخصصت البنوك عند نشأتها كمؤسسات، في تمويل حاجيات الافراد، لكن شروط الاستفادة من تلك التمويلات كانت جد صعبة، مما ساهم في محدوديتها، وظهور شركات التمويل، ومن بينها شركات القروض للاستهلاك[11] والقروض العقارية[12].

وعلى اعتبار أن القروض عامل أساسي للتنمية في سلسلة الانتاج _الاستهلاك، وتسريع تداول المنتوجات، والرفع من النشاط الاقتصادي، فهي محرك في إحداث وتداول الثروات.

وانطلاقا من ذلك، يستوجب الحديث عن القرض اجتماع ثلاثة عناصر، وهي:
_ المدة، وهي الفرق بين أداء القرض وتسليمه للمقترض، وإرجاعه.
_الخطر، خاصة عند عدم استطاعة مستعمل القرض الأداء عند حلول أجله.
_الثقة، وهي التي تثبت بالأساس في مانح القرض، وثقته في المقترض[13].

وعموما فقد كان اهتمام المشرع المغربي بالمستهلك المقترض منذ ظهير 1913 المتعلق بالالتزامات والعقود، وذلك في الباب الثالث من القسم الخامس من الكتاب الثاني المتعلق بالقرض بالفائدة. كما عملت كل القوانين البنكية سواء قانون [14]1993 أو قانون[15]2006 على توفير حماية للمستهلك المقترض، بالإضافة إلى مجموعة من المراسيم والنصوص التنظيمية الصادرة في هذا الاطار. لتكلل كل هذه المجهودات بوضع قانون جديد رقم 08_31 [16] المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك[17] من أجل ضمان المساواة و التوازن في العلاقة بين المستهلك والبنك، وذلك من خلال تنظيم العلاقة بينهما.

وسنحاول في هذا البحث مناقشة ما الت إليه وضعية المستهلك المقترض في ظل القواعد العامة وما يمكن أن تكون عليه في ضوء المستجدات التي جاء بها قانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك ، انطلاقا من فلسفته الحمائية، التي ترسم لتحقيق هدفها مجموعة من الوسائل الوقائية وبذلك امكانية مساهمتها في التأسيس لعدالة وقائية، تكون منطلقا لأي تدخل تشريعي لحماية المستهلك بالمغرب بإقرار التوازن والمساواة في العلاقة التعاقدية منذ تكوين عقد القرض إلى مرحلة تنفيذه ، على خلاف القواعد العامة في مجال التعاقد، التي يغلب عليها الطابع العلاجي والفردي .
وترتيبا عليه نقترح التصميم التالي:
المبحث الأول :حماية المستهلك أثناء تكوين عقد القرض
المبحث الثاني: حماية المستهلك أثناء تنفيذ عقد القرض

المبحث الأول :حماية المستهلك أثناء تكوين عقد القرض
لقد تدخل المشرع المغربي من خلال قانون08.31 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك ،لتوفير الحماية اللازمة للمستهلك المقترض من خلال تجاوزات البنك المقرض ،حيث ثم وضع مجموعة من المقتضيات التشريعية ذات الصبغة الآمرة بهدف تنوير إرادة المستهلك قبل إبرام العقد، من خلال تكريس الالتزام بالإعلام كواجب ملقى على عاتق البنك ،وتمكين المستهلك من الاطلاع مسبقا على محتوى العقد بمنحه أجلا للتفكير ،من أجل تقديم طبيعة ومدى الالتزامات التي قد يتحملها وكذا شروط تنفيذها، إضافة إلى منح القضاء سلطة مراقبة الشروط التعسفية التي قد يدرجها البنك في عقود القرض مستغلا في ذلك ضعف وحاجة المستهلك.
وحتى يتم الإلمام بهذه المقتضيات وغيرها يقتضى الأمر تقسيم هذا المبحث إلى آليات تحقيق المساواة بين المستهلك والمقرض (كمطلب أول )،ثم آليات تحقيق التوازن العقدي بين المستهلك والمقرض (كمطلب ثاني).
المطلب الأول: آليات تحقيق المساواة بين المستهلك والمقرض:
سنعالج هذا المطلب من خلال التطرق إلى إعلام المستهلك كوسيلة لحماية رضائه (فقرة أولى )،ثم سنتناول حماية المستهلك من الإشهار(الفقرة الثانية).
* الفقرة الأولى: إعلام المستهلك كوسيلة لحماية رضائه:
لقد تطورت العلاقة بين البنك والمستهلك ، مما أوجد نوعا من الثقة الشخصية بينهما ،فالمستهلك وقبل إبرام العقد المتعلق بالخدمة التي سيقدمها البنك يكون في حاجة إلي معلومات وإرشادات وذلك نتيجة اعتقاده في قدرة البنك وتزويده بها[18]،لذلك يحتاج المستهلك إلى إعلام موضوعي وشامل في حدود المعقول ،من أجل أن تتضح الصورة أمامه بكل أبعادها ،حتى يتمكن من التعبير عن إرادته بوعي تام[19]،وحتى لا يتحول الإشهار من أداة لإخبار المستهلك إلى وسيلة للتدليس عليه، عمل المشرع المغربي من خلال قانون 08_31 على توفير حماية المستهلك عن طريق تنظيم الإشهار الخاص بالقرض.

حيث إن ما يميز العلاقة بين البنك المقرض والمستهلك المقترض هو عدم المساواة بينهما بسبب تفاوت معارفهم وقدراتهم ،لذلك وحتى يتم التخفيف من حدة التكافؤ ،لابد من وجود نوع من التعاون في إطار الإعلام المتبادل بينهما [20]،لذلك تنبه المشرع إلى أن القواعد العامة التي يمكن تأسيس الالتزام بالإعلام على أساسها لا تكفي لحماية المستهلك ،من حيث أن التكريس الصريح لهذا الالتزام جاء من خلال قانون 08_31.

الالتزام بالإعلام في ظل القواعد العامة: لقد ثار جدل فقهي حول الأساس القانوني للالتزام بالإعلام ،خصوصا قبل صدور قانون 08_31 وفي هذا الإطار تنوعت آراء الفقهاء بين من يرجعه لعيوب الرضا خاصة الغلط والتدليس ،وبين من يرجعه لإعادة المساواة إلى أطراف العقد ،ومبدأ حسن النية.

فبالنسبة لنظرية الغلط فإنه لكي يتفادى المقرض طلب إبطال العقد للغلط يكون عليه أن يلتزم بالإعلام قبل التعاقد ،من خلال إعطاء المستهلك معلومات كافية ليزيل الوهم من ذهنه[21]،ومع ذلك ،فإن دور الالتزام بالإعلام في حماية المستهلك في ضوء نظرية الغلط يظل غير كاف ولا يكاد يتجاوز الحماية التي تحققها النظرية نفسها، في حين أن الالتزام بالإعلام إذا ما أخذنا به في استقلال عن هذه النظرية ،فهو يلعب دورا فعالا في حماية رضاء المستهلك المقترض ،لأنه يسمح له بالمطالبة بأبطال العقد حتى ولو لم تتحقق شروط الغلط[22]التي تخول طلب إبطال العقد[23]، أما بالنسبة لنظرية التدليس، حيث يعرف التدليس بأنه استعمال خديعة توقع الشخص في غلط يدفعه إلى التعاقد[24]،وهو لا يخول الإبطال إلا إذا كان ما لجأ إليه من الحيل أو الكتمان أحد المتعاقدين أو نائبه أو شخص آخر يعمل بالتواطؤ معه قد بلغت طبيعتها حدا بحيث لولاها لما تعاقد الطرف الآخر[25]،فالسكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة ،يكون لها تأثير مهم على لحظة التصرف القانوني ،يعد تدليسا أذا تبث أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد، لو علم بحقيقة الشيء الذي يختفي من وراء تلك الواقعة أو الملابسة ،وللتحقق من ذلك لابد من إثبات أن الكتمان كان عمديا[26]،فالكتمان يعد خرقا مباشرا للالتزام بالإعلام [27]،وإبطال العقد للتدليس كجزاء على خرق هذا الالتزام ،فالالتزام بالإعلام ساهم في تطوير نظرية التدليس باشتراط علم المتعاقد بأهمية البيانات المحتفظ بها والتي لم يقم بنقلها للمتعاقد الآخر متى كان على جهل بها بصفة مشروعة [28]لذلك فالأخذ بالكتمان التدليسي كعيب من عيوب الرضا هو اعتراف صريح بضرورة أتخاذ المتعاقد موقفا ايجابيا بإعلام المتعاقد الآخر بكل ما من شأنه أن يؤثر على رضائه ،وإلا اعتبر كتمانا من جانبه ،الغاية منه دفع المتعاقد إلى التعاقد وهو على غير بينة وهدى من أمره[29]

أما فيما يخص إعادة المساواة في العلم إلى المتعاقدين ،فإننا نجد أن المقرض يكون أدرى ببيانات وخصائص الخدمة التي يقدمها، لما يتوفر لديه من معلومات، ومن تم فهو المؤهل أكثر من غيره بتبصير إرادة المستهلك المقترض بطبيعة ما يعرضه من خدمات ،نظرا لتخصصه في مجال أنشطته المهنية حيث يتعين عليه مواكبة التطورات التقنية والقانونية الحاصلة في مجال تخصصه، وهكذا قالبنك المقرض يكون ملزما بتتبع القوانين المتعلقة بالمجال البنكي ،سواء كانت في شكل قوانين أو دوريات أو قوانين تنظيمية ،لكي يكون باستطاعته إعلام المقترض بشكل سليم[30]،لذلك فعدم المساواة في المعرفة الفنية والقانونية بين المقرض والمستهلك ،يبرر تقرير الالتزام بالإعلام قبل التعاقد على عاتق المقرض، وذلك من أجل تحقيق نوع من التوازن العقدي في ظل عدم المساواة بينه وبين المستهلك من حيث العلم والدراية .

وفيما يخص مبدأ النية قبل التعاقد ،فبالرجوع إلى الفصل231، من ظهير الالتزامات والعقود، نجده ينص على أن كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية ،وهو لا يلزم بما وقع التصريح فحسب ،بل أيضا بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته، ورغم أن المشرع المغربي يتحدث بشكل صريح عن مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود وليس في تكوينها فإن هذا المبدأ يشمل حتى مرحلة إبرام العقد حيث يكون على الأطراف أن يتحلوا بالأمانة في مرحلة التفاوض وإنشاء العقود لأن فرض حسن النية في تنفيذ العقد يفقد كل جدوى إذا لم يتم فرضه أيضا في مرحلة إنشاء العقد ،ويقوم مبدأ حسن النية في الحقل التعاقدي على التزام المقرض بإعلام المستهلك بكافة المعلومات والبيانات المتعلقة بالعناصر الأساسية أو الثانوية الدافعة إلى التعاقد التي تمنع من قيام الغلط أو التدليس في جانب إرادة الضعيف[31].

بعدما تطرقنا إلى الالتزام في إطار القواعد العامة، سوف نتطرق إلى الالتزام المنصوص عليه في قانون 08_31 حيث خصص المشرع المغربي القسم الثاني من قانون08_31 للالتزام بالإعلام الملقى على عاتق البائع أو مقدم الخدمة، والمتمثل في إعلام المستهلك تحت طائلة أداء المقرض المخالف لأحكام هذا القسم غرامة مالية تتراوح بين 2000_5000 درهم[32]،ويؤدي وفاء البنك المقرض بهذا الالتزام إلى السماح للمستهلك بالبدء في إبرام العقد وهو على علم بحقيقة التعاقد والبيانات التفصيلية المتعلقة بأركانه وشروطه ومدى ملاءمتها للغرض الذي يبتغيه من التعاقد .

وبذلك فالالتزام بإعلام المستهلك هو التزام عام يغطي المرحلة السابقة على التعاقد في عقد القرض العقاري ،ويتعلق بالإدلاء بكافة المعلومات والبيانات اللازمة للوصول إلى إرضاء حر وسليم لدى المستهلك[33]،وفي هذا السياق نجد أن المشرع قد ألزم المقرض بإعلام المستهلك بخصائص الخدمات ،إذ يتعين عليه أن يمكن هذا الأخير بأي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الأساسية للخدمة ،وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته[34]،ولعل من أبرز السمات التي جاء بها قانون فيما يخص الالتزام بالإعلام هو إجبارية ترجمة كل عقد حرر بلغة أجنبية إلى العربية [35]وذلك تماشيا مع القاعدة التي تقضي بأن الشخص يخاطب بلغته، تحت طائلة أداء المقرض المخالف لهذا الالتزام غرامة مالية تتراوح بين 2000 و5000 درهم[36]،وكذلك تنصيص المشرع على الالتزام بالإعلام كحق من الحقوق الأساسية للمستهلك المقترض يعد من بين النقاط الإيجابية التي جاء بها قانون 08_31 من أجل تنوير وتبصير إرادته حتى يتعاقد وهو على بينة من أمره.

هذا فيما يخص إعلام المستهلك كوسيلة لحماية رضائه والتي تناولناها من خلال الالتزام بالإعلام في إطار القواعد العامة وكذا الالتزام بالإعلام المنصوص عليه في قانون 08.31 ،سوف نتطرق إلى حماية المستهلك من الإشهار .
* الفقرة الثانية :حماية المستهلك من الإشهار.
سوف نعالج مسألة الإشهار المتعلق بالقرض، وكذا حماية المستهلك المقترض من الإشهار المضلل.

فنظرا لأهمية الإشهار ، فقد خصه المشرع المغربي بمقتضيات خاصة به ،وذلك بصفة مستقلة عن باقي المواد المنظمة للإشهار ،حيث نجد المادة 115 من قانون 08_31 تستلزم أن يكون كل إشهار يتعلق بالقروض المشار إليها في المادة 113 من قانون 08_31 نزيها وإخباريا ،وحتى يؤدي هذا الإشهار وظيفته الإخبارية أوجبت نفس المادة أن يتضمن مجموعة من البيانات والتي تتمثل في:
_تحديد هوية المقرض وعنوانه إذا كان شخصا طبيعيا أما إذا تعلق الأمر بشخص معنوي فيجب تحديد عنوانه ومقره الاجتماعي.

_طبيعة القرض والغرض منه، إذ يجب أن يتضمن الإشهار الغرض الذي من أجله تم منح القرض المتمثل في تمويل العقد الرئيسي.

وقد أراد المشرع محاربة نوعين من الممارسات التعسفية ، حيث تتمثل الأولى في الإعلان على سعر منخفض للفائدة بدون الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى الفائدة المعلن عنها ،فإنه يكون على المستهلك دفع مصاريف الملف وعمولات وأجور أخرى(مرتبطة بمنح القرض)[37] ،وتتمثل الثانية في الإشارة إلى سعر يتم احتسابه انطلاقا من المبلغ المقترض بداية، مع تناسي أنه سيتم دفع القرض عبر أجزاء أو أقسام ،وبالتالي فإن المبلغ سينخفض بعد كل دفع[38] ،وحسب المادة 116 من قانون 08_31 فإنه يجب أن تشير كل وثيقة إشهارية أو وثيقة إعلام تسلم إلى المقترض ،وتتعلق بإحدى العمليات المشار إليها في المادة113 ،إلى أن المقترض يتوفر على أجل للتفكير حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 120 من قانون 08_31، وأن البيع رهين بالحصول على القرض، وأن المورد ملزم بأن يرد له المبالغ المدفوعة ،في حالة عدم الحصول على القرض.

ولقيام جريمة الإشهار المضلل لابد أن يتوفر ركن مادي قوامه وجود إشهار واتسامه بالتضليل ،وأن يقع على أحد العناصر المحددة في الفقرة الثانية من المادة 21 من قانون 08_31 ،وركن معنوي قد يتخذ صورة القصد أو الخطأ .

أما فيما يخص الركن المادي لجريمة الإشهار المضلل يلزم أن يكون هناك إشهار مضلل ، ويقع التضليل حسب المادة 21 من قانون 08_31 إما بتضمين ادعاءات أو بيانات ،أو عروض تمت صياغتها بعبارات غامضة أو مبهمة من شأنها إثارة اللبس في التفسير ومن تم تؤدي إلى تضليل المستهلك.

أما بخصوص عناصر الإشهار المضلل، فقد حددتها الفقرة الثانية من المادة 21 من قانون 08_31 على سبيل الحصر ،حيث لا يجوز القياس عليها تطبيقا لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ،ذلك أن جريمة الإشهار المضلل لا تقوم إلا إذا تعلق التضليل بواحد أو أكثر من العناصر المحددة قانونا ، كما يتعين على القاضي أن يحدد العنصر أو العناصر التي وقع فيها التضليل[39] ،وإذا كان المشرع المغربي لا يعاقب على الجنايات والجنح إلا إذا ارتكبت عمدا حسب الفصل133 من القانون الجنائي ،فإن الملاحظ من خلال المواد المنظمة للإشهار في قانون 08_31 أن المشرع لم يشر إلى عنصر سوء النية لقيام جنحة الإشهار المضلل، وهذا راجع إلى أن الركن المعنوي في الإشهار ينبغي النظر إليه بمفهوم اجتماعي وليس قانوني ضيق، ذلك أن الإشهار المضلل بحكم انتشاره وتأثيره ينبغي أن يكون صادقا وأن يحمي المستهلك من التضليل ،واشتراط سوء نية المعلن يعني تقييد هذه الحماية، والحد منها، بما يفتح الباب على مصراعيه للتهرب من أحكام القانون[40]

المطلب الثاني: أليات تحقيق التوازن العقدي بين طرفي عقد القرض كضمانة لحماية المستهلك:
تعتبر عدم المساواة أهم السمات التي تميز العلاقة بين كل من المقرض(البنك) و المقترض (المستهلك)، وذلك راجع إلى تفاوت معارفهما و قدراتهما من هنا أتت فكرة التخفيف من حدة عدم التكافؤ الحاصل بينهما، ودلك من خلال إلزام البنك المقرض بإيراد بيانات معنية من شانها حماية الطرف الأقل خبرة، و ذلك عن طريق التحديد المسبق لمحتوى عقد القرض العقاري، و أيضا من خلال التصدي للشروط التعسفية التي يختل معها التوازن العقدي بين الأداءات المتقابلة.
الفقرة الاولى: القرض الاستهلاكي
للقرض الاستهلاكي دور هام في تحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط الحركة التجارية، فهو أداة تمويل من اجل الحصول على السلع و الخدمات المبتغاة في اقرب وأسرع وقت دون ضرورة لتوفر السيولة النقدية اللازمة. وقد عرفت مؤخرا انتشارا مقلقا لعدم وجود ضوابط تحد من سوء استعماله، فكانت النتيجة ان تأسست شركات متخصصة في تقيم قروض الاستهلاك، وأنشأت الابناك فروعا لنفس الغاية.

ولأن القرض الاستهلاكي يحمع بين طرفين تتضارب مصالحهما بشكل جلي، فان الخشية من استغلال حاجة المقترض لحملة على القبول بعقد مجحف و ظالم لها في هذا المجال ما يبررها. ولذلك اقر قانون الاستهلاك الفرنسي وسيلة مهمة لتمكين المستهلك من الفرصة الكافية للتفكير و التروي حتى لا يبرم العقد تحت تأثير من الضغط او التضليل، ويتعلق الأمر بما يسمى “العرض الأولي” وهو بمثابة إيجاب ملزم للمقرض في حين يملك المستهلك حق العدول عن قبوله خلال مهلة للتفكير، بل يخوله حق الرجوع حتى عن القبول النهائي[41].

اولا: نطاق تطبيق القرض الاستهلاكي حسب مقتضيات القانون08-31
لقد عمل المشرع المغربي من خلال القانون 08-31 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك على التنصيص على القرض الاستهلاكي من خلال الباب الأول من القسم السادس المعنون تحت اسم الاستدانة، وقد تطر المشرع المغربي من خلال المادة 74 التطرق لنطاق تطبيق القروض الاستهلاكية حيث نص على انه تطبق أحكام هذا الباب على كل قرض استهلاكي باعتباره كل عملية قرض ممنوح بعوض او بالمجان من مقرض الى مقترض يعتبر مستهلكا.

وتدخل في حكم عمليات القرض عمليات الإيجار المفضي الى البيع و الايجار مع خيار الشراء و الايجار المقرون بعقد البيع وكذا البيع او تقديم الخدمات التي يكون اداؤها محل جدولة او تأجيل او تقسيط.

وتنص المادة 75 من نفس القانون على القروض التي لا تطبق عليها احكام هدا الباب وهي
– القروض الممنوحة لمدة اجمالية تقل عن ثلاثة اشهر او تعادلها.
– القروض المخصصة لتمويل حاجيات نشاط مهني وكذا القروض الممنوحة لفائدة الاشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام؟
– القروض الخاضعة لأحكام الباب الثاني من هذا القسم ( القروض العقارية).
ثانيا: اجراءات سلامة رضا المستهلك:
تعتبر المسافة بين الإغراء و الخداع في مجال الاستهلاك مسافة جد ضيقة، و ان المحترف المهني قد لا يعدم وسيلة للإيقاع بمستهلك مشدوه اما ببريق العرض، او بلهفة الحاجة ، فيكون قبوله للتعاقد اراديا من حيث المظهر، و منعنا او مغرورا به من حيث الحقيقة، لهدا فالمشرع قد تحوط لحالات التسرع في توقيع العقود الاستهلاكية عموما و عقود القرض بصفة خاصة، واقر مقتضيات يضمن عبرها و عن طريقها سلامة رضا المستهلك.
v اجراءات ذات طبيعة وقائية
و تتمثل أساسا في تلك المهلة [42]التي يخولها القانون للمستهلك من اجل التروي و التفكير في الايجاب الموجه له قبل إعلانه القبول، خلافا للأصل العام في نظرية العقد الدي يقضي سقوط الايجاب قانونا اذا لم يرتبط به القبول فور صدوره و قبل انفضاض مجلس العقد[43].
v إجراءات ذات طبيعة علاجية
قد لا تكون مهلة التفكير كافية للحيلولة دون تسرع المستهلك في اتخاد قرار لم يستوعب ابعاده و تداعياته، لذلك منح المشرع امكانية اخرى خارج النظرية العامة للعقد وقوته الملزمة بأنه شريعة المتعاقدين، حيث اباح للمستهلك ان يعدل عن قبوله بعد تمام اقترانه بالإيجاب خلال اجل محدد يعبر عنه بمهلة التدارك او الاستدراك، وهذا ما تنص عليه المادة 85 من قانون 31-08 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك حيت جاء فيها على انه “اذا لم ينص المقرض في العرض المسبق على انه يحتفظ لنفسه بإمكانية قبول طلب القرض المقدم من المقترض، اصبح العقد تاما فور قبول هذا الاخير لعرض المسبق.

غير ان للمقترض ان يتراجع عن التزامه، داخل اجل سبعة ايام ابتداء من تاريخ قبوله للعرض. ولممارسة الحق في التراجع ، يرفق العرض المسبق باستمارة قابلة للاقتطاع…”
الفقرة الثانية: القرض العقاري
لقد عمد المشرع المغربي في اطار حماية المستهلك المقترض في مجال القروض العقارية الى تمتيعه بعدة وسائل و اليات من شأنها ان تحقق التوازن بين اطراف عقد القرض.

يجمع القرض العقاري بين طرفين تتضارب مصالحهما بشكل واضح، لذلك فان الخشية من استغلال حاجة المستهلك لحمله على القبول بعقد مجحف يكون لها ما يبررها[44] ، نظرا لما تتسم به عملية القرض العقاري من تعقيد و اختلال في التوازن و ترجيح كفة المقترض على حساب المستهلك و ذلك من خلال ما يلي:
اولا: حماية المستهلك من خلال التحديد المسبق لمحتوى العقد
v اخطار القرض العقاري
فالمستهلك عند إقدامه على الاقتراض قد لا يكون مدركا لجسامة الديون التي تلحق به نتيجة الاقتراض، فهو يقترض دون حساب و دون إدراك ان ذلك يتجاوز مقدرته على الدفع[45]، وهذا راجع الى ان المستهلك قد يتسرع في إبرام يعلن عليها المقترض وواثقا من المعلومات المقدمة من طرفه و التي قد تكون صحيحة او غير تامة، بل انه في غالب الأحيان يسئ فهمها.
v محتوى عقد القرض العقاري
من اجل تجاوز وتجنب اختلال التوازن في العقود المبرمة بين المستهلك و المقترض، عمل المشرع المغربي على تحديد محتوى عقد القرض العقاري بشكل مسبق، وذلك من اجل حماية الطرف الضعيف في هذه العلاقة التعاقدية بسبب عدم درايته التقنية بخبايا العملية التي يقدم عليها.

وفي هذا الاطار نص المشرع المغربي على ضرورة ان يكون كل عقد قرض مسبوقا بعرض رسمي العرض المسبق، حيت الزم المؤسسة البنكية مانحة الائتمان بتضمينه مجموعة من البيانات الالزامية بهدف تمكين المستهلك من اعلام كامل و موضوعي حول الائتمان العقاري، ذلك ان الاعلام الدي يقدمه العرض المسبق يكون اكثر دقة من ذلك المتحصل من الاعلانات الخاصة بالاشهار[46] .

و في هذا الاطار نجد ان المشرع المغربي قد الزم البنك المقرض بان يرسل عرضا مكتوبا الى المستهلك المقترض[47] من اجل دراسته و مقارنته مع العروض الاخرى التي تقدمها المؤسسات البنكية المنافسة مع ملاحظة ان المشرع لم يحدد وسيلة معينة لتوجيه العرض الى المقترضين.

وبالرجوع الى المادة 118 من قانون 08-31 ، نجد المشرع قد حدد البيانات الالزامية التي يجب ان يتضمنها العرض المسبق و التي تحدد في ما يلي مثلا: هوية الاطراف وذلك من خلال الاشارة الى اسم المقرض وغرضه الاجتماعي و عنوانه ورقم السجل التجاري اذا شخصا معنويا [48] اضافة الى طبيعة القرض و محله و كيفية منحه، وجدول مستحقات استهلاك القرض، و الشخصية المطلوبة التي يتوقف عليها ابرام القرض مع تقييم تكلفتها، ودون ان اغفال الشروط المطلوبة للتحويل المحتمل للقرض الى شخص اخر، بالاضافة الى التذكير بالمدة الدنيا التي يلتزم المقرض من خلالها بالإبقاء على عرضه و التي تتحدد في خمسة عشر يوما من تاريخ تسلم العرض[49]، و اخيرا المصاريف المتعلقة بمنح القرض و كيفية تحصيلها.

ولعل اهم ما نترجاه من الابزام بكل هذه البيانات منع المقرض من التحكم في محتوى العقد بصورة انفرادية مما ينتج عنه المساس بالمركز القانوني للمستهلك، فكان من اللازم ان يشمل المشرع هذه البيانات بنوع خاص من الجزاءات ليضمن التزام القائمين على عملية الاقتراض بها[50].

وعلى هدا لأساس عمل المشرع المغربي على الحرص على جعل هذه المقتضيات من النظام العام، وهذا يجعل المخالف يتعرض الجزاءات مدنية و جنائية[51].

ويعتبر تحديد المشرع لمضمون العقد (العقد العقاري) بشكل مسبق عن طريق تطبيق قواعد قانونية ملزمة، يستدعي ان يكون العقد شكليا، مع العلم ان ان الشكلية هنا لا تشكل اي قي على حرية الارادة كما كانت سابقا، وانما تعتبر وسيلة لتنوير ها و تدعيمها، حتى يكون القبول متأتيا من حرية اختيار و الاقتناع.

ثانيا: حماية المستهلك من الشروط التعسفية.

مما لاشك فيه ان النظرية العامة للعقد تيسر بشكل واضح سبل الاستغلال و التسلط في العلاقات التعاقدية التي تجمع بين اطراف غير متساوين في مراكزهم القانونية، اد على مستوى القانون، لا يعتد فيفي العموم بالغبن، اذ يشترط فيه وفقا لمقتضيات الفصل 55 من قانون الالتزامات و العقود ان يكوتن ناتجا عن تدليس، او ان يكون المغبون قاصرا حسب الفصل 56 من نفس القانون اذا كان الفرق بين الثمن الذكور في العقد و القيمة الحقيقية للشيء يزيد على الثلث، و لا ينهض فيه التدليس لإبطال العقد، ما لم يتخذ وفق الفصل 52 من ذات القانون وسائل احتيالية توقع المتعاقد معه في غلط يدفعه الى التعاقد، وهي وسائل اصبحت متجاوزة و لا تتصور الا في المعاملات الفردية الحدودة.[52] فلا تطال بالتالي الصيغ الجديدة للتعاقد، من قبيل عقود الاذعان والعقود النمطية. وهي اذ يتولى اعدادها مسبقا من طرف اشخاص مختصون لهم دراية كافية و يتمتعون بالتفوق الاقتصادي و الكفاءة التقنية، لا تسلم في الغالب من شروط قد تبدو وفقا للقواعد العامة شروطا عادية لا تنال من سلامة الرضا، ولكنها في حقيقتها مجحفة وظالمة، ترهق المتعاقد وتتقل من التزاماته وهنا يمكن ان تحدث تضمن العقد لشروط تعسفية.

والمعلوم انه لا يمكن الاحاطة بتعريف شامل للشروط التعسفية وذلك بالنظر لتعدد مظاهرها[53].
وقد سعى المشرع المغربي من خلال القانون المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك الى الحد من الشروط التعسفية الواردة في عقد القرض العقاري باعتباره المجال الخصب لانتشار التفاوت الكبير في المراكز القانونية و التقنية لأطرافها.
v الحماية التشريعية للمستهلك من الشروط التعسفية
لقد عمل المشرع المغربي من خلال القانون31-08 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك عل تحديد بعض الشروط التعسفية التي يمكن ان تكون مدرجة في عقد القرض العقاري، وهي ما سنقتصر عليها.
وهي قد تكون تلك الشروط التعسفية المتعلقة بتنفيذ العقد، فأول ما يواجه به المستهلك عند محاولة ابرام عقد القرض العقاري من الشروط التعسفية ذلك الشرط الذي يقضي بأن المستهلك يقبل الشروط الواردة في العقد في حين لم تتح له الفرصة من اجل الاطلاع عليها قبل ابرام العقد[54]، ويعد هذا الشرط تعسفيا لعدم امكانية الاطلاع المستهلك من الناحية الواقعية عليه[55]، وكذلك لعدم استفادته من مهلة التفكير المنصوص عليها قانونيا[56].
v الحماية القضائية من الشروط التعسفية.
سلطة القاضي في مواجهة الشروط التعسفية
يحق للقاض بواسطة سلطته بخصوص تفسير العقد الغامض الذي يحرر بصيغ و عبارات غامضة، اعادة تحيق التوازن في العلاقة القدية بين كل من القرض و المقترض.

وهذا ما نلاحظه من خلال مقتضيات الفصل 473 من قانون الالتزامات و العقود حيث نص على ان الشيك يفسر بالمعنى الاكثر فائدة للملتزم الذي هو المقرض رغم انه يعتبر طرفا قويا في عقد القرض العقاري، لأنه هو المدين بالالتزام بالمسؤولية وحده.

بالإضافة الى ذلك سلطة القاضي بخصوص الغاء كل الشروط التعسفية التي تسبب بالماس بالمستهلك الضعيف، ومن هنا فاذا رأى القاضي احد الشروط التعسفية في عقد ما امكن له تعديل هذا العقد ولو كانت الشروط واضحة مادام ان المستهلك لم يكن بوسعه ان يفعل شيئا رغم هذا الوضوح. وفهي هذا الاطار اعطى المشرع المغربي للقاضي صلاحية ابطال و الغاء الشرط التعسفي الوارد في العقد شريط ان يكون مدرجا ضمن لائحة الشروط التعسفية المنصوص عليها في المادة 18 من قانون 08-31.

سلطة القاضي في مواجهة الشرط الجزائي التعسفي
يبقى الاصل في ان تقدير التعويض الواجب من اختصاص القاضي، الا انه استثناء يمكن للمتعاقدين الاتفاق على تقدير التعويض مسبقا في حالة عدم قيام احدهما بتنفيذ التزاماته او التأخير في تنفيذها، وهدا ما يسمى بالشرط الجزائي[57].

وللقاضي تخفيض قيمة الشرط الجزائي المبالغ فيه، اذ يمكن للمستهلك ان يطلب تخفيض الشرط الجزائي التعسفي المدرج في عقد القرض العقاري، هذا بالإضافة الى ان للقاضي التخفيض من الشرط الجزائي في حالة الالتزام وحسب الفقرة الثالثة من الفصل 264 من قانون الالتزامات و العقود فان تخفيض الشرط الجزائي في حالة التنفيذ الجزئي للالتزام يكون في حدود النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي لهذا الالتزام.

المبحث الثاني :حماية المستهلك المقترض اثناء تنفيد عقد القرض :

المطلب الاول : مظاهر حماية المستهلك في مرحلة تنفيد عقد القرض :
يرتب عقد القرض مجموعة من الالتزامات على عاتق المستهلك الذي يتعين عليه الوفاء بها اتجاه المؤسسة البنكية ، لعل من اهمها رد مبلغ القرض مضافا اليه الفوائد المترتبة عليه باعتبارها المبلغ الزائد على رأس المال الذي يؤديه المستهلك الى المقترض .

إلا ان المستهلك قد لا يتمكن من تنفيذ هذا الالتزام في الاجل المتفق عليه نظرا لوجود ظروف خارجة عن ارادته حالت بينه وبين اداء اقساط القرض مما يقضي منحه اجلا اضافيا حتى يتمكن من تدبير اموره المالية ومواصلة اداء الاقساط المترتبة عن القرض.
* الفقرة الاولى :حماية المستهلك من الفوائد البنكية :
من المعلوم ان البنك من الناحية المهنية يعتبر تاجرا كونه يحترف تجارة الاموال مما يقتضي ان يفضل له ربح من العمليات الائتمانية التي يقوم بها ، وذلك بعد خصم المصاريف المترتبة على هذه العمليات ودفع الفوائد المستحقة للمودعين والمؤسسات الوطنية ، فتكون هذه الاعتبارات هي التي تبرر من الناحية الاقتصادية حصول الأبناك على فوائد وعمولات من عملياته الائتمانية ([58]).
ويطرح موضوع الفوائد البنكية مجموعة من الاشكالات التي تنتج عن تطبيق الفائدة البنكية على القرض الذي يحتاجه المستهلك عدة مشاكل على لمستوى العملي وفي هذا الصدد كان لزاما علينا ان ندرس اساس الفائدة البنكية ، مع تكييف مدى حماية المستهلك من سعر الفائدة .
1 اساس مشروعية الفوائد البنكية :
يعتبر الاسلام هو دين المملكة المغربية، وبالاطلاع على القرآن الكريم باعتباره دستور المسلمين والسنة النبوية باعتبارها موضحة ومفسرة ،فسنجد ان كل ما يدخل في اطار الربا يعتر محرما .

لذلك لن نخوض في النقاش الفقهي حول ربوية الفائدة البنكية بقدر ما سنحاول ملامسة الاساس القانوني للنصوص التي تقر الفائدة .

ادى منع اشتراط الفائدة بين المسلمين المنصوص عليها في الفصل 870([59]) من ظ.ل.ع الى تجاذب الآراء على مستوى الفقه والقضاء حول الاساس القانوني لتقاضي البنوك فوائد عن القروض التي تمنحها للمستهلكين هذا التجاذب في واقع الامر يعزى الى التشويش الذي دخل على الفصل السابق من خلال الفصل 871([60]) الموالي له من جهة وواقع الحياة الاقتصادية والمركز الذي تحتله البنوك التجارية داخلها الذي يحتم عليها التعامل بالفائدة بحيث لا يظهر في الافق اي استعداد من طرف المشرع المغربي للحد من هذا الاتجاه من جهة اخرى ، لينبثق عن ذلك رأيان على مستوى الفقه والقضاء ،احدهما يسير في اتجاه الاقرار بمشروعية الفوائد المترتبة عن عقد القرض العقاري استنادا على مبررات قانونية، وأخر يتماشى مع مقتضيات الفصل 870 من ظ.ل.ع الذي يقر بطلان الفوائد المترتبة عن عقد القرض .

الرأي المتجه الى الاقرار بصحة الفوائد المترتبة عن عقد القرض.
يرى جانب من الفقه([61]) ان الفصل 870 من ظ.ل.ع المقرر لمبدأ منع المسلمين من التعامل بالفائدة فيما بينهم ، يخضع لاستثناء يضيق من مجال تطبيقه من خلال ما نص عليه الفصل 871 الذي يليه ، واستنبط هذا الفقه من قاعدة مفادها ان التجار ولو كانوا مسلمين يجوز لهم بناء على هذا الفصل الاخير التعامل بالفائدة . فالفصل 871 يستثني التجار من هذا المنع حتى ولو كانوا مسلمين .
ويذهب اتجاه اخر الى اعتبار مشروعية الفوائد البنكية اساسها القوانين الخاصة المنظمة لها من خلال اعمال قاعدة تقديم العمل بالنص الخاص على النص العام ([62]).
الرأي المتجه الى الاقرار ببطلان الفوائد البنكية عن عقد القرض.
يرى اصحاب هذا الرأي ان الفصل 870 يكرس رغم اعتباره قاعدة وضعية مبدأ تحريم التعامل بين المسلمين بالربا المقرر شرعا، ففي هذا الفصل التزام بالحكم الاسلامي في القرض بفائدة ،بدليل انه لم يكتف بإقرار بطلان اشتراط الفائدة التي ترد على عقد القرض، بل ابطل العقد ككل، لذلك ندى اصحاب هذا المنظور بإلغاء مقتضيات الفصل 871 من ظ.ل.ع بالمرة وتعديل مقتضيات الفصل 870 لتشمل المسلم وغير المسلم وإلغاء الفصول الموالية 871 الى غاية 878 من ظ.ل.ع ([63]).
2 حماية المستهلك من سعر الفائدة :
بتتبع الواقع العملي للبنوك، فإنه غالبا ما يتم ادماج الفائدة البنكية المترتبة على بعض القروض في اصل الدين حيث يلجأ الى اعتماد طريقة حسابية جد معقدة وغير واضحة ما يصعب على المستهلك فهمها ، وهو ما يتنافى مع القواعد المتعلقة بممارسة المهنة البنكية، مما حدا بالقضاء الى انصاف المستهلك المقترض والإلمام بمجريات الامور للوصول الى معرفة المعدل الحقيقي .

وعلى مستوى الاجتهاد القضائي المغربي ، فقد اعتبر ان الاصل هو الفائدة القانونية في غياب اي اتفاق، حيث جاء في قرار لمحكمة النقض المؤرخ في 14 يناير 1998 في الملف المدني 5/93 : ” إن الرصيد المدين للحسابات الجارية، اذا كان يطبق عليه اساسا اثناء سير الحساب سعر الفائدة الاتفاقية في حدود مايقضي به قرار وزير المالية المؤرخ في 30 ماي 1988 وتطبيقا لظهير 6 يوليوز 1993 فإنه بمجرد قفل الحساب الجاري يصبح رصيده دينا تستحق عنه الفوائد من تاريخه اتفاقية كانت ام قانونية ، وليس في المادة 105 من ظهير 6يوليوز 1993 ما يفيد منع البنك من الفوائد البنكية في كل الحالات سواء اثناء سريان الحساب او اثناء قفله وامتناع المدين من اداء الرصيد السلبي ، وإنما يعطي لوزير المالية حق تحديد السعر القانوني الاقصى للفائدة الاتفاقية المدينة والدائنة بخصوص عمليات مؤسسات الائتمان تطبيقا للفقرتين 1و2 من المادة 13 التين تهم اخيرتهما تحديد الشروط المتعلقة بمدة الائتمانات وحجمهما واسعار الفائدة المستحقة عليما وانه من الثابت انه يوجد بالملف ما يفيد وجود اتفاق بين الطرفين يفضي بتطبيق سعر الفوائد البنكية بعد قفل الحساب مما لا يحق للطالب المطالبة إلا بالفوائد القانونية “.

كما ذهبت المحكمة التجارية بمراكش في احد احكامها([64]) الى ان : “حيث ان سعر 15.552 كفائدة بنكية مبالغ فيه مقارنة مع السعر الاقصى الذي كان سائدا في المجال البنكي من قفل الحساب والذي لم يتجاوز 13,25 % ، علما ان الحد الأقصى لسعر الفائدة الاتفاقية البنكية لايعتبر طليقا، وإنما يخضع تحديده لضوابط حددها قرار وزير المالية والاستثمارات الخارجية عدد 9/155 بتاريخ 20 يناير 1997 المتعلق بنسب الفائدة المطبقة على مؤسسات القرض “.

يتضح هنا خروج القضاء عن القاعدة التي تنص على ان السعر القانوني للفوائد لا يعمل به في حالة اتفاق الاطراف صراحة على سريان الفوائد بالسعر البنكي، وهم بذلك يحدون من التفسير الضيق للفصل 230 من ظهير الالتزامات والعقود ،حاملين بذلك لواء مبادئ العدل والإنصاف للتلطيف من سلبيات القوة الملزمة للعقد .

وفي تأكيدا لهذا الاتجاه ،ذهبت المحكمة التجارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 16 دجنبر 1999 : “انه حيث نص عقد القرض على فوائد اتفاقية بنسبة 17 % سنويا وان المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في تعديل التعويض الإتفاقي طبقا للفصل 264 من ظ.ل.ع ترتئي تخفيض نسبة الفوائد المذكورة من 17% الى 12% ابتداء من تاريخ 19 مارس 1999 الى يوم التنفيذ ” ([65]).

كانت هذه التفاتة القضاء الى رفع التعسف الذي يفرضه المهني بصفته صاحب اليد العليا والموقف القوي على المستهلك الذي لا يسعه إلا الدخول في العقد هو في الواقع ما يوجب على القضاة البحث في روح التشريع والوصول الى غاية المشرع حيث لا ضرر ولا ضرار .
* الفقرة الثانية : حماية المستهلك في حالة عدم الاداء داخل الاجل :
ان ما يميز القرض هو أن محل الوفاء فيه يتعلق دائما بأداء مبلغ من المال، لذلك فأن عدم اداء مبلغ الدين الناتج عنه يستحق معه المقترض تعويضا مقابل ما لحقه من ضرر، ومادام الامر يتعلق بتنفيذ التزام بدفع مبلغ من النقود، فإن الضرر يكون لامحالة قائما، لذلك فمن المتفق عليه ان المقترض يستحق تعويضا عن عدم الاداء داخل الاجل المحدد ([66]).
وعدم وفاء المستهلك المقترض بالتزامه داخل الاجل المحدد يكتسي مظهرين يتحقق الاول في حالة قيام المستهلك بالتسديد المبكر لمبلغ القرض قبل حلول الاجل المتفق عليه ، والثاني يتمثل في حالة توقف المستهلك عن اداء اقساط القرض في موعد استحقاقها .
1 حماية المستهلك في حالة الاداء المسبق :
يعتبر التسديد المبكر لمبلغ القرض وسيلة يتمكن من خلالها المستهلك من انهاء التزاماته المتمثلة في اداء اقساط المترتبة عن القرض، وهذا من شأنه حماية المستهلك من الوقوع في وضعية الاستدانة، إلا ان تخصيص البنك بالتعويض في حالة التسديد المبكر من شأنه ان يحد من اللجوء الى هذه الوسيلة .
أ انهاء التزامات المستهلك عن طريق الاداء المسبق :
يتم اداء اقساط القرض بطريقة مجزئة، وغالبا ما يمنح عقد القرض العقاري لمدة طويلة قد يفوق 20 سنة ، وخلال هذه الفترة قد تتحسن الظروف الاقتصادية للمستهلك وتتوفر لديه المبالغ الضرورية لأداء مبلغ القرض دفعة واحدة، وهذا ما تجيزه القواعد العامة حيث ينص الفصل 866 من ظ.ل.ع عل انه :” لا يسوغ اجبار المقترض على رد ما هو ملزم به قبل الاجل المحدد بمقتضى العقد او العرف ، ويسوغ له رده قبل حلول الاجل ما لم يتناف مع مصلحة المقترض “. وهي قاعدة متصلة بالنظام العام، فلا يجوز الاتفاق على اسقاط حق المقترض في الرد قبل الميعاد او الحد منه .
إلا ان الاداء المسبق لمبلغ القرض في اطار القواعد العامة يستلزم توافر اربعة شروط:
ألا يتعارض الاداء المسبق مع مصلحة البنك المقرض .
يجب ان تتجاوز الفائدة الاتفاقية الحد الاقصى المحدد على نحو ما هو مبين في الفصل 875 من ظ.ل.ع ([67]).
ان يمارس هذا الحق بعد مرور سنة من تاريخ العقد .
ان يخطر المستهلك المؤسسة البنكية بعزمه على الاداء المسبق بثلاثة اشهر على الاقل.
وواضح ان هذه الشروط تقيد حق المستهلك في ممارسة حقه في التسديد المبكر لمبلغ القرض، بل ان الاشتراطات التي تفرضها المؤسسات البنكية على المستهلك المقترض اكثر رحمة من المقتضيات التشريعية .
ولتجاوز ثغرات ظهير الالتزامات والعقود فيما يخص الاداء المسبق لمبلغ القرض ، حاول المشرع من خلال قانون حماية المستهلك 08 31 منح حماية للمستهلك عن طريق اعطائه الحق في التسديد المبكر الكلي او الجزئي لمبلغ القرض الممنوح له من طرف المؤسسة البنكية في اي وقت ودون اية شروط إلا في الحالة التي يكون فيها التسديد يساوي او يقل عن 10 % من مبلغ القرض الاولي ، إلا اذا تعلق الامر بالمبلغ المتبقى منه ([68]).
ب التعويض المستحق للمقرض في حالة الاداء المسبق :
اذا كان من حق المستهلك ان يرد مبلغ القرض قبل حلول الاجل المتفق عليه، فإنه في المقابل يؤدي الى حرمان البنك من الربح المنتظر الممثل في حقه في الفوائد التي يحصل عليها من توظيف امواله مما يقتضي تعويضه .

لذلك نجد ان المؤسسات البنكية ترفض الوفاء المسبق وتفرض على المستهلك تعويضا مرتفعا لذلك تدخل المشرع المغربي من خلال منح البنك المقرض مطالبة المستهلك بالتعويض عن الفوائد غير الحال اجلها ، إلا اذا تضمن عقد القرض شرطا يخول للمقرض الحق في التعويض ([69]).

وهنا يثار التساؤل عن طبيعة التعويض المستحق للبنك المقرض في حالة التسديد المبكر للقرض العقاري ؟
ويرى ان التعويض المستحق للبنك في حالة الاداء المسبق يمكن تكييفه على انه شرط جزائي، ويظهر ذلك من خلال سلطة المحكمة في تخفيضه اذا كان مبالغا فيه او الرفع من قيمته اذا كان زهيدا، كما يمكنها ان تخفض من هذا التعويض بنسبة النفع الذي عاد على البنك من جراء التنفيذ الجزئي([70]).
2 حماية المستهلك في حالة التوقف عن الاداء :
يرتب عقد القرض العقاري مجموعة من الالتزامات على عاتق المستهلك لعل اهمها رد مبلغ القرض، وغالبا ما يتم هذا الرد على شكل اقساط دورية تؤدى في موعد الاستحقاق حيث يتعين على المستهلك ان ينفذ هذا الالتزام في الموعد المتفق عليه ([71]).
إلا انه قد لا يفي المستهلك بهذا الالتزام تجاه البنك المقرض اي انه يتوقف عن اداء ما هو ملزم به، الامر الذي يستدعي بيان حالات التوقف عن الاداء والتي تختلف بحسب ما اذا كان المستهلك في وضعية عادية، او في وضعية غير متوقعة عند ابرام عقد القرض.
أ حماية المستهلك في احوال التوقف عن الاداء العادية : لم يحدد المشرع من خلال قانون 0831 اسباب توقف المستهلك عن اداء اقساط القرض العقاري ، كما انه لم يحدد عدد الاقساط التي يتم دفعها من قبله حتى يعتبر متوقفا عن الاداء.

وفي هذا الاطار نجد ان المشرع قد منح البنك المقرض من رفع سعر الفائدة الواجب اداءه على المستهلك المتوقف عن الاداء الى ان يستأنف التسديد العادي للأقساط ، وذلك في الحالة التي لا يطالب فيها المقرض بالتسديد الفوري لرأس المال المتبقي المستحق، غير انه اذا اضطر البنك لطلب فسخ عقد القرض ، فإنه يكون من حقه مطالبة المستهلك المتوقف عن الاداء بالتسديد الفوري لرأس المال المتبقي بالإضافة الى الفوائد الحال اجلها وغير المؤداة ([72]).

وقد حدد المشرع التعويض المستحق للبنك في حالة تأخر او تخلف المستهلك عن الوفاء بالتزاماته في الاجل المحدد لها في نسبة معينة من رأس المال تدفع للمقرض وهذا التعويض يكون عبارة عن فوائد عن التأخير وهي تترتب فقط على المبالغ المتبقية ، وذلك الى غاية التسديد الفعلي شريطة ألا يتجاوز سعرها الاقصى 2% من رأس المال المتبقي المستحق([73]).

ويثار تساؤل هنا :هل من حق البنك المقرض المطالبة الى جانب فوائد التأخير بالتعويض في حالة تأخر المستهلك في تنفيذ التزاماته ؟
اختلف القضاء المغربي حول الجمع بين فوائد التأخير والتعويض بين اتجاهين : اتجاه يسمح بالجمع بينهما ( المحكمة التجارية بالرباط ) ، واتجاه يمنع ذلك (المحكمة التجارية بوجدة) ، لكن المشرع المغربي حسم الامر حيث نص على ان المستهلك لا يمكن ان يتحمل اي تكلفة او تعويض([74]) باستثناء الفوائد التأخيرية شريطة ألا تتجاوز نسبتها 2 % من رأس المال المتبقي المستحق، بالإضافة الى تسديد رأس المال المستحق للبنك مع الفوائد الحال اجلها وغير المؤداة ([75]).

ومن ثم فان المستهلك في حالة توقفه عن الاداء يكون ملزما فقط بأداء رأس المال المتبقي المستحق للبنك مع الفوائد الحال اجلها وغير المؤداة ، اضافة الى فوائد التأخير المترتبة عن المبالغ المتبقية والمصاريف المستحقة للبنك ، دون ان يتحمل اي تعويض اخر مهما كان شكله، وهذا من شأنه ان يحقق حماية في غاية الاهمية بالنسبة لمستهلك القرض العقاري في مواجهة البنك المقترض الذي قد يستغل حاجته الملحة في الحصول على السكن، فيفرض عليه جزاءات متعددة في حالة التأخير في الوفاء بإلتزامه داخل الاجل المحدد.

ب حماية المستهلك في احوال التوقف عن الاداء الاستثنائية :
يعد القرض العقاري من العقود الطويلة الامد بعكس القرض الاستهلاكي، حيث يلعب الزمن دورا مهما بالنسبة اليه، لأنه بقدر ما يمتد الزمن يكون تغير الظروف الاقتصادية امرا محتملا ، وهذا التغيير يمكن ان يؤدي الى ارهاق المقترض عند تنفيذ التزامه بسبب ظروف اقتصادية غير متوقعة. اذ يبرم العقد في ظل ظروف معينة، فيطرأ من الأحداث ما يؤثر على السير العادي للعقد مما يستدعي حماية المقترض الذي توقف عن تنفيذ التزامه عن طريق منحه اجلا يستطيع من خلاله الوفاء بالتزاماته التعاقدية ([76]).
وقد حدد قانون 0831 الحالات التي تستدعي منح المستهلك المدين الامهال القضائي (مهلة ميسرة ) على سبيل المثال لا الحصر والمتمثلة في الفصل عن العمل او حالة اجتماعية غير متوقعة ([77]).

والملاحظ ان المشرع المغربي لم يحدد اجلا يتقيد به القضاة في امهال المستهلك وبذلك ترك المجال مفتوحا من الناحية الزمنية لإعمال سلطة القاضي التقديرية لمنح مهلة ميسرة .

ومع ذلك فإن قانون 0831 نص في الفقرة الثانية من المادة 149 على انه يجوز للقاضي ان يحدد في الامر الصادر عنه كيفيات اداء المبالغ المستحقة عند انتهاء اجل وقف التنفيذ دون ان تتجاوز الدفعة الاخيرة الاجل الاصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين.
المطلب الثاني: الحماية الاجرائية للمستهلك عند تنفيذ عقد القرض
تتم الحماية الاجرائية[78] عن طريق الدعوى التي يرفعها المستهلك المقترض للدفاع عن مصالحه، وحصوله على الحماية القضائية لحقه. غير أنه ليست هناك جهات قضائية مختصة للنظر في القضايا المتعلقة بالاستهلاك، كما لا توجد اجراءات خاصة للتقاضي حتى في الدول التي قطعت شوطا كبيرا في ضمان حماية المستهلك لذلك لا يخرج الامر عن وضع واحد هو خضوع المستهلك في ذلك للقواعد العامة. (الفقرة الأولى)
كما تتم الحماية الاجرائية عن طريق جمعيات حماية المستهلك من خلال الدعاوى التي وضعها القانون08_31 بين يديها، وعن طريق جهاز الوساطة البنكية الذي يعتبر الية جديدة تخدم مصالح المستهلك المقترض من مصالح المستفيد من الخدمات البنكية (الفقرة الثانية).
لكن التساؤل الدي يثار هنا هل من شأن هذه الجهات المتمثلة في القضاء وجمعيات حماية المستهلك والوساطة البنكية أن تلعب دورا فعالا في حماية المستهلك المقترض؟
* الفقرة الأولى: حماية المستهلك المقترض أثناء ممارسة الدعوى
يختلف اختصاص المحكمة بين النظر في النزاعات الناشئة عن عقد القرض بين الاخصاص النوعي والاختصاص المحلي
أ ولا_الاختصاص:
v الاختصاص النوعي:
تعتبر العقود التي يبرمها التجار في اطار نشاطهم قد لا تطرح أي اشكال فيما يخص تحديد المقتضيات القانونية الواجبة التطبيق، إذا كان العمل يعد تجاريا بالنسبة للطرف الاخر الذي يتم التعامل معه في هذا الاطار[79]. إلا أن العقود التي يبرمها التجار بمناسبة أنشطتهم التجارية مع غير التاجر تعد عقودا مختلطة حيث ينعقد الاختصاص للنظر في مثل هذه العقود إما للمحكمة التجارية واما للمحكمة العادية وذلك حسب صفة العمل المختلط[80] للطرف المدعى عليه [81] وهذا ما ينطبق على عقد القرض الذي يعد مدنيا بالنسبة للمستهلك، لأنه يلجأ إليه بغرض ضمان تمويل بناء أو شراء أو تحسين مسكن لغرض شخصي وليس لغرض تجاري[82].

أما بالنسبة للبنك فيعد عقدا تجاريا بناء على الممارسة الاعتيادية والاحترافية، وعليه فإنه في عقود القرض ينبغي التمييز تبعا لصفة المدعى عليه، فإذا كان غير تاجر يجب رفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية وعلى العكس من ذلك إذا كان المدعى عليه تاجرا فللمدعي الخيار بين مقاضاته بين مقاضاته أمام المحاكم التجارية أو المحاكم الابتدائية تبعا لمصلحته.

ومما ينبغي التأكيد عليه في هذا الاطار، انه يجوز للمستهلك باعتباره الطرف المدني التنازل عن الخيار الممنوح له، بحيث يمكنه الاتفاق مسبقا مع البنك على اسناد الاختصاص للمحكمة التجارية وحدها للبث في النزاع الذي قد ينشا بينهما عن العمل المختلط، ذلك ان الخيار لا يتعلق بالنظام العام، بقدر ما يستند الى اعتبارات راجعة الى قضاء غريب عنه يتميز بقصر المدد و الآجال التي تتخلل مسطرة التقاضي، مما يسبب له بعض المتاعب[83].

v الاختصاص المحلي:
بالرجوع الى القواعد المنظمة للاختصاص المحلي سواء في قانون المسطرة المدنية[84] او في قانون احداث المحاكم التجارية[85]، نجدها تقرر مبدا واحد و هو ان الاختصاص المحلي ينعقد للمحاكم التي يوجد بدائرتها موطن المدعى علية الحقيقي او المختار، او محل اقامته في حالة انعدام موطن لديه ، و عليه فالمحكمة المختصة محليا للنظر في النزاعات الناشئة عن عقد القرض هي محكمة الموطن الحقيقي او المختار للمستهلك، اذا كان البنك هو المدعى، اما اذا كان هو المدعى عليه، فينعقد الاختصاص للمحكمة التي يوجد بدائرتها المقر الاجتماعي للبنك او فرعه.
ثانيا: الاثباث:
تقضي القواعد العامة([86]) بأن عبء الإثبات يقع على مدعيه([87])، وهو المبدأ الذي يقره القضاء المغربي أيضا([88])، فالقاضي لا يملك سلطة إجراء التحقيقات بصفة شخصية، في القضايا المعروضة عليه من أجل إصدار الحكم([89])، وليس من حق المحاكم أن تثير انتباه الأطراف إلى وجود عيب في الأدلة التي قدموها لإثبات ادعاءاتهم، لأن المدعي يلتزم بضرورة تقديم الإثبات الحقيقي دون أن يكون له الحق في الحصول على توجيهات من المحكمة المختصة، التي يجب أن تلتزم بالحياد في الدعوى القضائية([90]). وذلك يعني بأنه على المستهلك أن يثبت الالتزام الواقع على الطرف المتعاقد معه، في حالة عدم قيام هذا الأخير بتنفيذ التزامه على النحو المتفق عليه. وفي المقابل، أي في حالة إثبات وجود الالتزام، على المدعى عليه أن يثبت انقضاءه أو عدم نفاذه لسبب ما[91].

ويتم الإثبات بواسطة الوسائل التي تنص عليها القواعد العامة، كما جاء في الفصل 404 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود المغربي، الذي ينص على أن: “وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي: 1-إقرار الخصم. 2- الحجة الكتابية. 3- شهادة الشهود. 4- القرينة. 5-اليمين والنكول عنها.” وعلى هذا الأساس يجب التمييز ما بين إثبات العقد وإثبات الوقائع، فبالنسبة للحالة الأولى يقع الإثبات بالحجة الكتابية، التي تطور مفهومها نتيجة لنمو التكنولوجيا، وتوسع الشبكة العالمية للمعلوميات والاتصالات، حيث أصبحت التشريعات المقارنة([92])تعترف بحجية الرسائل الإلكترونية لإثبات الالتزامات، بل ولقد اعتبر الفقه الفرنسي([93]) بأن لها نفس القوة الثبوتية التي تتمتع بها الورقة المكتوبة شريطة أن يتم تحديد هوية المرسل، مع ضرورة التقيد بالشروط التي تضمن مصداقيتها. أما بالنسبة للحالة الثانية فإن الإثبات يقع بأية وسيلة كانت، وبغض النظر عن قيمة المصلحة التي يتم الدفاع عنها.

إذن تطبيقا للقواعد العامة، يمكن لأي مستهلك أن يثبت ادعاءاته بكافة الوسائل المتاحة له بموجب القانون، بما في ذلك الكتابة بشتى أنواعها، والخبرة، والشهادة، والقرائن…الخ. ولكن يجب التذكير بأنه ليس من السهل على الطرف الضعيف أن يقوم بالإثبات في المنازعات الاستهلاكية، و ذلك لأن السادة القضاة ليسوا على نفس الدرجة من الإقناع، فمنهم من يقبل القرائن، في حين يبدي البعض الآخر تساهلا في قبول أي نوع من الإثباتات، مثل شهادة الشهود، إلا أن هناك من يتشدد في هذا الإجراء ، و لا يرضى إلا بما يثبت اليقين، خاصة وأن الفصل 417 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات و العقود ينص بشأن الدليل الكتابي على أنه:” للمحكمة الحق في تقدير ما تستحقه هذه الوسائل من قيمة حسب الأحوال، و ذلك ما لم يشترط القانون أو المتعاقدان صراحة شكلا خاصا.” ومن خلال هذا النص نستخلص بأن القاعدة المتعلقة بالإثبات ، قد تخضع للإرادة المشتركة للمتعاقدين، إذا تم الاتفاق على شكل معين للإثبات في حدود ما يسمح به القانون. و لكننا نعتقد بأن العمل بمثل هذا الاتفاق من شأنه أن يؤدي إلا ضياع حقوق المستهلك، وقد ينتج عنه أيضا اختلال التوازن ما بين الأطراف في العلاقة الاستهلاكية. وكما جاء في ملحق نص المادة 1-132 L من مدونة قانون الاستهلاك الفرنسية، فإن الشرط الذي يؤدي إلى تقليص سلطة المستهلكين في اختيار وسائل الإثبات، التي يخول لهم القانون الحق في استعمالها يعد شرطا تعسفيا. وهو نفس الأمر الذي ورد في المادة 60 من مقترح القانون المغربي المتعلق بإخبار وحماية المستهلك التي تنص على أنه: “تعتبر على الأخص شروطا تعسفية في العقود المبرمة بين البائع أو مقدم الخدمة والمستهلك الشروط التي يكون موضوعها: -تحديد وسائل الإثبات التي يمكن للمستهلك أن يحتج بها.” ومن وجهة نظرنا نعتقد بأنه لتحقيق الحماية القانونية للمستهلك بصورة عامة في مادة الإثبات، يجب أن يضاف إلى هذه المادة كل شرط يفرض على المستهلكين تحمل عبء الإثبات، الذي من المفروض أن يتحمله المهني من الناحية القانونية، وذلك للتخفيف على المستهلك من شدة وصرامة إجراءات الدعوى القضائية.
ثالثا: التقادم
التقادم هو طريقة لاكتساب أو انقضاء حق معين، بمرور مدة زمنية أو آجال خاصة يحددها القانون، كما جاء في الفصل 371 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن: “التقادم يسقط الدعوى الناشئة عن الالتزام خلال المدة التي يحددها القانون.” والملاحظ أن القواعد العامة تطبق على آجال التقادم بشأن الدعاوي القضائية التي يباشرها المستهلك. ففي القانون المغربي تتقادم جميع الدعاوي الناشئة عن الالتزام بمضي 15 سنة كاملة حسب التعبير الذي جاء في الفصل 387 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود، وفي نفس السياق ينص الفصل 106 على ما يلي: “إن دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر.” وبخصوص تطبيق هذا النص يرى القضاء المغربي بأنه يقع على عاتق المدعى عليه أن يحدد تاريخ توصل الطرف المتضرر إلى معرفة الشخص المتسبب في الضرر أو المسؤول عنه([94]).

ومن خلال ما سبق يتضح بأنه يجب على المستهلك أن يكون مطلعا على جميع الشروط التي يفرضها القانون في الالتزامات التعاقدية، بما في ذلك مدد التقادم الخاصة بالدعاوي القضائية. وهو الأمر الذي لا يتحقق دائما بالنسبة للفرد العادي، الذي لا يملك أي معرفة خاصة بالإجراءات القانونية كما أنه يفتقد الوسائل المادية الكافية لاستشارة الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، وتزداد الأمور تعقيدا بالنسبة للمستهلك عندما يفرض المشرع آجالا قصيرة للتقادم، كما هو الحال بالنسبة لدعوى رد المبيع بسبب وجود عيب في العقارات أو المنقولات، والتي لا تتعدى 365 يوما في الحالة الأولى و30 يوما في الحالة الثانية([95])، ويبلغ أجل التقادم مدة سنة في دعوى إنقاص الثمن أو تكملته، كما هو مبين في الفصل 530 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود[96].

الفقرة الثانية: الاجراءات المتبعة أمام لجنة الوساطة البنكية وجمعيات حماية المستهلك
إلى جانب القضاء الذي اناط به الدستور مهمة الفصل في النزاعات توجد بالموازاة معه طرق بديلة لتسوية المنازعات أهمها الوساطة البنكية من اجل تلافي ما يوجه عادة للجهاز القضائي من انتقادات. ولا شك أنه وأمام مستهلك شبه عاجز، ونيابة عامة مشغولة بالقضايا الكبرى فان جمعية حماية المستهلك تبقى الهيئة الاكثر تأهيلا لفرض احترام النصوص الحمائية، سواء ذات الطابع الجزائي أو غير الجزائي.
أولا اجراءات الوساطة البنكية
تستمد الوساطة البنكية[97] مرجعيتها القانونية من القانون 05_08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، وتأتي هذه المبادرة من أجل وضع الية للتسوية الودية للمنازعات التي يمكن أن تنشأ بين المؤسسات البنكية والمستهلكين في إطار المعاملات البنكية، علما أن اللجوء إلى هذه الالية لا يلغي حق الاطراف المتنازعة في اللجوء إلى القضاء أو إلى مساطر التحكيم. وتتم الوساطة البنكية عبر جهاز خاص يتكون من وسيط بنكي ولجنة الوساطة البنكية[98]. ويتعين على المستهلك المقترض قبل اللجوء إلى الوسيط البنكي أن يعرض مؤاخذته على البنك المعني بالأمر، وهذا الاخير يكون ملزما بالإجابة عن مراسلة المستهلك، داخل أجل أقصاه 21 يوم من تاريخ التوصل بالرسالة. ويمكن للمستهلك إذا لم يتوصل بالجواب أو لم يرضه، اللجوء إلى الوسيط سواء من خلال رسالة بريدية عادية أو فاكس أو عن طريق البريد الالكتروني. ويجب أن توضح الرسالة الموجهة إلى الوسيط البنكي بكيفية دقيقة موضوع النزاع وأن يدعمها بكل المعلومات، التي يمكن أن تدعم مطلبه، ومن أهم الشروط أن يرفق المشتكي شكايته بطلب مزجه إلى مؤسسته البنكية يطلب فيه من هذه الاخيرة أن ترفع السرية عن حسابه، وذلك حتى يتمكن الوسيط من الاطلاع على كل المعلومات التي يراها ضرورية لمعالجة الملف[99].

وتجدر الاشارة بهذا الصدد إلى أن اللجوء إلى الوسيط البنكي يوقف كل مسطرة قضائية أو تحكيمية جاريةّ، ويتعين تبليغ المحكمة باللجوء إلى هذه المسطرة فورا التي يتعين عليها التصريح بعدم قبول الدعوى إلى حين الانتهاء من مسطرة الوساطة. هذا ويلزم الميثاق البنكي المتعلق بإحداث الية الوساطة، الوسيط بأن يعالج الملفات التي يتوصل بها داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ التوصل بالملف إلا إذا طلب أطراف النزاع تمديد هذا الاجل كتابة، ويتعين على الوسيط أن يقترح حلا داخل هذا الاجل.

ومن خلال التحقيق في النزاع وبعد الاستماع إلى كل الاطراف المعنية يدون الوسيط اقتراحه لحل النزاع في محرر يحمل اتفاق مصالحة يقدمه إلى المستهلك وممثل المؤسسة البنكية من أجل التوقيع عليه. وإذا رفض الطرفين مقترح الوسيط، يحرر محضرا يعاين مواقف كل طرف وتسلم نسخة لكل منهما.

Ü وهكذا يظهر أن الوساطة البنكية تعتبر أحد الاليات البديلة لتسوية النزاعات ولإيجاد حل توافقي بين المستهلك والمؤسسة البنكية بما يخدم مصالح كل طرف خصوصا المستهلك فهي مسطرة مجانية بخلاف اللجوء إلى القضاء الذي يتسم بطول وتعقيد اجراءاته ويتطلب أداءه تكاليف مالية.

ثانيا_ الدعاوى المرفوعة من طرف جمعيات حماية المستهلك
منح المشرع للجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة حق التدخل أمام القضاء عن طريق دعوى حذف الشروط التعسفية ثم دعوى الدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين وأخيرا دعوى التمثيل المقترنة، التي تهدف من خلالها الجمعيات إلى الدفاع عن المصالح الفردية المشتركة للمستهلكين.
أ‌- دعوى حذف الشروط التعسفية
تتمتع الجمعيات المخول لها حق الدفاع عن المستهلكين بموجب المادة 162 من قانون 08_31، بحق المطالبة القضائية بحذف الشروط التعسفية في كل عقد أو نموذج عقد مقترح أو موجه إلى المستهلك.

وتشمل المطالبة القضائية حذف الشروط التعسفية، و ايضا التي تعتبرها جمعيات حماية المستهلك تعسفية، لكون الشروط الواردة في هذه اللائحة جاءت على سبيل المثال لا الحصر، لذلك فالجمعيات غير ملزمة بتقديم دعوى حذف الشروط التعسفية و حصرها في الشروط الواردة في اللائحة، بل بإمكانها المطالبة بحذف الشروط الأخرى التي لم ترد بها، و التي يظهر لها أنها شروط تعسفية و تؤدي إلى اختلال واضح في التوازن بين حقوق و التزامات أطراف عقد القرض.

لذلك يعتبر تدخل جمعيات حماية المستهلكين عن طريق المطالبة القضائية بحذف الشروط التعسفية، بمثابة تحول هام في مواجهة هذه الشروط، بحيث ان هذه الجمعيات أصبح بإمكانها طلب حذف الشروط التعسفية، التى تتضمنها جل العقود المعروضة على المستهلكين، كما أن تدخل هذه الجمعيات و بشكل دائم و متطلباتها بحذف الشروط التعسفية، يمكن المستهلك من اتخاد الحيطة و مطالبته المقرض بكافة حقوقه من إعلام واضح و مهلة للتفكير عند التعاقد.

ب- دعوى الدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين
يمكن للجمعيات[100] رفع الدعوى القضائية للدفاع عن مصالح المستهلكين[101]، ويبقى اللجوء إلى القضاء من طرف المستهلك من الأمور المتاحة له بمقتضى القانون من أجل استرجاع حقوقه وإلزام المهني بتنفيذ التزاماته، غير أنه غالبا ما يعزف المستهلكون عن اللجوء إلى القضاء لعدة أسباب من بينها:
عائق نفسي: يتمثل في شعور المستهلك بأنه وحيد وضعيف أمام مؤسسات كبيرة ذات إمكانيات ضخمة يصعب عليه مواجهتها بإمكانياته البسيطة، وكذا الخوف الذي تثيره المحاكم عادة في نفوس المستهلكين، مما يجعلهم يفضلون عدم مقاضاة المهنيين.
عائق مادي: يضطر المستهلك إلى قبول الالتزامات المجحفة دون اللجوء إلى القضاء إما لكونه ذو إمكانيات ضعيفة، وبالتالي يعجز عن التكفل بالمصاريف القضائية وأتعاب المحامي، أو أن مصاريف المتابعة القضائية قد تكون أحيانا أكبر بكثير من التعويضات التي يريد الحصول عليها.
عائق زمني: تتميز المساطر القضائية بالبطء الشديد، وعليه، إذا فكر المستهلك في اللجوء إلى القضاء قد يضطر إلى الانتظار لشهور طويلة من أجل الحصول على حقوقه، في حين أن المستهلك محتاج للحصول على تلك الخدمة أو السلعة بسرعة.
عائق ثقافي: لا يعرف أغلب المستهلكين الحقوق المكفولة لهم قانونا في مواجهة المهنيين ولذلك لا يلجئون إلى القضاء للمطالبة بتطبيقها[102].
ولهذه الأسباب تم منح الجمعيات الحق في تمثيل المستهلكين أمام القضاء[103]، غير أن هناك من ينادي بعدم تقييد حق الجمعيات في التقاضي بشرط حصولها على صفة المنفعة العامة، لما فيه من تعجيز لها عن القيام بمهمتها في الادعاء أمام القضاء لحماية المصالح الجماعية للمستهلكين([104]).
و تمارس بهذه المناسبة كل الحقوق إلا في حدود ضيقة، تتمثل في إصلاح الضرر الناتج عن المخالفة و حتى تكون الدعوى مقبولة لابد من توافر شرطين اثنين:
الشرط الاول: وجود مخالفة يعاقب عليها القانون. إذ أن الجمعية لا تمارس الدعوى المدنية إلا في حدود ضيقة تتمثل في اصلاح الضرر الناتج عن المخالفة، وهي تهدف من خلال ممارسة هذه الدعوى الحصول على جبر الضرر الذي من شأنه أن يحقق التعويض الكامل عن التعويض الشخصي الحال والمحقق الذي يصيب المستهلك.[105]
الشرط الثاني: يجب أن ينتج عن المخالفة ضرر يمس بالمصلحة الجماعية للمستهلكين[106].

وبمجرد توفر هذين الشرطين، يمكن للجمعية أن ترفع الدعوى سواء بطلب أصلي أو عارض، للمطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق بالمصلحة الجماعية لا الفردية للمستهلكين، أو المطالبة بإيقاف الاعمال غير المشروعة بالنسبة للمستقبل، كإيقاف الاشهار الكاذب تحت طائلة غرامة تهديدية، وأيضا المطالبة بنشر الحكم على نفقة المخالف، ويكتسي النشر هنا، ميزتين أولهما زجر المخالف، وثانيهما إعلام المستهلك[107] وتوجيهه بحقوق[108].

ج- دعوى التمثيل المقترنة
عوض التقاضي بصفة منفردة يمكن للمستهلكين أن يجتمعوا ويتقدموا الى المحكمة عن طريق جمعية تمثلهم، وذلك لطلب التعويض عن الاضرار التي لحقت بهم بسبب المورد. والدعوى التي تباشرها الجمعية في هذه الحالة تسمى بدعوى التمثيل المقترنة.[109] وتبدو أهميتها في أنها تعطي للجمعية الحق في الدفاع عن المستهلك خاصة وان هذا الاخير غالبا ما لا يقيم الدعوى بمفرده نظرا لتعقد الاجراءات و بطئها[110] من ناحية، كما أن تعدد الدعاوى الفردية يمكن أن يشكل محل لأحكام قضائية متناقضة، ويؤخر اقامة قضاء مستقر من ناحية أخرى.

ولقبول دعوى التمثيل المقترنة لابد من توافر مجموعة من الشروط حددتها المادة 158 من قانون 08_31، في كل من المستهلكين الذين تمارس هذه الدعوى لفائدتهم والجمعية التي تباشره[111]ا.

الخاتمة:
لقد سعى المشرع من خلال إصدار قانون 08_31 الى تحقيق المساواة و اعادة التوازن للعلاقات التعاقدية بين المقرضين و المستهلكين، أخدا بعين الاعتبار عدم المساواة من الناحية المعرفية و الاقتصادية بين مانح الائتمان و بين ألمستهلك و تتحقق هذه المساواة و التوازن من خلال سن قواعد قانونية امرة من اجل حماية الطرف الضعيف في عقد القرض، و بالتالي فإن حمايته من كل ما قد يشوب إرادته أثناء تكوين العقد و عند تنفيد العقد تعتبر من الالتزامات الاساسية للدول الحديثة فإذا كانت الدول الليبرالية قد فتحت المجال للمنافسة و تحرير الأسعار فإنه تقع على عاتقها مسؤولية تقديم السلع و الخدمات و القروض للمستهلكين في منأى عن كل شطط و تعسف.

فالأمل يبقى معقودا على سن ترسانة قانونية جديدة تضع حلولا قانونية أكثر حماية للمستهلك و ترتبط برغبة المشرع بإصلاح قطاع الائتمان و الاسكان . لان حماية مستهلك عقد القرض أصبحت في الوقت الراهن هدفا في جميع النظم القانونية، و ايا كانت نجاعة تلك النصوص فإن ذلك يظل محدودا على الدوام ما لم يدعم بيقظة حقيقة لتنظيمات المجتمع المدني و في مقدمتها جمعيات حماية المستهلك و ضعف الرقابة الادارية … و تكمن فعالية هذه الجمعيات اساسا في قدرتها التفاوضية بحكم تآلف أعضائها في مواجهة المهنيين التي تتيح لها إمكانية التصدي لمظاهر التعسف التعاقدي .

مما تقدم نستنتج أن التدابير المتخذة لحماية المستهلك المقترض تساعد في إرجاع التوازن العقدي و استقرار المعاملات بين المهنيين البنوك، و المستهلكين المقترضين، و حسنا ما فعل المشرع المغربي بإخراج مقتضيات قانون 3108 المتعلق بتدابير حماية المستهلك الى الوجود ، و الذي اتي بكسر او تلطيف لمبدأ سلطان الارادة في ابرام العقود و هو ما سعى له الفقه و التشريع في فرنسا و الدول الاوربية و الغربية بصفة عامة للاقتراب من منهج يحترم فيه الانسان بوصفه فردا في جماعة و محلا لحمايتها للتحرر من المفاهيم التقليدية قصد حل مسالة انعدام المساواة وحتى التوازن العقدي. .

[1] ادريس بن شقرون: “اثار تغيير الظروف الاقتصادية على العقد،” مجلة القصر، العدد 2، ماي 2002، ص 45
[2] التوجه الليبرالي الذي اختاره المغرب، أدى إلى ابتكار وسائل الانتاج والزيادة في الاستهلاك ترتب عنه اضرار للمستهلك، هذا الاخير لم يحظى مفهومه باهتمام رجال الفقه القانوني حتى بداية النصف الثاني من القرن 20 ، حيث كان هذا المفهوم مستعملا من طرف علماء الاقتصاد فقط مما نتج عنه جدل فقهي وقضائي حاد حول مفهومه القانوني ، فهناك من يضيق من مفهوم المستهلك ومن جهة أخرى هناك من يوسع من المفهوم، هذا الجدل كان محدثا قبل صدور قانون 08_31 الذي عرف المستهلك في المادة الثانية منه حيث نص على أنه:” يقصد بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجا أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي.”
[3] منيرمهدي:” مجلة الحقوق المغربية”،” مقال حول مؤثرات الاستهلاك في تطبيقات القانون التجاري “دار الافاق المغربية لنشر و التوزيع الدار البيضاء ، العدد11، سنة 2011، ص 52
[4] : محمد الكشبور نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 1993، ص 5
[5] حسن الفكهاني و سعيد الفكهاني وتوفيق الفكهاني، التعليق على قانون الالتزامات والعقود في ضوء الفقه والقضاء، الجزء الثاني ، الطبعة الاولى ، الدار العربية للموسوعات 1992 _1993 ص 2
[6] أبو بكر مهم : الوسائل القانونية لحماية المستهلك ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق ، الدار البيضاء، 2003_2004، ص 1
[7] يقصد بالائتمان في لغة الاقتصاد: تسليف المال لاستثماره في الانتاج والاستهلاك. وهو يقوم على عنصرين أساسيين هما: الثقة والمدة. وهو في القانون البنكي : مبادلة مال حاضر كنقود أو سلعة بوعد بالسداد في المستقبل. (انظر سعد نبيل ابراهيم : “نحو قانون خاص بالائتمان ، منشأة المعارف 1991، ص 24.)
[8] محمد صبري ، الائتمان البنكي مسؤولية البنك المدنية عند تجاوز أذون الاعتمادات ، الطبعة الاولى، المطبعة الوراقة الوطنية، الرباط 2001، ص 7.
[9] أذا كان القرض عبارة عن عقد يمنح بموجبه المصرف إلى العميل مبلغا معينا دفعة واحدة مقابل فائدة. فإن الاعتماد هو عقد يتعهد بموجبه المصرف بوضع مبلغ معين تحت تصرف العميل يسحب منه متى شاء مرة أو مرات خلال مدة معينة ، وإذا وفى الدين أمكن له أن يعيد السحب وهكذا.(أنظر محمد بودالي: ” حماية المستهلك في القانون المقارن، دراسة مقارنة مع القانون الفرنسي، دار الكتاب الحديث، 2006، ص563)
[10] Bruno Mosschetto et André Plangol, le Crédit à la consommation, que sais-je ? ;N 1516 édition PUF ,Paris 1973. P5
[11] Riné Robert :Les sociétés de financement Tiréees par la demande , Conjecture N 786-Otobre 1999 , Chambre Française de commerce et industrie du MAROC, p 10
[12] عرف المشرع المغربي القرض أو عارية الاستهلاك في الفصل 856 من ظهير الالتزامات والعقود بأنه: “عقد يسلم بمقتضاه أحد الطرفين للاخر أشياء مما يستهلك بالاستعمال، أو أشياء منقولة لاستعمالها، بشرط أن يرد المستعير عند انقضاء الاجل المتفق عليه، أشياء أخرى مثلها في المقدار والصفة والنوع.”
وعرف المشرع المغربي القرض العقاري في الفصل 19 من مرسوم 17 دجنبر 1968 رقم 67-552 المتعلق بالقرض العقاري والقرض الخاص والقرض الخاص بالبناء والقرض الفندقي ، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2931 ، ص2 بأنه:” القرض الذي يمنح إلى مالك العقار مقابل ضمان هذا العقار دون اعتبار للغرض الذي تستعمل فيه الاموال المقترضة “.
[13] رشيد التائب: شركات القروض للاستهلاك، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة القانون الخاص، جامعة محمد الخامس ، كلية العلوم القانون الاقتصادية والاجتماعية أكدال ،2002_2003، ص 5
[14] ظهير شريف رقم 1.93.147 صادر في 15 محرم 1414 (6 يوليوز 1993) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسة الائتمان ومراقبتها، الجريدة الرسمية عدد 4210 بتاريخ 07 يوليوز 1993، ص، 1156.
[15] يتعلق الامر بالقانون رقم 03_34 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.05.78 الصادر في 14_02_2006، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5397 المؤرخة في 20_02_2006.
[16] ظهير شريف رقم 1_11_03 صادر في 14 ربيع الاول 1432 (18 فبراير 2001) بتنفيذ القانون رقم 08-31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الجريدة الرسمية عدد: 5932، بتاريخ 3 جمادى الاولى 1432 (7 أبريل 2011), ص: 1072.
[17] وفي هذا السياق، فإن القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك أتى في إطار العلاقات الدولية التي تربط المغرب بشركائه الاقتصاديين كالاتحاد الأوربي إضافة إلى انفتاح السوق الداخلية على الخارج وتعدد المنتجات والسلع وكذلك ضعف الإطار القانوني لحماية المستهلك فيما يخص بعض الميادين وبغية ضمان التوازن في العلاقة بين المستهلك والمهنيين، كما أن القانون 31.08 يضع الإطار الملائم للنهوض بدور جمعيات حماية المستهلك ويعالج الجوانب الأساسية المتعلقة بحقوق المستهلك.
[18] _حليمة أجروب :”التزام البنكي بالإعلام في القانون البنكي المغربي ”،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،سطات،20112010،ص29
[19] _منير المهدي :”المظاهر القانونية لحماية المستهلك، “أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة قانون الأعمال ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة،2005_2004،ص183
[20] _حليمة أجروب :مرجع سابق ،ص4
[21] _نور الدين الناصري ، “الالتزام بالإعلام في التعاقد الإلكتروني ”،مجلة الدفاع، عدد خاص بأشغال الندوة العلمية التي نظمتها هيئة المحامين بسطات بشراكة مع مختبر قانون الأعمال بكلية الحقوق بجامعة الحسن الأول _سطات في موضوع “قراءة في قانون 08.31المتعلق بتدابير حماية المستهلك المنظمة بمحكمة الاستئناف بسطات،17يونيو2011،العدد،6،2011،ص67،
[22] _حتى يكون الغلط موجبا لإبطال العقد فإنه يتعين توفر الشرطين المنصوص عليهما في الفصل 40من ظهير الالتزامات والعقود.
[23] _بوعبيد عباسي، “الالتزام بالإعلام في العقود ”،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،مراكش،2002_2003،ص81،
[24] _مأمون الكزبري :”نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، “الجزء الأول، مصادر الالتزامات ،1972،مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،ص74
[25] _الفصل52من ظهير الالتزامات والعقود.
[26] _منير مهدي:” المظاهر القانونية لحماية المستهلك، مرجع سابق ،ص.187
[27] _بوعبيد عباسي: مرجع سابق ص83
[28] _محمد الهيني:” الحماية القانونية للطرف الضعيف في عقد التأمين البري، “رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة قانون المنافسة والاستهلاك ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس ،2005،2006،ص41
[29] _أبو بكر مهم :مرجع سابق ،26،25
[30] _حليمة أجروب: مرجع سابق،ص،25،26
[31] _محمد الهيني :مرجع سابق،ص42
[32] _المادة 173 من قانون08. 31
[33] _عبد المنعم موسى إبراهيم: ”حماية المستهلك ،دراسة مقارنة” ،منشورات الحلبي الحقوقية ،دمشق، الطبعة الأولى2007 ص367 ,
[34] _المادة3 من قانون08. 31
[35] _المادة206 من قانون 08_31
[36] _المادة 194 من قانون 08_31
[37] _Jean Calais Auloy et Frank Steinmetz ,op,cit,n°323,P328
[38] _أبو بكر مهم :مرجع سابق.ص198 .
[39] _محمد الوردي: “جريمة الإشهار المضلل، دراسة في مقتضيات الفصل العاشر من قانون زجر الغش عن البضائع ”،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية،سطات2009 ،2010 ص39 ،40
[40] _محمد الوردي: مرجع سابق ص74
[41]
[42] يعرف الفقه مهلة الميسرة بإنها ” الاجل الممنوح من القضاء للمدين الذي استحق دينه، وأصبح خاضعا لملاحقة دائنه ” انظر : سامي بديع منصور عنصر الاثباث وعامل التغيير في العقد المدني ، دار الفكر اللبناني، الطبعة الاولى ، 1987 ص 172
[43] بموجب ظهير 18 مارس 1917 أضيف إلى الفصل 243 من قانون ل ع فقرة ثانية جاء فيها أنه : ” ومع ذلك يسوغ للقضاة مراعاة منهم لمركز المدين ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق أن يمنحوه اجالا معتدلة للوفاء وأن يوقفوا اجراءات المطالبة مع ابقاء الاشياء على حالها. “
فانطلاقا من هذا الفصل يتضح أن للمحكمة سلطة تقديرية في منح المدين مهلة ليتمكن من أداء دينه، فالمشرع المغربي جعل منح مهلة الميسرة رخصة بيد القضاء تخضع لتقديره حسب الظروف المحيطة بكل نازلة وهو ما يؤكده الفقه والقضاء أيضا.
انظر عمر قريوح : “الحماية القانونية للمستهلك ، م س ص 469 و ما بعدها.
[44] – الحسين بلحساني: اساس الالتزام بتبصير المستهلك و مظاهره، المجلة المغربية للاقتصاد و القانون، العدد 4، سنة2002، الصفحة19.
[45] – حسناء جبران الصفحة 61
[46]- حسناء جبران الصفحة64
[47]- المادة 117 من القانون 08-31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
[48]- المادة 113 من القانون 08-31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
[49]- المادة 120 من القانون 08-31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
[50]- حسناء جبران الصفحة 67
[51] – الفقرة الاولى و الخيرة من المادة 190 من القانون 08-31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
[52] – الحسين بلحساني، مرجع سابق، الصفحة25.
[53] -نجدها في عقد البيع و الكراء و التأمين و القرض و النقل اوغيرها من العقود حسب ما اذا كان عقارا ام منقولا.
[54] – ياسين مفقود: حماية المستهلك من الشروط التعسفية في ضوء قانون 08-31 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الاول، سطات، السنة الجامعية 2011-2012، الصفحة 17.
[55] – البند 10المادة 18 من القانون 08-31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
[56] – حسناء جبران، مرجع سابق، الصفحة 18.
[57] – حسناء جبران، مرجع سابق، الصفحة 87.
[58] حسناء جبران ، ” حماية مستهلك القرض العقاري في ضوء قانون 08_31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك” رسالة لنيل دبلوم الماستر، وحدة قانون المقاولة التجارية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ب سطات، 2011_2012 ..ص 99.
[59] ينص الفصل 870 من ظ.ل.ع على ان : “اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ومبطل للعقد الذي يتضمنه سواء جاء صريحا ، و إتخذ شكل هدية او أي نفع اخر للمقرض او أي شخص غيره يتخذه وسيطا له “.
[60] جاء في الفصل 871 من ظ.ل.ع :”وفي الحالات الاخرى ،لاتستحق الفائدة إلا اذا كانت قد اشترطت كتابة . يفترض هذا الاشتراط اذا كان احد الطرفين تاجرا “.
[61] حسناء جبران، مرجع سابق،ص 101.
[62] حسناء جبران، مرجع سابق،ص 103.
[63] حسناء جبران، مرجع سابق،ص 105.
[64] حكم المحكمة التجارية بمراكش صادر بتاريخ 28 يونيو 1994 عدد 99/505 ، منشور بمجلة الاشعاع عدد 20 ،دجنبر 1999، ص :209
اورده محمد صادق ،”حماية مستهلك الخدمات البنكية” ،رسالة لنيل دبلوم ماستر قانون المقاولة الجارية ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،الحسن الاول سطات ،ص 57 .
[65] اورده محمد صادق ، حماية مستهلك الخدمات البنكية، مرجع سابق ،ص 58 .
[66] حسناء جبران، مرجع سابق،ص 126.
[67] ينص الفصل 875 من ظ.ل.ع على انه :”في الشؤون المدنية والتجارية يحدد السعر القانوني للفوائد والحد الاقصى للفوائد الاتفاقية بمقتضى ظهير خاص “.
[68] المادة 132 من القانون 08 31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك .
[69] حسناء جبران، مرجع سابق، ص 128.
[70] المادة 132 من القانون 08 31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك ، والفقرة الثالثة من الفصل 264 من ظ.ل.ع .
[71] الفصل 127 من ظ.ل.ع .
[72] الفقرة الاولى من المادة 133 من القانون 08 31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك .
[73] الفقرة الثانية من المادة 133 من القانون 08 31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك .
[74] تنص المادة 134 من القانون 08 31 على انه :”لايمكن ان يتحمل المقترض اي تعويض او اي كلفة غير تلك المنصوص عليها في المادتين 132 و 133 في حالتي التسديد المبكر او التوقف عن الاداء المشار اليهما في المادتين المذكورتين “.
[75] الفقرة الثانية من المادة 133 من القانون 08 31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك .
[76] محمد صادق ،مرجع سابق ،ص 98 .
[77] الفقرة الاولى من المادة 149 من القانون 08 31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك .
[78] تعتبر الحماية الاجرائية للمستهلك المقترض اخر حلقة في سلسلة الحماية التي بدأناها أولا بتحديد مفهوم المستهلك المقترض مرورا بجملة القواعد الموضوعية التي عرضنا إليها بالتفصيل سواء أثناء تكوين عقد القرض أو عند تنفيذه. ذلك أن خصوصية القواعد الموضوعية في مجال حماية المستهلك المقترض تستدعي بداهة سن قواعد خاصة لفض النزاعات التي يطرحها تطبيق القواعد الخاصة السابقة والتي تفرزها عقود الاستهلاك.
[79] محمد لفروجي، “ا لتاجر وقانون التجارة بالمغرب”، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الاولى، 1997، ص 368.
[80][80] يجب التمييز بين العمل المختلط والاستعمال المختلط، فالأول يتعلق بالعمل الذي يكون تجاريا بالنسبة لطرف ومدنيا بالنسبة لطرف اخر، وفي حين أن الثاني يفترض استعمال نفس الشيء لغرض مهني ، وليس بالضرورة أن يكون تجاريا، ولغرض ذاتي في الوقت نفسه، مثل الطبيب الذي يبرم عقد قرض لشراء سيارة يستعملها في تنقلاته المهنية، ولتحقيق اغراضه الخاصة.
فشراء السيارة لا يعد عملا تجاريا ما دام ان الطبيب يمارس مهنة حرة، وفي هذه الحالة يثار التساؤل التالي: هل يمكن للطبيب أن يستفيد من حماية القواعد القانونية الخاصة بالمستهلك بالنسبة لعقد القرض الذي قام بابرامه لتمويل شراء السيارة؟
يرى الفقه الفرنسي G.PAISTANTبأن هذه الاشكالية تطرح مجموعة من المشاكل بخصوص الحدود الفاصلة ما بين الاعمال المدنية والاعمال التجارية لاسيما في مجال قروض الاستهلاك بحيث يظهر من الصعب بيان اذا كان استعمال الشيء يتم غالبا لممارسة النشاط المهني أو على أنه مخصص لتلبية الحاجيات الخاصة. فاستغراق هذه القواعد للاعمال المختلطة يقتضي لزوما خضوعها للنظام القانوني المخصص للعلاقة بين المهني والمستهل.
لمزيد من المعلومات انظر : منير مهدي، ” مؤترات الاستهلاك في تطبيقات القانون التجاري” مرجع سابق، ص 57.
[81] عبد الرحيم بحار، ” الاجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية”، مطبعة اليت منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والابحاث، العدد 8 ، فبراير 2009 ،ص 299,
اظر المادتين 112 _113 من قانون 08_31 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك:
– تنص المادة 112على أنه:” يراد في مدلول هذا الكتاب:
أ‌- بالمقترض، كل مستهلك يقتني أو يكتب يقتني أو يكتب أو يقدم طلبية بواسطة القروض المشار إليها في المادة 113؛
ب‌- بالمورد الطرف الاخر في نفس العمليات المذكورة.”
– تنص المادة 113 على أنه:” تطبق أحكام هذا الباب على القروض كيفما كانت تسميتها أو تقنيتها والتي تمنح بصورة اعتيادية من فبل أي شخص لأجل تمويل العمليات التالية:
1- فيما يخص العقارات المعدة للسكن أو المعدة لنشاط مهني وللسكن:
أ‌- التي تم اقتناؤها من أجل تملكها أو الانتفاع بها؛
ب‌- الاكتتاب في حصص أو أسهم شركات أو شراؤها إذا كان الغرض منها امتلاك هذه العقارات أو الانتفاع بها؛
ت‌- النفقات المتعلقة ببنائها أو إصلاحها أو تحسينها أو صيانتها.
2- شراء القطع الارضية المخصصة لبناء العقارات المشار إليها في البند 1 أعلاه.”
[83] محمد لفروجي، “التاجر وقانون التجارة بالمغرب ” مرجع سابق، ص 371
[84] انظر الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية ،
[85] انظر المادة 10 من قانون احداث المحاكم التجارية
[86]-يراجع في هذا الشأن القسم السابع من الكتاب الأول من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود المغربي، والمواد من 1315 إلى 1369 من القانون المدني الفرنسي.
[87] -كما ينص على ذلك الفصل 399 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود المغربي.
[88] – كما جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بوجدة بتاريخ 9 مارس 1921 منشور ب :
Recueil de législation et de jurisprudence du Maroc 1923p: 117.
[89] -Cassation Civ-du 12 juillet 1960 –Revue marocaine de droit 1961, p:22-23.
[90]-Cassation Civ-du 20 Avril 1976- Revue de la jurisprudence et des lois n°126 , p:25.
[91] كما جاء في الاجتهاد القضائي المقارن -“على المهني أن يثبت وقوع قوة قاهرة مثلا لاخلاء مسؤوليته، ولا يحق له أن يخترع الإثبات بنفسه (“قرار للغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 2 أبريل 1996 منشور بمجلة Consommationconcurrence Contrats عدد 119 السنة 1996.)، والمقصود بهذه القاعدة، أنه إذا طالب المستهلك بتنفيذ الالتزام الواجب له، فعليه أن يثبت وجوده فقط، ويبقى على عاتق المهني أن يثبت بأنه قام فعلا بتنفيذ ما التزم به، ولقد استقر موقف القضاء الفرنسي على تطبيق هذه القاعدة، بالنسبة للحالة التي يثبت فيها المستهلك المدعي عدم تسلمه للشيء محل العقد(وذلك ما جاء في قرار للغرفة المدنيةبمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 29 مارس 1996 منشور بمجلة Bulletin des arrêts des chambres civiles de la cour de cassation I n° 147)، وأيضا عندما يثبت عدم تنفيذ الالتزام بالإعلام الإجباري(كما نص على ذلك قرار الغرفة المدنيةبمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 25 فبراير 1997 منشور بمجلة
Bulletin des arrêts des chambres civiles de la cour de cassation I n° 356
). أما بخصوص الحالة التي يشتكي فيها المدعي من عيب في تنفيذ العقد، كما لو تسلم المستهلك منتوجا به عيب يعيق استهلاكه، أو أنه لم يحصل على الخدمة حسب الشروط المتفق عليها، فقد ارتأى القضاء الفرنسي أن يلزم المدعي بإثبات ادعاءاته ونظرا لصعوبة تقديم الإثبات من طرف المستهلك طالبت بعض جمعيات المستهلكين الأوروبية بضرورة اعتماد مبدأ الاثبات بالقرائن القانونية، وهذا ما أقرته المفوضية الأوروبية في الاتحاد الأوروبي، حيث نصت على إعفاء المستهلكين من إثبات تاريخ انتهاء صلاحية المنتوج، وفق التوجيهية الصادرة سنة 1985 حول المسؤولية عن المنتجات الفاسدة، وبموجب التوجيهية الصادرة سنة 1999 حول البيع وضمان سلع الاستهلاك نشير إلى أن مقتضيات التوجيهات الأولى تبناها المشرع الفرنسي وأدرجها في المواد من 1-1386 إلى 18-1386 من القانون المدني، في حين أن نصوص التوجيهات الثانية لم يتم اعتمادها إلى حد الآن حسب علمنا.
[91]-بما في ذلك القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 13 مارس 2000، المتعلق بملائمة قانون الإثبات مع تكنولوجيا الاعلام والمتعلق بالتوقيع الالكتروني، منشور بالجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 14 مارس 2000 الصفحة 3968، يمكن الاطلاع عليه في الانترنيت على الموقع الآتي:
http://www.admi.net/jo/2000314/jusx9900020L.html
[92]-بما في ذلك القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 13 مارس 2000، المتعلق بملائمة قانون الإثبات مع تكنولوجيا الاعلام والمتعلق بالتوقيع الالكتروني، منشور بالجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 14 مارس 2000 الصفحة 3968، يمكن الاطلاع عليه في الانترنيت على الموقع الآتي:
http://www.admi.net/jo/2000314/jusx9900020L.html.
[93] -V.CATALA et autres auteur : « l’introduction de la preuve électronique dans le code civile », juris-classeur périodique (semaine juridique),1999.
[94] -القرار صدر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 19 ابريل 1983، منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 30 السنة 1984، ص22.
[95]-حسب نص الفصل 573 من الظهير المنظم لقانون الالتزامات والعقود المغربي.
[96] منير مهدي: ” مظاهر الحماية القانونية للمستهلك” م س ص 304 وما بعدها
[97] انطلاقا من مقتضيات المادة 120 من قانون 03_34 التي تنص على أنه:” يجوز لبنك المغرب بمسعى منه أو بطلب من المنظمات المهنية، أن يحدث أو يدبر كل مصلحة ذات اهتمام مشترك لفائدة الهيئات الخاضعة لهذا القانون أو لفائدة المنشآت أو الادارات.”، قام بنك المغرب بصياغة مجموعة من التوصيات الخاصة بإقامة جهاز الوساطة البنكية، والتي اعتمدتها المجموعة المهنية لبنوك المغرب، حيث تم التوافق والتراضي على المقتضيات التي جاء بها ميثاق الوساطة البنكية. لمزيد من المعلومات انظر :
كارل أ. سيلكو، ” الوساطة في حل النزاعات”، ترجمة علي عبد المنعم، مراجعة فايزة حكيم، الدار الدولية للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الاولى، 1989، ص 89
[98] تتكون لجنة الوساطة البنكية من ممثل لبنك المغرب و خمسة أعضاء مستقلين عن المهنة البنكية يتوفرون على مؤهلات في المجال البنكي وثلاثة أعضاء ينتمون إلى المهن البنكية، ويتم اختيار الاعضاء الثمانية المشار إليهم سابقا من طرف مجلس المجموعة المهنية للبنوك بالمغرب بعد رأي بنك المغرب وينتمي إلى اللجنة أيضا ممثلان عن الجمعية المهنية لشركات التمويل.
[99] انظر المادة 19 من الميثاق البنكي المتعلق بالوساطة البنكية.
[100] تكتسي جمعيات حماية المستهلك أهمية بالغة في الدفاع عن مصالح المستهلكين وحقوقهم وسلامتهم، ولذلك تعتبر الأقدر على التعبير عن حاجاتهم ومتطلباتهم حيث تهدف إلى تمثيل المصالح الفردية أو الجماعية للمستهلكين أمام المؤسسات الإدارية والقضائية والسلطات العمومية والفاعلين في القطاع الخاص، كما تقوم بجمع المعلومات الموضوعية حول المنتوجات والخدمات المعروضة ومعالجتها ونشرها إضافة إلى تثقيف المستهلك وتوعيتهم بأهمية جودة السلع والخدمات ومراقبة مطابقة السّلع للمواصفات.
عرفت الجمعية بموجب الفصل الأول من الظهير الشريف رقم 376-58-1 الصادر في 15 نونبر 1958 المتعلق بحق تأسيس الجمعيات بأنها:” اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم”.
وتسري هذه المقتضيات على كافة الجمعيات، ولذلك أشير إلى التعريف الخاص بجمعيات المستهلكين للقانون النموذجي لحماية المستهلكين بإفريقيا الذي جاء فيه بأنه: “يقصد بجمعية المستهلكين كل مؤسسة مكونة من طرف مستهلكين…، بعيدا عن أي مصالح اقتصادية وتجارية أو سياسية، يكون هدفها ضمان حماية المستهلكين والدفاع عنهم وتوفير إعلامهم وتكوينهم وتمثيلهم واحترام حقوقهم”.
[101] بالرغم من حرص السلطات العمومية على صحة المستهلكين وسلامتهم وإقرارها للعديد من القوانين التي تكرس حقوقهم، وزجرها للممارسات التجارية الخادعة لهم، إلا أن لها مسؤوليات أخرى قد تجعلها تنشغل عن اهتمامات المستهلكين([101])، وعلى العكس تماما، تختص جمعيات المستهلكين حسب المادة 152 من القانون 31.08 بالإعلام والدفاع عن مصالح المستهلكين.
وتكمن أهم أهداف جمعيات حماية المستهلكين في:
وضع برامج تكوين وتعليم المستهلكين.
تلقي شكاوى المستهلكين.
إرشاد المستهلكين إلى القوانين والقواعد التي تحقق مصلحتهم
الحث على إصدار التشريعات اللازمة لحماية المستهلك.
تثقيف المستهلك وتوعيته بأهمية جودة السلع والخدمات والمواصفات ومراقبة مطابقة السّلع للمواصفات.
وتستعمل جمعيات المستهلكين بصفة عامة عدة طرق ووسائل لتحقيق أهدافها المشار إليها، منها على وجه الخصوص إعلام المستهلكين والتقاضي نيابة عنهم.
[102] إلا أن ما يحول دون قيام هذه الجمعيات بدور أكثر فعالية في مجال إعلام المستهلكين هو عامل الأمية الذي يجعل جانبا كبيرا من المواطنين لا يتواصل مع هذه الصحافة( )، فضلا عن ضعف مساهمة الدولة والشركات في التوزيع المجاني لهذه الجرائد الموجهة للمستهلك وبالتالي لاتصل إلى كافة المستهلكين، كما أن ضعف الموارد المالية لهذه الجمعيات يجعلها لا تستطيع ولوج وسائل الإشهار على نطاق واسع كما هو الشأن بالنسبة للمهنيين لأن ذلك يتطلب مصاريف باهظة كما هو معلوم.
لكن بالرغم من هذه الإكراهات، فإن ذلك لا يقلل من أهمية النشاطات العديدة للجمعيات في مجال إعلام وتحسيس المستهلكين. وما يؤكد ذلك أن هذه الجمعيات جعلت من إعلام المستهلكين وتوعيتهم النشاط الرئيسي لها، فقد عملت على تنظيم ندوات حول مواضيع شتى منها سلامة المنتجات الغذائية والتسمم ومخاطر القروض وغيرها كما تشارك في الندوات المنظمة من السلطات العمومية والقطاع الخاص، فضلا عن مساهمتها في البرامج التلفزيونية والإذاعية المتخصصة في شؤون الاستهلاك وحقوق المستهلكين.
والواقع أنه يتعين على الجمعيات إنجاز البرامج التلفزيونية والإذاعية، التي يتم بثها في ساعات معينة يكون فيها الاستماع أو المشاهدة مكثفين، لاسيما وأن هذا النوع من الإعلام سيستقطب جمهورا عريضا مهما. اختلفت مستويات المعرفة لدى المشاهدين أو المستمعين ولكن الملاحظ أن جمعيات المستهلكين لا تستطيع الاستفادة بشكل كافي من خدمات المحطات الإذاعية أو التلفزيونية، لأنها تفتقر إلى الوسائل المادية التي تمكنها من تمويل الإعلانات الخاصة بتوعية المستهلكين وبثها بصورة دائمة ومنتظمة.
ويمكن القول أن قلة الموارد المالية لجمعيات المستهلكين يجعلها تتوقف عن إصدار الجرائد والنشرات المتخصصة في شؤون الاستهلاك بعد صدور أعداد قليلة، كما أن حملاتها التحسيسية غير متسمة بالاستمرارية، مما يعني أن مجال إعلام المستهلكين مازال في حاجة إلى مزيد من التقوية والدعم.
وأمام عدم نجاعة الدور الإعلامي لا يبقى أمام الجمعيات سوى اللجوء إلى القضاء كحل علاجي للمشاكل التي قد تتعرض لها مصالح المستهلكين. لمزيد من المعلومات انظر:
الخلدي نزهة ،”الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية ،عقد البيع نمودجا”،اطروحة لنيل الدكتواه في القانون الخاص ،كلية الحقوق اكدال ،20042005 ، ص 80
[103] وتعد هذه المهمة من أهم الاختصاصات الموكولة للجمعيات في مجال الاستهلاك، ونظرا لخطورتها وآثارها على نشاط المقاولات وصورتها أمام زبنائها، ولوجود خطر استعمال الدفاع عن حقوق GT6المستهلكين كوسيلة للحصول على أهداف أخرى، ومنها الإضرار بمصالح بعض المقاولات، لم يتم منح كافة الجمعيات الحق في التقاضي نيابة عن المستهلكين، حيث يشترط في الجمعيات لتمكينها من هذا الحق أن تكون لها صفة المنفعة العامة. وبتطلب هذه الشروط يتم تفادي المشاكل التي يمكن أن تحصل بسبب عدم نجاح الجمعية في تحقيق أهدافها، الذي قد ينتج عن التصرف غير الصحيح من طرف المسيرين أو يترتب عن توجيه استعمال الحقوق المعترف بها للجمعية بما في ذلك تمثيل المستهلكين والدفاع عن حقوقهم، لتحقيق أغراض شخصية.
[104] ابراهيم المامون، “مساهمات جمعيات حماية المستهلك “، دراسات وابحاث قانونية “،مجلة الحوار المتمدن-العدد: 3983 – 2013 / 2 / 25 – 22:58 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=342632#sthash.J4WCZtyg.dpuf
[105] منير مهدي، ” المظاهر القانونية لحماية المستهلك” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة قانون الاعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، وجدة، 2004_2005 ، ص 352.
[106] المقصود بالمصلحة الجماعية هو الضرر الذي يمس مجموعة من المستهلكين، الناتج عن أفعال متسعة النطاق وبالغة الانتشار فهو ليس بضرر يمس المصلحة العامة ولا بضرر يمس المصلحة الفردية. لمزيد من المعلومات انظر :
محمد الهيني، “اشكالية تمثيل جمعيات المستهلك أمام القضاء” ، مقال منشور في الموقع الالكتروني :
http : // adala .justice.gov.ma /AR/Etudes _ouvrages /études _commercial.aspx
[107] تنشط الجمعيات كثيرا في مجال إعلام المستهلكين وتحسيسهم، وفي المغرب بالخصوص تعطي الجمعيات لهذا المجال أهمية خاصة، وتقوم بعدة أنشطة للوصول إلى هذا الهدف منها إعطاء المستهلكين دروسا في المجال الصحي وشروط سلامة المنتجات الغذائية عبر تنظيم ندوات لتكوينهم وإعلامهم، ونشر عدة بلاغات ومقالات عبر الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية وإحداث صحافة ومواقع إلكترونية.
ومن بين الجرائد المتخصصة في مجال حماية المستهلكين، نجد “مع المستهلك” التي أصدرتها العصبة الوطنية لحماية المستهلك ابتداء من غشت 2000، كما اصدر فرعها بمراكش “أسبوعية المستهلك”، فضلا عن إصدار الجمعية المغربية للاستهلاك لنشرة شهرية بالفرنسية تسمى ” المستهلك المغربي” منذ سنة 1996.
[108] محمد الهيني، “اشكالية تمثيل جمعيات المستهلك أمام القضاء” مرجع سابق، ص 5
[109] وتعتبر هذه الدعوى حديثة العهد، إذ لم تظهر في فرنسا إلا بمقتضى قانون رقم 60_92 الصادر بتاريخ 18 يناير 1992 والمتعلق بتقوية ودعم حماية المستهلك. لمزيد من المعلومات انظر:
سارة أولاد سلامة: ” الحماية القانونية للمستهلك”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني و الاعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، 2007_2008 ، ص 128
[110] نبيل بوحميدي، “العمل الجمعوي في مجال حماية المستهلك”، مجلة الملف، عدد 8 ، ابريل 2006، ص 192

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

بحث قانوني ودراسة حول حماية المستهلك في عقد القرض