الجريمة الارهابية على ضوء قانون العقوبات الجزائري
خطة الموضوع:
المقدمة:
الباب الأول: الجريمة الإرهابية على ضوء قانون العقوبات الجزائري
الفصل الأول: الرؤية القانونية للإرهاب
المبحث الأول: تعريف الجريمة الإرهابية و تحديد عناصرها
المطلب الأول: التعريف
المطلب الثاني: العناصر
المبحث الثاني: علاقة الجريمة الإرهابية بالجريمة المنظمة، طبيعتها و ماهيتها
المطلب الأول: أنماط و أساليب الجريمة الإرهابية
المطلب الثاني: خصائص و مجالات الجريمة المنظمة
الفصل الثاني: الطرق الإجرائية لمتابعة مرتكبي الجرائم الإرهابية
المبحث الأول: المتابعة، التحقيق و المحاكمة
المطلب الأول: المتابعة و التحقيق
المطلب الثاني: المحاكمة
المبحث الثاني: الفرق بين الإجراءات في جرائم القانون العام و جرائم الإرهاب
الباب الثاني: الجريمة الإرهابية على ضوء القانون الدولي
الفصل الأول: تعريف الجريمة الإرهابية بالمفهوم الدولي
المبحث الأول: تعريف الجريمة الإرهابية عبر الاتفاقيات و الفقه الدولي
المطلب الأول: مساهمات الفقه الدولي في التعريف بالإرهاب
المطلب الثاني: مساهمات المنظمات الدولية في التعريف بالإرهاب
المبحث الثاني: دوافع الإرهاب على المستوى الدولي
المطلب الأول: رعاية بعض الدول للإرهاب
المطلب الثاني: وجود بؤر للتوثر و الأوضاع الغير عادلة في مختلف مناطق العالم
الفصل الثاني: السعي الدولي للقضاء على الجريمة الإرهابية
المبحث الأول: المتابعة و التحقيق و المحاكمة
المبحث الثاني: علاقة الجريمة الإرهابية بأمن و سيادة الدولة
الخاتمة
مقدمة:
تقسم الجرائم التي ترتكب ضد الدولة إلى قسمين فالجرائم التي ترتكب ضد الدولة بصفتها شخص من أشخاص القانون الدولي التي تستهدف المساس بكينها و استقلالها و سيادتها و تهديد أراضيها أو التعاون مع أعدائها على غرما يعرف بالخيانة و التجسس، أما الجرائم التي ترتكب ضد الدولة بصفتها سلطة أو حكومة و تستهدف السيطرة عليها أو تعديل علاقات السلطات بطرق غير شرعية أو إثارة العميان المسلح ضد السلطات القائمة و منعها من ممارسة وظائفها و قد أصبح هذا النوع من الجرائم الذي يمس الدولة من داخلها يطلق عليه مصطلح إرهاب أو الجريمة الإرهابية، فالإرهاب يعتبر إحدى الظواهر المعاصرة التي أحدثت تغيرا كبيرا على جميع الأصعدة داخل الدولة، و لعل السبب في ذلك يرجع إلى كونها أصبحت ظاهرة غير محدودة إذ انتشرت إلى باقي دول العالم لكونها لا تتم بشكل تلقائي أو عشوائي إذ تعتمد على التخطيط، و لعل من بين الأسباب التي أدت إلى استفحال هذه الظاهرة عند المطالب العرقية الدينية و الاجتماعية الناشئة عن انهيار الاقتصاديات و كذا الفقر و النمو السكاني المراقب.
لمعرفة نشأة هذه الظاهرة و تطورها يجذر بنا معرفة الأساس التاريخي الذي كان له الدور الفعال في بروزها عبر العصور و المجتمعات.
ففي العهد الروماني نجد جرائم الاعتداء ضد روما أو ضد الملك تعتبر من الكبائر و يعاقب عليها بالإعدام و أطلق القانون الروماني على هذه الجرائم تسمية “جرائم المساس بالعظمة”.
أما في عصر الإقطاع ف(قد ساد صراع بين الملكية الناشئة و بين أمراء الإقطاع إذ ظهرت نظرية السيادة أو جرائم المساس بالعظمة.
و في الثورة الفرنسية التي نظمت العلاقات بين الأفراد و بين الدولة أصبحت بموجبها الدولة شخصا معنويا مستقلا عن الأشخاص الحكام أي كانت صفاتهم و بقيام الحكم الذي أصبح يتغير وفق الأحوال و الظروف ظهر مفهوم الجرائم الماسة بأمن الدولة محل مفهوم الدولة محل مفهوم الجرائم الماسة بالعظمة و كان نتيجة لذلك ظهور التمييز بين الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي و الداخلي. حيث أنتصرت الأولى على الجرائم التي تهدد الدولة نفسها أما الثانية التي تمس أجهزة الدولة أو شكل الحكومة و المؤسسات التابعة لها.
أما في القرن 20 و نتيجة لذيوع و انتشار أفكار و مذاهب اجتماعية و دينية ة اقتصادية استخدم معتنقوها الصنف المدعم بالقوة كوسيلة لتحقيق أغراضهم غير عابئين بما يصيب الضحايا من أضار.
لقد اجتاحت الجريمة الإرهابية الكثير من دول العالم فبرغم من تاريخ وجودها القديم إلا أنها مصطلح حديث فالإرهاب أو الجريمة الإرهابية مصطلح دخيل على الساحة السياسية أكثر منها على الساحة القانونية و تطرح إشكاليات عديدة لتفسير هذه الظاهرة الجديدة و البحث عن معني الجريمة الإرهابية و لماذا وجدت أصلا؟
الباب الأول: الجريمة الإرهابية بالنسبة لقانون العقوبات الجزائري
الفصل الأول: الجريمة الإرهابية من الناحية القانونية
إن الجريمة الإرهابية هي جريمة سياسية أكثر منها قانونية، و سنحاول قد الإمكان أن نعرفها و نتطرق لها من الناحية القانونية حتى لا تكون بصدد دراسة موضوع سياسي. فقد خصص لها المشروع الجزائري القسم الرابع مكرر من قانون العقوبات الجزائري تحت عنوان الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية ضمن المادة 87 مكرر فترة 03 حيث حددت الأعمال الإرهابية كل فعل يستهدف أمن الدولة و الوحدة الوطنية و السلامة الترابية و استقرار المؤسسات و سيرها العادي و ذلك عن طريق بث الرعب في أوساط السكان و الاعتداء المعنوي أو الجسدي على الأشخاص و تعريض حياتهم للخطر، و عرقلة حركة المرور أو حرية التنقل في الطرق و التجمهر
و الاعتداء على رموز الأمة و الجمهورية و نبش القبور، إضافة إلى الاعتداء على وسائل المواصلات و النقل و الاستحواذ عليها من شأنها تعريض سلامة الإنسان أو الحيوان للخطر،
و عرقلة عمل السلطات العمومية و سير المؤسسات أو الاعتداء على حياة أعوانها أو ممتلكاتهم أو عرقلة تطبيق القوانين و التنظيمات.
المبحث الأول: تعريف الجريمة الإرهابية و تحديد عناصرها
المطلب الأول: تعريف الجريمة الإرهابية
مما لا شك فيه أن هناك مشاكل عديدة تنشأ بصدد تعريف مفهوم الإرهاب، و تحديد أبعاده المتعددة، حث تختلف نظرة كل مجتمع من المجتمعات للجريمة الإرهابية و الإرهابيين بناءا عليه يكون هناك حكم نسبي في النظر لتلك الأعمال العنيفة و القائمين عليها.
1- التعريف اللفظي:
يثير لفظ الإرهاب مند الوهلة الأولى معاني الخوف أو التخويف و لفظ “إرهاب” مصدره “رهب” و الذي جاءت مشتقاته في أكثر من موضع في القرآن الكريم باعتباره مصدر البلاغة
و ينبوع البيان كقوله تعالى: [ … إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا] صورة الأنبياء الآية 90.
يتضح المعنى اللغوي لكلمة إرهاب من الفعل “رهب” أي خاف و “رهبة” أيضا بالفتح
و “رهبا” بالضم و رجل “رهبوت” بفتح الهاء أي “مرهوب” و يقال “رهبوت” خير من “رحمون” أي لأن ترهب خير من أن ترحم و “أرهبة” و “إسترهبه” أخافه و “الراهب” المتعبد و مصدره الرهبة و الرهبانية بفتح الراء فيهما و “الترهب” أي التعبد[1]
أول من استعمل إرهاب Terrorisme هو المفكر الفرنسي BERCHORIUS، خلال القرن الرابع عشر ميلادي أثناء ترجمة لكتاب “التاريخ الروماني” بخلاف PRADEL الذي يرى أن لفظ إرهاب استعمل أول مرة في الملتقى الدولي لتوحيد القانون الجنائي ببروكسل 1930 ميلادي و يقصد بالإرهاب كعنف اختلف الفقه في تحديد فترة انطلاق ظاهرة الإرهاب
و ذلك لعدة أسباب أهمها أن العنف قديم قدم الإنسان و لكن يرجع الفقه أول استعمال للعنف من أجل التخويف و بث الرعب في فترة استيلاء “اليعقوبيين” على السلطة في فرنسا[2].
2- التعريف النظري:
بما أن الظاهرة الإجرامية تعتبر من بين الظواهر الاجتماعية، و هي ظواهر مركبة و متعددة الأبعاد يختلط فيه العنصر النفسي، كالعناصر الاجتماعية و المادية و الثقافية و التاريخية و هذه الظواهر تتميز خاصة في جوانبها البسيكولوجية بالغموض، و إذا ما انتقلنا من التجريد و العمومية إلى التخصيص و التجديد، أي إذا ما انتقلنا إلى مفهوم الإرهاب لوجدنا أنفسنا إزاء ملاحظات عدة أهمها:
الملاحظة الأولى: ليس هناك اتفاق واضح و محدد فيما بين المختصين حول مفهوم الإرهاب شأنه في ذلك شأن سائر المفاهيم و العلوم الاجتماعية فما قد يعتبره البعض إرهاب و ينظر إليه البعض الأخر على أنه عمل مشروع[3].
الملاحظة الثانية: قد اخل مفهوم الإرهاب مع عدد من المفاهيم الأخرى القريبة منه معنى،
و من ثم يختلط في أذهان البعض مفهوم الإرهاب مع مفاهيم أخرى، كمفاهيم العنف السياسي، أو الجريمة السياسية أو الجريمة المنظمة.
الملاحظة الثالثة: أن مفهوم الإرهاب قد يثير منأول وهلة حكما فيما ينطوي على الرفض
و انكسار الأعمال الإرهابية، و لكن الأمر قد يتعلق بالبحث الأكاديمي لإحدى الظواهر المؤثرة
و الفعالة في مجريات الأمور، إلا نعير اهتماما للأحكام القيمة التي تقع في نطاق اهتمام فروع أخرى من المعرفة الإنسانية.
الملاحظة الرابعة: إن مفهوم الإرهاب هو مفهوم ديناميكي منظور، و تختلف صوره
و أشكاله، و أنماطه و دوافعه اختلافا زمنيا و مكانيا، فزمانيا يتبين الإرهاب من فترة لأخرى في المكان الواحد، و يتباين في الزمن الواحد من مكان لأخر، أو حضارة دون الأخرى.
3- التعريف بالإرهاب عبر مساهمات المتخصصين في مجال أبحاث الظاهرة:
لا يوجد إجماع فيما بين الباحثين على تعريف واضح للإرهاب فالبعض يعرض تماما عن محاولة التعرض للتعريف بالإرهاب، استنادا إلى غموض التعبير و عدم وضوحه أما البعض الأخر يعرفه عن طريق مزج مجموعة من المفاهيم فقال أحد الباحثين “إني لن أحاول تعريف الإرهاب لأني أعتقد أن مناقشة التعريف لن تحقق تقدما في دراسة المشكلة و التعامل معها”[4].
تعود أول المحاولات العلمية للتعريف بالإرهاب إلى علم 1930 حيث عرف “هارجمان” في مقال له بموسوعة العلوم الاجتماعية الإرهاب بأنه “المنهج أو النظرية الكاملة وراء المنهج الذي بمقتضاه تسعى مجموعة منظمة أو حزب ما للوصول إلى أهدافه المعلنة للعنف بصورة أساسية[5].
المطلب الثاني: عناصر الجريمة الإرهابية
يرى “والتر” أن الإرهاب عملية رهب تتكون من ثلاثة عناصر: فعل العنف، أو التهديد باستخدامه، و رد الفعل الناجم عن أقصى درجات الخوف الذي أصاب الضحايا المحتملة و أخيرا التأثيرات التي تصيب المجتمع بسبب العنف أو التهديد باستخدامه و نتائج الخوف و يمكن أن نستخلص بعد كل ما تقدم أهم عناصر العمل الإرهابي.
1- العنصر المفترض:
يتمثل في وجود مشروع إجرامي بمعنى وجود عزم على ارتكاب جريمة أو جرائم معينة
و يلاحظ أن هذا العزم في حد ذاته باعتباره من مراحل الجريمة لا تتجاوز تفكير الفاعل أي لا يزال أمر غير مؤثم، كما يجوز أن تكون من الجرائم التي تقع على الأفراد فالقصد لهذه الجريمة الإرهابية أن تكون موضوع المشروع الإجرامي، أو المصمم عليها من الفاعل من الجرائم الضارة بأمن الحكومة من جهة الداخل كما قد تكون الجريمة المصمم على ارتكابها مشروعا إجراميا من الأشخاص أي كان عددهم قل أم كثر[6].
2- العنصر المادي:
هو كل استخدام أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجئ إليه الجاني تنفيذ لمشروع إجرامي من هذه العبارة يتبين لنا أنه يشترط في العمل المادي الذي يجوز وصفه بأنه عمل إرهابي الشروط الآتية:
أ- أن يكون سلوكا إيجابيا: فالسلوك الإيجابي وحده دون السلبي هو الذي يمكن أن ينطوي على قدر من القوة أو العنف أو التهديد و القصد أن أعمال القوة هي إصابات مادية التي تقع على الجسم سواء تركت عليه أثر أم لا و إن العنف إنما يعني كل تأثير يقع على السلامة المجنى عليه دون إصابة جسمه مثال إحداث انفعال نفسي به يؤثر على صحته أو يعطل وظائف جسمه.
ب- أن يصبح بذاته سببا منتجا آثار محددة: هو أن يكون الفعل في حد ذاته صالحا في الظروف الطبيعية العادية لإحداث نتيجة من نتائج العمل الإرهابي و لا يشترط أن تتحقق هذه النتيجة بالفعل، إذ يكفي أن يتضمن الفعل أسباب حصول نتيجته و لو لم تحدث بالفعل لسبب خارجي مثلا كإلقاء الرعب بين الأشخاص و تعريض حياتهم للخطر، أو حرياتهم و أمنهم
و إلحاق الضرر بالبيئة كما لو أطلق الجاني ميكروبات في الفضاء قرب حدود الدولة فحملتها الرياح بعيدا عن إقليمها.
كذلك إلحاق الضرر بالمواصلات، و إلحاق الضرر بالمباني و الأموال و الأملاك، و احتلال الأماكن و الاستيلاء عليها كذلك منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو أعمال معاهد العلم، كذلك تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح.
ج- أن يكون العمل فعلا تنفيذيا للجريمة مصمما عليها: معناها انعقاد العزم لدى الفاعل على ارتكاب جريمة ما يعتبر بمثابة الركن المفترض المتطلب وجوده لإمكان وصف عمل بأنه عمل إرهابي، و تنفيذ مشروع إجرامي يتطلب أن يكون من قبيل ما يعتبر بدءا في تنفيذ الجريمة التي كانت محل تصميم على ارتكابها في ذهن الفاعل و يشترط أن يكون مشروعا في الجريمة وفقا لتعريف الشروع في نص المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري و هو ما يعني إذا كان العمل من قبيل الأعمال التحضيرية و لم يخرج به الفاعل لدائرة التنفيذ.
3- الباعث على مفارقة العمل:
إذ تطلب نص المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري أن العمل الذي يقام به يكون من أعمال بدء التنفيذ، و أن العمل الذي يوصف بأنه إرهابي وفقا لمعيار الشروع أن يكون هناك باعث في مفارقة العمل لدى الفاعل Le mobile أو الغاية المبتغي تحقيقها عن طريق ارتكابه و هي واحدة من ثلاث إذا توفرت إحدى هذه العناصر كان العمل إرهابيا خاصة، و إذا كان من صميم رغبة الجاني و انسياق نيته نحو الفعل الإجرامي و نفصل هذه العناصر في الخطوات التالية:
أ- الإخلال بالنظام العام: الأمر المؤكد أن فكرة “النظم العام” يكتنفها الغموض و الإبهام، و أنها استعصت حتى الآن على فقهاء القانون أن يضعوا لها تعريفا جامعا و مانعا و عموما يمكن القول أنه يقصد بالنظام العام « Ordre Public » كل ما يسمى كيان الدولة أو يتعلق بالمصلحة الأساسية لها سواء كانت مصالح سياسية أو مصالح اجتماعية أو مصالح اقتصادية أخلاقية[7].
الإخلال بالنظام العام هو النيل من كيان الدولة أو المساس بمصالحها الأساسية و هو أمر قد يكون متمثلا في نتيجة مادية ملموسة تضر مصلحة هذه المصالح، كما قد يتمثل في أمر معنوي مثل إشاعة الاعتقاد بين مجموعات من الأفراد بعدم شرعية مصلحة من المصالح بما ينشأ خطورة تهددها مثل “بث الاعتقاد لدى فئات الشعب بعدم شرعية العمل في خدمة القوات المسلحة، أو دواوين الحكومة أو في مصانعها التي يؤدي إنتاجها إلى زيادة الإنتاج القومي، و مثل هذه الإشاعات تهدد مصالح الدولة السياسية و الاقتصادية و إحجام البعض عن العمل و أداء الخدمة العسكرية.
ب- تعريض سلامة المجتمع للخطر: سلامة المجتمع تتمثل في الصحة العامة
Salubite Publique و السكينة العامة و يميل الاتجاه في القضاء الإداري إلى عدم قصر معنى سلامة المجتمع على الأشياء ذات المظهر المادي المحسوس مثل إلقاء القاذورات و بث مكبرات الصوت بل أنه يمتد ليشمل أفعال من قبيل عرض المطبوعات التي تصف الجرائم، و الفضائح في الطريق العام.
ج- تعريض أمن المجتمع للخطر: نقصد بالأمن هو الأمن العام و يتعرض المجتمع للخطر بوجود المظاهرات و التجمعات الخطيرة في الطرق العامة أما من الناحية القانونية فإن كل من سلامة المجتمع و أمن المجتمع يعتبر عنصر من عناصر “النظام العام” و حميتها جميعا هو واجب البوليس الإداري.
نستخلص أن قول العمل الإرهابي يعد كل فعل يبدأ بتنفيذ الجريمة، يقترفه الفاعل بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريضه للخطر متى كان من شأن هذا الفعل إثارة الرعب بين الأفراد أو المساس بحقوقهم العامة أو تعريضها للخطر، أو كان من شأنه الإضرار بالبيئة أو بالأموال أو الاعتداء على الأملاك العامة[8]، أو الانتفاع بها، أو إعاقة أداء السلطات العامة، أو دور العبادة أو أعمال معاهد العلم، أو تعطيل تطبيق القانون.
فمن خلال عناصر العمل الإرهابي و الجمع بين هذه الأمور جميعا يسهل تحديد الفاصل الذي يميز العمل الإرهابي عن غيره من الأعمال الأخرى.
المبحث الثاني: علاقة الجريمة الإرهابية بالجريمة المنظمة:
الجريمة المنظمة تتماثل مع الجريمة الإرهابية لأن كل منها بمثابة تعبير عن عنف منظم تقوده جماعات ومنضمات ذات مقدرات وإمكانيات كبيرة تمطط لأعمالها بسرية تامة وتنفذ عمليتها في معظم الأحيان بدقة متناهية.كما تتماثل مع الإرهاب في بعض الأساليب التي تتبعها تلك المنظمات الإجرامية لتحقيق أهدافها حيث عادة ما تعتمد تلك المنظمات على إحداث حالة من الذعر والخوف والرهبة في أوساط المستهدفين لتسهيل تحقيق أهدافها،هذا فضلا عن إمكانية قيام تعاون بين المنظمات الإجرامية والمنظمات الإرهابية، وقد يصل هذا التعاون إلي درجة كبيرة من التنسيق لتحقيق أهداف كل منهما.
إننا نستطيع أن نلمس أوجه التباين بين الجريمة المنظمة والجريمة الإرهابية في العناصر الرئيسية التالية.
1- الأهداف المقصودة والدوافع المحركة للنشاط:
في حين يسعي الإرهابيون إلى تحقيق غايات وأهداف سياسية والدعاية لقضيتهم،ومبادئهم عن طريق الفعل العنيف[9].
تعمل العصابات الإجرامية على تحقيق غايات وأهداف مادية بحثة،ومنافع ومكاسب ذاتية.كما أنه بينما يعمل الإرهابي مجردا من المصلحة الذاتية مدافعا عن مبادئ ومثل وقضايا مقبولة في نظره ومقتنع بها،فإن المجرد عادة ما يعمل لتحقيق منفعة ومصلحة ذاتية دون أن يكون مقتنعا بفكرة ما،أو مبدئي معين وعلى ذلك فالإرهابي يعمل بدافع معنوي يتمثل في قناعية التامة بأنه يعمل من أجل مبدأ أو دعوى أو فكرة مشروعة من وجهة نظره بينما يسعى المجرم إلى إشباع رغباته التي تدفعه دائما إلي ارتكاب المزيد من الجرائم كالاستحواذ على المال، والممتلكات والكسب المادي والميل إلى السطو وارتكاب أعمال العنف وإراقة الدماء.
2- نطاق العمليات:
أضف إلى ذلك الفرق بين الإرهاب والإجرام المنظم يتمثل في مناطق تركز أنشطة كل منهما، فحين تتركز الأنشطة الإرهابية عادة في الحضر، فإن الأنشطة الإجرامية المنظمة لتشمل كل من الحضر والريف على حد سواء، وإن كانت المنظمات الإجرامية تكثر من أنشطتها في المناطق الحضرية أكثر منها المناطق الريفية[10].
3- النتيجة المترتبة عن الفعل:
بالنسبة للفعل الإجرامي فأنه عادة ما يترك تأثير نفسيا له نطاق محدودة، وعادة ما لا يتجاوز نطاق ضحايا عمليات المنظمات التي تمارس الإجرام المنظم بينما يترك الفعل الإرهابي تأثير نفسي ليس له نطاق محدد وعادة ما يتجاوز نطاق الضحايا العمليات الإرهابية ليؤثر في سلوك الضحايا المحتملين الآخرين بهدف تعديل سلوكهم، أو لممارسة الضغوط عليهم للتخلي عن قرار أو موقف ما، أو لإظهار الكيان السياسي القائم، بمظهر العنف والعجز عن القيام بوظيفة الحماية للمجتمع والموطنين مما يضاعف من مكانته ويقلل من هيبته داخليا وخارجيا.
المطلب الأول: أنماط وأساليب الجريمة الإرهابية.
تتعدد أنماط وأساليب الجريمة الإرهابية لتحقيق أهدافها وغاياتها وتتفاوت بتفاوت الأهداف والتنظيمات.
1- أنماط الجريمة الإرهابية:
يمكن التمييز بين الأنماط الرئيسية للإرهاب على النحو التالي:
1-1 المعيار التاريخي:
نميز بين الإرهاب الماضي والإرهاب المعاصر، فالأول يقصد به ذلك الإرهاب الذي شاعت ممارسته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث كان يقوم على حركات فوضوية أساسها هدم ركائز ودعائم الدولة، أما الثاني فهو الإرهاب الذي نعيشه ونعايشه في الوقت الحالي ويشمل معظم الحركات الإرهابية الحديثة في القرن الحالي،وهذا النمط يعود إلى حوالي عشرين أو ثلاثون سنة،ويتميز بالطابع الجماعي أكثر منه الصفة الفردية.
1-2 معيار الفاعلين:
نميز طبقا لهذا المعيار بين الإرهاب الفردي وإرهاب الدولة فالأول يقصد به الإرهاب الذي يرتكب بواسطة أشخاص معنيين سواء عملوا بمفردهم أو في إطار مجموعات منضمة، ويوجه هذا الإرهاب ضد نظام قائم أو ضد دولة معينة أو حتى ضد فكرة الدولة عموما.[11]
البعض يطلق عليه الإرهاب من أسفل والبعض الآخر بالإرهاب الأبيض،أما الثاني فيقصد به ذلك الإرهاب الذي تقوده الدولة من خلال مجموعة الأعمال والسياسات الحكومية التي تستهدف نشر الرعب بين المواطنين-في الداخل- وصولا إلي تأمين خضوعهم لرغبات الحكومة أو الخارج بهدف تحقيق الأهداف التي لا تستطيع الدولة ولا تتمكن من تحقيقها بالوسائل والأساليب المشروعة فيطلق البعض علي هذا النمط أنه إرهاب من أعلى في حين يفضل البعض الآخر تعبير الإرهاب الأحمر ويقوم علي المستوي الداخلي والخارجي.
1-3 معيار النطاق:
علي أساس معيار نطق النشاط الإرهاب المحلي والإرهاب الدولي، يقصد بالأول الإرهاب الذي
تتم ممارسته داخل الدولة وذلك بتوافر الشروط التالية:
– أن ينتمي المشاركون في الأعمال الإرهابية وضحايا إلي جنسية نفس الدولة التي وقع فيها الفعل.
– أن تنحصر نتائج الفعل داخل حدود نفس الدولة.
– أن يتم الإعداد أو التخطيط للعمل الإرهابي في نطاق السياسة القانونية، والإقليمية لتلك الدولة.
– ألا يكون هناك دعم مادي أو معنوي لذلك النشاط الإرهابي من الخارج.
أما الإرهاب الدولي فهو ذلك الإرهاب الذي يأخذ بعدا أو طابعا دوليا وهذا البعد يتمثل في:
– اختلاف جنسيات المشاركين في العمل الإرهابي.
– تباين جنسية الضحية عن جنسية مرتكب الفعل الإرهابي.
– ميدان حدوث الفعل الإرهابي يخضع لسيادة دولة ليست الدولة التي تنتمي إليها مرتكبو الفعل.
– وقوع الفعل ضد وسائل النقل الدولية كالطائرات أو السفن أو مال يقع تحت الحماية الدولية.
– مكان التنفيذ كأن يتم التخطيط في دولة ما في حين يقع الفعل الإرهابي في إقليم دولة أخري.
– وقوع الفعل الإرهابي بتحريض دولة ثالثة ويشن بواسطتها الهجوم، وتتلقي المجموعات الإرهابية مساعدة ودعم مادي أو معنوي خارجي.
– فرا مرتكبي الفعل ولجوئهم إلي دولة أخري بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
1-4 معيار الطبيعة:
نميز بين الإرهاب الثوري والإرهاب الرجعي وبين الانفصالي والانتحاري،فيقصد بالإرهاب الثوري ذلك الذي يسعي مرتكبوه إلي إحداث تغييرات أساسية وجذرية في توزيع السلطة والمكانة في المجتمع ويعلمون علي تغيير النظام الاجتماعي، والسياسي القائم [12] ويقوم علي النظام الرأسمالي.
أما الإرهاب الرجعي هو الذي يرمي إلي الحفاظ علي الأوضاع السياسية.والاجتماعية القائمة في المجتمع مستهدفا بذلك تحقيق أحد هذه الغايات، أو جميعها كالحفاظ علي السيطرة والهيمنة، وإبقاء المجتمع متحررا من التأثير الشيوعي والحفاظ على سيادة القيم الدينية.
أما الإرهاب الانفصالي هو ذلك الإرهابي الذي يستهدف الإخلال بممارسة السيادة من جانب الدولة على إقليم معين بآخرين وتقود هذا الإرهاب عدة منضمات ذات طبيعة عرقية أو قومية تسعي إلي تحقيق الإنفصال عن الدولة، ويمارس هدا الإرهاب علي معظم دول العالم.
أما الإرهاب الانتحاري هو ذلك الذي يضحي من خلاله الفاعل بنفسه ويتميز هذا النمط بالاعتماد الحيوي علي المتفرجات ويكون ضد أهداف حيوية، كمقر السافرات والمطارات والقواعد العسكرية.
ومؤخرا ظهر نوعان من الإرهاب هو الإرهاب الفكري والنفسي فالأول يستهدف محور الفكر القائم وغرس فكر جديدة، وهذا النمط من الإرهاب يطلق عليه اسم الإرهاب اللغوي انطلاقا من أن تكون اللغة أداة من أدوات الرقابة ليس فقط من خلال نوعية القيم التي تنادي بها، ولكن أيضا في شكل الاتصالات المنقولة ونمط الإعلام والآراء التي تبدعها والدعية التي تفرضها [13]ويقدم هذا النوع من الإرهاب برامج دعائية، ندوات التوعية، المطبوعات والمنشورات، والوسائل المسموعة والمرئية.
أما الإرهاب النفسي يعني ممارسة الضغوط على شخص ما من خلال نشر ستارا واقعيا من الأكاذيب والاتهامات بصورة مستمرة حتى تنهار معنويات ويفقد توازنه وعادة ما يعتمد هذا النمط علي حسابات مدروسة بدقة بالغة.
المطلب الأول: أساليب الجريمة الإرهابية:
وتتعدد الأساليب والوسائل التي تلجأ إليها المجموعات الإرهابية لتحقيق أهدافها وغاياتها كما تتطور تلك الأساليب وتختلف باختلاف المكان والزمان باختلاف الإمكانيات والقيادات، وتتفاوت الأهداف والتنظيمات من حيث الحجم والتنظيم والتخطيط والدقة التي قد تتوفر جميعا أو بعض منها، على أنه يمكن القول بوجوده نمط عام مشترك من الأساليب الأساليب الإرهابية يتركز
بصورة أساسية كالآتي:
المطلب الثاني: خصائص ومجلات الجريمة المنظمة.
1- خصائص الجريمة المنظمة:
رغم أعمال عنف التي تتخلل بعض أشكال الجريمة المنظمة كالسطو المسلح والتهديد بالقتل ضد من لا يرفع للطلب إلا أن الجريمة المنظمة تتميز بأغلب الأحيان بالحيلة والإجرام في طريقة تنفيذها وبذلك فإن مصطلح ذلك يوحي بشكل واضح من سماتها الأساسية وهي تنظم في ارتكاب الأفعال الإجرامية، هذا التنظيم المحكم الذي يمكنها من الوصول إلي تحقيق الهدف بأداتي خطورة وأكثر منفعة، وبذلك يمكن أن تحصر خصائص الجريمة المنظمة فيما يلي:
1-1 التخطيط: ويعد أهم العوامل في الجريمة المنظمة، وهو أمر يحتاج إلي مجرمين محترفين ذوي مؤهلات وكفاءات شخصية وخبرة ودراية، تمكنهم من سد جميع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي يمكن أن تؤدي إلي الفشل أو اكتشاف الجريمة قبل أو أثناء أو بعد ارتكابها.
أ- الاحتراق: إن الجريمة المنظمة تكتسي في الغالب الصبغة المالية و تهدف إلى الكسب المادي السريع الذي يكفل تحقيق الربح و هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مجرمين محترفين تمرسوا على مختلف الأساليب التي تحقق الهدف.
ب- التكامل: إن الجريمة المنظمة من الجرائم التي تقوم على الاتصال الوثيق بين مكوناتها
و تتوفر فيها عناصر جد متكاملة بحيث يصبح قطع أي جزء من هذا التكامل يشكل خلال في السيطرة على الجريمة، و مثال ذلك جرائم المخدرات أين يتواجد إثبات وثيق بين حلقات الإنتاج و العبور ثم التوزيع و الاستهلاك.
ج- التنفيذ: يعد هذا الشرط أحد أهم عوامل التنظيم في الجريمة المنظمة، لأن اعتماد أسلوب التعقيد يجد مجالا رحبا لاختيار الأساليب التي يمكن من خلالها الاحتيال على القانون
و تجاوزه، و يمكنون أحد من الشعور و الانتباه إلى أفعالهم، لأن زاوية الأعراف تكون غير واضعة، و التعقيد في الجريمة المنظمة يبرز من خلال ارتباط أشكاله المختلفة في مسار واحد كجرائم الاتجار في المخدرات مع جرائم التزوير.
د- القدرة على التوظيف و الابتزاز: يكون القيام بكل الأعمال الإجرامية بواسطة تسخير الآخرين الذين يتم اختيارهم بذكاء لقاء خدمات أو مصالح و يتم ذلك باستعمال كل الوسائل الممكنة من إخضاع أو الإمساك في مواقف غير شرعية و كذا التوريط في مختلف القضايا ليكون الابتزاز فيها يعد واضحا و مكشوفا.
هـ- المورود في زمن قياسي: من البديهي أن نمو الثروة من التجارة المشروعة غالبا ما يكون متأنيا و على مدى زمني معقول، أما الجريمة المنظمة فإنها تحقق ثروات كبيرة و ضخمة خلال أوقات قياسية، قد تكون في مجازفة واحدة، و منه فإنها تشكل إغراءات كبيرة للأشخاص خاصة منهم الغير مؤهلين للعمل و الكسب المشروع.
و- تعايش المجتمع مع ظاهرة الجريمة المنظمة: عندما تفرض الجريمة وجودها بالمجتمع تصبح أسلوبا و أمرا مألوفا يدعن الناس له و يمنحون رؤوسهم أمام سلطاته و الأكثر خطورة في ميدان الإجرام المنظم أن رؤوسه يتموقعون ضمن الصفوف الاجتماعية الأولى و ينتمون في الغالب إلى الفئات الراقية، كي يظلوا في شأن عن رقابة السلطات الأمنية، و منه تعد هذه الخاصية من أهم الخصائص المميزة للجريمة المنظمة و الأكثر خطورة.
2- مجالات الجريمة المنظمة:
انطلقت أول جريمة إرهابية في الجزائر بمقتل السيد “بوضياف محمد” إذا كان رئيس الجمهورية أنداك في 29 جوان 1992، بعد أن كانت قد استهدفت العمليات الإرهابية في بادئ الأمر رجال الأمن، كما شملت عمليات الاغتيال عدة أجانب يوغسلافيا، فرنسا، روسيا،
و غالبيتهم من المتعاونين و بصورة عامة شملت العمليات الإرهابية تقريبا فئات المجتمع.
هل يمكن القول أن الجريمة المنظمة أصبحت حقيقة في بلادنا؟
لقد عاشت الجزائر في بداية التسعينات مشاكل اقتصادية أدت إلى تقليص كل الهياكل الاقتصادية بعد الاتفاقات التي أبرمتها مع الصندوق النقد الدولي و كانت نتائج هذا التقليص ثقيلة مثل حل الشركات، الطرد و البطالة و ظهور الجريمة المنظمة، و ترتكز هذه الأخيرة على قاعدة الرشوة و تبييض الأموال الذي يعد أساس الجريمة أما هدفها فيبقى دائما خلق قوة موازية للاقتصاد.
تزوير الأوراق النقدية: تعتمد على وسائل جد متطورة (سكانير، صور طبق الأصل)
و اختصت بتزوير أوراق 200دج و 1000دج من طرف جامعيين بريطانيين و في هذا الإطار تم توقيف 106 شخص عبر التراب الوطني و حسب إحصائيات الدرك الوطني فقد تم حجز أوراق نقدية بقيمة 65.000 دج من 1000دج و 466.200دج من نوع 200دج.
المخدرات: عالجت مصالح الدرك الوطني خلال 1998 حوالي 1194 حالة مرتبطة بتناول المخدرات و المتاجرة بها و أوقفت 2983 متورط، كما توصلت إلى أن هناك محاولة لإنتاج المخدرات في الجزائر و بالتحديد في ولاية بشار، البويرة، بجاية، و قدرت كميةالمخدرات المحجوزة بـ 14,1842 كلغ من الكيف المعالج و 525,1 من البنق و 721 من القنب Canabis، و كما ثبت أن العنصر النسوي هو الذي قوم بتوزيعها بنسبة % 2.6 و من جنسيات مغربية و ليبية كما بينت الإحصائيات تورط أفراد من مصالح الأمن.
سرقة السيارات:يعد قطاع السيارات و تزوير أوراقها من النشاطات الكبيرة لدى الجماعات الإجرامية المنظمة.
تزوير الوثائق: و هو نشاط يضر بالاقتصاد الوطني و يتجسد في المخالفات التي تقع في المؤسسات العمومية و الخاصة بحيث تقدم وثائق مزورة للحصول على كمية كبيرة من السلع لبيعها في السوق الموازية.
تزوير الذهب: هذا النشاط يمثل ربحا كبيرا بالنسبة للمحترف، فحسب مصالح الدرك الوطني هناك شبكة تنشط بالعاصمة تقوم بذلك و هذا ما يعني وجود ملايين الدينارات خارج قنوات و حسابات البنوك و هي بالتالي غير قانونية.
تهريب السجائر: يجلب سوق التبغ و السجائر للخزينة العمومية عائدات هامة بعد البترول من خلال الضرائب الغير مباشرة على السلع، لهذا فإن عدم استقراره قد يسبب خسائر فادحة للاقتصاد الوطني.
و في هذا الإطار حددت قيمة السجائر المهربة ب 20 مليون دولار عن طريق الحدود المغربية و الجهات الشرقية و هذا ما يسبب خسارة للخزينة ب 114 مليار سنتم
و هذا في سنة 1998.
تهريب السلاح: عرفت عملية تهريب السلاح ارتفاعا في السنوات الأخيرة حيث عالجت مصالح الدرك الوطني 28 حالة و أوقفت 35 شخص، و استرجعت 15 قطعة
و هناك عدد كبير من الأسلحة ما تزال متداونة في بلادنا فنصت المادة 176 من قانون العقوبات الجزائري بقولها: “كل جمعية أو اتفاق مهما كانت مدته و عدد أعضائه تشكل
و تألف بغرض الإعداد للجنايات أو ارتكابها ضد أشخاص أو أملاك…” و تعاقب المادة 177 من نفس القانون من 05 إلى 10 سنوات سجن كل شخص يشترك في الجمعية
و تشدد من 10 إلى 20 سنة لمنظمي الجمعية أو الاتفاق.
تعد الجريمة المنظمة من أخطر الجرائم و أعقدها كونها مرتبطة ارتباطا جذريا و له علاقة مباشرة مع مؤسسات الدولة و هذا يرجع لتنظيمها المحكم و المنسجم الذي يأخذ شكل الهرم التي تعتمده كل مؤسسة سياسية مثل مؤسسات الدولة.
يمكن القول أن الجريمة المنظمة هي دولة داخل دولة، بما أن نشاطها يبرز في المجالات الاقتصادية و المالية و حتى على صعيد المضاربة التي تساعد هذه التنظيمات على تبييض الأموال.
ربما التسائل الذي بقي يطرح في العشرية الأخيرة و الذي أخذ قسطا وافر من المعالجة المتعلقة بالجريمة المنظمة عندنا بالجزائر و هو لماذا كلما تطرقنا للجريمة المنظمة إلى
و اصطدم الاختصاصيون و المعنيون بهذا الملف بغياب كل أثر أو دليل يؤكد هذا النوع من “ايدولوجية الموت” رغم ما تؤكده الحقائق الجديدة على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي الذي أبرز للسطح شرائح جديدة التي كانت تعرف في الثمانينات بالنوموكلانورة Nomoklanora
و التي تحولت اليوم إلى مافيا حقيقية.
عصابات تخصصت في كل العمليات الإجرامية التي تطفي عليها طابع الجريمة المنظمة مثل تبييض الأموال و التهريب و المتاجرة بالأطنان من المخدرات …إلخ.
فالجريمة مرتبطة بشكل جلي مع طبيعة العلاقة الموجودة بين المؤسسات المكونة للدولة
و سلوكاتها لبيروقراطية التي استفحلت فيها الرشوة و الفساد مما أدى إلى خلق جماعات إجرامية.
الجريمة المنظمة والخوصصة المبهمة: الجرائم لم تتطور حيث توجد هناك اختلافات
و اهتزازات على مستوى السلطة و المؤسسات السياسية فمثلا التجربة الجديدة و هي اقتصاد السوق ساعدت كثيرا من المافيا و العصابات على أعمالها المذكورة أعلاه إذ أن هذه التجربة إلى جانب قانون الخوصصة التي بقي مبهما خاصة التسوية التامة في مجال شراء السندات و الأسهم
و كيفية اقتنائها.
فالفراغ القانوني هو الذي جعل من أسياد الجريمة المنظمة يتحكمون في آليات النسيج المادي و النقدي فهي عبارة عن نسق هرم محكم و منسجم له امتدادات سياسية على مستوى السلطة أساسها الرشوة و تبييض الأموال. تطرق السيد “كبيل” الذي يشغل حاليا منصب مدير البحوث بالمركز الوطني الفرنسي للدراسات و البحوث الدولية و أستاذ بمعهد العلوم السياسية بباريس للقاسم المشترك في الحركات الإسلامية التي شهدتها البلدان “الجزائر، مصر، تركيا، إيران …”.
الانفجار السكاني و الهجرة الريفية و انعكاسها على الأوضاع السياسية و الاجتماعية
و الاقتصادية للسكان الذين يجدون في الخطاب الإسلامي الراديكالي صدى لمطالبهم.
إن الأزمة الجزائرية ترتبط بأبعادها الروحية و الأخلاقية بأزمة العالم العربي و هذا ينعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية كما طغى التأله الفرعوني و ساد الاستكبار و البغي و عطلت القاعدة الأخلاقية الذهنية.
يرى الأستاذ يوسف القرضاوي بقوله: “إن أزمتنا الكبرى في جوهرها أزمة روحية أخلاقية، أزمة إيمان و أخلاق و ليس من الغفلة و السذاجة حيث تحدد أن أزمتنا في عدد من جوانبها
و أبعداها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الإدارية و التكنولوجية”.
إن أبرز المحطات الجزائرية حسب الشيخ القرضاوي هما بين (1971 – 1998) هو ما آلت إليه خزينة الدولة من خسارة و قد عبر عنها الرئيس الراحل “هواري بومدين” في خطابه الشهير “كل من يخلط العسل لا بد أن يلحس أصابعه” ثم تراجع الاقتصاد الجزائري و لا حث إثر ذلك الأزمة الاقتصادية و ظهور البطالة …الخ.
و لقد أكد مدير التحقيقات لمكافحة المافيا بإيطاليا “كارتو ألفريدو” عند إلحاقه لمحاضرة في المدرسة العليا للشرطة عند زيارته الجزائر في 01 مارس 2000 و ذلك تلبية لدعوة التي وجهها له المدير العام للأمن الوطني و قد كانت التجربة الإيطالية في محاربة الجريمة المنظمة محور هذه المحاضرة التي أكد من خلالها أن المال يعد المحرض الرئيسي لنشاط أي تنظيم إجرامي فهو لا يستبعد أن يكون الدافع إلى نشاط الجماعات الإرهابية بالجزائر هو المال الوفير الأمر الذي يجعل السلطات الجزائرية مجبرة على التحرك في هذا السياق و أضاف المحاضر أن الجزائر تتوفر حاليا على طرق أمنية محترفة و مدربة في المدن الكبرى و هي قادرة على مواجهة الأزمة مع مرور الوقت.
و عند حديثه عن المافيا بإيطاليا تطرق العميد أولا إلى أهم الإنجازات التي حققتها الإدارة التي يشرف عليها مند سنة 1992 و المتمثلة أساسا في اعتقال 5836 عنصرا نشطا في هذا التنظيم الإجرامي و حجز 500 مليون دولار قيمة الصفقات و المشاريع التي أنجزتها المافيا داخل و خارج إيطاليا إلى جانب القبض على قاتل “فالكوني” و لقد إيطاليا إلى تعديلات في النظام التشريعي و القانوني يسهل من مهمة رجال الأمن في تتيع نشاط أعضاء الجريمة المنظمة و قد أكد في الأخير إلى الوصول إلى هذا المستوى من التقدم في محاربة الجريمة إلى دراسة الظاهرة و أسباب توغلها في المجتمع الإيطالي مشيرا إلى أنه تم إعداد حوالي 1600 دراسة تحليلية اعتمد عليها المكلفون بمحاربة الجريمة للتوصل إلى معرفة التنظيم الهيكلي الذي تتميز به كل عصابة عن أخرى.
الفصل الثاني:
الطرق الإجرائية لمتابعة مرتكبي الجرائم الإرهابية:
عندما ترتكب جريمة إرهابية فهي تسبب أضرارا عامة للمجتمع كونه يمس المصالح المحلية قانونا منها مما يستوجب و يبيح للسلطات العامة في إمكانية تدخلها لتوقيع العقوبة و ردع مرتكب الجريمة حماية للمجتمع من هذه الجرائم، و مرتكبها الذي سبب ضرر عام و خاص،
و لذلك تخول السلطة تحريك دعوة عمومية أو دعوة جنائية لذلك تمر الإجراءات الجزائية التي تتبع في سير الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم بثلاث مراحل التحقيق الأولي و يقوم به ضابط الشرطة القضائية، و التحقيق الابتدائي يقوم به كل من وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق،
و التحقيق النهائي هو مرحلة المحاكمة.
المبحث الأول: المتابعة التحقيق والمحاكمة:
المطلب الأول: المتابعة و التحقيق:
1- المتابعة:
عند القيام بجريمة إرهابية نكون أمام جريمة بمعناها كسائر الجرائم الأخرى فيقوم بمهمة البحث و التحري فيها ضابط الشرطة القضائية و الأعوان و الموظفون الذين أظهرهم قانون الإجراءات الجزائية في المواد 12، 14، 15، 16، 19، 20 من ذات القانون و هم رؤوس المجالس الشعبية البلدية، ضباط الدرك الوطني، الشرطة و محافظيها و مفتشيها و صف ضباط الأمن العسكري و يعهد هؤلاء بمساعدة أعوان كل جهاز و الذين ليس لهم صفة الضبط القضائي حسب المادة 10 كما يوجد ضبطية قضائية يختص بها موظفون في أماكنهم عينتهم المواد 21، 22 من قانون الإجراءات الجزائية.
فكل الذين ذكروا سالفا لهم مهمة جمع المعلومات و التحري و البحث عن الإرهابيين كباقي المجرمين الآخرين دون فرق و يثبتون ذلك في محاضر و يكون هذا التحقيق سري للغاية
و علني للأطراف، كما جاء في المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية.
و في مجال الجرائم الموصوفة بأنها أفعال إرهابية أو تخريبية يمتد اختصاص ضباط الشرطة القضائية إلى كامل التراب الوطني في حالة البحث و المعاينة.
و في بعض الأحيان أوامر القبض على زعماء حركات المؤامرة و التقتيل و التخريب
و الأعمال التي توصف بأعمال إرهابية تستخدم الشرطة القضائية وسائل البحث عنهم
و إحضارهم بصفة الحياة أو الموت، و هذا مخالف لحالات القبض في الطرق العادية.
كما يجوز لأي والي في حالة وقع جريمة إرهابية بإخطار السلطة القضائية بنفسه لاتخاذ جميع الإجراءات لإثبات الجناية، أو يكلف ضباط الشرطة القضائية المختصين بذلك حسب المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية و على القاضي أن يقوم بالتبليغ خلال 48 ساعة التالية لبدأ هذه الإجراءات و يتخلى عنها للسلطة القضائية بإرسال الأوراق إلى وكيل الجمهورية.
و يمكن إجمال مهام ضباط الشرطة القضائية في:
البحث و التحري: و يقصد به اتخاذ موقف إيجابي للكشف عن الجرائم التي ارتكبت حتى
و لو لم تبلغ السلطات المختصة بها خاصة إذا كان الطرف ليس فردا واحد بل كافة المجتمع.
جمع الأدلة: اتخاذ الإجراءات الغرض منها التأكد من وقوع الجريمة و يكون جمع الأدلة بالبحث عن الأشخاص الذين شاهدوا الجريمة و التحري عن الجاني و الشركاء و ذلك بالانتقال إلى مكان الجريمة و ضبط الأشياء المستعملة و تحرير محضر الاستدلالات و يسمى بمحضر التحقيق الأولي موقع عليه من طرف مأمور الضبط القضائي متضمنا الأعمال التي قام بها، و تاريخها
و مكانها و يرسل فورا إلى وكيل الجمهورية تلقي التبليغات بشأن الجريمة التي وقعت و تحرير محضر لإعلام و إخطار وكيل الجمهورية فورا.
بالنسبة لأجال التحقيق لضابط الشرطة القضائية احتجاز الشخص 48 ساعة و لكنفي الضرورة الاستثنائية الخاصة للجنايات و الجنح المرتكبة ضد أمن الدولة يجوز تمديدها دون أن تتجاوز 12 يوما إذا تعلق الأمر بالجرائم الموصوفة بالأعمال الإرهابية أو التخريبية و تطبيق جميع الأحكام المنصوص عليها في المادتين 51، 52 من قانون الإجراءات الجزائية.
2- التحقيق:
هو ثاني مرحلة قضائية يعتمد على كل الأوامر و القرارات و هي جمع الأدلة و ملاحقة مرتكب الفعل و الهيئات التي تقوم بها الإجراءات هم رجال القضاء منهم وكيل الجمهورية
و قاضي التحقيق، و التحقيق الابتدائي و جوبي حسب المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية.
لا يقوم قاضي التحقيق بإجراء أي تحقيق إلى بطلب من وكيل الجمهورية حتى و لو تعلق الأمر بجناية أو جنحة المادة 67 من قانون الإجراءات الجزائية.
يجوز له الانتقال إلى عين المكان أي مكان الجريمة لإجراء المعاينة أو القيام بالتفتيش المادة 79 من قانون الإجراءات الجزائية إذ يجوز أن يخالف الأوقات المنصوص عليها في المواد من 45 إلى 47 الخاصة بالتفتيش و ذلك أثناء وقوع عمل إرهابي مثال يقوم بتفتيش مسكن المتهم في غير الساعة المحددة في المادة 47 شرط أن يباشر التفتيش بنفسه و أن يكون مصحوبا بوكيل الجمهورية المادة 82 و اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان احترام كتمان السر المهني و حقوق الدفاع.
كما يقوم قاضي التحقيق بالاستجواب و المواجهة.
إذا كان المتهم هاربا يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بالقبض عليه بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية أن ينفذ هذا الأمر و ينفذ بالأوضاع المنصوص عليها في الحالات الاستعجال.
كما لوكيل الجمهورية سلطة تحقيق استثنائية، الحق في التحري و جمع المعلومات و القيام بالإدارة ومهمة الضبطية القضائية بصفته ممثلا للدولة و في حالة الجرائم الإرهابية، الدولة هي المتضررة و لكن له إصدار أمر بالإخطار أو القبض و له حق الاستجواب و الحبس الاحتياطي كما لا ننسى دوره في الإبداء الطلبات و المباشرة القضائية و الطعن في أوامر قاضي التحقيق أما غرفة الاتهام حسب مصلحة الأمة لو اصدرا مثلا قاضي التحقيق أما بالإفراج المؤقت كذلك يقوم في هذه الحالة وكيل الجمهورية بتكييف القضية و إبراز المتهمين فيها و إثبات التهمة عليهم كسلطة الاتهام و يرى تقديمها من عدمها لأن القضية غير المستوفاة يحكم عليها بالحفاظ كانعدام الباعث على مقارنة العمل الإرهابي حتى تبني أسباب الجريمة الإرهابية أو مشاركة مجنون في عملية إرهابية أو قتله لمسؤول حكومي فهنا تمنع المسؤولية و تحفظ الدعوى العمومية قانونا.
[1] – محمد بن أبي الرازي. مختار الصحاح. مكتبة لبنان. 1988. ص 109.
[2] – J. PRADEL. Les infractions du terrorisme. D 1987. P 39.S/05
[3] – J. PRADEL. Les infractions du terrorisme. D 1987. P 39.S/05
[4] – د. أحمد جلال عز الدين. الإرهاب و العنف السياسي. دار الفكر العربي. القاهرة. 1986. ص 25.
[5] – د. مطيع مختار. محاولة تحديد مفهوم الإرهاب و ممارسته من خلال النموذج الأمريكي. مجلة الوحدة من 63.
[6] – د. محمد محمود سعيد. جرائم الإرهاب. جامعو حلب سابقا. الطبعة 1995. ص 18.
[7] – د. عبد الناصر حريز. الإرهاب السياسي. القاهرة. دار الفكر العربي الطبعة 96.
[8] – اختصت الأملاك العامة بالنص عليها في خروجها عن معنى “المال” نتيجة خروجها من دائرة التعامل و اكتفى بذكر القانون لإشتمال معناه العام على الدستور “أبي القوانين” و اللوائح على جانب القانون.
[9] – د. يسير أنور علي ود- المرجع السابق. ص308.
[10] – leonard b. weinberg and. Paul.b. david. Op. cit. p7.
[11]- د. خضرة الدهراوي- انتشار الإرهاب الدولي- مجلة السياسية الدولية- جوسسة- 1984 ص143.
[12] – د. محمد تاج الدين الحسيني (مساهمة في فهم الإرهاب الدولي)مجلة الدولة الوحدة أبريل 1990.
[13] – فليب برنو وآخرين- المجتمع والعنف- المؤسسة الجتمعية للدراسات والنشر- دمشق- الطبعة الثالثة-1985.
أما بالنسبة للأعمال الماسة بأمن الدولة كالتقتيل و التخريب تنعدم الزيارات و بعض الحقوق نظرا لجسامة العمل، كما قد يكون هناك إفراج مؤقت نظرا للمساس بمصلحة الأمن الكل يتفق على الردع و عدم التناقض و كذلك قد توافق التحقيق لدى مصالح الأمن و النيابة العامة
و وسائل مسخرة للقبض على الجناة كإلصاق صور الإرهابيين على الجدران و ذلك تأكيدا على الأمر بالقبض من طرف قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية.
المطلب الثاني: المحاكمة:
بعد إتمام إجراءات التحقيق و التحري و إثبات الوقائع على مستوى جهات التحقيق و تعهد الجرائم الإرهابية إلى جهات قضائية مختصة أو إنسانية لأنه لا يجب التغافل عن مضمون الجريمة المراد الفصل فيها كفعل شاذ وصل إلى أعلى درجات الخطورة مساسا بالنظام العام و القومي أكثر من أي جريمة قتل أو سرقة لأنها استهدفت الدولة و هذه الأخيرة هي الشعب في حد ذاته.
لقد جاء المرسوم 92/03 في بادئ الأمر لمكافحة ظاهرة الإرهاب متضمن العديد من الأحكام الجزائية ثم جاء بعده المرسوم المتمم و المعدل و هو المرسوم رقم 93/05 المؤرخ في 27 شوال عام 1993 و جاء هذا المرسوم بطبيعته مزدوجة فهو من جهة قوانين نظرا للقوة التي تحوزها و الميادين التي تنظمها و من جهة أخرى هي أعمال ذات صبغة إدارية لأنها تصدر عن سلطة تنفيذية و التي هي مختصة أصلا بالنظر في هذا المجال حيث تأتي المراسيم التشريعية في المرتبة الثانية بعد القوانين.
مند بداية التسعينات تشكلت جماعات من الأشرار كانت تستهدف أمن و مصالح الدولة فكانت معظم أعمالها تقتصر على اغتيال كل فرد له صلة مع الدولة أو طرف أمن فيها، كرجال الشرطة، الدرك الوطني، الصحافيين، وضع القنابل في أماكن تستهدف السلك الأمني إلى أن وصلت اليد الإجرامية إلى الفئات المدنية كالأطفال و النساء و الشيوخ و يمكن حصر هذا في الشعب بكامله مهما كان جنسه أو مركزه و هذا ما أدى إلى تشكيل محاكم خاصة.
و لكن بعد تفاقم الظاهرة الإرهابية و أصبحت من الأفراد منظمات الإرهابية و كتائب
و زعماء صدر أمر رقم 95/10 المؤرخ في 25 رمضان 1415 هجري الموافق ل 25 فبراير 1995 يعدل و يتمم الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 و المتضمن قانون العقوبات اوضيف فيه قسم رابع مكرر بعنوان الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية المواد المعاقب عليها.
الجهة المختصة في للفصل في الأفعال الإرهابية أو التخريبية محكمة الجنايات حسب المادة 284 من قانون الإجراءات الجزائية التي تعتبر محكمة الجنايات الجهة القضائية المختصة بالفصل في الأفعال الموصوفة بالجنايات و كذلك الجنح و المخالفات المرتبطة بها و الجرائم الموصوفة في الأفعال الإرهابية أو التخريبية المحالة إليها في بفرار نهائي من غرفة الاتهام.
بعد أن عرفت المادة 87 مكرر الأعمال الموصوفة بأنه إرهابية و التكيف القانوني لها نجد العقاب و الجزء الموقع على هذه الجرائم كل واحدة حسب درجة خطورتها كما يلي:
الإعدام: و تكون العقوبة بالإعدام عندما تكون الجريمة المنصوص عليها في المادة 90 في قانون العقوبات الجزائري و يعاقب بالإعدام مرتكب الأفعال التي تتعلق بالمواد المتفجرة و أية مادة تدخل في تركيبها أو صناعتها كالأسلحة و القنابل.
كذلك يعاقب بالإعدام الأشخاص الذين يقومون بإدارة أو تنظيم حركة تمرد أو من يزودونها أو يمدونها عمدا أو عن علم بالأسلحة أو الدخائر و أدوات الجرائم أو يرسلون إليها مؤنا أو يرجون مخابرات بأية طريقة كانت مع مديري أو قواد الحركة.
السجن المؤبد:
يعاقب بالسجن المؤبد كل من ينشئ أو يؤسس أو ينظم أو يبدي رأيه لجهة أو تنظم أو جماعة أو منظمة تكون أغراضها وأنشطتها تقع تحت طائلة أحكام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات.
وتكون العقوبة السجن المؤبد عند انخراط كل جزائري في منظمة إرهابية أو تخريبية أو أجنبية الغرض من ورائها الإضرار بمصالح الجزائر المادة 87 مكرر 06 الفقرة 02.
ويعاقب بالسجن المؤبد كل من قام بجناية المساهمة في حركات التمرد وهي بإقامة عرقلة القوات العمومية أو الحيلولة دون مباشرة أعمالها أو المساعدة على إقامتها ومنع ممارسة نشاطها بالعنف أو التهديد وتسهيل تجمع المتردين و المساعدة على الدعوة بأي وسائل كانت واغتصاب المنشآت العمومية أو المنازل المسكونة بغرض مقاومة أو مهاجمة القوة العمومية المادة 88 من قانون العقوبات وكذلك السجن المؤبد للمالك أو المستأجر لتلك المساكن عند سماح للمتمردين بدخولها بغرض استعمال عنف أو مقاومة وهو على علم بأغراضها.
ويكون الإعدام في العقوبات عندما ينص الحكم على السجن المؤبد وعندما تكون العقوبة من 10 إلى 20سنة.
السجن المؤقت:
تكون العقوبة من 10 إلى 20 سنة عندما تكون العقوبة المنصوص عليها في القانون من 05 إلى 10 سنوات.
– يعاقب بالسجن المؤقت كل من ينخرط أو يشارك في جمعيات أو تنظيمات مع معرفة غرضها أو نشاطها.
– فيعاقب بالسجن كذالك كل جزائري ينخرط أو يشارك في جمعيات أو منظمة إرهابية وتخريبية مهما كان شكلها أو تسميتها في الخارج حتى وإن كانت هذه الأفعال غير موجهة ضد الجزائر وغرامة مالية من 10إلي ألف دينار جزائري إلي 500ألف دينار جزائري المادة 87 مكرر06 وتطبق نفس العقوبة و الغرامة المالية على من يحوز أسلحة ممنوعة أو ذخائر يستولي عليها ويتاجر فيها ويستوردها أو يصنعها أو يستعملها دون رخصة المادة 87 مكرر05.
– السجن من05 إلي 10 سنوات: يعاقب بالسجن المؤقت وغرامة مالية من 5آلاف إلي 100ألف دينار جزائري كل من يشيد الأفعال المنصوص عليها في المادة 87 مكرر أو يشجعها أو يمولها بأية كانت المادة 87 مكرر 04.
– وتعين العقوبة والغرامة المالية لكل من يشيد بالأفعال المذكورة في الأعمال الإرهابية ويعيد طبع أو نشر الوثائق أو التسجيلات الخاصة بها عمدا.
– ويعاقب بنفس العقوبة أو الغرامة المالية كل من يبيع أسلحة بيضاء أو يشتريها أو يوزعها أو يستوردها لأغراض مخالفة للقانون وهو علي علم بذلك المادة 87 مكرر7.
عقوبة الشريك في الأعمال الإرهابية: يعاقب الشريك في الجرائم الإرهابية بالسجن المؤقت لا يقل عن10سنوات ولا يتجاوز 20سنة وبغرامة مالية من 3آلاف إلي 30 ألف دينار جزائري باعتباره شريكا في الأعمال التالية:
– تزويد مرتكبي الجرائم الماسة بأمن الدولة بوسائل المعيشة وتهيئة مساكن لهم أو أماكن لإخفائهم وتجمعهم وذلك لأنه على علم ينوياهم وأن لا تكون مكره وإنما برضاه.
– تسهيل الوصول إلي موضوع الجناية و الجنحة وحمل المراسلات إلي مرتكبي الجنايات والجنح وإخفائهم وتوصيلهم بأية طريقة كانت مع علمه بذلك المادة 91 من قانون العقوبات الجزائري.
– يعاقب كل من أخفى أشياء وأدوات استعملت أو كانت تستعمل في ارتكاب الجناية أو الجنحة أو المواد والأشياء المتحصلة من الجنايات والجنح مع علمه بذلك.
– يعاقب كل من يقوم بتوزيع المنشورات والأوراق من شانها الإضرار بالمصلحة الوطنية بالحبس من 06 أشهر إلي 03 سنوات وغرامة مالية قدرها 3600 دينار إلي 36000 دينار جزائري المادة 96 من قانون العقوبات الجزائري.
عقوبة التجمهر:
يعاقب الأشخاص المنخرطين في التجمهر سواء كان مسلحا أو غير مسلح بعقوبات تختلف أنواعها قررتها المادة 97، 98، 99، 100، 101، من قانون العقوبات الجزائري.
وعقوبة التخريب و الأضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل النقل كل فاعل حسب حجم الضرر الذي وقع وحددت العقوبة في المواد 395، 406، 400، 396، من قانون العقوبات الجزائري.
عقوبة الشروع في الجرائم الإرهابية:
الشروع في جريمة ما يعد بمثابة الجريمة نفسها فالمشرع الجزائري لم يعرف الشروع صراحة ولكن بين حالاته وسماه بالمحاولة في المادة 30 بقوله “كل محاولة لارتكاب جناية تبدأ بشروع في التنفيذ أو بأفعال لا لبس فيها تؤدى مباشرة إلى ارتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو يخب أثرها إلا نتيجة ظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى ولو لم يكمن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبيها” وقد نصت المادة علي أن عقوبة الشروع في الجناية هي نفس عقوبة الشريعة أي الجريمة الموصوفة بعمل إرهابي.
الأحكام الخاصة بالقصر:
إذا كانت الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم الموصوفة بالجرائم الإرهابية أو التخريبية هم قصر تتراوح أعمارهم ما بين 16 و18 سنة وارتكبوا تلك الجرائم المشار إليها تكون العقوبة القصوى المستحقة السجن المؤقت لمدة 15 سنة.
المبحث الثاني: الفرق بين الإجراءات في جرائم القانون العام وجرائم الإرهاب:
بعد الدراسة التحليلية للإجراءات الجزائية للجريمة الإرهابية لا نجد أن الإجراءات التي بينها وبين الجريمة العادية ترتكز على شساعة من الفروق إلا في بعض النقاط وهي كالآتي:
تمتاز الإجراءات العادية بالدستور واللين بينما تمتاز الإجراءات غير العادية بعدم الدستورية والشدة وتجاوز بعض الحقوق.
تختص كل طاقات البحت بالأجهزة القضائية المختلفة بالتحري عن المجرم الإرهابي والتحرك التلقائي للبحت يقضي عليها قبل الشروع فيها، أما بالنسبة للمجرم العادي لا تبذل الطاقات الكبير للبحث عنه.
في بعض حالات أوامر الإحضار و القبض علي الإرهابيين تستخدم الشرطة القضائية وسائل للبحث عنهم وإحضارهم أحياءا أو موتي، وهذا ما لا نجده في الحالات العادية كإجراء القبض.
كذلك يتجلى اختلاف في الحالات العادية لحجز شخص 48 ساعة أما في حالات الإستتنائية الخاصة بالجريمة الإرهابية يمكن أن تتجاوز مدة الحجز 12 يوما إذا اقتضت الأمر ذلك.
ويكون إجراء التفتيش خارجا عن الأوقات المحددة قانونا مثلا في الليل في الجرائم الإرهابية عكس ما هو عليه في الجرائم العادية.
وأخيرا تختلف العقوبة حيث تكون العقوبة في الجرائم الإرهابية ضعف العقوبة المنصوص عليها في الجرائم العادية.
الباب الثاني: الجريمة الإرهابية على ضوء القانون الدولي
الإرهاب الداخلي أو المحلي أي الموجه نحو الحكومة أو النظام السياسي القائم ورموزه، سواء كانت تلك الرموز مؤسسات أو شخصيات بارزة في ذلك النظام أو حتى ضد الأفراد العاديين، أو ضد الممتلكات الفردية الخاصة و الذي تقوم به وتنفد تنظيمات أو مجموعات وطنية، ذلك الإرهاب ترجمة القوانين الداخلية بسائر الدول وتعامله الحكومات بقسوة و الردع الملائمين بتحديد وتطبيق النطاق بل والقضاء عليه تماما[1] علي أن يثير المناقشة والحوار حول الإرهاب الدولي، أي ذلك الإرهاب الذي يأخذ طابعا دوليا لسبب أو آخر والدي تنفذه مجموعة إرهابية أو أكثر لتحقيق أهداف سياسية وللتأثير على مواقف حكومات بعض الدول اتجاه قضايا عالمية أو إقليمية معينة.
وهدا الإرهاب يأخذ أشكال متعددة ومتنوعة، منها اختطاف الطائرات و تغيير مسارها بقوة والدي يعبر البعض عنها بالقرصنة الجوية AIR PIRACY كما يأخذ شكل الاعتداء علي مطار البعثات الدبلوماسية و القنصلية وأشخاص دبلوماسيين لدولة ما، فما هو مفهوم الجريمة الإرهابية علي ضوء القانون الدولي.
الفصل الأول: تعريف الجريمة الإرهابية بالمفهوم الدولي:
القواعد القانونية الدولية والمبادئ العامة للقانون الدولي والعمليات الإرهابية وتدينها، ويتجه الفقه الدولي إلي تطبيق الخناق حول العمليات الإرهابية والاتفاق على تدابر ملموسة ورادعة لكافة صور الإرهاب وأشكاله بل والدعوة إلي إقامة محكمة جنائية دولية للنظر في الحوادث الإرهابية وتوقيع العقوبات عليها.
المبحث الأول: تعريف الجريمة الإرهابية عبر الإتفاقيات و الفقه الدولي.
بذل المتخصصون في القانون الدولي العام جهود ملموسة في مجال التعريف بالإرهاب وتحديد طبيعته و توضيح جوانبه وإن كانت هذه المساهمة وحدها تعد غير كافية لتفهم الظاهرة، ونلمس طبيعتها وأبعادها حيث غلب الطابع والنظرة القانونية على معظم ما قدم في هدا الصدد وفيما يلي أبرز وأوضح المساهمات التي يمكن مزجها للإحاطة بمفهومه أو بالأحرى بموضوع الإرهاب وطبيعته.
المطلب الأول: مساهمات الفقه الدولي في التعريف بالإرهاب:
يعرف الدكتور عبد العزيز سرحان” الإرهاب بأنه كل إعداد على الأرواح والممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة لإحكام القانون الدولي بمصادره المختلفة وهو بذلك بمكن النظر إليه على أساس أنه جريمة دولية أساسها مخالفة القانون الدولي… ويعد الفعل إرهابيا وبالتالي جريمة دولية قام به الفرد أو الجماعة أو دولة كما يشمل أيضا أعمال التفرقة العنصرية التي تبشرها بعض الدول.
يري الفقيه “ليمكن LEMK”:” أن الإرهاب يقوم على تخويف الناس بواسطة أنواع العنف”
ينظر الأستاذ “ألوازي ALOISI”:” أن الإرهاب هو بمثابة كل فعل يرمي إلي قلب الأوضاع القانونية والاقتصادية التي تقوم علي أساسها الدولة”
يعرفه”جيفانوفيتش”: ” الإرهاب هو الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بتهديد أي كان و يتمخص عنها الإحساس بالخوف بأية صورة”
يري”سالداني SALDANI :” أن الإرهاب هو منهج لتطويع الجماهير وشل حركة زعمائها بواسطة ال‘كراه السيكولوجي والتهريب الإجرامي”
وينظر إليه” نومي جالول” NOEMI GALOR ” :” أن الإرهاب هو طريقة عنيفة أو أسلوب عنيف للمعارضة السياسية وهو يتكون من العنف و التهديد وقد يتضمن التهديد أو العنف البدني الحقيقي وأيضا بالتهديد أو ممارسة العنف النفسي وقد يمارس الإرهاب ضد الأبرياء أو ضد أهداف لها ارتباط مباشر بالقضية التي يعمل الإرهابيون من أجلها”.
المطلب الثاني: مساهمات المنظمات الدولية في التعريف بالإرهاب:
أخذت المساهمات في هدا الخصوص ما ورد في المادة الأولي والثانية من اتفاقية (جونيف) والتي أبرمت في إطار عصبة الأمم، وكدا الاتفاقية الأوروبية لمنع وقمع الإرهاب، التي أبرمت في إطار المجلس الأوربي.
1- اتفاقية جونيف الخاصة بمنع وقمع الإرهاب لعام 1937:
وجاءت في أعقاب حادث اغتيال المالك” ألكسندر” ملك يوغوسلافيا، ووزير خارجية فرنسا في مدينة مرسيليا عام 1934 ولكنها لم تدخل حيز تنفيذ بسبب عدم تصديق الدول عليها باستثناء الهند، ولكنها كانت الخطوة الأولي علي الأولى على الفريق التعاون الدولي من أجل قمع الإرهاب.
عرفت مادتها الأولى على أن الإرهاب هو الأعمال الإجرامية الموجه ضد الدولة والتي يكون من شأنها إثارة الفزع والرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الناس أو لدى الجمهور وهذا التعريف وصفي.
أما المادة الثانية تحدد مجموع الأفعال التي تعتبر إرهابية:
1. الأفعال العمدية الموجهة ضد حياة
أو ضد السلامة الجسدية أو لحرية الفئات التالية: (رؤساء الدول وخلفائهم بالوراثة أو التعيين أو أزواجهم و الأشخاص المكلفين بوظائف أو مهام عامة عند ممارستهم مهامهم)
2. التخريب والأضرار العمدي للأموال العامة أو المتخصصة للاستعمال العام والمملوك لطرف آخر متعاقد أو تخضع لإشرافه.
3. وضع أو تملك أو الحيازة أو تقديم أسلحة للقيام بالجرائم المذكورة.
4. الإحداث العمدي لخطر عام من شأنه تعريض الحيات الإنسانية للخطر.
2- الاتفاقية الأوروبية لمنع وقمع الإرهاب عام 1977:
مما أدى بالدخول المجلس الأوربي إلي ضرورة التحرك لوضع حد لها، وضمان عدم إفلات مرتكبها وقد أقر المجلس في”ستراسبورغ” هذه الاتفاقية في 27 يناير 1977 التي عرفت الإرهاب بالمعني الحضري فيما يلي:
أ- الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية”لاهاي” 1970 والخاصة بالاستيلاء على الطائرات.
ب- نصوص اتفاقية”منتريال” 1971 والخاصة بقمع الأعمال الموجهة ضد سلامة الطيران المدني.
ج- جرائم استعمال المفرقعات والقنابل والأسلحة الآلية والرسائل المفخخة.
د- الجرائم التي تتضمن الاعتداء على سلامة الجسم والحياة الأشخاص الذين يتمتعون بحماية دولة وجرائم الخطف وأخذ الرهائن.
– إضافة إلى جهود الأمم المتحدة المتمثلة في اللجنة الخاصة بالإرهاب التي تضمنت مختلف وفود الدولة
المبحث الثاني: دوافع الإرهاب على المستوى الدولي:
تتعدد دوافع الإرهاب و مثيراته بتعدد و تنوع المواقف التي ينبثق منها الإرهاب، و تختلف باختلاف الزمان و الأماكن و تعدد أيضا أراء الباحثين في ما يتعلق بدراسة و تحليل دوافع الإرهاب، فيقصد بالدافع على المستوى الدولي مجموعة الأوضاع الدولية التي تشجع على الإرهاب كنظام التقسيم العمل الدولي الراهن و ما يحيله في طياته من ضغوط و مظالم على بعض الدول [2]
و تتمثل هذه المثيرات و الدوافع فيما يلي:
المطلب الأول: رعاية بعض الدول للإرهاب:
ساهمت رعاية و مساندة بل ممارسة بعض الدول للإرهاب في اتساع نطاق الممارسة الإرهابية على المستوى العالمي، حيث لعبت تلك المساندة و هذه الرعاية و ذلك تأبيد دورا كبيرا في نشأة و ظهور العديد من المنضمات الإرهابية التي تنفذ أهداف الدولية و تحقق مصالحها و تأتمر بأوامرها و مثلنا على ذلك أن الصيحة الأولى التي أطلقتها الإدارة الجمهورية الجديدة عام 1981 هو التحدي الذي ورد على لسان “الكسندر هيق” وزير الخارجية الأمريكي آنذاك في شهر الحرب ضد الإرهاب الدولي مند ذلك الحين أصبح كل ما يتعرض مع السياسة الأمريكية يوصف بالإرهابي و تشن ضده الحرب ويطلق عليه نعث “الإرهابية” على الدولة المستقلة التي ترفض الخضوع بمصالحها و ذلك لمدة 30 عاما.
الدليل الجديد على المراكز المختصة بإعداد القتلة و المخربين تعمل في الولايات المتحدة بموافقة السلطات و هو النبأ أعلن عن وجود معسكر لتدريب الإرهابيين مثلا جرى تدريب المتطرفين الذين فجروا في “جزيران” 1984 طائرة هندية فوق المحيط الأطلسي مما أسفر عن مقتل 329 شخص.
إذ نعرض على بعض المفترقات بالسجل الإرهابي الأمريكي: اغتيال “جون كنيدي”
(قتلوا الرئيس و مشوا في جنازته) بعض إخفاق العملية التي كانت تهدف للإطاحة بالرئيس الكوبي “فيدال كسترو” و هذا الرئيس الأمريكي حينها “جون كنيدي” و قال :”سأمزق وكالة المخابرات الأمريكية إربا إربا” و لكنالوكالة كانت أسرع و كانت رصاصة “أوزفالد” التي أطلقها في 22 فبراير 1923 على رأس الرئيس السباقة في حسم الصراع بين لمصلحة الوكالة و تلك ما ورد في مصدر “أنتوني سمورز” في كتاب “من قتل الرئيس كنيدي”.
المطلب الثاني: وجود بؤر للتوتر و الأوضاع الغير عادلة في مختلف مناطق العالم:
1- وجود بؤر للتوتر في مختلف مناطق العالم:
إن وجود مناطق و بؤر للتوتر خاصة في الشرق الأوسط و أمريكا اللاتينية و وجود رواسب استعمارية حتى ومنا هذا يساهم على حد كبير في قيام العديد من الأنشطة الإرهابية التي تمارسها بعض الجماعات سعيا للتخلص من تلك المشاكل وبؤر التوتر و الرغبة في وضع نهاية للمعاناة المرتبطة بها و لا سيما أن الإرهاب أصبح من السبل المسيرة في ذات الوقت و المتاحة أمام جميع مختلف الجماعات و المنظمات.
نشأت عام 1970 م هي إحدى المنظمات الإرهابية الثورية التي تسعى إل تعويض أساس الدولة الإيطالية بنظامها كما تسعى إلى مهاجمة قواعد و مؤسسات حلف الشمال الأطلنطي في إيطاليا فضلا على أنها تعمل على تخليص العمل الإيطاليين من الاستغلال الرأسمالي و من أبرز أنشطتها الإرهابية، اختطاف الجنرال “دوزايير” مساعد قوات حلف الشمال الأطلنطي و اختطاف و قتل السياسي الإيطالي “ألدومورو” في مارس 1978[3].
أ- الجبهة الألمانية للجيش الأحمر:
هي إحدى منظمات اليسار في ألمانيا الغربية بدأت أنشطتها في عام 1968 تسعى كغيرها من المنظمات الإرهابية الثورية إلى مهاجمة مؤسسات الدولة الألمانية و تدمير مقومتها أملا في إزالة النظام القائم لإفساح المجال أمام المد الاشتراكي، مارست هذه المنظمة العديد من الهجمات الإرهابية حيث رصدت حكومة “بون” 331 هجوما إرهابيا للمجموعات الثورية اليسارية خلال 1970[4].
ب- منظمة “إيتا” الانفصالية الاسبانية:
تأسست حركة “إيتا” عام 1952 على يد عدد من طلاب الجامعات بهدف العمل على تحقيق استقلال إقليم الباسك من السيطرة الإسبانية و إنشاء دولة “الباسك القومية” و مند عام 1960 انتهجت هذه المنظمة الكفاح المسلح، قد بدأت عمليتها في مواجهة نظام الجنرال “فرنكو” فقامت بعدد من الاغتيالات لقادة البوليس و الجيش في الباسك و غيره من الأقاليم الإسبانية، كذلك كبار رجال الصناعة و الأعمال الإسبان في عام 1973 قامت هذه المنظمة باغتيال “ألادميرال كاريكرو بلانكو” رئيس الوزراء الإسباني و المقرب إلى “فرانكو” و ذلك في مدريد[5].
و قد توصلت عمليات الإرهاب في مختلف أنحاء العالم بالرغم من اختلاف الأهداف لكل جماعة إرهابية.
– ففي سنة 1972 وقعت حادثة ميونيخ حيث اقتحم كومندوس فلسطيني مقر الوفد الرياضي الإسرائيلي المشارك في الألعاب الأولمبية.
– أكتوبر 1981 اغتيال الرئيس المصري “أنور السادات” في المنصة الشرفية أثناء الاستعراض العسكري السنوي.
05 أفريل 1988 اختطاف الطائرة الكويتية التي تربط بين “بانكوك” و “الكويت الجابرية” و قد سلم الخاطفون أنفسهم للسلطات الجزائرية.
كذلك الجيش السري لتحرير أرمينيا و قد قاد العديد من الأعمال الإرهابية أبرزها عام 1983 و هو هجوم بقنابل على مطار “أورلي” و أضاف إلى ذلك المنظمات الإرهابية الهندية مثل منظمة “السيخ” و المنظمات “السريلانكية” مثل منظمة “نمور تحرير التاميل إيلام” و جميعها تسعى إلى تحقيق الهدف العام لمثل هذا النمط من الإرهاب و هو هدف الانفصال و بلورة الكيان الذاتي المستقل.
ج- خبرة حرب الفيتنام :
أسهمت خبرة حرب الفييتنام في تدعيم حقيقة إمكانية مواجهة القوى الكبرى بعنف غير تقليدي من جانب، و من جانب أخر فإن جانب الفيتكونج قاموا بشن موجات من الاغتيال ضد الممثلين المحليين لنظام “سايقون” و في قرى الفييتنام الجنوبية خلال المراحل الأولى لعملياتهم، تركوا انطباعا قويا في أذهان المراقبين الثوريين في كلل مكان بأن الإرهاب كان ضرورة ملحة لتحقيق الأهداف المنشودة، من ثم قدمت الخبرة الفيتنامية للعديد من الجماعات الثورية الداء الفكري
و النموذج يحتدي به في المقاومة و استخدام سبل غير تقليدية من العنف للوصول إلى النتائج التي تسعى إلى تحقيقها تلك الجماعات.
2- الأوضاع الدولية الغير عادلة:
أشارت دراسة تحليلية أعدتها سكرتارية الأمم المتحدة عن الإرهاب عام 1979 إلا أن هناك العديد من الأسباب الكامنة وراء قيام أو ممارسة الأنشطة الإرهابية فهناك الأسباب السياسية
و الاقتصادية و الاجتماعية.
و تتمثل بصورة أساسية الأسباب السياسية السيطرة الاستعمارية لبعض الدول و كافة صور العنصرية و التمييز العنصري و السياسيات العدوانية و استخدام القوة من جانب بعض الدول
و تدخل في الشؤون الداخلية و الاحتلال الأجنبي، و ممارسة أعمال القمع بهدف السيطرة على بعض الشعوب أو إجبار بعض السكان على التخلي عن أراضيهم عنوة و كرها.
أما عن الأسباب الاقتصادية و الاجتماعية تتمثل في استمرار النظام الاقتصادي الدولي الغير عادل و الغير متوازن و الاستغلال الأجنبي لمقدرات و موارد الشعوب، فضلا عن الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان و الممارسات التعسفية لبعض الأنظمة السياسية لمواجهة شعوب معينة أو طوائف عرقية أو دينية محددة[6].
الفصل الثاني: السعي الدولي للقضاء على الجريمة الإرهابية:
على إثر تنامي القوة البحرية الجزائرية، و بذلك ازدياد تخوف الدول من هذه القوة، عقد مؤتمر “إكسلاشابيل” 1845 هدفه وضع الإطار القانوني بموجب اتفاقية دولية منظمة التعاون
و التنسيق للقضاء على الإرهاب و القرصنة الجزائرية في المتوسط، و أتت هذه المعاهدة بثمارها على إثر مؤتمر “نافرين” و كانت هذه أول صورة للتعاون الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب، و عليه يلتزم المجتمع الدولي بالتعاون حتى يتمكن من القضاء على هذه الظاهرة و لذلك لابد من المساعدة المتبادلة في المجالات الشرطية و المجالات القضائية و تبادل المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع.
المبحث الأول: المتابعة و التحقيق و المحاكمة
المطلب الأول: المتابعة و التحقيق:
1- المتابعة:
يمكن تعريفه على أنه جهاز أمني على أعلى المستويات الدولية يتكون من قوى الأمن
و الشرطة، لكل دولة مهمة تعقب المجرمين و آثارهم حين خروجهم عن الاختصاص القانوني الإقليمي.
المتابعون يكونون محل إجراء قضائي يخص قضاة التحقيق مثلا الطلبات التي تقدم أما اللجنة المتساوية الأعضاء Commission regatoires للبحث عن المجرمين الهاربين أو استدعائهم أمام قضاة محليين أو أوامر القبض و ما شبهها و قد تكون جرائم متابعة جرائم إرهابية.
و قد تجسد دور “إنتربول” كجهاز أمني ضارب في قضايا الإرهاب الناجمة عن أزمة الشرق الأوسط بعض الطلبات المقدمة من طرف الدول المتضررة من جراء العمليات التي كان يقوم بها أعضاء مختلف التنظيمات الفلسطينية خاصة منها حركة فتح الفلسطينية و قد بدل “إنتربول” جهودا منقطعة النظير في ملاحقة و متابعة ما اصطلح تسميته بإرهابي العصر “كارلوس” إلى أن ألقت عليه القبض المخابرات الإسرائيلية و الأمريكية و الفرنسية في الخرطوم سنة 1998 و ذلك عن طريق المساعدة التي تمت في هذا الإطار إضافة إلى أن دور الأنتربول في ملاحة و متابعة شبكات الدعم العالمي و اللوجيستي لمختلف المنضمات العالمية مثال منظمات العمال الكوردستانية التي كان يقودها “أورجلان” إذ استفحل الأمر عن الدولة التركية و لم يجد لها علاجا بالرغم من التنسيق الدولي.
أول بوادر التنسيق الدولي الفعلي للإنتربول دون أن يكون بشكله الحالي بعد الحرب العالمية الثانية، على إثر ملاحقة و محاكمة المجرمين النازيين سنة 1948 و على إثر محاكمة “ليونربيك”
و كان أبرز المحاكمين كمثال عن المستعمر الإرهابي بالدوافع العنصرية وزير المخابرات الألماني « Guring ».
يستحيل على الأنتربول أن يقوم بملاحقة الإرهابيين دون الإمكانيات و المساعدات التي تقدم من طرف أجهزة الأمن و المخابرات للدول، سواء كانت متضررة من الأفعال الإرهابية أو مهددة بهذا الخطر في المستقبل و عليه لا بد من دراسة موضوعية لهذه الظاهرة لكي يتحقق الصالح العام للمجتمع البشري ككل و يتحقق ما يصبو إليه القانون الدولي من تأمين الحياة البشرية على سطح المعمورة، كذلك من دعم لمفاهيم التعاون الدولي.
2- التحقيق:
إضافة إلى ما يعرف عن التحقيق و استنادا لأجهزة الضبطية القضائية، للقيام بمثل هذه المهمة و ذلك ما أخذ به المشرع الجزائري في المادة 15 إلى المادة 21 من قانون الإجراءات الجزائية فإن الجريمة الإرهابية تستند إلى هذا الجهاز.
إذن جهاز الضبطية القضائية التابع للأمن العسكري له مهمة التحقيق و ليس من الغريب أن تسند إليها عمليات البحث و التحري للجرائم الإرهابية، خاصة و أن الأمن العسكري يملك من الوسائل التي تمكنه من التغلغل في أوساط الجماعات و السيطرة على تحركتها و مراقبتها أحسن من أي جهاز أخر مثال: الأجهزة السلكية و اللاسلكية المتطورة و قد يصل الأمر إلى الاستعانة بالأقمار الصناعية للدول المتقدمة حتى تتمكن من مراقبة تحرك الطائرات المدنية أو تحرك الجماعات التي تستعمل في تحركاتها وسائل متطورة كمراقبة الطائرات المدنية التي كان يختطفها الفلسطينيون في السبعينات و تختلف إجراءات البحث والتحري العادية عن إجراءات البحث و التحري التي تقوم بها الضبطية القضائية للأمن العسكري حسب المادة 28 إجراءات جزائية و كذلك المادة 51، 65 من نفس القانون تنص على تعقد الإجراءات و صعوبتها نظرا لخطورة الجرائم المرتكبة و كذلك بتسجيل الطعن فيها مهما كانت.
بعد أن تستكمل جهات التحقيق لدى جهاز الأمن العسكري أو أي مخابرات في العالم التحقيق تحيل القضية إلى قضاة التحقيق التابعين للمحكمة العسكرية عملا بالمبدأ العام القائل بوجوب التحقيق في الجنايات حسب أحكام المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها التحقيق الابتدائي و جوبي في مواد الجنايات.
و بعد الإحالة للمحكمة العسكرية و قد نظمت المحاكم العسكرية الجزائرية المرسوم 70/28 إضافة إلى المحاكم الخاصة التي تنشأ لغرض معين ثم تحل تلقائيا.
المطلب الثاني: المحاكمة:
بعد أن يلقي الأنتربول القبض على المجرمين الإرهابيين المتهمين بجرائم المتهمين بجرائم حرب، و جرائم العنصرية و جرائم التقتيل و الوحشية التي ترتكب إبان الحروب و التي ترتكب ضد أتمن الدولة و الشعوب، يحالون إلى محكمة “لاهاي” مع إتمام الإجراءات القضائية و الأمثلة الواردة على ذلك كجرائم الحرب و جرائم حرب النازية و غير ذلك.
و تخضع لنفس أحكام المحاكمات و المرافعات المحاكم الجنائية المحلية تقريبا لها أحكام غيابية
و أوامر إيداع و أوامر قبض و تحقيقات قضائية، و تتكون محكمة “لاهاي” من 15 قاضيا و يعد الجزائري “محمد بجاوي” قاضيا لها.
المبحث الثاني: علاقة الجريمة الإرهابية بأمن و سيادة الدولة:
إن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هل عندما تتابع و تلاحق دولة بوسائلها القضائية
و التقنية و العسكرية إرهابيين على أراضي دولة أخرى فتكون بمثابة المعتدية على سيادة الدولة المتابع و الملاحق فيها؟
مثال: ملاحقة القوات الجوية الأمريكية إرهابيين بقيادة “أسماة بن لادن” على الأراضي الأفغانية على إثر اتهامه بتفجر سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية بنيروبي و دار السلام 1998.
إنه و مع سيادة مبدأ العولمة لعدة سنوات جعلت دول القوى العظمى من الاتفاقيات الدولية المعالجة لظاهرة الإرهاب حسرا قانونيا تستخدمه لتأديب المنشقين عن عصا طاعتها.
إذ أنه بالنظر إلى مبدأ العولمة فإن العالم أصبح قرية صغيرة تتحكم فيه الدول العظمى اقتصاديا، سياسيا مستخدمة أدوات قانونية لتبرير أفعالها الغير مؤسسة أصلا، إذ أنه مهما كان الحال فإن الموضوعية في الطرح تجعلنا نبدي الرأي التالي:
للدولة المتضررة من الأفعال الإرهابية الحق في المتابعة و الملاحقة بالوسائل العسكرية و التقنية لكن بالقانون الدولي، و لوائح مجلس الأمن و بالمنطق الدولي و كذا التنسيق الرضائي من جانب الدول المساهمة في إعداد خطط الردع و القضاء على كل بذور هذه الظاهرة.
و يمكن أن نذكر بعض الوسائل التي يمكن الوصول بها إلى القضاء على الجريمة الإرهابية
و هي:
– البحث و التحري من خلال المعلومات المستقاة أو الحصول عليها للكشف عن أهمية المنظمات الإجرامية و دراسة العوامل و الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الجريمة.
– ترقية التعاون الدولي و العربي بين المصالح المختصة.
– دراسة استغلال و تجاوب الدول الأخرى التي عرفت هذه الظاهرة و حققت نتائج إيجابية فيها.
– التعاون مع المنظمة العالمية للشرطة الجنائية “أنتربول” و المنظمات الجهوية لمحاربة الجريمة كذلك على التشريعات العربية أن تلحق في تقنياتها العقابية جريمة تبييض الأموال.
– تشديد المراقبة على نقاط العبور خاصة البحرية مع تزويدها بأحدث آلات المراقبة.
فيما يخص دراسة حالة وفقا للنموذج المعد بخصوص قضايا الإرهاب فإننا نضع بين أيديكم إحدى العمليات الناجحة لفرقة قمع الإجراء التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية مستغانم و التي كملت مجهوداتها بالإلقاء القبض على الإرهابي عصماني كمال هذا من جهة و من جهة أخرى سنقوم بتليان كيفية قيام الفرقة باستغلال عناصر لشبكة دعم و استناد كانت تنشط بولاية مستغانم لصالح الجماعات الإرهابية.
I- الإرهابي عصماني كمال:
إن عملية التحقيق مع هذا الأخير أسفرة على الحصول على المعلومات التالية:
فيما يخص الهوية:
عصماني كمال، من مواليد 21 ماي 1964 ببولوغين الجزائر، عصماني كمال، ابن المرحوم محمد و باي محمدي فاطمة، أعزب، قيم بمسجد الرجاء، غير مسبوق قضائيا، المقيم بـ 157 شارع زيار عبد القادر بولوغين الجزائر.
فيما منهج السيرة:
إن أصول الوالد من منطقة القبائل و بالضبط من قرية إلرية أومالو بلدية عزازقة تيزيوزو، و يثطنان معي بـ 157 شارع زيار عبد القادر بولوغين الجزائر، العائلة بسيطة دو دخل محدود تتكون من 11 فرد الوالدين، سبعة أولاد و بنتين، كما أعد الحامس من بين الأولاد، و هم على التوالي: أخي الأكبر يوسف، 39 سنة، أعزب، عامل بمصنع الإسمنت الرايس حميدو، ليس له سوابق عدلية و غير منخرط في أي حزب سياسي أو منظمة، يليه مصطفى، 37 سنة، تاجر، ليس له سوابق عدلية و غير منخرط في أي حزب، بوعلام، 35 سنة، بدون مهنة، غير مسبوق قضائيا، و ليس له أي نشاط سياسي، رشيد، 34 سنة، أعزب، بدون مهنة، ليس له سوابق عدلية، و لا يمارس أي عمل سياسي، رابح، 28 سنة، أعزب، بدون مهنة، ليست له سوابق عدلية، و غير منخرط في أي حزب سياسي، نصيرة، 26 سنة، عزباء، و زينب، 23 سنة، عزباء، كلتهما لا تمارسان أي عمل سياسي.
فيما يخص الدراسة:
التحق بمقاعد الدراسة سنة 1972 في سن السادسة من عمري بالمدرسة الابتدائية الشاطئ ببولوغين، و زاول دراسته إلى غاية السنة الرابعة ابتدائي أين طرد بسبب ضعف مستواه.
فيما يخص الخدمة الوطنية:
أدى واجب الخدمة الوطنية لمدة سنتين من 1984 إلى 1986 بثكنة وارقلة (القوات البرية) برتبة جندي احتياطي.
فيما يخص الحياة المهنية:
بعد إتهاء الخدمة الوطنية باشر العمل عند أحد الخواص في النجارة بحي باب الوادي ثم انتقل إلى نجار أخر بنفس الحي إلى غاية سنة 1990 أين تقدم بطلب لوزارة الشؤون الدينية و تم الرد عليه بالإيجاب حيث تحصل على منصب عمل كقيم بمسجد الرجاء الكائن بشارع زيار عبد القادر ببولوغين الجزائر، و بقي يشتغل به إلى يومنا.
فيما يخص السفر إلى خارج الوطن:
لم يقم بأي سفر خارج التراب الوطني و ليست لديه أي اتصالات مع أناس في الخارج حسب تصريحاته.
فيما يخص الميول السياسي:
كان منخرط في صفوف حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحل بمنطقة بولوغين بصفته كمناضل، كما شارك في كل المسيرات و المظاهرات و التجمعات المرخص لها و الممنوعة.
فيما يخص الأفعال:
لقد صرح هذا الأخير بأن تاريخ انضمامه للجماعة الإرهابية يعود إلى أواخر سنة 1993 حيث لاحظ في تلك الفترة بمسجد الرجاء باعتباره كقيم توافد جماعة من الغرباء على المسجد
و الذين كانوا يقيمون نقاش مغلق مع بن بعزيز عبد الكريم أو خيار عباس أو رابح عبد الكريم.
نظرا لتردد هؤلاء الغرباء على المسجد استطاع عصماني كمال التعرف على اسم شخصين و هم خلفوني إلياس و أخر يدعى يعقوب و كانت هذه الاجتماعات تطول إلى ما بعد صلات العشاء.
في يوم من الأيام و بعد انتهاء صلات العشاء، رافق عصماني كمال أحد الأشخاص المدعو بعزيز إلى الحي و سائله عن سر توافدهم على المسجد و الذي أعلمهم هذا الأخير حسب تصريحاته بأنهم من الأخوة المجاهدون في سبيل إثراء كلمة الله و حيث عرض عليه بالانضمام إليهم الأمر الذي قبل به عصماني كمال عن قناعة و دون تردد.
كانت المهام الموكلة إليه هي رصد و مراقبة دوريات الشرطة عند مدخل المسجد و إخبار الجماعة المتواجدة بداخله خلال الاجتماعات بأي طارئ.
بعد كسبه لثقة الجماعة أصبح عصماني كمال همزة وصل بين كل الجماعات المتوافدة على المسجد حيث يقوم بنقل الأخبار بينهم و أصبح يترك عنده الأسلحة، الذخيرة، أجهزة الاتصال السلكي التي كانت تستعمل في العمليات و التي كان يخبئها في مخابئ هيأها بنفسه داخل المسجد.
حسب تصريحاته فإن الجماعات تعمل تحت لواء الجيش الإسلامي للإنقاذ تحت أوامر المدعو / بن حاحة خالد، العدد المكون لهذه الجماعة حوالي 30 شخص، ز جلهم يقطنون بالشراربة، الكاليتوس، أما مهامهم فتنحصر في جمع المعلومات، تنفيذ عمليات القتل، و سلب الأموال.
أما فيما يخص مكان لقائهم فهم يجتمعون دائما بالمسجد لتخطيط أعمالهم و يتنقلون عن طريق جماعات صغيرة و عن انفراد عند تنقلهم من المسجد و يستعملون سيارات أجرة و سيارة إصلاح لنقل السلاح و الأشخاص عند القيام بالعمليات.
و فيما يخص النشاط المدعو عصماني فإنه و حسب تصريحاته لم يساهم في أي عملية بل قام بتخبئة الأسلحة و الذخيرة، و أجهزة أخرى داخل المسجد، حيث صرح أنه كان على علم بعملية حدثه بها خيار عباس و كانت تتمثل في كمين نصبته الجماعة لدورية شرطة بمنطقة باب الوادي.
أما انضمام المسمى عصماني كمال فإنه حسب تصريحاته فقد انظم إلى الجماعة عن قناعة بما أنه كان مناضل بالحزب المحل دون أي ضغط جسدي أو معنوي، حيث وفق للمهلة الأولى عندما طلب منهم ذلك من طرف المدعو بن بعزيز مجيد.
بما أنه كان مكلف بحراسة دوريات الشرطة عن مدخل المسجد فإنه لم تتح له الفرصة بحضور اجتماعات أين يتم التخطيط للعمليات، لكن حسب معرفته فإن المدعو كمال من باب الوادي هو الذي يقوم بترصد الأهداف حيث خطط لكمين دورية الشرطة التي شارك فيها المدعو بن بعزيز مجيد و عبد الكريم.
مباشرة و بعد الانتهاء من التحقيق مع المدعو عصماني كمال، تم و طبقا لنص المادة 51 من ق.أ.ج فقرته الثانية و نظرا للأدلة القوية و المتماسكة و التي من شأنها التدليل على اتهام المعني بالأمر في القضية المتابع من أحلها تم وضعه تحت الحراسة الأمنية للإتباع الإجراءات القضائية.
II- فيما يخص استغلال عناصر شبكة دعم و إسناد لمجموعة إرهابية مسلحة:
من خلال العمليات و النشاطات في إطار مكافحة الإرهاب على المستوى ولاية مستغانم استطاعت الفرقة الجنائية من تفكيك عدة شبكات لدعم و إسناد الجماعات الإرهابية نذكر منها العملية التي أسفرت عن تفكيك مجموعة تتكون من 17 عنصر بتاريخ 20 أفريل 2002 حيث تبعد تقديمهم أمام النيابة تم إيداع 9 منهم الحبس الاحتياطي بينما تم وضع واحد تحت نظام الراقابة القثضائية و بقية منهم سبع في حالة فرار.
فيما يخص المعلومات المستنبطة من عملية استغلال عناصر الشبكة الموقوفين:
1- أعضاء المجموعة :
بعد استغلال المسمى ظافري كريم الذي كانت له علاقة وطيدة بأحد الإرهابيين المدعو مصطفى محمد المكنى عبد الرفيق، المنتمي إلى تنظيم الجماعة السلفية للدعوة و القتال و كان معتقل سابق بمركز الأمن لعين أمقل (تمنراست) من 1992-1995، حيث كشف المسمى ظافري كمال عن وجود شبكة دعم و مساندة المتكونة من 17 عنصر تم إيقاف 10 منهم و تعلق الأمر بـ: ظافري كريم، بن تدلاوتي عبد الوحيد، بن حسلة حراق، عامري قادة مختار، بوهروة يسين، قرنية حسين، جلول جمال، طويل لخضر، بن حطاب رشيد، بن شيدة الجيلالي.
أما العناصر السبعة الباقية فهم: مصطفة محمد، عبد السلام سمير، بن عدودة بلقاسم، بن غرنوط منصور، سكحال نور الدين، قوميدي محمد، وز بن عبو محمد الموجودون في حالة فرار وقت إيقاف الطالب الجامعي بن تدلاوتي عبد الوحيد باعتباره همزة وصل بين المجرم مصطفى محمد و باقي عناصر الشبكة.
من بين هؤلاء الفارين يوجد الرعية المغربية عبد السلام سمير المعروف باسم بن محمد سمير، طالب جامعي بمستغانم اسندت له مهمة جمع الوثائق الإدارية كبطاقة الطالب الجامعي التي كان يقوم بتسليمها إلى الجماعات الإرهابية المسلحة بواسطة المدعو بن عدودة بلقاسم شقيق الإرهابي بن عدودة منصور الذي قضي عليه بتاريخ 04-07-1995 من طرف قوات الأمن، إذ يثم الحصول على هذه الوثائق عن طريق عون الأمن و الوقاية بالمكتبة الجامعية بمستغانم المسمى طويل لخضر، هذه العملية بشأنها توفير شروط التنقل بحرية للعناصر الإرهابية بانتحالها صفة الطالبة الجامعيين و بتالي الإفلاث من قبضة قوات الأمن.
2- المخالطة:
يتضح من خلال الاستغلال الشبكة أن جميع عناصرها متعاطفين مع الجزب المنحل
و يتابعون العمليات الإرهابية من طرف الجماعات الإرهابية، حيث تولدت لهم القناعة بفكرة الجهاد بناء على الخطط و الدروس التحريضية التي كان يلقيها الإرهابي مصطفى محمد المكنى عبد الرفيق، و الذي كان يتردد على مساجد : حمزة، أبي بكر الصديق، الإمام بوخاري، إذ كان يحثهم على الجهاد و مساعدة الجماعة المسلجة و دعمها.
3- فيما يخص الوسائل في التحريض و الإشادة بالأعمال الإرهابية:
بناءا على استغلال المدعو بوهراوة يسين الذي أبرز أنه كان يتردد على مسجد أبي بكر الصديق بمستغانم، أين ربط علاقته بالمسمى عامري قادة مختار (مصاب بمرض القصور الكلوي) الذي جنده لصالح الجماعات الإرهابية و أوكلت له مهام نسخ و نشر الوثائق و المناشير التحريضية المقتبسة من مواقع الأنترنت و توزيعها في أوساط الشباب المتردد على المساجد.
4- فيما يخص دور باقي أعضاء الشبكات:
أ- إعادة طبع و توزيع المناشير و الوثائق التحريضية: يتضح من خلال استغلال الشبكة أن كل من المدعوين : بن عسلة حراق، بن حطاب رشيد، بن شهيدة الجيلالي، كانوا يقومون بطبع و توزيع المناشير في أوساط الشباب المتردد على المساجد و الذين لا تتجاوز أعمارهم عن 20 سنة.
ب- الإشادة بالأعمال الإرهابية و التجنيد لصالح المجموعات الإرهابية:
يتضح من خلال استغلال الشبكة أن المدعو قرنية حسين الذي استفاذ من إجراءات العفو الرئاسي بتاريخ 05-07-1999، من أجل انتماءه إلى جماعة إرهابية مسلحة و المدان بـ 7 سنوات سجن نافذة هذا الأخير لا زال متحمسا و مقتنع بفكرة الجهاد التي ما فتئ يشيد بها و يسعى إلى ترسيخها في أدهان الشباب و من مهامه أيضا التحريض و التجنيد.
5- الخاتمة:
من خلال التحقيق الذي أجري في إطار هذه القضية و قفنا على جملة من الحقائق و المتمثلة في أننا بصدد شبكة دعم و مساندة المجموعات الإرهابية و التي كانت تنشط في سرية تامة انطلاقا من بعض النتائج المعتمدة على المطبعات ذات الطابع التحريضي مستخرجة من مواقع الأنترنت ذات الصبغة الأصولية، و التي كانت تسعى أيضا إلى التحريض بالالتحاق بالجماعات الإرهابية
و دعمها ماديا و معنويا.
على ضوء هذه الأضحيات يمكن القول أن المجموعة الإرهابية اتخدت من المساجد موقعا لنشر أفكارها و حتى الشباب المتوافد عليها بهدف غرس عقائد الجهاد في أذهانهم مستعينة بتجار الكتب و الأشرطة الذينية و التي عادة ما يمارسوها كافة المتعاطفين مع الحركات المتطرفة، كما استفاذت هذه الجماعات من الشباب ضعاف الشخصية و التي يسهل السيطرة عليهم و استغلالهم.
الخاتمة:
إن الجريمة القانونية ككيان قانوني عرفت استفحالا خطيرا في العشرية الأخيرة لا تستقيم
و لا تستوي إلى بتوفر النفس القانوني إلى جانب التصرف المادي و إلا كان عاملا من عوامل انعدام الثقة و الاستقرار و زوال الشخص المعنوي المسمى بالدولة، فالجريمة الإرهابية تعتبر ظاهرة قديمة و معقدة، كانت و لا تزال تضرب روح الأبرياء… من هذا المنطلق اندفع المشروع نحو سياسة جنائية تقوم على الصرامة و الشدة في مكافحو هذه الظاهرة و كان عليه أن يعالج هذه الظاهرة من جميع الجوانب و المستويات (اجتماعيا، سياسيا، دينيا) ذلك حتى يتسنى السيطرة عليها و البحث وراء الخلفيات الكامنة في الظاهرة، فالتركة كبيرة و ثقيلة.
إن سعي الدولة وراء سياسة السلم و المسامحة جعلها تسير وفق نهج ابتدأ بالوئام المدني لينتهي بالعفو الشامل لتطرح في الأخير سياسة المصالحة الوطنية.
إن السلم صناعة لا بد لها من أسس حقيقية و إلا وجدنا أنفسنا بعد وقت قصير أمام مشاكل أكثر تعقيدا، فالسلم وسيلة و ليس غاية في حد ذاتها.
إن محاربة الإرهاب يستدعي الوقوف عند المفهوم الحقيقي للظاهرة و التفريق بينها و بين الظواهر الأخرى المشابهة، في حين يتطلب منا الأمر الفهم الحقيق للظواهر الأخرى المشابهة كالعنف السياسي الإجرام السياسي، و غيره و لا يمكن في أي حال من الأحوال أن نضع الإرهاب في خانة واحد مع القتال من أجل الحرية و الاستقلال أو ما نعرف بالمقارنة الشعبية لأن هذه الأخيرة محل يشارك فيه المدنيون في مواجهة العدو المشترك و رغبة صرامة و متسعة النطاق لدى أبناء الشعب في الإنظمام إلى صفوف هذه المقاومة الشعبية بناءا على دفاع الوطنية في حين أن الإرهاب الذي يمارس فيه الإرهابيون نشاطهم يكون موجه ضد أنظمة الحكم الشرعية القائمة، حيث يتم وضع هذه النشاطات في خانة الأعمال غير المشروعة بالمقابل نجد الأعمال التجريبية أو المقاومة الشعبية تكتسي طابع المشروعية و ذلك ما أكدنه مبادئ القانون الدولي و دعمته الاتجاهات الفقهية الأمر الذي تفتند إليه الأنشطة الإرهابية.
[1] – أحمد جلال عز الدين- الإرهاب والعنف السياسي- المرجع السابق- ص110.
[2] – من المنادين بهذا القول الباحث NOEM GAOR.
[3] – IDID P 70.
[4] – Leonardo. B. Weinberg and Paul. P 67.
[5] – Eric Morris et Okcit P 35.
[6] – د. عصام صادق رمضان. مجلة السياسة الدولية.
بحث قانوني كبير حول الجريمة الإرهابية على ضوء قانون العقوبات الجزائري