بحث كبير حول ابعاد الاجانب
الفهرس
مقدمة – –
الأهداف التي يسعى البحث لتحقيقها هي: – –
المشكلة التي يثيرها موضوع البحث: – –
خطة البحث – –
المبحث الأول – –
الإبعاد وأسبابه وما يختلط به ومن ينطبق عليه – –
المطلب الأول – –
تعريف الإبعاد وما يختلط به. – –
الفرع الأول – –
تعريف الإبعاد. – –
الفرع الثاني – –
التفرقة بين الإبعاد والإجراءات المشابهة – –
أولاً: التمييز بين الإبعاد والنفي: – –
ثانياً: التمييز بين الإبعاد والمنع من الدخول – –
ثالثاً: التمييز بين الإبعاد والطرد: – –
رابعاً: التمييز بين الإبعاد وحظر الإقامة: – –
خامساً: التمييز بين الإبعاد وتسليم المجرمين: – –
وتحدد التشريعات الداخلية إجراءات تسليم المجرمين: – –
الأشخاص محل التسليم: – –
تعدد طلبات التسليم: – –
الجرائم التي يجوز فيها التسليم: – –
سادساً: التمييز بين الإبعاد والاعتقال: – –
المطلب الثاني – –
أسباب الإبعاد والأشخاص الخاضعون له. – –
الفرع الأول – –
أسباب الإبعاد – –
أولاً: الأسباب الأمنية: – –
– أسباب الإبعاد ذات الطبيعة الأمنية: – –
– أسباب الإبعاد السياسية: – –
– أسباب الإبعاد الاقتصادية: – –
ثانياً: الأسباب الاجتماعية: – –
ثالثاً: الأسباب الصحية: – –
الفرع الثاني – –
الأشخاص الخاضعون للإبعاد – –
المبحث الثاني – –
الطبيعة القانونية للإبعاد وآثاره – –
الفرع الأول – –
الأساس القانوني لحق الدولة في الإبعاد – –
الفرع الثاني – –
طبيعة الإبعاد القانونية – –
المطلب الثاني – –
آثار الإبعاد – –
الفرع الثاني – –
آثار الإبعاد على الدولة التي تطبق الإبعاد – –
موقف حقوق الإنسان والتشريعات الأجنبية من الأبعاد – –
ثانياً: رسائل الدكتوراه: – –
ثالثاً: الأحكام القضائية: –
رابعاً: المقالات: –
الفهرس
مقدمة
من المؤكد أن الدولة تستطيع أن تباشر جميع مظاهر سيادتها على إقليمها سواء كانت سيادة داخلية أم سيادة خارجية() وتتجلى مظاهر السيادة الداخلية في حرية الدولة في التصرف في شئونها الداخلية وفي تنظيم حكومتها ومرافقها العامة وفي فرض سلطانها على جميع ما يوجد على إقليمها من أشخاص وأشياء، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لأية دولة أو هيئة أخرى أن تباشر سلطانها في إقليم الدولة()، ومن المسلم به في القانون الدولي أن الدولة تملك في داخل إقليمها تنظيم مظاهر الحياة الإنسانية بقصد تحقيق الأمن والعدالة والرفاهية()، ومن موجبات تحقيق الأمن تنظيم دخول الأجانب وإقامتهم في إقليم الدولة ومنع دخول الأجانب غير المرغوب في وجودهم على إقليمها()، وكذلك إبعاد أي أجنبي موجود على إقليمها، إذا ظهر خطرة على الأمن والنظام أو الآداب أو الصحة العامة والاقتصاد القومي أو لغير ذلك من الأسباب التي تبرر استعمال هذا الحق دون مغالاة أو تحكم()، ولذلك فإن الإبعاد والنظر إلى خطرة له متطلبات إجرائية وموضوعية في إطار المبادئ القانونية للأبعاد، يتعين مراعاتها، ضماناً لسلامة الإجراءات في ضوء ممارسة الدولة لسلطتها في اتخاذ قرار الإبعاد.
وما يتمخض عنه من آثار وهو ما يتيح للقضاء من بسط رقابته على قرارات الإبعاد لاستظهار مدى مشروعيتها ومطابقتها لصحيح حكم القانون، كما يبدو الأمر دقيقاً إذ ما حظر المشرع الطعن في قرارات الإبعاد أمام القضاء- كما هو الحال في النظام القضائي لدولة الكويت- وهو ما تنتفي معه الضمانة القضائية ويتطلب الأمر –والحال كذلك- البحث عن ضمانات أخرى قضائية لمراقبة مشروعية هذه القرارات.
إذ يمكن القول أنه إذا كانت الدول قد تواضعت على الاعتراف للأجانب بدخول أرضها والإقامة فيها لبعض الوقت واعترفت لهم بممارسة بعض الحقوق العامة والخاصة أثناء فترة إقامتهم، وحملتهم في المقابل ببعض الالتزامات التي تتفق مع وصف إقامتهم باعتبارهم أعضاء فعليين فيها، فإنه لا يترتب على ذلك حق الأجنبي في الاستقرار الدائم على إقليم الدولة لأن هذا الحق قاصر فقط على الوطنيين، فالأجنبي لابد وأن يخرج يوماً ما من دولة الإقامة وقد يكون خروجه اختيارياً وقد يكون إجبارياً().
ويتضح أهمية البحث من عدة اعتبارات وهي:
1 أن إبعاد الأجانب في ظل الظروف والمعطيات الدولية المعاصرة إنما يتطلب ضوابط إجرائية وموضوعية يجب على الدول التقيد بها عند ممارسة سلطتها في الإبعاد وتكون حاجز أو صمام أمان ضد تجاوزات الإدارة في هذا الخصوص.
2 وضع الحلول للمشاكل التي أفرزها الواقع أو من خلال الممارسة العملية خاصة فيما يتعلق بإجراءات ما بعد صدور قرار الإبعاد وما يصاحبه من صعوبات.
3 يجب على الدولة عند تنظيم دخول وإقامة الأجانب وإبعادهم مراعاة الحد الأدنى المتعارف عليه لحقوق الأجانب أو تأمين حد أدنى من الضمانات القانونية والإنسانية لأن الدول تربطها مجموعة من المصالح المشتركة تفرض عليها التعاون فيما بينها، وتجعلها في حالة من الترابط تقتضي أن تدرك أنها مقيدة لحد ما في مواجهة بعضها البعض، وأن يكون ممارستها لسلطاتها في إطار قواعد القانون الدولي، وفي حدود تعهداتها مع التقيد بإرادة المجتمع فيما يفرضه من قواعد تظهر في شكل معاهدات واتفاقات دولية وبالتالي فإن الدولة عليها مراعاة هذه المعاهدات والاتفاقيات الدولية وإلا تعرضت للمسئولية الدولية.
الأهداف التي يسعى البحث لتحقيقها هي:
1- تحديد المبادئ القانونية الإجرائية والموضوعية في شأن إبعاد الأجانب والتي يجب أن تتقيد بها الدولة لأنها تشكل صمام أمان أو حاجز ضد تجاوزات الإدارة وإسباغ المشروعية على إجراءاتها.
2- تحديد أسباب الإبعاد تحديداً دقيقاً وذلك للحد من التعسف في استعمال هذا الحق وكفالة حرية() الأفراد وذلك بتبني معيارين:
الأول يقوم على تحديد حالات الأبعاد على سبيل الحصر والثاني يحدد حالات الإبعاد على سبيل المثال().
3- بيان حدود سلطة القاضي في رقابة مشروعية قرارات الإبعاد حتى لا يبقى المبعد موجوداً فترة طويلة قبل إبعاده،4- خاصة في فترات الريبة للحيلولة دون إثباته تصرفات تضر الدولة أو مواطنيها.
5- ضرورة إعادة النظر في إجراءات إبعاد الأجانب سواء تلك الإجراءات الإدارية أو القضائية والتخفيف من الأعباء التي تحملها الدولة في سبيل تحقيق ذلك،6- بما لا يخل بموجبات الأمن ومقتضياته والمحافظ على حقوق الدولة والغير في مواجهة الأجنبي المبعد.
هـ- ضرورة وضع حد لمشكلة البدوية (عديم الجنسية) حيث تثير قلق السلطات الكويتية، وذلك لاضطرارها إلى أن ترتب لهم وضعاً قانونياً خاصاً تستلزمه ضرورة احترام حقوق الإنسان ولاسيما في ظل التوجه العالمي الحديث في شأن حقوق الإنسان.
المشكلة التي يثيرها موضوع البحث:
يثير موضوع البحث مشكلات عديدة وأهمها:
3 أن الكويت بحكم موقعها الجغرافي تعرضت وما زالت تتعرض لبعض حالات دخول الأفراد غير المشروع، ويأخذ التسلل صوراً منها دخولهم عبر البحر والسير مشياً على الأقدام ليلاً عبر الحدود ومن العوامل التي تؤدي إلى دخول هؤلاء الأفراد إلى الكويت بطريقة غير مشروعة (أ) طلب الرزق، (ب) ارتكاب الجرائم أو الإخلال بالأمن ومحاولة زعزعة الاستقرار وهو ما يثير مدى فاعلية الإجراءات التي تتخذها الأجهزة المعنية لحماية حدود الدولة البحرية أو البرية.
4 أن دولة الكويت تعاني من مشكلة عديمي الجنسية (البدون) وبالتالي فإن إبعاد هؤلاء يثير صعوبة عملية في تنفيذه وتتمثل في إحجام الدول الأخرى عن استقبالهم على أراضيها.
5 وجود شركات وهمية ترتكب جرائم الإتجار في الإقامات مما يصعب من حدة المشكلة سواء في مداها أو آثارها خاصة استجلاب العمالة الوافدة، وضبط المخالفات واتخاذ الإجراءات ضد من يخالف أحكام قانون الإقامة أو القرارات المنفذة له لما عساة أن يكون رادعاً لكل من تسول له نفسه الخروج على أحكامه.
خطة البحث
يتناول البحث في ثلاث مباحث كالآتي:
المبحث الأول: الإبعاد وأسبابه وما يختلط به ومن ينطبق عليه
المطلب الأول: تعريف الإبعاد وما يختلط به.
الفرع الأول: تعريف الإبعاد.
الفرع الثاني: التفرقة بين الإبعاد والإجراءات المشابهة.
المطلب الثاني: أسباب الإبعاد والأشخاص الخاضعون له.
الفرع الأول: أسباب الإبعاد.
الفرع الثاني: الأشخاص الخاضعون للإبعاد.
المبحث الثاني: الطبيعة القانونية للإبعاد وآثاره.
المطلب الأول: أساس الإبعاد وطبيعته القانونية.
الفرع الأول: أساس الإبعاد.
الفرع الثاني: طبيعة الإبعاد القانونية.
المطلب الثاني: آثار الإبعاد.
الفرع الأول: آثار الإبعاد على الشخص المبعد 1- الأجانب. 2- بعض الفئات الأخرى.
الفرع الثاني: آثار الإبعاد على الدولة التي تطبق الإبعاد “دبلوماسية”.
المبحث الثالث: الإبعاد في القانون الكويتي والتشريعات الأجنبية وموقف حقوق الإنسان منه.
المطلب الأول: أنواع الإبعاد في القانون الكويتي.
الفرع الأول: الإبعاد القضائي.
الفرع الثاني: الإبعاد الإداري.
المطلب الثاني: موقف حقوق الإنسان والتشريعات الأجنبية من الإبعاد.
الفرع الأول: موقف حقوق الإنسان من الإبعاد.
الفرع الثاني: موقف التشريعات الأجنبية من الإبعاد.
الخاتمة:
النتائج والتوصيات:
المبحث الأول الإبعاد وأسبابه وما يختلط به ومن ينطبق عليه
كان الاتجاه السائد في النظام الدولي التقليدي أن الدولة لها سيادة مطلقة على إقليمها سواء كانت سيادة داخلية أم سيادة خارجية().
ومؤدى ذلك أن كل دولة تتمتع بحرية واسعة في تحديد كيفية معاملة الأجنبي على إقليمها سواء من حيث دخوله هذا الإقليم وإقامته فيه وخروجه منه أو من حيث القدر الذي يمكنه أن يتمتع به من الحقوق وما يمكنه أن يفرض عليه من أعباء، وهذه الحرية مقيدة داخلياً وخارجياً بقيود تشهد التوفيق بين مصلحة الدولة ومصلحة الفرد وفي النهاية المصلحة الممثلة في ازدهار الحياة الخاصة بين الدول في المجتمع الدولي() ودخول الأجانب في إقليم الدولة رهين بألا تتعرض سلامتها أو مصلحتها هي للخطر في سبيل رعاية الأجنبي ومن ثم حق الدولة في تنظيم دخول الأجانب إلى أراضيها وإقامتهم فيها يستهدف الحيلولة دون تسرب العناصر الخطرة أو المريضة إليها وصيانة النظام الاجتماعي بين ربوعها()، وبالتالي حقها في إبعاد الأجانب غير المرغوب فيهم من إقليمها، أو عدم دخولهم أصلاً، وتقرير هذا الحق هو في الواقع من الوسائل الواقية لها ولإقليمها من الأخطار، تبعاً لحقها من السيادة بمقتضى العرف الدولي().
ومما هو جدير بالذكر، تعريف الإبعاد وما يفترض عنه من الإجراءات المشابهة.
المطلب الأول تعريف الإبعاد وما يختلط به.
الفرع الأول تعريف الإبعاد.
تعددت الآراء الفقهية حول تعريف الإبعاد:
فقد ذهب رأي إلى أنه “قرار تصدره السلطة العامة في الدولة لأسباب تتعلق بسلامتها وأمنها الداخلي والخارجي، وتطلب بمقتضاه من الأجنبي المقيم فيها مغادرة إقليمها خلال مهلة محددة وعدم العودة إليه وإلا تعرض للجزاء والإفراج بالقوة().
وهناك رأي آخر يرى أن الإبعاد “عمل بمقتضاه تنذر الدولة فرداً أو عدة أفراد من الأجانب المقيمين على أراضيها بالخروج منها وإكراههم على ذلك عند الاقتضاء”().
وذهب رأي ثالث إلى أنه “حق الدولة في إنهاء إقامة الأجنبي لأسباب يمليها أمن الجماعة”().
واتجه رأي رابع إلى أن الإبعاد هو “إخراج الشخص من إقليم الدولة بغير رضاه بمعرفة السلطة العامة إذا ثبت أن بقاءه في إقليمها يشكل خطراً على أمنها الداخلي والخارجي”().
ويلاحظ مما سبق أن هناك مفاهيم متباينة في وصف الإبعاد بأنه إجراء أو قرار أو عمل وهذه الأوصاف لكل منها مدلول مختلف ولكن الوصف الأكثر دقة هو وصف الإبعاد بأنه قرار باعتباره تصرفاً تجريه الإدارة مستخدمة سلطتها المقررة في القوانين واللوائح بهدف إبعاد الأجنبي عن البلاد جبراً عنه”.
والإبعاد إجراء مقصور على الأجانب، فلا يجوز للدولة إبعادة رعاياها إذ أن القاعدة أن الدولة تتحمل أعباء رعاياها وتستفيد من إقامتهم طبقاً للمبادئ الدستورية العامة التي تستمد قوتها من الضمير الإنساني والضمير الدولي.
والقاعدة أنه لا يجوز للدولة إبعاد مواطنيها أو منعم من العودة إليها ومن قبيل ذلك ما ورد في دستور دولة الكويت (م28 من الدستور، دستور جمهورية مصر العربية (م 51 من الدستور) ومقتضى ذلك، فإنه يحظر على الدولة إبعاد مواطنيها أو منعم من العودة إليها().
والقاعدة السابقة تسري فقط على الوطني الأصل أي من النسب والجنسية الأصلية منذ مولده أو منذ لحظة الميلاد، ويعبر عنها بجنسية الميلاد وذلك لأن عناصر ثبوتها تكتمل فور ميلاد الشخص().
أما الوطني الطارئ وهو من اكتسب جنسية الدولة منذ فترة من الوقت وهي تثبت للفرد في تاريخ لاحق على الميلاد()، فقد أجازت بعض التشريعات إبعاد الوطني الطارئ فيما لو ارتكب عملاً يبرر ذلك، خاصة وأن حداثة عهدة بالجنسية الوطنية هي التي تجعله معرضاً لجزاء الإبعاد إذا ما تبين أنه غير جدير بالانتماء إلى الجماعة الوطنية()، ولكن قد تلجأ بعض التشريعات إلى إبعاد الوطني الطارئ بطريقة غير مباشرة عن طريق تجريدة من الجنسية، وذلك بسحبها منه خلال فترة محددة تالية لاكتسابه الجنسية الوطنية تسمى فترة الريبة ويتم سحب الجنسية تمهيداً لإبعاد الشخص من إقليم الدولة().
ومما تجدر الإشارة إليه أن الإبعاد عادة يتخذ في صورة فردية بمعنى أنه لا يقع إلا على فرد أو عدة أشخاص معينين()، غير أن الدولة قد تلجأ أحياناً إلى ما يعرف بالإبعاد الجماعي في الظروف الاستثنائية وهو غالباً ما يكون مؤقتاً لما له من أثر ضار على عدد غير قليل من الأجانب المقيمين في الدولة.
الفرع الثاني التفرقة بين الإبعاد والإجراءات المشابهة
يجب التمييز بين مفهوم الإبعاد وما قد يختلط به من بعض المفاهيم أو الإجراءات الأخرى المشابهة له والتي قد يكون لها الغاية ذاتها وهي تخليص الدولة من الأجانب غير المرغوب فيهم.
لذلك فإن الإبعاد بالمعنى السابق بيانه يختلف عن النفي، والمنع من الدخول (الرد) وحظر الإقامة، والطرد (منع تجديد الإقامة، الاعتقال، التسليم.
أولاً: التمييز بين الإبعاد والنفي:
النفي عقوبة توقعها الدولة على الوطنين الذين يراد حرمانهم من البقاء في بلادهم()، وتختص السلطة القضائية بتوقيع هذه العقوبة() على من يرتكبونه من أنواع محددة من الجرائم في القانون أما الإبعاد فهو قرار لا يتخذ إلا ضد الأجانب.
والجدير بالذكر أن عقوبة النفي قد أصبحت متهجنة من المجتمع الدولي، حيث أن المستقر عليه في أغلبية الدول عدم جواز إبعاد الوطني عن بلاده بأي طريقة كانت سواء بالطريق الإداري أو القضائي أو حتى عن طريق منعه من الدخول إلى دولته().
ونظراً لأن الإبعاد من الإجراءات التي تتخذ حيال الأجانب المقيمين على إقليم الدولة المبعدة فإنه يحكمه القانون الدولي الخاص بينما النفي يقع من قبل الدولة على أحد مواطنيها ولذلك يحكمه القانون العام الداخلي.
وقد كانت عقوبة النفي معمولاً بها في الماضي إلا أنها اعتبرت عقوبة غير مشروعة قانوناً نظراً لأن الشعب أحد أركان الدولة وبالتالي لا يحق للسلطات فيها أن تحاول المساس بسيادة الدولة بنفي أحد أركانها خاصة مع وجود قانون عقوبات داخلي في الدولة ويكفي هذا أن يكون رادعاً لكل من يتجرأ على مخالفة القوانين أو المساس بأمنها وسلامتها وكيانها.
مما سبق يمكن القول بأن الفرق بين الإبعاد والنفي فالأول لا يقع إلا على الأجنبي، أما الثاني فيقع على الوطني على سبيل الجزاء الجنائي والسياسي().
ثانياً: التمييز بين الإبعاد والمنع من الدخول
المنع من الدخول أو الرد هو إجراء يلحق الأجنبي عند دخوله أو عقب دخوله مباشرة ويفض إلى إخراجه فوراً دون أية مهلة للتقيد وذلك لأسباب أمنية وتتعلق بمصالح الدولة العليا ولدخوله غير المشروع أو عدم قيامه بالإجراءات الشكلية المتبعة لدخول الأجانب مثل انتهاء صلاحية وثيقة السفر التي يحملها أو عدم وجود تأشيرة الدخول عليها أو أن يكون الأجنبي قد حاول الدخول من غير المنافذ الشرعية للدولة.
والفارق بين المنع من الدخول والإبعاد في أن الأول لا يسمح للأجنبي بالدخول في الدولة لعدم استيفائه الشروط والإجراءات المنصوص عليها قانوناً أو مخالفتها، أما الإبعاد يأتي بعد دخول الأجنبي في البلاد وبعد حصوله على إذن خاص يسمح له بالدخول صادراً من السلطة التي اتخذت هذا القرار بحقه.
ثالثاً: التمييز بين الإبعاد والطرد:
يتماثل الطرد مع الإبعاد في أن الأثر المترتب على كل منهما يوجه إلى شخص الأجنبي المقيم في الدولة والذي يؤدي إلى الخروج الجبري من أراضي الدولة()، فمن حيث الشكل الإبعاد يكون بقرار من الجهة الإدارية المختصة.
بينما الطرد إجراء شرطي بحت حتمي يتم تحت إشراف الشرطة ويتخذ دائما شكل التدبير الأمني الحال والتقديري.
ومن حيث الجوهر فإن حق الإبعاد يستند إلى نص تشريعي خاص ويجب أن تكون له أسبابه التي تعود إلى الشخص المبعد لارتكابه خطأ معين أو أن يأتي بسلوك يتعارض مع النظام العام في الدولة بينما الطرد يعد إجراء أمنياً للحفاظ على الأمن العام ويكون الهدف منه حماية المصلحة العليا للبلاد دون أن يكون المطرود قد ارتكب أي جرم أو ذنب كما في حالة إجبار الأجانب على ترك الدولة المقيمين على أرضها بسبب الظروف الاقتصادية أو معاناتها من مشكلة البطالة أو لمنافستهم للأيدي العاملة الوطنية().
رابعاً: التمييز بين الإبعاد وحظر الإقامة:
يصدر قرار من السلطة المختصة بمنع الإقامة في أماكن محددة داخل إقليم الدولة ويتميز عن الإبعاد في أن الأخير يعتبر إجراءاً إدارياً بينما الأول يعتبر عقوبة سواء كانت تبعية أو تكميلية()، وهي تقع على الأجانب والوطنين لكونه من الإجراءات الداخلية لكن الإبعاد لا يقع إلى على الأجانب لتعلقه بقواعد القانون الدولي.
ويرتبط حظر الإقامة مكانياً بالحدود الجغرافية للدولة فهو يقع داخل إقليم الدولة أي في مجال حدودها الجغرافية والسياسية بينما الإبعاد يؤدي إلى خروج المبعد إلى خارج إقليم الدولة أي خارج حدودها الجغرافية.
خامساً: التمييز بين الإبعاد وتسليم المجرمين:
يتماثل كل من التسليم والإبعاد في أنهما لا يمكن تطبيقهما إلا على الأجانب ويكون ذلك بإنهاء إقامة الأجنبي وإخراجه إجبارياً من إقليم الدولة() ولكن يختلف كل منهما من عدة وجوه.
1 اختلاف المصلحة محل الحماية:
التسليم يخدم المجتمع الدولي وهو أن يتم تسليم المجرم الأجنبي إلى دولة أخرى يكون مطلوباً على ذمة إحدى القضايا لديها، وهذا إجراء بين الحكومات لتحقيق التعاون بين سلطات الأمن والقضاء الدوليين، بينما الإبعاد يعبر عن سلطة الدولة التي تمارسها لمصلحة الجماعة الوطنية().
2 اختلاف شروط الأعمال:
يقتضي التسليم أن يكون الشخص قد ارتكب جريمة بالفعل أو أن يكون هناك اشتباه في ارتكابه إحدى الجرائم، أو لتنفيذ حكم جنائي صادر بحقه، بينما لا يرتبط الإبعاد بارتكاب الشخص لجريمة ما، وإنما هو إجراء تقوم به الدولة طبقاً لسلطتها التقديرية الممنوحة لها في هذا الشأن للحفاظ على مصالح الدولة العليا.
3 اختلاف الإجراء المتبع:
يتم التسليم بناء على المعاهدات الدولية والقانون الوطني ومصادر القانون الدولي الأخرى، والمجاملات الدولية، أما الإبعاد فتقوم به الدولة التي يقيم فيها الأجنبي دون أن يتوقف ذلك على أية علاقة تعاهدية مع الدولة التي سيتم الإبعاد إليها().
4 كيفية التنفيذ:
في الإبعاد يترك للأجنبي المبعد حرية اختيار جانب الحدود الذي يراه مناسباً للخروج من الدولة أما في مجال التسليم فإنه لا يجوز تسليم المجرم إلا من جانب الحدود المؤدية للدولة الطالبة التسليم، وذلك إذا كانت الحدود متاخمة().
ونخلص مما سبق إلى أن الإبعاد والتسليم نظامان مختلفان تماماً ويستقل كل منهما عن الآخر، لذلك فإن الدولة التي ترفض مبدأ تسليم المجرمين لا تتنازل بذلك عن حقها في إبعاد الأجانب بوجه عام، وقد تأكد هذا المعنى في المادة 15 من قرار مجمع القانون الدولي (دورة جنيف) حيث قررت أن “التسليم والإبعاد إجراءات يستقل كل منهما عن الآخر، فرفض التسليم لا يتضمن التخلي عن حق الإبعاد، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار استقرار العرف الدولي على عدم جواز التسليم في الجرائم السياسية حيث أن القانون الدولي يجرم التسليم في الجريمة السياسية.
وتحدد التشريعات الداخلية إجراءات تسليم المجرمين:
الأشخاص محل التسليم:
تجري غالبية الدول على حظر تسليم مواطنيها إلى الدولة الأجنبية إلا أن عدد قليلاً منها مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تجيز ذلك في حالات معينة”().
والعبرة في تحديد جنسية الأجنبي هي بوقت ارتكاب الجريمة المطلوب بشأنها التسليم.
ويقوم جواز السفر أو وثيقة السفر بتحديد المركز القانوني للفرد امام المجتمع الدولي في مجال إثبات الجنسية عند إعمال نظام تسليم المجرمين(). ولا يوجد في القانون الدولي ما يجبر الدولة على تسليم مواطنيها الذين ارتكبوا جرائم في الخارج، وعدم إمكان تسليم المواطنين لا يعني إفلات المجرم من العقاب، بل يجب على الدولة في هذه الحالة أن تقوم هي بمحاكمته ومعاقبته في حالة ثبوت إدانته وفق نظامها وتشريعاتها الداخلية وإلا تعرضت للمسئولية الدولية في مواجهة الدولة طالبة التسليم إذا ما توافرت شروطها المقررة قانونا().
تعدد طلبات التسليم:
في حالة تعدد أو تعارض الاختصاص المعقود لدولتين أو أكثر تطلب التسليم من أجل ارتكاب الشخص لجرائم متعددة في إقليم دولة مختلفة فإنها تطبق الاتفاقيات الدولية والتشريعات الداخلية لتقرر قواعد التسليم إلى أي منهما.
وقد نصت المادة 12 من الانتربول 1948 بأنه يتم التفرقة بين حالة تعدد الطلبات التي تستهدف الشخص الواحد من أجل مجموعة من الجرائم فتقرر للدولة المطلوب إليها التسليم حرية التقدير على أن تضع في الحسبان أن الأفضلية تعطي عادة للدولة التي وقعت فيها الجريمة ثم تعطي الأفضلية بعد ذلك للدولة التي تطلب التسليم من أجل العقوبة الأشد، أما في العمل الدولي فقد اختلفت الدول في هذا الشأن فتعطي الأولوية للدولة التي تطلب التسليم في الجريمة الأشد خطورة، فإذا تساوت في الخطورة يتم التسليم للدولة التي وصل طلب الاستلام منها أولاً.
أما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فتجعل الأفضلية للدولة التي وقت الجريمة داخل حدودها الإقليمية ثم طبقاً لدرجة الخطورة الإجرامية ثم تعطي الأولوية للدولة التي وصل منها طلب التسليم أولاً.
الجرائم التي يجوز فيها التسليم:
المبدأ المستقر عليه دولياً هو عدم جواز التسليم من أجل الجرائم السياسية، وقد قيل في تبرير ذلك ما يلي:
1 أن هؤلاء المجرمين ليسوا في الحقيقة شقاة أو عصاه وإنما إناس معروفون بحسن الخلق والطيبة ومن ذوي الشرف.
2 أن وجود هؤلاء في الدولة المطلوب منها التسليم لا يشكل في الغالب أي خطورة إجرامية على من في هذه الدولة واستقرارها حتى ترغب في التخلص منهم.
3 إن تسليم المجرمين السياسين قد يجعلهم عرضه لانتقام خصومهم السياسيين بغير ضمانات كافية وقد توقع عليهم عقوبات قاسية وشديدة بالمقارنة للعقوبات التي تفرض على المجرم العادي لصعوبة تحقيق العدالة في مجال الجرائم السياسية بالمقارنة بالجرائم العادية.
4 اختلاف مفهوم الجريمة السياسية من دولة إلى أخرى لا يجعل هناك مجال للتعاون فيما بين الدول لمكافحتها حيث يتوقف تحديد مدى الخطورة الإجرامية على الظروف المحيطة بالجريمة وأماكن ارتكابها والنظام السياسي للدولة.
سادساً: التمييز بين الإبعاد والاعتقال:
يتفق كلاً من الاعتقال والإبعاد في أن لكل منهما سلطة تقديرية لجهة الإدارة إذا ما توافرت أسبابه، كما أن كليهما يمارسان خارج تطبيق قواعد الإجراءات الجنائية، وأن كلا منهما يشكل انتهاكاً جسيماً على الحريات، كما يتشابه الإبعاد مع الاعتقال في أنه لا يشترط لصدوره ارتكاب الشخص لجريمة أو أن يحكم بإدانته في جريمة نسبت إليه().
فإن الإبعاد يحرم الشخص المبعد من جزء من هذه الحرية ويختلف الاعتقال عن الإبعاد في أن الاعتقال أمر يوجه إلى الأشخاص الخطرين من أبناء الوطن على أمن البلاد، أما الإبعاد فيوجه إلى الأشخاص الخطرين من الأجانب على أمن البلاد، كما أن أسبابه أكثر اتساعاً من أسباب الاعتقال، حيث يمكنه اللجوء إليه في مواجهة من يكون عالة على الدولة ولعدم احترام الشروط الخاصة بالإقامة().
مما سبق يمكن القول أن الإبعاد يختلف فعلاً عن التسليم والنفي وحظر الإقامة إلا أنه يختلف اختلافاً جوهرياً عن المنع من الدخول وعن الطرد، حيث أن هاتين الصورتين تعدان من صور الإبعاد، بالإضافة إلى أن النفي العمل به في معظم التشريعات الوضعية.
المطلب الثاني أسباب الإبعاد والأشخاص الخاضعون له.
كان الفقه القديم يتجه إلى أن سلطة الدولة في ممارسة الإبعاد هي سلطة مطلقة ولا تلتزم بالتالي بإبداء الأسباب التي دعت لممارسة هذا الحق ولا تخضع لرقابة قضائية على اعتبار أن الإبعاد عملاً من أعمال السيادة، بينما يتفق الفقه الحديث وغالبية التشريعات إلى ضرورة توافر أسباباً جدية ومشروعة تبرر الإبعاد وإلا تعرضت الدولة للمسئولية الدولية وهي كون الأجنبي يمثل خطراً على أمن الدولة وسلامتها أو يشكل ضرراً بكيانها السياسي أو الاقتصادي، وهي عبارات مرنة ومطاطة تخول للدولة سلطة تقديرية واسعة تكاد تفلت من كل رقابة قضائية مثل عبارات الصالح العام، والنظام العام الأمن القومي وغيرها، واختلف الفقه في وضع معايير محددة لأسباب الإبعاد اتجه البعض إلى وضع قائمة محددة بأسباب الإبعاد، ولكن لم يتم الاتفاق عليها لكونها فكرة صعبة إن لم تكن مستحيلة لعدم إمكان حصر أسباب الإبعاد فتقدير مدى خطورة سبب الإبعاد مسألة نسبية تختلف من حالة إلى أخرى وفقاً للظروف المحيطة بها، فما يعد سبباً ومبرراً للإبعاد في وقت الحرب والأزمات الداخلية قد لا يعتبر كذلك في وقت السلم والظروف العادية()، والإبعاد إجراء لا يمكن تطبيقه إلا على الأجانب.
الفرع الأول أسباب الإبعاد
باستعراض اتجاهات الفقه وما جرى عليه القضاء في الدول المختلفة فإنه يمكنه رد أسباب الإبعاد إلى أسباب أمنية واجتماعية وصحية.
أولاً: الأسباب الأمنية:
وهذه الأسباب كما يبين من وصفها ذات طبيعة أمنية، سواء أكانت تندرج في إطار التدابير الوقائية، أم كانت تحقيقاً للمصلحة العامة أو المحافظة على الأمن العام والآداب العامة وهي تدخل في عموم النظام العام بمشتملاته الثلاثة.
ومؤدى هذه الأسباب أنها ذات طبيعة أمنية ويتفرع عنها أسباب أخرى إما سياسية إما اقتصادية ووجه الارتباط أن الأسباب الأخيرة ذات تأثير على موجبات الأمن.
1- أسباب الإبعاد ذات الطبيعة الأمنية:
وهذه الأسباب قد يكون مردها احتياجات أو تدابير أمنية تتخذها السلطات المنوط بها كفالة الأمن والنظام لتفادي الاضطرابات في النظام الاجتماعي الذي يمكنه أن يعرض سلامتها للخطر()، وهذه الاحتياطات أو التدابير تدخل في إطار جانب الأمن الوقائي، ولذلك يحق إبعاد الأجنبي إذا كان يشكل خطراً على أمن الدولة وسلامتها، وقد استقر القانون الدولي العام على أن سوء السيرة من الأسباب التي تبرر إبعاد الأجانب- فإذا كانت إحدى الأجنبيات قد اتخذت من إدارة البغاء حرفة ومرتزقاً كان ذلك مبرراً كافياً لإبعادها().
إذ أن مجرد سوء السيرة من شأنه الإخلال بالنظام العام والآداب والسكينة العامة كمبرر صحيح للإبعاد().
فقد نص المشرع الكويتي في المادة 16 من قانون الإقامة على أنه “يجوز لوزير الداخلية أن يصدر أمر مكتوباً بإبعاد أي أجنبي ولو كان حاصلاً على ترخيص بالإقامة في الأحوال الآتية…. ثالثاً: إذا رأى وزير الداخلية أن أبعاد الأجنبي تستدعيه المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة”.
أما في قانون الإقامة المصري، فقد فرق في الإبعاد بين أجانب ذوي إقامة عادية أو مؤقتة وأجانب ذوي إقامة خاصة فلقد حددت المادة 26 من هذا القانون حالات إبعاد الأجنبي من الفئة الأخيرة، إذا كان في وجوده ما يهدد أمن الدولة وسلامتها في الداخل أو في الخارج أو اقتصادها القومي أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو السكينة العامة أو كان عالة على الدولة بعد عرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة 29 وموافقتها وبالتالي فيتعين لإبعاد الأجنبي من ذوي الإقامة الخاصة توافر حالة من الحالات المبينة بالنص أما الأجانب من ذوي الإقامة المؤقتة أو العادية فلم يشترط القانون في الإبعاد توافر حالة بعينها.
2- أسباب الإبعاد السياسية:
وتشمل الجرائم التي ترتكب ضد حق الدولة في الصيانة، كما تشمل مجرد التهديد بالأضرار بهذا الحق ومن الأسباب السياسية، التجسيس، والمؤامرات والدسائس ضد الدولة المقيم بها الأجنبي أو ضد دولة أجنبية، والأعمال الفوضوية والتحريض على أعمال ضارة بالدولة، وقد صدرت عدة أحكام من القضاء الإداري بإبعاد الأجنبي لهذه الأسباب.
فلقد أيد القضاء الإداري جهة الإدارة في إبعادها الأجنبي في حالة قيامه بأعمال التجسس لحساب جهات أجنبية()، وفي القيام بنشاط صهيوني يناصر دولة معادية()، وفي حالة اعتناق المبادئ الشيوعية والعمل على نشرها().
3- أسباب الإبعاد الاقتصادية:
يحق للدولة إبعاد الأجنبي الذي يعتنق أفكار وسياسات اقتصادية تتعارض مع الاتجاهات والسياسات الاقتصادية للدولة، مما يكون لها أثر واضح في إحداث اضطراب في السياسات الاقتصادية وانتقاد السياسات الاقتصادية للدولة بصورة قد تؤثر على ما قد تستهدف الدولة تحقيقه، وأيضاً التعاقد على إنشاء مشروعات اقتصادية والتأخير في تنفيذها مما يسبب ارتباكاً في خطط التنفيذ بالإضافة إلى المطالبة القضائية().
ثانياً: الأسباب الاجتماعية:
من الأسباب الاجتماعية للإبعاد حماية العمالة الوطنية من المنافسة الأجنبية ولذا فقد تدخل المشرع في كثير من الدول ليجعل ممارسة بعض الأعمال والمهن والأنشطة ذات الطابع الهام في الدولة حقاً مقصوراً على الوطنيين وحدهم وبحيث تحجب هذه الوظائف كلية عن الأجانب، أو يسمح لهم لمزاولتها استثناء ووفق شروط خاصة، والأمر على هذا النحو بالنسبة للوظائف العامة والمهن الحرة، وأيضاً بعض المهن والأنشطة التي تهم الأمن والاقتصاد القومي أو تتصل اتصالاً وثيقاً بحياة الجماعة الوطنية().
ومن أسباب الإبعاد حماية العمل القومي وذلك لحماية الصناعات الوطنية وحماية الطبقات العمالية، ومكافحة البطالة، وهو خطوة أولى في سبيل إصلاح آخر يرتبط به، هو حماية السوق المحلية، من الأسباب الاجتماعية التي تجيز الإبعاد والنشر والتسول، فللدولة إبعاد الأجانب الذين ليس لديهم وسائل مشروعة للكسب()، ولقد نصت المادة 16 من قانون الإقامة الكويتي على أنه:
“يجوز لوزير الداخلية أن يصدر أمر مكتوباً بإبعاد أي أجنبي ولو كان حاصلاً على ترخيص في الإقامة في الأحوال الآتية:
أولاً: ؟؟؟؟؟؟؟؟
ثانياً: إذا لم يكن للأجنبي وسيلة ظاهرة للعيش كما نصت المادة 26 من قانون الإقامة المصري على أنه “لا يجوز إبعاد الأجنبي من ذوي الإقامة الخاصة إلا إذا كان في وجوده ما يهدد أمن الدولة وسلامتها أو كان عالة على الدولة بعد عرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة 29 وموافقتها”.
ومما هو جدير بالذكر الإشارة إلى ظاهرة يعاني منها المجتمع الكويتي وهي الاتجار بالإقامات وما ينتج عنها من خطورة جلب الأجانب دون عمل، وهي خطورة لها آثارها وتداعياتها الاجتماعية والأمنية وغيرها، وقد واجه المشرع الكويتي هذه الظاهرة فنص على تجريمها في المادة 24 مكرراً من قانون الإقامة وجاء نصها على النحو الآتي:
“مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سهل لأجنبي الحصول على تصريح زيارة أو إقامة بالبلاد لقاء حصوله على مال أو منفعة أو قبوله وعداً بذلك، وتضاعف العقوبة إذا عاد إلى ارتكاب الجريمة خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم عليه”.
ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حصل على هذا التصريح لقاء تقديمه مالا ومنفعة أو وعداً بذلك”.
ثالثاً: الأسباب الصحية:
يجوز للدولة إبعاد الأجنبي إذا كان مصاباً بمرض من الأمراض الفتاكة ويؤخذ المرض هنا بالمعنى الواسع بحيث يشمل الأمراض الوبائية أو المعدية ويندرج في عداد المرضى أيضاً المجانين والبلهاء().
ويثير إبعاد هؤلاء المصابين شيئاً من الاعتراض سواء إبعاد الأجانب الأصحاء وقت دخولهم أرض الدولة أو الذين أصيبوا بمرض معدي أو وبائي أثناء إقامتهم فيها باعتبار عملها منافياً للإنسانية وإن كان يجوز ترحيلهم إلى أوطانهم، إذ أن هذا الترحيل هو الطريقة الوحيدة لإيقاف انتشار الكارثة التي يمكن أن تنشأ عن هذا المرض، ولذا يرى البعض أن الأجانب المرضى الذين لا يستطاع كشف مرضهم وقت دخولهم أو الذين كانوا مصابين بالفعل بأمراض وقت وصولهم إلى حدود الدولة ثم نجحوا بعد خداع رجال السلطة يفضل ترحيلهم على إبعادهم، أما الأجانب الذين جاءوا إلى الدولة أصحاء، أقوياء لا مرض بهم وقت دخولهم فيها وأصيبوا بمرض بعد ذلك فمن الظلم إبعادهم حتى ولو كان المرض خطيراً على الجمهور.
الفرع الثاني الأشخاص الخاضعون للإبعاد
يتفق الفقه في مجموعة على أن الإبعاد إجراء يصدر في مواجهة الأجنبي سواء كان يتمتع بجنسية دولة معينة أو كان عديم الجنسية وأساس ذلك أنه لا يجوز للدولة بحسب الأصل إبعاد رعاياها من الوطنين حتى ولو كان مكتسباً لجنسية دولة أخرى مع احتفاظه بجنسيته الأصلية، من قبيل ذلك ما ورد في دستور دولة الكويت (م28 من الدستور) ودستور جمهورية مصر العربية (م 51 من الدستور) ومقتضى ذلك، فإنه يحظر على الدولة إبعاد مواطنيها أو منعهم من العودة إليها إذا من المسلم به أن للمواطن الحق في الإقامة في إقليم دولته ولا يجوز للدولة أن تبعده عنه أو تمنعه من دخوله في أي وقت().
وقد أجازت تشريعات بعض الدول إبعاد الوطني الطارئ حديث العهد بجنسية الدولة، ولعل حداثة عهده بالجنسية الوطنية هي التي تجعله معرضاً لجزاء الإبعاد إذا ما تبين أنه غير جدير بالانتماء إلى الجماعة الوطنية()، وبخاصة في أوقات الاضطرابات الداخلية أو باعتباره عقوبة جنائية قد تقضى بها المحاكم وفي فروض استثنائية عندما يرتكب جريمة سياسية تستدعي توقيع مثل هذه العقوبة، وذلك في ظروف وفروض استثنائية وقد تواجه هذه العقوبة باستحالة التنفيذ فيها إذا كان الأجنبي قد فقد جنسيته الأصلية إبان اكتساب جنسية الدولة التي أبعدته ولم يجد دولة تقبل دخوله فيها()، وقد تلجأ بعض الدول إلى إبعاد الوطني الطارئ بطريقة غير مباشرة عن طريق النص في تشريعاتها على إجازة تجريده من الجنسية خلال فترة محددة تالية لاكتساب الجنسية الوطنية وتسمى فترة الريبة يتم خلالها سحب الجنسية تمهيداً لإبعاد هذا الشخص عن لدولة.
وقد أوصى بعض الفقهاء بالامتناع عن اتخاذ إجراء الإبعاد بالنسبة لعديمي الجنسية على الأقل في الفروض التي لا توجد فيها دولة أخرى تقبل دخوله في إقليمها وللدولة أن تلجأ إلى إجراءات أخرى مثل تحديد إقامته لمنعه من القيام بأي نشاط ضار بالدولة().
وقد ذهب رأي في الفقه إلى جواز إبعاد جميع الأجانب بمن فيهم أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي على الرغم من تمتعهم بالحصانات الدبلوماسية، وإن اشترط الفقه لسلامة هذا الإجراء أن يتم إخطار الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي الدبلوماسي وذكر الأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار.
غير أن الرأي الراجح أن أعضاء السلك الدبلوماسي يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية وهي تعني أولاً عدم التعرض لذات المبعوث الدبلوماسي وحمايته من أي اعتداء يوجه إليه أو أي فعل فيه مساس بشخصيته أو امتهان لصفته وتعني ثانيا عدم جواز القبض عليه إذا وقع منه فعل مخل بقانون الدولة المبعوث لديها أو بسلامتها، وإنما تخطر دولته بذلك ويطلب إليها استدعاؤه ويجوز في الحالات القصوى تكليفه بمغادرة الإقليم على الفور، ويشترط في هذه الحالة أن تكون التصرفات التي أقدم عليها الدبلوماسي على درجة كبيرة من الخطر على النظام العام في الدولة المضيفة، بحيث تضر بمصالحها ضرراً بليغاً، وهنا ليس أمام الدولة سوى اتخاذ قرار الإبعاد بحق هذا الدبلوماسي حفاظاً على أمنها القومي.
أما رؤساء الدول الأجنبية فقد استقر الفقه على عدم جواز إبعادهم استناداً إلى العرف الدولي المستقر في هذا الشأن والاعتبارات والمجاملات الدولية نظام المعاملة بالمثل في القانون الدولي.
ويجب ألا يتعدى الإبعاد شخص المبعد باعتباره من وسائل الأمن فإذا اتضح من ظروف الإبعاد وملابساته ما يرجح مظنة اشتراك أفراد الأسرة مع عميدهم فيما اقتضى إبعاده فإنها تقوم بإبعادهم معه، أما بالنسبة للأبناء الراشدين المستقلين بأموال وأعمال خاصة وكذا إذا انقطعت العلاقة بين المبعد وأسرته سواء بانفصال عن الزوجية أو التبني فإنهم لا يجوز إبعادهم إلا إذا ما بدر منهم شخصياً ما يبرر إبعادهم().
المبحث الثاني الطبيعة القانونية للإبعاد وآثاره
الفرع الأول الأساس القانوني لحق الدولة في الإبعاد
يتنازع الفقه حول مدى حق الدولة في إبعاد الأجنبي عن إقليم الدولة اتجاهان متضاربان.
الاتجاه الأول:
ويرى أن الإبعاد ليس إلا إلغاء لتصريح سابق بدخول الدولة أو الإقامة فيها، تصريح صادرا من السلطة الإدارية أو الحكومية ولذا..
فإن الإبعاد يجب أن يكون من بين تلك الإجراءات التي تتخذها السلطة التنفيذية تبعاً لتقديرها ووفقاً لما تراه وينبني على ذلك أنه لا يجوز منح الأجانب أية ضمانات سواء كان ذلك بتحديد أسباب الإبعاد أم بإعطاء الاختصاص لجهة أخرى غير الجهة الإدارية، وخاصة السلطة القضائية، بل ولا يمكنه أن يعتبر الإبعاد عقوبة بأية حال().
ولكن هذا الرأي محل نقد كبير إذ يتجنى على حقوق الفرد وحرياته الطبيعية ويهدر فكرة التضامن بين الدول القائمة على حرية الهجرة والانتقال والإقامة بين أبناء الدولة المتمدنة().
الاتجاه الثاني:
ويرى ضرورة منح الأجانب حرية مطلقة في اختيار الدولة التي يريدون دخول أراضيها والمكوث بها ما طاب لهم المقام حسب إرادتهم وهوى نفوسهم أي منحهم حق المأوى دون قيد، بل إلى عدم التفرقة بينهم وبين الوطنيين من حيث التمتع بالحقوق المدنية.
وتوفيقاً بين هذين الاتجاهين فإن الاتجاه السائد في العصر الحديث يرى ألا تغلق الدولة أبوابها في وجه الأجانب بصفة عامة إلا أن حقها في الدفاع عن كيانها وحماية مصالحها يستلزم الاعتراف لها بحقها في تقييد حق الأجانب في الدخول إلى أراضيها، بتخويلها سلطة منع الأجنبي من الدخول إلى إقليمها إذا اقتضت ضرورة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية فيجوز للدولة منع دخول الأجنبي إذا كان في دخوله خطر عليها من الناحية السياسية كما يجوز لها منع دخوله إذا كان في وجوده بإقليمها خطر على الصحة العامة بسبب قدومه مثلاً من دولة تفشى فيها وباء معين.
مما سبق يمكن القول أنه لو كان حق الأجانب في الدخول إلى إقليم الدولة والإقامة فيه هو تعبيراً عن حرية الأفراد في التنقل فإن هذا الحق ليس مطلقاً إذ هو يتعين بما يقابله من حق الدولة المضيفة في البقاء وصيانة النفس، وهو حق يقتضي تخويل هذه الدولة السلطة في إبعاد الأجانب الذين يعد وجودهم في إقليمها خطراً يهدد أمنها وسلامتها في الداخل أو في الخارج().
ويستمد حق الدولة في إبعاد الأجانب وجوده من أصول ملزمة في القانون الدولي فهو يعد بذلك حقاً ثابتاً لكل دولة دون حاجة إلى تقريره في نص خاص سواء في تشريعها الداخلي أو في معاهدة دولية.
وقد كان الفقه قديماً يذهب إلى أن للدولة سلطة مطلقة في إبعاد الأجانب غير المرغوب فيهم ودون إبداء الأسباب، على اعتبار أن الإبعاد من أعمال السيادة()، لكن الفقه الحديث لم يعد ينظر للإبعاد على أنه عمل من أعمال السيادة وإنما يعتبره إجراء تلجأ إليه الدولة استناداً إلى حقها في الحفاظ على كيانها وأمنها الداخلي والخارجي خاصة إذا كان في وجود الأجنبي على إقليمها ما يشكل خطراً على الدولة وسلامتها وأمنها وذلك من منطلق حقها في البقاء وصيانة لمصالحها ولكيانها شعباً ومجتمعاً.
وقد حرصت دولة الكويت على تقرير حقها في الإبعاد بشكل صريح، من ذلك المرسوم الأميري رقم 17 لسنة 1959 بقانون إقامة الأجانب الكويتي حيث نص صراحة على حق الدولة في إبعاد الأجانب.
الفرع الثاني طبيعة الإبعاد القانونية
يتفق الفقه الحديث في مجموعه على أن الإبعاد لا يعد عملاً من أعمال السيادة، كما لا يعد عقوبة جنائية تقضي به المحاكم القضائية، إنما هو إجراء أو عمل مباشرة السلطة الإدارية في الدولة تحقيقاً للصالح العام حتى ولو كان بموجب حكم جنائي أو كأثر له، وتخضع الدولة في أثناء مباشرة حق الإبعاد لرقابة القضاء فيما لو تعسف في استعمال سلطتها في اتخاذه وتنفيذه كما لو كان مبنياً على سبب غير مشروع أو تم تنفيذه بطريقة مهينة أو منافية للإنسانية.
فالإبعاد مقرر لأمن ومصلحة الجماعة الوطنية فلا يجوز أن يتم ممارسته لمصلحة فردية كالتخلص من منافسة أصلاً أو لمنع المطالبة القضائية بحقوقه المكتسبة داخل الإقليم والإبعاد ليس عقوبة جنائية، فلا يجوز معاملة المبعد كمجرم بل يجب ترك فرصة كافية لتقاضي حقوقه وتصفية إقامته هو والمنتمين إليه من أفراد أسرته، ويكون لدولة هذا الأجنبي الذي تم إبعاده استعمال حق الحماية الدبلوماسية لطلب التعويض عن الإبعاد غير المشروع وقد تصل إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين أو عن طريق لجان المطالبات الدولية.
وهذا الأمر على خلاف ما هو مقرر في قانون إنشاء الدائرة الإدارية في دولة الكويت رقم 20 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982 والذي قرر منح المحكمة الإدارية النظر في المنازعات المتعلقة بقرارات إبعاد الأجنبي ومن ثم يمتنع على المحكمة الإدارية وسائر أنواع المحاكم النظر في مشروعية قرار إبعاد الأجنبي().
المطلب الثاني آثار الإبعاد
الإبعاد هو إقصاء الأجنبي عن البلاد، وإنهاء إقامته وهو ما يتطلب إخراجه فور إعلانه بقرار الإبعاد أو بعد إعطائه المهلة المقررة قانوناً لتصفية مصالحه، في ضوء الضوابط والقواعد المقررة في هذا الشأن، ويطبق هذا على الشخص المبعد دون باقي أفراد أسرته إذا لم يشملهم قرار الإبعاد فإن شملهم فيجب إبعادهم مع عائلهم.
وتوصي بعض الاتجاهات المثالية في فقه القانون الدولي بالاقتصاد في اتخاذ قرار الإبعاد بالنسبة للمتزوجين حتى لا يترتب عليه تفريق شمل الأسرة واضطرارها للرحيل الجماعي()، على أن مثل هذا الاتجاه يخالف ما تواضعت عليه التشريعات السائدة، وقد استقر القضاء الإداري في مصر على أنه:
“لا عبرة لما تتزرع به المدعية من أن علاقتها بزوجها لا تزال قائمة في نظر القانون، وأنها تتبع زوجها في حق إقامته بالبلاد، إذا أن أسباب الإبعاد التي تقوم بأحد الزوجين لا تعوق حكم القانون في وجوب إبعاده().
ولقد أخذ المشرع الكويتي بهذا النظر، حيث نص في المادة 17 من قانون الإقامة على أنه: “يجوز أن يشمل أمر إبعاد الأجنبي أفراد أسرته الأجانب المكلف بإعالتهم”.
ولقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون “ويجوز أن يشمل الأمر إبعاد أسرة الأجنبي معه- بشرط أن يكون هؤلاء أجانب مثله، وأن يكون مكلفاً بإعالتهم فيجوز إذن أن يشمل أمر الإبعاد زوجة الأجنبي وأولاده القصر، إذا كان هم الأشخاص الذين يعولهم، أما غيرهم من الراشدين الذين لهم مال وعمل مستقل عن مال أبيهم، فلا يبعدون إلا إذا بدر منهم شخصياً ما يوجب إبعادهم.
وقد تدق المسألة، فيما يتعلق بأثر قرار إبعاد زوجة الوطني خاصة في ظل استمرار علاقة الزوجية، ولقد أكدت محكمة القضاء الإداري على ضرورة التحقق من وجود أسباب قانونية تبرر مثل هذا الإجراء.
ومن آثار الإبعاد أنه يعد قوة قاهرة يستحيل معها تنفيذ العقود المبرمة معه ولا يلتزم بالتعويض في مواجهة المتعاقد الآخر، ويترتب على الإبعاد سقوط حق الأجنبي في الإقامة في البلاد إذا كان القرار صحيحاً، ويمنع من دخول إقليم الدولة إلا بإذن خاص من وزير الداخلية ويعاقب في حالة العودة دون صدور هذا الإذن الخاص أو مرور المدة المحظور فيها دخوله لإقليم الدولة المبعد منها، إلا إذا اضطر إلى الدخول بها لسبب لا دخل لإرادته فيه فهو يقع تحت طائلة قانون العقوبات لانعدام القصد الجنائي كما لو رفضت الدولة المبعد إليها دخوله في إقليمها أو اضطراره لعدم الخروج من دولة الإبعاد بسبب المرض أو لإلقاء القبض عليه لارتكاب جريمة معينة فيه.
وإذا ألغى قرار الإبعاد إدارياً أو قضائياً زال كل ما يترتب عليه من آثار بأثر رجعي، واعتبر كأن لم يكن وتعتبر إقامته متصلة ومستمرة().
الفرع الأول آثار الأبعاد على الشخص المبعد
1- آثار الأبعاد بالنسبة للأجانب:
أ – يعتبر الإبعاد في حكم القوة القاهرة فتفسخ العقود التي أبرمها الأجنبي مع الغير بقوة القانون بسبب الإبعاد ولا يكون هناك محل لمطالبة الغير بالتعويض عن مثل هذا الإجراء().
ب- يترتب على إبعاد الأجنبي سقوط حقه في الإقامة بالبلاد بعد صدور قرار الإبعاد إذا كان هذا القرار صحيحاً. فإذا عاد إلى البلاد منح إقامة جديدة كما لو قدم إلى البلاد أول مرة، أما إذا كان قرار الإبعاد في غير محله كما في حالة إبعاد الأجنبي بناء على تحريات غير صحيحة، ورؤى تصحيح وضعه القانوني بعودته للبلاد، أو كما في حالة قرار الإبعاد، فإن وضع الأجنبي لا يتأثر في هاتين الحالتين، وكأن قرار الإبعاد الذي صدر بحقه كان لم يكن ويكون على الإدارة أن ترد للطاعن الأجنبي جميع حقوقه وإن تعتبر إقامته مستمرة ويعود إلى الحالة التي كان عليها قبل صدور قرار الإبعاد في حقه().
ج- الأصل أن الإبعاد يقصر على من تقرر إبعاده ولكن قد يمتد إلى أشخاص آخرين إذا اجتمع لدى الإدارة مظنه اشتراك أفراد عائلة الأجنبي في الأعمال الأمنية التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار، فإن الإدارة قد تدخل أفراد الأسرة هؤلاء مع عائلهم في قرار الإبعاد خاصة وإن إبعاد الأخير دون أفراد أسرته أمر يخالف طبيعة الأمور فالزوجة من المناسب أن تكون بجانب زوجها وكذلك بالنسبة للأبناء الذين يخضعون لرعاية الوالدين أو عميدهم الذي تقرر إبعاده().
د – الغاية من إبعاد الأجنبي هو عدم رغبة الدولة في تواجده على أراضيها وبالتالي يمتنع عليه دخوله الدولة التي أبعدته، هذا الأثر يحمل بين طياته معاقبة الأجنبي عند عودته متى كانت عودته إرادية ودون توافر الإذن الخاص الذي يتطلبه القانون.
2-اثار الإبعاد بالنسبة لعديمي الجنسية (البدون):
1 ينصرف تعبير عديم الجنسية، بحسب ما جاء بالاتفاقية الدولية لسنة 1954م إلى “كل شخص لا تعتبره أي دولة من وطنيها عندما تطبق تشريعاتها بشأنه”.
ووضع عديم الجنسية في مجتمع معين هو وضع صعب ومعقد، نظراً لعدم تمتعه بجنسية المكان والوطن الذي يقيم فيه، الأمر الذي استدعى إلى سن اتفاقية دولية لتحديد مركزه في المجتمع الدولي، وهي اتفاقية دولية تنطبق على كل شخص لا يكون في عداد مواطني الدولة التي يقيم فيها ومن وطنيها إذا ما طبقت هذه الدولة تشريعها الخاصة بالجنسية عليه().
1 ولا خلاف في أن من لا يثبت تمتعه بجنسية محددة يعد من الأجانب ويرتب القانون الدولي للدولة المضيفة في مواجهتهم ومواجهة دولهم ـ بعض الحقوق والواجبات.
ويقرر القانون الدولي قاعدة مهمة في العلاقات الدولية الحديثة مفادها أن على الدولة التزاماً بقبول مواطنيها إذا ما أبعدوا عن دولة أخرى()، ولكن تثور الصعوبة بالنسبة لأبعاد البدون أو غير محددي الجنسية، فمن المقرر أن عديم الجنسية لا ينتمي إلى دولة معينة وإذا ما أبعد فقد لا توجد دولة تقبل دخوله إلى إقليمها، ومن ثم يضطر إلى الرجوع ثانية إلى إقليم الدولة التي أبعدته، وحينئذ يعاقب لمخالفة قرار الإبعاد ثم يُبعد ثانية بعد استيفاء العقوبة ويترتب على ذلك الوقوع في حلقة مفرغة لا سبيل إلى الخروج منها وإزاء ذلك يرى البعض الامتناع عن اتخاذ إجراء الإبعاد وبالنسبة لعديمي الجنسية وذلك على الأقل في الحالات التي لا توجد فيها دولة تقبل دخول المبعد إلى إقليمها، ويمكنه في الواقع الالتجاء إلى إجراءات أخرى من شأنها تحقيق نفس الغرض، كتحديد إقامة عديم الجنسية تمنعه من القيام بأي نشاط ضار بمصلحة الدولة() ومما هو جدير بالذكر أن عديم الجنسية يجوز تسليمه إلى الدولة التي تطلب ذلك وهذا الإجراء أكثر يسراً على الدولة التي يطلب إليها تسليمه من جراء الإبعاد، فإن عديم الجنسية ليس من السهل إبعاده، إذ أن المشكلة ستكون قائمة بصدد الدولة التي سوف تقبله لديها عند إبعاده بينما في حالة التسليم تتوافر دولة تقبل عندها عديم الجنسية().
وفئة البدون أو غير محددي الجنسية في دولة الكويت يمكن تقسيمها إلى مجموعتين الأولى “عديمو الجنسية القانونيون، أي الذين لا يتمتعون بأي جنسية وسيبقون لذلك إلى أن يمنحوا الجنسية الكويتية أو يكتسبوا جنسية دولة أخرى، أما الثانية فهي فئة من أخفى جنسيته الفعلية وصعب إثبات انتمائه إلى دولة أخرى مع تقبل الحكومية الكويتية لوضعه القانوني هذا لسنوات طويلة، وهذه الفئة ستبقى في حكم عديم الجنسية، ويمكن أن يطلق عليها “عديمو الجنسية الفعليون” إلى أن يثبت أنهم يتمتعون بجنسية دولة أخرى و أن يتمتعوا بالجنسية الكويتية أو يكتسبوا أي جنسية أخرى().
أما إبعاد البدون أو غير محددي الجنسية طبقاً لقانون الإقامة الكويتي فإنه للدولة أن تبع من لا ترغب فيه من الأجانب وهذه القاعدة تسري كذلك على عديمي الجنسية بشكل عام باعتبارهم من الأجانب إلا أن البدون في القانون الكويتي يتمتعون بوضع خاص، فطبقاً لنص المادة 25 فقرة (د) من قانون الإقامة استثنى أفراد العشائر الذين يدخلون الكويت براً من الجهات التي تعودوها لقضاء أشغالهم المعتادة، واعتبرت إقامتهم مشروعة ودون الحصول على تصريح في الإقامة طبقاً للقانون ورغم إلغاء الفقرة (د) من المادة 25 فإن هذا التعديل لا يمكن أن يمس الأوضاع القائمة، وذلك لأن التعديل يسري بأثر فوري ومباشر ومقتضى ذلك أن أحكام الإبعاد المقررة في قانون إقامة الأجانب رقم 17 لسنة 1959 لا تطلق على البدون أو غير محددي الجنسية ولا يوجد أي نص قانوني آخر يحكم وضعهم القانوني ومن ثم فلا يجوز إبعادهم طبقاً للقانون.
ويرى البعض إن مشكلة البدون أو غير محددي الجنسية لا يمكن أن تحل عن طريق الإبعاد وإنما منح هؤلاء الأشخاص الجنسية الكويتية أو استيعابهم ضمن المجتمع الكويتي بأي طريقة من الطرق
الفرع الثاني آثار الإبعاد على الدولة التي تطبق الإبعاد
3 تعهد التشريعات المعاصرة إلى جهة معنية تنفيذ قرارات الإبعاد وتخويلها السلطات التي تمكنها من النهوض بذلك، ولا يخلو الأمر من التنسيق مع جهات أخرى ذات صلة، وقد اسند المشرع الكويتي إلى إدارة الإبعاد في وزارة الداخلية اختصاص تنفيذ قرارات الإبعاد.
4 يجب على الدولة أن تتخذ الإجراءات الاحتياطية ضد الأجنبي المبعد خشية هربه ولذا فمن حقها أن تأمر بحجز من يرى إبعاده حتى تتم إجراءات الإبعاد بحقه واستجابة لذلك فقد نصت المادة 18 من قانون الإقامة الكويتي على أنه “يجوز توقيف الأجنبي الصادر أمر بإبعاده لمدة تزيد على ثلاثين يوماً إذا كان هذا التوقيف ضرورياً لتنفيذ أمر الإبعاد، كما نصت المادة 27 من قانون الإقامة المصري على أن “لوزير الداخلية أن يأمر بحجز من يرى إبعاده مؤقتاً حتى تتم إجراءات الإبعاد، قد فوض وزير الداخلية، مدير مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية فيما يتعلق باختصاصه المنصوص عليه في المادة 27 سالفة البيان.
كما يجب على الدولة إدراج الأجنبي على قوائم الممنوعين من السفر إذا لم يف بالتزاماته وأعبائه التي نتجت عن إقامته في أراضي الدولة، فإنه يتم إدراجه على قوائم الممنوعين من السفر لحين البت في أمره، وفي هذه الحالة تقوم أجهزة الشرطة بالمواني والمطارات بتنفيذ الإدراج عند تقدمه للسفر وهذا ما أكده كلا من المشرع الكويتي والمصري.
10 الأصل أن يتحمل المبعد نفقات إبعاده من ماله الخاص، وإذا لم يتوافر له المال اللازم لذلك تحملته الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي المبعد وإذا تعذر ذلك تحملت الدولة المضيفة نفقات إبعاده من البلاد، وقد نص المشرع الكويتي في المادة 21 من قانون الإقامة على أن “لوزير الداخلية أن يأمر بأن يكون نفقات إبعاد الأجنبي هو وأسرته وإخراجه من الكويت من مال هذا الأجنبي إذا كان عنده مال”.
أما المشرع المصري عادة إلى السفارات التابعة لدولة الأجنبي للعمل على تدبير الموارد المالية ولكن عند الضرورة تتحمل الحكومة مصاريف الإبعاد وذلك في حالة إعسار الأجنبي وعدم قدرته على تدبير تذكرة السفر ورفضت دولته تدبير ثمنها وتعرض حالته للنظر في ترحيله على نفقة الدولة.
12 قد تواجه الدول بعض الصعوبات عند تنفيذ قرار الإبعاد أو من في حكمهم، صعوبات تنبني في إبعاد الوطني الطارئ وعديم الجنسية أو صعوبة إبعاد الأجنبي لمناهضته نظام الحكم القائم في بلده وإبعاد الأجانب من أعضاء السلك الدبلوماسي.
فبالنسبة لإبعاد الوطني الطارئ فالقاعدة كما نصت عليها المادة 28 من دستور دولة الكويت هي عدم جواز إبعاد الوطنيين إلا أن تشريعات بعض الدول قد أجازت إبعاد الوطني الطارئ فيما لو ارتكب عملاً يبرر ذلك.
أما بالنسبة لإبعاد الأجنبي لمناهضة نظام الحكم القائم في بلده قد يكون من الصعب تنفيذ قرار الإبعاد خوفاً من تعرضه إلى بطش السلطات هناك وبالتالي يمنع تنفيذ الإبعاد بالقوة تمشياً مع التوجه العالمي الداخلي إلى ضرورة التقييد بمبادئ القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان واستجابة للاعتبارات الإنسانية.
أما بالنسبة لإبعاد أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي فيجوز بشرط أن يستند الإبعاد إلى أسباب خطيرة تتصل بصميم النظام العام، وأن يتم إخطار الدولة الأجنبية التي يتبعها عضو البعثة الدبلوماسية إخطاراً مسبقاً بهذا الإجراء، هذا بعكس الحال بالنسبة لرؤساء الدول الأجنبية، حيث استقر العرف الدولي والمعاملات الدولية على عدم جواز إبعادهم().
المبحث الثالث الأبعاد في القانون الكويتي والتشريعات الأجنبية وموقف حقوق الإنسان منه
المطلب الأول أنواع الأبعاد في القانون الكويتي
الفرع الأول: الأبعاد القضائي
أشتمل النظام القانوني لدولة الكويت على الأبعاد القضائي ويستفاد ذلك من نص المادة 79 من قانون الجزاء الكويتي وجاء فيها “كل حكم بالحبس على أجنبي يجيز للقاضي أن يأمر بإبعاده عن الكويت بعد الانتهاء من تنفيذ عقوبته، وذلك دون إخلال يحق السلطة الإدارية في أبعاد كل أجنبي وفقاً للقانون، فإذا حكم على الأجنبي بتسوية جناية أو عقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة حكم القاضي بإبعاده من الكويت بعد تنفيذ العقوبة، وعلى النيابة العامة إعلان أمر القاضي بمجرد الانتهاء من تنفيذ العقوبة إلى السلطة الإدارية التي يتعين عليها بتنفيذه” ونخلص من هذا النص إلى أن المشرع قد فرق بين فرضين:
الفرض الأول:
يكون فيه الأبعاد وجوبياً، وذلك إذا حكم على الأجنبي بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وهنا يجب على القاضي أبعاد الأجنبي بعد تنفيذ العقوبة ويستوي أن يكون الأجنبي له جنسية أو بدون جنسية()، فالأبعاد القضائي هنا عقوبة تبعيه وينبني على ذلك أنه لا يجوز الحكم بأبعاد الأجنبي في حالة ارتكابه مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في القانون ولو كانت العقوبة الأصلية المقررة مقيدة للحرية، وأنه لا يجوز الحكم بأبعاد الأجنبي كعقوبة تبعية إلا إذا كانت العقوبة الأصلية مقيدة للحرية().
الفرض الثاني:
ويكون فيه الأبعاد جوازياً وذلك في حالة الحكم بالحبس على الأجنبي وفي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يأمر بإبعاده عن الكويت بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة.
ويوجد حالة أخرى تندرج في مجال الأبعاد القضائي وهي التي ورد النص عليها في المادة 16/1 من قانون الإقامة الكويتي حيث نص على أنه “يجوز لوزير الداخلية أن يصدر أمر مكتوباً بأبعاد أي أجنبي ولو كان حاصلاً على ترخيص في الإقامة في الأحوال الآتية”:
أولاً: إذا حكم على الأجنبي وأوصت المحكمة في حكمها بأبعاده وهذه الحالة تدخل في نطاق مجال الأبعاد القضائي لا الإداري حيث تنحصر مهمة الإدارة بشأنها في تنفيذ ما قضت به السلطة القضائية ومن ناحية أخرى فإن الأحكام القضائية تأمر ولا توصي، فالأمر إذن لا يعتبر من جانب المحكمة مجرد رغبة أو توصية بأبعاد الأجنبي وإنما وهو أمر يتضمنه حكم قضائي يتعين بتنفيذه بالطرق المقررة ومن الجدير بالذكر أن القانون المصري لا يعرف سوي الإبعاد الإداري.
الفرع الثاني الأبعاد الإداري
القاعدة الأصولية هي أنه لا يجوز إبعاد الوطنين عن البلاد أو منعهم من العودة إليها ومن قبيل ذلك ما ورد بدستور دولة الكويت ومصر فالقاعدة أن الدولة تتحمل رعاياها وتتحمل عبء إقامتهم طبقاً للمبادئ الدستورية العامة التي تستمد قوتها من الضمير الإنساني الضمير الدولي().
والأبعاد الإداري أو ما يعرف بـ “الخروج الإجباري” هو إجراء تأمر الدولة بمقتضاه أجنبياً بمغادرة أراضيها وعدم العودة إليها وهو يختلف عن الإبعاد القضائي الذي يصدر بناء حكم يقضي بأبعاد الأجنبي عند أراضيها بسبب اقترافه جريمة.
هذا وقد أثيرت بعض المعايير كأساس لاتخاذ قرار الإبعاد:
أ – إن بقاء الأجنبي غير المرغوب فيه في الدولة يشكل خطراً على أمنها وسلامتها أو كيانها الاجتماعي أو الاقتصادي … وتستخدم الدول عبارات “الصالح العام أو النظام العام أو الأمن الوطني..” () والمشروع الكويتي بالمادة (16) من قانون إقامة الأجانب بعد أن ذكر بعض الأسباب في الفقرتين الأولى والثانية، جاءت الفقرة الثالثة، بالقول “إذا رأى وزير الداخلية أن إبعاد الأجنبي تستدعيه المصلحة العامة والأمن العام أو الآداب العامة” ثم جاءت هذه العبارة أيضاً بالمادة (26 مكرر) من اللائحة التنفيذية لذات القانون والنص على هذه العبارات تجعل هذا المعيار معياراً مرناً تستطيع الدولة من خلاله الإفلات من أية رقابة قضائية إن كان لها محل أو حتى دولية.
ب – ونظراً لعدم تحديد أسباب الإبعاد على نحو دقيق فقد طالب آخر بأهمية صياغة أسباب محددة يستند إليها قرار إبعاد الأجنبي إلا أن هذا القول ليس بالأمر السهل، ذلك أن أسباب الإبعاد لا يمكن حصرها ما دامت تستند إلى الصالح العام أو بحسب تعبير المشرع الكويتي “المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة”..
خاصة وأنه من المتعارف عليه أن سلطة الدولة في تقرير الإبعاد هي مسألة نسبية تختلف من وقت لآخر، فما لا يعتبر سبباً في وقت السلم قد يكون سبباً رئيسياً في زمن الحرب.. ولكن من الممكن ـ من الناحية العلمية والقانونية ـ إدراج أسباب الإبعاد في مجموعات على النحو التالي.
6 أسباب ترجع إلى القانون العام كإبعاد الأجنبي بعد الحكم عليه ببعض الجرائم على النحو الوارد بالمادة 79/جزاء.. على النحو المعروض بالإبعاد القضائي.. وهو ما أكده البند الأول من المادة (16) من قانون إقامة الأجانب بالقول: “إذا حكم على الأجنبي وأوصت المحكمة بإبعاده عن البلاد” وهي أسباب أقل إثارة لدى الفقه وشراح القانون، إلا أنها مع ذلك قد تثير بعض الأمور ـ في الوضع الكويتي ـ إذا ما حكم على الشخص الأجنبي بعقوبة الحبس في جنحة ولو كانت مرورية، نظراً لإطلاق النص… ويبدو أن جهة الإدارة كانت ومازالت تتجاوب مع بعض قرارات المحكمة بهذا الخصوص وتقوم بإبعاد الشخص الأجنبي المحكوم بالحبس بسبب ارتكابه مثل هذه الأفعال إذا لم تقض المحكمة بإبعاده عن البلاد.. فإذا كان الادعاء العام قد قدم المتهم للمحكمة بتهمة العودة بعد الإبعاد استناداً إلى ما هو ثابت بصحيفة سوابقه واعترافه من أنه قد أبعد إدارياً عن البلاد، فإن النعي على هذا القرار بالبطلان لإبعاد المتهم بسبب قضية مرورية في غير ملحه9.. ذلك أن المحكمة قد اطلعت على قضية المرور فاتضح لها أن المتهم قد قضى عليه بالحبس (قيادة سيارة تحت تأثير الخمر) كما احتوى الملف على صورة من القرار الصادر من وزير الداخلية يقضي بإبعاد المتهم عن البلاد إعمالاً لنص المادة (16) من قانون إقامة الأجانب وانتهت المحكمة بالقول “إن قانون الجزاء أعطى صلاحيات الأمر بإبعاد شخص أجنبي عن البلاد إعمالاً لنص المادة (79) من قانون الجزاء، كما أن القانون قد أعطى صلاحيات حق الإبعاد الإداري بحق أي أجنبي أدين بالحبس أو غيرها لوزير الداخلية إعمالاً لنص المادة (16) من قانون إقامة الأجانب، الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم التعرض لما دفع به وكيل المتهم من أن المخالفة لم يرتب عليها القانون الأمر بالإبعاد().
ويلحق بهذه الطائفة ارتكاب المتهم بعض الجرائم كالدخول للبلاد بصورة غير مشروعة أو مخالفة قانون الإقامة، لعدم رغبة الكفيل باستلامه خاصة بالنسبة للخدم وإلغاء إقامته، أو في حالة صدور حكم جزائي ضد المتهم القائل من أنه بحار يحمل هوية خاصة… حيث لم يظهر للمحكمة من استعراض الوقائع المقدمة من المتهم أنه جرى التأشير على هوية المتهم من قبل الموظف المختص بالرقابة، كما أن الإدارة قد تكتفي بإبعاد بعض الأشخاص المتسللين للبلاد دون تقديمهم للمحكمة().
وإذا كانت الأوراق وما تضمنتها التحقيقات وصحيفة سوابق المتهم أنه أبعد إدارياً بتاريخ… بسبب انتهاء مدة إقامة الزيارة، وعدم وجود وسيلة جلية للتعيش، وكانت المادة (16) من قانون إقامة الأجانب قد بينت الحالات التي جوز معها القانون لوزير الداخلية بإبعاد الأجانب إدارياً، ومن بينها كل من ليس لديه وسيلة ظاهرة للتعيش، فإن المحكمة ترى أنه لا يحق للمتهم العودة للبلاد إلا بإذن خاص إعمالاً للمادة (19) من قانون إقامة الأجانب().
9 عدم احترام العادات والتقاليد وخرق نظام الآداب العامة في المجتمع الذي يقيم فيه الأجنبي كالقيام بأعمال منافية للآداب كالدعارة والإتجار بالمواد الممنوعة ولعب القمار… وقد يكون هذا الإجراء بعد محاكمة الأجنبي كما سبق القول، إلا أنه قد يكتفي بإبعاده إذا لم تكن رغبة المجتمع بملاحقته جزائياً قائمة فتقديم الادعاء العام صورة قرار وزير الداخلية ـ أمام المحكمة ـ الذي يقضي بإبعاد المتهم وآخرين عن البلاد للعبهم القمار أو لقيامهم بأعمال منافية للآداب وقيم المجتمع الذي يقيمون فيه… فهي من الحالات المنصوص عليها في المادة (16) من قانون إقامة الأجانب والتي تجيز لوزير الداخلية إبعاد الأجنبي عن البلاد عند توافرها، ومن ثم فقد انهار الأساس الذي بني عليه الحكم المستأنف الذي قضى بمقولة أن إبعاد المتهم من قبل تم إدارياً دون توافر إحدى الحالات المنصوص عليها بالمادة آنفة الذكر().
10 أسباب سياسية، كالقيام ببعض الأنشطة في مجال التجسس أو الاشتراك في تدبير المؤامرات أو ارتكاب أفعال ضارة أو فوضوية كتنظيم أو الاشتراك في المظاهرات وأعمال التخريب… باعتبار أن هذا السلوك يتعارض واحتضان الدولة له() وذلك بعد محاكمة أن كان لها محل، وهي أيضاً إحدى الحالات التي تندرج في مضمون نص المادة (16) من قانون إقامة الأجانب.
11 تتخذ بعض التشريعات من بعض الأمراض المعدية والعجز أو الفقر الشديد من الأسباب الداعية لإبعاد المصابين بها من الأجانب، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية() والوضع الكويتي أيضاً وقد سبق الإشارة لبعض هذه النماذج.
12 ومن الملاحظ من جملة ما تقدم من أسباب أنها جميعاً تستند إلى المصلحة العامة أو الآداب العامة الواردة بالمادة (16) من قانون إقامة الأجانب، وهو معيار فيه من المرونة والاتساع بحيث يشمل كثير من الحالات حتى تلك الواردة ضمن القرار الوزاري رقم (206/88) بالمادة (26 مكرر) من اللائحة التنفيذية لقانون إقامة الأجانب على ما سنرى.
ثانياً: من يملك إصدار قرار إبعاد الأجنبي؟
اختلفت الدول في تسمية الجهة المختصة لاتخاذ قرار الإبعاد. فبعض الدول أعطت هذه السلطة للجهة القضائية ضماناً لحريات الأشخاص ولمنع تعسف السلطات الإدارية ـ وزارة الداخلية ـ أما البعض الآخر فقد ترك هذا الأمر لجهة الإدارة باعتبارها هي الجهة التي تقدر وتقف على أسباب الإبعاد من جهة واتخاذ هذه القرارات وتنفيذها بصورة عاجلة لاعتبارات أمنية من جهة أخرى. وهناك فريق يقف بين هذين الاتجاهين فيعطي السلطة القضائية هذا الحق دون إخلال بحق السلطة الإدارية في إبعاد كل أجنبي وفقاً للقانون كما فعل المشرع الكويتي… أما عن من يتولى اتخاذ القرار التنفيذي للإبعاد فاختلفت الدول في هذا الشأن، فقد يتولاه رئيس الدولة كما هو الحال في هولندا وبلجيكا، وقد يتولاه وزير الداخلية كما هو الحال في فرنسا وانجلترا ومصر والكويت().
فيجوز لوزير الداخلية ـ في الوضع المحلي ـ بحسب نص المادة (16) من قانون إقامة الأجانب أن يصدر أمراً مكتوباً بإبعاد أي أجنبي ولو كان حاصلاً على ترخيص بالإقامة.. بالشروط..:
أولاً: إذا حكم على الأجنبي وأوصت المحكمة في حكمها بإبعاده.
ثانياً: إذا لم يكن للأجنبي وسيلة ظاهرة للعيش.
ثالثاً: إذا رأى وزير الداخلية أن إبعاد الأجنبي تستدعيه المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة.
وقد جاء بنص المادة (28) من نفس القانون بما يفيد أن وزير الداخلية يصدر القرارات اللازمة للإبعاد.. وجاء القرار الوزاري رقم 206 لسنة 1988 مضيفاً المادة (6) مكرر إلى اللائحة التنفيذية للقانون وجاء نصها.
“يبعد الأجنبي إدارياً عن البلاد ولو كانت إقامته سارية المفعول في الحالات التالية:
1 إذا صدر ضده حكم بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.
2 إذا صدرت ضده ثلاثة أحكام جزائية إحداها مقيدة للحرية خلال خمس سنوات.
3 إذا صدرت ضده أربعة أحكام جزائية أياً كانت خلال خمس سنوات.
4 إذا كانت المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة تستدعي ذلك، ويتم تنفيذ الإبعاد في أي من الحالات المشار إليها سلفاً بالتنسيق مع الجهات المختصة.
وتتعدد أحوال إبعاد الأجانب فقد حددت المادة 16 من المرسوم الأميري رقم 17 لسنة 1959 بقانون إقامة الأجانب الكويتي البندين ثانيا وثالثا هذه الأحوال في الآتي إذا لم يكن للأجنبي وسيلة ظاهرة للعيش وإداري وزير الداخلية إن أبعاد الأجنبي تستدعيه المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة، ويطلق البعض على هذه الأحوال الأسباب العارضة لانتهاء الإقامة باعتبارها مبرراً سائغاً لإنهاء إقامته(). وذلك حتى لا يصبح الأجنبي عالة على المجتمع.
كما حددت المادة 26 من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بالأراضي المصرية أو الخروج منها أحوال أبعاد الأجنبي من ذوي الإقامة الخاصة إذا كان في وجودة ما يهدد أمن الدولة أو سلامتها في الداخل أو في الخارج أو اقتصادها القومي أو الصحة العامة أو السكنية العامة أو كان عالة على الدولة وقيدت ذلك بعرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة 29 من القانون ووجوب موافقتها.
ويبين مما سبق أن أسباب الأبعاد في القانونين الكويتي والمصري تبدو واحدة في مدلولاتها وغاياتها وإن اختلفت في عباراتها.
إن أحكام الأبعاد المقررة في قانون إقامة الأجانب رقم 17 لسنة 1959 لا تنطبق على البدون أو غير محددي الجنسية ولا يوجد أي نص قانون آخر يحكم وضعهم القانوني ومن ثم فلا يجوز إبعادهم طبقاً للقانون.
المطلب الثاني موقف حقوق الإنسان والتشريعات الأجنبية من الأبعاد
الفرع الأول: موقف حقوق الإنسان من الأبعاد
نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 1948 على حرية الإقامة كحق من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب كفالتها وحمايتها، فقد نصت المادة 12 من هذا الإعلان على أنه يحق لكل فرد أن يغادر أي بلد لما في ذلك بلدة، كما يحق له العودة إليه” ومن ذلك يسن أن للأجنبي الحق في مغادرة إقليم الدولة التي يقيم فيها في أي وقت يراه ودون حاجة إلى إبداء أي أسباب تكون قد دفعته إلى مغادرة الدولة التي يقم فيها، وهذا ما يسمي بالخروج الاختياري، وليس لسلطات الدولة أن تجبر الأجنبي على البقاء في إقليمها أو احتجازه إلا لأسباب قانونية محل محاكمته لارتكابه جريمة خلال إقامته على إقليم الدولة أو لدفع بعض الحقوق المادية المستحقة عليه لدولة مثل الضرائب أو الرسوم أو للأفراد مثل الديون والقروض().
كما يجوز أن يغادر الأجنبي إقليم الدولة بسبب انتهاء مدة إقامته المرخص له فيها من قبل السلطات الأمنية ورفضها تجديد الإقامة له، فهل توجب عليه أن يغادر البلاد لان إقامته فيها أصبحت غير مشروعة().
وقد جاءت الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان في مادتها السابقة مؤكدة على أن لكل إنسان الحق في الاعتراف له بشخصية قانونية أينما حل، وبالتالي يمكن القول بأنه يجوز للاجنبي في الدولة التي يقيم فيها أن يتمتع بجميع الحقوق القانونية.
وقد اهتمت الاتفاقيات الدولية اهتماماً كبيراً بتنظيم أبعاد الأجانب ويظهر هذا الاهتمام في أن حق الدولة في الأبعاد صار يشكل خطراً كبيراً على حق الفرد في الهجرة والإقامة والتنقل وهذه الحقوق كفلها القانون الدولي العام للأجنبي إلا انه كفل أيضاً لدولة الحق في أبعاد من يشكل خطراً عليها، أصبح حق الدولة في الأبعاد قاعدة قانونية من خلال ما تتمتع به الدولة من سلطات تقديريه واسعة في أنهاء إقامة الأجانب أو أبعادهم، وذلك وفقاً لحقها في البقاء وصيانه لمصالحها ويفرض القانون الدولي بعض القيود على حق الدولة في الأبعاد.
حيث يتطلب من الدولة المتخذة لقرار الإبعاد للأجنبي إثبات أن وجوده على إقليمها يهدد الأمن العام أو يمس بسلامتها في الداخل أو الخارج أو أن يكون هناك ضرر منه على الاقتصاد القومي أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو السكنية العامة().
وكذلك فإن تنفيذ قرار الإبعاد يلزم الدولة بأن يكون خالياً من الإجراءات التعسفية أو الخاصة بالكرامة الإنسانية، فيجب على الدولة عند تنفيذ قرار الإبعاد أن تتقيد بالحد الأدني المفروضة على الدخول نحو الأجانب وألا تتنازل عن هذا الحد مع مراعاة الحالة الصحية والاجتماعية.
ويجب على السلطات في الدولة عند اتخاذها قرار الإبعاد ضد الأجنبي أن تقوم بإبلاغه بهذا القرار، مع منحه فترة زمنية محددة لحين مغادرته البلاد، تمهيداً لأنهاء أي إجراءات أو معاملات أو تنفيذ أي التزامات يكون قد التزم بها الأجنبي المبعد أثناء فترة إقامته في تلك الدولة.
الفرع الثاني موقف التشريعات الأجنبية من الأبعاد
من المستقر عليه دوليا ان الدولة لا يوجد عليها التزام بالسماح للأجانب بالدخول الى أراضيها او الإقامة فيها خاصة فى حالة عدم وجود معاهدة صريحة تخول هذا الحق للأجانب، فإذا حاول الأجنبى الدخول الى إقليم الدولة كان من حقها منعة وإذا كان قد دخلها فلها الحق فى إبعاده.
ومن المبادئ المقررة فى العرف الدولى فإن للدولة ان تنظم دخول وخروج الأجانب الى أراضيها، وعادة ما يكون دخول الأجانب الى الدولة نوعاً من الضيافة خاصة إذا كان دخول الأجنبى بسبب ترحب به الدولة مثل السياحة او العمل او طلب العلم او التجارة او الاستثمارات او حتى لو كان بسبب العبور عبر أراضيها الى دولة أخرى ولأى سبب مشروع أخر بموجب القانون الداخلى لهذه الدولة.
وعادة ما تمنح الدولة الأجنبى حق الإقامة فى إقليمها لفترة معينة قد تطول او تقصر بحسب الغرض من هذه الإقامة ويغادر الأجنبى إقليم الدولة باختياره فى أى وقت يشاء خلال المدة المرخص له فى الإقامة فيها، ويلتزم بمصادرة الدولة التى يقيم عند إنتهاء مدة الإقامة مالم يكن قد حصل قبل ذلك على ترخيص من الجهة المختصة بتحديد إقامته لفترة أخرى.
وكما يجوز للأجنبى مغادرة إقليم الدولة باختياره، فأن هناك حالات يجبر فيها الأجنبى على مغادرة الدولة وذلك من منطلق المصلحة العامة لها او بما لها من حق فى منع دخول الأجنبى الى إقليمها ابتداء إذا كان ثمة ما يبرر ذلك قانوناً، من باب أولى يكون لها حق مطالبته بمغادرة البلاد فى أى وقت لما تتمتع به من سيادة على إقليمها وخاصة فى حالة ما إذا كان فى وجود ما يهدد سلامتها وأمنها سواء أكان للأجنبى فى زيادة مؤقتة ام دائمة، فلا يهم الفترة التى أقامها الأجنبى على أراضى الدولة سواء طالت ام قصرت، وسواء تم هذه المدة المرخص لها بالإقامة فيها من السلطة المختصة أم لم يتمها.
وتكليف الأجنبى بمغادرة البلاد دون رضاه هو ما يسمى بالإبعاد وهو إجراء يكون من خلال ما للدولة عن سلطة تقديرية فيما يعتبر ضاراً بشئونها الداخلية والخارجية وتلتزم لدولة فى إبعاد الأجنبى بمراعاة الواجبات الإنسانية وكرامة آدمية الأجنبى، وأن يكون الإبعاد إجراء خالياً من التعسف او فى سوء النية().
ومما هو جدير بالذكر الإشارة إلى تشريعات بعض الدول فيما يتعلق بالإبعاد على النحو التالي:
1 بالنسبة لقانون المملكة الأردنية الهاشمية فقد نصت المادة 9 من الدستور على أنه:
1- “لا يجوز إبعاد أردني من ديار المملكة”.
2- “لا يجوز أن يحظر على أردني الإقامة في جهة ما ولا يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة بالقانون”.
2 كما نصت المادة 16 من النظام الأساسي لسلطنة عمان على أنه “لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم أو منعهم من العودة إلى السلطنة”.
3 كما نصت المادة 38 من الدستور الدائم لدولة قطر على أنه ” لايجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعهم من العودة إليها”.
4 كما نصت المادة 37 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة على أنه “لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم من الاتحاد كما نصت المادة 38 على تسليم المواطنين واللاجئين السياسيين محظور”.
5 كما نصت المادة 56 من دستور الجمهورية اليمنية على “حرية التنقل من مكان إلى آخر في الأراضي اليمنية مكفولة لكل مواطن ولا يجوز تقييدها إلا في الحالات التي يبينها القانون لمقتضيات أمن وسلامة المواطنين وحرية الدخول إلى الجمهورية والخروج منها ينظمها القانون، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن الأراضي اليمنية أو منعه من العودة إليها”.
6 كما نصت المادة 28 من دستور الدولة الفلسطينية على أنه ” لايجوز إبعاد أي فلسطيني عن أرض الوطن أو حرمانه من العودة إليه أو منعه من المغادرة أو تجريده من الجنسية أو تسليمه لأي جهة أجنبية”.
7 كما نصت المادة 33/ فقرة 1 من دستور الجمهورية العربية السورية على أنه “لا يجوز إبعاد المواطن عن أرض الوطن”، وذات المادة فقرة 2 تنص على “لكل مواطن الحق في التنقل في أراضي الدولة إلا إذا منع من ذلك بحكم قضائي أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة”.
8 كما نصت المادة 17/ فقرة ب من دستور مملكة البحرين على أنه “يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها”.
الخاتمة
لخص الباحث من دراسته بشأن إبعاد الأجانب إلى عدد من النتائج والتوصيات.
النتائج
2 إن قانون الإقامة الكويتي يساير الاتجاهات الحديثة في شأن قبول الأجانب في الإقامة في أراضى الدولة، وفى تمتع الأجنبي بسائر الحقوق اللازمة لحياته وكيانه الإنساني.
3 لم يفرق القانون الكويتي في شأن أحكام إبعاد الأجانب عنه التشريعات المعاصرة إلا فى خصوص الضمانات المقررة للأجنبي في شأن الوطن فى قرارات الإبعاد، فإنه قد جاء قاصراً عن كفالة هذه الضمانات.
4 وجود التزام دولي على الدول بفتح أبوابها أمام الأجانب وذلك استناداً إلى قيام معاملات من رعايا الدول وتبادل مصالحهم وظهور أنواع جديدة من الروابط التى تحمل الطابع الدولى مما ساهم فى اعتبار الأجنبي عضواً فعلياً فى المجتمع الوطني للدولة.
5 تتقيد الدول بمحض إرادتها بمقتضى المعاهدات والاتفاقيات الدولية التى ترتبط بها مع باقى الدول والتى تحد من حريتها ولكن بمشيئتها ونظراً لما تراه فى ذلك لمصالحها الوطنية العليا وكذلك مصلحة رعاياها فى الخارج وتسمى معاهدات الإقامة، وبالتالي فأن للدول الحق فى إصدار مختلف القوانين واللوائح المتعلقة بقبول الأجانب مع مراعاة الاتفاقيات الدولية التى ترتبط بها.
6 يقتصر العرف وقواعد القانون الدولى بمراعاة الدول الحد الأدنى من الحقوق التى يتعين ان تقرها للأجنبي ولا يجوز ان تقل عن ذلك بأى حال من الأحوال باعتبارها تتعلق بكيانه الإنساني وبكافة النواحي اللازمة لحياته بإقليم الدولة خاصة إذا كانت إقامته بنية الاستقرار وليست إقامة عارضة ومن ذلك الى ان إقامة الأجنبي فى الدولة تفيد اندماجه فى جماعتها الوطنية مما يبرر منحه حقوقا أوسع من تلك الممنوحة للأجنبى غير المقيم والمتواطن فى إقليمها.
7 تتعدد أسباب إنهاء إقامة الأجنبي وهي تدور حول الأسباب القانونية والتي تتعلق أما بإنهاء الإقامة وعدم تجديدها في الوقت المحدد أو بالتغيب عن البلاد لفترة معينة ويمكن ردها إلى أسباب طبيعية وأسباب خاصة بظروف تتعلق بشخص الأجنبي ومنها الأسباب الأمنية، وهي أما أن تندرج في إطار التدابير الوقائية أو كانت تحقيقاً للمصلحة العامة او المحافظة على الأمن العام أو الآداب العامة وهي تدخل في عموم النظام العام بمشتملاته الثلاثة، وتتمثل في عدم حصول الأجنبي على سمة الدخول وصدور قرار سابق بإبعاده عن البلاد أو قرار بمنع الدخول للبلاد لدواعي أمنية.
التوصيات
2 إعادة النظر في إجراءات إنهاء إقامة الأجانب أو أبعادهم عن أراضي الدولة وذلك باختصار بعض هذه الإجراءات أو دمج بعضها البعض، على نحو يزيد من فعالية هذه الإجراءات ويضمن في الوقت ذاته أمن واستقرار البلاد.
3 ضرورة مراعاة قواعد القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية في شأن التعامل مع البدون (أو عنصر الجنسية) باعتبارها مشكلة ذات طبيعة خاصة مع استنهاض الجهات المعنية في استكمال الخطوات التي بدأتها الحكومة في هذا الصدد.
4 ضرورة مواجهة ظاهرة تجارة الإقامات، فعلي الرغم من تجريم هذه الظاهرة فإنها مازالت تلقي بظلالها في هذا الصدد والسبيل إلى مواجهة ذلك هو تشديد العقوبة المقررة في قانون الإقامة مع تفعيل الرقابة الأمنية في هذا الشأن.
5 ضرورة مراعاة إعادة النظر في إجراءات تنفيذ قرارات الأبعاد، باختصار هذه الإجراءات بما لا يخل بالضمانات المقررة للأجنبي في هذا الشأن.
6 ضرورة مباشرة الأجهزة الأمنية – كل في نطاق اختصاصته لمنع دخول الأجانب غير المرغوب فيهم إلى أراضي الدولة وهذا الأسلوب الوقائي أنما يجنب البلاد بغية الآثار التي تترتب على دخول الأجنبي غيرالمرغوب فيه إلى البلاد سواء من الوجهة الأمنية والاجتماعية أو غيرها.
7 ضرورة وضع آليات للتنسيق بين الجهات المعنية، ضماناً لتنفيذ قرارات الإبعاد دون أخلال بمقتضيات امن الدولة وسلامتها، مراعاة الواجبات الإنسانية المتعارف عليها في أبعاد الأجانب
المــراجـــع
المــراجـــع
أولاً:المؤلفات العامه والخاصه:
4. د/ إبراهيم أحمد إبراهيم ، القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، 2001.
5. د/ إبراهيم محمد العناني، القانون الدولي العام، دار الفكر العربي، دار الحمامي للطباعة، القاهرة ، 1987.
6. د/ أحمد أبو الوفا، الوسيط في القانون الدولي، الطبعة الأولي، القاهرة، دار النهضة العربية.
7. د/ أحمد قسمت الجداوي، الجنسية ومركز الأجانب، دار النهضة العربية، 1977.
8. د/ أحمد مسلم، المركز القانوني للأجانب، الطبعة الأولى، مطبعة دار الكتاب العربي، القاهرة، 1953.
9. د/ بدر الدين عبد المنعم شوقي، الموجز في القانون الدولي الخاص، دراسة مقارنة بين الفقه الدولي والأنظمة السعودية، سلسلة الكتاب الجامعي، الكتاب الثالث.
10. د/ حسام الدين فتحي ناصف، المركز القانوني للأجانب، الطبعة الثانية، القاهرة، دار النهضة العربية، 1996.
11. د/ رشيد حمد العنزي، الجنسية الكويتية/ دراسة للنظرية العامة للجنسية المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بشأن الجنسية الكويتية وتعديلاته، الكويت 1995.
12. د/ سليمان الطماوي، الوجيز في القانون الإداري، مطبعة جامعة عين شمس، 1989.
13. د/ شمس الدين الوكيل، الجنسية ومركز الأجانب، الطبعة الثانية، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1966.
14. د/ شمس الدين الوكيل، الموجز في الجنسية ومركز الأجانب، منشأة المعارف، الطبعة الثالثة، 1968.
15. د/ صباح عبد الرحمن حسن عبد الله، المبادئ القانونية للإبعاد، دراسة مقارنة، 2003.
16. د/ صبري محمد السنوسي محمد، الاعتقال الإداري بين الحرية الشخصية ومقتضيات النظام العام، دراسة شاملة لمختلف أسباب الاعتقال الإداري في كل من مصر وفرنسا والرقابة القضائية عليها، الناشر بدون.
17. د/ صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، مطبعة القاهرة والكتاب الجامعي، القاهرة، 1995.
18. د/ عبد الفتاح محمد سراج، النظرية العامة لتسليم المجرمين، دراسة تحليلية تأصيلية، بدون ناشر، بدون سنة.
19. د/ عصام الدين القصي، ضمانات الأجنبي في مواجهة قرار الإبعاد، دراسة مقارنة بين القانون المصري والفرنسي، القاهرة، مكتبة سيد وهبه، 1985.
20. د/ على صادق أبو هيف، القانون الدولي العام، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1993.
21. د/ فؤاد عبد المنعم رياض، الجنسية مركز الأجانب في القانونين المصري والمقارن، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، مطبقة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، القاهرة، 1984.
22. د/ فؤاد عبد المنعم رياض، الوسيط في القانون الدولي الخاص، الجزء الأول، الطبعة السابعة، دار النهضة العربية، 1992.
23. د/ قدري الشهاوي، أعمال الشرطة ومسئولياتها إدارياً وجنائياً، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1969.
24. د/ محسن الشبشكي، ورقة عمل في موضوع “الإقامة الدائمة في التشريع المقارنة، كلية الحقوق جامعة الكويت ـ 1980م.
25. د/ محمد إسماعيل علي، مبادئ القانون الدولي العام، مطبعة الجبلاوي، بدون ناشر، 83-1984.
26. د/ محمد السيد عرفه، القانون الدولي الخاص بالمملكة العربية السعودية الجزء الأول، الجنسية والمواطن ومركز الأجانب، الطبعة الأولي، الرياضة، دار المؤيد للنشر والتوزيع 2000.
27. د/ محمد حافظ غانم، مبادئ القانون الدولي الخاص، الموطن ومركز الأجانب، دار النهضة العربية، 1968.
28. د/ هشام على صادق، الجنسية والمواطن ومركز الأجانب، المجلد الثاني، منشأة المعارف بالإسكندرية.
29. د/ هشام على صادق، الجنسية ومركز الأجانب، المجلد الثاني، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1977.
30. الدكتور ماجد الحلواني، القانون الدولي الخامس وإحكامه في القانون الكويتي، مطبوعات جامعة الكويت، 73/1974.
31. عقيد د/ قدري الشهاوي، الموسوعة الشرطية القانونية، أعمال الشرطة ومسئوليتها إدارياً وجنائياً، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1969.
32. عقيد د/ قدري الشهاوي، الموسوعة الشرطية القانونية، القاهرة، عالم الكتب، 1977.
33. عميد د/ أحمد محمد أحمد مليجي، التنظيم القانوني لدخول ومعاملة الأجانب في مصر، 2002.
34. العميد/ عبد الله ملا حسين التركيب، المبادئ القانونية في إقامة الأجانب في القانون الكويتي في أربعين عاماً، 2000.
35. مقدم د/ صباح عبد الرحمن الغيض، سلطة الشرطة في إقامة الأجانب، دراسة مقارنة، 2004.
ثانياً: رسائل الدكتوراه:
5. د/ أحمد جاد منصور، الحماية القضائية لحقوق الإنسان، حرية التنقل والإقامة، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة عين شمس، 1997.
6. د/ حازم حسن عبد الجليل، مبدأ المساواة بين الدول في ضوء التنظيم الدولي المعاصر، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، 1974.
7. الدكتور/ بدر الدين عبد المنعم دسوقي، مركز الأجانب بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الخاص المصري، رسالة مقدمة إلى كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، 1971
ثالثاً: الأحكام القضائية:
2. القضية رقم (122/72) جنح مستأنفة، جنحة رقم 2615/71 (268/71) المباحث.
3. في هذا المعنى، حكم محكمة القضاء الإداري، القضية رقم 376/ق3 جلسة 6/6/1952، س4.
4. حكمها الصادر في 20/12/1955، المجموعة، س10، ص101.
5. حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 3/6ق جلسة 25/3/1954، س2.
6. حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 283/6ق جلسة 13/1/1954، س8.
7. حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 1342/6ق جلسة 25/3/1954، س8.
8. حكم محكمة القضاء الإداري القضية رقم 59/3ق جلسة 9/5/1950، مجموعة أحكام القضاء المصرية، السنة الخامسة.
9. حكم محكمة القضاء الإداري القضية رقم 1665/5 ق جلسة 24/5/1953 س 7.
10. حكم محكمة القضاء الإداري القضية رقم 11/5ق جلسة 29/1/1951، مجموعة أحكام القضاء المصرية، السنة الخامسة.
11. حكم محكمة التميز، الطعن رقم 85/94 جزئي جلسة 24/10/1994.
12. جنحة رقم 2886/73 (227/73) المباحث، (77/87) جنح المطلاع.
13. جنحة رقم 119/71 (243/70) المباحث، قضية رقم (225/71) جنح مستأنفة. جنحة رقم 234/76 (223/76) المباحث، قضية رقم (661/96) مرور جليب الشيوخ.
14. جنحة رقم 1189/71 ()111/71) المباحث، قضية رقم (410/71) جنح مستأنفة؛ جنحة رقم 2056/71 (201/71) المباحث، قضية رقم (698/71) جنح مستأنفة؛ جنحة رقم 2907/71 (314/71) المباحث، قضية رقم (9/72) جنح مستأنفة.
رابعاً: المقالات:
8. د/ إبراهيم محمد العناني، النظام الدولي الأمني، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، تصدرها كلية الحقوق، جامعة عين شمس، العدد الأول، السنة 34، القاهرة 1992.
9. د/ نعيم عطية ـ حرية السفر إلى الخارج ـ مقال منشور في مجلة العلوم الإدارية ـ العدد الأول يونيه 1991.
10. العميد/ محمد فتحي القاضي “إبعاد الأجانب” مجلة الأمن العام المصرية العدد (29) سنة 1965م.
11. العميد/ محمد فتحي القاضي (إبعاد الأجانب) مجلة الأمن العام المصرية العدد 29 سنة 1965، فتوى مجلس الدولة المصري في 26/7/1958.
12. د/ حسني درويش، إبعاد الأجانب من سيادة الدولة وموجبات الأمن، مجلة الفكر الشرطي، الشارقة، المجلد الثاني، العدد الأول، يونيو 1994.
13. د/ عبد الوهاب عيدول إبعاد الأجانب، مجلة الشرطة، العدد 163، السنة 14، أبو ظبي الإمارات العربية المتحدة، يوليه 1984.
14. د/ عصام الدين القصي، الإبعاد في إطار النظام القانوني لدولة الإمارات العربية المتحدة، مقال منشور في مجلة الفكر الشرطي، دولة الإمارات العربية، الشارقة، المجلد الثالث، العدد الأول، يونيو 1994.
15. د/ محمد فتحي القاضي، إبعاد الأجنبي، مجلة الأمن العام، العدد9، السنة 8، القاهرة، إبريل 1965.
16. د/ مصطفى كامل إسماعيل، إبعاد الأجانب، المجلة المصرية للقانون الدولي، المجلد الرابع، 1948.
بحث كبير حول ابعاد الاجانب