ولوج الأفراد للعدالة الدستورية ودوره في حماية الحقوق والحريات بالمغرب

Citizens’ access to constitutional justice and its role in the protection of rights and freedoms in Morocco

الدكتور عبد الرفيع زعنون باحث في القانون العام والعلوم السياسية

جامعة عبد الملك السعدي، كلية الحقوق، المغرب

Zaanoun Abderrafie, Researcher in Law and Political Science, PhD in Public Law

Abdelmalek Saadi University, Morocco.

Abstract :

the constitutional judiciary in Morocco has known important developments in recent years. This is seen in granting it new roles and guarantees under the Constitution of 2011 in harmony with the political and legal transformations_ through the combination between maintaining a political and abstract nature of the constitutionality of the laws , and between the adoption of a legal nature of judicial control via the integration of the citizen from his position as a litigant in self-defense in order to defend his rights and freedoms guaranteed by the Constitution.

This study intends to highlight the achievements of the Moroccan experience in the field of constitutional judiciary. This experience is strengthened by the adoption of the belief that a legislation is unconstutitional on the occasion of a dispute before the courts. This encourages idividuals to be interested and get inserted in the constitutional justice and are therefore expected to contibute to immunize the rights and freedom system. Again, this action hepls in the production of constitutional normality and pushes the authorities involved in legislation to take into account the human dimension in the process of drafting and producing legislative texts.

Keywords: Constitutional Justice, Judicial Supervision, Legislative Provisions, Basic Rights and Freedoms, Constitution.

الملخص :

عرف القضاء الدستوري بالمغرب تطورات مهمة في السنوات الأخيرة تُوجت بمنحه أدوارا وضمانات جديدة بموجب دستور 2011 في انسجام مع التحولات السياسية والقانونية، وذلك عبر المزاوجة بين الحفاظ على الرقابة القبلية ذات الطابع السياسي والمجرد على دستورية القوانين، بين وإقرار رقابة قضائية ذات طابع قانوني تروم دماج المواطن من موقعه كمتقاض في الترافع الذاتي من أجل الدفاع عن حقوقه وحرياته الأساسية المكفولة بموجب الدستور.

وتروم هذه الدراسة إبراز مكتسبات التجربة المغربية في مجال القضاء الدستوري، والتي تعززت بإقرار آلية الدفع بعدم دستورية مقتضى تشريعي بمناسبة نزاع معروض على المحاكم، بما يدعم من سبل وإمكانيات ولوج الأفراد للعدالة الدستورية وما لذلك من آثار إيجابية متوقعة على مستوى مساهمة الأفراد في تحصين منظومة الحقوق والحريات الأساسية وفي إنتاج المعيارية الدستورية ودفع السلطات المتدخلة في التشريع إلى مراعاة البعد الحقوقي في عملية صياغة وإنتاج النصوص التشريعية.

الكلمات المفتاحية: القضاء الدستوري، الرقابة القضائية، المقتضيات التشريعية، الحقوق والحريات الأساسية، الدستور.

مقدمة
يحتل الدستور وضعا ساميا في البناء القانوني للدولة، فبواسطته يتم تحديد شكل النظام السياسي ورسم معالمه المؤسساتية، وهو بذلك يعد المرجع الذي يحتكم إليه الجميع في حالة نشوء نزاع أو خلاف، بحيث لا يمكن لأي سلطة كيفما كانت أن تتجاوز منطوق وروح الوثيقة الدستورية وما تسعى إليه من تحديد لمجال تدخل السلطات وضمان للحقوق والحريات.

وقد أصبحت العدالة الدستورية تحتل صلب الرهانات المتعلقة بالإقرار الفعلي لدولة الحق والقانون، ولدور القضاء في حماية مصالح المواطنين من خلال تصفية المنظومة القانونية من كل المقتضيات التشريعية غير الدستورية، فإذا كان القانون مخالفا للدستور، فإن الأحكام التي تبنى عليه ستكون بكل تأكيد غير منصفة.

إن المناط الأساسي للتشريع وغايته المثلى تنظيم العلاقات الاجتماعية وإقرار الحقوق والحريات الفردية والجماعية، لكن المشرع قد ينحرف عن هذا المغزى بالنظر لإكراهات مرتبطة بصناعة وصياغة القوانين، أو لكون بعض مقتضيات النص التشريعي يمكن أن تؤثر على فعاليته توافقات معينة بين واضعي الإنتاج التشريعي لتخدم رهانات خاصة حسب موازين القوى والمصالح المتحكمة بالهيئة التي تتولى التشريع ما قد يقود أحيانا إلى إقرار قوانين تتضمن نصوصا مخالفة للدستور[1]، الأمر الذي يؤثر سلبيا على مكانة القانون في نفوس المواطنين ويفقد السلطة التشريعية اعتبارها وصدقيتها.

وحرصا على تسييد هذه المكانة السامية للدستور، يتوجب التنصيص على آليات الرقابة على الطابع الدستوري للقوانين تمهيدا لعدم إصدارها إذا كانت لم تصدر أو إلغاءها عند تطبيقها في حالة ما تم إصدارها[2]، بعد التحقق من تحجيمها أو تهديدها للحقوق والحريات المضمونة دستوريا.

وبهذا المعنى يعتبر القضاء الدستوري الضمانة الأهم لحماية الحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب الدستور بممارسته لرقابة سابقة، عبر فرضهِ وجوبَ عرض مشاريع القوانين عليه قبل إصدارها، أو رقابة لاحقة على القوانين النافذة في صورة الدفع بعدم دستورية نصوص القوانين[3]، التي دخلت حيز التطبيق وكشفت الممارسة بعض جوانب مخالفتها للدستور من حيث التأثير على المراكز القانونية للمواطنين والمس بحقوقهم وحرياتهم، فيفسح المجال للمتضررين بالطعن فيها بحيث يؤدي الحكم بعدم دستوريتها إلى الامتناع عن تطبيقها.

وسميت برقابة الدفع على اعتبار أنها لا تطالب بإلغاء القانون بل مجرد عدم تطبيقه في النازلة المعروضة، فهي رقابة قضائية بعدية تستهدف التأكد من دستورية مقتضيات قانونية دخلت حيز التنفيذ بعد استنفاد كل المساطر التشريعية، بشكل يضمن تطهير المنظومة القانونية من كل مظاهر التعارض مع نص وروح الدستور، انطلاقا من دعوى يرفعها المتقاضي للطعن في لا دستورية مقتضى تشريعي يمس حقوق أو حريات يضمنها الدستور.

فما مدى مساهمة المستجدات الدستورية والقانونية في تكريس الرقابة القضائية البعدية للمحكمة الدستورية بالمغرب ؟، وإلى أي حد يمكن التعويل على آلية الدفع الفرعي في تعزيز ولوج المواطنين للعدالة الدستورية كضمانة أساسية لمراقبة مطابقة المقتضيات التشريعية لمبادئ وأحكام الدستور الضامنة للحقوق والحريات الأساسية؟

وتتولد من صلب هذه الإشكالية فرضية أساسية مؤداها أن التقييدات المسطرية والتنظيمية قد تحد من الإسهام الإيجابي لآلية الدفع الفرعي في تحقيق العدالة الدستورية في ظل التعثر الذي عرفه مخاض تبلور القانون التنظيمي، وفي ضوء ظهور بعض الإرهاصات الأولية حول كيفية تعامل المحكمة الدستورية مع هذه الآلية.

وفي محاولة لتمحيص فرضية البحث والإجابة عن إشكالاته، سنرصد في البداية سياقات تبلور الرقابة القضائية على دستورية القوانين في التجربة المغربية، مع استنطاق الرهانات المتوخاة منها والمرجعيات التي تمتح منها (المبحث الأول)، على أن نعرج في المحور الموالي على تبيان ضمانات وحدود القواعد العامة الإجرائية لدعوى الدفع بعدم الدستورية، ومدى إسهامها في تحصين الحقوق والحريات الأساسية وتعزيز الولوج الفردي إلى العدالة الدستورية بالمغرب على ضوء التجارب المقارنة (المبحث الثاني).

المبحث الأول: سياقات ورهانات إقرار الولوج الفردي للعدالة الدستورية بالمغرب
عرف مسار العدالة الدستورية بالمغرب تحولات مسطرية وموضوعية ارتباطا بالتغييرات الجارية على الصعيدين الوطني والدولي، بل يمكن القول إن التقدم الحاصل في إقرار القضاء الدستوري وتوسيع اختصاصاته يعكس بشكل أو بآخر التقدم الحاصل في تجسيد دولة الحق والقانون وفي تفعيل مبدأ الفصل بين السلطات، بجعل الرقابة القضائية للمحكمة الدستورية تندرج كضمانة لحماية المواطنين من كل تعسف محتمل من طرف السلطتين التنفيذية والتشريعية (المطلب الأول)، وهو انتقال من رقابة سياسية قبلية إلى رقابة قضائية بعدية تمنح للمواطن إمكانية الولوج إلى العدالة الدستورية للدفاع عن حقوقه المكتسبة عبر آلية الدفع بعدم دستورية المقتضيات التشريعية التي تهدد الحريات والحقوق الأساسية التي أقرها الدستور (المطلب الثاني).

المطلب الأول: خلفيات ومرجعيات تكريس الرقابة القضائية على دستورية القوانين
تميزت التجربة المغربية في مجال القضاء الدستوري بهيمنة الرقابة السياسية البعدية، من خلال الفحص الإجباري أو الاختياري لدستورية القوانين التنظيمية والعادية والمعاهدات الدولية والأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، إلى جانب مراقبة صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء، وفي المقابل ظلت طرق المراقبة القضائية على دستورية القوانين منعدمة سواء عبر آلية الدفع الفرعي أو بطريقة الدعوى المباشرة، لأن الغرفة الإدارية في المجلس الأعلى ظلت تضفي الحصانة المطلقة على الظهائر الملكية سواء تضمنت تدبيرا فرديا أو تشريعيا[4]، في ظل وجود مقتضيات صريحة تمنع هذا النوع من الرقابة الدستورية.

ونشير بهذا الصدد إلى وجود مواد في عدة نصوص قانونية كانت تمنع على المحاكم بمختلف درجاتها وأصنافها أن تنظر في دستورية القوانين، فالفقرة الثانية من الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 نصت على أنه يمنع على المحكمة أن تبت في دستورية قانون أو مرسوم، الأمر الذي يعني أن على المحاكم أن تطبق المقتضيات التشريعية بغض النظر عن مطابقتها أو مخالفتها للدستور، وإذا أثير الدفع بعدم الدستورية فإنه يتوجب على المحكمة رفض الطلب حتى ولو تعلق الأمر بمخالفة واضحة.

وقد اعتبر البعض وقتئذ أن هذا الفصل يتعارض بشكل واضح مع الدستور، فالمحاكم في دولة الحق والقانون لها الصلاحية الكاملة في الامتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور، حينما يدفع صاحب الشأن في قضية معينة بعدم دستورية قاعدة قانونية يراد تطبيقها عليه، مادامت القواعد الدستورية تحظى بالسمو على سائر القواعد القانونية الأخرى، كما أن الدستور حينما ينص على مبادئ المساواة وحرية التجول وحرية الرأي والتعبير وحرية تأسيس الجمعيات فإنه يتوجه بالخطاب إلى السلطة التشريعية بأن لا تضع قواعد قانونية تتعارض مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، وفي حالة حدوث المخالفة فإن منطق الدستور الجامد يفرض على القضاء الامتناع عن تطبيق القوانين المخالفة للدستور[5].

واستنادا على مضمون المادة 25 من قانون المسطرة المدنية، فقد نصت المادة 50 من القانون رقم 90.41 الخاص بالمحاكم الإدارية على أنه لا يجوز للجهات القضائية أن تبت في دستورية القوانين[6]، وعلى الرغم من أن هذا القانون قد وسع نوعا ما من سلطة القضاة في تقدير شرعية أي قرار إداري، فإن الأمر لم يشمل النظر في تقدير مدى دستورية القانون المطبق على النازلة، رغم أن الدستور المراجع سنة 1992 قد نص على أنه لا يجوز إصدار أو تطبيق أي نص يخالف الدستور[7]، ونفس المقتضى كرسته المراجعة الدستورية لسنة 1996 من خلال الفصل 81، لكن مع استمرار الأثر المهيكل للفصل 19 الذي يعطي للملك موقعا فوق مؤسساتيا يسمو على كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، كممثل أسمى للأمة وكضامن للشرعية القانونية وحام لحقوق وحريات المواطنين والمجموعات الاجتماعية والجماعات المحلية[8].

صحيح أن القضاء الدستوري بالمغرب عرف تطورات مهمة على الصعيدين العضوي والوظيفي، لكن حق إثارة الرقابة على دستورية القوانين ظل في جميع الدساتير السابقة حكرا على المؤسستين التشريعية والتنفيذية[9]، حيث إن اللجوء للقضاء الدستوري في صيغه السابقة كان خاصا بالملك والوزير الأول ورئيس مجلس النواب والمستشارين، ولم يُفسح المجال للأفراد للولوج للعدالة الدستورية إلا بموجب الدستور الجديد، فإلى حدود سنة2011 لم يكن من صلاحيات المجلس الدستوري أو نطاق اختصاصه مراجعة دستورية القوانين بعد إقراراها، بالإضافة إلى ذلك لم يكن ممكنا للأفراد التقدم بشكاواهم مباشرة أو بطريقة غير مباشرة للمجلس الدستوري فيما يتعلق بانتهاك محتمل أو سابق للدستور[10].

فالمغرب ظل متأثرا بالنموذج الفرنسي في القضاء الدستوري عبر تكريس الرقابة السياسية والحذر في إقرار الرقابة القضائية على دستورية القوانين بسبب التخوف من عدم الاستقرار القانوني[11]، إذ لم يتم الاعتراف الدستوري بالرقابة القضائية في فرنسا إلا بموجب التعديلات الدستورية لسنة 2008 ومقتضيات القانون التنظيمي رقم 1523 سنة 2009[12] التي أضافت للمجلس الدستوري سلطة الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين وفقا لأسلوب الدفع الفرعي بعدم الدستورية في إطار ما سمي بالمسألة الدستورية ذات الأولوية.

وبجانب استلهام هذا التحول النوعي في العدالة الدستورية بالنسبة للتجربة الفرنسية، فإن المتتبع يلحظ بداية تأثر الدستور المغربي الجديد في مجال القضاء الدستوري إلى حد كبير بالتجربة الأنجلوسكسونية التي تأخذ بمبدأ المراقبة القضائية على دستورية القوانين وأعمال السلطات العامة[13]، ويتجلى ذلك بالأساس في التجسيد التدريجي لولوج عموم المواطنين إلى العدالة الدستورية بما يكفل حقوقهم المشروعة، والخروج عن معيارية النموذج الفرنسي فيما يخص آلية الدفع الفرعي في الكثير من تجلياته، وخاصة فيما يتعلق بكيفيات غربلة وتصفية طلبات الدفع.

لقد جاء دستور 2011 ليرتقي بجهاز مراقبة دستورية القوانين من مجلس دستوري إلى محكمة دستورية تمارس اختصاصات جديدة على قدر كبير من الأهمية، منها ما يعتبر توسيعا للاختصاصات الأصلية مثل المراقبة القبلية لدستورية المعاهدات الدولية، ومنها ما غيَّر من طبيعة القضاء الدستوري فبعدما كانت الرقابة التي يمارسها تقتصر على الرقابة السياسية الوقائية السابقة على صدور الأمر بتنفيذ القوانين، أضحت تجمع إلى الرقابة السياسية الرقابة القضائية التي تتيح إمكانية الدفع بعدم دستورية القانون بعد صدور الأمر بتنفيذه أثناء النظر في نزاع معروض على القضاء وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور[14].

ومن بين العوامل الأخرى لإقرار هذا الآلية نشير إلى التراكم الذي عرفته اجتهادات القضاء الإداري، فعلى الرغم من الدور الإيجابي للمحاكم الإدارية في حماية الحقوق والحريات الأساسية مثل الحق في الملكية والشغل وحرية التعبير، وفي تشجيع المواطنين على مواجهة تعسف وشطط السلطات الإدارية، فإن هذا الدور ظلت تعترضه صعوبات عملية جمة ترتبط بجوانب تقنية وبإشكاليات تنفيذ الأحكام والقرارات، إضافة إلى أن الحسم في العديد من القضايا يرتبط أساسا بقصور النص القانوني وعدم مطابقته للدستور، الأمر الذي يفرض إقرار آلية عملية للطعن في القانون غير الدستوري وليس في القرار الإداري غير الشرعي فقط.

وفي ظل محدودية القضاء الإداري في حماية المواطنين من تعسف الدولة فقد ارتفعت الأصوات الحقوقية لتطالب بإقرار آليات دستورية جديدة تعزز من موقع ودور القضاء الدستوري، ونشير على سبيل المثال إلى ما توصلت إليه هيئة الإنصاف والمصالحة من توصيات بدسترة مجموعة من الحريات والحقوق الأساسية[15]، وتحصينها بالقدر الكافي ضد أية تقلبات للعمل التنفيذي والتشريعي والإداري العادي، مع التنصيص على المقتضى الذي يجعل تنظيم هذا المجال من اختصاص القانون، مع سن ضمانات أخرى وقائية مع سبل اللجوء للعدالة لصالح المواطنين الذين قد يعتبرون أنهم تضرروا في ممارسة أية حرية من الحريات أو حق من الحقوق[16].

المطلب الثاني: ممكنات إسهام الدفع الفرعي في حماية الحقوق والحريات الأساسية
تعد الحقوق والحريات من أهم الركائز التي تقوم عليها الدساتير المعاصرة، ونظراً لأهميتها دائماً ما يُنص عليها في صلب الوثائق الدستورية، ولا يختلف اثنان أن القانون هو الضامن لهذه الحقوق والحريات، لكن الحماية الدستورية لهذه الأخيرة ليست مجرد حماية إيديولوجية أو فلسفية وإنما هي حماية قانونية في أسمى صورها يتقيد بها المشرع[17]، فالدستور يضمن الحقوق والحريات في إطار مبادئ عامة ينبغي ترجمتها في تشريعات يجب أن تأتي متطابقة مع الدستور كي لا تطيح القوانين بالضمانات الدستورية، ويؤدي تطبيقها من قبل المحاكم إلى خلل في ميزان العدالة[18].

ومن أبرز أوجه الحماية الفعلية لهذه الحقوق الدستورية إقرار وسائل تمكن من تحصينها والدفاع عنها، ومن هذه الوسائل حق الأفراد في الطعن بعدم الدستورية[19] التي تعتبر أداة لتكريس دولة الحق والقانون لكونها تسعى إلى حماية حقوق وحريات الأفراد من كل تضييق تشريعي، فهي تشكل قيدا على البرلمان في اعتماد قوانين قد تحمل خروقات لمبدأ الشرعية الدستورية، فهي وسيلة تهدف إلى حماية الدستور من أي خرق أو اعتداء وإلى وضع مبدأ سموه على غيره من النصوص الأخرى موضع التطبيق أي احترام مبدأ تدرج القوانين[20].

إن أي نظام دستوري لا يكتسب الطابع الديموقراطي إلا إذا كفل للأفراد جميع حقوق المواطنة، وعلى رأسها الحق في التقاضي دفاعا عن حقوقهم وحرياتهم أمام مختلف جهات القضاء العادي والإداري والدستوري، في مواجهة سلطة تشريعية تقيد من حدود استعمالها وسلطة تنفيذية تتعسف في منع ممارستها بدعاوى حفظ النظام، ورغم أن القضاء الدستوري غير كاف لوحده في تحقيق الاستقرار وخلق الشعور العام بالعدل والإنصاف فإنه يبقى من أهم المعايير الدولية المعتبرة في دولة الحقوق والحريات[21].

وقد أضحت العدالة الدستورية عبر مختلف دول العالم ركيزة أساسية في تعزيز الحماية القضائية للحقوق والحريات، وفي قيام الدولة الدستورية التي تكفل للأفراد حق الالتجاء إلى القضاء، ليعرضوا عليه أمرهم ويطلبوا إليه إنصافهم من ظلم أو اعتداء أو انتهاك يعتقدون وقوعه على حقوقهم[22]، وأصبح البعد الحقوقي للقضاء الدستوري يكتسب أهمية متعاظمة في ظل حراك سياسي واجتماعي وطني عنوانه العريض الدعوة إلى توسيع الحريات المدنية والسياسية، والإقرار الفعلي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية في ارتباط مع التحولات الجوهرية التي عرفتها الدستورانية الحديثة بربط الرقابة الدستورية على القوانين بتجسيد وصيانة الحقوق والحريات الأساسية.

لقد فرض سياق الإصلاحات السياسية الجديدة بالمغرب ضرورة تحصين حقوق المواطنين، بالانتقال من مجرد التنصيص الدستوري على حقوق وحريات بعينها إلى وضع الآليات العملية لتطبيقها وحمايتها بكيفية غير مباشرة عبر دور المؤسسات المتخصصة، وبطريقة مباشرة عبر تدخل المواطن نفسه تفاعلا مع الزخم الحقوقي الجديد ومع الرغبة في إغناء الثقافة الدستورية والقضائية للمواطن.

وتفاعلا مع هذه التحولات الوطنية والدولية فقد منح الدستور الجديد مكانة مهمة وحيزا كبيرا لحقوق الإنسان، وهو ما يمكن معه وصف دستور 2011 بدستور الحقوق والحريات[23]، ولم يكتف الدستور بإقرارها وإنما عمل على وضع الضمانات الأساسية لحمايتها من الشطط والتجاوزات باستعراض مجموعة من الآليات والوسائل الكفيلة بتمكين المواطنين من ممارسة هذه الحقوق[24]، بشكل يعيد الاعتبار للفرد داخل المنظومة السياسية الرسمية بمختلف تجلياتها التي جندت لها هيئات دستورية للسهر على حمايتها[25].

غير أن المستجد الأهم الذي تضمنته الوثيقة الدستورية الجديدة تمثل في تبني المشرع الدستوري المغربي لنظام المحكمة الدستورية والسماح للمرة الأولى في التاريخ الدستوري المغربي بوجود رقابة لاحقة على دستورية القوانين التي تقع تحت بند الحقوق والحريات في الدستور، إذا ما تم الدفع بعدم دستوريتها أثناء نظر قضية ما [26]، بما ينسجم مع التزامات المغرب الدولية[27]، على اعتبار أن عدم تمكين المواطن من حق الدفع بعدم دستورية نص تشريعي أو تنظيمي يمس بحقوقه وحرياته الأساسية يجعل من الانضمام إلى العهود الدولية مجرد إجراء شكلي[28].

ومن شأن تفعيل آلية الدفع بعدم الدستورية أن يُسهم في الارتقاء بالقضاء الدستوري، موازاة مع التطورات التي تعرفها حقوق الأفراد وحرياتهم وتنظيم العلاقة بين أجهزة الدولة، وكل هذا يصب في تقرير فكرة المشروعية ودولة القانون، من خلال تمكين المواطنين من الآليات الإجرائية التي تمكنه من الاتصال بالقاضي الدستوري لحماية حقوقه وحرياته[29]، فإذا كان القاضي هو الحامي الطبيعي للمشروعية بين الأفراد فإنه يجب أن يكون حاميها ضد أجهزة الدولة ومنها السلطة التشريعية عند خروجها عن أحكام الدستور[30]، بما يجعل من العدالة الدستورية آلية مثلى تضمن التوزان بين مختلف السلطات الساهرة على تفعيل الحقوق والحريات.

ويعتبر الاتصال المباشر للمواطن بالعدالة الدستورية ضمانة عملية مهمة لحماية الحقوق من كل تهديد، فالأفراد أدرى من غيرهم بحالات تعرض حقوقهم للانتهاك، وهذا من شأنه أن يؤكد الدور الإيجابي للأفراد في ممارسة شؤونهم مما يبعث في نفوسهم الرضا والإحساس المطمئن بالعدالة[31]، مما يسهم في الرفع من منسوب الثقة في القضاء وفي تجسيد الأمن القضائي عبر إشاعة جو من الشعور العام بالإنصاف.

وهذا التوسيع في وصول المواطنين إلى القضاء الدستوري عن طريق آلية الدفع بعدم الدستورية، يهدف بالأساس إلى جعل المحكمة الدستورية فاعلا مباشرا في حماية حقوق الإنسان وتكريس سمو الدستور وتنقية التشريعات من عناصر دخيلة لا دستورية من خلال دينامية محركها الأفراد[32].

كما تسهم هذه الآلية في تعزيز الثقافة القانونية والحقوقية لدى مختلف الشرائح الاجتماعية بدل أن تظل حكرا على النخبة السياسية والفكرية، بما يكرس سمو الدستور في ذهن المواطن كمرجعية معيارية لقياس مدى تمثل مجمل المنظومة القانونية لأحكام ومبادئ الدستور، فدفاع المواطن عن حقوقه المكتسبة التي أقرها وحصنها الدستور يجعله مدركا لتأثيرها على واقعه ومركزه ويرفع من دوره الإيجابي في الترافع الذاتي بتمكينه من الاعتداد بحقوقه المضمونة دستوريا[33].

إن التمكين القضائي للمواطن بتشجيعه على الولوج للقضاء الدستوري فرصة مهمة لاختبار مدى استقلالية وفعالية المنظومة القضائية، وللوقوف على التقدم الحاصل في تحقيق الانسجام بين مختلف أصناف المحاكم وتكاملها في حماية حقوق المواطنين، لما تتيحه المسطرة القضائية من حرية التقاضي والاستعانة بالدّفاع، يضاف إلى ذلك ما توفره علانية الجلسات وتعدد درجات التقاضي والاستعانة بوسائل الإثبات وتسبيب الأحكام من ضمانات للمتقاضي، الأمر الذي يحقق فعالية الرقابة ويجسد مبدأ سمو الدستور[34].

وينجم عن ذلك بالضرورة تكريس سيادة القانون واعتباره بمثابة أسمى تعبير عن إرادة الأمة، من خلال فحص دستورية القوانين وتراتبيتها من طرف المحكمة الدستورية حماية للحقوق والحربات من تعسف المشرع العادي[35]، مما سيمكن بدون شك من تصفية النظام القانوني من المقتضيات غير الدستورية وتأمين سمو الدستور في النظام المعياري الداخلي[36].

وعليه فإن انفتاح المشرع المغربي على الأفراد بتكريسه حق الولوج للعدالة الدستورية – عبر بوابة الدفع بعدم دستورية القوانين التي تنتهك الحريات والحقوق الأساسية -، يكون بذلك قد دخل أخيرا لنادي الدول التي تعمل بالرقابة القضائية التزاما منه بتعزيز واحترام الحقوق الأساسية للمواطنين[37].

وهو ما من شأنه الإسهام في خلق نوع من التوزان بين الرقابة السياسية السابقة والقضائية اللاحقة وتكاملهما، فكلما كانت الرقابة السابقة وفي جوانب منها تؤدي إلى وجود قوانين وتشريعات معيبة ومشوبة بعدم الدستورية بحكم وجود ما يسمى بالإحالة الاختيارية للقوانين العادية- مما كان يشكل خطرا داهما لمختلف الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور- تأتي الرقابة اللاحقة ومن خلال منح الأفراد الحق في الدفع لتسد هذا النقص وتشكل قيدا فعليا على النصوص القانونية التي خرجت من دائرة الرقابة السابقة[38].

وتتميز آلية الدفع الفرعي بعدم الدستورية ببعد ديموقراطي واضح لأنها تندرج ضمن رقابة قضائية موضوعية لا تهدد مبدأ الفصل بين السلطات[39] على اعتبار أن القاضي الدستوري لا يمارس التشريع ولا يتدخل في مهام البرلمان، فهو يكتفي بإقرار الامتناع عن تطبيق المقتضيات التشريعية المعارضة للدستور ثم إن الأعمال القانونية تنفصل عن البرلمان بمجرد صدورها من طرفه[40].

ويشكل هذا المستجد فرصة لتقييم التجربة السابقة وتوفير الظروف لنظام قضائي دستوري تتساكن في ثناياه كل من الرقابة السابقة واللاحقة، والعمل على تحصين مكاسب الأفراد للدفع بعدم دستورية قانون يمس الحريات والحقوق، وفق إجراءات مسطرية أكثر نجاعة يكون هدفها تطهير المنظومة القانونية المغربية من النصوص القانونية المشوبة بعيب عدم الدستورية ومدى تأثيرها على منظومة حقوق الإنسان[41].

وفي حالة مراعاة الشروط المطلوبة وإقرار الضمانات اللازمة فإن ذلك سينعكس على التفعيل الإيجابي لهذه الآلية في تحقيق عدة مكاسب على مستوى توسيع الحريات الأساسية وتحصين حقوق المواطنين، وهو ما سنعمل على رصده بتحليل تجليات وحدود المساطر الإجرائية للعدالة الدستورية بالمغرب مقارنة بالتجارب الدولية.

المبحث الثاني: الضمانات والحدود المسطرية لآلية الدفع بعدم الدستورية.
تتميز دعوى الدفع بعدم الدستورية بنوع من الخصوصية، فهي ترتبط بوجود نص قانوني أو تنظيمي يُراد تطبيقيه على النزاع المطروح على محاكم الموضوع، وهي بذلك مسطرة قضائية تقتصر على أطراف الدعوى وبالطعن في مقتضى تشريعي مهدد للحقوق والحريات إذا دفع أحد الأطراف بعدم مطابقة النص للدستور (المطلب الأول)، إلى جانب ارتباطها بالقواعد العامة الإجرائية المعمول بها أمام المحاكم العادية والمتخصصة مع وجود بعض التمايز في مسطرة التقاضي أمام المحكمة الدستورية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: شروط وخصوصيات الدفع بعدم الدستورية على ضوء التجارب الدولية
نص الفصل 133 من الدستور الجديد على أن المحكمة الدستورية تختص بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون، الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور، ومن أجل تحديد شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل كان لزاما إصدار قانون تنظيمي يدقق كيفيات الدفع بعدم الدستورية أمام مختلف أصناف المحاكم ويحدد مراحل ومساطر الإحالة على المحكمة الدستورية.

وقد تم إيداع مشروع القانون التنظيمي المتعلق بأجرأة هذا الفصل [42] في يوليوز 2016 بمجلس النواب الذي صادق عليه في قراءة أولى بتاريخ 8 غشت2017، ثم في قراءة ثانية في فبراير 2018 بعد إدخال التعديلات التي اقترحها مجلس المستشارين، لِيُحال إثر ذلك على المحكمة الدستورية التي قضت بعدم دستوريته[43] لمخالفة بعض مقتضياته للدستور بتاريخ 8 مارس 2018.

وعمل مشروع القانون التنظيمي في نسخته الجديدة على الأخذ بعين الاعتبار قرار المحكمة الدستورية[44] الذي رام تأطير وتدقيق شروط الدفع الفرعي، وهي تتوزع ما بين شروط ذات طابع عام موضوعي يرتبط بمجال وطبيعة النص القانوني المراد الاعتراض عليه، وبين شروط تتعلق بجوانب شكلية وبحيثيات مسطرية.

إن الدفع بعدم الدستورية وسيلة أساسية من وسائل الرقابة القضائية اللاحقة أقرها المشرع الدستوري لفائدة الأفراد عبر الطعن في عدم دستورية نص تشريعي سيطبق على نزاع معروض أمام محاكم الموضوع، مما يعني أن مجال الدفع الفرعي مفتوح في وجه المتقاضي فقط متى توفرت فيه الصفة والمصلحة وتعلق الأمر بالمساس بالحقوق والحريات التي يتمتع بها[45]، ويعني شرط المصلحة قيام الدليل على أن ثمة ضررا واقعيا مباشرا ممكن تصوره وتحديده قد لحق بالمدعي، وأن يكون السبب في هذا الضرر هو النص التشريعي محل الطعن بعدم الدستورية[46].

أما بعض التجارب الدولية في القضاء الدستوري فتأخذ بالدعوى الدستورية المباشرة، ونشير على سبيل المثال إلى جنوب إفريقيا وسويسرا وألمانيا، حيث يُسمح للمواطنين باللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية خارج إطار أيّ محاكمة، للمطالبة بالإعلان عن عدم دستورية قاعدة قانونية لانتهاكها حقا من الحقوق الأساسية.[47]

وبالنسبة للتجربة المغربية فهي أداة وضعها المشرع بيد المتقاضين، أي أنها غير متاحة لعموم المواطنين بل هي موقوفة حصرا على أطراف الدعوى، وبشكل أدق فهي تقتصر على المدعي والمدعى عليه وكل متهم أو مطالب بالحق المدني أو مسؤول مدني في الدعوى دون النيابة العامة حسب مشروع القانون التنظيمي للدفع بعدم دستورية قانون، على الرغم من أنها طرف أساسي في الدعوى العمومية.

ولذلك فقد اعترضت المحكمة الدستورية على المادة الثانية من مشروع القانون التنظيمي سالف الذكر، بالتأكيد على أن عدم تخويل النيابة العامة إلى جانب أطراف أخرى صفة طرف في دعوى الدفع بعدم الدستورية، يشكل مخالفة لما قررته الفقرة الأولى من الفصل 133 من الدستور[48]، ونشير بهذا الخصوص إلى توسع التجارب الرائدة في العدالة الدستورية في تحديد أطراف الدعوى لتشمل حتى الأشخاص المعنوية بما في ذلك الهيئات والمؤسسات العامة والخاصة كما هو الشأن بالنسبة للنموذج الفرنسي[49]، ولذلك فتوسيع عبارة أطراف الدعوى من شأنه ضمان أحقية المواطنين وفعاليات المجتمع المدني بالطعن في عدم دستورية القوانين[50].

ونشير كذلك إلى التجربة الإسبانية من خلال الفصل 162 من دستور 1978 الذي ينص على أن الطعن في عدم الدستورية متاح للنيابة العامة إلى جانب الأشخاص الطبيعيين والمعنويين ولمحامي الشعب، وهو المقتضى الذي كرسته المادة 46 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية الإسبانية، بالتنصيص على أن كل أطراف العملية القضائية الذين يتوفرون على مصلحة مشروعة معنيون بتقديم الدفع، ومن ضمنهم ممثل الادعاء العام والقاضي الذي من حقه إحالة الدفع بشكل تلقائي، ونفس الاختيار سلكته مصر والبحرين حيث للمحكمة إثارة الدفع بعدم الدستورية تلقائيا إلى المحكمة الدستورية بدون طلب من أطرف النزاع.

وبخصوص الحالة المغربية، فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من مشروع القانون التنظيمي بشكل صريح على أنه” لا يمكن أن يثار الدفع المذكور تلقائيا من لدن المحكمة“، مما يعني أن دعوى الدفع بالمغرب ليست من النظام العام ولذلك لا يمكن إثارتها من قبل القاضي تلقائيا بل هي مرتبطة فقط بأطراف الدعوى، على اعتبار أن الدفع الفرعي يعد حقا للمواطن ولا يجوز للقاضي أن يثيره من تلقاء نفسه ، وهو نفس المنحى الذي سلكه النموذج الفرنسي حيث منع القانون التنظيمي المتعلق بالمسألة الدستورية ذات الأولوية القاضي من إثارة الدفع إلا إذا تمسك به طرف من أطراف النزاع القضائي[51].

ولتعزيز الولوج إلى القضاء الدستوري يجب التوسع في عبارة الأطراف لتشمل جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية سواء أشخاص معنوية عامة كالهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات الإدارة الترابية أو خاصة كالشركات والجمعيات والاتحادات، وألا تقتصر عبارة الأطراف على المواطنين المغاربة بل أيضا حتى الأجانب لأن الحقوق والحريات الأساسية في الدستور تخص جميع الأشخاص على تراب المملكة، وبالحديث عن أطراف النزاع فالقصد كل طرف في الدعوى كيفما كانت جنسيته[52]، ونشير بهذا الصدد إلى اجتهادات المجلس الدستوري الفرنسي التي أقرت أن من حق كل المتواجدين فوق التراب الفرنسي مواطنين كانوا أم أجانب الطعن في عدم دستورية أي قانون يمس بحقوقهم عدا تلك المرتبطة بالجنسية مثل حق التصويت.

أما بالنسبة للقانون المطعون في دستوريته فينص الفصل 133 في فقرته الأولى على أنه تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، ويقصد به كل مقتضى ذو طابع تشريعي يراد تطبيقه في دعوى معروضة على المحكمة، ويدفع طرف من أطرافها بأن تطبيقه سيؤدي إلى خرق أو انتهاك أو حرمان من حق من الحقوق أو حرية من الحريات التي يضمنها الدستور، مما يعني أن الأمر يتعلق بقوانين عادية أما المراسيم والقرارات الفردية، فهي تبقى خاضعة لرقابة القضاء الإداري[53].

ويُلاحظ أن المشرع التنظيمي قد عمل على تدقيق المقصود بالقانون المراد منازعته الوارد في الفصل 133 من الدستور بربطه بكل مقتضى ذو طابع تشريعي يراد تطبيقه في دعوى معروضة على المحكمة[54]، بغض النظر عن الجهة التي تقدمت به وعن مسطرة المصادقة عليه، سيرا على الحالة الفرنسية، بحيث نص القانون التنظيمي المتعلق بالمسألة ذات الأولوية بأن الطعن يوجه ضد أي نص تشريعي، بما يعني أنه يشمل مختلف النصوص القانونية الصادرة عن البرلمان والمراسيم التي تصدرها السلطة التنفيذية.

ويشترط في هذه القوانين أن تكون سارية المفعول بعد استكمال مختلف العمليات المتعلقة بالمصادقة والنشر، ثم إن الدفع بعدم الدستورية لا يمكن أن يطال إلا المقتضى التشريعي الذي تم الدفع بعدم دستوريته وليس القانون برمته[55]، أي أن الطعن موجه ضد جزء من القانون من خلال مواد وفصول قانونية محددة، كما أن الدفع ينصب على مضمون القانون وليس على شكله والنقائص المتعلقة بطريقة صياغته.

أما بالنسبة لموضوع الطعن، فهو يرتبط بدفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور[56]، أي بمختلف الأحكام والمبادئ المضمنة في التصدير وفي الباب الأول، وبشكل أساسي انطلاقا من الباب الثاني المخصص للحريات والحقوق الأساسية، بمعنى أن المقتضيات التشريعية المهددة للحقوق والحريات يجب أن تُفحص استنادا على المرجعية الدستورية[57]، حيث لا يجوز للأفراد الدفع بعدم الدستورية إذا تعلق الأمر بمسار حقوق غير منصوص عليها في الدستور، فالدفع مقرون بوقوع ضرر على الحقوق المنصوص عليها بصريح العبارة وفي صلب الدستور[58].

وبهذا المعنى يتوجب التمييز بين الحقوق والحريات التي يمكن أن تكون محل انتهاك أو خرق بموجب القوانين المطبقة، وبين الحقوق والحريات التي تعود مهمة حمايتها وصونها إلى السلطات العمومية، فهذه الأخيرة تعتبر خارجة عن النطاق المشمول للحقوق التي يعتد بها حالة تعرضها إلى الخرق والتي تشكل مناط تحريك الدعوى الدستورية من لدن الأفراد[59].

ومن بين الحقوق والحريات الأساسية المحمية من قبل الدستور نشير إلى حريات التنقل والتعبير والتظاهر والتنظيم النقابي والسياسي والتجمع والإضراب وسرية المراسلات وحرمة المسكن واحترام الحياة الخاصة[60]، إضافة إلى المبادئ الدستورية أو ذات القيمة الدستورية المرتبطة بإقرار المساواة والمناصفة والمنافسة وحرية المبادرة والحصول على المعلومة وتكافؤ الفرص في الولوج إلى الوظائف والمرافق والخدمات العمومية.

ويتوقف التجسيد الفعلي للدفع الفرعي على إعطاء تعريف واسع وشامل للحقوق والحريات المكفولة دستوريا، على ضوء مفهوم الكتلة الدستورية ليشمل تلك المضمونة بموجب المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب[61] انسجاما مع مبدأ سمو المعاهدات الدولية، ونشير بهذا الصدد إلى بعض التجارب المقارنة مثل إسبانيا التي توسعت في تحديد النصوص الضامنة للحقوق الأساسية وللحريات العامة لتشمل المعاهدات الدولية والدستور والقوانين التنظيمية إلى جانب القوانين العادية والمراسيم التشريعية والأنظمة الداخلية[62]، ونفس الأمر بالنسبة للتجربة الفرنسية حيث اعتبر المجلس الدستوري أن قائمة الحقوق والحريات المكفولة دستوريا يجب تحديدها انطلاقا من مكونات الكتلة الدستورية والتي تتكون من الدستور وديباجته وما أحالت عليه من ميثاق البيئة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن[63].

المطلب الثاني: المساطر الإجرائية للدفع الفرعي وحدود إسهامها في تعزيز العدالة الدستورية
يدخل الدفع بعدم الدستورية ضمن الطعون القضائية وبالتالي يُشترط فيه اتباع نفس المساطر المعمول بها أمام المحاكم، حيث تنص المادة الرابعة من مشروع القانون التنظيمي على أنه تطبق أمام المحاكم المثار أمامها الدفع بعدم دستورية قانون قواعد قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية، وكذا أي مقتضى إجرائي آخر منصوص عليه في نصوص خاصة، حسب الحالة، مع مراعاة مقتضيات مسطرية خاصة تناسب خصوصية هذه الدعوى، فهي دعوى عينية وموضوعية تطعن في المقتضيات التشريعية المخالفة للدستور، ولذلك يمكن إثارتها في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، احتراما لمبدأ تعدد درجات التقاضي، وفي جميع الأحوال يجب أن يثار الدفع بعدم الدستورية قبل اعتبار القضية المعروضة على المحكمة جاهزة للحكم.

ويتم تقديم دعوى الدفع بعدم دستورية مقتضى تشريعي معين بواسطة مذكرة كتابية معللة مقدمة بصفة مستقلة، على اعتبار أنها دعوى منفصلة عن بقية إجراءات الدعوى الأخرى تحت طائلة عدم القبول[64]، ويُمكِّن شرط التعليل من إبراز أوجه مخالفة المقتضى التشريعي للنص الدستوري ومدى ارتباطه بموضوع الدعوى بكيفية واضحة ودقيقة، بشكل يسهل من مأمورية الجهة المكلفة بفحص وتقدير جدية الدفع.

ويُشترط في المذكرة أن تكون موقعة من قبل الطرف المعني أو من قبل محام، وإذا كان دور المحام مهما في ضمان جودة طلبات الدفع ، فقد يترتب عن هذا التمثيل القانوني تكاليف مالية، ورغم أن المشروع نص على إمكانية إعفاء المعني من رسوم المحكمة بموجب نظام المساعدة القضائية، لكن كان من الأفضل التنصيص على مجانية دعوى الدفع على غرار دعوى الإلغاء، لأن عدم تغطية هذه التكاليف من شأنه أن يُعيق إلى حد كبير الوصول إلى المحكمة الدستورية، ولذلك يتعين اعتماد نظام فعال للمساعدة القانونية يساعد الأفراد غير القادرين على تحمل النفقات عند الدفع بعدم دستورية القوانين، وأن يكون المحامون المعينون لمتابعة القضايا على قدر من الخبرة والكفاءة متناسب مع طبيعة الدعاوى التي يُنظر فيها[65].

ويجب أن تتضمن المذكرة المقتضى التشريعي موضوع الدفع بعدم الدستورية، الذي يعتبره صاحب الدفع أنه يمس بحق من الحقوق أو بحرية من الحريات التي يضمنها الدستور، وذلك ببيان أوجه الخرق أو الانتهاك أو الحرمان من الحق أو الحرية، وإبراز أن القانون موضوع الدفع هو الذي تم تطبيقه أو يراد تطبيقه في الدعوى أو المسطرة أو يشكل أساسا للمتابعة[66] ، وذلك تحت طائلة عدم القبول.

ونفس المصير يواجهه الدفع إذا تعلق الأمر بالطعن في عدم دستورية قانون سبق الفصل فيه أو أن تكون المسألة قد سبق التطرق لها في مناسبة سابقة[67]، إلا في حالة ظهور مستجدات وظروف جديدة، حيث تشترط المادة 15 من مشروع القانون التنظيمي أن لا يكون قد سبق البت بمطابقة المقتضى محل الدفع للدستور، مالم تتغير الظروف، وهنا تطرح إشكالية تأويل الظروف المتغيرة على اعتبار أن القضايا اللاحقة حتى وإن كانت متشابهة يمكن أن تتضمن أدلة وحججا أقوى واكثر إقناعا من تلك التي تم تقديمها في القضايا السابقة، كما يجب أن لا يحرم الضحية اللاحق من حقه في الإنصاف القضائي لمجرد أن دفعا سابقا لم يقدم بشكل جيد ومؤسس[68].

ويطرح إرساء الرقابة الدستورية اللاحقة جملة من التحديات، بعضها مرتبط بطبيعة الرقابة اللاحقة ذاتها، والبعض الآخر مرتبط بمعطيات عملية، ففتح باب اللجوء إلى المحكمة الدستورية وإن كان يُشكّل تقدّما في تكريس دولة القانون، لكنه يمكن أن يكون أمرا صعبا إذا ما ارتفع عدد الدعاوى بشكل كبير أو كانت الطعون غير جدية بشكل يؤول إلى إغراق مختلف المحاكم بالدعاوى[69]، فإذا كان من حق كل المتقاضين الولوج للعدالة الدستورية، فإنه في المقابل لا يتصور وصول كل طلبات الطعن إلى المحكمة الدستورية بدون أية آليات تصفية مع ما قد يستتبع ذلك من تضخم وتجاوز[70]، كما أن ذلك سيكون على حساب الجودة والفعالية وأيضا على حساب باقي أدوار المحكمة الدستورية.

ومن أجل ذلك تسهر محكمة الموضوع على التأكد من اشتمال مذكرة الدفع على الشروط الشكلية والموضوعية داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ إثارته أمامها، ويكون مقررها بعدم القبول غير قابل للطعن ويجوز إثارة نفس الدفع من جديد أمام المحاكم الأعلى درجة، أما إذا استوفت المذكرة الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة فيتوجب إحالتها إلى محكمة النقض داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام من تاريخ إيداعها.

وتمارس محكمة النقض دورا مزدوجا في مسألة الدفع بعدم الدستورية، فهي تبت مباشرة في الدفوع التي تثار بمناسبة قضية معروضة أمامها، وفي الدفوع التي تحال إليها من قبل محكمة أول دجة أو ثاني درجة، وفي هذه الحالة فهي تعمل على فحص جديتها داخل أجل ثلاثة أشهر بموجب مقرر معلل يُبلغ إلى المحكمة التي أثير أمامها الدفع ويحال إلى المحكمة الدستورية مرفقا بمذكرات ومستنتجات الأطراف[71].

وتبت محكمة النقض في جدية الدفع من حيث ارتباط النص القانوني المطعون في لادستوريته بالنزاع المطروح ومدى تأثيره الفعلي على المركز القانوني للمدعي، إذ يمكن أن توجد فجوة كبيرة بين شعور المتقاضي بانتهاك حقه المحمي دستوريا وحقيقة وجود هذا الانتهاك، ومناط الجدية في الدفع بعدم الدستورية هو أن يكون هذا الدفع ذو تأثير على الفصل في الدعوى الموضوعية، فضلا عن أن يولد هذا الدفع شكوكا لدى قاضي الموضوع حول المسألة الدستورية المثارة[72].

وتسهم عملية تقدير الجدية في عقلنة آلية الدفع وتوجيهها نحو ضمان النجاعة القضائية[73] وتحقيق العدالة الدستورية، ففرز الطعون التي استوفت الشروط يضمن وصول الدفوعات الجدية فقط للمحكمة الدستورية واستبعاد الدفوع الكيدية الواضحة والتي لا يقصد منها غير تعطيل الدعوى، وكذلك الدفوع غير المؤثرة في الفصل في الدعوى، كأن يتعلق الدفع بنص لا ينطبق على الواقعة محل النزاع حتى وإن ورد في ذات القانون[74] ، مما يسهم في تحسين كفاءة اشتغال القضاء الدستوري بشكل يُراعي دوره كجهة تراقب مطابقة القوانين للدساتير وليس كجهة تقاضي، ما يمكن معه اعتبار المحكمة الدستورية كمختبر لتحليل وتشخيص المرض أو الفيروس بعدما تكون محكمة النقض قد أكدت ضرورة خضوع المريض للفحص[75].

غير أن المحكمة الدستورية اعتبرت أن تقدير الجدية الموكول للهيئة المحدثة بمحكمة النقض يحولها إلى مراقب أولي للدستورية، إذ إن الحسم في الطبيعة التشريعية للمقتضى القانوني المعني، وتحديد قائمة الحقوق والحريات المضمونة دستوريا، يعد من الاختصاصات التي تنفرد المحكمة الدستورية بممارستها، ولذلك فقد قضت بعدم دستورية آلية التصفية المنصوص عليها في المادة 11 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون.

لكن فحص الجدية لا يعني أن المشرع التنظيمي قد أسند للقضاء النظر في دستورية القوانين، بل إن وظيفة القاضي تنحصر في هذا الإطار في إحالة الأمر على المحكمة الدستورية[76] ويوقف النظر في الدعوى إلى حين البت في الدفع المثار، ابتداء من تاريخ صدور المقرر القاضي بالإذن لمثير الدفع بتقديم دفعه أمام المحكمة الدستورية[77]، غير أن المحكمة تعمل على استئناف البت في الدعوى في حالة عدم إدلاء مثير الدفع بما يفيد تقديم دفعه أمام المحكمة الدستورية ولم تشعر هذه الأخيرة المحكمة المعنية بذلك داخل الأجل المحدد، أو إذا بلغت المحكمة بقرار المحكمة الدستورية القاضي بعدم قبول أو برفض الدفع[78].

وتتميز مسطرة التقاضي أمام المحكمة الدستورية بالعلنية والتواجهية وبالطابع الكتابي من خلال تبادل المذكرات الجوابية والتعقيبية، عبر مذكرة الدفع المقدمة من قبل أطراف الدعوى، ومن خلال إدلاء رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بملاحظات كتابية بخصوص موضوع الدفع.

وبعد استكمال مختلف المراحل يبت القاضي الدستوري في دعوى الدفع الفرعي، فإن رأى بأن المقتضى التشريعي لا يطابق الدستور فإنه يحكم برفض الدعوى الدستورية، أما إن قدر بكون هذا المقتضى يحمل مخالفة للنص الدستوري فإنه يحكم بعدم دستوريته عبر قرار يبلغ إلى المحكمة المثار أمامها الدفع وإلى الملك ورئيس الحكومة ورئيس كل مجلس من مجلسي البرلمان وللأطراف[79].

وتعتبر قرارات المحكمة الدستورية ملزمة حيث ينجم عن تصريحها بعدم دستورية المقتضى التشريعي المطعون فيه توقيف العمل به حال إصداره [80]، ونسخه ابتداء من تاريخ تحدده المحكمة الدستورية في قرارها طبقا لأحكام الفصل 134 من الدستور من أجل ضمان استقرار المراكز القانونية للأطراف[81]، وهو نفس المنحى الذي ذهب إليه النموذج الفرنسي، حيث تنص المادة 62 من الدستور على أن القرار الصادر بعدم دستورية قانون معين يطبق بأثر مباشر يسري اعتبارا من نشر القرار في الرسمية مع منح المجلس الدستوري إمكانية تأجيل تطبيق القرار وتحديد وقت بدء تطبيقه في تاريخ لاحق وفقا لسلطته التقديرية[82].

ويتسم قرار المحكمة الدستورية بحجية مطلقة حيث لا يقبل الطعن بأي طريق فهو ملزم للكل فيصبح القانون غير صالح للتطبيق في أي نازلة ولا يمكن إثارة قضية مرتبطة به لاحقا، وتلتزم مختلف محاكم المملكة بالتفسير الذي تعطيه المحكمة الدستورية للمقتضى القانوني موضوع الدفع، والذي قررت هذه الأخيرة مطابقته للدستور تحت شرط هذا التفسير[83].

لا شك إذن في أن مراقبة الدستورية في نطاق دستور 2011 عرفت تطورا ملموسا على مستوى توسيع دائرتها وتجويد إجراءاتها، لكن الأكيد أن هذا التقييم لن تكتمل عناصره إلا بعد صدور القانون التنظيمي المتعلق بشروط وإجراءات تطبيق الدفع بعدم دستورية القوانين الذي يثار أمام المحاكم، ولعل المرآة الأفضل لانعكاس هذا التطور هو ما سيتجلى في ممارسة المحكمة الدستورية واجتهاداتها في مراقبة الدستورية[84]، حيث من المفروض أن تسهم في تكريس نجاعة العدالة الدستورية وفي حماية الحقوق الأساسية للمواطنين، إضافة إلى توجيه السلطة التشريعية نحو مراعاة الجوانب الحقوقية قبل إقرار أي نص تشريعي.

ونشير على سبيل المقارنة لدور المسألة ذات الأولوية وما حققته من مكتسبات في حماية الحقوق والحريات بفرنسا، حيث قضى المجلس الدستوري بعدم دستورية بعض مواد قانون المسطرة الجنائية التي تمس بحق الدفاع بالنسبة للشخص الموقوف بشكل مؤقت، وتوسيع نطاق تدخل المحامي ليشمل التحقيق التمهيدي [85]، كما قضى في قرارات أخرى بحماية الحقوق الأساسية كحق الملكية والحق في الكرامة وحرية التنقل والحرية النقابية واحترام الحياة الخاصة والحريات الفردية، وتحصين المبادئ الدستورية مثل مبدأ المناصفة والمساواة ومبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية، والمبادئ ذات القيمة الدستورية مثل الحفاظ على النظام العام واستمرارية المرافق العمومية[86].

في الواقع إن وجود المحكمة الدستورية في الدستور المغربي النافذ حاليا، وإناطة مهمة الرقابة القضائية عن طريق الدفع بعدم دستورية القوانين يعد تطورا دستوريا وديموقراطيا مهما، ولذا فإنه يلزم العمل على تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية المتعلقة بعدم الدستورية في مواجهة السلطات العامة والكافة من الأشخاص الطبيعية والاعتبارية إعلاء للشرعية وضمانا لحقوق الأفراد وحرياتهم[87]، وهو ما يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية ضرورة التعاون من أجل إنجاح هذه الآلية بما يخدم في نهاية المطاف تحقيق الأمن القانوني والقضائي والارتقاء بالعدالة الدستورية.

خاتمة
يشكل الدستور أسمى إطار قانوني ينظم العلاقات بين السلطات وبين المواطنين ويحدد الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وعلى ضوء روحه ونصه يجب أن تنضبط المنظومة التشريعية، وهنا تتجلى الفلسفة العامة للرقابة الدستورية في تكريس سمو الدستور وتراتبية القوانين وفي توسيع مجالات حماية حقوق وحريات المواطنين.

ويأتي توسيع الحقوق المضمونة من الطرف الدستور المغربي الجديد، في إطار استكمال المقومات القانونية لدولة الحق والقانون كما أقرتها المعايير المحددة في الاتفاقيات الدولية، غير أن صون الحقوق والحريات لا يقتصر فقط على مجرد الاعتراف القانوني، بل يرتبط بالدرجة الأولى بإقرار آليات عملية كفيلة بتحصينها وحمايتها من كل تهديد من طرف السلطات التشريعية والتنفيذية، عن طريق تمتيع المواطنين بأدوات فعلية تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم في مواجهة كل المقتضيات القانونية المخالفة لأحكام الدستور.

ويعتبر الدفع الفرعي آلية مهمة لتجسيد العدالة الدستورية، عبر الانتقال من رقابة سياسية سابقة ذات بعد مجرد إلى رقابة قضائية لاحقة فعلية على نصوص دخلت حيز التفعيل، وظهرت بعض عيوبها وتهديداتها على حقوق وحريات المواطنين الذين لم يظلوا فقط كهدف لتحقيق العدالة بل أدوات فعالة لإحقاقها من موقعهم كمتقاضين.

وبهذا المعنى فإن العدالة الدستورية تستهدف في المقام الأول حماية المشروعية القانونية، وتطهير المنظومة التشريعية من كل الشوائب غير الدستورية بما يسهم في تحقيق الأمن القانوني، عبر تعزيز معيارية وسلامة القانون والرفع من مطابقته للمبادئ الدستورية بما يضمن استقرار المراكز القانونية للمواطنين وقدرتهم على مواجهة كل نص يهدد مصالحهم.

وقد سبق أن أبرزنا أن الولوج الفردي للعدالة الدستورية يتسم بنوع من الخصوصية، فالدفع بعدم الدستورية مرتبط بوجود محاكمة ومنحصر في أطراف الدعوى، كما يتميز بالموضوعية لأن المحكمة الدستورية لا تفصل بشكل مباشر في النزاع بين أطراف الدعوى بل تنظر فقط في مدى مخالفة أو مطابقة النص المطبق على الدعوى للحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور.

إن توفير الحماية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية هو مجال عمل القاضي الدستوري غير أن التوجه العام لأجرأة هذه الآلية من خلال مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 ومن خلال قرار المحكمة الدستورية رقم 70.18، يطرح بعض الإشكاليات حول محدودية إسهام هذه الآلية في حماية الحقوق والحريات الأساسية.

إن فعالية دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق والحريات دونها العديد من الشروط التنظيمية والسياسية المرتبطة أساسا بتحصين استقلاليته وعدالة وبساطة مساطره وإجراءاته بشكل يفسح المجال للمواطنين للولوج للعدالة الدستورية عبر ضمانات عملية، وارتباطا بذلك فإن التجسيد الفعلي لآلية الدفع الفرعي يتوقف أيضا على تهيئة الظروف المناسبة على تفعيلها وفي مقدمها تدريب القضاة والمحامين على مساطر العدالة الدستورية وتحسيس المواطنين بأهمية هذه الآلية وضرورة استعمالها بشكل صحيح تفاديا لإغراق المحاكم بطعون غير جدية قد تشكل عبئا إضافيا على كاهل المحاكم في غياب بنيات مكلفة بالفرز والتصفية، بعد أن أغلق قرار المحكمة الدستورية الباب بصفة نهائية في وجه محكمة النقض لتقدير جدّية طلبات الدفع بعدم الدستورية.

غير أن إبعاد وظيفة محكمة النقض عن عملية تقدير جدية الدفوعات مخافة تحولها إلى مراقب سلبي للدستورية والتأكيد على اقتصاره على المحكمة الدستورية، سيؤثر على فعالية هذه الأخيرة في معالجة الطعون بالسرعة والنجاعة المطلوبة، الأمر الذي يفرض ضرورة إقرار آليات عملية لتصفية طلبات الدفع، لأن المحكمة الدستورية لا تستطع معالجة كل الطلبات بالنظر لطابعها المركزي والمتخصص وأمور أخرى مرتبطة باللوجستيك والموارد البشرية، وما دام أن المحكمة الدستورية متشبثة بصلاحياتها الشاملة في تقدير مدى دستورية القوانين فعلى الأقل يتوجب إحداث بنية داخلية يشرف عليها قضاة ذوو خبرة وتجربة من أجل غربلة الدفوعات وفحص جديتها.

ومن شأن هذه التدابير وغيرها أن تسهم بشكل إيجابي في تأطير وعقلنة آلية الدفع الفرعي بما يضمن فعاليتها والرهان المتوخى منها والمتمثل بشكل أساسي في ربط العدالة الدستورية بالحماية الفعلية للحريات والحقوق الأساسية للمواطنين وبتطهير المنظومة القانونية من مختلف المقتضيات المخالفة للدستور.

قائمة المراجع والمصادر

أولا: المراجع باللغة العربية

الكتب:
أحمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق والحريات، الطبعة الثانية، دار الشروق، القاهرة،2000
أحمد مفيد، النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية، الطبعة الثانية، مطبعة أنفو برانت، فاس،2015.
أنطوان مسرّه، المواطن والعدالة الدستورية، الكتاب السنوي للمجلس الدستوري اللبناني، المجلد السادس، بيروت ،2012
دعاء، الصاوي يوسف، القضاء الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014.
رمزي الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستوري، دار النهضة العربية، 1983.
عبد الحق بلفقيه، دعوى الدفع بعدم دستورية نص تشريعي ما بين رؤية المشرع الدستوري وتدخل القاضي الدستوري دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، مطبعة اسبارطيل، طنجة، 2019.
عبد الرحمان الشرقاوي، التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية والعدالة المعاملة أو البديلة، الطبعة الثانية، دار الباحث، 2015.
عبد العزيز محمد سالمان، نظم الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة، سعد السمك للمطبوعات القانونية، 2002.
عبد المنعم كيوة ،القيود الدستورية في تحديد القانون الضوابط الحقوق والحريات الأساسية في الدساتير الحديثة بالبلدان العربية، دراسة مقارنة، ضمن الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري:2015-2016″،المنظمة العربية للقانون الدستوري، تونس ،2017.
عصام سليمان، الدفع بعدم دستورية قانون”، الكتاب السنوي للمجلس الدستوري اللبناني، المجلد 12، بيروت ،2018
عمر العطعوط، المحاكم الدستورية بعد الثورات العربية الصفة والمصلحة والولاية القضائية والاستقلال القضائي، دراسة مقارنة، الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري:2015-2016. تونس ،2017.
محمد أتركين، دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية، الإطار القانوني والممارسة القضائية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2013
محمود حمد: “الرقابة على التشريعات في العالم العربي: نماذج مختارة ودروس مستفادة، ضمن” الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري:2015-2016″، المنظمة العربية للقانون الدستوري، تونس ،2017
محمود سامي جمال الدين، النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005
المختار مطيع ، القانون الدستوري وأنظمة الحكم المعاصرة”، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998.
مصطفى قلوش، المبادئ العامة للقانون الدستوري”، الطبعة الرابعة، بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 1995.
منصور محمد أحمد، الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في فرنسا، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 2012.
الأطروحات والرسائل الجامعية:
بن سالم جمال، القضاء الدستوري في الدول المغاربية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة الجزائر 1 بن يوسف بن خدة، كلية الحقوق، السنة الجامعية: 2014 / 2015.
المقالات:
جمال العزوزي، تأملات أولية في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، المجلة المغربية للحكامة القانونية والقضائية، العدد الأول،2016.
حكيم التوزاني، سؤال الانتقال الديموقراطي في أفق مقتضيات الوثيقة الدستورية المغربية لسنة 2011، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة العدد 5، 2012.
خديجة سرير الحرتسي، الموازنة بين الدفع بعدم دستورية القوانين ومبدأ الأمن القانوني دراسة مقارنة بين الدستورين الجزائري والبحريني، مركز جيل البحث العلمي – مجلة جيل الدراسات المقارنة – العدد 5 – أكتوبر 2017.
رشيد المدور، تطور الرقابة الدستورية في المغرب: الغرفة الدستورية – المجلس الدستوري – المحكمة الدستورية، مجلة دراسات دستورية، المجلد الثالث، العدد السادس، البحرين، يناير 2017،
سعيد الصواف، الجمع بين الرقابة السابقة واللاحقة لدستور المغربي بمقتضى تعديل يوليوز 2011″، مجلة الفقه والقانون، العدد الثاني عشر، أكتوبر، 2013.
عبد القادر بوراس وعليان بوزيان، أثر الدفع بعدم الدستورية في تحقيق الأمن القضائي لحقوق المواطنة دراسة مقارنة لدساتير الدول المغاربية، مجلة البحوث والدراسات، المجلد 15 العدد 2 صيف، الجزائر، 2018.
عبد القادر بوراس، لخضر تاج، الدفع بعدم الدستورية في الدستور الجزائري: بين المكاسب والآفاق مقارنة بالتجربة الفرنسية، مجلة أبحاث قانونية وسياسية، العدد السادس، يونيو 2018.
عثمان الزياني، الحماية الدستورية لحقوق المعارضة البرلمانية مقاربة على ضوء دستور 2011، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة، العدد 5، 2012.
عثمان الزياني، المواطن والعدالة الدستورية: حق الأفراد في الدفع بعدم الدستورية في ظل الفصل 133 من دستور 2011، منشورات مجلة الحقوق – سلسلة المعارف القانونية والقضائية، الإصدار 21، سنة 2014.
محمد الغالي، جدلية الثابت والمتحول في دستور 2011 في ضوء قراءة السياق والركائز والأهداف، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة العدد 5، 2012، ص: 55/56.
مروان حسن عطية، حق الأفراد في الطعن بعدم الدستورية، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الرابع/ السنة التاسعة 2017، ص:241.
المصطفى منار، الولوج الفردي الى القضاء الدستوري وتعزيز الضمانات الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات في دستور 2011، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 123- 122، ماي- غشت،2015، ص:274.
ميمون خراط، حقوق الإنسان في الدستور المغربي بين السمو الكوني والخصوصية الوطنية، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة العدد 5، 2012، ص : 207.
يسري محمد العصار، سلطة القضاء الدستوري في تفسير القوانين: دراسة مقارنة، مجلة معهد القضاء، العدد 21، الكويت، فبراير 2019.
التقارير والمذكرات:
مذكرة حول القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية”، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الرباط، مارس 2013.
تقرير “المغرب: يجب إزالة العقبات التي تعيق الولوج إلى المحكمة الدستورية، اللجنة الدولية للحقوقيين، جنيف المكتب الإقليمي العربي،2018
تقرير إصلاح السلطة القضائية في المغرب، اللجنة الدولية للحقوقيين، نونبر 2013.
الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في القانون المقارن، المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، مكتب تونس، 2018
التقرير النهائي للجنة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الرابع/ مقومات توطيد الإنصاف والمصالحة، المجلس الاستشاري لحقوق الإنصاف، سنة 2006.
القوانين والقرارات :
ظهير شريف رقم 921.2911 صادر في 99 من ربيع الآخر 1413، 1 أكتوبر 1992 بتنفيذ مراجعة الدستور
مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون
القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية – الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 (3 نوفمبر 1993)
قرار المحكمة الدستورية رقم 70.18 ، المتعلق بالبت دستورية مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبق الفصل 133 من الدستور ، الصادر بتاريخ 6 مارس 2018 .

ثانيا : لائحة المراجع باللغات الأجنبية

Abdeltif Menouni : « Le recours à l’article 19: Une nouvelle lecture de la constitution Revue Juridique, Politique et Economique du Maroc ,N° 15, 1984 .
Arnoud Lipoz Soulever , la question prioritaire de constitutionnalité, IN ‘la question prioritaire de constitutionnalité’. Dominique rousseau (Dir), Lextenso éditions. Paris,
ley orgánica 2/1979, de 3 de octubre, del tribunal constitucional, lotc ,publicado en boe de 05 de octubre de 1979
Bertrand Mathieu,Neuf mois de jurisprudence relative à la QPC : Un bilan, revue Pouvoirs n°137 , Avril 2011
Décision n° 2010-14/22 QPC du 30 juillet 2010, JORF n°0175 du 31 juillet 2010
Dominique Rousseau,Le procès constitutionnel, revue Pouvoirs n°137, Avril 2011
Georges Burdeau, droit constitutionnel et institutions politiques, huitième édition librairie générale de droit et de jurisprudence, paris, 1959
Loi Organique n° 2009-1523 du 10 décembre 2009 relative à l’application de l’article 61-1 de la Constitution, JORF n°0287 du 11 décembre 2009
Mohammed Amine Benabdellah , ce que m’a dit Haj Lfdoul ou propos de songeur de la procédure de l’exception d’inconstitutionnalité ,REMALD N 141,juillet -AOUT 2018
Olivier Duhamel , La QPC et les citoyens , revue Pouvoirs n°137 , Avril 2011
[1] عصام سليمان، الدفع بعدم دستورية قانون، الكتاب السنوي للمجلس الدستوري اللبناني، المجلد 12 ،بيروت ،2018، ص: 81

[2] أحمد مفيد، النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية، الطبعة الثانية، مطبعة أنفو برانت ، فاس،2015 ،ص: 17.

[3] عبد المنعم كيوة ،القيود الدستورية في تحديد القانون الضوابط الحقوق والحريات الأساسية في الدساتير الحديثة بالبلدان العربية، دراسة مقارنة، ضمن الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري:2015-2016″،المنظمة العربية للقانون الدستوري، تونس ،2017، ص: 143.

[4] المختار مطيع ، القانون الدستوري وأنظمة الحكم المعاصرة”، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998، ص: 62.

[5] مصطفى قلوش، المبادئ العامة للقانون الدستوري”، الطبعة الرابعة، بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 1995، ص:268/267.

[6] القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية – الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 (3 نوفمبر 1993)، ص 2168

[7] ظهير شريف رقم 921.2911 صادر في 99 من ربيع الآخر 1413، 1 أكتوبر 1992 بتنفيذ مراجعة الدستور

[8]Abdeltif Menouni : « Le recours à l’article 19: Une nouvelle lecture de la constitution Revue Juridique, Politique et Economique du Maroc ,N° 15, 1984 ,P :29.

[9] جمال العزوزي، تأملات أولية في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، المجلة المغربية للحكامة القانونية والقضائية، العدد الأول،2016 ص :102.

[10] تقرير إصلاح السلطة القضائية في المغرب، اللجنة الدولية للحقوقيين، نونبر 2013، ص:69

[11] محمد أتركين، دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية، الإطار القانوني والممارسة القضائية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2013، ص: 13

[12] Article N°23-1de la Loi organique n° 2009-1523 du 10 décembre 2009 relative à l’application de l’article 61-1 de la Constitution, JORF n°0287 du 11 décembre 2009 page 21379

[13] عبد الرحمان الشرقاوي، التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية والعدالة المعاملة أو البديلة، الطبعة الثانية، دار الباحث، 2015 ص: 162.

[14] رشيد المدور، تطور الرقابة الدستورية في المغرب: الغرفة الدستورية – المجلس الدستوري – المحكمة الدستورية، مجلة دراسات دستورية، المجلد الثالث، العدد السادس، البحرين، يناير 2017، ص :65-66.

[15] ميمون خراط، حقوق الإنسان في الدستور المغربي بين السمو الكوني والخصوصية الوطنية، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة العدد 5، 2012، ص : 207.

[16] التقرير النهائي للجنة الإنصاف والمصالحة، الكتاب الرابع/ مقومات توطيد الإنصاف والمصالحة، المجلس الاستشاري لحقوق الإنصاف، سنة 2006، ص: 84.

[17] أحمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق والحريات، الطبعة الثانية، دار الشروق، القاهرة،2000، ص :12

[18] عصام سليمان، الدفع بعدم دستورية قانون”، الكتاب السنوي للمجلس الدستوري اللبناني، المجلد 12، بيروت ،2018، ص: 81

[19] مروان حسن عطية، حق الأفراد في الطعن بعدم الدستورية، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الرابع/ السنة التاسعة 2017، ص:241.

[20] عثمان الزياني، الحماية الدستورية لحقوق المعارضة البرلمانية مقاربة على ضوء دستور 2011، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة، العدد 5، 2012، ص: 77.

[21] بوراس عبد القادر وعليان بوزيان، أثر الدفع بعدم الدستورية في تحقيق الأمن القضائي لحقوق المواطنة دراسة مقارنة لدساتير الدول المغاربية، مجلة البحوث والدراسات، المجلد 15 العدد 2 صيف، الجزائر، 2018، ص:155.

[22] عبد العزيز محمد سالمان، نظم الرقابة على دستورية القوانين دراسة مقارنة، سعد السمك للمطبوعات القانونية، 2002، ص :179.

[23] ميمون خراط، حقوق الإنسان في الدستور المغربي بين السمو الكوني والخصوصية الوطنية، مرجع سابق، ص :207

[24] محمد الغالي، جدلية الثابت والمتحول في دستور 2011 في ضوء قراءة السياق والركائز والأهداف، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة العدد 5، 2012، ص: 55/56.

[25] حكيم التوزاني، سؤال الانتقال الديموقراطي في أفق مقتضيات الوثيقة الدستورية المغربية لسنة 2011، مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة العدد 5، 2012، ص: 159.

[26] محمود حمد: “الرقابة على التشريعات في العالم العربي: نماذج مختارة ودروس مستفادة، ضمن” الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري:2015-2016″، المنظمة العربية للقانون الدستوري، تونس ،2017.، ص :76

[27] تنص المادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون”، ونفس المقتضى أكدته المادة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[28] بن سالم جمال، القضاء الدستوري في الدول المغاربية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة الجزائر 1 بن يوسف بن خدة، كلية الحقوق، السنة الجامعية: 2014 / 2015، ص: 426.

[29] بن سالم جمال، القضاء الدستوري في الدول المغاربية، مرجع سابق، ص: 17.

[30] Georges Burdeau, droit constitutionnel et institutions politiques, huitième édition librairie générale de droit et de jurisprudence, paris, 1959, p. 96.

[31] عثمان الزياني، المواطن والعدالة الدستورية: حق الأفراد في الدفع بعدم الدستورية في ظل الفصل 133 من دستور 2011، منشورات مجلة الحقوق – سلسلة المعارف القانونية والقضائية، الإصدار 21، سنة 2014 ص: 77.

[32] بوراس عبد القادر، عليان بوزيان، أثر الدفع بعدم الدستورية في تحقيق الأمن القضائي لحقوق المواطنة دراسة مقارنة لدساتير الدول المغاربية، مرجع سابق، ص:138.

[33] مذكرة حول القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية”، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الرباط، مارس 2013، ص: 10.

[34] خديجة سرير الحرتسي، الموازنة بين الدفع بعدم دستورية القوانين ومبدأ الأمن القانوني دراسة مقارنة بين الدستورين الجزائري والبحريني، مركز جيل البحث العلمي – مجلة جيل الدراسات المقارنة – العدد 5 – أكتوبر 2017، ص :97.

[35] حكيم التوزاني، سؤال الانتقال الديموقراطي في أفق مقتضيات الوثيقة الدستورية المغربية لسنة 2011، مرجع سابق، ص:164

[36] مذكرة حول القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مرجع سابق، ص: 10.

[37] المصطفى منار، الولوج الفردي الى القضاء الدستوري وتعزيز الضمانات الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات في دستور 2011، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 123- 122، ماي- غشت،2015، ص:274.

[38] عثمان الزياني، المواطن والعدالة الدستورية: حق الأفراد في الدفع بعدم الدستورية في ظل الفصل 133 من دستور 2011، مرجع سابق، ص: 78.

[39] Olivier Duhamel , La QPC et les citoyens , revue Pouvoirs n°137 , Avril 2011,p :185

[40] . محمود سامي جمال الدين، النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005، ص 156

[41] المصطفى منار، الولوج الفردي الى القضاء الدستوري وتعزيز الضمانات الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات في دستور 2011، مرجع سابق، ص:297.

[42] مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[43] Mohammed Amine Benabdellah , ce que m’a dit Haj Lfdoul ou propos de songeur de la procédure de l’exception d’inconstitutionnalité ,REMALD N 141,juillet -AOUT 2018 ,P :9 .

[44] قرار المحكمة الدستورية رقم 70.18 ، المتعلق بالبت دستورية مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبق الفصل 133 من الدستور ، الصادر بتاريخ 6 مارس 2018 .

[45] بن سالم جمال، لقضاء الدستوري في الدول المغاربية، مرجع سابق، ص: 38.

[46] دعاء، الصاوي يوسف، القضاء الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014، ص:177.

[47] الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في القانون المقارن، المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، مكتب تونس، 2018، ص: 8

[48] https://cour-constitutionnelle.ma/ar/قرارات/قرار7018

[49] Arnoud Lipoz Soulever , la question prioritaire de constitutionnalité, IN ‘la question prioritaire de constitutionnalité’. Dominique rousseau (Dir), Lextenso éditions. Paris, 2010, p :10 .

[50] عبد المنعم كيوة، القيود الدستورية في تحديد القانون الضوابط الحقوق والحريات الأساسية في الدساتير الحديثة بالبلدان العربية، دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص: 143.

[51] Loi Organique n° 2009-1523 du 10 décembre 2009 relative à l’application de l’article 61-1 de la Constitution, JORF n°0287 du 11 décembre 2009 ,page 21379

[52] المصطفى منار، الولوج الفردي إلى القضاء الدستوري وتعزيز الضمانات الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات في دستور 2011، مرجع سابق، ص:284.

[53] جمال العزوزي، تأملات أولية في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، مرجع سابق، ص: 108.

[54] الفقرة الأولى من المادة الثانية من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[55] Dominique Rousseau, Le procès constitutionnel, revue Pouvoirs n°137, Avril 2011, P 49

[56] عمر العطعوط، المحاكم الدستورية بعد الثورات العربية الصفة والمصلحة والولاية القضائية والاستقلال القضائي، دراسة مقارنة، الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري:2015-2016، مرجع سابق، ص: 73.

[57] Mohammed Amine Benabdellah, ce que m’a dit Haj Lfdoul ou propos de songeur de la procédure de l’exception d’inconstitutionnalité » op .cit, P :13 .

[58] عبد الحق بلفقيه، دعوى الدفع بعدم دستورية نص تشريعي ما بين رؤية المشرع الدستوري وتدخل القاضي الدستوري دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، مطبعة اسبارطيل، طنجة، 2019، ص: 56.

[59] عثمان الزياني ، المواطن والعدالة الدستورية: حق الأفراد في الدفع بعدم الدستورية في ظل الفصل 133 من دستور 2011، مرجع سابق، ص: 84.

[60] التقرير النهائي للجنة الإنصاف والمصالحة، مرجع سابق ، ص: 84.

[61] مذكرة حول القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مرجع سابق، ص: 9.

[62] articulo veintisiete del ley orgánica 2/1979, de 3 de octubre, del tribunal constitucional, lotc ,publicado en boe de 05 de octubre de 1979

[63] محمد أتركينن دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية، الإطار القانوني والممارسة القضائية، مرجع سابق، ص: 48.

[64] منصور محمد أحمد، الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في فرنسا، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 2012، ص: 138

[65] تقرير “المغرب: يجب إزالة العقبات التي تعيق الولوج إلى المحكمة الدستورية، اللجنة الدولية للحقوقيين، جنيف المكتب الإقليمي العربي،2018، ص 13/14.

[66] المادة 6 من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[67] منصور محمد أحمد، الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في فرنسا، مرجع سابق، ص :138

[68] تقرير المغرب: يجب إزالة العقبات التي تعيق الولوج إلى المحكمة الدستورية، مرجع سابق، ص :10

[69] الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين في القانون المقارن مرجع سابق، ص: 8

[70] أنطوان مسرّه، المواطن والعدالة الدستورية، الكتاب السنوي للمجلس الدستوري اللبناني، المجلد السادس ،بيروت ،2012، ص: 80

[71] المادة 11 من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[72] رمزي الشاعر: النظرية العامة للقانون الدستوري، دار النهضة العربية، 1983، ص: 580 .

[73] قرار المحكمة الدستورية رقم 70.18، مرجع سابق

[74] عبد القادر بوراس، لخضر تاج، الدفع بعدم الدستورية في الدستور الجزائري: بين المكاسب والآفاق مقارنة بالتجربة الفرنسية،مجلة أبحاث قانونية وسياسية، العدد السادس، يونيو 2018، ص: 59.

[75] Mohammed Amine Benabdellahn ce que m’a dit Haj Lfdoul ou propos de songeur de la procédure de l’exception d’inconstitutionnalité » op .cit,,P :12 /13 .

[76] سعيد الصواف، الجمع بين الرقابة السابقة واللاحقة لدستور المغربي بمقتضى تعديل يوليوز 2011″، مجلة الفقه والقانون، العدد الثاني عشر، أكتوبر، 2013.

[77] المادة 8 من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[78] المادة 9 من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[79] المادة 24 من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[80] عبد المنعم كيوة، القيود الدستورية في تحديد القانون الضوابط الحقوق والحريات الأساسية في الدساتير الحديثة بالبلدان العربية، دراسة مقارنة، “الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري:2015-2016″، مرجع سابق، ص :143.

[81] مذكرة حول القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية”، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مرجع سابق، ص: 15.

[82] يسري محمد العصار، سلطة القضاء الدستوري في تفسير القوانين: دراسة مقارنة، مجلة معهد القضاء، العدد 21،الكويت، فبراير 2019.

[83] المادة 23 من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون

[84] رشيد المدور، تطور الرقابة الدستورية في المغرب: الغرفة الدستورية – المجلس الدستوري – المحكمة الدستورية، مرجع سابق، ص 73

[85] Décision n° 2010-14/22 QPC du 30 juillet 2010, JORF n°0175 du 31 juillet 2010 ,page 14198

[86] Bertrand Mathieu ,Neuf mois de jurisprudence relative à la QPC : Un bilan, revue Pouvoirs n°137 , Avril 2011,P 66 /67 .

[87] بوراس عبد القادر . عليان بوزيانن ، أثر الدفع بعدم الدستورية في تحقيق الأمن القضائي لحقوق المواطنة: دراسة مقارنة لدساتير الدول المغاربية، مجلة البحوث والدراسات ، المجلد 15 العدد 2 صيف، الجزائر، 2018 ،ص:137.

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

أبحاث ودراسات قانونية حول العدالة الدستورية ودورها في حماية الحقوق والحريات