مدى شمول الـمُطَّلع الثانوي بحظر استغلال المعلومات الداخليَّة في بورصة الأوراق الماليَّة
(دراسة قانونيَّة مقارنة بين القانون اللُّبناني والكويتي والفرنسي)
د. همام القوصي دكتور في القانون التجاري، تخصُّص: قانون وتنظيم سوق الأوراق الماليَّة،
خريج كلية الحقوق، جامعة حلب، الجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة،
The Inclusion Extent of the Secondary Insider in the Prohibition of Insider Trading in the Securities Exchange (Comparative legal study between Lebanese, Kuwaiti and French law)
Dr. Humam Al Qussi
Abstract
The principles of the Securities Exchange prohibit trading on the basis of confidential information that has not been published to the public if it has the effect of influencing the market price (Insider Trading). The trader who is familiar with this information will have the advantage of distinguishing it from the rest of the traders, as this information will allow him to make a guaranteed profit on the Securities Exchange, that profanes the principle of equality among investors. This has led most legislators to ban the exploitation of internal information that combines the two categories of confidentiality and the ability to influence the market price when announced.
Hence, the researcher delves deeper into the legal concept of one of the most knowledgeable insiders in the controversial Securities Exchange, the “secondary insider” who is aware of the information even though he is not authorized to read it.
We try to define the concept and types of secondary insider from the point of view of the law, which shows the danger of ignoring the issue of the prohibition of the internal information exploitation through studying the legal texts issued by the Lebanese, Kuwaiti and French legislators, especially in light of the impact of this negative practice on Securities Exchange, which multiplies when a fatal legal loophole Due to the omission of the legislator of secondary insider.
Keywords: Secondary Insider, Principal Insider, Inside Information, Internal Information Exploitation, Insider Trading, Securities Exchange, Trading, Market Price, Equality among Investors.
الملخَّص
تحظرُ مبادئ بورصة الأوراق الماليَّة التداولَ بناءً على معلوماتٍ سريَّةٍ لم يتمَّ نشرها على الجمهور إن كان لها صفة التأثير على سعر السوق؛ لأنَّ المتداوِل الـمُطَّلع على هذه المعلومات سيحظى بأفضليَّةٍ تميِّزه عن باقي المتداولين، حيث أنَّ هذه المعلومات ستسمح له تحقيق ربحٍ مضمونٍ في البورصة ما يُخالف مبدأ المساواة بين المستثمرين؛ الأمر الذي دفع معظم المشرعين إلى حظر استغلال المعلومات الداخليَّة التي تجمع صفتي السريَّة وقدرة التأثير في سعر السوق عند الإعلان عنها.
ومن هنا يتعمَّق الباحث في المفهوم القانوني لأحد أكثر الـمُطَّلعين على المعلومات الداخليَّة في سوق الأوراق الماليَّة إثارةً للجدل، وهو “الـمُطَّلع الثانوي” الذي يطَّلع على المعلومات رغم أنَّه غير مُخوَّلٍ بالاطِّلاع عليها، على عكس “الـمُطَّلع الرئيسي” الذي تفرض طبيعة عمله الاطِّلاع عليها.
فنحاول تحديد مفهوم وأنواع الـمُطَّلع الثانوي من وجهة نظر القانون، ممَّا يُظهر خطورة إغفاله في مسألة حظر استغلال المعلومات الداخليَّة عبر دراسة النصوص القانونيَّة الصادرة عن المشرِّع اللُّبناني والكويتي والفرنسي، خاصَّة في ظلِّ تأثير هذه الممارسة السلبي على بورصات الأوراق الماليَّة الذي يتضاعف عندما تنشأ ثغرة قانونية قاتلة بسبب إغفال المشرع للمُطَّلع الثانوي.
الكلمات المفتاحية: الـمُطَّلع الثانوي، الـمُطَّلع الرئيسي، المعلومات الداخليَّة، استغلال المعلومات الداخليَّة، بورصة الأوراق المالية، التداول، سعر السوق، المساواة بين المستثمرين.
المقدِّمة
بدايةً علينا أن نُعرِّف: “استغلال المعلومات الداخليَّة” أو: “جنحة الـمُطَّلعين” “Le Délit d’Initié“ أو كما يُطلق عليها الفقه الأنجلو-ساكسوني: “تداول المُطلِّع” “Insider Trading” بأنَّه: “قيام الـمُطَّلع على معلوماتٍ دخليَّةٍ (سريَّةٍ) غير منشورةٍ على جمهور المستثمرين، و(جوهريَّةٍ) مؤثِّرةٍ على سعر السوق بتنفيذ عمليَّة تداول في البورصة بناءً على معنى هذه المعلومة قبل تعميمها؛ بقصد تحقيق الربح المضمون”.
أي ببساطة؛ طالما أنَّ رئيس مجلس إدارة شركة مساهَمة مدرِجة أسهمها في البورصة يعرف قبل الجمهور بمعلومة سريَّة مؤثِّرة (داخليَّة) إيجابيَّة وهي مثلاً تحقيق الشركة لأرباحٍ خياليَّةٍ ستقوم الشركة بتوزيعها على المساهمين، فبإمكانه أن يقوم بتنفيذ عمليَّة شراء لأسهم الشركة قبل أن تُعلن عن خبر توزيع الأرباح، ثم بعد أن يتمَّ الإعلان عن هذه المعلومة سيرتفع سعر سهم الشركة نتيجة انتشار المعلومة الإيجابيَّة، فيقوم الرئيس ببيع هذه الأسهم؛ ليربح الفرق بين سعرَي الشراء والبيع بشكلٍ مضمونٍ، ومن أهمِّ الأخبار التي تُشكِّل معلومة داخليَّة أيضاً خبر تجزئة أسهم الشركة[1]، وشرائها لأسهمها.. قبل الإفصاح عنها للجمهور[2].
وقد حظر المشرِّعون حول العالم هذه الممارسة لأنَّها تنتَهِك المساواة بين المستثمرين في البورصة، هذا إضافةً إلى الآثار الماليَّة السلبيَّة العميقة على توازن الأسعار وكفاءة البورصة التي تتسبَّب بها ممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة من حيث سحب الـمُطَّلع على هذه المعلومات لسيولة المستثمر غير الـمُطَّلع عليها، ثم عزوف المدَّخرين عن الاستثمار في البورصة، ما قد يُسبِّب انهيار القطاع المالي، ونشوء الأزمات الماليَّة والاقتصاديَّة التي نحن في زمنها.
فإن كانت مراقبة رئيس مجلس الإدارة كـ “مُطَّلع رئيسي” “Principal Insider” –أي الذي يُفترض فيه العلم بالمعلومة الداخليَّة قبل نشرها وفقاً لطبيعة مركزه- أمراً ممكناً على المعلومات الداخليَّة في الشركة التي يُديرها، ثم حظر وإبطال تداوله، فإنَّ هذا الأمر تجاه الـمُطَّلع الثانوي أو الفعلي على هذه المعلومات الذي لا يَفترض القانون علمه بها كونه بعيد عن مَصدر المعلومة، ما قد يؤدِّي إلى إغفال المشرع عن حظر هذه ممارسة تجاهه، الأمر الذي يُشكِّل الإشكاليَّة القانونيَّة الأصعب التي يُحاول البحث إيجاد حلٍّ لها.
فــ: “الـمُطَّلع الثانوي” “Secondary Insider” في بورصة الأوراق الماليَّة هو: الشخص غير المخوَّل قانوناً بالاطِّلاع على المعلومات[3] الداخليَّة السرية والمؤثِّرة التي تصل إلى علمه قبل الإعلان العام عنها، فتُعطيه الأفضليَّة على حساب باقي المتعاملين في السوق[4] دون أن يدري به أحد”؛ وببساطة فإنَّ أفضليَّة الـمُطَّلع الثانوي تعني معرفة المعلومات الداخليَّة المجهولة بالنسبة لجمهور المستثمرين والاستفادة من هذه الميِّزة[5].
ومن هنا، فقد حاول المشرعون التنبُّه للمُطّلعين المخوَّلين بالاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة بشكلٍ رئيسيٍّ، ولكنَّ معظمها أغفل حظر استغلال المعلومات الداخليَّة تجاه الـمُطَّلع الثانوي؛ ممَّا فتح ثغرة قانونيَّة كبيرة في مواجهة جريمة استغلال المعلومات الداخليَّة، حتى أنَّ البعض قد أطلق على الـمُطَّلعين الثانويين تسمية “أشباه الـمُطَّلعين” “Quasi Insiders”[6].
وهذا الإغفال التشريعي يقع في نقطة غاية بالحساسيَّة، وهي كفاءة السوق، التي توجب نشر المعلومات على جمهور المستثمر بأقصى سرعة، والمساهمة بتحقيق تأثيرها على سعر السوق سلباً أو إيجاباً بأقلِّ تكلفة، وأقلِّ تأثير على سعر السوق.
ما يعني أنَّ البورصات التي تعوزها الكفاءة كبورصة بيروت ستؤدِّي ممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة إلى ضعف السيولة والركود وضعف الكفاءة فيها، أمَّا بورصة الكويت التي تتمتَّع بسيولة كبيرة فهي تواجه خطر سحب هذه السيولة، فيما تظهر بورصة باريس العريقة كمثالٍ إداريٍّ وتنظيميٍّ حاول لمدَّة عقودٍ تفادي مخاطر انحدار الكفاءة إن تمكَّنت منها هذه الممارسة، وبشكل خاص تلك التي يقوم بها الـمُطَّلع الثانوي على المعلومات الداخليَّة.
وتظهر أهميَّة البحث من خطورة الـمُطَّلع الثانوي على اعتبار أنَّه مُطَّلعٌ خفيٌّ بعيدٌ عن الأنظار يؤذي كفاءة السوق[7] دون أن تلاحظه سلطة السوق مستفيداً من عدم تمتُّعه بأيَّة وظيفةٍ أو مركزٍ يخوِّلانه الاطِّلاع على هذه المعلومات، وهذه الوضعيَّة تُظهر ضرورة تنبُّه القانون إلى هذا الـمُطَّلع من حيث توضيح مفهومه وحظر استغلال المعلومات الداخليَّة في مواجهته.
ويهدف البحث في إشكاليَّة إغفال المشرع للـمُطَّلع الثانوي إلى دراسة النصوص القانونيَّة النافذة والتي يُفترض أن تواجه هذا الـمُطَّلع في القانون اللُّبناني والكويتي والفرنسي للوصول إلى رؤيةٍ قانونيَّةٍ شاملةٍ للمُطَّلع الثانوي، ثم اقتراح التعديلات أو النصوص الضروريَّة لاستكمال مواجهة القانون لكلِّ حالات استغلال المعلومات الداخليَّة من الـمُطَّلع الثانوي.
فنحن لسنا بصدد دراسة جزائيَّة لمعرفة عناصر تجريم الـمُطَّلع الثانوي باستغلال المعلومات الداخليَّة، بل نحن بصدد دراسة موقف قانون بورصة الأوراق الماليَّة من مفهوم هذا الـمُطَّلع بهدف شموله بحظر هذه الممارسة، وهذا الأمر سيدفعنا أيضاً لتحليل بعض النصوص الجزائيَّة بهدف استكشاف مدى استيعاب المشرع لوجود الـمُطَّلع الثانوي.
وتتمثَّل إشكاليَّة البحث في السؤال التالي: “ما هو تأثير إغفال المشرع للمُطَّلع الثانوي على المعلومات الداخليَّة في حظر استغلالها ببورصة الأوراق الماليَّة وفقاً للقانون اللُّبناني والكويتي والفرنسي؟”.
وسيتمُّ اتِّخاذ المنهج الوصفي التحليلي المقارن بشكلٍ أساسيٍّ بغرض حلِّ إشكاليَّة البحث، وذلك عبر وصف أفكار البحث بشكلٍ بسيطٍ وواضحٍ بغرض إزالة الغموض عنها، ثم تحليل النصوص القانونيَّة المقارنة المتعلِّقة بالبحث، وبيان مدى توفيقها، بهدف اقتراح الموقف التشريعي المتكامل بصدد حظر ممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة تجاه الـمُطَّلع الثانوي عليها.
وسيكون مخطَّط البحث كالتالي:
المبحث الأول: ماهيَّة للمُطَّلع الثانوي.
المطلب الأول: التعريف القانوني للمُطَّلع الثانوي.
المطلب الثاني: تفريق الـمُطَّلع الثانوي عن باقي المطلعين.
المبحث الثاني: أنواع هذا الـمُطَّلع.
المطلب الأول: أنواع الـمُطَّلع الثانوي من حيث مَصْدَر المعلومات الداخليَّة.
المطلب الثاني: أنواع الـمُطَّلع الثانوي من حيث استغلال المعلومات الداخليَّة.
المبحث الأول: ماهيَّة الـمُطَّلع الثانوي على المعلومات الداخليَّة
على اعتبار أنَّ مصطلح الـمُطَّلع الثانوي هو من مصطلحات تنظيم بورصة الأوراق الماليَّة؛ فعلينا أن نقوم بشرح ماهيَّته إن أردنا أن نعرف مفهومه بشكلٍ مُفصَّلٍ، فلن يستقيم استيعابنا الكامل لماهيَّة الـمُطَّلع الثانوي إلاَّ إذا حدَّدنا تعريفه القانوني، ومن ثم فرَّقناه عن الـمُطَّلع الرئيسي، وذلك عبر المطلبين التاليين.
المطلب الأول: التعريف القانوني للمُطَّلع الثانوي
لقد كان مصطلح الـمُطَّلع الثانوي غائباً عن معظم القوانين والأنظمة التي حظرت جريمة استغلال المعلومات الداخليَّة، حيث اكتفى المشرعون بتعريف الـمُطَّلع بشكلٍ عامٍّ، فمنهم مَن استطاع احتواء معنى الـمُطَّلع الثانوي في هذا التعريف العام ومنهم من أغفله، وسنقوم بدراسة موقف القانون اللُّبناني والكويتي والفرنسي من تعريف الـمُطَّلع الثانوي فيما يلي.
الفرع الأول: تعريف القانون اللُّبناني للمُطَّلع الثانوي
لم يأتِ قانون بورصة بيروت الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 120 الصادر بتاريخ 16 أيلول سنة 1983 وتعديلاته على ذكر تجريم استغلال المعلومات الداخليَّة من الأساس، أمَّا النظام الداخلي لبورصة بيروت النافذ بالرسوم رقم 7667 الصادر بتاريخ 16 كانون الاول 1995، فقد ذكر في المادة 21 منه على أنَّ من واجب “لجنة البورصة” التي تقوم على إدارتها: “.. حماية مصالح المستثمرين المتعاملين في البورصة”، و:”.. مُراقبة نشاطات الشركات الـمُصدِرة والقيام على قِدَم المساواة بتأمين المعلومات لأيٍّ من المصدرين والمتعاملين في البورصة”.
ما يعني أنَّ النظام الداخلي لبورصة بيروت قد فرض تطبيق مبدأ “المساواة في الحصول على المعلومة” أو “مبدأ المساواة” “Equality Principle” كما حرص عليه الفقه القانوني الأمريكي[8]؛ وهو المبدأ الضامن لمعرفة جمهور المستثمرين في البورصة عن جميع المعلومات القادرة على التأثير بسعر السوق في البورصة سواءً أكانت إيجابيَّة أم سلبيَّة، الأمر الذي يعني ضمنيَّاً حظرَ استئثارِ جماعة من الـمُطَّلعين بالعلم بهذه المعلومات وبالقدرة على اتِّخاذ قرار استثماري سليم ورابح مضمون بيعاً أو شراءً.
إلاَّ أنَّ تعريف المشرع اللُّبناني للـمُطَّلع على المعلومات الداخليَّة جاء في سياق المادة 37 من النظام الداخلي لبورصة بيروت نصٌّ بغاية الأهمية، وهو: “يمتنعُ كلٍّ من رئيس واعضاء اللجنة (لجنة البورصة التي تُديرها) ومفوض الحكومة (الـمُراقب لحُسن تطبيق القانون بالبورصة) وأي من الموظفين بصورة تامَّة عن استخدام أو تسريب المعلومات التي يطَّلعون عليها بحكم ممارستهم لمهامهم، وذلك لمصلحتهم الخاصَّة أو لمصلحة الغير بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ”، كما جاء في نصِّ المادة 73 من النظام الداخلي ذاته: “يلتزم مستخدمو الوسطاء:… بالامتناع عن الاستعمال المباشر أو غير المباشر لكافِّة المعلومات السريَّة التي يطَّلعون عليها بحكم ممارستهم لوظيفتهم”.
فإذاً، لقد كانت هذه النصوص صريحةً في حظر ممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة ببورصة بيروت، سواءً عبر أسلوب الاستخدام الفوري لها بالتداول المبنيِّ عليها، أو إفشائها للغير بغاية استخدامها أيضاً، لكن تجاه شخوصٍ محدَّدين هم: موظَّفي لجنة بورصة بيروت التي تُديرها، ومُفوَّض الحكومة القائم على رقابة البورصة، ومستخدمو الوسطاء الماليون الذين يُمثِّلون المستثمرين، ويقومون بتنفيذ أوامرهم بالبيع والشراء في البورصة، وبصدد المعلومات السريَّة التي أُغفل عن ذكر صفتها الجوهريَّة، ومن هذا الـمُنطلق، فإنَّ النظام الداخلي لبورصة بيروت قد عرَّف الـمُطَّلع الرئيسي على المعلومات الداخليَّة الذي يُفترض علمه بها نتيجة طبيعة عمله، وحدَّده في إطار الـمُطَّلعين الرئيسيِّين.
وبالتالي فقد تشكَّلت في هذه النقطة ثغرةٌ قانونيَّةٌ في تعريف نظام بورصة بيروت يجب تلافيها عبر الحظر الشامل لممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة تجاه أيِّ شخصٍ تسمح له طبيعة عمله أن يطَّلع على معلومات داخليَّة من أن يقوم باستغلالها (المطَّلع الرئيسي)، وتجاه أيِّ شخصٍ قد تلقَّى هذه المعلومات منه بشكل إفشاء مقصود أو على سبيل المصادفة (الـمُطّلع الثانوي).
ونرى أنَّ على القضاء اللُّبناني الجزائي أن يُعاقب الفئة غير المذكورة من الـمُطَّلعين الرئيسيِّين والثانويِّين عبر تكييف عملهم بالإخلال المقصود بالعرض والطلب ببورصة بيروت، ذلك الفعل الذي عاقبت على القيام به المادة 685 من قانون العقوبات اللُّبناني لعام 1943[9]؛ حيث أنَّ استغلال المعلومات الداخليَّة يُفضي في نهاية الأمر إلى إفساد قاعدة العرض والطلب في السوق التي يتقصَّد الـمُطَّلع المستغل لهذه المعلومات استباقها ثم تحقيق الربح غير المشروع منها.
الفرع الثاني: تعريف القانون الكويتي للمُطَّلع الثانوي
لم يُعرِّف المشرع الكويتي الـمُطَّلع الثانوي لدى حظره لجريمة استغلال المعلومات الداخليَّة عبر المادة 140 من قانون الشركات رقم 15 لعام 1960[10]، ولا عبر المرسوم بتنظيم سوق الكويت للأوراق الماليَّة لعام 1983.
ثم حاول المشرع الكويتي عبر القانون رقم 7 لعام 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة أن يَسُدَّ كلَّ الثغرات القانونيَّة التي كانت موجودة في تنظيم أسواق المال في الكويت، فقام بتعريف الـمُطَّلع بـ: “أيِّ شخصٍ أطَّلع بحكم موقعه على معلوماتٍ أو بياناتٍ ذات أثرٍ جوهريٍّ عن شركة مُدرِجة لم تكنْ متاحةً للجمهور”[11]، ولم يُعدَّل هذا التعريف حتى في القانون رقم 22 لعام 2015 الــمُعدِّل لقانون الهيئة الـمُشار إليه.
لقد بدأ التعريف السابق بتحديد معنى الـمُطَّلع بشكلٍ مُوفَّقٍ من خلال جملة “أي شخص أطَّلع…” حيث أنَّها تشمل مبدئيَّاً الـمُطَّلع الرئيسي المخوَّل بالاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة والـمُطَّلع الثانوي غير المخوَّل بذلك[12]، ولكنَّه أتبعها بجملة “بحكم موقعه.. ” وهو ما قَصَرَ تعريف الـمُطَّلع على الشخص الذي يمنحه مركزه إمكانيَّة العلم بالمعلومات الداخليَّة (الـمُطَّلع الرئيسي)[13]، أمَّا الـمُطَّلع الثانوي فهو غير مشمولٍ بهذه الحالة في التعريف المذكور؛ لأنَّه يطَّلع على المعلومات بشكلٍ استثنائيٍّ؛ على اعتبار أنَّ موقعه بالنسبة لـمَصدر المعلومات الداخليَّة لا يخوِّله الاطِّلاع عليها كما ذكرنا.
فاعتبار “الموقع الوظيفي” صلة وصلٍ بين الشخص والمعلومات الداخليَّة يفرض وجود علاقة مباشرة بنشاط الجهة مَصدر المعلومات[14] بحيث تخوِّل هذه العلاقة الاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة، والـمُطَّلع الثانوي لا تربطه مثل هذه العلاقة بمَصدر المعلومات، وعلى هذا نقترح أن يتم حذف جملة “… بحكم موقعه…” من تعريف القانون رقم 7 لعام 2010 حتى يتمَّ شمول الـمُطَّلع الثانوي به، وتغطية أي قصور في المواجهة القانونيَّة لممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة.
أمَّا من حيث الصياغة القانونيَّة للنصِّ الجزائيِّ في قانون إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة بالكويت، فقد كانت موفَّقةً حين جرَّمت استغلال أيِّ مُطَّلعٍ للمعلومات الداخليَّة عبر التداول أو الإفشاء ما يشمل مفهوم الـمُطَّلع الثانوي[15] دون تحديد طريقة وصول المعلومة إليه عبر موقعه الوظيفي (رئيسي) أم بالإفشاء (ثانوي)، وهو ما أكَّدته المادة 2-1 في الكتاب الرابع عشر من اللاَّئحة التنفيذية لقانون هيئة سوق المال الكويتي الصادرة عام 2015، ما يعني أنَّ القاضي الجزائي يستطيع أن يحكم بشمول العقوبة الجزائيَّة لجريمة الاستغلال في الكويت لجميع فئات الـمُطَّلعين من رئيسيِّين وثانويِّين، إلاَّ أنَّ الخوف من طعن الـمُطَّلع الثانوي الـمُدَّعى عليه بجرم الاستغلال ببطلان توصيف النيابة الجرمي لفعله كونه غير مشمول صراحةً بمعنى تعريف القانون للمُطَّلع، وهذا ما يؤكِّد ضرورة ذكره بشكل واضح في تعريف القانون لمعنى الـمُطَّلع بهدف سدِّ الثغرة القانونيَّة.
الفرع الثالث: تعريف القانون الفرنسي للمُطَّلع الثانوي
لقد حظر القانون النقدي والمالي الفرنسي بموجب آخر تعديل له بتاريخ 112017 قيام أعضاء السوق -ومنهم الوسطاء- بأيَّة تعاملاتٍ تؤذي السير المنتظم للسوق وتعطيل نظامها، ومن ضمنها “عملية الـمُطَّلع””Opération D’Initié”[16]، وبالنسبة لقوانين بورصة الأوراق المالية الفرنسيَّة، فقد تمَّ إنشاء “لجنة عمليات البورصة””la Commission des opérations de bourse – COB” في فرنسا عبر المرسوم رقم 833 لعام 1967 بغاية الإشراف على سوق الأوراق الماليَّة، وقد عرَّف هذا المرسوم الـمُطَّلع “Initié” عبر الفقرة الأولى من المادة العاشرة منه بأنَّه: “الشخص الذي يحصل بمناسبة وظيفته على معلومات تتعلَّق بالبورصة ويستخدمها قبل الغير مما يزيِّف أداء سوق البورصة، ويحدث اضطراباً في قانون العرض والطلب”[17]، وهذا التعريف يتجاهل الـمُطَّلع الثانوي؛ لأنَّه قد ربط شخص الـمُطَّلع بوجود وظيفة تسمح للشخص بالاطِّلاع على معلومات داخليَّة.
وبعد ذلك، فقد صدر القانون الفرنسي رقم 706 لعام 2003[18] الخاص بإنشاء “هيئة أسواق المال” “L’Autorité des Marchés Financiers – AMF” بدلاً عن لجنة عمليات البورصة، ولكنَّ المرسوم لم ينص على أيَّة تعريفات تخصُّ عمل أسواق المال.
ولذلك فقد أصدرت هيئة أسواق المال الفرنسيَّة (AMF) لائحةً خاصَّةً بـ”التلاعب بالسوق” “Abus de Marché”[19]، وقد قامت هذه اللاَّئحة بعرض الحالات التي يُعتبر من خلالها الشخص مُطَّلعاً في الفقرة الثانية من المادة 622 منها[20]، فإلى جانب الوضعيَّات التي تُخوِّل الاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة[21]، فقد اعتبرت الهيئة عبر المادة 622 المذكورة أنَّ نشاط الشخص الذي يشكِّل “جريمة أو جنحة” “Crimes ou de Délits” يجعله مُطَّلعاً، كالشخص العادي الذي تصل إليه المعلومة التي لا يجوز أن تصل للعموم[22] عبر التحرِّي غير المشروع، وهو من فئات الـمُطَّلع الثانوي.
وقد تمَّ إلغاء الكتاب VI بموجب القرار الصادر بتاريخ 1492016 كنتيجة لبدء تطبيق التعليمات (التشريع الأوروبي) رقم 2014596 المتعلق باستغلال السوق والعليمات أرقام (2016522 بتاريخ 17122016 و2016908 بتاريخ 2622016 و20161052 بتاريخ 832016، ولكنَّ التنظيم الأوروبي المذكور لم يُشرْ إلى موضوع الـمُطَّلع الذي نحن بصدد دراسته.
وبناءً عليه، فقد أصبحت المادة 742-4 من التنظيم العام لهيئة أسواق المال الفرنسيَّة (AMF) هي المخوَّلة بتحديد معنى الـمُطَّلع على المعلومات الداخليَّة، حيث ذكرت هذه المادة الـمُطَّلعين نتيجة العضوية في مجلس الإدارة أو الملكية أو طبيعة الوظيفة لدى مُصدر الأوراق المالية (الرئيسيُّون)، أو الـمُطَّلع نتيجة قيامه بأفعال يُمكن توصيفها كجرائم أو مخالفات (الثانوي)[23]، وأكملت المادة المذكورة نصَّها وذكرت أنَّ من الأشخاص المشمولين بحظر استغلال المعلومات تجاه: “أيِّ شخصٍ يحوز على معلوماتٍ مميَّزةٍ ..”[24]، ما يشمل معنى الـمُطَّلع الثانوي بشكلٍ مُطلقٍ، ويمنع عنه الادِّعاء بعدم العلم بصفة الداخليَّة في المعلومات.
وبالتالي فقد ضمَّن الـمُنظِّم الفرنسي الـمُطَّلع الثانوي في إطار حظر ممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة، واعتبره يستحقَّ الغرامة الإداريَّة، كما مكَّنَ القضاء الجزائي فرض عقوبة “التشهير” “Aspersion”[25] عليه إن كان شركة أو شخص اعتباري أو مستثمراً أو شخصاً شهيراً، وذلك عبر تبنِّي القضاء الجزائي للتعريف الواسع الخاص بالـمُطَّلع الذي يستغرق الثانوي منه.
المطلب الثاني: الفرق بين الـمُطَّلع الثانوي والـمُطَّلع الرئيسي
سنبحث في الفرق بين الـمُطَّلع الثانوي والـمُطَّلع الرئيسي من حيث إتاحة العلم بالمعلومات الداخلية أولاً، ومن حيث فرض قرينة العلم ثانياً.
الفرع الأول: إتاحة العلم بالمعلومات الداخلية
الـمُطَّلع بشكل عام هو الشخص ذو المعرفة والاطِّلاع على معلومة معيَّنة، ويُقصد بالـمُطَّلع اصطلاحاً في فقه البورصة الشخص الذي يتمكَّن من الاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة التي تمنحه أفضليَّة التداول الرابح المضمون، والمطَّلع الرئيسي هو ذلك الـمُطَّلع الذي تتيح له ظروف عمله أو وظيفته أو مركزه الاطِّلاع المشروع على هذه المعلومات كونه من مسيِّري الأمور لدى الجهة مَصدر المعلومات.
وفي الواقع، يجمع بين الـمُطَّلع الثانوي والـمُطَّلع الرئيسي أنَّ الـمُطَّلع بشكل عام يمتلك معرفةً بمعلوماتٍ غير مُعمَّمةٍ من جهة، وتؤثر على المسار المستقبلي لسعر الورقة الماليَّة من جهة أخرى[26]، أي يجمعهما المركز الـمُطِّلع الذي يُميِّزهما -دون أفضليَّة مشروعة- عن باقي المستثمرين.
إلاَّ أنَّ الـمُطَّلع الرئيسي هو الـمُطَّلع النموذجي في بورصة الأوراق الماليَّة؛ فهو شخصٌ مخوَّلٌ بالاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة كونه يقوم بوظيفة تفرض عليه التعامل مع هذه المعلومات ومعالجتها (مثل رئيس مجلس إدارة الشركة)، أو لأنَّه يتمتَّع بمركز مهيمن يسهِّل عليه الاطِّلاع عليها (مثل المستحوذ على أسهم الشركة)[27]، وهناك إمكانيَّة دائماً لعدم التزام الـمُطَّلع الرئيسي وخاصة مدير الشركة بحسن النية وتحقيق مصالح الشركة والالتزام بنصوص القوانين[28]، وهذا ما أدَّى إلى انتباه المشرع له.
ويتمثَّل الفرق بين الـمُطَّلع الثانوي والـمُطَّلع الرئيسي، في أنَّ الـمُطَّلع الثانوي هو: “شخصٌ لا يمتلك أيَّ مَصدرٍ رسميٍّ أو شرعيٍّ للحصول على المعلومات الداخليَّة السريَّة والجوهرية[29]، ولكنَّه يعلم بها عبر أساليب ووقائع متنوعة منها الإفشاء أو المصادفة”، ولا يُمكن للمشرع استيعاب وجود مثل هذا الـمُطَّلع الخفي إلاَّ بدراسة القاعدة التشغيليَّة الأساسيَّة لبنية نظام التداول ودوافع المستثمرين، التي ستكشف عن وجود الـمُطَّلع الثانوي، الأمر الذي يوجب “التخطيط” “Mapping” لاستراتيجيَّة تشريعيَّة مُستقبليَّة خاصَّة بمواجهة ممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة كما أشار الفقه القانوني الأمريكي[30].
الفرع الثاني: قرينة العلم بالمعلومات الداخلية
على اعتبار أنَّ الـمُطَّلع الرئيسي يُفترض فيه العلم بالمعلومات الداخليَّة، فتنشأ عليه قرينة استغلالها عند تعامله بالأوراق الماليَّة المرتبطة بهذه المعلومات قبل الإفصاح عنها؛ فيُفترض أنَّه قد حقَّق مكسباً يتمثَّل بالفرق بين قيمة الورقة الماليَّة عند التعامل عليها وقيمتها بعد الإفصاح عن المعلومات الداخليَّة حتى يثبت العكس[31]. فإنَّ أيَّ تداولٍ للمُطَّلع الرئيسي وهو في منصبه يقيمُ قرينةً على استغلاله للمعلومات التي اطَّلع عليها بحكم منصبه ولم يتمَّ بعدُ تعميمها[32]، إلاَّ إذا استطاع إثبات عكس ذلك.
وهذه القرينة لا يمكن أن تنشأ بصدد الـمُطَّلع الثانوي؛ لأنَّه غير عالِم بهذه المعلومات بشكلٍ مُفترضٍ بنظر القانون.
ومن جهة أخرى، فعلى اعتبار أنَّ الـمُطَّلع الرئيسي معروفٌ ومراقبٌ من إدارة بورصة الأوراق الماليَّة حيث يتمُّ عادةً الإفصاح عن تعاملاته بشكلٍ دوريٍّ، فيصعب عليه القيام باستغلال المعلومات الداخليَّة بشكلٍ مكشوفٍ، ويصعب عليه بالتالي تداول الأوراق الماليَّة العائدة للمُصدر الذي يعمل في كادره، ولذلك قد يُفشيها إلى مُطَّلع ثانوي ليستغلها لحساب الرئيسي.
أمَّا الـمُطَّلع الثانوي فهو غير معروفٍ وغير مُحدَّدٍ؛ ولذلك فلا يمكن مراقبته وهذا ما يُظهر خطورته في مجال انتهاك حظر استغلال المعلومات السريَّة بشكلٍ أكبرَ من الـمُطَّلع الرئيسي[33]، وما زاد الطين بلَّةً إغفال المشرع له، ما سمح له بالتملُّص من الحظر حتى إن انكشف أمره.
المبحث الثاني: أنواع الـمُطَّلع الثانوي على المعلومات الداخليَّة
تختلف أنواع الـمُطَّلع الثانوي على المعلومات الداخليَّة في بورصة الأوراق الماليَّة باختلاف مَصدر معلوماته (داخلي أو خارجي)، وباختلاف طريقة استغلاله للمعلومات الداخليَّة (متعامل أو مُفشي)، وسنقوم بدراسة هذه الأنواع وبحث الوضع القانوني لكلِّ نوعٍ منها وفقاً للقانون اللُّبناني والكويتي والفرنسي فيما يلي.
المطلب الأول: أنواع الـمُطَّلع الثانوي من حيث مَصْدَر المعلومات الداخليَّة
قد يكون الـمُطَّلع الثانوي على المعلومات الداخليَّة مُستخدماً تابعاً لدى الجهة مَصدر المعلومات وندعوه حينئذ بالـ: “الـمُطَّلع الثانوي الداخلي”، أو من خارج هذا المصدر فندعوه بالـ: “الـمُطَّلع الثانوي الخارجي”[34]، وهما موضوع الفقرتين التاليتين.
الفرع الأول: الـمُطَّلع الثانوي الداخلي
قد يعمل لدى الجهة مَصدر المعلومات الداخليَّة الكثير من الأشخاص، ومن الطبيعي أن يكون بعض هؤلاء غير مُخوَّلين بالاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة الخاصَّة بالجهة المذكورة، فإن عَلِمَ هذا الـمُطَّلع بمعلوماتٍ جوهريَّةٍ سريَّةٍ لم يتمَّ الإفصاح عنها نتيجة قامه بتحرِّيها أو بمحض المصادفة؛ فيُصبح الـمُطَّلع حينئذٍ: مُطَّلعاً ثانوياً داخليَّاً[35]، وهو ذو خطورة وحساسيَّة على جدار الأمن المعلوماتي الخاص بالمؤسَّسة[36]، كما يُعتبر مُنتهِكاً لواجبه بالولاء تجاهها، وهو ما يُوجب استيعاب وتقدير المشرع لهذه النيَّة.
وكمثال واقعي عن الـمُطَّلع الثانوي الداخلي، نذكر قضية “شركة كبريت خليج تكساس” “T.G.S” الشهيرة في الولايات المتحدة الأمريكيَّة التي حدثت عام 1968، حيث وجهَّت لجنة الأوراق الماليَّة والبورصة الأمريكية (SEC) الاتِّهام إلى 6 موظَّفين عاديِّين –بغير مراكز وظيفيَّة مُطَّلعة- عَلِموا باكتشاف شركتهم لمناجم نحاس وزنك، فقاموا بشراء أسهم الشركة قبل ارتفاع أسعارها[37]، وتُمثِّل هذه القضية مثالاً نموذجياً للمُطَّلعين الثانويِّين الداخليِّين الذين تعاملوا على أساس معلوماتٍ داخليَّة.
وبالنسبة لشمول حظر استغلال المعلومات الداخليَّة للـمُطَّلع الثانوي الداخلي، فمن الناحية القانونيَّة يمكن تطبيق قاعدة: “الـمُطلق يجري على إطلاقه والعام يبقى على عمومه ما لم يرد دليل بالتقييد أو بالتخصيص” بتفسيرٍ واسعٍ قد يعني شمول الـمُطَّلع الثانوي الداخلي عبر تعريف الـمُطَّلع على أنَّه الشخص الذي اطَّلع على المعلومات الداخليَّة بموجب وظيفته أو مركزه لدى الجهة مَصدر المعلومات، على اعتبار أنَّ علمَ الثانوي الخارجي قد جاء تبعاً لكونه موظَّفٌ تابعٌ للمُؤسَّسة الـمَصدر.
ولكنَّنا لسنا مع هذا الرأي، فبالنسبة للمشرع اللبناني، وجدنا أنَّ النظام الداخلي لبورصة بيروت الصادر وفقاً لقانون البورصة قد حصر تعريف الـمُطَّلع على المعلومات الداخليَّة في موظَّفي إدارة البورصة ومفوَّض الحكومة الـمُراقب لها[38]، وبمستخدمي الوسيط المالي[39]، وهم مُطَّلعون رئيسيُّون قد علموا بالمعلومات بحكم وظيفتهم، ولم يشمل النص بالتالي الـمُطَّلع الثانوي، ولا يصحُّ إطلاق حكم الـمُطَّلع الرئيسي عليه؛ لأنَّ أركان حضر استغلال المعلومات قد توجَّهت نحو صفة أفضليَّة العلم الآتية من الموقع الوظيفي، تلك التي لا يمتلكها الـمُطَّلع الثانوي الداخلي.
أمَّا المشرع الكويتي، فقد عرَّف الـمُطَّلع على أنَّه الشخص الذي اطَّلع على المعلومات: “… بحكم موقعه…”[40]، فالمشرع قد قصد أنَّ الشخص الـمُطَّلع هو الشخص الذي يمتلك أفضليَّة الوصول إلى المعلومات الداخليَّة وفقاً لطبيعة عمله بطريقة تمنحه ميِّزة خاصة على حساب جمهور المتعاملين في السوق، وبالتالي فإنَّ الـمُطَّلع الذي تمَّ ذكره من المشرعين هو “الـمُطَّلع الرئيسي” فقط، ولا يمكن اعتبار الـمُطَّلع الثانوي الداخلي أنَّه قد علم بالمعلومات الداخليَّة بحكم موقعه أو بحكم منصبه أو وظيفته لأنَّ استخدامه لا يخوِّله الاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة، وبالتالي لا يعطيه أفضليَّة العلم بالمعلومات الداخليَّة قبل الإفصاح عنها، وإن كانت المادة 118 بعد تعديلها بالقانون رقم 22 لعام 2015 قد شملت الـمُطَّلع الثانوي الداخلي في تجريمها لاستغلال هذه المعلومات[41].
بينما في فرنسا، فإنَّ الـمُطَّلع الثانوي الداخلي مشمولٌ بتعريف الـمُطَّلع؛ لأنَّ التنظيم العام لسلطة الأسواق الماليَّة الفرنسيَّة قد أطلق حظر استغلال المعلومات الداخليَّة تجاه أي شخص يحوزها عن علم[42]، وهو ما يستغرق “الثانوي الداخلي” حتماً كما رأى القضاء الفرنسي أيضاً[43]، فماذا عن “الثانوي الخارجي”؟.
الفرع الثاني: الـمُطَّلع الثانوي الخارجي
سنبحث في مفهوم الـمُطَّلع الثانوي الخارجي أولاً، وأنواعه ثانياً.
أولاً: مفهوم الـمُطَّلع الثانوي الخارجي
الـمُطَّلع الثانوي الخارجي هو ببساطة: “أيُّ شخصٍ قد علم بالمعلومات الداخليَّة بطريقةٍ غير رسميَّةٍ كما لم يكن وقت علمه بها مُستخدمَاً تابعاً لدى الجهة مَصدر المعلومات الداخليَّة، فهو الـمُطَّلع الاستثنائي أو الخفي”.
فلا يُمكن حصر الأشخاص الذين قد يكونوا مُطَّلعين ثانويين من خارج مَصدر المعلومات، ولا يُمكن تحديد هذه الفئة، ولكنَّ المثال الواقعي عن هذه الفئة يتمثَّل في شركات التحليل المالي والاستشارات الماليَّة العاملة في البورصة[44]؛ فهذه الشركات هي شخصٌ معنويٌّ مستقلٌّ عن الجهة مَصدر المعلومات الداخليَّة، وهي بالتالي غير مخوَّلةٍ بالعلم بأيَّة معلومةٍ سوى المعلومات التي يتمُّ الإفصاح عنها للجمهور، وهذا يعني أنَّ شركة التحليل المالي هي مُطَّلع ثانوي خارجي[45].
وفي الولايات المتحدة الأمريكيَّة، فقد حكمت المحكمة العليا على شخص يدعى James O’Hagan عام 1996 باعتباره مُستغلاًّ للمعلومات الداخليَّة، وذلك لأنَّه تعامل على الأوراق الماليَّة العائدة لشركة قانونيةَّ تُدعى Grand Metropolitan PLC (Grand Met) التي كانت تخطِّط للاستحواذ على شركة Pillsbury، وقد علم O’Hagan بهذا العرض على الرغم من أنَّه لم يكن واحداً من محاميي شركة Grand Metropolitan، فبدأ على الفور بشراء أسهم شركة Pillsbury وعندما أفصحت شركة Grand Metropolitan عن العرض الاستحواذي قفز سعر سهم Pillsbury إلى 60 دولار لكلِّ سهم وباع بعدها O’Hagan أسهمه محقِّقاً ربحاً يتجاوز 4،3 مليون دولار، وقد جاء على لسان المحكمة في هذه القضية أنَّ: حماية سلامة بورصة الأوراق الماليَّة ضد الانتهاكات الآتية من قبل الغير (الثانويِّين الخارجيِّين) بالنسبة للشركة التي تمَّت حيازة معلوماتها السريَّة المؤثِّرة على سعر أوراقها المالية تُعتبرُ استثناءً من أنَّه لا وجود لواجب من الغير تجاه الشركة[46].
ومن الناحية القانونيَّة، فلا يمكن شمول الـمُطَّلع الثانوي الخارجي بقاعدة “الـمُطلق يجري على إطلاقه…” التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة؛ فلا يوجد أيُّ رابط ٍبين عمل هذا الـمُطَّلع وحصوله على المعلومات، ولهذا فإن الـمُطَّلع الثانوي الخارجي هو أخطر أنواع الـمُطَّلعين الثانويِّين؛ لأنَّه أكثرهم غموضاً، ممَّا يجعل من مهمَّة سلطة السوق بمراقبة تعاملاته والتحقيق معه مهمَّةً محفوفةً بالمصاعب والتعقيد، لأنَّها يجب أن تقوم بتحديده أولاً، وهي مهمةٌ شبه مستحيلةٍ في حالات الاطِّلاع العَرَضِي الذي يتمُّ بمحض المصادفة[47]، ومن ثم فإنَّ عليها أن تمتلك الدليل الذي ستعتبره سبباً لفتح أيِّ تحقيق.
وبالنسبة للمشرع اللُّبناني، فإنَّ النظام الداخل لبورصة بيروت الصادر وفقاً لقانون البورصة بعيدٌ كلَّ البعدِ عن حظر استغلال المعلومات الداخليَّة تجاه الـمُطَّلع الثانوي الخارجي، لأنَّ حظر الاستغلال لم يشمل “الثانوي الداخلي” حتى يشمل “الخارجي” كما مرَّ معنا.
أمَّا المشرع الكويتي فقد أبقى على تعريف الـمُطَّلع الحاصل على المعلومات الداخليَّة بحكم عمله حتى بعد أن عدَّل قانون هيئة سوق المال عبر القانون رقم 22 لعام 2015 ما أخرج الـمُطَّلع الثانوي الخارجي من مفهوم الـمُطَّلع، إلاَّ أنَّ الحماية الجزائيَّة للمعلومات الداخليَّة في الكويت تشمل حظر استغلال هذه المعلومات بما يتضمَّن هذا الـمُطَّلع[48]، وقد أكَّدت المادة 2-4-5 في الكتاب 14 من اللاَّئحة التنفيذيَّة لقانون هيئة سوق المال الكويتي على حظر هذه الممارسة تجاه: “الأشخاص الذين يطَّلعون -بشكل غير مشروع- على المعلومات الداخلية عن شركة مدرجة، أو تداول ورقة مالية مدرجة”، ما يكفل شمول الحظر للثانوي الخارجي الذي وصلت المعلومات إلى علمه حتى عبر أسلوب الإفشاء غير المشروع.
أمَّا فيما يخصُّ التنظيم العام الفرنسي الصادر عن هيئة الأسواق الماليَّة الفرنسيَّة فقد أطلق حظر استغلال المعلومات الداخليَّة تجاه أيِّ شخص حائزٍ لها بغضِّ النظر عن وجود مركز وظيفي مُطَّلع (رئيسي) أم لا (ثانوي)، وبغضِّ النظر عن وجود علاقة تابعيَّة أو استخدام تجاه مَصدر المعلومات (ثانوي داخلي) أم لا (ثانوي خارجي) كما مرَّ معنا.
وعلى هذا، نقترح عند تعريف الـمُطَّلع أن يتم النص على أنَّه: “أيُّ شخص اطَّلع على المعلومات الداخليَّة…” بدون ربطه بأيِّ رابطٍ مع الجهة مَصدر المعلومات أو الأوراق الماليَّة[49].
ثانياً: أنواع الـمُطَّلع الثانوي الخارجي
إنَّ الـمُطَّلع الثانوي الخارجي الآتي من خارج أسوار مَصدر المعلومات الداخلية قد يتلقَّى المعلومة من مُطَّلع رئيسي فندعوه حينئذٍ متلقياً رئيسيَّاً، أو من مُطَّلع ثانوي آخر فندعوه حينئذٍ متلقياً ثانوياً.
الـمتلقِّي الرئيسي: لقد تمَّ استخدام مصطلح “الـمتلقِّي الرئيسي” “Principal Tippee” من “المنظمة الدولية لهيئات الأوراق الماليَّة” “The International Organization of Securities Commissions IOSCO – Organisation Internationale des Commissions de Valeurs – OICV” لدى شرحها ممارسة إفشاء المعلومات الداخليَّة، حيث اعتبرت أنَّ الشخص الذي يتلقَّى المعلومات مباشرةً من الـمُطَّلع الرئيسي عليها ندعوه بـ: “الـمتلقِّي الرئيسي”[50].
فإذاً الـمتلقِّي الرئيسي هو: “الشخص الأقرب للمُطَّلع الرئيسي في جريمة إفشاء المعلومات الداخليَّة على اعتبار أنَّ مَصدر معلوماته هو حصراً الـمُطَّلع الرئيسي”، وعلى هذا فإنَّ الـمُطَّلع الثانوي قد يكون مُتصلاً رئيسياً إذا تلقَّى المعلومات من الـمُطَّلع الرئيسي[51].
وقد جرى استعمال مُصطلح “الـمُطَّلع” “Initié – Insider” عند دراسة ممارسة تداول الـمُطَّلعين في بورصة الأوراق الماليَّة، ومصطلح “الـمتلقِّي” “Tippee” عند دراسة ممارسة إفشاء المعلومات الداخليَّ.
الـمتلقِّي الثانوي: لقد عَرَّفت المنظَّمة الدولية لهيئات الأوراق الماليَّة (OICV) “الـمتلقِّي الثانوي” “Secondary Tippee” بـ: “الشخص الذي يتلقَّى المعلومات الداخليَّة من مَصادر غير الـمُطَّلع الرئيسي”[52].
فلا يُعتبر الـمتلقِّي الذي يتلقَّى المعلومات الداخليَّة من مُطَّلعٍ ثانويٍّ متلقِّياً رئيسيَّاً؛ وذلك لأنَّ الـمُطَّلع الثانوي قد يكون هو نفسه أحد الـمتلقِّين الذين حصلوا على المعلومات بطريقةٍ غير مشروعةٍ مثل الإفشاء، على عكس الـمتلقِّي الرئيسي فهو الشخص الـمُطَّلع الذي يتلقَّى المعلومات من مَصدر موثوق مُخوَّل بالاطِّلاع على المعلومات، وهو حصراً الـمُطَّلع الرئيسي[53].
فأيُّ شخصٍ يلي الـمُطَّلع الرئيسي والـمتلقِّي الرئيسي ندعوه بالـمتلقِّي الثانوي[54]، وفي الواقع عندما يختلف الـمتلقِّين تنشأ منافسةٌ غير مشروعةٍ بينهم لاستغلال المعلومات الداخليَّة[55].
وعلينا إدراك الغاية التشريعيَّة والتنظيميَّة الخاصَّة بالتفريق بين فئات الـمُطَّلعين والمتَّصلين في تخصيص مواجهة كلٍّ منهم وفقاً لخطورة فعله، فالـمُطَّلع الرئيسي في صدارة المنتهكين لحظر الاستغلال بسبب وجود حالة خيانة الثقة لديه عند استغلال معلومات المؤسسة التي يعمل لديها، ثم الـمُطَّلع الثانوي فهو غير مرتبط بمَصدر المعلومات بأيِّ ميثاق.
وبالنسبة للمتَّصلين من الثانويين الخارجيين، يظهر الـمتلقِّي الرئيسي بمَظهر خطر يستحقُّ عليه عقوبة أكبر من المتَّصل الثانوي، كون المتَّصل الرئيسي قد استطاع اختراق الجدران الإلكترونية المنصوبة للحفاظ على الأمن المعلوماتي[56] الخاص بـمَصدر المعلومات عند اتِّصاله بالـمُطَّلع الرئيسي، بينما نرى الـمتلقِّي الثانوي كشخصٍ عاديٍّ استطاع بموجب علاقاته العاديَّة معرفة المعلومة دون تعدٍّ على منظومة مَصدر المعلومات أو اختراق جدرانها السريَّة.
ولذلك يجب على المشرع توضيح الحدود بين مفهوم الـمُطَّلع الثانوي وغيره من الـمُطَّلعين بتعديلٍ صريحٍ للنصوص[57]؛ حتى يتمَّ تنبيه رقابة البورصة[58]، وتخصيص التعامل مع أنواع الـمُطَّلعين، وفقاً لخطورة استغلال كلٍّ منهم للمعلومات الداخليَّة.
المطلب الثاني: أنواع الـمُطَّلع الثانوي من حيث استغلال المعلومات الداخليَّة
إنَّ الـمُطَّلع الثانوي من حيث استغلاله للمعلومات الداخليَّة إمَّا أن يكون مُتعاملاً أي متداولاً بالبورصة أو مُفشياً دون تداول، وسنقوم بدراسة هذين النوعين من خلال الفقرتين التاليتين.
الفرع الأول: الـمُطَّلع الثانوي المُتعامل
الـمُطَّلع الثانوي الـمُتعامل هو: “الشخص الذي اطَّلع على معلوماتٍ داخليَّةٍ بغرض التعامل على أساسها في بورصة الأوراق الماليَّة”، أي بهدف القيام بعمليَّات تداول وليس إفشاؤها، وقد تبيَّن أنَّ الـمُطَّلع يميل بشكل عام إلى القيام بتعامل على أساس المعلومات الداخليَّة بدلاً من تحمُّل المخاطر غير المنتظرة عند شراء الأوراق الماليَّة[59]. على الرغم من أنَّه يجب على جميع الـمُطَّلعين الامتناع عن التعامل على أساسها إلى أن يتمَّ الإفصاح العام عنها[60] امتثالاً لحظر هذه الممارسة.
وبالنسبة للمواجهة التشريعيَّة لاستغلال المعلومات الداخليَّة عبر التعامل بالتداول من الـمُطَّلعين عليها في بورصة الأوراق الماليَّة، فقد استخدم المشرع اللُّبناني مصطلح “الاستخدام”[61] و”الاستعمال”[62] بصدد حظر الاستغلال، ما يدلُّ على حظره واقعة التعامل بالتداول على أساس هذه المعلومات؛ فالاستخدام والاستعمال للمعلومات يعني تسخيرها في خدمة ضمان الربح غير المشروع عبر التداول[63]، ولكنَّ عدم شمول تعريف النظام الداخلي لبورصة بيروت للـمُطَّلع الثانوي كما رأينا يجعل الـمُطَّلع الثانوي الـمُتعامل في منأى عن حظر استغلال المعلومات الداخليَّة عبر التداول.
أمَّا بالنسبة للمشرع الكويتي، فقد نصَّ في المادة 118 من القانون رقم 7 لعام 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة على تجريم: “… كل مطلع انتفع أو استغل معلومات داخليَّة عن طريق شراء أو بيع الأوراق الماليَّة…”[64]، وطالما أنَّ مصطلح الانتفاع والاستغلال يستغرق التداول بربح مضمون، فإنَّ الـمُطَّلع الثانوي الـمُتعامل محظورٌ من ممارسة الاستغلال في حال استغراق تعريف الـمُطَّلع في القانون المذكور للمُطَّلع الثانوي وفقاً لتفسير القضاء، ولكنَّ المادة 118 من القانون الكويتي المذكور قد نصَّت قبل تعديلها على أنَّه: “… يُعتبر الشخص الذي يَتداول بالأوراق الماليَّة أثناء حيازته للمعلومات الداخليَّة منتفعاً بها إذا كان الشخص على علمٍ بها عندما قام بالبيع أو الشراء إلاَّ إذا استطاع إثبات أنَّه لم يتداول بناءً على تلك المعلومات”.
وفي هذا الاستثناء بابٌ واسعٌ لتملُّص الـمُطَّلع الثانوي الـمُتعامل؛ فيستطيع تقديم إثباتات عديدة بغرض تفسير عمليَّة التداول التي نفَّذها على أنَّها كانت بناءً على تحليلٍ ماليٍّ أو استشارةٍ من وسيطه، وليس على أساس معلومةٍ داخليَّةٍ، ما قد أنشأ ثغرةً قانونيَّةً جاهزةً أمام الـمُطَّلع الثانوي الـمُتعامل.
وبعدها فقد قام المشرع الكويتي بتعديل المادة 118 المذكورة عبر القانون رقم 22 لعام 2015، فأصبح نصُّها كالتالي: “كل مُطَّلع قام ببيع، أو شراء ورقة ماليَّة أثناء حيازته لمعلومات داخليَّة عنها، أو كشف عن المعلومات الداخليَّة، أو أعطى مشورة على أساس المعلومات الداخليَّة لشخصٍ آخر. كما يُعاقب بذات العقوبات أيّ شخصٍ قام بشراء أو بيع ورقة ماليَّة، بناء على معلوماتٍ داخليَّةٍ حصل عليها من شخصٍ مُطلعٍ مع علمه بطبيعة تلك المعلومات بغرض تحقيق أيّ منفعةٍ له أو لغيره”، وبالتالي فقد تمَّ تلافي الثغرة الموجودة في النص السابق، إلاَّ أنَّنا بخصوص النص الـمُعدَّل نشير إلى نقطتين بغاية الأهميَّة، وهما:
اشترط المشرع الكويتي اقتران التعامل بحيازة المعلومات الأمر الذي يجب إثباته تجاه الـمُطَّلع الثانوي المتعامل، وإثبات واقعة الحيازة قد يكون صعباً في الواقع، فيما كان الأفضل القول عن الـمُطَّلع: “.. وهو يحوز معلومات داخليَّة عنها أو أنَّها كانت لا بدَّ في حوزته من مقتضيات ظروف التداول”؛ حتى يتمَّ تسهيل إثبات الاستغلال من واقعة التداول الرابح دون تفسيرٍ ماليٍّ واضحٍ سوى حيازة معلومات داخليَّة.
اشترط المشرع الكويتي توافر علم الـمُطَّلع الثانوي بطبيعة المعلومات التي يتداول على أساسها بأنَّها معلومات داخليَّة أي جوهريَّة وسريَّة، وهو ما يُمثِّل عائق أمام تطبيق حظر التعامل على الـمُطَّلع الثانوي الذي سيزعم أنَّه لم يكن يعرف طبيعة المعلومات التي تداول بناءً عليها، خاصَّةً أنَّ الثانوي بعيد عن مَصدر المعلومة، ويُفترض فيه عدم علمه بطبيعتها، ولذلك كان من الأفضل الاقتصار على اشتراط توافر القصد باستغلال الـمُطَّلع الثانوي لمعلومة “يعرف أو أنَّه لا بد أن يعرف طبيعتها السريَّة” فقط حتى يتمَّ تجريمه، دون اشتراط معرفته لطبيعتها الجوهريَّة أي قدرتها على التأثير بالأسعار.
بينما في فرنسا، فقد نصَّت المادة 742-4 على حظر استغلال المعلومات تداولاً طالما كان الـمُطَّلع: “..يعلم، أو لا بدَّ أنَّه يعلم، بأنَّها معلومة مميَّزة”[65]؛ أي حيثما تتوفَّر ظروفٌ وقرائنٌ كفيلة بإقامة قناعة قاضي الموضوع –أو المحُكِّم- على حتميَّة هذا العلم، وبهذه الطريقة أمكن للقاضي تجاهل أيَّ دليلٍ قد يُقدِّمه الـمُطَّلع بهدف إثبات أنَّ التداول كان طبيعيَّاً، طالما قد شكَّلت الوقائع المعروضة أمام القاضي شذراتٍ لحتميَّة استغلال الـمُطَّلع للمعلومات.
وهذا الأمر يعود لقناعة قاضي الموضوع، وبالتالي فإنَّ الـمُطَّلع الثانوي الـمُتعامل في فرنسا محظورٌ من التداول على أساس معلوماتٍ داخليَّةٍ يعلم بكونها داخليَّةً، أو أنَّ ظروف الوقائع تدلُّ بما لا يدع مجالاً للشكِّ أنَّه يعلم بذلك.
الفرع الثاني: الـمُطَّلع الثانوي المُفشي
قد تنتاب الـمُطَّلع الثانوي مخاوفاً عديدةً فيما يخصُّ تعامله كمتداوِل في بورصة الأوراق الماليَّة بناءً على المعلومات الداخليَّة، ومنها انكشاف أمر تداوله غير المشروع ومحاسبته التي قد تصل إلى المعاقبة الجزائيَّة، فيقوم بدلاً من ذلك بإفشاء هذه المعلومات بمقابلٍ؛ حتى يتخلَّص من المخاطرة بالتعامل على أساس هذه المعلومات[66]، وهذا ما يؤكِّد ضرورة الالتزام بقواعد الإفصاح[67] عن المعلومات الداخليَّة لأنَّ عدم التزام الشركات بواجباتها تجاه الإفصاح سوف ينتجُ عنه بالتأكيد زيادةٌ في أرباح الـمُطَّلعين الذين يقومون باستغلال المعلومات الداخليَّة[68].
وعلى صعيد المواجهة التشريعية، فقد تنبَّه النظام الداخلي لبورصة بيروت الصادر بموجب قانون البورصة إلى حالة استغلال المعلومات السريَّة المؤثِّرة ليس عبر التداول وإنَّما عبر الإفشاء عندما حظر استغلال هذه المعلومات بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ [69]؛ وهو ما يتجاوز الاستغلال التداوليِّ (المباشر) إلى الاستغلال غير التداوليِّ (غير المباشر)، وهو الإفشاء، ولكنَّ النظام الداخلي المذكور قد حصرَ حظرَ هذه الممارسة -كما مرَّ معنا- على فئة الـمُطَّلعين الرئيسيِّين، ما جعل من وجود الـمُطَّلع الثانوي الـمُفشي أمراً لا سند قانونيٍّ له في لبنان.
وبالنسبة للمواجهة التشريعيَّة العامَّة لإفشاء المعلومات الداخليَّة في سوق الأوراق الماليَّة فإنَّ القانون الكويتي رقم 7 لعام 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة قد نصَّ في المادة 119 منه بعد تعديلها بالقانون رقم 22 لعام 2015 على تجريم: “… كل مَن يخضع لأحكام هذا القانون وأفشى سراً اتصل بعلمه بحكم طبيعة عمله أو وظيفته أو منصبه”، وقد ربطت هذه المادة تشديد العقوبة مع حصول الشخص المفشي: “… بأيِّ شكلٍ من الأشكال على منفعة أو مصلحة أو مقابل لنفسه أو لغيره مقابل إفشاء السر أو المعلومة أو الخبر”، كما أنَّ المادة 118 كانت قد حظرت على الـمُطَّلع وفق هذا القانون أن يقوم بـ: “… إعطاء مشورة على أساس المعلومات الداخليَّة لشخص آخر غير مُطَّلع”، ما يجعل وجود الـمُطَّلع الثانوي الـمُفشي أمراً واضحاً مبدئيَّاً.
ولكنَّ المشكلة الحقيقيَّة التي قد تظهر خلال تطبيق أحكام هذا القانون الكويتي هي أنَّ الـمُطَّلع الثانوي لا يُمكن اعتباره خاضعاً لأحكام القانون فهو غير مشمولٍ بتعريف الـمُطَّلع كما مرَّ معنا، كما أنَّ حظر الإفشاء وفقاً للمادة 119 المذكورة قد أكَّد على ربط علم الشخص الـمُفشي بالمعلومات عبر العمل أو الوظيفة أو المنصب، وهو ما أبقاه المشرع الكويتي حتى بعد صدور القانون رقم 22 لعام 2015.
وحتى المواد 1-3-6 و1-3-7 من الكتاب الرابعالفصل الأول الخاص باللاَّئحة التنفيذية لقانون هيئة سوق المال الكويتي التي قامت بتنظيم إدارة البورصة قد اقتصرت في نطاق حظر إفشاء المعلومات الداخلية على موظَّفي البورصة الذين علموا بالمعلومات الداخلية بحكم موقعهم (الـمُطَّلعين الرئيسيين) أو بحكم علاقتهم المهنيَّة أو الشخصيَّة (الـمُطَّلعين الثانويين الداخليين)، دون أن ينال الحظر من الثانويين الخارجيين.
ولذلك نؤكِّد على ضرورة حذف جملة: “… يخضع لأحكام هذا القانون…” والاكتفاء بجملة: “… كل مَن…” حتى يشمل النص الكويتي أيَّ شخصٍ قد يقوم بالإفشاء، كما نقترح إضافة جملة في آخر هذه المادة عندما عدَّدت طرق وصول المعلومات إلى الـمُطَّلع عبر العمل أو الوظيفة أو المنصب فنضيف: “… أو بالمصادفة”؛ حتى تصبح مواجهة الـمُطَّلع الثانوي شاملةً لكلِّ أنواعه وحالات استغلاله للمعلومات الداخليَّة.
أمَّا في فرنسا، فقد أصدر المشرع الفرنسي قانون 2/8/1989 وعدَّل بموجبه مرسوم إنشاء لجنة عمليات البورصة القديمة (COB) فأضاف فقرة ثانية للمادة 10-1 عاقب فيها على إعطاء المعلومات المميَّزة لشخصٍ آخر غير الكادر العادي لمهنة أو وظيفة الـمُطَّلع، إذا كانت ممارسة هذه المهنة أو الوظيفة هي السبب في حيازة تلك المعلومات، وهو ما يعني وجود نفس النقص في مواجهة إفشاء الـمُطَّلع الثانوي للمعلومات الداخليَّة.
وبعد إلغاء لجنة عمليات البورصة الفرنسيَّة، جاءت هيئة الأسواق الماليَّة الفرنسيَّة (AMF) بنصٍّ في تنظيمها العام عبر المادة 742-3 يُلزم الأشخاص الـمُطَّلعين على المعلومة المتميِّزة بالامتناع عن تقديم “المشورة” “Recommander” أو الإقناع بالتداول على أساس هذه المعلومات[70] دون أن تحديد شخصيَّة مُفشي المعلومات، وبهذا فقد شمل نصُّ الهيئة الفرنسيَّة حالة إفشاء الـمُطَّلع الثانوي الـمُفشي، وبقي أن يشمل “تطبيق القانون” فئة الـمُطَّلع الـمُفشي؛ حيث لوحظ وجود فرق بين النص والتطبيق في حالات انتهاك نظام البورصة في أوروبا[71].
الخاتمة
رغم خطورة الـمُطَّلع الثانوي على المعلومات الداخليَّة فيما يخصُّ استغلالها في بورصة الأوراق الماليَّة، ورغم أنَّ الواقع العمليَّ يؤكِّد أنَّ هذه الفئة هي الأكثر صعوبةً من حيث الاكتشاف والملاحقة والمقاضاة، فإنَّ المشرع اللُّبناني قد أغفله عند حظر ممارسة الاستغلال.
بينما لم يذكر المشرع الكويتي الـمُطَّلع الثانوي عند تعريفه لمعنى الـمُطَّلع الذي لم يقم بتعديله حتى بعد صدور القانون رقم 22 لعام 2015، إلاَّ أنَّ هذا القانون قد حظر استغلال المعلومات الداخليَّة من الـمُطَّلع الثانوي عبر المادة 118 من قانون سوق رأس المال بعد تعديلها رغم أنَّه قد اشترط لقيام الحظر تجاه الثانوي علمه بطبيعة المعلومات وهو أمر يصعب إثباته، كما أنَّ ممارسة إفشاء تلك المعلومات لم تشمل إفشاء الـمُطَّلع الثانوي لها لأنَّ المادة 119 من القانون المذكور قد اشترطت العلم بالسر الذي تمَّ إفشاؤه بحكم العمل أو الوظيفة أو المنصب ما يُخرج الثانوي من إطار الحظر، وهو ما يؤكِّد ضرورة التدخُّل التشريعي السريع عبر النصِّ على مواجهةٍ تشريعيَّةٍ عامةٍ لهذه الجريمة تجاه أيِّ شخص قد يقوم بها.
أمَّا بالنسبة للقانون الفرنسي، ففي مرحلة لجنة عمليات البورصة (COB) -التي امتدَّت منذ مرسوم إنشائها عام 1967 إلى حين إلغائها عبر مرسوم إنشاء هيئة الأسواق الماليَّة الفرنسيَّة (AMF) عام 2003- فقد كانت المواجهة القانونيَّة للمُطَّلع الثانوي قاصرةً، أمَّا بعد إنشاء سلطة الأسواق الماليَّة الفرنسيَّة وإصدارها التنظيم العام للبورصة فإنَّ مواجهة استغلال المعلومات الداخليَّة قد شملت الـمُطَّلع الثانوي عبر أسلوب تعميم حظر ممارسة الاستغلال تجاه أيِّ شخص سواءً أكان علمه مُفترضاً (رئيسي) أم لا (ثانوي)، وعبر أيِّ أسلوبٍ سواءً أكان بالتداول (متعامل) أم بالإفشاء (مُفشي).
ولكنَّ مواجهة الـمُطَّلع الثانوي وطرق استغلاله للمعلومات الداخليَّة من تعامل أو إفشاء على تعقيدها لا تستقيم فقط عبر حظر هذه الممارسة تجاه أيِّ شخصٍ يرتكبها وبأيَّة طريقةٍ؛ لأنَّ أسلوب التعميم هذا لا يتضمَّن تخصيص العقوبة الإداريَّة من سلطة السوق ولا العقوبة الجزائيَّة من القضاء وفقاً لمدى خطورة الـمُطَّلع الثانوي.
ونرى أنَّ سبب حدوث حالة إغفال المشرع اللُّبناني والكويتي لبعض التفاصيل الحسَّاسة الخاصَّة بنظام بورصة الأوراق الماليَّة هو معاملته لقانون البورصة كأيِّ قانونٍ عاديٍّ من حيث مصادر قواعده العامَّة من القانون المدني وقانون التجارة والشركات..، بينما نجد خصوصيَّة نظام البورصة تفرضُ اعتبار القانون النقدي والمالي هو القاعدة العامَّة لتنظيم العمل فيها كما في فرنسا، إلى جانب باقي القوانين المرتبطة بالأنشطة التجاريَّة.
فهذا التأصيل غير المتخصِّص لنصوص قانون بورصة الأوراق الماليَّة هو الذي أدَّى إلى إغفال المشرع اللُّبناني والكويتي للمُطَّلع الثانوي، وإلى حدوث حالة القصور التشريعي الكبير بخصوص حظر ممارسة استغلال المعلومات الداخليَّة.
التوصيات:
النصُّ على تعريف الـمُطَّلع كالتالي: “أيُّ شخصٍ اتَّصلت المعلومات الداخليَّة بعلمه قبل الإفصاح عنها للجمهور”.
النصُّ على حظر استغلال المعلومات الداخليَّة كالتالي: “يُحظر على أي شخص أن يقوم باستغلال اطِّلاعه على المعلومات الداخليَّة عبر التعامل على أساسها في السوق أو عبر إفشائها إلى أيِّ شخص آخر، ويعتبر الشخص مُستغلاًّ لهذه المعلومات إن قام بالتداول بناءً على معلوماتٍ يعلم أو أنَّه كان لا بدَّ أن يعلم طبيعتها السريَّة”.
اعتبارُ الـمُطَّلع الثانوي الـمُستخدَم التابع لدى إحدى الشركات التابعة أو الشقيقة للشركة مَصدر المعلومات مُطَّلعاً ثانوياً داخلياً.
عدم الاكتفاء بالحظر العام لاستغلال المعلومات الداخليَّة، بل يجب تخصيص مواجهة هذه الممارسة حسب خطورة موقع الـمُطَّلع الثانوي، وسوء نيَّته.
فرض عقوبة وقف الترخيص على الـمُطَّلع الثانوي الداخلي ثم سحبه من ممارسة العمل بشركات البورصة حيث استقى من الشركة التي يعمل بها معلوماته.
فرض عقوبة وقف الترخيص الـمُطَّلع الثانوي الخارجي ثم سحبه من ممارسة عمل التحليل المالي والاستشارات إن كان هذا الـمُطَّلع شركة تمارس هذا العمل، وفرض عقوبة الحرمان المؤقت وبعدها الدائم من التداول في البورصة إن كان شخصاً عادياً.
فرض عقوبةٍ تنالُ من الترخيص بالعمل على الـمُطَّلع الثانوي الـمُفشي في البورصة إن كان من داخل مَصدر المعلومات، وفرض عقوبة الحرمان المؤقت ثم الدائم من التداول في البورصة إن كان شخصاً من خارج هذا الـمُصدر.
رفع قيمة الغرامة على الـمُطَّلع الثانوي الداخلي لخيانته واجب الولاء تمييزا ًله عن الخارجي، ورفعها أكثر إن كان مطَّلعاً ثانويَّاً مُفشياً لصعوبة كبح جماح ممارسة الإفشاء تمييزاً له عن المتعامِل.
المراجع
أولاً: المؤلَّفات باللغة العربيَّة:
أ-الكتب:
– د. البربري صالح، الممارسات غير المشروعة في بورصة الأوراق الماليَّة، دراسة قانونيَّة واقتصادية مقارنة، مركز المساندة القانونيَّة، القاهرة، عام 2001، الطبعة الأولى.
– جبر علاء الدين أحمد، بورصة الأوراق الماليَّة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، عام 2007.
– د. سالم عمر، الحماية الجنائية للمعلومات غير المعلنة للشركات المقيدة بسوق الأوراق الماليَّة، دار النهضة العربية، القاهرة، عام 1999، الطبعة الأولى.
– د. طاحون نصر على، شركة إدارة محافظ الأوراق الماليَّة، دراسة تأصيلية لبورصات الأوراق الماليَّة والمحافظ الماليَّة، دار النهضة العربية، القاهرة، عام 2003.
– د. فتحي حسين، تعاملات المطلعين على أسرار أسهم الشركة، دار النهضة العربية، القاهرة، عام 1996.
– د. هندي منير إبراهيم، الأوراق الماليَّة وأسواق رأس المال، منشأة المعارف، الإسكندرية، عام 1999.
– أ. هندي خليل، الناشف أنطوان، العمليات المصرفية والسوق الماليَّة، الجزء الثاني، المفهوم القانوني للسوق الماليَّة ومدى علاقتها بالنظام المصرفي، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس-لبنان، عام 2000.
ب-الرسائل الجامعية:
– د. بنبعيدة عبد الرحيم، “مفهوم مصلحة الشركة كضابط لتحديد اختصاصات ومسؤولية مجلس الإدارة والجمعيات العامة دراسة تحليلية مقارنة”، رسالة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، نوقشت جامعة عين شمس في عام 2000، غير منشورة.
– وردة درب، وهيبة قمودة، “استخدام تكنولوجیا المعلومات وتأثیرها على وظائف المؤسسة -دراسة حالة بمؤسسة اتصالات الجزائر وحدة ورقلة”، مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات شهادة ليسانس في علوم التسيير، كلیة العلوم الاقتصادية والتجاریة وعلوم التسییر، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، نوقشت عام 2013، غير منشورة.
-د. صرخو يعقوب يوسف، “الأسهم وتداولها في الشركة المساهمة”، رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاهرة، نوقشت عام 1982، غير منشورة.
– د. القوصي همام، “الممارسات غير القانونيَّة في سوق الأوراق الماليَّة”، رسالة أُعدَّت لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، نوقشت في جامعة حلب، عام 2011، غير منشورة.
ج- الأبحاث العلميَّة المحكَّمة:
– د. القوصي همام، ” المفهوم القانوني للمعلومات الداخليَّة في سوق الأوراق الماليَّة – دراسة مقارنة بين القانون الكويتي والسوري والتشريع المقارن”، مجلة الحقوق المحكَّمة – جامعة الكويت، المجلد:37، العدد 4، ديسمبر 2013.
ثانياً: المؤلَّفات باللغة الإنكليزية:
Articles:
– ABOODY David, HUGHES John, LIU Jing, “Earnings Quality, Insider Trading, and Cost of Capital”, Journal of Accounting Research, Vol.43, No.5, December 2005.
– AHERN Kenneth R., “Information Networks: Evidence from Illegal Insider Trading Tips”, 5 February 2015. See: www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0304405X17300570 (12-1-2018).
– ANDERSON John P., Anticipating a Sea Change for Insider Trading Law: From Trading Plan Crisis to Rational Reform”, Utah Law Review, Vol. 2015, No 2, 2015, pp. 339-389.
– AITKEN Michael, CUMMING Douglas, ZHAN Feng, “Exchange trading rules, surveillance and insider trading”, Center for Financial Studies (CFS), Goethe University Frankfurt, Working Paper, No. 2013/15, 15 Oct 2013.
– BAINBRIDGE Stephen M., “Insider Trading”, In: BOUCKAERT, B.; DE GEEST, G. (eds.), Encyclopedia of Law and Economics, Vol. III, Cheltenham: Edward Elgar Publishing, 2000.
– BENY, Laura Nyantung. “Insider Trading Laws and Stock Markets Around the World an Empirical Contribution to the Theoretical Law and Economics Debate”, The Journal of Corporation Law, Winter 2007, pp.237-300.
– COFFEE Jr. John C., “Mapping the Future of Insider Trading Law: Of Boundaries, Gaps, and Strategies”, Law Working Paper N°. 204/2013, European Corporate Governance Institute, March 2013.
– CZIRAKI Peter, DE GOEIJ Peter, RENNEBOOG Luc, “Insider Trading, Option Exercises and Private Benefits of Control”, 2010. See: https://ideas.repec.org/p/has/discpr/1006.html (12-1-2018).
– CUMMING Douglas, GROH Alexander, JOHAN Sofia, “Same Rules, Different Enforcement: Market Abuse in Europe”, 14 January 2014. See: https://papers.ssrn.com/abstract=2399064 (12-1-2018).
– DAVIS Kenneth R., “The Equality Principle: how Title VII can save Insider Trading Law”, Cardozo Law Review, Vol. 39:199, 2017.
-The International Organization of Securities Commissions (OICV-IOSCO), “Insider Trading How Jurisdictions Regulate It”, report of the emerging markets committee, March 2003. See: http://www.iosco.org/library/pubdocs/pdf/IOSCOPD145.pdf (12-1-2018).
– NGUYEN Vinh, TRAN Anh, ZECKHAUSER Richard, “Stock Splits to Profit Insider Trading Lessons from an Emerging Market”, December 30, 2016. See: www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0261560617300487 (12-1-2018).
– WISNIEWSKI Tomasz P., BOHL Martin T., “The Information Content of Registered Insider Trading Under Lax Law Enforcement”, International Review of Law & Economics, 2005 – Elsevier.
– WANG Xuewu, “Time-Varying Liquidity Trading, Private Information and Insider Trading”, 2010. See: http://www.fma.org/NY/Papers/PINInsiderTrading.pdf (12-1-2018).
Thesis:
– PEREIRA Diego Trindade, “Kerr v. Danier Leather: an Analysis of the Difficulty to Enforce a Duty to Update Statements about the Future in the Context of Securities Regulation”, A thesis submitted in conformity with the requirements for the degree of Master of Laws, Faculty of Law, University of Toronto, 2010. See : https://tspace.library.utoronto.ca/handle/1807/25827 (12-1-2018).
ب-المؤلَّفات باللغة الفرنسيَّة:
Articles:
– BERCOT Nicolas, KESLASSY Michael, “Détection du délit d’initié”, Département de Mathématiques Appliquées, Ecole Polytechnique, Décembre 2005.
– FERON Benoît, “Les Délits Boursiers, en Droit Belge et en Droit Compare”, Colloque Les délits financiers, Belgaum, Bruxelles, 1999.
Thèses:
– ONOFREI Adina, “La Restructuration des Marches Financiers en Europe: Une Course de Titans”, Thesis for the Degree of Master of European Studies, College of Europe, Bruges, Law Department, Academic Year 2005-2006. See:
http://docplayer.fr/6352457-La-restructuration-des-marches-financiers-en-europe.html (12-1-2018).
– VOLZ Stefanie, “La Surveillance des Bourses en France et en Allemagne une Comparaison Analytique”, Université Robert Schuman, Strasbourg III, année universitaire 2002/2003. Voir le lien: http://www-cde.u-strasbg.fr/ (12-1-2018).
III. Les Décision:
– Cour de Cassation de France, Chambre criminelle, Cassation partielle, Audience publique du 14 juin 2006, Publication: Bulletin criminel, 2006 N° 178.
– Conseil d’État de France, statuant au contentieux, N° 298912, lecture du 14 décembre 2006.
[1] Vinh NGUYEN, Anh TRAN, Richard ZECKHAUSER, “Stock Splits to Profit Insider Trading Lessons from an Emerging Market”, December 30, 2016, page 2. See: www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0261560617300487 (12-1-2018).
[2] وللتعمُّق في المعنى القانوني للـ: “المعلومات الداخليَّة”، راجع: د. همام القوصي، ” المفهوم القانوني للمعلومات الداخلية في سوق الأوراق المالية دراسة مقارنة بين القانون الكويتي والسوري والتشريع المقارن”، مجلة الحقوق المحكمة – جامعة الكويت، المجلد:37، العدد 4، ديسمبر 2013.
[3] إنَّ المعلومات في بورصة الأوراق الماليَّة تمثِّل حلقة الوصل بين المستثمر والسوق، وكلَّما تفاعل المستثمر مع هذه المعلومات واستوعبها كلَّما اتخذ القرار الاستثماري الأنجح. أنظر: علاء الدين أحمد جبر، بورصة الأوراق المالية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، عام 2007، الصفحة 293.
[4] تُدعى فئة الـمُطَّلعين المتشكِّلة من الـمُطَّلع الثانوي بالـ: “ثانويين” “Secondaires”.
[5] Tomasz P. WISNIEWSKI, Martin T. BOHL, “The Information Content of Registered Insider Trading Under Lax Law Enforcement”, International Review of Law & Economics, 2005 – Elsevier. see: http://linkinghub.elsevier.com/retrieve/pii/S0144818805000323.
[6] أنظر: د. حسين فتحي، تعاملات المطلعين على أسرار أسهم الشركة، دار النهضة العربية، القاهرة، عام 1996، الصفحة 127، الهامش 1.
[7] للمزيد من المعلومات حول كفاءة أسواق رأس المال، أنظر: د. منير إبراهيم هندي، الأوراق المالية وأسواق رأس المال، منشأة المعارف، الإسكندرية، عام 1999، الصفحة 501.
[8] Kenneth R. DAVIS, “The Equality Principle: how Title VII can save Insider Trading Law”, Cardozo Law Review, Vol. 39:199, 2017, page 3.
[9] المعدَّلة بموجب القانون اللُّبناني 239 الصادر بتاريخ 27-5-1993.
[10] المعدَّل بالمرسوم بالقانون الكويتي، رقم 52، الصادر بتاريخ 15/06/1999.
[11] المادة 1 من قانون إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة، رقم 7، الصادر بتاريخ 2122010.
[12] وقد تبيَّن في دراسة للأستاذ WANG عام 2010 أنَّ الـمُطَّلعين يتعاملون على الأوراق الماليَّة العائدة للجهة التي يطَّلعون على معلوماتها الداخليَّة بشكلٍ كثيفٍ قبل قيام هذه الجهة بتصريحاتٍ غير دوريَّةٍ وغير مجدولةٍ في برنامج عملها. أنظر:
Xuewu WANG, “Time-Varying Liquidity Trading, Private Information and Insider Trading”, 2010, page 25. See: http://www.fma.org/NY/Papers/PINInsiderTrading.pdf (12-1-2018) .
[13] وفي الواقع إنَّ استغلال المعلومات الداخليَّة الآتي من الـمُطَّلع الرئيسي يؤذي الثقة في بورصات الأوراق الماليَّة. أنظر:
Stephen M. BAINBRIDGE, “Insider Trading”, In: BOUCKAERT, B.; DE GEEST, G. (eds.), Encyclopedia of Law and Economics, Vol. III, Cheltenham: Edward Elgar Publishing, 2000, page 784.
ويبدو أنَّ هذا هو السبب من وراء ذكر معظم المشرعين للمُطَّلع الرئيسي وتجاهلهم للمُطَّلع الثانوي الذي تظهر خطورته من جانب آخر حيث أنَّه غير ظاهر لرقابة السوق.
[14] د.عمر سالم، الحماية الجنائية للمعلومات غير المعلنة للشركات المقيدة بسوق الأوراق المالية، دار النهضة العربية، القاهرة، عام 1999، الطبعة الأولى، الصفحة 45.
[15] المادة 118 من قانون إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة، رقم 7، لعام 2010، الـمُعدَّلة بالقانون رقم 22 لعام 2015.
[16] Code monétaire et financier de France, dernière modification le 01 janvier 2017, document généré le 09 janvier 2017.
[17] تطبيقاً لمقولة: “العلم هو السلطة”. أنظر: د.عبد الرحيم بنبعيدة، “مفهوم مصلحة الشركة كضابط لتحديد اختصاصات ومسؤولية مجلس الإدارة والجمعيات العامة دراسة تحليلية مقارنة”، رسالة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، نوقشت جامعة عين شمس في عام 2000، غير منشورة، الصفحة 75. وهذا ما يتعارض مع كون شفافيَّة المعلومات في بورصة الأوراق الماليَّة تُمثِّل حجر الزاوية في توجيه وتنظيم السوق وكذلك في تنفيذ قانونه. أنظر:
Adina ONOFREI, “La Restructuration des Marches Financiers en Europe: Une Course de Titans”, Thesis for the Degree of Master of European Studies, College of Europe, Bruges, Law Department, Academic Year 2005-2006, page 20. Voir le line:
http://docplayer.fr/6352457-La-restructuration-des-marches-financiers-en-europe.html (12-1-2018).
[18] Loi de France, N° 2003-706, de sécurité financière, du 1er août 2003.
[19] LIVRE VI – ABUS DE MARCHÉ: OPÉRATIONS D’INITIÉS ET MANIPULATIONS DE MARCHÉ, Règlement Général de L’Autorité des Marchés Financiers (AMF).
[20] Article 622-2, Règlement Général de L’Autorité des Marchés Financiers (AMF).
[21] مثل العضوية والإدارة لدى الشركات مُصدرِة الأوراق الماليَّة والسيطرة على رأس المال والاستخدام لدى هؤلاء الـمُصدرين، وبمطلق الأحوال، فإنَّ وضعيَّات الاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة هي وضعيَّات استثنائيَّة، فالمعلومات الداخليَّة يجب أن تتَّصف بـ”السريَّة” حتى تمنح حائزها الأفضليَّة، فيجب بالتالي ألاَّ يكون قد أُفْصِحَ عنها للملأ. أنظر:
Benoît FERON, “Les Délits Boursiers, en Droit Belge et en Droit Compare”, Colloque Les délits financiers, Belgaum, Bruxelles, 1999, page 15.
[22] Cour de Cassation de France, Chambre criminelle, Cassation partielle, Audience publique du 14 juin 2006, Publication: Bulletin criminel, 2006 N° 178, page. 616. Voir le line:
http://www.lexinter.net/JPTXT4/JP2005/delit_d%27initie.htm.
[23] Article 742-4, Règlement Général de L’Autorité des Marchés Financiers (AMF).
[24] “.. personne détenant une information privilégiée et qui sait ou qui aurait dû savoir qu’il s’agit d’une information privilégiée”. Voir: Article 742-4, Règlement Général de L’Autorité des Marchés Financiers (AMF).
[25] تطبيقاً للمرسوم الفرنسي رقم 833 لعام 1967، أنظر:
Décret de France, N° 67-833, 2891967, section 92.
[25] وقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أنَّ الغاية من فرض عقوبة التشهير هي إظهار الصورة الحقيقيَّة لأنشطة الشركة المخالفة، هذا بالإضافة إلى حماية مصلحة المستثمرين منها. أنظر:
Conseil d’État de France, statuant au contentieux, N° 298912, lecture du 14 décembre 2006. voir le lien:
http://www.lexinter.net/JPTXT4/JP2005/demande_de_suspension_d%27une_sanction.htm.
[26] Stefanie VOLZ, “La Surveillance des Bourses en France et en Allemagne une Comparaison Analytique”, Université Robert Schuman, Strasbourg III, année universitaire 2002/2003, page 37. Voir le lien: http://www-cde.u-strasbg.fr/da/da/AnnexesMemoires/Promo2003/Volz.pdf.
[27] إنَّ معظم المستحوذين على أسهم الشركات -أصحاب العائد المرتفع- يطَّلعون على المعلومات الداخليَّة ويتَّخذون القرار الاستثماري الصائب اعتماداً عليها. أنظر: د.منير إبراهيم هندي، مرجع سابق، الصفحة 23.
[28] د.يعقوب يوسف صرخو، “الأسهم وتداولها في الشركة المساهمة”، رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاهرة، نوقشت عام 1982، غير منشورة، الصفحة 449. وقد حسم قانون الشركات الكويتي هذه المسألة بمنعه عضو مجلس الإدارة من بيع أو شراء أو التنازل عن أسهم الشركة التي هو عضو مجلس إدارتها بشكلٍ تامٍّ (أسهم الضمان والأسهم العاديَّة) طيلة مدَّة عضويَّته فيها، إلاَّ وفقاً للضوابط التي تضعها وزارة التجارة والصناعة. أنظر: المادة 140 من القانون الكويتي رقم 15 لعام 1960 الخاص بقانون الشركات التجارية المعدل بالمرسوم بقانون الكويتي رقم 52 الصادر بتاريخ 15/06/1999.
[29] يُقصد بصفة الجوهريَّة قدرة المعلومات على التأثير بأسعار الأوراق الماليَّة أو باتجاهات التداول أو بقرارات المستثمرين، ويجب أن تكون هذه الصفة متواجدة في وقت استغلال المعلومات أي أنَّ التأثير يُشترط أن يكون على القيمة الحاليَّة للورقة الماليَّة. أنظر:
Nicolas BERCOT, Michael KESLASSY, “Détection du délit d’initié”, Département de Mathématiques Appliquées, Ecole Polytechnique, Décembre 2005, page 3. Voir le lien: http://homepages.nyu.edu/~njb268/files/EA.pdf.
[30] Jr. John C. COFFEE, “Mapping the Future of Insider Trading Law: Of Boundaries, Gaps, and Strategies”, Law Working Paper N°. 204/2013, European Corporate Governance Institute, March 2013, page 1.
[31] Laura Nyantung BENY, “Insider Trading Laws and Stock Markets Around the World an Empirical Contribution to the Theoretical Law and Economics Debate”, The Journal of Corporation Law, Winter 2007, pp.237-300, page 250.
[32] د.يعقوب يوسف صرخو، مرجع سابق، الصفحة 354.
ويعدُّ علم الـمُطَّلع بالمعلومات قبل الجمهور مع إعطائه أوامر تداول خلال هذا العلم قرينةً بسيطةً قابلةً لإثبات العكس تدلُّ على استغلاله للمعلومات الداخليَّة التي اطَّلع عليها في هذا الوقت. أنظر: د.صالح البربري، مرجع سابق، الصفحة 234.
[33] ويبقى الحلُّ العمليُّ لاكتشاف تعاملات استغلال المعلومات الداخليَّة في دراسة سجلاَّت عمليَّات التداول بالسوق، ويكفي للتدليل على أهميَّة هذا الإجراء أن نقول بأنَّ 50% من التحقيقات التي أُجريت في فرنسا عام 2004 كان سببها رصد سجلاَّت العمليَّات، حيث تمَّ اكتشاف أرباح بالملايين، ولذلك فإنَّ على الأسواق تعزيز أدوات رصدها لهذه العمليَّات. أنظر:
Nicolas BERCOT, Michael KESLASSY, op.cit., page 4.
[34] للمزيد من المعلومات، أنظر: د. همام القوصي، “الممارسات غير القانونية في سوق الأوراق المالية”، رسالة أُعدَّت لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، نوقشت في جامعة حلب، عام 2011، غير منشورة، الصفحة 43.
[35] ونعطي المثال عن هذه الحالة فيما لو كانت الجهة مَصدر المعلومات هي شركة إنتاج مواد غذائيَّة مدرِجة في بورصة الأوراق المالية، فلو أنَّ رئيس مجلس إدارة الشركة قام بتوقيع عقد قرضٍ مع أحد البنوك يُخوِّل هذه الشركة شراء أرضٍ زراعيَّةٍ كبيرةٍ ستنقل الشركة من تسويق المحاصيل الزراعية إلى إنتاجها ومن ثم تسويقها عبر مشروعٍ تجاريٍّ متكاملٍ، فإنَّ الإفصاح عن هذا الخبر سيرفع سعر سهم الشركة بشكلٍ كبيرٍ، كما أنَّ هذه الشركة قد تتشجَّع أكثر وتقوم بإصدار أسهمٍ جديدةٍ لتمويل المزيد من المشاريع التي تهدف إلى توسيع نطاق عملها، وبالتالي لو أنَّ سائق رئيس مجلس إدارة الشركة قد تأكَّد من هذه المعلومات الداخليَّة عبر سماعه لحديث رئيس مجلس الإدارة مع أحد مديري الشركة على الطريق، فيُعتبر في هذه الحالة مُطَّلعاً ثانوياً؛ لأنَّه لم يكن مخوَّلاً بالعلم بهذه المعلومة من جهة، ويُعتبر داخلياً لأنَّه مستخدمٌ من داخل الشركة مَصدر المعلومات تابعٌ لها قانوناً من جهة أخرى.
[36] Kenneth R. AHERN, “Information Networks: Evidence from Illegal Insider Trading Tips”, 5 February 2015. See: www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0304405X17300570 (12-1-2018).
[37] د. صالح البربري، الممارسات غير المشروعة في بورصة الأوراق المالية، دراسة قانونية واقتصادية مقارنة، مركز المساندة القانونية، القاهرة، عام 2001، الطبعة الأولى. الصفحة 212، أنظر أيضاً بخصوص هذه القضية:
SEC v. Texas Gulf Sulphur Co., 401 F.2d 833 (2d Cir. 1968), cert. denied, 394 U.S. 976 (1969):
Stephen M. BAINBRIDGE, op. cit., page 773.
[38] أنظر: المادة 37 من النظام الداخلي لبورصة بيروت لعام 1995.
[39] أنظر: المادة 73 من النظام الداخلي لبورصة بيروت لعام 1995.
[40] أنظر: المادة الأولى من القانون الكويتي رقم 7 لعام 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، وهو ما أكدته اللاَّئحة التنفيذيَّة لهذا القانون في الكتاب الأول “التعريفات”، حرف الميم، الصفحة 36.
[41] المادة 118 من قانون إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة، رقم 7، لعام 2010، الـمُعدَّلة بالقانون رقم 22 لعام 2015.
[42] Article 742-4, Règlement Général de L’Autorité des Marchés Financiers (AMF).
[43] فقد أقرَّ القضاء الفرنسي بمسؤوليَّة مهندسٍ غير مخوَّلٍ للاطِّلاع على المعلومات الداخليَّة (مُطَّلع ثانوي داخلي) في شركة CARRFOUR في فرنسا بعد استغلاله لحديث مدير الشركة مع مدير شركة أخرى سمعه بالمصادفة، وتعامله في السوق على أساس هذه المعلومات. أنظر: د.عمر سالم، مرجع سابق، الصفحتين 46 و 47.
[44] فهذه الشركات تقوم بعملٍ أساسيٍّ وحسَّاسٍ يتمحور حول دراسة السوق من الناحية الماليَّة، ومن ثم دراسة الجهات المدرِجة فيها من حيث إفصاح هذه الجهات والحركة التاريخيَّة لأسهمها، إلى أن تصل إلى تحليلٍ منطقيٍّ لمستقبل حركة الأسعار أو عوائد الأوراق الماليَّة المتداوَلة في السوق، ومن ثم تحويل هذا التحليل المالي إلى استشارة ماليَّة مأجورة لعملاء الشركة تختصر فيها على المستثمر ضعيف الخبرة في المجال المالي عناء الدراسة والتحليل. إنَّ هذه الشركات قد تقوم بممارساتٍ غير مشروعةٍ عديدةٍ للوصول إلى المعلومات الداخليَّة الخاصة بالأوراق الماليَّة المتداولة في البورصة، ما يُتيح لها القيام بتحليلٍ ماليٍّ صائبٍ، وإعطاء استشارات ماليَّة مستقبليَّة صائبة بنسبةٍ كبيرةٍ عبر استغلال اطِّلاعها على المعلومات الجوهريَّة قبل الإفصاح عنها.
[45] ونتيجة لحساسيَّة عمل الشركات المرخصَّة بأعمال التحليل المالي والاستشارات الماليَّة، فقد ظهر اتِّجاهٌ تنظيميٌّ في بورصات الأوراق الماليَّة بإنشاء هيئة خاصَّة لرقابة شركات الوساطة الماليَّة (السمسرة) التي قد يتمُّ الترخيص لها بالقيام بهذا النشاط، كما في ألمانيا. أنظر: Stefanie VOLZ, op.cit., page 11.
وللاطِّلاع على استغلال المعلومات الداخليَّة من شركة إدارة المحافظ الماليَّة، وخرقها للالتزام بالمحافظة على استقرار السوق، أنظر: د. نصر على طاحون، شركة إدارة محافظ الأوراق المالية، دراسة تأصيلية لبورصات الأوراق الماليَّة والمحافظ المالية، دار النهضة العربية، القاهرة، عام 2003، الصفحة 421.
[46] U.S. v. O’Hagan, 92 F.3d 612 (8th Cir. 1996): Stephen M. BAINBRIDGE, op. cit., page 776, 777.
[47] The International Organization of Securities Commissions (OICV-IOSCO), “Insider Trading How Jurisdictions Regulate It”, report of the emerging markets committee, March 2003, page 9. see: http://www.iosco.org/library/pubdocs/pdf/IOSCOPD145.pdf (12-1-2018).
[48] المادة 118 من قانون إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق الماليَّة، رقم 7، لعام 2010، الـمُعدَّلة بالقانون رقم 22 لعام 2015.
[49] أنظر: د. همام القوصي، “الممارسات غير القانونية في سوق الأوراق المالية”، مرجع سابق، الصفحة 46.
[50] The International Organization of Securities Commissions (OICV-IOSCO), op. cit., page 9.
[51] فلو أنَّ رئيس مجلس إدارة شركة تنقيب عن النفط (مُطَّلع رئيسي) علم بأنَّ مهندسي شركته قد اكتشفوا بئراً جديداً للنفط في الدولة التي تعمل فيها الشركة، وقام بإفشاء هذه المعلومة إلى صديقه مُوظَّف الاستقبال في ذات الشركة (مُطَّلع ثانوي-متلقِّي رئيسي)، فإنَّ هذا الموظَّف إلى جانب كونه مُطَّلعاً ثانوياً فهو أيضاً متلقِّيٌ رئيسيٌّ؛ لأنَّه قد تلقَّى المعلومات من رئيس مجلس الإدارة الذي يُعتبر مُطَّلعاً رئيسياً.
[52] The International Organization of Securities Commissions (OICV-IOSCO), op. cit., page 9.
[53] د. همام القوصي، “الممارسات غير القانونية في سوق الأوراق المالية”، مرجع سابق، الصفحة 55.
[54] نذكر مثالاً عن هذه الوضعية فني الكهرباء في شركة لصناعة الاسمنت المسلح (مُطَّلع ثانوي)، فلو أنَّ هذا الشخص غير المخوَّل بمعرفة المعلومات الداخليَّة الخاصَّة بإدارة الشركة المدرجة في بورصة الأوراق الماليَّة قد سمع صدفةً حديث المدير العام للشركة بأنَّه ينوي تسريح 20% من العمَّال، ومن ثم قام بإفشاء هذه المعلومة إلى زميله في العمل (مُطَّلع ثانوي-متلقِّي ثانوي) فيكون زميله هذا قد جمع بين صفتي الـمُطَّلع والـمتلقِّي الثانوي؛ لأنَّه قد تلقَّى معلوماته من مُطَّلع ثانوي مثله وليس من مُطَّلع رئيسي، وأيُّ شخصٍ يتلقَّى المعلومات الداخليَّة بعد هذين الـمُطَّلعين ندعوه متلقِّياً ثانوياً.
[55] Laura Nyantung BENY, op. cit., page 251.
[56] إنَّ مِن: “أهداف التسيير الإلكتروني: 1. تعزيز مستوى الأمان والحماية على المعلومات؛
ضبط صلاحيات الوصول إلى الوثائق و المستندات للموظفين؛
توفير آلية للتوثيق وقيد العمليات التي تجرى على الوثائق ألياً.
ثالثا:العراقيل التي تواجه التسيير الإلكتروني:
ثمن وضع التسيير الإلكتروني باهظ إذا كان كم الوثائق مؤرشفة ضخم؛
صعوبة أمن المعلومات،
هشاشة وسائط التخزين”، أنظر في هذا الاقتباس الحرفي لدى: وردة درب، وهيبة قمودة، “استخدام تكنولوجیا المعلومات وتأثیرها على وظائف المؤسسة -دراسة حالة بمؤسسة اتصالات الجزائر وحدة ورقلة”، مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات شهادة ليسانس في علوم التسيير، كلیة العلوم الاقتصادية والتجاریة وعلوم التسییر، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، 2013، الصفحة 47.
[57] أكَّد الباحث ANDERSON في دراسته لعام 2015 أنَّ لجنة الأوراق الماليَّة والبورصة الأمريكيَّة (SEC) ستقوم بخطوةٍ تنظيميَّةٍ صريحةٍ تجاه الـمُطَّلعين من داخل الشركات الذين ظهرت بخصوصهم أدلَّة تؤكِّد أنَّهم يقومون بمخطَّطاتٍ تداوليَّة تهدف إلى “هزمضرب السوق” “Beat the Market”، في الوقت الذي ظهرت فيه ثغرات بالـمخطَّطات التنظيميَّة المواجِهة للمُطَّلعين؛ وذلك بسبب اشتراط قواعد اللجنة المذكورة وجود العلم والوعي “Awareness” في الـمُطَّلع عن طبيعة المعلومات الداخليَّة وأنَّه يقوم باستغلالها، تلك الواقعة التي يصعب إثباتها إن لم تكن وظيفة الـمُطَّلع تُتيح له الاطِّلاع على تلك المعلومات، ما أكَّد ضرورة حظر اللَّجنة لمجرَّد استعمال المعلومة، وهو ما يعني سدَّ كلِّ الثغرات التنظيميَّة التي قد يستفيد المطلع منها. أنظر:
John P. ANDERSON, Anticipating a Sea Change for Insider Trading Law: From Trading Plan Crisis to Rational Reform”, Utah Law Review, Vol. 2015, No 2, 2015, pp. 339-389, page 388.
وهو ما نرى أنَّه يمسُّ بشكلٍ مفصليٍّ حظر استغلال المعلومات الداخليَّة تجاه الـمُطَّلع الثانوي، ويوضِّح كيفيَّة قيادة السياسة التعديليَّة لنصوص التنظيمات الحاكمة لهذه المسألة.
[58] وجد الباحثون الثلاثة AITKEN و CUMMINGو ZHANفي دراستهم لعام 2013 أنَّ رقابة البورصة تواجه إشكاليَّة قانونيَّة ماليَّة كبيرة، وهي: هل أنَّ القواعد وتنفيذها تعتبر فعَّالة في تقويض استغلال المعلومات الداخليَّة؟، وحتى تقف رقابة البورصة على إجابة هذا السؤال، اختار الباحثون الثلاثة دراسة قواعد البورصة أولاً، ثم دراسة التعديلات التي فرضتها التوجيهات الأوروبيَّة ثانياً، ثم استخدام البيانات الرقابيَّة فيما يتعلَّق باستغلال المعلومات الداخليَّة للوصول إلى النتيجة التقييميَّة المثلى لمدى فعاليَّة قواعد حظر ممارسة الاستغلال هذه. أنظر:
Michael AITKEN, Douglas CUMMING, Feng ZHAN, “Exchange trading rules, surveillance and insider trading”, Center for Financial Studies (CFS), Goethe University Frankfurt, Working Paper, No. 2013/15, 15 Oct 2013, page 2.
[59] David ABOODY, John HUGHES, Jing LIU, “Earnings Quality, Insider Trading, and Cost of Capital”, Journal of Accounting Research, Vol.43, No.5, December 2005, pp. 651-673, page 670.
[60] Stephen M. BAINBRIDGE, op. cit., page 773.
أنظر أيضاً: د.عمر سالم، مرجع سابق، الصفحة 64.
[61] أنظر: المادة 37 من النظام الداخلي لبورصة بيروت لعام 1995.
[62] أنظر: المادة 73 من النظام الداخلي لبورصة بيروت لعام 1995.
[63] وهو ما يضرُّ بثقة المستثمر في بورصة الأوراق الماليَّة التي يتوجَّب حمايتها؛ لأنَّ المستمرين الأفراد يمدُّون السوق بسيولةٍ كبيرةٍ إن وثقوا بأنَّهم تحت حماية القانون. أنظر: أ.خليل هندي، أنطوان الناشف، العمليات المصرفية والسوق المالية، الجزء الثاني، المفهوم القانوني للسوق المالية ومدى علاقتها بالنظام المصرفي، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس-لبنان، عام 2000، الصفحة 34. وإنَّ من أهم أركان طرح الثقة في البورصة توفُّر شفافيَّة المعلومات فيه، حتى أنَّ تصنيف بورصات الأوراق الماليَّة حول العالم يتمُّ من حيث التنافس بإيفاء كلٍّ منها بمُتطلَّبات الشفافيَّة. أنظر: Adina ONOFREI, op.cit., page 4.
[64] بخصوص استغلال الـمُطَّلع للمعلومات تداولاً في الكويت، نذكر نص المادة 140 من قانون الشركات الكويتي رقم 15 لعام 1960 والتي نصَّت على أنَّه: “… لا يجوز لعضو مجلس الإدارة أن يستغلَّ المعلومات التي وصلت إليه بحكم منصبه في الحصول على فائدة لنفسه أو لغيره،…”، وهو نص يشمل معنى التداول إلاَّ أنَّه موجَّه إلى الـمُطَّلع الرئيسي دون الثانوي، إلاَّ أنَّ المرسوم الكويتي رقم 158 لعام 2005 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بتنظيم سوق الكويت للأوراق الماليَّة لعام 1983 نصَّ في تعديل المادة 6 على أنَّه: “تتولى لجنة السوق وضع القواعد والسياسات العامة لسوق الكويت بما فـيها.. ضوابط منع التداول بناء على معلومات داخليَّة أو غير معلنة..”، وهو حظرٌ عام لهذه الممارسة ويُفترض أن يشمل جميع فئات الـمُطَّلعين ومنهم الـمُطَّلع الثانوي، ولكن هذه النصوص لم تعد نافذة في الكويت بعد صدور قانون إنشاء هيئة سوق المال الكويتي الذي ألغت المادة 164 منه كل نص خاص أو عام يتعارض مع نصوصه.
[65] “.. personne détenant une information privilégiée et qui sait ou qui aurait dû savoir qu’il s’agit d’une information privilégiée”. Voir: Article 742-4, Règlement Général de L’Autorité des Marchés Financiers (AMF).
[66] فقد تكون المعلومات التي اطَّلع عليها إيجابية مثل تحقيق إحدى الشركات لزيادة في الأرباح عن ميزانية العام السابق بنسبة 15%، وعلى الرغم من ذلك فإنَّ المركز المالي الحالي للشركة في السوق مُهتزٌّ بسبب قيامها بإصدار أسهمٍ جديدةٍ لم يتمَّ الإقبال على الاكتتاب عليها مثلاً، فإنَّ خبر ارتفاع أرباح الشركة إذا تمَّ الإعلان عنه سيرفع سعر السهم بشكلٍ شبه مؤكَّدٍ، وبالتالي فإنَّ الـمُطَّلع الثانوي إذا أراد أن يستغلَّ هذه المعلومات التي بحوزته عليه أن يشتري أكبر كميَّة من أسهم الشركة المذكورة قبل أن ترتفع أسعارها، ولكن تعامله في السوق سيكون محلاًّ للشك من رقابة السوق؛ وذلك لأنَّ التعامل تمَّ خلال اهتزاز المركز المالي للشركة دون وجود أيِّ تفسيرٍ ماليٍّ منطقيٍّ لعمليَّة الشراء إلاَّ أن يكون القائم بها مُطَّلعاً على معلوماتٍ داخليَّةٍ إيجابيَّةٍ. إنَّ مثل هذه الحالة التي قمنا بذكرها قد تدفع الـمُطَّلع الثانوي إلى إفشاء المعلومات إلى شخصٍ آخر بمقابل، فيكون قد حقَّق مكسباً من علمه الـمُبكِّر وغير الرسميِّ بالمعلومات الداخليَّة دون أن يتعامل بالأوراق الماليَّة المرتبطة بالمعلومات التي علم بها.
[67] يلعب الإفصاح دوراً محورياً في أسواق المال، فهو يعطي المستثمرين إمكانيَّة استيعاب الحقيقة. أنظر:
Diego Trindade PEREIRA, “Kerr v. Danier Leather: an Analysis of the Difficulty to Enforce a Duty to Update Statements about the Future in the Context of Securities Regulation”, A thesis submitted in conformity with the requirements for the degree of Master of Laws, Faculty of Law, University of Toronto, 2010, page 44. See:
https://tspace.library.utoronto.ca/bitstream/1807/25827/11/Trindade_Pereira_Diego_201011_LLM_Thesis.pdf.
[68] Peter CZIRAKI, Peter DE GOEIJ, Luc RENNEBOOG, “Insider Trading, Option Exercises and Private Benefits of Control”, 2010, page 31. https://ideas.repec.org/p/has/discpr/1006.html (12-1-2018).
حيث أنَّ خلق الثقة في الأسواق عبر إضفاء الشفافية هو من الركائز والمقوَّمات الأساسيَّة لأيَّة سوقٍ ماليَّةٍ تسعى نحو التطوُّر. أنظر: أ. خليل هندي، أنطوان الناشف، مرجع سابق، الصفحة 7. خاصَّةً إن ألزمنا المصدرين بنوعيَّة معيَّنة من المعلومات تواكب الأهداف الاستثماريَّة للمتعاملين في بورصة الأوراق الماليَّة. أنظر: علاء الدين أحمد جبر، بورصة الأوراق المالية، مرجع سابق، الصفحة 179.
[69] أنظر: المادتين 37 و73 من النظام الداخلي لبورصة بيروت لعام 1995.
[70] Article 742-3-2°, Règlement Général de L’Autorité des Marchés Financiers (AMF).
[71] Douglas CUMMING, Alexander GROH, Sofia JOHAN, “Same Rules, Different Enforcement: Market Abuse in Europe”, 14 January 2014, page 3. See: https://papers.ssrn.com/abstract=2399064 (12-1-2018).
الحظر القانوني لاستغلال المعلومات في بورصة الأوراق الماليَّة وشمول المطلع الثانوي بها – دراسة مقارنة