بحث قانوني كبير عن حكم التحكيم وشروط صحته بالبلدان العربيه
أولاً: مفهوم الحكم وشروطه عموماً
1- يقصد بحكم التحكيم، القرار النهائي الذي تصدره هيئة التحكيم في موضوع النزاع، سواء كان هذا القرار شاملاً لكل النزاع أو لجزء منه، وسواء قبلت هيئة التحكيم طلبات أي من الطرفين كلها أو رفضتها كلها، أو قبلت جزءاً منها ورفضت الجزء الآخر. ففي النزاع المعروض على هيئة التحكيم، قد يطلب أحد الطرفين طلبات معينة يرفضها الآخر كاملة، بل ويتقدم بدعوى متقابلة. وبعد تبادل اللوائح والمذكرات وتقديم البينات، تحجز الهيئة الدعوى للحكم، وتصدر حكمها النهائي في كل طلبات الطرفين مرة واحدة، وهذا هو الحكم النهائي الشامل*
2- وإذا كان المعروض على هيئة التحكيم أكثر من نزاع، يمكن لهيئة التحكيم تسوية هذه النزاعات بحكم واحد، أو الفصل بينها وإصدار حكم تحكيم نهائي، في كل نزاع على حدة، ما دام بالإمكان ذلك، وهو ما قضت به محكمة النقض*. ومثاله أن يكون العقد مقاولة بناء، تعهد فيه المقاول بتوريد المواد وإنشاء البناء، وكان العقد ينص على شرط تحكيم لتسوية المنازعات. حصل نزاع بين الفريقين حول أسعار المواد من جهة، ونوعية البناء من جهة أخرى، وتمت إحالته للتحكيم. في هذا المثال، يمكن للمحكم الفصل بمسألة أسعار المواد بحكم، وبمسألة نوعية البناء بحكم آخر، ما دام ذلك ممكناً؛ أو الفصل بهما معاً بحكم واحد، حسبما يراه المحكم مناسباً. وإذا أصدر حكمه في بعض هذه الخلافات دون الأخرى على النحو المذكور، يكون الحكم قابلاً للطعن والمصادقة والتنفيذ، بمعزل عن الخلافات الأخرى. وتمشياً مع هذا النهج، قضت محكمة النقض، بأن الطرفين في هذه الحالة، ملزمان بتنفيذ الحكم الصادر في أحد الخلافات، ولو لم يصدر المحكم حكمه بباقي الخلافات*.
3- وقد تفصل هيئة التحكيم ببعض طلبات أحد الطرفين كمسألة أولية، في حين ترجئ البت في الطلبات الأخرى لتفصل بها في وقت لاحق. ومثال ذلك، أن يقوم (أ) بمطالبة (ب) بمليون ليرة، فيقر الأخير بأن ذمته مشغولة بمائة ألف ليرة فقط دون فوائد، وينازع بالباقي والفوائد، فيطلب (أ) الحكم له بالمائة ألف ليرة بقرار أوّلي نهائي، وتستجيب هيئة التحكيم لذلك. وفي وقت لاحق، تصدر قرارها النهائي بباقي المطالبة. في هذا الفرض، نكون أمام حكمي تحكيم، يجب أن يتوفر في كل منهما شروط الحكم، كما يخضعان للقواعد الخاصة بأحكام التحكيم، من حيث تصديقها وتنفيذها أو الطعن بها.
4- وحكم التحكيم، على غرار الحكم القضائي، يجب أن يكون واضحاً وحاسماً وخاصة في منطوقه، وفق ما قررته محكمة النقض بحيث يبين بصورة لا تدع مجالاً للشك، الواجبات المفروضة على كل من الطرفين والحقوق المعطاة له ، وأن يردّ الحكم على كافة طلباتهما (الموضوعية) سلباً أو إيجاباً، وإلا كان عرضة للطعن به، مع اختلاف وسيلة الطعن كما سنرى بعد قليل.
5- ومن ناحية أخرى، تصدر هيئة التحكيم قرارات كثيرة أثناء الإجراءات، ويشمل ذلك مختلف القرارات الوقتية أو الجزئية أو الإجرائية، مثل القرارات الخاصة بتحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع، ومكان التحكيم، والاستماع للشهود، واللجوء للخبرة، ولغة التحكيم بما في ذلك لغة البينات وكيفية تقديمها، وتبادل المذكرات واللوائح وتواريخ تقديمها، والجدول الزمني للسير في إجراءات التحكيم. ومثل هذه القرارات، التي لا تمس موضوع النزاع لا تعتبر، كما نرى، قرارات تحكيم، وبالتالي لا يشترط أن يتوفر بها شروط الحكم، كما أنه لا يجوز الطعن بها بصورة مستقلة عن الحكم النهائي. والمسـألة بالنسبة للقرارات الإجرائية البحتة، متفق عليها ولا خلاف حولها، مثل القرار بقبول بيـّنة أو رفضها، أو تحديد مواعيد لجلسات المحاكمة، أو تحديد لغة ومكان التحكيم، أو رفض أو قبول طلب أحد الطرفين بتقديم مذكرة. وكقاعدة عامة، فإن هيئة التحكيم لها صلاحية الرجوع عن القرار الإجرائي البحت، بافتراض أن مثل هذا الرجوع له ما يبرره، في حين ليس لها ذلك في حكم التحكيم النهائي كقاعدة عامة.
6- ويتبين من المادتين (41 و 42) من قانون التحكيم، بأن الحكم يجب أن يكون مكتوباً، وأن يصدر بالإجماع أو بأكثرية الآراء. وفي حال عدم توفر الأكثرية، يصدر الحكم من رئيس هيئة التحكيم منفرداً. وكذلك يشترط في الحكم أن يتضمن أسماء أعضاء هيئة التحكيم، وأسماء الخصوم وعناوينهم وصفاتهم وجنسياتهم، وتسبيب الحكم، وصورة من اتفاق التحكيم، وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم، ومنطوق الحكم، وتاريخ ومكان إصداره، وتوقيع المحكمين عليه. وهذه الشروط، هي الحد الأدنى التي يجب توفرها في حكم التحكيم. وعليه، يمكن إضافة بيانات أخرى في الحكم، سواء بناءً على اتفاق الأطراف، أو من المحكمين دون حاجة لاتفاق، مثل ملخص لإجراءات التقاضي والجلسات، وأسماء وعناوين وجنسية ممثلي أطراف النزاع.
ثانياً: كتابة الحكم
7- وكتابة الحكم شرط جوهري لقيام الحكم، بحيث يؤدي تخلفه لا إلى التأثير في مضمون الحكم فحسب، بل إلى عدم معرفة هذا المضمون، لدرجة انعدام الحكم. ولا يكفي لاعتبار الحكم مكتوباً الحصول، مثلاً، على إقرار من المحكمين بأنه سبق لهم وأصدروا حكماً شفوياً بمضمون معين، لصالح أحد الأشخاص ضد شخص آخر، في ضوء المستندات والبينات الأخرى المقدمة في الدعوى التحكيمية، أو تسجيل الحكم الشفوي على شريط مسجل أو فيديو. كما أن شرط توقيع الحكم من المحكمين، مما هو منصوص عليه في القوانين العربية، يستحيل توفره إلا إذا كان الحكم مكتوباً. وأخيراً، فإن العرف التحكيمي يقضي بصدور حكم التحكيم كتابة، وهذا هو الواقع في الحياة العملية في قضايا التحكيم.
8- وكل حكم تحكيم يجب أن يكون كتابة، فلا يقبل كتابة جزءٍ منه، والاعتماد في الباقي على وسيلة أخرى من الوسائل الصوتية، مثل التسجيل، أو المرئية مثل الفيديو. ولكن يستوي أن تكون الكتابة بخط اليد أو طباعة عن طريق الآلة الكاتبة أو الحاسوب (الكمبيوتر)، أو مزيجاً من الاثنين: الكتابة والطباعة. ومرة أخرى، نقول بأنه يترتب على عدم كتابة الحكم أو أي جزء منه، انعدام الحكم برمته لارتباط الحكم ببعضه على أساس أنه كل لا يتجزأ.
9- وهناك مسألة هامة تتعلق بديباجة الحكم القضائي المفروضة بحكم القانون أي فيما إذا كان يتوجب كتابتها أيضاً في الأحكام التحكيمية أم لا. ونقصد بذلك أن الحكم القضائي في الدول العربية، يجب أن يصدر باسم جهة معينة، مثل الملك بالنسبة للأردن، أو الأمير بالنسبة للكويت، أو الشعب بالنسبة لسوريا. والسؤال المطروح هنا فيما إذا كان يتوجب ذكر هذه العبارة في حكم التحكيم أم لا. وقبل الإجابة على هذا التساؤل، يجدر القول بأن هذه العبارة، هي إجراء شكلي محض، تم تقنينه في النصوص بشكل تقليدي متوارث، وأصبح ملزماً للقضاء تطبيقاً للقانون. وخشية نسيان هذه العبارة عند تلاوة الحكم القضائي، أصبحت تطبع على أوراق المحاكم مسبقاً بصيغة نموذجية. وإجراء شكلي، على هذا النحو، ليس جوهرياً، ولا يمكن اعتباره من إجراءات التقاضي الأساسية، التي يتوجب على المحكم إتباعها، حتى لو لم يكن معفى من التقيد بقواعد الأصول وإجراءاته، وهو فرض نادر الوقوع في الحياة العملية. وما نخلص إليه، أن هذا الإجراء، إذا كان لا بد من إتباعه في الأحكام القضائية، نرى أن ذلك لا يمتد ليشمل أحكام التحكيم، وبالتالي، فإن خلو الحكم التحكيمي منه لا يؤثر عليه سلباً
ثالثاً: أسماء الخصوم والمحكمين
10- يعتبر ذكر أسماء الخصوم في الحكم بياناً جوهرياً، ولا يعقل أن يصدر حكم تحكيم بين طرفي نزاع، دون ذكرهما فيه، وهو أمر مسلم به في كل قضية تحكيم. وجرت العادة في التحكيم، بأن يذكر أسماء الخصوم في الصفحة الأولى للحكم بشكل واضح وبارز. ولكن عدم ذكر ذلك في الحكم على هذا النحو، لا يؤثر على مضمونه، ويمكن بالتالي أن ترد أسماؤهم في أي مكان في الحكم. ولكن يجب أن ترد أسماء الخصوم بطريقة يمكن معها التمييز بين المحكوم له والمحكوم عليه، بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض. فمن غير المعقول عدم بيان أسماء أطراف النزاع، وأن لا يرد لهم أي ذكر في الحكم، أو الإشارة لهم أو لبعضهم بالرمز أو المركز أو المنصب، كالقول مثلاً أن (أ) أقام هذه الدعوى التحكيمية ضد (ب) دون تعريف من هو (أ)، ولا من هو (ب)، ويستمر الحكم بذكر (أ) و(ب) حتى نهايته، ثم يأتي منطوق الحكم ليقضي لصالح أحدهما ضد الآخر، أيضاً بالرموز، أي (أ) و(ب). ونرى أن إغفال أسماء الخصوم على هذا النحو، يؤثر في مضمونه لعدم معرفة المحكوم له من المحكوم عليه، مما يجعل الحكم معيباً، ويشكل هذا سبباً صحيحاً للطعن به بالبطلان.
11- ويضيف القانون في المادة (42)، بأنه يجب أيضاً ذكر عناوين الخصوم وصفاتهم وجنسياتهم. وكما نرى، فإن هذا البيان ليس جوهرياً في الحكم، وإنما هو بيان ثانوي لا يؤثر إغفاله على حكم التحكيم. وبمعنى آخر، يكفي أن يرد في الحكم أسماء الخصوم بشكل واضح يدل عليهم، ولا يلتبس بغيرهم، دون حاجة لذكر عناوينهم وصفاتهم وجنسياتهم.
12- ويوجب القانون أيضاً، ذكر أسماء المحكمين في الحكم، وهو بيان جوهري دون حاجة للنص عليه، ويترتب على إغفاله اعتبار الحكم معيباً، ويشكل ذلك سبباً صحيحاً للطعن به. إذ من غير المقبول صدور حكم التحكيم دون ذكر أسماء المحكمين. ويجوز أن ترد أسماؤهم عند توقيعهم على الحكم ومع هذا التوقيع، وقد ترد في مكان آخر منفصل عن التوقيع. كما قد ترد الأسماء على صفحة واحدة من صفحات الحكم، وقد يرد على كل صفحة منه. وفي الحالة الأخيرة، إذا أغفل واحد أو أكثر من المحكمين ذكر إسمه على صفحة أو أكثر من صفحات الحكم، فلا يؤثر ذلك في الحكم.
رابعاً: طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم
13- ونرى بأن هذا الشرط هو أيضاً جوهري في حكم التحكيم، إذ من خلاله فقط يمكن معرفة ما إذا تجاوزت الهيئة صلاحياتها أم لا، وكذلك معرفة الصلة بين مضمون الحكم وطلبات الخصوم. فمضمون الحكم، مبنيّ أساساً على هذه الطلبات، ويستحيل معرفة مدى صحة هذا المضمون، وفيما إذا تجاوز المحكم الحدود المرسومة له في الاتفاق والقانون، دون معرفة تلك الطلبات. ولا يطلب من المحكمة المختصة الرجوع للوائح ومذكرات الخصوم، لمعرفة طلباتهم ومن ثم ربط ذلك بمضمون الحكم، بل هذا من واجب هيئة التحكيم، التي يجب أن يكون لحكمها كفايته الذاتية، إلى أقصى درجة ممكنة، ومن ذلك بيان طلبات الخصوم.
14- ولا يشترط أن يورد الحكم طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم وحججهم بشكل تفصيلي، وإنما بشكل موجز، وهو ما عبر عنه القانون بقوله “وملخص لطلبات الخصوم ….”. بل يمكن الإيجاز إلى أقصى درجة ممكنة، على أن لا يصل الإيجاز إلى درجة الإبهام أو الغموض أو التعقيد غير المفهوم. كما أنه ليس بالضرورة إيجاز كافة طلبات وأقوال ومستندات الخصوم، بل يكفي الإشارة إلى أهم هذه الطلبات والأقوال، والتي يغلب عليها طابع الجدية أو التي لها أثر في الفصل بالنزاع ومثال ذلك، أن يطلب المشتري من هيئة التحكيم، الحكم له بإرجاع البضاعة للبائع، مع استرداد ما دفعه من ثمن لها يساوي خمسين مليون ليرة، بالإضافة لمائة ليرة كنفقات بدل مواصلاته الشخصية من مكان عمله، إلى مكان عمل البائع الذي توجد فيه البضاعة، أو يطالب الكفيل المدين بمبلغ الكفالة التي دفعها عنه ومقدارها مائة مليون ليرة، بالإضافة لألف ليرة رسم طابع. في هذين المثالين، يكفي أن تشير هيئة التحكيم للمطالبة الكبيرة وأساسها والفصل فيها، وإن أغفلت الإشارة للمطالبة الصغيرة المشار اليها
15- والشيء ذاته يقال بالنسبة لأقوال ودفوع الخصوم الأخرى، إذ يمكن تقسيمها إلى أقوال ودفوع هامة أو جوهرية أو جدية قد تؤثر على مسار الدعوى، وأخرى ليست كذلك. ومثال الأولى، الدفع بالتقادم، وسداد الدين، وعدم الخصومة، وعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر الدعوى، والدفع بعدم التنفيذ. ومثال الثانية أي دفع لا علاقة له بموضوع الدعوى، كأن يكون موضوع المطالبة سداد ثمن بضاعة، فيثير المشتري الدفع بأنه سدد أجرة المنزل المستحقة عليه، أو يطالب البنك عميله بسداد القرض الذي عليه، فيثير العميل الدفع بسداد قرض آخر، لبنك آخر مما لا علاقة له بالنزاع المعروض أمام هيئة التحكيم في هذين المثالين أيضاً، يكفي أن توجز الهيئة طلبات الخصوم وأقوالهم ودفوعهم التي تتسم بالجوهرية أو الجدية، والتي لها علاقة بموضوع النزاع، دون الأخرى
16- وبطبيعة الحال، لا يشترط أن يذكر الحكم طلبات الخصوم وأقوالهم في فقرة مستقلة، أو بصورة متتابعة أو متسلسلة بصورة منطقية، بل يمكن أن يكون ذلك في عدة فقرات متباعدة، وبمناسبات مختلفة أثناء تدوين الحكم
خامساً: صدور الحكم من العدد المطلوب
17- كما تقدم، تقضي المادة (41) من قانون التحكيم، بأن يصدر حكم التحكيم بالإجماع أو أكثرية الآراء. وإذا لم تكن هناك أكثرية، وهو ما يعبر عنه بتشتت الآراء، يصدر الحكم من رئيس الهيئة منفرداً. وكما هو واضح، يطبق هذا الشرط على هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم. فلو فرضنا أن الهيئة مكونة من ثلاثة محكمين، وهذه هي الحالة الغالبة، قد يصدر الحكم بالإجماع أو بالأغلبية من محكمين اثنين. ولو كان عدد المحكمين خمسة، فإن الحكم يجب أن يصدر عن أغلبية ثلاثة منهم على الأقل، وهكذا. وبخلاف ذلك، يصدره رئيس الهيئة منفرداً. ومثل هذا المبدأ، مألوف في بعض قواعد التحكيم الدولية، مثل قواعد غرفة التجارة الدولية، ومحكمة لندن للتحكيم الدولي، إلا أنه غير مقبول بالنسبة لقواعد أخرى مثل قواعد اليونسيترال لسنة 1976، التي تشترط في الحكم أن يصدر بالإجماع أو الأكثرية، وإلا لا يكون هناك حكم. ولكن، كما نرى، يجوز لأطراف النزاع الاتفاق على غير ذلك، ويكون اتفاقهم ملزماً. ففي التحكيم بثلاثة محكمين مثلاً، يجوز للأطراف الاتفاق على وجوب توفر الإجماع أو الأغلبية في الحكم. ولو كان عدد المحكمين خمسة، يجوز الاتفاق على صدور الحكم من اثنين فقط في حال عدم توفر الأغلبية، أو من محكمين اثنين على أن يكون رئيس الهيئة أحدهما.
18- وقد تتوفر الأغلبية المطلوبة أو يتوفر الإجماع في جزءٍ من الحكم، ولا تتوفر في الجزء الآخر. ومثال ذلك أن يكون عدد المحكمين ثلاثة، ويطالب البائع المشتري بالثمن مع الفوائد. فتقضي له الهيئة بالإجماع بالثمن. وبالنسبة للفوائد، يرى أحد المحكمين عدم الحكم بالفوائد مطلقاً، ويرى محكم آخر الحكم بالفوائد بنسبة 10% من تاريخ المطالبة، في حين يرى المحكم الثالث الحكم بالفوائد بنسبة 5% من تاريخ الحكم. في هذه الحالة، إذا وقعت الأغلبية على الجزء الأول من الحكم، ووقع رئيس الهيئة منفرداً على الجزء الثاني منه، يكون الحكم صحيحاً وغير قابل للطعن به لهذا السبب.
19- وما دام الحكم صدر بالإجماع أو الأغلبية، وتم توقيعه على هذا الأساس، فلا يعيبه، كما نرى، النطق به من أحدهم في جلسة الحكم بغيبة المحكمين الآخرين، بصرف النظر عن سبب غيابهم أو غياب بعضهم، مثل المرض أو السفر أو الانشغال بأمر آخر.
سادساً: أسباب الحكم
20- ويقصد بأسباب الحكم، حيثياته والسند الذي قام عليه، سواء من حيث الواقع أو القانون. ويشمل ذلك أيضاً، الردود التي يجب أن يقدمها الحكم على طلبات الخصوم وأقوالهم على النحو المبين سابقاً. والتسبيب بهذا المفهوم، من أهم عناصر الحكم ويؤثر بدون شك على مضمونه، بل هو أساس مضمون الحكم، ما دام أن اختلاف الأسباب قد يؤدي إلى اختلاف مضامين الأحكام. وعلى سبيل المثال، فإن التقادم على كل الدين المطالب به، يؤدي إلى رد الدعوى كلياً، وعلى جزءٍ منه يؤدي إلى ردها جزئياً. والحكم بالفائدة، يستلزم حتماً أن الالتزام المدعى به هو مبلغ من النقود، وأنه لم يتم سداده. والحكم بالتعويض أو الفسخ أو التنفيذ العيني، يستوجب توفر الشروط القانونية والواقعية المطلوبة لذلك. وبناءً عليه، فإنه لا يكفي أن تحكم هيئة التحكيم، برد الدعوى دون بيان سبب ذلك، هل للتقادم؟ أم لسداد الدين؟ أم لغير ذلك؟ أو تقضي بالفائدة أو بالتعويض أو بالفسخ أو بالتنفيذ العيني دون تسبيب ذلك.
21- ويشترط التسبيب في كل طلب أو دفع استجابت أو لم تستجب له هيئة التحكيم كلياً أو جزئياً. فلو طالب البائع بمبلغ مائة ألف درهم ثمناً للبضاعة، وقبلت الهيئة هذا الطلب كلياً، أو رفضته كلياً أو جزئياً، فيجب عليها تسبيب ذلك. وكذلك الأمر لو أثار المشتري الدفع الجدّي بالتقادم، أو بأنه سدد ثمن البضاعة كلياً أو جزئياً، إلا أن الهيئة رفضت هذا الدفع كلياً أو جزئياً، فيجب عليها بيان سبب ذلك
22- وبناءً عليه، فإن أي جزئية في الحكم غير مسبـّبة أصلاً، أو غير مبنية على أسباب واضحة، تعيب مضمون الحكم وتجعله مشوباً بالقصور لعيب عدعدم التسبيب. ولكن لا يشترط بطبيعة الحال أن تتبنـّى هيئة التحكيم هذا السبب أو ذاك في حكمها، مما يطرحه عليها الخصوم أو يدّعون به. فللهيئة مطلق الصلاحية في تسبيب حكمها، بالأسباب التي تراها مناسبة، إلا أنه يشترط في ذلك شرطين أساسيين: الأول- أن يبنى التسبيب على وقائع ثابتة في ملف الدعوى، أو استخلصتها هيئة التحكيم من الملف بصورة معقولة، أو على الأحكام القانونية المطبقة على النزاع. الثاني- أن يؤدي التسبيب إلى النتائج التي توصلت إليها الهيئة في حكمها.
23- وبالنسبة للشرط الأول، لا يجوز أن يبنى التسبيب على وقائع أو أحكام قانونية وهمية أو افتراضية لا وجود لها. ومثال ذلك، أن تفترض هيئة التحكيم افتراضاً بأن البائع سلم البضاعة، فتحكم على المشتري بدفع الثمن، أو تفترض بأن المشتري دفع الثمن لحسن سمعته في السوق، فتقضي برد الدعوى عنه. وبالنسبة للشرط الثاني، يتوجب بداهة أن يؤدي السبب الذي استندت إليه الهيئة، إلى النتيجة التي قالت بها في مضمون الحكم
. فالقول مثلاً أن شروط التقادم أو تسليم البضائع أو الفائدة متوفرة، يستوجب حتماً الحكم برد الدعوى في الحالة الأولى، والحكم بالتسليم في الحالة الثانية، وبالفائدة في الحالة الثالثة، ما دام القانون المطبق على النزاع يوجب ذلك. فلا يصحّ لهيئة التحكيم، مثلاً، أن تقول في حيثيات حكمها، بأنه ما دام أن شروط الحكم بالفائدة على المحتكم ضده متوفرة، فإن الهيئة تقضي بعدم الحكم بها، أو أن شروط فسخ العقد الذي يطالب به المحتكم متوفرة، ومع ذلك، تقرر الهيئة عدم فسخ العقد.
24- ولكن يستثنى من تسبيب الحكم حالتان نص عليهما القانون صراحة: الأولى- إذا اتفق الطرفان على غير ذلك، أي اتفقا على عدم تسبيب الحكم. وكما نرى، يجوز الاتفاق على عدم التسبيب، في أي مرحلة كانت عليها الدعوى التحكيمية. بل يجوز الموافقة على عدم التسبيب حتى بعد صدور الحكم، ما دام هذا الأمر ليس من النظام العام. الثانية- إذا كان القانون الواجب التطبيق على الإجراءات، لا يشترط ذكر أسباب الحكم. ومثال ذلك الاتفاق على تطبيق قانون الدولة (أ) على إجراءات التحكيم، علماً بأن هذا القانون لا يشترط تسبيب الحكم، فيصدر الحكم دون تسبيب. ويمكن أن نسنتنج من الحالة الثانية، أن القانون السوري يجيز الاتفاق على تطبيق قانون إجراءات أجنبي، على التحكيم الذي يجري في سوريا، ولكن في حدود عدم مخالفة ذلك القانون للنظام العام في سوريا. وهنا نشير الى أن النص على الاستثناء الثاني صراحة، يعني أن تسبيب حكم التحكيم ليس من النظام العام.
25- وهناك حالة ثالثة يمكن أن نضيفها لهذين الاستثناءين، وهي الحالة التي يتفق فيها الطرفان على تسوية نزاعهما ودياً أثناء إجراءات التحكيم، ويطلبا تثبيت اتفاقية التسوية في صيغة حكم تحكيم صادر عن الهيئة. في هذه الحالة، يجب على الهيئة أن تصدر حكماً يتضمن ما اتفق عليه الطرفان، ويكون لهذا الحكم ما لأحكام المحكمين من قوة بالنسبة للتنفيذ، وهو ما نصت عليه المادة (39) من القانون. وفي وضع كهذا، تعتبر التسوية بحد ذاتها هي عملياً حكم التحكيم، سواءً كانت التسوية مسببة أم لا، ما دام أن القانون لا يشترط في أي اتفاق عقدي أن يكون مسبباً، ويشمل ذلك أي اتفاقية تسوية يتوصل إليها الأطراف. وما على هيئة التحكيم في هذه الحالة، إلا أن تصدر قراراً، بناءً على طلب الأطراف، يحتوي على اتفاقية التسوية كما وردت منهم، ويتضمن إنهاء الإجراءات. ويعتبر هذا القرار بمثابة حكم تحكيم، ويطبق عليه ما يطبق على الأحكام الأخرى، سواء من حيث الطعن به، أو تصديقه وتنفيذه ما دام ذلك ممكناً
26- وتجدر الإشارة أيضاً، إلى أنه في التحكيم بالصلح، لا يتوجب على المحكم بالصلح تسبيب حكمه تسبيباً وافياً ودقيقاً وأن يسبب كل فقرة حكمية فيه، وإنما يكفي التسبيب الإجمالي بما يشير إلى أن المحكم لم يحكم على هواه، وإنما كانت هناك أسس معقولة ولو بصورة إجمالية، بني عليها هذا الحكم، وهو ما اتجهت اليه محكمة النقض.
سابعاً: صورة من اتفاق التحكيم
27- يجب أن يشتمل حكم التحيكم على صورة عن اتفاق التحكيم، سواء ورد الاتفاق في صيغة شرط تحكيم أو اتفاق مستقل سابق على النزاع، أو مشارطة تحكيم بعد وقوع النزاع. وتنفيذاً لذلك، جرت العادة في أحكام التحكيم، أن يفرد المحكم بنداً خاصاً باتفاق التحكيم، يدرج تحته إما موجزاً عن الاتفاق أو، وهو الأفضل، كامل الاتفاق. والدافع لهذا الشرط، هو أن يكون لحكم التحكيم ذاتيـّته الخاصة به، بحيث عند الطعن به أو طلب المصادقة عليه، ترجع المحكمة المختصة للحكم ذاته وليس لغيره، لتجد فيه كافة بيانات التحكيم، ومن ضمنها الاتفاق على اللجوء للتحكيم. واستناداً لهذا الاتفاق الموجود في الحكم ذاته، يمكن للمحكمة بسط رقابتها على الحكم، وخاصة للفصل بالدفع بتجاوز الهيئة لاختصاصها حسب الاتفاق، والذي تكثر إثارته في الحياة العملية.
28- واعتبرت بعض المحاكم العربية أن هذا الشرط جوهري في حكم التحكيم، بحيث يترتب على إغفاله بطلان الحكم ومع ذلك، نرى عدم المغالاة بتفسير النصوص التشريعية ضد التحكيم. ومفاد هذه النظرة السلبية نحو التحكيم، أن الأصل بالاختصاص في نظر النزاع، هو للقضاء وأن التحكيم هو الاستثناء. لذلك، حيث يكون هناك مجال ضيق للطعن بحكم التحكيم وإبطاله، يميل القضاء لذلك، حتى لو كان هناك، بالمقابل، مجال واسع للتصديق على الحكم. ويكون ذلك، عادة، تحت غطاء تفسير النصوص العقدية أو التشريعية. فالنص العقدي الخاص بالإحالة للتحكيم، حسب هذه النظرة السلبية، يجب تفسيره بأضيق الحدود، لإخراج ما يمكن إخراجه من منازعات من إطار التحكيم، وتقديمها للقضاء. والنص التشريعي الخاص بحكم التحكيم، أيضاً حسب هذه النظرة السلبية، يجب تفسيره حرفياً، إلى درجة القول بأن كافة البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم هي بيانات جوهرية، ويؤدي الخروج على حرفيتها إلى تعرض الحكم للبطلان، وهو مالا نؤيده. ومن جانبنا، نرى النظر للتحكيم بنظرة موضوعية وعقلانية، بعيداً عن الطقوس والإجراءات ما أمكن، بما يحقق الغرض من التحكيم، وهو تسوية النزاع وإعطاء كل ذي حق حقه بأقصر وقت ممكن وفقاً للظروف والمعطيات.
29- ومهما يكن من أمر، فإننا نرى أن هناك حالات يمكن القول أن توفر إحداها يكفي لغايات النص، بعيداً عن تفسيره الحرفي. ومثال ذلك، ذكر اتفاق التحكيم في الحكم بشكل موجز ولكن شامل بما يفي بالغرض منه، أو إرفاق صورة عن الاتفاق بالحكم، مع الإشارة له في الحكم، كالقول مثلاً، أن الطرفين اتفقا على التحكيم حسب الاتفاق المرفق
ثامناً: منطوق الحكم
30- ويقصد بمنطوق الحكم، الفقرة أو الفقرات الحكمية التي تتضمن على سبيل الإلزام، رد طلبات المحتكم أو المحتكم ضده كلياً أو جزئياً، أو قبولها كلياً أو جزئياً. وعادة ما يرد هذا المنطوق، في نهاية الحكم بعد استعراض طلبات وأقوال ودفوع الخصوم، وبيناتهم، ورد هيئة التحكيم عليها وقراراتها بشأنها. فهو بمثابة خلاصة نهائية لتلك القرارات. ولكن ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك في كل حكم تحكيم، إذ قد يرد هذا المنطوق على شكل قرارات متعددة داخل الحكم، حين الرد على كل طلب أو دفع من طلبات ودفوع الخصوم، وإن كان ذلك نادراً في الحياة العملية.
31- وسواء ورد منطوق الحكم في صيغة قرار نهائي، شامل وجامع للقرارات التي اتخذتها الهيئة أثناء استعراضها لطلبات الخصوم ودفوعهم، أو اكتفت الهيئة بتلك القرارات المتخذة داخل الحكم بصورة متفرقة، فإنه يشترط في منطوق الحكم، أن يكون على صيغة قرار أو قرارات ملزمة، وأن يكون واضحاً، وغير متناقض مع بعضه أو مع حيثياته. فمثلاً، لا يجوز أن تقرر الهيئة عند استعراض الطلبات والدفوع، إلزام المشتري بالثمن، ثم تعود ثانية في نهاية حكمها، لتقرر حق المشتري بعدم دفع الثمن استناداً لقاعدة الدفع بعدم التنفيذ، ولا أن تعطي للمشتري الذي طالب بتسليم البضاعة، الخيار بين هذا التسليم أو مطالبة البائع بالتعويض حسبما يتفق عليه بينهما، ولا أن تورد طلباً أساسياً للبائع، وتقوم باستعراضه ومناقشته، ثم تسكت عنه دون إصدار قرار بشأنه، ولا أن تشير في حيثيات حكمها إلى الليرة السورية والليرة اللبنانية، في علاقة تجارية بين شركة سورية وأخرى لبنانية، ثم تقضي لإحداهما بمبلغ بالليرة، دون بيان ما إذا كانت تلك الليرة سورية أو لبنانية، ولا أن تقضي بمبلغ من المال، دون بيان نوع العملة التي سيدفع بها. في هذه الأحوال وغيرها، نلاحظ أن الحكم إما أنه لا يتضمن منطوقاً لمطالبة أو أكثر من مطالبات الأطراف، أو يتضمن مثل هذا المنطوق، إلا أنه لم يرد على سبيل الإلزام وبالتالي لم يحسم النزاع، أو جاء غامضاً، ويؤثر كل ذلك على مضمون الحكم مما يجعله معيباً، وسبباً صحيحاً للطعن به.
تاسعاً: مكان وتاريخ التحكيم
32- يتوجب كذلك ذكر مكان التحكيم في الحكم. وتبرز أهمية هذا الشرط، بشكل خاص، في أن معرفة مكان إصدار الحكم، تبين لنا فيما إذا كان الحكم قد صدر على أراضي الدولة أم في دولة أخرى. فإذا صدر في دولة أخرى، يعتبر الحكم كقاعدة عامة، حكماً أجنبياً وينفذ في الدولة باعتباره كذلك، ولا يخضع عندئذ لطرق الطعن المنصوص عليها قانوناً، من استئناف أو إبطال أو غير ذلك، حسب القانون الوطني المطبق. وهذا بخلاف الحكم الذي يصدر داخل الدولة، إذ يعتبر حكماً وطنياً يخضع للطعن به وللمراجعة حسب ما ينص عليه القانون.
33- ويجب كذلك ذكر تاريخ صدور الحكم في الحكم ذاته. وذكر هذا التاريخ له أهمية من جانبين على الأقل. الأول: تنتهي مهمة المحكم، مبدئياً، من تاريخ صدور حكم التحكيم. وبعد ذلك، ليس له، كمبدأ عام، فتح ملف القضية ثانية، للنظر في أي مسألة قانونية أو واقعية تتعلق بالنزاع، إلا حين ينص القانون على ذلك صراحة، وهو استثناء من الأصل. وبناءً عليه، عندما يدون المحكم في حكمه تاريخ صدور الحكم، ثم يتبين أنه اتخذ أي إجراء تحكيمي بعد ذلك التاريخ، فإن مثل هذا الإجراء يكون باطلاً، ويعرّض الحكم ذاته للطعن به.
34- الثاني: أن مهمة المحكم محددة زمنياً بالمدة المتفق عليها بين الأطراف، أو التي حددها القانون في حال عدم الاتفاق. لذلك، فإن ذكر تاريخ الحكم يبين فيما إذا كان المحكم قد تجاوز تلك المدة، حيث يكون هذا سبباً للطعن به، أم لم يتجاوزها حيث يكون الحكم سليماً من هذه الناحية.
35- وعادة ما يرد تاريخ الحكم في مقدمة الحكم وعلى الصفحة الأولى منه، التي يذكر فيها أسماء الخصوم وممثليهم وأسماء المحكمين ومكان التحكيم وتاريخ صدوره. ولكن يجوز للهيئة ذكر تاريخ الحكم في أي مكان داخل الحكم، حتى آخر صفحة منه. ومن المألوف أيضاً في التحكيم، أن كل محكم يذكر التاريخ عند توقيعه على الحكم، حتى لو سبق وورد هذا التاريخ في مقدمة الحكم. وأبعد من ذلك، لا يشترط أن تذكر عبارة “تاريخ الحكم” في الحكم ذاته، ولا أن يرد التاريخ على الحكم بعنوان مستقل، وإنما يكفي أن يذكر أحد المحكمين التاريخ بجانب توقيعه، ليعتبر شرط وجوب ذكر تاريخ الحكم قد تحقق، حتى لو لم يذكر المحكمون الآخرون التاريخ بجانب تواقيعهم، أو كان الذي ذكر التاريخ بجانب توقيعه ليس رئيس هيئة التحكيم، وإنما أحد أعضائها.
36- والأصل أن يكون تاريخ توقيع كل محكم على الحكم، هو ذات التاريخ بالنسبة للمحكمين الآخرين. ولكن استثناءً، قد تختلف هذه التواريخ لأسباب تحدث في الحياة العملية. فقد يوقـّع محكمان على الحكم، ولكن قبل لحظة توقيع الثالث عليه، يصاب بوعكة صحية تستمر معه ليوم، فيضطر للتوقيع في اليوم التالي. أو يوقع أحد المحكمين على الحكم قبل منتصف الليل بثوانٍ، وبعد توقيعه ولكن قبل توقيع الآخرين، يكون اليوم التالي قد دخل، فيوقع الاثنان على الحكم في اليوم الجديد. ونرى في هذه الفروض وغيرها، حيث تختلف تواريخ توقيع الحكم، أن العبرة في تاريخ الحكم، هو التاريخ الذي تتحقق الأغلبية فيه، إذا كان يعتد بالحكم بتوقيع الأغلبيةb]. وإذا كان لا بد من صدور الحكم بالإجماع، نتيجة اتفاق مثلاً، تكون العبرة بتاريخ توقيع آخر محكم على الحكم. كما تكون العبرة بتاريخ ووقت مكان صدور الحكم، وليس لأي مكان آخر، في حال إرتباط التحكيم في أكثر من مكان، وكانت أوقات وتواريخ هذه الأمكنة مختلفة عن بعضها. ومثال ذلك أن يبرم إتفاق التحكيم في الإمارات، وتعقد بعض جلسات التحكيم في قطر، في حين تعقد جلسات أخرى بما فيها جلسة توقيع الحكم في سوريا. في هذا المثال، ُيعتد بسوريا لتحديد وقت وتاريخ صدور الحكم، وليس للإمارات أو قطر، بافتراض اختلاف الوقت والتاريخ في هذه الأمكنة.
37- ويحصل في الحياة العملية، أن يصدر المحكم حكمه وينطق به أثناء مدة التحكيم، بحضور الأطراف، ولا تتم طباعته بصيغته النهائية وتوقيعه عملياً إلا بعد هذه المدة. وفي هذه الحالة، نرى أن العبرة تكون لتاريخ النطق بالحكم وتدوين ذلك فيه ذاته مع ذكر تاريخ النطق به وليس للتاريخ الفعلي لتوقيعه. والعكس أيضاً، لو تم التوقيع على الحكم في تاريخ معين، وتم النطق به في تاريخ لاحق، فالعبرة، كما نرى، للتاريخ الأول وليس الثاني. وبمعنى آخر يعتد بتاريخ الحكم، بتاريخ توقيعه أو النطق به أيهما يقع أولاً. وإذا لم يتم النطق بالحكم، وإنما تم توقيعه من المحكم الذي سلمه للأطراف فيما بعد، أو لمؤسسة التحكيم في التحكيم المؤسسي، أو تم إيداعه لدى المحكمة أصولاً وفق ما ينص عليه القانون، فالعبرة تكون عندئذٍ لتاريخ توقيع الحكم وليس لتاريخ تسليمه أو إيداعه.
عاشراً: توقيع الحكم
38- ويشترط توقيع الحكم من المحكمين المؤيدين له. وإذا صدر الحكم بالأغلبية، فمن حق، بل من واجب المحكم المخالف بيان سبب مخالفته سواءً في الحكم ذاته أو في ورقة مستقلة. وفي هذه الحالة، يعتد بالحكم الموقع من الأغلبية، بصرف النظر عن المستند المتضمن لرأي الأقلية، والذي لا يعتبر جزءاً من الحكم([b][37])[/b]. وتبرز أهمية هذه المسألة في الحياة العملية، في أن المادة (54/ب/1) من القانون تشترط لتنفيذ الحكم، أن يرفق أصل حكم التحكيم أو صورة موقعة عنه بطلب التنفيذ([b][38])[/b]. وفي حال صدور الحكم بالأغلبية، نرى أنه يكفي إرفاق طالب التنفيذ مع طلبه، المستند المتضمن رأي الأغلبية، دون المستند المتضمن رأي الأقلية([b][39])[/b].
39- وإذا رفض أحد المحكمين التوقيع، فيجب ذكر سبب ذلك في الحكم الموقع من الأغلبية، أو حتى من رئيس هيئة التحكيم منفرداً. كالقول مثلاً “رفض التوقيع لمخالفته الحكم”، أو “لمخالفته لرأي الأغلبية”، أو “لعدم قناعته برأي الأغلبية”، أو غير ذلك من عبارات ترد بشكل إجمالي.
40- وقد يرفض المحكم الثالث رأي الأغلبية، ويرفض في الوقت ذاته التوقيع تحت اسمه كمحكم مخالف، ويرفض أيضاً تقديم رأيه خطياً. وفي التطبيق العملي، فإن المحكم المخالف كثيراً ما يرفض حتى حضور جلسة المداولة والمشاركة فيها. في هذه الأحوال ومثيلاتها، يكفي أن يرد في الحكم، أي حكم الأغلبية، عدم توقيع هذا المحكم المعارض للحكم، وسبب ذلك إذا كان له مقتضى ولو بشكل موجز، كأن يرد تحت توقيع المحكم المخالف عبارة.
41- وتوقيع الحكم من المحكمين المؤيدين له، سواء صدر الحكم بالإجماع أو الأغلبية، هو ركن شكلي فيه، بحيث يترتب على عدم توفره بطلان الحكم، ويصبح الحكم بمثابة ورقة مكتوبة أو مطبوعة، لا قيمة لها من الناحية القانونية.
(1) وبالمقارنة، قضي في الكويت بأن العبرة في تكييف الحكم لمضمونه وليس لمجرد ذكر أنه حكم تحكيم. لذا، إذا كانت الأوراق المقدمة على أنها حكم تحكيم، عبارة عن صور فوتوستاتية لمستندات تتعلق بالنزاع، ولا تحتوي بأي شكل من الأشكال على مضمون الحكم من أسماء المحكمين وتوقيعهم وأسباب الحكم ومنطوقه، فإن مثل هذه الأوراق لا تعتبر حكماً (تمييز الكويت، طعن 419 تجاري، تاريخ 23/6/1997، عدد 25 ، ص57).
(2) نقض مدني سوري، رقم 283/349، تاريخ 30/9/1954.
(3) نقض مدني سوري، تاريخ 24/1/1953، ضاحي وبدر، ج1، رقم 1193.
(4) نقض مدني سوري، رقم 4468، في 26/12/1955 (ضاحي وبدر، ج1، رقم 1156).
(5) وبالمقارنة، قضي في مصر بأنه إذا حدد شرط التحكيم في وثيقة التأمين، أن مهمة المحكم إثبات الأضرار والخسائر الناشئة عن الحادث المؤمن ضده وتقدير قيمتها، فليس للمحكم صلاحية إلزام شركة التأمين بدفع التعويض الناجم عن ذلك للمؤمن له، وإنما يكون ذلك من صلاحية القضاء (استئناف القاهرة 26/2/2003، المجلة اللبنانية، عدد 32، ص 22).
(6) حمزة أحمد حداد، التحكيم في القوانين العربية، ج1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2007، فقرة 433-434.
(7) وبالمقارنة، يمكن الرجوع لاستئناف بيروت 762/96، تاريخ 11/7/996 (المجلة اللبنانية، عدد 2 ، ص38). وجاء في هذا القرار، أن من حالات إنعدام حكم التحكيم، صدوره عن غير المحكم، أو عدم كتابته.
(Cool من هذا الرأي تمييز دبي، طعن 260، وطعن 261/94، في 16/10/1994، عدد 5، ص662، والمحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي، طعن 254، في 26/3/1991، السنة 13، ص 23، وجاء في هذه الأحكام أن خلو حكم التحكيم من اسم الحاكم لا يبطله ولا يؤثر فيه سلباً. وكذلك حكم المحكمة الابتدائية في بيروت، الغرفة الثالثة، قرار رقم 65، في 23/3/1994 (المجلة اللبنانية، عدد 1، ص 64)، وجاء فيه أنه ليس من شروط الحكم صدوره “باسم الشعب” خلافاً للقرارات القضائية. قارن حكم محكمة النقض السورية، وجاء فيه بأنه على فرض وجوب صدور حكم التحكيم باسم السلطة العليا في البلاد، يكون الحكم معدوماً ومخالفاً للقانون، ولا يمكن إكساؤه صيغة التنفيذ إذا خلا من ذكر هذه العبارة (تاريخ 6/3/2000، الآلوسي، قاعدة 32).
(9) وبالمقارنة، قضي من لبنان بأن المحكم، كما القاضي، ليس ملزماً بذكر الوقائع التي لا أثر لها على الحل الذي سيعتمده، إذ يكون ذلك أمراً ينقص من قيمة القرار، المهم في هذا الشأن أن يتضمن القرار الوقائع المنتجة والضرورية لحسم النزاع (استئناف بيروت، الغرفة الثالثة، رقم 1405/2003، في 9/10/2003، المجلة اللبنانية، عدد 28، ص64؛ أنظر أيضاً محكمة استئناف بيروت المدنية، الغرفة الأولى، في 10/11/987، المجلة اللبنانية، عدد 1، ص 59). أنظر أيضاً حكم محكمة هامبورغ/ألمانيا بتاريخ 8/6/2001 (CLOUT, Case No. 569).
(10) وبالمقارنة، قضت محكمة استئناف بيروت بأنه ليس من الضروري أن يتناول المحكم كل قول أو زعم أو مستند لتمحيصه، وإعطائه مدلولاته القانونية، أو أبعاده كلها في التحكيم المطلق (التحكيم بالقانون)، بل له تجاوز بعض الوقائع إذا لم يقتنع بها (رقم 762/96، تاريخ 11/7/996، المجلة اللبنانية، عدد 2، ص38).
(11) وبالمقارنة، قضي من دبي أنه لا تثريب على المحكم، إن هو التفت عن الرد على دفاع لا دليل عليه في أوراق الدعوى، أو دفاع ظاهر الفساد (تمييز دبي 250 ، تاريخ 3/11/2001، عدد12 ، ص762).
(12) وبالمقارنة، قضي في أبو ظبي بأن إغفال الحكم ذكر أوجه دفاع الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم، إلا إذا كان هذا الدفاع جوهرياً، مما قد يؤثر في الدعوى (المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي، طعن 546، لسنة 22ق، في 12/11/2002، سنة 24، ص 2055).
(13) وبالمقارنة، قضي في لبنان، بأن المقدمة التي أوردها المحكم في حكمه، والتي تشرح ظروف التحكيم وموضوعه وطلبات الفرقاء والمستندات، تعتبر كافية بغض النظر عن صحتها أو عدم صحتها (استئناف بيروت، 14/10/2004، المجلة اللبنانية، عدد 32، ص 16).
(14) المادة (25/1) من قواعد غرفة التجارة الدولية، والمادة (26/3) من قواعد محكمة لندن للتحكيم الدولي.
(15) المادة (31/1) من قواعد اليونسيترال.
(16) وبالمقارنة، قضي في لبنان بأن تفسير العقد بشكل يناقض مضمونه، يعادل غياب التعليل، الأمر الذي إن توفر في حكم التحكيم، يعرضه للإبطال (استئناف بيروت، الغرفة الثالثة، في 29/4/2004، المجلة اللبنانية، عدد 30، ص40). ولكن قضي بأن التعليل الخاطئ لا يشكل سبباً لإبطال الحكم (استئناف بيروت، الغرفة الثالثة، رقم 1398/2003، في 9/10/2003، المجلة اللبنانية، عدد 28، ص66).
(17) وبالمقارنة، قضي في مصر بأنه يكفي حتى يعتبر الحكم مسبباً، أن يتضمن رداً على ادعاءات الخصوم وأوجه دفاعهم الجوهرية، ولا يهم بعد ذلك مضمون هذا الرد، أو مدى ملاءمته أو سلامته من ناحيتي القانون والواقع لغايات دعوى البطلان (استئناف القاهرة، 26/5/2004، المجلة اللبنانية، عدد 35، ص 48). ولكن قضي بأن صحة أحكام المحكمين لا يقاس بالأقيسة التي تقاس بها الأحكام القضائية، ولا يعيبه إيراده بأسباب عامة أو مجملة، ما دام لم يقع في مضمونها مخالفة للقانون (طعن 27 تجاري، تاريخ 8/7/1981، عدد 6 ؛ أيضاً طعن 46 تجاري، تاريخ 22/2/1983، عدد 6).
(18) وبالمقارنة، قضي في قطر بأنه إذا أحال الحكم للكشف المرفق به، وكان الكشف يتضمن الإيضاحات اللازمة، فإن ذلك يكفي لغايات تسبيب الحكم (استئناف رقم 240/2002، في 28/10/2002).
(19) وبالمقارنة، قضي في مصر بأن أسباب الحكم، يجب أن تبنى على أوراق في ملف الدعوى تؤدي إلى النتيجة التي وصل إليها الحكم. لذا، فإن خلو الحكم من الأسباب هو عيب شكلي يؤدي إلى بطلانه، وكذلك لو كان التسبب خاطئاً أو مشوّهاً أو غامضاً أو مبهماً أو عاماً مجملاً (استئناف القاهرة، رقم 47/119 ق ، في 29/6/2003). وفي حكم آخر، يكفي لصحة الحكم أن يكون مسبباً. أما مضمون هذه الأسباب، وصحتها، أو تناقضها فمسألة تخرج عن اختصاص قاضي البطلان (استئناف القاهرة، الدائرة 10 تجاري، رقم 64/133 ق ، في 30/5/1966).
(20) وبالمقارنة، قضي في أبو ظبي بأن هذا لا يمنع من أن يعتمد المحكم في حدود معينة، على خبرته في النزاع المعروض عليه خلافاً للقاضي (بهذا المعنى، المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي، طعن 176، في 21/1/1995، السنة 16، ص 1068).
(21) وبالمقارنة، قضي في لبنان بأن قاضي البطلان لا ينظر في صحة التعليل، ولا في مدى انطباقه على الحكم ولا في تناقض الأسباب (تمييز 222/2005، الغرفة الخامسة، 29/11/2005، المجلة اللبنانية، عدد 36، ص 36).
(22) ويكون تنفيذ الحكم ممكناً، إذا تضمنت التسوية أحكاماً واضحة قابلة للتنفيذ بالنسبة لحقوق والتزامات الطرفين. كأن تكون خلاصة التسوية، إلزام أحد الفريقين بأن يدفع للآخر مبلغاً محدداً من المال في تاريخ معين. أما إذا كانت التسوية بحد ذاتها غير قابلة للتنفيذ، كأن تتضمن حقوقاً والتزامات متبادلة وفق شروط وأحكام معينة، فلا يكون الحكم قابلاً للتنفيذ. وإذا حصل خلاف حول الحكم يكون الخلاف في حقيقته حول اتفاقية التسوية، ويتم حل هذا الخلاف باللجوء للقضاء، أو التحكيم إذا تضمنت الاتفاقية شرط التحكيم.
(23) في التحكيم بالصلح، أنظر المادة (38/4) من قانون التحكيم ؛ وانظر حمزة أحمد حداد، المرجع السابق، فقرة 179 وما بعدها.
(24) نقض مدني سوري، تاريخ 12/3/1988 (الآلوسي، قاعدة 14).
(25) ويستوي في ذلك أن يكون التحكيم مؤسسياً أو طليقاً/حراً. ولا يغني عن ذلك تقديم شهادة من مؤسسة التحكيم، في التحكيم المؤسسي، تفيد بأن اتفاق التحكيم، قدم للمؤسسة منذ بداية الإجراءات (تمييز دبي، طعن 328، تاريخ 23/11/2002، عدد 13، ص819).
(26) مثلاً تمييز دبي، طعن 173/96، في 16/3/1997، عدد 8، ص181؛ أيضاً تمييز دبي، طعن 88، في 29/4/2001، عدد 12، ص370 ؛ تمييز الكويت، طعن 113 تجاري، تاريخ 25/10/1994، عدد 22، ص134.
(27) وبالمقارنة، قضي في هذا الشأن بأنه يكفي لغايات النص إثبات مضمون اتفاق التحكيم في الحكم، دون حاجة لإيراد ذات نصوص الاتفاق (تمييز دبي، طعن 277، تاريخ 13/10/2002، عدد 13، ص718).
(28) وبالمقارنة، قضي في دبي أن عدم اشتمال الحكم على صورة من اتفاق التحكيم يؤدي إلى بطلان الحكم، ولا يقبل تكملة هذا النقص، بأي طريق أو بورقة أخرى منفصلة عن الحكم. وهذا يؤكد نظرة القضاء السلبية للتحكيم أحياناً، مما يؤدي إلى إطالة أمد النزاع دون مبرر موضوعي معقول. (تمييز دبي 88 ، تاريخ 29/4/2001، عدد 12، ص370).
(29) مع ذلك، انظر المادة (2/1) من قانون التحكيم، التي تجيز تطبيق هذا القانون، حتى على التحكيم الذي يجري خارج سوريا، إذا توفرت شروط معينة.
(30) إلا إذا كانت الدولة التي صدر بها حكم التحكيم لا تعتبره حكماً داخلياً، بل حكماً أجنبياً حسب المادة (1) من اتفاقية نيويورك لسنة 1958، للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها.
(31) ومثال ذلك ما نص عليه قانون التحكيم، من جواز إعادة فتح ملف القضية من قبل المحكم لتصحيح الأخطاء المادية أو المحاسبية الواردة فيه أو لتفسير الحكم (المادتان 46 و 47).
(32) بالمقارنة، ذهبت محكمة استئناف القاهرة لهذا المعنى (دائرة 62 تجاري، رقم 37/115 ق، في 15/4/2000).
(33) واختلاف تواريخ توقيع الحكم لا يعيبه، وهذا هو رأي محكمة استئناف باريس
Fouchard, Gaillard and Goldman, International Commercial Arbitration, Kluer, 1999(” Fouchard(ويطلق عليه فيما بعد بـ ” , paras. 1409 et. Seq.,
(34) أنظر أيضاً، استئناف حلب 371، في 2/3/1955(استانبولي، رقم 1719).
(35) مثل ذكر عبارة “صدور هذا الحكم وتم النطق به بحضور الأطراف، في 1/1 ” ، كما هو الحال في الأحكام القضائية. ولو تم توقيع الحكم فعلياً بتاريخ لاحق (5/1 مثلاً)، نرى أنه لا يمنع من ذكر تاريخ التوقيع في وقت سابق، وعلى التحديد تاريخ النطق بالحكم، أي 1/1، ولا يعتبر ذلك عيباً في الحكم، من ادعاء بتزوير أو غيره.
(36) المادة (34/1) من القانون، التي تقضي بأنه إذا صدر حكم التحكيم في سوريا، كان على من صدر الحكم لصالحه، إيداع أصل الحكم مع إتفاق التحكيم لدى ديوان المحكمة المختصة.
(37) ومن هذا الرأي Fouchard ، رقم 1404، هامش 175.
(38) أنظر أيضاً المادة (43/1) التي توجب إيداع الحكم لدى ديوان المحكمة المختصة
التحكيم
تطوره التاريخي وأسباب نجاحه
أولاً: التحكيم في المجتمع البدائي
في المجتمع البدائي الأول كان نظام العلاقات الاجتماعية يعطي الفرد أو القبيلة تحصيل حقه بنفسه في وجه أعدائه، ثم ظهر التحكيم الذي يتنازل بموجبه المتنازعون عن تحصيل حقوقهم بأيديهم، ويعهدون إلى شخص ثالث بإيجاد حل للخلاف، هذا الشخص إما أن يختاره الطرفان، أو يكون من أصحاب النفوذ في المجتمع. إذن ظهر التحكيم في هذه المرحلة؛ لأنه لم تكن هناك سلطة عامة تقيم العدل، ولتجنب ممارسة العدالة الفردية، ولحل المنازعات بالطرق السلمية، وحتى عندما ظهرت السلطة العامة لم يكن من مهماتها في مراحلها الأولى عبء تحقيق العدالة في المجتمع، فبقي التحكيم هو الوسيلة الوحيدة إلى ذلك.
ثانيًا: التحكيم والسلطة:
في المرحلة الثانية وبعد تطور المجتمعات البدائية، أصبحت السلطات العامة مسئولة عن تحقيق العدالة في المجتمع، ومع ذلك فقد بقي التحكيم قائمًا، وسلّمت به السلطة، وحرص المجتمع على إبقائه، لكنه أصبح عدالة ثانية إلى جانب العدالة الرسمية ويعمل تحت رقابتها وإشرافها واستمر الأمر على هذا المنوال حتى القرن العشرين، وكانت وظيفة التحكيم التوفيق بين المتنازعين، فهو مصالحة وليس حسمًا للمنازعات كما في القضاء الرسمي. ويلجأ إليه الطرفان عادة بعد نشوء النزاع بينهما، وكان المحكمون يختارون غالبًا من الأقارب أو الأصدقاء أو الوجهاء الحكماء الذين يعرفون كيف تتم التسوية صلحًا. وكان الحَكَم مصلحًا أكثر منه قاضيًا، يستوي في هذا الأمر البلاد الإسلامية التي كانت تطبق مجلة الأحكام العدلية، أو البلاد الأوروبية التي تطبق القوانين ذات الأصول الرومانية أو القوانين الإنكليزية.
ثالثًا: نوع جديد من التحكيم:
في القرن العشرين، وخاصة في النصف الثاني منه، ظهر نوع جديد من التحكيم، وصار له أثر كبير في الأعمال التجارية الداخلية والدولية، وهو يتمتع بصفتين أساسيتين تميزه عن التحكيم السابق: الأولى: أنه تحكيم يتفق عليه الطرفان سلفًا قبل نشوء أي نزاع بينهما عن طريق شرط تحكيمي ضمن شروط العقد. بينما كان التحكيم سابقًا يتم بعد قيام النزاع بين الطرفين. والثانية: ظهور تنظيمات مهنية أو هيئات دائمة للتحكيم تقدم خدماتها لرجال الأعمال، وترعى هذا النوع الجديد من التحكيم.
وصل التحكيم في تطوره إلى هذه المرحلة بسبب ازدهار التجارة الدولية، حيث أصبح التحكيم وسيلة وحيدة مقبولة لتسوية الخلافات الناشئة عنها؛ لأن المتعاملين في التجارة الدولية هم من جنسيات مختلفة، ولا يقبل أحدهم بالخضوع للاختصاص القضائي والتشريعي للآخر، فهو يجهل قانون الدولة الثانية، وقد يكون غير مطمئن إلى القضاء فيها، فليس أمام الطرفين إلا التحكيم وسيلة لفض المنازعات بينهما دون خضوع أحدهما لقانون الآخر.
رابعًا: التحكيم وقوة القانون:
بينما كان التحكيم في الماضي يقوم على المصالحة، وحين يضطر المحكَّم إلى إصدار قراره بغير المصالحة، كان تنفيذ هذا القرار يعتمد على النفوذ المعنوي للمحكَّم.. أصبحت المحاكم النظامية اليوم تنفذ القرارات التحكيمية إذا لم يكن هناك مانع قانوني من تنفيذها. ولذلك فقد انتشر التحكيم كثيرًا خاصة في المعاملات التجارية المحلية والدولية؛ لأنه يضمن للطرفين حل النزاع بسرعة أكثر وبتكاليف أقل ووفقًا لإجراءات أكثر بساطة ومن قبل شخص أو أكثر معروفين وموثوقين للطرفين، وفي أجواء أبعد عن الخصومة وأقرب للصلح، والقرار التحكيمي يتمتع بالقوة التنفيذية للأحكام القضائية مباشرة أو بعد تصديق المحكمة له.
ويعود نجاحه لأسباب أخرى أولها: السرعة؛ فالهيئة التحكيمية ليس أمامها سوى هذا الملف، بينما تتراكم الملفات أمام محاكم الدولة. وثانيها: التكتم؛ فالتحكيم لا يحضره سوى أطراف النزاع ومحاميهم. وهناك دائمًا عند الطرفين معلومات لا يريدان أن تعرف عنهما. وعلنية المحاكمات الرسمية مضرة بالطرفين، وإن كانت أكثر ضررًا بأحدهما من الآخر. وثالثها: أهلية القضاة للفصل في نزاع تم اختيارهم من الأطراف للفصل فيه.
خامسًا: الهيئات الدائمة للتحكيم:
§ ومماساعد على نجاح التحكيم ظهور الهيئات الدائمة للتحكيم في أواخر القرن التاسع عشرواستقرارها في القرن العشرين. هذه الهيئات تطبق أنظمة تحكيميةتكون بمثابة إجراءات المحاكمة خلال سير التحكيم، وقد ازدادت كثيرًابحكم تطور التجارة والصناعة في العالم. وهكذا لم يعد التحكيم مغامرة في المجهول،معرضة لتقلبات مزاج أو مصالح الأطراف، بل أصبح طريقًاأكيدًاومضمونًا،خاصةأن هذه الهيئات التحكيمية تلتزم أصول العمل القضائي، فلا تكون قراراتها معرضة للنقضمن قبل المحاكم الرسمية.
التحكيم في الشريعة الإسلامية
المستشار فيصل مولوي
27/07/2003
لم يكن العرب قبل الإسلام يعرفون سلطة قضائية، وإذا حصل نزاع بين الأفراد أو بين القبائل لجئوا إلى التحكيم. وقد كان هذا التحكيم اختياريًا، كما أن تنفيذ القرار التحكيمي لم يكن إلزاميًا، بل كان يعتمد بشكل أساسي على سلطة المحكَّم. وكانت الإجراءات التحكيمية بسيطة وبدائية، أساسها أن عبء الإثبات يقع على المدّعي. ثم أطلق أحد المحكمين وهو قس بن ساعدة الأيادي القاعدة المشهورة “الإثبات على المدّعي واليمين على من أنكر”، وقد أصبح هذا القول قاعدة شرعية بناءً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “البينة على المدّعي واليمين على من أنكر”، وقد ذكرتها “المجلة” بين القواعد الفقهية تحت رقـم “76”، واتفقت عليها جميع المذاهب الإسلامية والقوانين الوضعية.
أولاً: التحكيم في القرآن الكريم:
هناك آيتان في القرآن الكريم تنصان على مبدأ التحكيم:
الأولى: خاصة بالنزاعات العائلية بين الزوجين وهي تقول: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}
وقد اختلفت المذاهب الإسلامية في هذا التحكيم على رأيين:
– الأول: يعتبر أن مهمة المحكَّمَيْن هي المصالحة فقط، وأنّهما إن عجزا عن ذلك يرفعان الأمر إلى القاضي الذي يملك وحده أن يصدر قرارًا إلزاميًا لكن بغير التفريق. وهذا رأي المذهب الحنفي والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
– الثاني: يعتبر أن مهمة المحكَّمَيْن هي السعي للمصالحة أولاً، فإن عجزا عن ذلك أصدرا قرارًا إلزاميًا ولو بالتفريق بين الزوجين، ويجب على القاضي أن يأخذ بهذا القرار. فالمحكَّمان ليسا وكيلين عن الزوجين، إنما هما حكمان أي لهما حقّ الحكم. وهذا هو رأي المالكية والشافعي في القول الثاني له، وأحمد في الرواية الثانية عنه.
الثانية: عامة لجميع المنازعات وهي قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} . ومعنى ذلك أن المحكَّم يمكن أن يفصل النزاع ويصدر قرارًا إلزاميًا للفرقاء إذا لم يستطع الإصلاح بينهم. ومتى أصدر المحكَّم قراره أصبح هذا القرار ملزمًا للخصمين المتنازعين، وتعيّن إنفاذه دون أن يتوقّف على رضا الخصمين، اتفق على ذلك جمهور الفقهاء، واعتبروا حكم المحكَّم كحكم القاضي .
ثانيًا: التحكيم في السنة المطهرة:
– رضي رسول الله r بتحكيم سعد بن معاذ رضي الله عنه في أمر يهود بني قريظة، حين جنحوا إلى ذلك، ورضوا بالنزول على حكمه (أخرجه البخاري وهو موجود في كتب السيرة). – ولما وفد أبو شريح هانئ بن يزيد رضي الله عنه إلى رسول الله r مع قومه. سمعهم يكننونه بأبي الحكم، فقال رسول الله r: “إن الله هو الحَكَم، وإليه الحُكْم، فلم تكنّى أبا الحكم؟” فقال: “إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الطرفين”. فقال رسول الله r: “ما أحسن هذا؟ فما لك من الولد؟” قال: “لي شريح ومسلم وعبد الله” فقال: “فمن أكبرهم؟” قلت: “شريح”، قال: “أنت أبو شريح”، ودعا له ولولده. (أخرجه أبو داود والنّسائي وإسناده حسن).
ثالثًا: التحكيم في المذاهب السنية الأربعة.
ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التحكيم. هذا هو ظاهر مذهب الحنفية والأصح عندهم، وهو الأظهر عند جمهور الشافعية، وهو مذهب الحنابلة. أما المالكية فظاهر كلامهم: نفاذه بعد الوقوع. قال أصبغ: لا أحب ذلك، فإن وقع مضى. أما خلاصة نظرة المذاهب إلى التحكيم فنوجزها فيما يلي:
– المذهب الحنفي يعتبر التحكيم بمثابة توكيل من الطرفين لإجراء المصالحة. وقد اعتبرت (المجلة العثمانية) أن التحكيم هو مصالحة، ولذلك يمكن في أي وقت طلب رد المحكَّم أو عزله طالما لم يصدر حكمه (مادة 1847)، وأن حكم المحكَّم يحصل بعد رضا الخصمين خلافًا لحكم القاضي، وأنه إذا تعدد المحكَّمون يجب أن يصدر الحكم عنهم بالإجماع (مادة 1844).
– المذهب الشافعي يقترب من المذهب الحنفي في اعتبار التحكيم توكيلاً من الطرفين لإجراء المصالحة، ولذلك يمكن عنده أيضًا الرجوع عن التحكيم قبل صدور الحكم، وإذا تعدد المحكّمون لا بد من اتفاقهم على الحكم والقرار التحكيمي ليس قابلاً للتنفيذ إلا إذا اتفق الفريقان على تنفيذه .
– المذهب المالكي يميل إلى إعطاء الهيئة التحكيمية بعد تعيينها برضا الطرفين صلاحية الاستمرار في عملها حتى إصدار الحكم النهائي، ولذلك لا يُشترط عندهم دوام رضا الخصمين حتى صدور الحكم، ولو رجع أحدهما عن التحكيم فليس له ذلك ولو قبل الخصومة عند ابن الماجشون، ولا يجوز له ذلك بعد ابتداء الخصومة عند أصبغ ويجوز قبلها .
– المذهب الحنبلي يقترب من المذهب المالكي في إعطاء الهيئة التحكيمية صلاحية الاستمرار في عملها حتى إصدار حكمها النهائي الملزم، ولذلك يصح الرجوع عن التحكيم قبل الشروع في الحكم، أما بعد ذلك فليس لأي من الخصمين الرجوع عن التحكيم لأنه يؤدي إلى أن كل واحد منهما إذا رأى من المحكَّم ما لا يوافقه رجع فبطل مقصودة .
نستنتجمن هذا العرض الملخص للمذاهب السنية الأربعة أن المذهبين الحنفي والشافعي يميلانإلى “التحكيم بالمصالحة” بينما يميل المذهبان المالكي والحنبلي إلى “التحكيم المؤديإلى قرار إلزامي”.
لم يكن العرب قبل الإسلام يعرفون سلطة قضائية، وإذا حصل نزاع بين الأفراد أو بين القبائل لجئوا إلى التحكيم. وقد كان هذا التحكيم اختياريًا، كما أن تنفيذ القرار التحكيمي لم يكن إلزاميًا، بل كان يعتمد بشكل أساسي على سلطة المحكَّم. وكانت الإجراءات التحكيمية بسيطة وبدائية، أساسها أن عبء الإثبات يقع على المدّعي. ثم أطلق أحد المحكمين وهو قس بن ساعدة الأيادي القاعدة المشهورة “الإثبات على المدّعي واليمين على من أنكر”، وقد أصبح هذا القول قاعدة شرعية بناءً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “البينة على المدّعي واليمين على من أنكر”، وقد ذكرتها “المجلة” بين القواعد الفقهية تحت رقـم “76”، واتفقت عليها جميع المذاهب الإسلامية والقوانين الوضعية.
أولاً: التحكيم في القرآن الكريم:
هناك آيتان في القرآن الكريم تنصان على مبدأ التحكيم:
الأولى: خاصة بالنزاعات العائلية بين الزوجين وهي تقول: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}
وقد اختلفت المذاهب الإسلامية في هذا التحكيم على رأيين:
– الأول: يعتبر أن مهمة المحكَّمَيْن هي المصالحة فقط، وأنّهما إن عجزا عن ذلك يرفعان الأمر إلى القاضي الذي يملك وحده أن يصدر قرارًا إلزاميًا لكن بغير التفريق. وهذا رأي المذهب الحنفي والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
– الثاني: يعتبر أن
مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي
فقد كان التحكيم معروفاً عند العرب قال اليعقوبي: كان للعرب حكام ترجع إليها في أمورها وتتحاكم في مناظراتها ومواريثها ومياهها ودمائها لأنه لم يكن دين يرجع إلى شرائعه فكانوا يحكمون أهل الشرف والصدق والأمانة والرئاسة والسن والمجد والتجربة
وكان المحكوم عليه عند العرب يخضع وينفذ حكم التحكيم تحت سلطة التأثير الأدبي ، أو العرف ، أو سلطان الرأي العام ، أو يخشى عاقبة الاقتتال . وهناك نماذج كثيرة من اللجوء إلى التحكيم عند العرب سواء في معرفة الأجود شعراً ، أو في حالة المناظرة بينهما ، أو في حالة نزاع ، كما حصل في تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في وضع الحجر الأسود بين قبل قبائل قريش . ولما جاء الإسلام كان يقر ما يراه حسنا من أمور العرب ، سواء ما كان له صلة بمحاسن الأخلاق أو المعاملات أو غيرها ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم [ إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ]
والمتبادر أن التحكيم يحقق مقصدا مهما من مقاصد التشريع الإسلامي ألا وهو إقامة العدل بين الناس ، والناظر في النصوص الشرعية والتطبيق العملي ، يجد مكانته خاصة للتحكيم ، وعملي في هذا البحث الموجز استجلاء هذه النصوص الشرعية والتطبيقات العملية ، للوصول إلى حكم التحكيم في الشريعة الإسلامية ، ومناقشة آراء المخالفين لذلك ، ومكانة أدلتهم التي يستدلون بها ، مستمدا من المولى جل شأنه العون والتوفيق .
ورغبة في استيفاء جميع عناصر الموضوع فقد قسمت فقراته على النحو التالي :-
1- تعريف التحكيم.
2- الفرق بين التحكيم والقضاء.
3- الفرق بين التحكيم والخبرة
4- الفرق بين التحكيم والوكالة
5- أهمية التحكيم .
6- حكم التحكيم .
مؤملاً أن تكون هذه العناصر مسهمة في تقديم أرضية مناسبة للنقاش والحوار ، ثم البناء عليها والاستفادة منها في الممارسة العملية للتحكيم .
أولا : تعريف التحكيم:
التحكيم لغة مصدر حكمه في الأمر والشيء : أي جعله حكماً ، وفوض الحكم إليه . وحكمه بينهم أي طلب منه أن يحكم بينهم . فهو حكم ومحكم .وحكمه في ماله تحكيما : إذا جعل إليه الحكم فيه
قال في المصباح المنير ( وحكمت – بالتشديد – الرجل فوضت الحكم إليه ) وفي الاصطلاح تولية الخصمين حاكماً يحكم بينهماوعرفته مجلة الأحكام العدلية بأنه ( اتخاذ الخصمين برضاهما حاكما يفصل خصومتهما ودعواهما يقال حكم ، بفتحتين ، ومحكم بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الكاف المفتوحة ) وعرفه بعض المعاصرين بقوله(اتفاق بين طرفين أو أكثر على تفويض هيئة تحكيم من شخص أو أكثرللفصل في نزاع بينهم بحكم ملزم) وهذا التعريف جيد لو أنه حذف من التعريف كلمة ” تحكيم ” لكان – في نظري – أولى . لأن التعريف كله لتوضيح معنى هذه العبارة ، ولكي يسلم التعريف ذاته من الدور وهو وجود كلمة من المعرف في التعريف.
ثانيا : الفرق بين التحكيم والقضاء:
هناك نقاط اتفاق بين التحكيم والقضاء ونقاط اختلاف .
ونبدأ أولاً بنقاط الاتفاق :-
1- كل منهما ولاية حكم لذلك قال بعض الفقهاء إن التحكيم شعبة من القضاء.
2- كل من الحكم والقاضي يكتسب ولاية الحكم ممن ولاه ، باتفاق الطرفين الموليِّ والمولىَّ، ويتقيد كل من القاضي والحكم بما يقيده به من ولاه ، من حيث زمان الولاية ومكانها ، والموضوعات التي يحكم فيها .
3- المولِّى يملك عزل الموَّلى. فإذا عزل الإمام القاضي انعزل ، وإذا تفق الخصمان على عزل الحكم انعزل .
4- كل من الحكم الصادر من الحكم والقاضي يعتبر حكماً شرعياً متى استوفى شروطه .
ويختلفان في أمر جوهري له أثره وهو الجهة المولية لكل منهما ففي التحكيم تتم التولية من الخصوم للحكم ، والحكم يستمد سلطته منهم وسلطتهم خاصة على أنفسهم فقط.
وفي القضاء تتم التولية من الإمام وهو صاحب سلطة عامة . والقضاء هو سلطة الدولة في الفصل في النزاعات وحماية الحقوق ، فالقضاء مظهر من مظاهر سيادة الدولة وبذلك يختلف عن التحكيم الذي هو قضاء ثان أو ثانوي.وهذا يعني أن ولاية التحكيم أدنى من ولاية القضاء. والحكم أقل سلطة من القاضي وأدنى منه رتبة.وبالتالي حكمه أدنى رتبة من حكم القاضي.
وهذا الفرق ترتب عليه عدد من الفروق الأخرى
أ-التحكيم لا يصح إلا برضا الخصمين ، أما القضاء فلا يشترط رضا الخصمين ولو رفعت إليه قضية ، حكم فيها ولو من غير رضاهما.
ب- الحكم يقتصر اختصاصه في الدعوى المحكم فيها فقط ، أما القاضي فله النظر في كل القضايا التي تدخل في اختصاصه وهي عادة واسعة زماناً ومكاناً .
ت- حكم الحكم قاصر على المحكوم عليه فقط ولو ثبت ببينة ، أما حكم القاضي فقد يتعدى المحكوم عليه..فلو حكم خصمان رجلا في عيب المبيع فقضى الحكم برده ، لم يكن للبائع حق رده على بائعه الأول استنادا إلى قرار الحكم ، إلا أن يرضى البائع الأول.وكذا لو أن رجلا ادعى على آخر دينا ، وأن فلانا قد ضمنه فحكما بينهما ، والضامن غائب ، فأقام المدعي بينة على المال والضمان ، صح الحكم في حق الدائن والمدين دون الضامن ، ومثله لو كان الغائب هو المضمون ، والتحكيم جرى بين صاحب المال والضامن . ولذلك قال الفقهاء حكم المحكم – بفتح الكاف – في حق طرفي الخصومة حكما ،وفي حق غيرهما بمنزلة الصلح بينهما ، والصلح لا يتعدى أثره .
ث- أن الخصم لا يجب عليه إجابة خصمه إلى التحكيم إذا دعاه إليه ، أما إذا دعاه إلى القضاء فتجب الإجابة .
ج- أن التحكيم أضيق مجالاً من القضاء ، فلا يصح إلا فيما يملكه الخصم ، أما في القضاء فللقاضي النظر في كل خصومه .
ح- التحكيم أوسع من القضاء في الاختصاص المكاني ، فالتحكيم يصح بين الطرفين ، ولو اختلفت أمكنتهم ، أما قضاء القاضي فمقيد بالنظر وفق الاختصاص المكاني.وبالتالي يجوز للحكم أن ينظر في قضية برضى الطرفين ولو كان المدعى عليه لا يقيم في بلد التحكيم.
خ- لا يجوز للحكم أن يستخلف غيره ليتولى التحكيم نيابة عنه إلا بموافقة الطرفين،لأن الرضا بالتحكيم مرتبط بشخصه ، أما القاضي فيجوز له أن يستخلف غيره في نظر القضايا المعروضة .
وقد أورد قحطان الدوري أربعة وعشرين فرقاً بين القضاء والتحكيم نقلاً عن كتب الحنفية وغيرهم
ثالثا : الفرق بين التحكيم والخبرة:
الخبير هو الذي يملك خبرة معينة حول موضوع محدد ، ويكلف بإبداء رأيه فيما يعرض عليه من مسائل معينة ، قد تكون هندسية أو طبية أو تجارية أو حسابية .. الخ . والخبرة بهذا المعنى لا تعتبر طريقة للفصل في النزاع تحكيما ، فهي تختلف اختلافا كبيرا عن التحكيم .
ففي الخبرة يقوم الخبير بإبداء رأيه ، وليس لهذا الرأي أي قوة إلزامية . ولمعرفة ما إذا كان اتفاق الخصوم اتفاقا على اللجوء إلى التحكيم أو الخبرة ، فإن معيار التفرقة هو مدى الصلاحيات الممنوحة للشخص المطروح عليه النزاع ، فإن كان الصلاحيات المخولة له ، الفصل في النزاع ، وإصدار قرار ملزم للطرفين ، فهو حكم والمسألة تحكيم ، وإن كانت تلك الصلاحيات لا تتجاوز إبداء الرأي في مسألة فنية للاسترشاد ، سواء أكان الرأي للمتنازعين أم لجهة أخرى،ولمن كتب إليه هذا التقريرالعمل به أو تركه فهو رأي خبير فقط . .
رابعا : الفرق بين التحكيم والوكالة:
الوكيل يعمل لصالح موكله ، وينوب عنه فيما وكل فيه ، ولا يجوز له أن يعمل عملا بمقتضى الوكالة الممنوحة له إلا بما فيه مصلحة الموكل ، وهو مؤتمن على النصح لمن وكله ، وإذا خرج عن صلاحيته وسلطته التي فوضت إليه فالوكيل هو المسؤول عن هذا التصرف .
أما المحكمين في حالة تعددهم وترشيح محكم من كل طرف فهم بعكس ذلك ، وكل منهم يعمل مستقلا تمام الاستقلال عن الخصوم ، وبمجرد اعتماد وثيقة التحكيم تثبت له الصفة القضائية بين أطراف النزاع ، ولا يتمكن الخصوم من التدخل في عمله ، وحكمه مفروض عليهم لازم لهم ، وحينئذ يجب أن يكون لا فرق عنده بين الطرف الذي حكمه ، أو الطرف الآخر الذي حكم غيره ، وعليه أن يعمل بحياد تام ، ولا يجوز له أن يساند أو يميل مع أحد الخصوم لكونه حكما له ، وإذا فعل ذلك فللمتخاصمين رده أو عزله .
وواجبه هو الفصل في النزاع بالعدل بين الطرفين كأنه قاض تم تعيينه باتفاق الخصوم ويمارس عمله وفق المقتضى القضائي الشرعي ، وليس وفق رغبة من حكمه . وحينئذ فهو ليس وكيلا أو ممثلا لطرف من الأطراف النزاع ، أو مدافعا عنه أو يتحمل عبئا في إثبات حق له . .
خامسا : أهمية التحكيم:
أهمية أمر تنبني على مدى ما يحققه من مصالح ، وهنا تنبع أهمية التحكيم من كونه يحقق العديد من المصالح يأتي في مقدمتها :-
1- الإسراع في فض النزاع ، وذلك لأن المحكمين يكونون عادة متفرغين للفصل في هذه الخصومة وليس عندهم خصومات أخرى ، فيتيسر لهم البدء فوراً في إجراء التحكيم وإنهائه في وقت أقصر بكثير مما يتم في المحاكم ، وهذه فيه مصلحة ظاهرة في الإسراع في إيصال الحق لصاحبه . وللوقت أثر مهم على الحق المتنازع عليه وبخاصة في القضايا التجارية ، وأن سرعة الإنجاز عامل مهم لنجاحها. والبطء في اتخاذ القرار يجعل الأضرار تتنامى وتتضاعف ، حتى إن الخسائر المالية التي يتكبدها أطراف النزاع تفوق بكثير أجرة إقامة اثنين من المحكمين ، ينهون النزاع خلال مدة وجيزة ، وذلك مثل مجمع سكني كبير يجري حوله نزاع ، ويخسر الطرفان خسارة كبيرة نتيجة تعطل العمل وبطء إجراءات المحكمة الشرعية المشغولة بالعديد من القضايا ، وفي التحكيم تلاف لكثير من ذلك .
2- تلافي الحقد والعداوة والبغضاء بين الخصوم ، بقدر الإمكان ، وذلك لأن أساس التحكيم يقوم على مبدأ أن الحكم مختار من قبل الخصوم أنفسهم ، اختاروه بطيب نفس منهم ، وهذا الشخص المختار حائز على ثقتهم ، مما يجعل الحكم كأنه صدر من مجلس عائلي ، وداخل أسرة واحدة ، بخلاف ما لو صدر الحكم من قضاء مفروض على الطرفين سبقه مخاصمة ومشاحنة وبغضاء . وبالتالي فيمكن القول بأن التحكيم يحقق العدل بلا عداوة بين الخصوم بخلاف القضاء الذي يحقق العدل لكنه كثيرا ما يخلف وراءه العداوة والأحقاد بين المتنازعين.
3- أن التحكيم كما يحفظ العلاقة الطبيبة بين الأقارب فهو أيضا يحافظ على العلاقة الطيبة بين التجار ، فكثيرا ما يقع نزاع بين تاجرين في أحد العقود ، ثم يحكموا طرفا ثالثا في هذه النزاع ، ولا يمنعهم هذا من الاستمرار في التعامل التجاري بينهم ، بل إن هذا يزيد ثقة بعضهم ببعض . بخلاف التنازع أمام القضاء ، فهو كثيرا ما يقوض التعامل التجاري بين طرفي العقد بسبب قيامه على المشاحة
4- أن التحكيم فيه روح الاعتدال ، إذ القضاء فيه الهيبة والوقار ، والوساطة فيها الترجي والشفاعة ، ويأتي التحكيم وسط بين هذين الأسلوبين ، مما يجعله يحتل مكاناً وسطاً بين صلابة القضاء ومرونة الوساطة وغيرها من طرق التسويات ، وخير الأمور أوسطها
5- أن التحكيم يسهم في إصلاح ذات البين وقطع المنازعات والخصومات في المجتمع المسلم وبالتالي تقل القضايا المرفوعة لدى القضاة وهذا يؤثر إيجاباً في تقليل عدد القضاة المطلوب تعيينهم ، وهو يخفف العب المالي على الدولة . مما يعني مساهمة المواطن في هذا الجانب من خلال إفشاء التحكيم وإعماله في تحقيق المصلحة العامة للبلد . قال ابن العربي رحمه الله تعالى ( … فأمر بنصب الوالي ليحسم قاعدة الهرج ، وأذن في التحكيم تخفيفا عنه وعنهم في مشقة الترافع لتتم المصلحتان وتحصل الفائدتان)
6- أن التحكيم يتيح المتنازعين فرصة اختيار محكمين أصحاب تخصص دقيق في موضوع النزاع ، يسهم في فهم سريع ودقيق لموضوع الخلاف وبخاصة في بعض القضايا الفنية الدقيقة التي قد لا تتوافر في القاضي الذي ينظر في مختلف القضايا، ويعتمد على رأي أهل الخبرة . وبالتالي يكون الحكم المتخصص أفهم للقضية وأسرع في الفصل من غيره
7- أن التحكيم يتيح الطمأنينة للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات ولا ترغب في الخضوع إلى قوانين أجنبية لا تعرفها عند وقوع نزاع ، وبدون التحكيم لا تطمئن على مستقبلها التجاري فيما لو خضعت لقانون البلد غير المعروف بدقة .
8- أن بعض البلدان يتأثر القضاء بالظروف السياسية للدولة ، ويخشى المتعامل من الخارج على مصالحه التجارية لو تم الترافع أما قضاء هذا البلد ، والتحكيم يعطي طمأنينة لأولئك التجار من تأثر القضاء بما يجري في بلادهم .
9- من فوائد التحكيم أن المحكمين يملكون صلاحية تحديد المدة التي يرونها ملزمة للمحكم لإنهاء النزاع ، وعلى المحكم أن يلتزم بذلك . وهذه ميزة لأصحاب النزاعات لا يمكن توفيرها عن طريق القضاء
10- أن التحكيم يفسح المجال لكل رأي حصيف وعلم رشيد ورأي سديد وخبرة راسخة أن يشارك في إشاعة الوئام في المجتمع والقضاء على النزاعات والخلافات وهي لا تزال في بدايتها . وكم في مجتمعنا من طلبة العلم وأصحاب الرأي والمتخصصين والخبراء ، الذي يمكن أن يستفاد منهم في قضايا تحكيمية ، ولهم تأثيرهم ومكانتهم على أطراف النزاع ،إذا دخلوا في تلك القضايا تمكنوا من إنهائها بأسرع وقت وأخصر طريق . .
11- أن التحكيم يتيح للمحكمين حرية اختيار المذهب الفقهي الذي يرغبونه في التحكيم ، وذلك أن الوالي قد يفرض على القضاة التزام مذهب معين في القضاء، وفي بعض الأحيان يجد المتنازعون حرجاً في التقيد بهذا المذهب. فيكون التحكيم مخرجاً لهم في الاستفادة مما لدى المذاهب الفقهية مما يخدم القضية المتنازع فيها .فمثلا قد يكون العقد محل النزاع باطلا عند بعض الفقهاء ، وهذا الرأي هو الذي يعمل به في المحكمة ، وإبطال العقد يترتب عليه أضرار بالغة على الطرفين وغيرهم ، وهم راغبون في استمراره ، لجوازه لدى مذاهب فقهية أخرى وذلك مثل عقد التأجير المنتهي بالتمليك ، أو عقد البيع الذي يشترط فيه البائع على المشتري أنه متى أراد البيع فهو حق باسترداده بثمنه ، وليس للبائع حينئذ أن يبيعه على غير من اشتراه منه وحينئذ يلجأ المتعاقدان إلى شرط التحكيم عند النزاع، ويحددان فيه الحكم ، بل وربما المذهب الفقهي الذي يجب أن يطبق في التحكيم ، ويكون في التحكيم مخرجا لهم للاستفادة مما لدى المذاهب الفقهية مما يخدم القضية المتنازع فيها .
12- أن التحكيم يعطي المتحاكمين مخرجاً من الالتزام بما يخالف شرع الله جل شأنه، وذلك عندما يكون المتنازعون في بلد لا يحكم بشرع الله ، فيجد المتنازعون في التحكيم فرصة لإنهاء النزاع بينهم باللجوء إلى حكم يلتزم شرع الله في الحكم بينهم.
13- أن التحكيم يتيح فرصة كبيرة للسرية في المعاملة المتنازع عليها ، إما لكون عقودها تتضمن أمورا سرية ، أو لكون النزاع ذاته لا يرغب الطرفان في معرفة الآخرين بوجود نزاع بينهما ، فيؤثر على مكانتهما دينيا أو اجتماعيا أو تجاريا أو غير ذلك .
14- أن التحكيم يتيح مخرجا في مسألة تنازع القوانين ، فالمنازعات التجارية الدولية، كثيرا ما تكون محل تنازع القوانين ، فطرف يريد أن تكون في بلده مستندا إلى أنظمة بلده وآخر يريدها في بلده مستندا إلى أنظمة بلده أيضا ، والتحكيم يحدد الجهة بطريقة تطمئن الشخص منذ البداية .
15- أن التحكيم يتيح للناس فرصة اختيار مكان التحكيم فبعض الناس لا يرغب الذهاب إلى المحاكم ، لا سيما والمحاكم الآن قد تكون بعيدة ، أو تكون قريبة ولكن يصعب الوصول إليها بسهولة ، أو مزدحمة ، أو لا يتيسر الوصول إلى القاضي إلا بمزاحمة يريد الشخص أن يبتعد عنها ، بل إن بعض الناس يدفع عن نفسه الذهاب إلى الخصومة ولو تنازل عن بعض حقه ، وحينئذ يجد في التحكيم مخرجا سليما من الذهاب إلى المحاكم وما فيها من صخب .
وعليه فإن التحكيم يتيح مجالاً رحباً للمتحاكمين لإجراء التحاكم بينهما في مكان مناسب وجو مريح
سادسا : حكم التحكيم:
اختلف العلماء في حكم التحكيم فذهب جمهور الفقهاء إلى جوازه ، وذهب بعض فقهاء الشافعية وابن حزم إلى القول بعدم الجواز . في حين ذهب آخرون من الشافعية إلى موافقة الجمهور.بل قالوا إنه هو الأصح في المذهب . وإن كان بعض فقهاء الشافعية نقلوا الإجماع على مشروعية التحكيم قال النووي رحمه الله تعالى ( .. فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهماتهم العظام وقد أجمع المسلمين عليه ولم يخالف فيه إلا الخوارج ) .وقال الشربيني ( .. لأنه – أي التحكيم – وقع لجمع من كبار الصحابة ، ولم ينكره أحد . قال الماوردي فكان إجماعا )
وسنذكر الخلاف مفصلا في هذه المسألة مع بيان أدلة الفريقين ثم بيان ما أراه راجحا في هذا الخلاف ، وذلك على النحو التالي :-
القول الأول :-
ذهب الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية والحنابلة إلى القول بجواز التحكيم ، ووافقهم على ذلك جمهور أهل العلم من الفقهاء ، وقال بعض الشافعية إن هذا القول هو الأصح في المذهب
واستدلوا بما يلي :-
1- قال تعالى:[ وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها
فعند الشقاق والخلاف بين الزوجين يشرع تكليف حكمين ، وقياساً على ذلك سائر الخصومات إذا تراضى المتخاصمان على ثالث يفصل النزاع بينهما .قال القرطبي ( وفي هذه الآية دليل على إثبات التحكيم وليس كما تقول الخوارج إنه ليس التحكيم لأحد سوى الله تعالى ) . وقال الرازي ( ت: 370 )بعد أن أورد هذه الآية ( فهذا أصل في جواز التحكيم )
2- قوله تعالى: [ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم
وقد احتج بهذه الآية ابن عباس رضي الله عنهما أثناء مناقشته للخوارج في شأنه التحكيم الذي اتفق عليه على ومعاوية رضي الله عنهما
واحتج بها أيضا بعض الفقهاء على مشروعية التحكيم ، فقد قال ابن العربي رحمه الله تعالى عند هذه الآية ( وهذا دليل على التحكيم )
3- عن هاني رضي الله عنه أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [ إن الله هو الحكم و إليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم ؟ ] فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضى كلا الفريقين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ما أحسن هذا ! ، فمالك من الولد ؟ ] قال: لي شريح ومسلم و عبد الله . قال : [ فمن أكبرهم ؟ ] قلت: شريح . قال : [ فأنت أبو شريح ] .
فقد استحسن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب ، وهو تحكيم القوم لهاني ، وحكمه بينه ، ( وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة التعجب مبالغة في حسنه.
4- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ( نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد ، فأتاه على حمار ، فلما دنا من المسجد قال للأنصار : – قوموا على سيدكم – أو خيركم – . فقال : هؤلاء نزلوا على حكمك . فقال :- تقتل مقاتلهم وتسبي ذراريهم . قال: قضيت بحكم الله . وربما قال : بحكم تشريعات التحكيم في دولة الكويت
أولا: في قانون المرافعات المدنية والتجارية
الباب الثاني عشر
التحكيم
المادة (173)
يجوز الإتفاق على التحكيم في نزاع معين كما يجوز الإتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين.
ولا يثبت التحكيم إلا بالكتابة.
ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا يصح التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع.
ويجب أن يحدد موضوع النزاع في الإتفاق على التحكيم أو أثناء المرافعة ولو كان المحكم مفوضاً بالصلح وإلا كان التحكيم باطلاً.
ولا تختص المحاكم بنظر المنازعات التي اتفق على التحكيم في شأنها ويجوز النزول عن الدفع بعدم الاختصاص صراحة أو ضمناً.
ولا يشمل التحكيم المسائل المستعجلة ما لم يتفق صراحة على خلاف ذلك.
المادة (174)
لا يجوز أن يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية أو مفلساً لم يرد إليه اعتباره.
وإذا تعدد المحكمون وجب في جميع الأحوال ان يكون عددهم وترا كما يجب تعيين المحكم في الإتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل.
المادة (175)
إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده أو قام مانع من مباشرته له ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم عينت المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناءً على طلب أحد الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن.
المادة (176)
لا يجوز التفويض للمحكمين بالصلح ولا الحكم منهم بصفة محكمين مصالحين إلا إذا كانوا مذكورين بأسمائهم في الإتفاق على التحكيم.
المادة (177)
يجوز لوزارة العدل أن تشكل هيئة تحكيم أو أكثر تنعقد في مقر المحكمة الكلية أو أي مكان آخر يعينه رئيس الهيئة وتكون رئاستها لمستشار أو قاضي تختاره الجمعية العمومية للمحكمة المختصة وعضويتها لإثنين من التجار أو ذوي التخصصات الأخرى يتم اختيارهما من الجداول المعدة في هذا الشأن وذلك وفق القواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل ويقوم بأمانة سر الهيئة أحد موظفي المحكمة الكلية.
وتعرض عليها – بغير رسوم – المنازعات التي يتفق ذوو الشأن كتابة على عرضها عليها وتسري في شأنها القواعد المقررة في هذا الباب ومع ذلك يجوز لها أن تصدر الأحكام والأوامر المشار إليها في الفقرات(أ.ب.ج) من المادة (180).
المادة (178)
مع عدم الإخلال بما نص عليه في المادة السابقة أو أي قانون آخر يشترط أن يقبل المحكم القيام بمهمته ويثبت القبول كتابة.
وإذا تنحى المحكم – بغير سبب جدي – عن القيام بعمله بعد قبول التحكيم جاز الحكم عليه بالتعويضات.
ولا يجوز عزل المحكم إلا بموافقة الخصوم جميعاً.
ولا يجوز رده عن الحكم إلا لأسباب تحدث أو تظهر بعد تعيين شخصه ويطلب الرد لذات الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم ويرفع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى خلال خمسة أيام من أخبار الخصم بتعيين المحكم أو من تاريخ حدوث سبب الرد أو علمه به إذا كان تالياً لإخباره بتعيين المحكم.
وفي جميع الأحوال لا يقبل طلب الرد إذا صدر حكم المحكمين أو أقفل باب المرافعة في القضية ويجوز لطالب الرد استئناف الحكم الصادر في طلبه أيا كانت قيمة المنازعة المطروحة على الحكم.
المادة (179)
يقوم المحكم خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من قبول التحكيم بإخطار الخصوم بتاريخ أول جلسة تحدد لنظر النزاع وبمكان انعقادها وذلك دون تقيد بالقواعد المقررة في هذا القانون للإعلان ويحدد لهم موعدا لتقديم مستنداتهم ومذكراتهم وأوجه دفاعهم ويجوز الحكم بناءً على ما يقدمه جانب واحد إذا تخلف الآخر عن ذلك في الموعد المحدد.
وإذا تعدد المحكمون وجب أن يتولوا مجتمعين إجراءات التحقيق وأن يوقع كل منهم على المحاضر ما لم يجمعوا على ندب واحد منهم لإجراء معين ويثبتوا ندبه في محضر الجلسة أو كان اتفاق التحكيم يخول ذلك لأحدهم.
المادة (180)
تنقطع الخصومة أمام المحكم إذا قام سبب من أسباب انقطاع الخصومة المقررة في هذا القانون ويترتب على الإنقطاع آثاره المقررة قانوناً.
وإذا عرضت خلال التحكيم مسألة أولية تخرج عن ولاية المحكم أو طعن بتزوير ورقة أو اتخذت إجراءات جنائية عن تزويرها أو عن حادث جنائي آخر أوقف المحكم عمله حتى يصدر فيها حكم إنتهائي كما يوقف المحكم عمله للرجوع إلى رئيس المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع لإجراء ما يأتي :
أ) الحكم بالجزاء المقرر قانوناً على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة.
ب) الحكم بتكليف الغير بإبراز مستند في حوزته ضروري للحكم في التحكيم.
ج) الأمر بالإنابات القضائية.
المادة (181)
إذا لم يشترط الخصوم في الإتفاق على التحكيم أجلاً للحكم كان على المحكم أن يحكم خلال ستة أشهر من تاريخ إخطار طرفي الخصومة بجلسة التحكيم وإلا جاز لمن شاء من الخصوم رفع النزاع إلى المحكمة أو المضى فيه أمامها إذا كان مرفوعاً من قبل.
وإذا اختلفت تواريخ إخطار الخصوم بدأ الميعاد من تاريخ الإخطار الأخير وللخصوم الإتفاق – صراحة أو ضمناً – على مد الميعاد المحدد اتفاقاً أو قانوناً ولهم تفويض المحكم في مده إلى أجل معين.
ويقف الميعاد كلما أوقفت الخصومة أو انقطعت أمام المحكم ويستأنف سيره من تاريخ علم المحكم بزوال سبب الوقف أو الانقطاع وإذا كان الباقي من الميعاد أقل من شهرين إمتد إلى شهرين .
المادة (182)
يصدر المحكم حكمه غير مقيد بإجراءات المرافعات عدا ما نص عليه في هذا الباب ومع ذلك يجوز للخصوم الإتفاق على إجراءات معينة يسير عليها المحكم.
ويكون حكم المحكم على مقتضى قواعد القانون إلا إذا كان مفوضاً بالصلح فلا يتقيد بهذه القواعد عدا ما تعلق منها بالنظام العام.
وتطبق القواعد الخاصة بالنفاذ المعجل على أحكام المحكمين.
ويجب أن يصدر حكم المحكم في الكويت وإلا اتبعت في شأنه القواعد المقررة لأحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي.
المادة (183)
يصدر حكم المحكمين بأغلبية الآراء وتجب كتابته ويجب أن يشتمل بوجه خاص على صورة من الإتفاق على التحكيم وعلى ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقه وتاريخ صدوره والمكان الذي صدر فيه وتوقيعات المحكمين وإذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم صحيحاً إذا وقعته أغلبية المحكمين.
ويحرر المحكم باللغة العربية ما لم يتفق الخصوم على غير ذلك وعندئذ يتعين أن ترفق به عند إيداعه ترجمة رسمية.
ويعتبر الحكم صادراً من تاريخ توقيع المحكمين عليه بعد كتابته.
المادة (184)
يودع أصل الحكم – ولو كان صادراً بإجراء من إجراءات التحقيق مع أصل الإتفاق على التحكيم إدارة كتاب المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع خلال عشرة الأيام التالية لصدور الحكم المنهي للخصومة.
ويحرر كاتب المحكمة محضرا بهذا الإيداع.
المادة (185)
لا يكون حكم المحكم قابلاً للتنفيذ إلا بأمر يصدره رئيس المحكمة التي أودع الحكم إدارة كتابها بناءً على طلب أحد ذوي الشأن وذلك بعد الإطلاع على الحكم وعلى اتفاق التحكيم وبعد التثبت من انتفاء موانع تنفيذه وإنقضاء ميعاد الإستئناف إذا كان الحكم قابلاً له وغير مشمول بالنفاذ المعجل وبوضع أمر التنفيذ بذيل أصل الحكم.
المادة (186)
لا يجوز استئناف حكم المحكم إلا إذا اتفق الخصوم قبل صدوره على خلاف ذلك ويرفع الإستئناف عندئذ أمام المحكمة الكلية بهيئة استئنافية ويخضع للقواعد المقررة لإستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم ويبدأ ميعاده من ايداع أصل الحكم إدارة الكتاب وفقاً للمادة (184)
ومع ذلك لا يكون الحكم قابلاً للإستئناف إذا كان الحكم مفوضاً بالصلح أو كان محكما في الإستئناف أو كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز خمسمائة دينار أو كان الحكم صادراً من الهيئة المنصوص عليها في المادة (177).
ويجوز لكل ذي شأن أن يطلب بطلان حكم المحكم الصادر نهائياً وذلك في الأحوال الآتية ولو اتفق قبل صدوره على خلاف ذلك :
أ) إذا صدر بغير اتفاق تحكيم أو بناءً على اتفاق تحكيم باطل أو سقط بتجاوز الميعاد أو إذا كان الحكم قد خرج عن حدود الإتفاق على التحكيم.
ب) إذا تحقق سبب من الأسباب التي يجوز من أجلها التماس إعادة النظر.
ج) إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.
المادة (187)
ترفع دعوى البطلان إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى وذلك خلال ثلاثين يوماً من إعلان الحكم ويبدأ هذا الميعاد وفقاً لأحكام المادة (149) في الحالات التي يتحقق فيها سبب من الأسباب التي يجوز من أجلها إعادة النظر.
ويجب أن تشمل الصحيفة على أسباب البطلان وإلا كانت باطلة .
ويتعين على رافع الدعوى ان يودع عند تقديم صحيفتها على سبيل الكفالة عشرين دينارا ولا تقبل ادارة الكتاب صحيفة الدعوى إذا لم تصحب بما يثبت ايداع الكفالة ويكفي إيداع كفالة واحدة في حالة تعدد المدعين إذا أقاموا دعواهم بصحيفة واحدة ولو اختلفت أسباب البطلان وتعفى الحكومة من ايداع هذه الكفالة كما يعفى من ايداعها من يعفون من الرسوم القضائية
وتصادر الكفالة بقوة القانون متى حكم بعدم قبول الدعوى أو بعدم جواز رفعها أو بسقوطها أو ببطلانها أو برفضها.
وإذا حكمت المحكمة ببطلان حكم المحكمين تعرضت لموضوع النزاع وقضت فيه.
المادة (188)
لا يترتب على رفع الدعوى البطلان وقف تنفيذ حكم المحكم.
ومع ذلك يجوز للمحكمة التي تنظر الدعوى أن تأمر بناءً على طلب المدعي بوقف تنفيذ الحكم إذا كان يخشى وقوع ضرر جسيم من التنفيذ وكانت أسباب البطلان مما يرجح معها القضاء ببطلان الحكم.
ويجوز للمحكمة عندما تأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم كفالة أو تأمر بما تراه كفيلاً بصيانة حق المدعى عليه وينسحب الأمر الصادر بوقف تنفيذ الحكم على إجراءات التنفيذ التي اتخذها المحكوم له من تاريخ طلب وقف التنفيذ.
ثانيا : قانون التحكيم القضائي بالكويت
قانون رقم 11 لسنة1995م
بشأن التحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية
ـ بعد الإطلاع إلى الدستور
ـ وعلى القانون رقم 17 لسنة 1973م في شأن الرسوم القضائية
ـ وعلى المرسوم بالقانون رقم 38 لسنة1980 م بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية والقوانين المعدلة له
ـ وعلى المرسوم بالقانون رقم 40لسنة1980م بإصدار قانون تنظيم الخبرة
وافق مجلس الأمة على القانون الآتي نصه? وقد صدقنا عليه وأصدرناه.
المادة الأولى
تشكل بمقر محكمة الإستئناف هيئة تحكيم أو أكثر من ثلاثة من رجال القضاء واثنين من المحكمين يختار كل من أطراف النزاع – ولو تعددوا – أحدهما من بين المحكمين المقيدين بالجداول المعدة لذلك بإدارة التحكيم بمحكمة الإستئناف أو من غيرهم وفي حالة عدم قيام أي من طرفي التحكيم بذلك خلال عشرة الأيام التالية لتكليف ادارة التحكيم له باختيار محكمه تعين الإدراة المذكورة المحكم صاحب الدور بجدول المحكمين المتخصصين في موضوع النزاع لعضوية الهيئة وتكون رئاسة الهيئة لأقدم الأعضاء من رجال القضاء على أن يكون بدرجة مستشار.
ويقوم بأمانة سر الهيئة أحد موظفي محكمة الإستئناف وتعقد الهيئة جلساتها بمقر محكمة الإستئناف أو في أي مكان آخر يعينه رئيس الهيئة.
ويصدر بتعيين المحكمين من رجال القضاء قرار من مجلس القضاء الأعلى وذلك لمدة عامين من تاريخ صدوره.
المادة الثانية
تختص هيئة التحكيم بالمسائل الآتية :
1- الفصل في المنازعات التي يتفق ذو الشأن على عرضها عليها كما تختص بالفصل في المنازعات الناشئة عن العقود التي تبرم بعد العمل بهذا القانون وتتضمن حل هذه المنازعات بطريق التحكيم ما لم ينص في العقد أو في نظام خاص بالتحكيم على غير ذلك.
2- الفصل دون غيرها في المنازعات التي تقوم بين الوزارات أو الجهات الحكومية أو الأشخاص الإعتبارية العامة وبين الشركات التي تملك الدولة رأس مالها بالكامل أو فيما بين هذه الشركات.
3- الفصل في طلبات التحكيم التي يقدمها الأفراد أو الأشخاص الإعتبارية الخاصة ضد الوزارات أو الجهات الحكومية أو الأشخاص الإعتبارية العامة في المنازعات التي تقوم بينهم وتلتزم هذه الجهات بالتحكيم ما لم تكن المنازعة قد سبق رفعها أمام القضاء.
وتنظر الهيئة المنازعات التي تعرض عليها بغير رسوم.
المادة الثالثة
يقدم طلب التحكيم إلى ادارة التحكيم وعلى تلك الادارة قيده بالجدول الخاص في يوم تقديمه.
ويعرض الطلب خلال الأيام الثلاثة التالية للإختيار باقي المحكمين على رئيس هيئة التحكيم لتقدير المبلغ الذي يجب على كل من طرفي التحكيم ايداعه تحت حساب أتعاب محكمه في حالة عدم وجود إخطار سابق من المحكم بأن هذه الأتعاب قد سويت وعلى إدارة التحكيم تكليف كل من طرفي التحكيم بايداع المبلغ الذي يتعين عليه ايداعه خزانة إدارة التحكيم خلال عشرة أيام التالية وفي حالة عدم قيامه بذلك في الموعد المذكور تخطر إدارة التحكيم الطرف الآخر خلال خمسة الأيام التالية بذلك وله – إن شاء الاستمرار في إجراءات التحكيم – ايداع المبلغ المطلوب خلال عشرة أيام التالية فإذا انقضى هذا الميعاد دون ايداعه من أي من الخصوم عرضت إدارة التحكيم طلب التحكيم على رئيس هيئة التحكيم للأمر بحفظه وبرد ما يكون قد أودعه أي من الخصوم من مبالغ تحت حساب أتعاب محكمه إليه.
المادة الرابعة
تعرض إدارة التحكيم طلب التحكيم خلال الأيام الثلاثة التالية لإيداع المبلغ المخصص لأتعاب المحكمين المختارين على رئيس هيئة التحكيم لتحديد جلسة لنظره وعليها إعلان الطرفين بتلك الجلسة وبكامل تشكيل الهيئة خلال الخمسة الأيام التالية وتحديد موعد لهما لتقديم مستنداتهما ومذكراتهما وأوجه دفاعهما ويجرى الإعلان طبقاً لما هو مقرر في المادة 179من قانون المرافعات المدنية والتجارية ما لم يتفق طرفاً النزاع على غير ذلك.
المادة الخامسة
تفصل هيئة التحكيم في المسائل الأولية التي تعرض لها في المنازعة والتي تدخل في اختصاص القضاء المدني أو التجاري وفي الدفوع المعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك تلك المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع ويجب التمسك بهذه الدفوع قبل التحدث في الموضوع كما يجب التمسك بالدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يبديه الطرف الآخر من طلبات أثناء نظر النزاع فور إبدائها وإلا سقط الحق فيه.
ولهيئة التحكيم في جميع الأحوال ان تقبل الدفع المتأخر إذا رأت أن التأخر في إبدائه كان له ما يبرره.
وتفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها قبل الفصل في الموضوع أو تضمها إليه للفصل فيها معا.
كما يجوز لها إصدار الأحكام والأوامر المشار إليها في الفقرات أو ب و ج من المادة 180من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
كما تفصل هيئة التحكيم في المسائل المستعجلة المتعلقة بموضوع النزاع ما لم يتفق الطرفان صراحة على غير ذلك.
المادة السادسة
تختص محكمة التمييز بالفصل في طلب رد أي من أعضاء هيئة التحكيم ويرفع طلب الرد بتقرير يودع بإدارة كتاب محكمة التمييز خلال خمسة أيام من تاريخ إعلان طالب الرد بتشكيل هيئة التحكيم أو من تاريخ حدوث سبب الرد أو من تاريخ علمه به إن كان تالياً لذلك.
ولا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم وإذا حكم بالرد اعتبرت إجراءات التحكيم التي تمت بما في ذلك حكم هيئة التحكيم كأن لم تكن ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر برفض طلب الرد بأي طريق من طرق الطعن.
وفي حالة الحكم برد أي من المحكمين أو اعتزاله أو عزله لأى سبب يتم تعيين من يحل محله بذات الإجراءات التي اتبعت عند تعيينه.
المادة السابعة
يصدر حكم هيئة التحكيم دون تقيد بمدة معينة وذلك استثناءا من حكم المادة (181) من قانون المرافعات المدنية.
ويصدر حكم هيئة التحكيم بأغلبية الآراء وينطق به في جلسة علنية يعلن بها طرفاً التحكيم ويجب أن يشتمل بوجه خاص على موجز الاتفاق على التحكيم وعلى ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم واسباب الحكم ومنطوقه وتاريخ صدوره والمكان الذي صدر فيه وتوقيعات المحكمين كما يجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على تلك الأسباب موقعا عليها من المحكمين عند النطق به وإذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم صحيحاً إذا وقعه أغلبية المحكمين ولو كان قد تنحى أو اعتزل واحد منهم أو أكثر بعد حجز الدعوى للحكم وبدء المداولة.
ويودع أصل الحكم المنهي للخصومة مع أصل الاتفاق على التحكيم إدارة كتاب محكمة الاستئناف خلال خمسة الأيام التالية لإصداره
ولا يجوز نشر حكم هيئة التحكيم أو أجزاءً منه إلا بموافقة الطرفين.
المادة الثامنة
تختص هيئة التحكيم بتصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وبتفسيره إذا وقع في منطوقه غموض أو لبس كما تختص أيضاً بالفصل في الطلبات الموضوعية التي أغفلت الفصل فيها ويتم ذلك طبقاً للقواعد المنصوص عليها في المواد 124و125و126من قانون المرافعات المدنية والتجارية فإذا تعذر ذلك تكون هذه المسائل من اختصاص المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع.
وإذا طعن في الحكم بالتمييز تختص محكمة التمييز دون غيرها بتصحيح ما يكون قد وقع فيه من أخطاء مادية أو بتفسيره.
المادة التاسعة
تحوز الأحكام الصادرة من هيئة التحكيم قوة الأمر المقضي وتكون واجبة النفاذ طبقاً للإجراءات المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بعد وضع الصيغة التنفيذية على الحكم بمعرفة إدارة كتاب محكمة الإستئناف..
المادة العاشرة
يجوز الطعن على الحكم الصادر من هيئة التحكيم بالتمييز في الأحوال الآتية :
أ) مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله.
ب) إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم.
ج) إذا قضت هيئة التحكيم على خلاف حكم سبق صدوره بين ذات الخصوم حاز حجية الأمر المقضي سواء من المحاكم العادية أو من إحدى هيئات التحكيم.
د ) إذا تحقق سبب من الأسباب التي يجوز من أجلها التماس إعادة النظر.
ولا يجوز الطعن على الحكم الصادر من هيئة التحكيم بأي طريق آخر من طرق الطعن.
المادة الحادية عشر
مع مراعاة حكم المادة 130من قانون المرافعات المدنية والتجارية يرفع الطعن إلى محكمة التمييز طبقا للإجراءات المقررة ذلك في القانون المذكور خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور حكم هيئة التحكيم في الحالات المبينة بالفقرات “أ” و”ب” و”ج” من المادة السابقة ويبدأ هذا الميعاد في الحالات التي يتحقق فيها سبب من الأسباب المبينة بالفقرة (د) من تلك المادة وفقاً لحكم المادة149من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ويتعين على الطاعن أن يودع عند تقديم الطعن مائة دينار على سبيل الكفالة.
ويتم قيد الطعن بالتمييز ونظره والفصل فيه طبقاً للإجراءات المقررة للطعن بالتمييز في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
المادة الثانية عشر
يعمل بأحكام هذا القانون بالنسبة لهيئات التحكيم الواردة به كما تسري عليها أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون.
وتلغى المادة177من قانون المرافعات المدنية والتجارية
المادة الثالثة عشر
يصدر وزير العدل القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون على أن تتضمن الأحكام الخاصة بتنظيم ادارة التحكيم بمحكمة الاستئناف وبتنظيم القيد في جداول المحكمين وبإجراءات اختيارهم واستبدالهم وتقرير أتعابهم.
المادة الرابعة عشر
ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد انقضاء شهر على تاريخ نشره وعلى الوزراء – كل فيما يخصه – تنفيذ هذا القانون.
مذكرة إيضاحية
لمشروع قانون التحكيم القضائي
في المواد المدنية والتجارية صدر المرسوم بالقانون رقم38لسنة1980بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية في يونيو1980ونص في الباب الثاني عشر منه في المواد من173إلى188على الأحكام الخاصة بالتحكيم الاختياري ونصت المادة 177على أنه يجوز لوزارة العدل أن تشكل هيئة تحكيم أو أكثر تنعقد في مقر المحكمة الكلية أو أي مكان آخر يعينه رئيس الهيئة وتكون رئاستها لمستشار أو قاض تختاره الجمعية العمومية للمحكمة المختصة وعضويتها لأثنين من التجار أو ذوي التخصصات الأخرى يتم اختيارهما من الجداول المعدة لذلك وفق القواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل وعلى أن تعرض على هذه الهيئة – بنير رسوم – المنازعات التي يتفق ذوو الشأن كتابة على عرضها عليها وعلى أن تسري في شأنها القواعد المقررة في الباب الثاثي عشر آنف الذكر في شأن التحكيم الاختياري وقد أصدر وزير العدل نفاذاً لحكم هذه المادة قرار رقم82لسنة1980فى1980/8/18فى شأن اختيار عضوي هيئة التحكيم المذكورة.
وقد استهدفت المادة177آنفة الذكر – كما هو ظاهر – تشجيع المتقاضين على عرض منازعتهم على تلك الهيئات.
ولكن التطبيق العملي لحكم تلك المادة كشف عن عدم إقبال المتقاضين على عرض منازعتهم عليها ولعل مرد ذلك ما وتر في الأذهان من تصور اجراءات التحكيم الاختياري بعامة والقضائي منها بخاصة عن تحقيق الهدف المرجو منها وهو سرعة الفصل في منازعات التحكيم وذلك نظرا لما تستغرقه اجراءات اختيار المحكمين ابتداء من وقت وجهد وما يترتب على طلب رد أي من المحكمين من وقف لإجراءات التحكيم ريثما يتم الفصل نهائياً في هذا الطلب وما يؤدى إليه اعتزال أو تنحي أي من المحكمين بعد اقفال باب المرافعة وبدء المداولة من تعطيل للفصل في النزاع حتى يتم اختيار محكم جديد واعادة المرافعة أمامه هذا فضلاً عن تردد المتقاضين في اللجوء إلى التحكيم بحسبانه قضاءً من درجة واحدة نظراً لما ينطوي عليه ذلك من مخاطرة تتمثل في عدم امكان تدارك ما يقع في حكم المحكمين من أخطاء قانونية إلا من خلال دعوى البطلان المبتدأة والتي قد لا تتوافر أسبابها في جميع الحالات وأيضاً فإن القضاء ببطلان حكم المحكمين بما يترتب عليه من إلغاء كافة اجراءات التحكيم التي تمت والعودة بطرفي التحكيم إلى الوضع الذي كانا عليه قبل بدء تلك الإجراءات من شأنه اهدار ما بذل في اتخاذ تلك الإجراءات من وقت وجهد بغير طائل
وعملاً على تلافي هذه العيوب في مجال هيئات التحكيم القضائي المنصوص عليها بالمادة177من قانون المرافعات المدنية والتجارية فقد أعدت وزارة العدل مشروع القانون المرافق والذي نصت المادة الأولى منه على تشكيل هيئات التحكيم الواردة به بمقر محكمة الاستئناف من ثلاثة من رجال القضاء واثنين من المحكمين يختار كل من طرفي التحكيم وإن تعددوا – أحدهما بما يعني تشكيل تلك الهيئات في جميع الأحوال من خمسة محكمين وذلك حتى تكون الغلبة في تشكيلها دائما لرجال القضاء كما أجازت تلك المادة لكل من طرفي التحكيم اختيار محكمه من بين المحكمين المقيدين بالقوائم المعدة لذلك بادارة التحكيم بمحكمة الاستئناف أو من غيرهم دون تقييده في ذلك بأي قيد بما يتيح لكل من طرفي التحكيم اختيار محكمه بحرية كاملة وفي حالة تقاعس أي من طرفي التحكيم عن اختيار محكمه خلال العشرة أيام التالية تكليفه بذلك من ادارة التحكيم تعين تلك الادارة المحكم صاحب الدور من بين المحكمين المتخصصين بموضوع النزاع لعضوية الهيئة كما نصت على ان يصدر بتعيين المحكميين من رجال القضاء في تلك الهيئات قرار من مجلس القضاء الأعلى.
وعلى أن يكون ذلك لمدة عامين من تاريخ صدوره بما يكفل سرعة تشكيل هيئات التحكيم المذكورة وبالتالي سرعة البدء في اجراءات التحكيم كما نصت على ان تعقد هيئة التحكيم جلساتها بمحكمة الإستئناف أي بأي مكان آخر يعينه رئيس الهيئة وعلى أن يقوم بأمانة سر الهيئة أحد موظفي محكمة الاستئناف.
ونصت المادة الثانية على اختصاص هيئات التحكيم بالفصل في المنازعات التي يتفق ذو الشأن على عرضها عليها واعتبر المشروع في حكم اتفاق ذو الشأن على العرض على هيئة التحكيم القضائي العقود التي تبرم بعد العمل بهذا القانون وتتضمن نصاً بحل المنازعات الناشئة عنها بطريق التحكيم ما لم ينص في هذه العقود على غير ذلك كان ينص في هذه العقود على اختيار محكم واحد أو اكثر يتم اختيارهم بمعرفة ذو الشأن أو اختيار اجراءات أخرى خلاف اجراءات التحكيم القضائي بما يعني انصراف ارداتهم إلى اعمال احكام الباب الثانى عشر من قانون المرافعات فيتعين هذا احترام ارادة الطرفين.
كما يتعين احترام الأنظمة الخاصة بالتحكيم مثل نظام التحكيم في بورصة الاوراق المالية أو نظام التوفيق والتحكيم في منازعات العمل الجماعية أو غيرها من أنظمة حيث لا يفترض في هذه الحالات اتفاق ذو الشأن على الإحالة إلى التحكيم القضائي.
كما تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تقوم فيما بين الوزارات والجهات الحكومية المختلفة أو الاشخاص الاعتبارية العامة وبين الشركات التي تملك الدولة رأس مالها بالكامل أو فيما بين هذه الشركات كإختصاص نوعي سالب لإختصاص جهات القضاء العادي بها تخفيفا للعبء على تلك الجهات وبإعتبار ان تلك المنازعات يجمعها قاسم مشترك هو أن محلها المال العام.
كما تختص بالفعل في طلبات التحكيم التي يقدمها الأفراد او ا|لأشخاص الإعتبارية الخاصة ضد الوزارات والجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة في المنازعات التي تقوم بينهم ما لم يكن قد سبق رفع المنازعة أمام القضاء بأن كانت مطروحة على المحاكم وقت طلب التحكيم أو كان قد صدر في المنازعة حكم قضائى ولو كان ابتدائياً ولكن ذلك لا يمنع من اتفاق ذوى الشأن على ترك الخصومة أمام القضاء والالتجاء إلى التحكيم طبقا للبند الأول من المادة الثانية .
وقد رؤي أن يكون فعل هيئة التحكيم في كافة هذه المنازعات بغير رسوم.
وبينت المادة الثالثة إجراءات قيد وعرض طلبات التحكيم على رئيس هيئة التحكيم فنصت على أن يقدر رئيس الهيئة المبلغ الذي يتعين على كل من طرفي التحكيم ايداعه إلى خزانة ادارة التحكيم تحت حساب أتعاب محكمه في حالة عدم وجود إخطار سابق من المحكم بأن هذه الأتعاب قد سويت وعلى مواعيد ايداع ذلك المبلغ وما يتبع في حالة تقاعس أي من طرفي التحكيم عن ايداعه في الموعد المحدد لذلك وهو عشرة أيام حيث أجازت للطرف الآخر في التحكيم – في حالة رغبته في الإستمرار في اجراءات التحكيم – ايداعه خلال العشرة أيام التالية لابلاغ ادارة التحكيم له بعدم ايداع خصمه للمبلغ المشار إليه.
وجاء ذلك استهداء بحكم المادة الخامسة من المرسوم بالقانون رقم40لسنة1980فى شأن تنظيم الخبرة والتي تجيز بايداع أمانة الخبير من أي من طرفي الخصومة إذا رغب في التمسك بالحكم الصادر بندب الخبير حتى يتمنى لهذا الأخير مباشرة المأمورية فإذا انقضى الميعاد المشار إليه دون ايداع المبلغ المطلوب من أي من الطرفين تعرض ادارة التحكيم طلب التحكيم على رئيس الهيئة للأمر يحفظه وبرد ما يكون قد أودع من مبالغ تحت حساب أتعاب المحكمين من أي من طرفي النزاع إليه.
ونصت المادة الرابعة على أنه في حالة ايداع المبلغ المخصص لأتعاب المحكمين المختارين تعرض إدارة التحكيم الطلب على رئيس الهيئة خلال الأيام الثلاثة التالية لذلك لتحديد جلسة لنظره وعلى أن تعلن تلك الادارة طرفي التحكيم بتلك الجلسة وبكامل تشكيل الهيئة خلال الأيام الخمسة التالية لتحديدها وعلى أن يتضمن الإعلان تحديد موعد لهم لتقديم مستنداتهم ومذكراتهم وأوجه دفاعهم وعلى أن يتم الاعلان بذلك طبقاً لما هو مقرر بالمادة 179من قانون المرافعات المدنية والتجارية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك
وعملاً على سرعة الفصل في منازعات التحكيم ونظرا لغلبة العنصر القضائي على تشكيل هيئات التحكيم نصت المادة الخامسة على اختصاص تلك الهيئات بالفصل في المسائل الأولية التي تعرض لها في المنازعة والتى تدخل في اختصاص القضاء المدني أو التجاري ولا يسري ذلك على المسائل الجزائية أو الأحوال الشخصية وفي الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع وعلى أنه يجوز لهيئة التحكيم أن تفصل في تلك الدفوع قبل الفصل في الموضوع أو تضمها إليه للفصل فيهما معا كما نصت على أنه يجوز لهيئة التحكيم إصدار الأحكام والأوامر المشار إليهما بالفقرات “أ”و”ب”و”ج” من المادة180من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهي المتعلقة بالحكم بالجزاء المقرر قانوناً على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة والحكم بتكليف الغير بابراز مستند في حوزته ضروري للحكم في التحكيم والأمر بالإنابات القضائية دون أن تكون ملزمة بايقاف إجراءات التحكيم في هذه الحالات للرجوع إلى رئيس المحكمة المختصة لاصدار أي من تلك الأحكام أو الأوامر على نحو ما هو مقرر بالمادة 180 آنفة الذكر بالنسبة للمحكم الاختياري.
كما تفصل هيئة التحكيم في المسائل المتعلقة بموضوع النزاع ما لم يتفق الطرفان صراحة على غير ذلك.
وعملاً علىعدم اطالة الاجراءات في منازعات التحكيم من جهة وعلى سرعة الفصل في طلب رد أي من أعضاء هيئات التحكيم آنفة الذكر مع توفير كافة الضمانات الضرورية لذلك في ذات الوقت من جهة آخرى نصت المادة السادسة على اختصاص محكمة التمييز بالفصل في هذا الطلب وعلى أن الحكم الصادر برفض طلب الرد لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن وعلى أنه لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف اجراءات التحكيم كما نصت بالمقابل على أنها إذا قضي بالرد اعتبرت اجراءات التحكيم بما فيها حكم هيئة التحكيم كأن لم تكن بما يكفل عدم تعطيل اجراءات التحكيم نتيجة الطلب رد أي من المحكمين وسلامة الأحكام الصادرة عن هيئة التحكيم في ذلك الوقت كما نصت تلك المادة أيضاً على أنه في حالة الحكم برد أي من المحكمين أو إعتزاله أو عزله لأي سبب يتم تعيين من يحل محله بذات الإجراءات التي اتبعت عند تعيينه.
وتحقيقاً لذات الغاية نصت المادة السابعة على صدور حكم التحكيم دون التقيد بمدة معينة وبأغلبية الآراء ووجوب النطق به في جلسة علنية يعلن بها طرفاً التحكيم ووجوب اشتماله على الأسباب التي بنى عليها ووجوب ايداع مسودة الحكم المشتملة على تلك الأسباب موقعا عليها من المحكمين وعلى انه اذا رفض محكم أو اكثر التوقيع على الحكم ذكر ذلك فيه وعلى اعتبار الحكم الصادر من هيئة التحكيم صحيحاً إذا وقعه أغلبية المحكمين ولو كان قد تنحى أو اعتزل واحد منهم او أكثر لأي سبب بعد حجز الدعوى للحكم وبدء المداولة بحضوره كما نصت على وجوب ايداع الحكم المنهي للخصومة مع أصل الاتفاق على التحكيم ادارة كتاب محكمة الاستئناف خلال الخمسة أيام التالية لاصداره وعلى عدم جواز نشر حكم هيئة التحكيم أو أجزاء منه إلا بموافقة الطرفين تقديراً لخصوصية الخصومة في منازعة التحكيم.
ونصت المادة الحادية عشر على ميعاد رفع الطعن بالتمييز على حكم هيئة التحكيم في الحالات المبينة بالمادة السابقة وعلى أن هذا الميعاد يبدأ من تاريخ صدور الحكم عدا الحالات التي يكون مبناها تحقق سبب من الأسباب التي يجوز فيها التماس إعادة النظر حيث يبدأ الميعاد وفقا لحكم المادة 149من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وناطت المادة الثالثة عشر بوزير العدل اصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون على أن تتضمن الأحكام الخاصة بتنظيم ادارة التحكيم بمحكمة الاستئناف وبتنظيم القيد في قوائم المحكمين وباجراءات اختيارهم أو تسميتهم واستبدالهم وتقدير اتعابهم.
كما نصت تلك المادة على وجوب أن يودع الطاعن مبلغ مائة دينار على سبيل الكفالة عند تقديم صحيفة الطعن وعلى أن يتم قيد الطعن بالتمييز ونظره طبقاً للإجراءات المقررة لذلك في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ونصت المادة الثانية عشر على إلغاء حكم المادة (177) من قانون المرافعات
وكذلك نصت على تطبيق أحكام هذا القانون على هيئات التحكيم المنصوص عليها فيه وتطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية أيضاً عليها فيما لا يتعارض مع أحكامه.
بحث قانوني كبير و دراسة حول حكم التحكيم و شروط صحته بالبلدان العربية