مواقع التواصل الاجتماعي وحدود حرية الرأي والتعبير نحو قانون دولي للانترنيت
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
عبد القادر الادريسي العرابي
طالب باحث. كاتب راي
لا يمكن عزل التطورات السريعة والمذهلة التي تعرفها تكنولوجيات الإعلام والاتصال، عن سرعة التغيرات التي مر ويمر بها النظام العالمي الجديد. في رحم هذه التغيرات المتوالية والسريعة. حدث التحول المفاجئ والرهيب لوسائل الإعلام الحديثة , بدأت هذه الأخيرة، كسلطة رابعة وهي تعيش اليوم تحولا في اتجاه تكريس نفسها كسلطة خامسة شديدة البأس مهابة الجانب، لكنها في الآن ذاته أصبحت موضوع إزعاج وأحيانا انتهاك لحقوق الإنسان وخرق حرمات حياته الخاصة تحت مبرر حرية الإعلام، وحرية الرأي والتعبير، وحرية النشر وتداول المعلومات. من هذا المنطلق يطرح كيف تعاملت قواعد القانون الدولي، وقواعد القانون الوطني الداخلي، مع مفهوم ومنطوق حرية الرأي والتعبير التي جعلتها وسائل الإعلام الإليكتروني حرية غير محدودة ومطلقة؟ لكن هل فعلا هذه الحرية هي أصلا مطلقة، أم أنها مقيدة في جميع الحالات، سواء تعلق الأمر بمواقع التواصل الاجتماعي، أم بالصحافة المكتوبة والسمعية البصرية؟ [1]
إن علاقة موضوع حقوق الإنسان وعلى الأخص علاقة حرية التعبير بالانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي، هي علاقة تماس و ترابط واحتكاك بالعولمة[2].
فحرية التعبير، ومواقع التواصل الاجتماعي آليتان تتجاوزان إطار الدول الأمم، ولكل منهما خصوصياته، فحرية التعبير وحقوق الإنسان محكومة بفضاء إنساني، وتصور حقوقي، في حين أن مواقع التواصل الاجتماعي محكومة بما هو تقني تكنولوجي، ولا يهمها ما هو إنساني، لذلك يطرح كيف يمكن التوفيق بين الاثنين، بما يجعل الأولي لا تتغول , فتتعسف عند استغلالها لما تتيحه الثانية من قوة الانتشار، وقدرة الإفلات من المراقبة.
الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مادة تجارية رقمية
إن احترام حرية التعبير وحقوق الإنسان في شموليتها، تتطلب تضامنا كاملا يتجاوز سيادة الدولة بمفهومها الجامد، كما صيغ في صلح وستڤاليا” سنة 1648. ذلك لأن شبكة التواصل الاجتماعي، أصبحت أداة عابرة للقارات، لا تعترف لا بالسيادات، ولا بالحدود التي تخترقها ملايين المرات في اليوم الواحد، إنها تنقل المعلومات، وتتداولها، بدون حواجز ولا قيود نحو مختلف بقاع العالم، فأنشأت ما سماه فعلا “ماكلوهان” بالقرية الاليكترونية. ما جعل مفهوم الدولة الأمة ذات السيادة المطلقة محل نقاش وتساؤل[3]. لقد أصبح اليوم الفرد الإنسان هو مركز اهتمام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاعلام. فصارت حقوقه، و حريته في التعبير، من الامور المفروض ضمانها، وحمايتها من أي انتهاك، وبأي وسيلة كانت، لكن الانترنيت حطم المبادئ التي على أساسها قام النظام الوستڤالي، بعدم اعترافه بالحدود، ولا بالسيادات.
إن حرية التعبير ومواقع التواصل الاجتماعي مؤسسان على مبدإ شامل يتجاوز إطار الدول الأمم، ولكل منهما خصوصياته، فحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان في شموليتها تتطلب تضامنا دوليا كاملا، يتجاوز سيادة الدولة بمفهومها الجامد الوستڤالي[4].
إذا كان ذلك كذلك فهل لازال هذا المفهوم مقبولا مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وهل لازالت إطلاقية سلطة الدولة القضائية قائمة.
ما نود التأكيد عليه في هذا الصدد هو أن الفضاء الافتراضي، لا يعترف بظاهرة الحدود ولا بقيود السيادات التي توجد في الفضاء المحسوس الفيزيائي، وفي الواقع أن تطور شبكات التواصل الاجتماعي والفضاء الافتراضي’ قد صار تبادل المعلومات فيه، وتداولها وتبادل الأخبار يتم بدون رضى الدولة ورغما عن أنفها، ولا يمكن لتلك المعلومات بأي حال أن تقف عند حدود دولة أخرى.
قد ينص قانون دولة ما على منع إعلان نتائج الانتخابات قبل إغلاق صناديق الاقتراع، لكن قد يمكن إعطاء هذه النتائج في بلد آخر غير البلد الذي أجريت فيه بالاستناد مثلا على استطلاع لرأي يؤكد على فوز مرشح ما، ويتم ذلك بواسطة موقع اجتماعي مثلا في بلد آخر غير الذي أجريت فيه الانتخابات. فإذا كان الأمر يخص فرنسا التي تمنع اعلان نتائج الانتخابات إلا بعد إغلاق مكاتب التصويت على الساعة الثامنة، فإن هذه النتائج قد تعطى قبل ذاك في سويسرا المستضيفة للموقع المومأ إليه في الساعة السابعة، دون أن يكون هناك مساس بصدقية، ولا شرعية هذه الانتخابات، قد يحصل ذلك عند تسريب نتائج الاستطلاع من طرف مبحر عبر الشبكة العنكبوتية سواء بحسن نية أو بسوء نية.
أولا: القانون المطبق على مواقع التواصل الاجتماعية: بين المسؤولية وحدود التعبير الحر:
هناك إشكال قوي الحضور مرتبط بمواقع التواصل الاجتماعي، وبالقانون المطبق عليها، فمادام الأنترنيت هو وسيلة اتصال وإعلام مثله مثل بقية الوسائل الأخرى السمعية البصرية والورقية، فإنه قد يطبق عليه القانون الخاص بالإعلام و الاتصال، فإذا ما استحضرنا القانون المغربي 77-00 المادة 38 وبقية المواد الأخرى نجده يؤكد على تعبير ” …. أو بكل وسيلة اليكترونية” ومعنى ذلك أن ما ينطبق على الصحافة المكتوبة ينطبق على الإعلام الإلكتروني.[5]
إن القانون الوطني الداخلي للإعلام، وكذلك القانون الدولي للإعلام هما قانونان شاملان، وأحيانا فضفاضين، مصادرهما متنوعة وأيضا موضوعاتهما، ولهذا فإن موضوع الضبط، والتنظيم الدولي للانترنيت، لم تهتم به الوثائق الدولية المنظمة لهذا الفضاء [كما سنرى فيما بعد] إلا فى أمور محددة ومضبوطة، وعلى صلة بما طرأ من تحولات دولية بعد نشوء النظام العالمي الجديد، وبعد تيسير انتشار الطرق السيارة للانترنيت.انه على إثر أحداث 11 سبتمبر صارت تظهر القوانين المنظمة للانترنيت بكثافة، وبالخصوص القوانين الزاجرة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التواصل، وفي التحضير، وفي التنظيم، والتهيء للعمليات الإرهابية.[6]
وطرحت في هذا الصدد قضايا ترتبط بما كان مسجلا في القوانين الداخلية للإعلام والمقيدة لحرية الرأي والتعبير، مثل السب والقذف، والمساس بالحياة الخصوصية وكلما يتعلق، بالقاصرين والإخلال بالنظام العام، وسيادة وأمن الدولة… الخ. وهي أمور غالبا ما يتم ترديدها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وهي كلها تدفع إلى مراقبة محتوى ما يتداول على شبكة التواصل الاجتماعي. ولكن ما هي حدود هذه المراقبة في علاقتها بالمسؤولية؟
إن مراقبة محتوى ومضمون الرسائل التي يتم نشرها وبثها على الشبكة العنكبوتية التي قد تتخذ في كثير من الأحيان بعدا وطابعا دوليا، قد نجد له جذور متأصلة في القانون الداخلي للإعلام، أو في قانون العقوبات’ لكن هناك إشكال يطرح بحدة بصدد التشريعات الداخلية في هذا المضمار، و هو كونها في حاجة إلى اجتهاد وإلى جهد من أجل نسج انسجام فيما بينها، والمقصود هنا بالأساس، احترام بعض المبادئ المرتبطة بالتداول الحر للمعلومات[7]، واحترام القضايا الجوهرية والعميقة ذات الصلة بحقوق الإنسان، وعلى الخصوص حرية الرأي والتعبير.
ومن المعلوم أن حرية التعبير والاتصال باعتبارها حرية أصيلة لها حضور شامل وجامع على الشبكة العنكبوتية، أكثر مما هو عليه الأمر في الوسائل الأخرى[8]، وعليه فهي كأية حرية ليست أبدا مطلقة بل محدودة ومقيدة بموجب قواعد القانون وملازمة بشكل حتمي للمسؤولية إن على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي.
فالقانون الدولي يؤكد على نظام المسؤولية كشرط ملازم للحرية، بمعنى أنه مقابل حرية التعبير والاتصال ينتصب الى جانبها الشرط الواقف الذي هو المسؤولية، سواء تم التعبير بالصحافة المكتوبة أو السمعية البصرية، أو كان عبر الصحافة الاليكترونية. يتم التأكيد على ذلك في مختلف الإعلانات الدولية الكبرى, وفي الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي تتناول الحدود التي تقف عندها حرية التعبير، وهي جميعها لا تميز بين هذه الدعامات وبين الانترنيت[9].
وهكذا مثلا إذا كانت الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان تؤكد على حماية حرية التعبير وحرية الرأي والإعلام، فإن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان قد جاءت كميكانيزم فوق وطني أوروبي يتدخل لحماية هذه الحرية، إن لم يتم إنصاف المتضررين منها على المستوى الوطني، ويشمل ذلك الانترنيت كوسيلة اتصال جديدة، الذي يخضع كذلك للمراقبة القضائية لهذه المحكمة[10]، [ ولو أنه لم تعرض على المحكمة إلى حدود منتصف الألفية الثالثة أية حالة من هذا القبيل].
ثانيا:مواقع التواصل الاجتماعي بين التأطير المرن والتأطير الجامد
أضحت مواقع التواصل الاجتماعي محل تقنين ومراقبة، إما متشددة أو مرنة، وتصطدم هذه المراقبة بمبدأ أساسي من مباديء حقوق الإنسان، أي بحرية التعبير، وهو مبدأ يمتد ليشمل الانترنيت وشبكات التواصل الإجتماعي. ونظرا لأهمية حرية التعبير على شبكة التواصل الاجتماعي، فإنه على المستوى الدولي، قد أصدر مجلس حقوق الإنسان قرارا بتاريخ 5 يوليوز 2012 يؤكد على الحق في حرية التعبير على الانترنيت وعلى مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
فطوال السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين تزايد عدد الحكومات التي تتخذ إجراءات لمنع عرقلة المواقع الاجتماعية والتي تعمل على تنظيم وتقنين الولوج إلى الأنترنيت[11].
لقد أوضحت الدراسة التي أنجزتها منظمة ” فريدوم هاوس” سنة 2009، وكذلك الدراسة التي أنجز”الأوبين نيت إنيساتيف” “open Net Iniciative” المتعلقة بالمؤشر العالمي حول الحرية على الأنترنيت، أبانت الدراسات إياها أنه في البداية كانت هناك مجموعة ضئيلة من الدول التي تراقب وتقيد الحرية على شبكة الانترنيت، وتراقب المحتوى بصرامة، لكن يلاحظ أن ذاك العدد الضئيل قد تضاعف مثلا في سنة 2007 ليتجاوز 40 دولة وبينت هذه الدراسات أن الرقابة على الأنترنيت ليست حكرا على الدول غير الديمقراطية بل امتدت حتى إلى الدول التي تعتبر نفسها ديمقراطية. ومن ثمة لم تعد مراقبة المحتوى بالخصوص بعد تفاقم الظاهرة الإرهابية والتطرف، والدعوة إلى العنف حكرا على النظم التسلطية المولعة بخنق الآراء السياسية وكتم الأصوات المعارضة.
في الواقع هذه الممارسات نجدها منتشرة في كل مكان عبر العالم، وتلجأ إليها الدول الديمقراطية كما الدول التسلطية، وتلجأ إليها الدول المتقدمة كما الدول المتخلفة.
– إن هيمنة الدولة على شبكة مواقع التواصل الاجتماعية، قد تكون على صورة الاحتكار، أو على شكل تأطير قانوني، يحكم قبضة التضييق على الانترنيت وعلى استخداماته، ما يضفي الشرعية على مراقبة الاتصالات عبر سلسلة من القواعد القانونية، قد يمتد مفعولها ليصل إلى ممارسة الضغط على المواطنين عبر رقابة محتوى مراسلاتهم’ وهناك نماذج من احتكار الدولة للبنية التحتية لشبكات التواصل الاجتماعي، حيث تسيطر الدولة بواسطة سلطاتها العمومية سيطرة كبيرة على هذه المواقع: كما أن هناك عدة نماذج وحالات، تظهر فيها هذه المراقبة.
– ولعل حالة الصين، تعتبر دالة في هذا المضمار، بحيث تراقب الحكومة والحزب مختلف نقط الولوج إلى الانترنيت. وينطبق نفس الأمر على حالة الڤيتنام حيث تراقب الحكومة والحزب الدخول إلى الانترنيت[12]. ووضع لذات الغرض جهاز إداري، من أجل مراقبة الاستخدام والدخول لمواقع التواصل الاجتماعي.
والملاحظ أن البحرين تمارس ذات السلوك بوضعها اليد على الانترنيت وشبكة التواصل الاجتماعي ويتم ذلك بتواجد أعضاء من العائلة المالكة كطرف في المجالس الإدارية للأجهزة والمؤسسات التي تراقب الانترنيت، ومن ثمة ممارسة التأثير على استخدامه في البلاد.
– وإلى جانب المراقبة والتحكم عن طريق الاحتكار ووضع اليد على الانترنيت طورت مقتضيات معقدة، ومشددة للرقابة تسمى: Grert firval of china . يتعلق الأمر هنا بعدة مكاتب إدارية تابعة للدولة لكل منها مهمة خاصة برقابة الاتصالات، مثل مكتب الانترنيت، ومكتب دراسة الرأي العام بالإضافة إلى سلسلة من المؤسسات، والمكاتب التي يدخل ضمن مهامها رقابة الانترنيت، بما فيها مراكز تسجيل المعلومات غير القانونية التابعة لوزارة صناعة الإعلام.
– وإلى جانب هذا قد تلجأ بعض الدول إلى إخفائها العداء للانترنيت إلى صياغة قواعد قانونية تستند عليها لكي تفسر حق لجوئها إلى المراقبة المحظورة، والغير المباشرة للانترنيت، وحتى إلى منع المواقع الاجتماعية استناداً على القواعد القانونية إياها. لقد منعت روسيا مثلا الفيس بوك تحت مبرر أنه خرق القانون الجاري به العمل[13].
ومن المعلوم أن هناك شركات قد تمنح بشكل عفوي خدماتها التقنية الخاصة بمراقبة الانترنيت، وهي الشركات التي سماها تقرير مراسلون بلا حدود[14] بالمؤسسات العدوة للانترنيت، [أو مرتزقة النيت]، تبرم هذا الشركات عقود مع الدول التي تضيق المراقبة على حرية التعبير على الانترنيت، ومن بين هذه الشركات « Amenys » وهي فرنسية، أبرمت عقودا مع الجهاز الأمني السري في ليبيا أيام القدافي، وكانت هذه الأخيرة موضوع تحقيق من قبل القضاء الفرنسي تحت مبرر تورطها في ممارسة التعذيب، وكانت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان طرفا مدنيا في هذه القضية.
– وهناك كذلك الشركة الجرمانية– البريطانية « GAMMA » متخصصة هي الأخرى في حجب الانترنيت وقد قدمت خدماتها للبحرين ولمصر.
-أما شركة Hacking- team فإنها هي كذلك مثل بقية هذه الشركات باعت للإمارات والمغرب نظامها « Davinci »
-إذا كانت هذه الدول لجأت إلى إسكات صوت الشبكة العنكبوتية، فإن هناك دول أخرى لجأت إلى فرض رسوم باهظة الثمن على الولوج إليه، هنا تحضرنا تجربة تركمنستان” على الخصوص،وتجربة الصين التي لجأت كذلك لمثل هذا الأجراء. لكن هناك دول أخرى لجأت إلى استعمال “كلمات مفتاح « mots clés »، تستخدم لدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إن مثل هذه الإجراءات، لمن شأنها تقييد حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي وتفرض عليها ستارا حديديا من الرقابة، لكن مع ذلك تبقى هذا المواقع أداة تعبير وتحريك، ومطالبة وإثارة الانتباه من أجل مزيد من الديمقراطية وحماية حقوق التعبير، وحقوق الإنسان[15].
تتضمن الانترنيت عدد من الوسائل المختلفة لتنظيم البيانات ونقلها، والوصول إليها، ويتضح من هذا أن الانترنيت ليس وسيلة اتصالية مشابهة للوسائل الاتصالية الأخرى، ذلك أن هذا الأخير يتضمن خصائص متعددة إضافة إلى ما هو مضمن في وسائل الاتصال الأخرى، سواء المطبوعة منها أو المداعة، أوالمرئية,
وحيث أن الانترنيت هو وسيلة اتصال جديدة، تتوفر على هذه المزايا، فإنه من الضروري البحث في كيف ينبغي التعامل مع الشبكة العنكبوتية التي تعرض أنماطا عديدة من البيانات تحتوي على النصوص والصور والصوت ولقطات الڤيديو، والاتصال التفاعلي، إن ذلك ما حدا بقادة العالم إلى وضع سياسات عمومية للتعامل معها. فعقدت الدول الصناعية السبع، المؤتمر الوزاري لمجتمع المعلومات سنة 1996،[16] وفيه تم الاتفاق على مجموعة من المبادئ: ضمنها تشجيع المنافسة والاستثمار- وتحديد إطار عمل تنظيمي ملائم- وإتاحة الوصول المفتوح إلى الشبكات، ضمن الوصول العالمي للشبكة العنكبوتية، ودعم المساواة في الفرص والتعددية في المحتوى[17].
– ولكن ما هي العلاقة بين هذا الكلام وبين موضوع حرية التعبير على شبكة الانترنيت؟
على الرغم من أن توصيات المؤتمر لم تهتم كثيرا بحرية التعبير إلا أنه لم يتعرض لها بعبارات واضحة ومحددة في توصياته ما أدى إلى حصول بعض من خيبة الأمل لدى منظمات حقوق الإنسان، التي حثت المؤتمرين على أن يكون هناك مثل هذا التأكيد، لكن مع ذلك فإن الهدف النهائي من المؤتمر هو العمل على تدعيم تعددية المحتوى والتي لا يمكن إنجازها الا من خلال التعبير الحر في كل أنحاء العالم[18].
ويتضح هذا من خلال خطاب “الگور” نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كلينتون، الذي شدد فيه على “أن الاتصال العالمي بصدد حماية حرية التعبير وتوسيعها لكل مواطنينا، وتمكين الأفراد من خلق المعلومات التي يحتاجونها ويرغبون فيها من خلال الفيض الهائل من البيانات التي يتلقونها لحظة بلحظة”[19].
وبدون شك أن الأنترنيت هو مجال خصب لحرية التعبير وسيادتها لذلك فإن تقنيات ترشيح المحتوى أو مراقبته، عندما يتم اللجوء إليها فإنها لا تتوافق مع مبادئ التعبير الحر لأن ذلك يؤدي إلى إعاقة قدرة مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي على نشر واستقبال أوجه التعبير المختلفة التي تلقى حماية دستورية[20].
لقد سعت الحكومات إلى الحد من الانفجار الإعلامي على الشبكة العنكبوتية العالمية فوضعت القيود على مضمون الانترنيت، تماما كما فعلت من قبل على كل وسائل الاتصال منذ ظهور المطبعة مع “كوتنبرغ” في القرن 15، واليوم يتم تنظيم الرسائل الإعلامية في كل دول العالم بقوانين موروثة عن الصحافة المطبوعة والسمعية البصرية، وامتدت لتشمل الانترنيت والشبكة العنكبوتية، وهي تتذرع بمبرر حماية الجمهور، والأفكار الهدامة، أو حماية الأمن العام للدولة والنظام العام والصحة العامة، والأمن القومي… إنها ذات العبارات التي نصادفها في كل القوانين الوطنية المنظمة لحرية التعبير، كما في القانون الدولي للإعلام والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وفي الغالب يكون اللجوء إلى فرض الرقابة على حرية التعبير على المواقع الاجتماعية تحت مبرر حماية الأطفال، وإيقاف الإرهابيين، ومحاربة المنادين بالعنصرية[21]، والكراهية وهي ذرائع تتناقض وحرية التعبير على شبكة الانترنيت، إذا ما استخدمت بسوء نية، وبمبرر التضييق على حرية التعبير، يلجأ إلى هذه الرقابة حتى في الدول الديموقراطية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث صدر هناك في سنة 1996 قانون للرقابة على الانترنيت وهو “قانون لياقة الاتصالات”[22]. وقد ادعى أن هذا القانون يحمي القاصرين من المواد “الغير اللائقة”، كما صدر في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2001 في عهد إدارة جورج بوش الابن” قانون لمكافحة الإرهاب الإليكتروني” الذي سمح بمراقبة الاتصالات الإليكترونية، بدعوى تعقب الإرهابيين المشتبه فيهم، وقد جاء هذا القانون متزامنا مع أحداث 11 سبتمبر 2001، ولذلك لم يتم إلغاؤه من طرف المحكمة العليا الاتحادية كما فعلت مع قانون 1996.
عملت دول أخرى ديمقراطية بعد تفجيرات نيويورك على ممارسة الرقابة على الانترنيت، وكمثال على ذلك ما قامت به شركة الهاتف الألمانية من إعاقة الوصول إلى كل المواقع التي تستضيفها، بالخصوص ذات الأصل الأمريكي، وذلك بهدف منع الألمان من الدخول والإطلاع على الدعاية للنازية الجديدة.
يجب التأكيد على أن القيام بممارسة الرقابة على الانترنيت بشكل عشوائي وتحت مبررات واهية، قد تؤدي إلى المساس في العمق بحرية التعبير المنصوص عليها في الدساتير الوطنية وفي المواثيق والعهود الدولية. لكن بما أن الانترنيت لا تعترف لا بالحدود ولا بالسيادات فإن قوانين الرقابة عليها قد تساعد وتقوي انتهاك، وقمع حرية التعبير على الصعيد الوطني، كما قد تؤدي إلى تهديد وتجميد هذه الحرية على الصعيد العالمي، وربما عملت على تجميد البنية التحتية المعلوماتية العالمية، المؤثرة دوليا على حقوق الإنسان وتقدمها.
ثالثا:القيود المفروضة على حرية التعبير.. التطور والمرجعية
ألا يمكن أن نربط بين ما يجري اليوم من تحول وتطور في مجال حرية التعبير، بفعل تكنولوجيات الإعلام والاتصال وما عرفته حرية التعبير عن الرأي، وحرية الإعلام من حدود و قيود مفروضة عليها، في ظل فكر وفلسفة الأنوار؟ ألم تكن أفكار “ميلتون” منذ 1644 تنادي بضرورة فرض قيود على هذه الحرية حتى لا تتغول على الحياة الخاصة للأفراد، ألم يكن لأفكار “جون لوك” ورسو- و مونيسكيو و ڤولتير، و”ستوارت ميل”، تأثير على فرض بعض القيود على حرية التعبير حتى لا تنتهك الحقوق الطبيعية للأفراد.[23]
لاشك أن المسافة الزمنية الفاصلة بين لحظة ظهور فكر الأنوار، ونشوء النظام الدولي الويستڤالي سنة 1648، الذي في رحمه نشأ مفهوم الدولة الأمة، ولحظة ظهور تكنولوجيات الإعلام و تأثيراتها على حرية التعبير وعلى الحياة الخصوصية منذ سنوات 1967 و 1968 و 1973، هي لحظات أساسية لمعرفة كيف فرضت القيود على هذه الحرية سواء على الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد.
وقد عرف تقنين حرية الرأي والتعبير عبر هذه المسافة الزمنية الممتدة منذ ذاك إلى اليوم 2015 تطورات وتأثيرات متسارعة لم تكن متخيلة.
إن القراءة الممعنة لأفكار ميلتون 1644، مقارنة بما جاءت به الإعلانات الثورية البورجوازية عقب الثورات سواء في أوروبا أو في أمريكا، تبين الحدود والقيود المفروضة على حرية التعبير والإعلام، لقد كانت “وثيقة الحقوق” الناتجة عن الثورة البريطانية لسنة 1688، فيها بعض من الذي نجده في وثيقة يونيو 1776 بفرجينا، وبعض من تصريح الاستقلال الأمريكي 1776، من حيث التشديد على حرية التعبير، ولكن كذلك على حدود هذه الحرية، التي ليست كليا مطلقة، بل محددة بحدود، وربما أن التصريح الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن كان أكثر دقة وتوضيحا لهذه القيود والحدود، إن هذا الأخير شدد على ما جاء به ميلتون بصورة أكثر تدقيق[24].
إن حرية التعبير عرفت تحولات وتغيرات متتالية ما بين القرن 17 والألفية الثالثة، وقد سعت باستمرار إلى التكيف مع واقع الفكر الليبرالي، بالخصوص مع تطوراته الحديثة، ومع انتشار أنواع جديدة من الدعامات السمعية البصرية فالاليكترونية. لقد صار الوقع القانوني المنظم لحرية التعبير تبعا لذلك موضوع تطورات متوالية ما بين 1648، عند نشوء نظام وستڤاليا حتى تسعينيات القرن الحالي،و نشوء النظام العالمي الجديد، وظهور الطرق السيارة للمعلوميات والانترنيت. من هنا تطرح تساؤلات عميقة اليوم تهم تنظيم وتقنين ما يجرى في ظل عالم، ساهم الاستخدام الكثيف فيه لوسائل التواصل الاجتماعي على إلغاء الحدود وتعطيل مفهوم السيادات، التي صارت في ظله عمليا بلا معنى، إذ أنها اخترقت بواسطة هذه الوسائل والتقنيات الجديدة.
– معضلة هذه التكنولوجيات حاليا هو أنها، لم تكن كما كانت في السابق في ظل تنظيم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية، اليوم هناك تطور رهيب لهذه التكنولوجيات، التي تتنامى وتتطور بسرعة البرق بينما أن المواكبة التشريعية القانونية لها تتطور بشكل بطيء وبين السرعتين بون شاسع، وبينهما تنتهك حرية التعبير وحرية الإعلام، وتتغول هذه التكنولوجيات حد انتهاك كافة الحقوق الإنسانية[25].
رابعا: حدود حرية التعبير على شبكة التواصل الاجتماعي
إن القوانين المنظمة لحرية الإعلام وحرية التعبير، والتي تهم مجالات الإعلام المكتوب، والإعلام السمعي البصري، تتعرض وباستمرار لحدود هذه الحرية وللقيود المفروضة عليها بموجب القانون. هذه القيود تشمل كذلك حرية التعبير على الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي، وبالإضافة إلى ذلك هناك قوانين خاصة بهذه الأخيرة، تمت صياغتها، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي. ومضمون هذا الكلام هو أن مجال الانترنيت ليس فضاء فوضويا غير خاضع للقانون، وفيه يشعر المبحرون أنهم مجهولين وغير محددي الهوية- أو هكذا يظنون- ومن تمة شعورهم الزائد بالحرية التي يمنحها لهم استعمالهم للأنترنيت، ويتعسفون في استخدام هذه الحرية، لكن هذا الفضاء في الواقع ليس محل فوضى وغير خاضع للقانون، إن هذا الشعور ناتج عن الفكرة الخاطئة التي كونوها على الانترنيت[26].
يقتضي الخوض في هذا الإشكال طرح سلسلة من التساؤلات، تشدد على: كيف يمكن جعل حرية التعبير على شبكة التواصل الاجتماعي محكومة بالقانون؟ وكيف يمكن تطبيق ما يحكم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية على هذه الوسيلة الجديدة؟ وبمعنى آخر كيف يمكن تكييف المبادئ الواردة في الإعلانات الثورية والقوانين التقليدية مع واقع شبكات التواصل الاجتماعي؟
إنها سلسلة من الأسئلة تتزاحم بحثا عن حلول شاملة مرضية ومقنعة. استنادا على ما هو مدبج في وثائق الإعلانات الثورية المتمخضة عن الثورات البورجوازية، وفي نصوص الدساتير، وأيضا في القوانين الوطنية وفي قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان وللإعلام.
– فلو رجعنا مثلا إلى فرنسا، سوف نجد أن هذه الحرية مؤكد عليها في المادة 11 من التصريح الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 وهذا التصريح يعتبر ذا قيمة دستورية[27]، وتنص هذه المادة على: “أن تداول الأفكار والآراء، يعتبر من الحقوق الأساسية، والثمينة للإنسان، ولذلك فإن لكل مواطن الحق في أن يتكلم وينشر بحرية”.
هذه الحرية التي كانت في الماضي تهم الكلام والنشر والتواصل عبر وسائل الإعلام التقليدية وبالخصوص الصحافة الورقية، قد امتدت اليوم لتشمل شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت. إن ذلك ما أكد عليه قرار صادر عن المجلس الدستوري الفرنسي بتاريخ 10 يونيو 2009 معترفا بحرية الولوج إلى الانترنيت استنادا على مضمون المادة: 11 من التصريح الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن. كما أن كل النصوص القانونية الدولية التي صادقت عليها فرنسا، وأدمجتها في تشريعها الداخلي، تؤكد على ضمان حرية التعبير، عبر وعلى كل الدعامات، بما فيها الدعامة الإليكترونية ويدخل ضمن هذه النصوص المادة: 10 من الاتفاقيات الأوروبية لحقوق الإنسان لسنة 1950، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.[28]
-إذا كان ذلك هو واقع الحال في فرنسا، فكيف تم التعامل على هذا المستوى مع حرية التعبير في الولايات المتحدة؟
معلوم أن حرية الرأي والتعبير كما سائر حقوق الإنسان لم يرد بشأنها نص في الدستور الأمريكي سنة 1787 ولكن هناك إشارات إليها في وثائق أخرى مثل وثيقة الحقوق في فرجينيا في يونيو 1776، وفي تصريح الاستقلال الأمريكي في نفس السنة. إن حرية الرأي والتعبير مثلها مثل بقية حقوق الإنسان في أمريكيا، لم تدخل إلى الدستور إلا بعد إدخال التعديلات العشر عليه، فكان أول هذه التعديلات هو التعديل المتعلق بحرية الرأي والتعبير المدخل على الدستور في سنة 1793. ويشير هذا التعديل إلى منع التشريع في هذا المجال وعدم إصدار أي مقتضى قانوني من شأنه تضييق فضاء حرية التعبير الرحب، ويؤكد على:
“لا يمكن للكونغريس أن يضع أي قانون من أجل إضفاء إطار مؤسسي على ديانة ما: أي إصدار أي قانون يمنع ممارسة ديانة ما، أو أي قانون من شأنه التضييق على حرية التعبير وحرية الإعلام، أو يضيق من حق المواطنين في الاجتماع السلمي، أو أن يتقدموا بعرائض إلى الحكومة بغية إصلاح أخطائها الناتجة عن ممارسة التعسف. يتضح من هذا أن حرية التعبير لا تحتمل اي ضغط أو قمع”.كما يتضح منه أن حرية التعبير في الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ يكاد يكون مطلقا، لأنه غير متبوع بأية حدود، ولا مقيد بأية قيود، وهو شامل لأي وسيلة إعلامية، من تمة يمتد إلى وسائل التعبير الإليكترونية، إلى الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي[29]. ولكي يوضع الحد لأي جدال في هذا المجال، فإن الكونغريس الأمريكي قد أصدر قانون دال على ذلك « Global internet freedom act » أي “قانون الحرية الشاملة للانترنيت” في 4 أبريل 2013- وهو يهدف إلى حماية حرية التعبير على الانترنيت للمواطنين الأمريكيين ويؤكد في نفس الآن على الجانب الدولي في حماية واحترام حرية التعبير بإشارته إلى امتداد هذه الأخيرة إلى حماية حرية التعبير على الانترنيت.
خامسا:القيود على حرية التعبير بالاستناد إلى القانون الدولي
إذا كانت هذه الدول تضمن حرية التعبير، وتعلي من شأنها، وتعتبرها حرية أساسية، فإنها في الآن ذاته تعتبر أن هذه الحرية ليست حرية مطلقة، وبالتالي قد أخضعتها وفرضت عليها سلسلة من القيود. هذه القيود تكون مبررة في العادة بالمساس بالنظام العام– والصحة العامة- وبأمن الدولة الداخلي والخارجي أو بحماية الأطفال القاصرين- وحماية الحياة الخصوصية للآخرين.
ويضاف إلى هذه السلسلة، قضايا أخرى تهم، منع وسائل الإعلام المكتوب والسمعي البصري والاليكتروني: من الدعوة إلى الحروب، والإرهاب، والدعوة إلى الكراهية، وإلى العنصرية، بمختلف أنواعها، وإلى التمييز الديني والعرقي.. إلخ. وانطلاقا من هذا فإن حرية التعبير على المواقع الاجتماعية خاضعة لهذه القيود، بفعل ما تضمنته القواعد القانونية الدولية التي تعتبر كون المجالات إياها، منصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بالخصوص المادة 19 منه، التي تؤكد على أن حرية التعبير قد تفرض عليها بعض القيود، ويتم ذلك بموجب القانون: عندما يتعلق الأمر- بالحياة الخصوصية للآخرين- بمنع المساس بالنظام العام للدولة- بأمن الدولة الداخلي والخارجي[30].
لكن ألا تعتبر بعض التعابير والمبادئ الواردة في هذه المادة جد فضفاضة، ويمكن أن ندخل تحتها ما شئنا متى ما شئنا، من أجل تقييد حرية التعبير. بمعنى آخر ألا يمكن اعتبار مفهوم النظام العام، ومفهوم أمن الدولة، مفاهيم فضفاضة، قد يمكن التعسف والتوسع في تفسيرها، سواء من طرف السلطات الإدارية أو من طرف القضاء نفسه؟ أليس من الضروري تحديد هذه المفاهيم بدقة منذ ديباجة الاتفاقية، أو على الأقل في ديباجة القانون الوطني المنظم للإعلام والاتصال، وقوانين الانترنيت[31].
هل يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أن تحرض على الحروب والإشادة بها، أو تحرض على الكراهية الدينية، وعلى العنصرية العرقية و الاثنية، وعلى التمييز الديني والعرقي، ألم تعتبر المادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية ذلك كقيد على حرية التعبير.
إن قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، الواردة في مختلف الاتفاقيات الدولية جميعها تردد وتكرر وأحيانا بنفس التعابير مضمون المادتين 19 و 20 من العهد الدولي لحقوق الإنسان، ما يعني كون ما هو وارد في هذين النصين يدخل ضمن القواعد القانونية الدولية الآمرة [32]« impératives » فإذا رجعنا إلى اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 نجد المادة 12 تردد مضمون المادة 19، كما أن اتفاقية منع التمييز ضد المرأة تشدد على نفس التعابير، ونفس الاتجاه ذهبت فيه اتفاقية حقوق جميع العمال المهاجرين وذويهم. كل هذه الوثائق تردد محتوى المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ونجد ذات الشيء يتكرر في المواثيق الإقليمية، في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1950، المادة 10 وفي الاتفاقية الأمريكية الصادرة في 1969 في سان خوزي بكوستاريكا، المادة 13، وفي الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب 1981 وفي الميثاق العربي الصادر سنة 2004 المادة 32. هذه الوثائق الإقليمية تكرر بالحرف مضمون ومنطوق المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
يستشف من هذه النصوص ذات الطابع الدولي أن الانترنيت مشمول بأحكامها، وبالضمانات التي توفرها، مثله مثل الدعامات الأخرى. وعلى الرغم من كون منطوق هذه القواعد القانونية الدولية، لا تنص على حرية التعبير على الدعامات الإليكترونية، ومن كونها لا تستهدف التعبير الاليكتروني في متن نصوصها، لكن تأكيدها على الحق في البحث عن المعلومات والأفكار، واستقبالها، ونقلها عبر أية وسيلة إعلامية بغض النظر عن الحدود الجغرافية قابل لكي يشتمل ضمنا التعبير على الانترنيت.
لقد أكدت سياسة الانترنيت المفتوحة، والمعلن عنها في مارس سنة 1997 من قبل مجموعة عمل تضم خبراء أوروبيين، ومن أمريكا اللاتينية على أن الانترنيت” لم توجد في فراغ تشريعي” وبالتالي فإن مجاله ليس فضاء غير خاضع لأي قانون، إذا كان الواقع ليس كذلك فإن القوانين الموجودة يمكن، بل يجب أن تقوم بتنظيم التعامل مع هذا الوحش الاليكتروني بنفس الدرجة التي يتم بها التعامل مع وسائل الإعلام الأخرى، ولا ضير أن تكون هذه القوانين مختلفة من دولة إلى أخرى، لكنها على الرغم من ذلك مفروض فيها أن تتواءم مع التزامات حقوق الإنسان، المدمجة، في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بل أن تكون متواءمة مع كل وثائق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
سادسا:قيود حرية التعبير بين إكراه التطور التكنولوجي والواقع القانوني
لقد تأثرت كل التشريعات على الصعيد الوطني والكوني بالخصوص بعد نشوء النظام العالمي الجديد، وبعد الوحدة الإيديولوجية لهذا العالم مع نهاية الحرب الباردة وانهيار جدار برلين، وانتصار الريغنية والتاشرية، وبعدها سيادة فكر فوكوياما وهنتغتون، وما تلاهما من أحداث بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001، في هذا المناخ الجديد، وفي رحم الشروط الدولية السائدة والتي كان فيها لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي حظ وافر. يعاد التشديد على إحياء واجب فرض القيود ورسم الحدود التي على هذه الوسائل أن لا تتجاوزها تحت ذريعة استفادتها من ما توفره حرية التعبير من إمكانيات مطلقة، لا تحدها حدود.
نريد من خلال هذا الجزء من الورقة أن نبين كيف عالج القضاء في بعض الدول المتقدمة هذه القيود، وفي مكان آخر كيف عالجها القانون الدولي للأنترنيت والقانون العربي.
هدفنا في ذلك التأكيد على أن حرية التعبير والإعلام إذا كانت نظريا مطلقة فهي عمليا وواقعيا ليست كذلك، بل مكبلة بقيود مفروضة بفعل واقع القانون الدولي، وبفعل القانون الوطني الداخلي، وبفعل الواقع والفكر السياسي. هذه القيود هي مبررة بسلسلة من الشروط، واردة في وثائق الشرعة الدولية، وأيضا بشروط مقيدة جديدة نظمت بموجب: اتفاقية بودابيست الصادرة في 23 نونبر 2001، وتوجيهات الاتحاد الأوروبي، والقانون الاتحادي العربي النموذجي 2004 [33] وكل القوانين الوطنية العربية المنظمة للجريمة الإليكترونية، والاتفاقية العربية للجريمة الإليكترونية 2009.
إذا كانت وثائق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وقبلها القوانين الداخلية المنظمة للإعلام، قد شرعت سلسلة من القيود، همت الحياة الخصوصية للآخرين، وعدم المساس بالنظام العام، واحترام السيادات الوطنية واحترام النظام العام، وعدم المساس به، فإن الاتفاقيات الجديدة المكملة لقواعد القانون الدولي للانترنيت، والقوانين الداخلية، المشار إليها، كلها أكدت بقوة على حماية القاصرين من تعسفات الانترنيت، وعلى تشجيع منع الدعوة إلى الإرهاب، والإساءة للأديان، والإشادة بالحروب، والدعوة إلى الكراهية الدينية والعرقية… الخ[34].
هذه الجوانب الأخيرة هي التي سنحاول إظهار كيف تم التعامل معها وكيف طبقت على وسائل الإعلام الإليكترونية، وعلى تكنولوجيات الإعلام، منذ أن ظهرت تأثيراتها على حقوق الإنسان بعد منتصف ستينيات القرن المنصرم، وبالخصوص بعد الإعلان الشهير الصادر عن المؤتمر الأول لحقوق الإنسان في طهران سنة 1968 الذي شدد على تأثير هذه التكنولوجيات على حقوق الإنسان، كما أثيرت من جديد في مؤتمر فينا سنة 1993. تبعا لمضامين هذه الوثائق، فإن حرية الرأي والتعبير، لا يمكن اتخاذها مطية للتحريض على الدعوة للعنف، والعنصرية وكلما من شأنه المساس بتماسك المجتمع الوطني، أو المساس بالسلم والأمن الدولي، وبالتالي المساس بتماسك المجتمع الدولي الذي يشكو أصلا من الهشاشة. إن الجوانب المشار إليها مهمة وأساسية، لكننا هنا سنركز على ما يلي:
كيف طرحت مسألة دعارة الأطفال في هذه الوثائق على الدعامة الإليكترونية وكيف أثيرت فيها مسألة الإساءة إلى الأديان السماوية؟ وكيف عالج القانون الوطني والدولي هاتين الظاهرتين[35].
جل الدول العربية وضعت قوانين لمكافحة الجرائم المرتكبة بواسطة الشبكة العنكبوتية، ومواقع التواصل الاجتماعي. فعلى امتداد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، توجد سلسلة قوانين تنظم ما قد يرتكب من إجرام بواسطة الانترنيت[36]. بدأت هذه الحركة في الانتشار بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث أنشئت قوانين أدمج بعضها في قانون العقوبات ، بينما بقيت أخرى كقوانين قائمة الذات.
نشير هنا إلى القانون المغربي 03-03 المتعلق بالإرهاب، وهو يتضمن استخدام تكنولوجيات الإعلام في الإرهاب، نشير إلى القانون المغربي الخاص بالمعالجة الآلية للمعطيات لسنة 2003 الذي أدمج في القانون الجنائي من المادة 1-607 إلى المادة 12-607 مكرر.
إن ما كان سائدا في الأدبيات القانونية الإعلامية العربية وحتى الدولية بكون فضاء الانترنيت” هو فضاء غير منظم بأي قانون، قد صار غير ذي معني، ولتدليل على كون هذا الفضاء خاضع للقانون، نقدم بعض النماذج من القوانين العربية الخاصة بمكافحة الجريمة الإليكترونية على سبيل المثال لا الحصر، وضمنها ما يلي:
القانون السوداني لسنة 2006- وقانون الإمارات العربية المتحدة أي القانون الاتحادي لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم المعلوماتية. وقانون المملكة العربية السعودية المنظم لمكافحة جرائم المعلوماتية… الخ.
إن ما هو مثير في هذه التشريعات هو أنها تشدد على النظام العام وعلى استخدام الانترنيت في الإرهاب، وعندما تتعرض لدعارة الأطفال تتناولها باحتشام وخجل زائد.[37]
سابعا: حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي بين حماية القاصرين وحماية الحياة الخاصة
إذا كانت حرية التعبير مقدسة ولا يستساغ المساس بها، فإنه كما سبقت الإشارة إلى ذلك هناك قيود تطالها، وذلك بموجب القانون، لكن هناك إشكال آخر قد يتم التذرع به من طرف البعض قصد جعل هذه الأخيرة مطلقة،الا أن ذلك يعتبر حجة واهية, ,ولا يصدر إلا عن ما لا ذراية له بالقانون المنظم لهذه الحرية، ومن تمة يفتي فيما ليس له به علم، مع العلم أن الفتوى تقتضي الإطلاع الواسع والتخصص الدقيق في المجال المفتى فيه، قد يبدو هذا صعبا في الدول الأكثر ليبرالية، والتي تدعي أنها مهد حرية التعبير إن لم يكن مستحيلا، اذ يصعب وضع قوانين مقيدة لحرية التعبير تحت أي مبرر أخلاقي أو ديني، حتى لو تعلق الأمر بدعارة الأطفال، وفي طيات هذا التصور تكمن تفاصيل ما يمجه دوق الإنسانية ووجدانها على الرغم من مساندته من طرف الجهاز القضائي في الولايات المتحدة الأمريكية. لقد ألغى القضاء الدستوري الأمريكي قانون يدخل في هذا الإطار. مثل: « communication Degency act » سنة 1998 وهو يتعلق بالقيود المفروضة على المواد المخلة بالحشمة والتي تضر بالأطفال وقد بررت المحكمة قرارها ذاك بكون هذا القانون، على الرغم من عرضه لصور فاضحة، فإنه يتناقض مع الدستور الأمريكي، وبالخصوص مع أول تعديل من التعديلات العشر التي أدخلت عليه في سنة 1793، وهو المتعلق بحرية الرأي والتعبير. [38]
– وقد صارت المحكمة العليا في كندا هي الأخرى في ذات الاتجاه و في ذات الموضوع حول تصورها لحرية التعبير في قرارها المتعلق Sharp-R- C، أكدت فيه على:” إن حق حرية التعبير يستند على قناعة أن تداول الأفكار وانتقالها،وتداول الصور، تعتبر أحسن الطرق والوسائل من أجل بلوغ الحقيقة، وأيضا من أجل التعايش السلمي في المجتمع المختلط والمركب من ذوي القناعات والاعتقادات المتباينة والمختلفة والمتعارضة، فإن نحن لا نرغب في فكرة أو صورة، نحن أحرار في أن نعترض عليها، ونرفضها أو نغض الطرف عنها، حتى في حالة تبرير دستوري كاف، ولكننا لا نستطيع أن نمنع أي أحد من أن يعبر عنها، أو أن يقدم على لإطلاع عليها حسب الحالة”[39].
هذه الحرية الشبه المطلقة المنصوص عليها في الولايات المتحدة وفي كندا تفسر أن لكل واحد الحق في الإطلاع على الصور الداعرة والأفلام الفاحشة التي قد تعرض على الشبكة العنكبوتية بحرية، كما من حق كل واحد أن يعارض ويخالف تلك الأقوال والصور والأفلام بمنتهى الحرية.
ففي كندا كان هناك مشروع قانون C.30 ، حول مراقبة الانترنيت تم رفضه من طرف الشيوخ المحافظين في مجلس الشيوخ، وهذا المشرع يسمى قانون” حماية الأطفال ضد القضايا المخلة بالحياء على الأنترنيت” ويهدف إلى مراقبة مستخدمي الانترنيت من مخاطر” دعارة الأطفال” ، ومن المؤسف أن هناك اعتراضات كثيرة على هذا القانون على اعتبار أنه ليس إلا طريقة ملتوية من أجل مراقبة الانترنيت، ثم إنه قد يسمح للسلطات الأمنية، ولأقسام الاستعلامات الحصول على كل المعلومات الخاصة بالمشاركين والمنخرطين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بدون إذن قضائي. وبهذا الصدد اعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود، أن حماية الطفولة غالبا ما تستخدم كذريعة لمراقبة الانترنيت[40].
حاولت الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق ب” الأمن السيبراني أن تضع في سنة 2001 قبل أحداث سبتمبر قانونا يسمح بمراقبة المبحرين، ويعطي الحق لمختلف الوكالات الحكومية بالدخول إلى المعطيات والبيانات الشخصية التي هي في حوزة مقدمي الولوج إلى الانترنيت، والغرض من ذلك هو ضبط المشاركين الذين يستخدمون الانترنيت لأغراض غير شرعية ولا قانونية، لقد أثار هذا القانون حفيظة المنظمات الغير حكومية المهتمة بحرية التعبير، وحماية الحياة الخصوصية مسجلة اعتراضها عليه بقوة، وقد ذهب البيت الأبيض في نفس اتجاه منظمات المجتمع المدني، بحيث هدد باستخدام ” الفيتو” ضده في سنة 2012، ومعتبرا إياه خطيرا على الحياة الخصوصية، ولذلك تم رفض هذا القانون بتاريخ 18 أبريل 2013.
ولكن وفي إطار سياسة الكيل بمكيلين الذي تسلكها الولايات المتحدة سواء عبر السلطة التنفيذية، أو التشريعية، فإننا نصادف مقابل ذالك الرفض وجود قانون آخر يناقض القانون الذي رفض وهو قانون 2008 الخاص بمراقبة الغير الحاملين للجنسية الأمريكية الذين يستخدمون الانترنيت، والذي مدد العمل به لمدة خمس سنوات أخرى، وبدون أي نقاش، يسمح هذا القانون لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، بالدخول إلى البيانات الشخصية لأي مواطن غير أمريكي، إذا كان يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي.
ويتضح من هذا أن الحياة الخاصة للمواطن الأمريكي محمية بينما أن حماية الحياة الخاصة لغير الأمريكي ليست كذلك، إذ لا مانع من انتهاكها وخرقها.
– إذا كانت حرية التعبير شبه مطلقة في فرنسا وفي الولايات المتحدة الأمريكية، فإن هذه الأخيرة تخضع لبعض القيود وفقا لما هو مكرس في قانون 29 يوليو 1881 المتعلق بحرية الصحافة، والذي يطبق كذلك على الانترنيت والمواقع الاجتماعية، فالمخالفات والجرائم المتعلقة مثلا بالسب والقذف، والإهانة، التي كانت تهم في الأصل الصحافة المكتوبة قد امتدت فيما بعد إلى الأقوال والأفعال التي قد ترد على الانترنيت وعلى المواقع الاجتماعية، وكمثال على ذلك التعبيرات ضد السامية، وهي مظهر من مظاهر تطبيق هذا القانون على المواقع الاجتماعية: غالبا ما يتم الاعتماد على المادة 33، وتهم السب والقذف المبني على الأصل العرقي والأثني، أو الديني أو الانتماء الاجتماعي… وتتم المعاقبة على ذلك بحسب هذا القانون بستة أشهر حبسا وبغرامة 22500 يورو[41].
والملاحظ أنه عندما نشر أحد مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرات ضد السامية فإن اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا، ومعه الجمعيات المناضلة ضد العنصرية قد طالبوا اللجوء إلى المحكمة الابتدائية لمحاكمة هذا الموقع، كما لجؤا فيما بعد إلى محكمة الاستئناف بباريس، وقد طالبت المحكمة من الموقع أن يسلم المعطيات والبيانات، بغية معرفة هوية الذي أنشأ تلك”التغريدة” على التويتر الغير مقبولة قانونا، لم يسلم التويتر هذه المعطيات إلى العدالة إلا في 12 يوليوز 2012، ضمانا لحماية المصادر[42].
تكمن أهمية هذه القضية في إبراز مدى ملاءمة قانون 1881 مع مواجهة ما قد يرتكب من أخطاء على الوسائل الجديدة للإعلام والاتصال، وهكذا فالبرلمانية المنتمية إلى مجلس الشيوخ السيدة « Benbassa » اقترحت إنشاء مجموعة تفكير يكون من مهامها تنظيم الانترنيت، بغية إعادة النظر في إصلاح القانون الخاص بحرية الصحافة، وذلك لتسهيل معاقبة ما يقال على مواقع التواصل الاجتماعي، مع الإشارة إلى إلزام كل موقع أن يكون له مدير نشر مسؤول أمام القانون على كل محتوى ينشر أو منشور.
وفي ما يتعلق بالتغريدات ضد السامية ” فإن المحكمة الابتدائية بباريس طالبت بأن يضع تويتر مقتضى خاص سهل وواضح يسمح لكل شخص أن يكون على علم بالمحتويات غير القانونية التي تدخل تحت طائلة الجرائم ضد الإنسانية، والتحريض على الكراهية سواء الدينية أو العنصرية، أو الدعوة إلى العنف والتطرف، والإرهاب، وليس المقتضى الذي يعاقب الأقوال، ولأجل تبرير وإثبات تطبيق الإطار القانوني الشرعي للأقوال على المواقع الاجتماعية’، مثل هذا لا يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك فإن النائبة « Benbassa » أثارت الاختلافات الثقافية الموجودة بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية خاصة حول تصور حرية التعبير في كلا البلدين، وهذا هو أحد أسباب عدم التوافق والاختلاف بين حرية التعبير على المستوى التشريعي على المواقع الاجتماعية بين الطرفين، خاصة وأن أغلب هذه المواقع يوجد مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها توجد كذلك منتشرة في بلدان أخرى.
وفي الغالب، رغم وجود تشريعات مشددة وقاسية للحد من حرية التعبير في بعض الدول وضمنها الدول العربية مجسدة في قوانين ” الجرائم الإلكترونية” التي أدمجت كلما قد يرتكب من أخطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تحت طائلة قانون العقوبات، هذه الدول، تعتبر اليوم من أشد المقيدين لحرية التعبير، وتلجأ في ممارسة ذلك إلى الاستنجاد بخدمات بعض المؤسسات دولية.
نعم إن حرية الرأي والتعبير مقدسة، ولا يمكن أبدا السماح لأي كان أن ينتهكها أو يخنقها، لكن هذه الحرية، قد تتحول إلى غول يفتك بحقوق الإنسان، وبالخصوص في ظل تطور تكنولوجيات الإعلام الحديثة. هذه التكنولوجيات التي جعلت حياتنا الخصوصية منشورة على الشبكة العنكبوتية، إن حالتنا الصحية، وأوضاعنا العائلية، وحالاتنا النفسية، وأوضاعنا المالية معروضة اليوم على شبكات التواصل الاجتماعي. ألا يستدعي كل ذلك تقييد حرية التعبير في حالات محددة و بموجب القانون.
[1] – Agathe Alepage : les droits de la personnalité confrontée à l’internet et droits fondamentaux.
Dalloz 12 Ed : 2006.p :227-254.
[2] – Mac, A Gi : les droits de l’homme et Internet, Etude élaboré par l’Académie internationale des droits de l’homme.
http://www.ebucnet.éducation.fr/legamedia/droit-homm/defaut.htm.
[3] – جاءت معاهدة وستڤاليا لوضع حد للحروب الدينية في أوروبا بين البروتستانتية وبين الكاثوليكية أي ما يسمى بحرب 30 سنة 1618 إلى 1648 نشأ عن هذه المعاهدة ميثاق شبه دستوري لإنهاء الحروب الدينية، ونشأ عنها اختفاء النظام القرن وسطي المبني على الصراعات والفوضى. فوضع نظام دولي مبني على توازن القوى وعلى مبدأ السيادة: إنه النظام الدولي الوستڤالي الذي سيرتكز أكثر في مؤتمر ڤينا 1815.
Edith Jaillardon : les droits de l’homme à l’épreuve de l’internet, Université lumière- Lyon 2
Faculté de droit et science politique 2006-2007,p : 38.
[4] – Patrick Dailler et Alain Pellet : droit international public. Paris : L.G.D.J : 7ème édition 2002 p : 464.
[5] – في مشروع القانون الجديد الذي وضعت مسودته من طرف مجموعة من الخبراء كان كاتب هذه السطور ضمنهم، أفرد فصل خاص مكون من عدة مواد للصحافة الإليكترونية.
أنظر نص المشروع صادر عن وزارة الاتصال المغربية في أكتوبر 2014.
[6] – Elain Polymenopoulou : liberté de l’art face a la protection des croyances religieuse, thèse de doctorat. Grounoble 2011, p : 280 et suite.
[7] – Emmanuel Derieux : le régulation internationale de l’internet .
[8] – El houcine Ennaciri : droit de l’internet au Maroc
Mémoire de D.E.S.A, Faculté de droit Agdal 2006, p : 36
كذلك يمكن الرجوع : إلى يونس عراب: التشريعات والقوانين المتعلقة بالانترنيت في الدول العربية: ورقة مقدمة مؤتمر معرض التكنولوجيات المصرفية العربية والدولية 2002 اتحاد المصاريف العربية.
[9] – انظر: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة: الخاص بمنع الإساءة إلى الأديان،
الصادر بتاريخ 11 أبريل 2009، والذي يؤكد على الخصوص على الدين الإسلامي، كما يؤكد على منع الإساءة إلى الأديان حتى بالوسائل الإلكترونية أي بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي.
[10] – Flaus .J. F : la présence de la jurisprudence de la cour suprême des états unies dans le contentieux Européen des droits de l’homme.
RTDH, 2005, N° 26 P .313-331.
[11] – William.H. Duton- Anne – Micheal Hills- Ginnette Law- Victoire Nach:
Liberté de connexion, liberté d’expression Ed : UNESCO 2012, P41.
[12] – Rapport R.S.F : Ennemis de l’internet : Vietnam Publiée le 12 Mars 2013 ; P : 19.
[13] – Approche de droit comparé sur les réseaux sociaux
Table ronde « quels droits pour les réseaux sociaux sous la direction de Sébastien Cocioppo 20 février 2014.
[14] -Toby Mende et autres : Etude mondiale sur : la vie privée sur l’internet, et la liberté d’expression
Ed : U.N.E.S.C.O 2013, P :88.
[15] – Rap : Ennemi d’internet 12/3/2012 p : 6-14.
[16] – Alain Kiyindo et Michel Mathieu èvolution de l’économie libérale, et liberté d’expression , Bryant-2007, P :205.
[17] – شريف: درويش اللبان: الانترنيت والتشريعات والأخلاقيات، دار العالم العربي 2010، 35-36.
[18] – Alain Kiyindo et Michel Mathieu : Evolution de l’économie libérale, et liberté de l’expression
Bruylant- 2007- P : 293-294.
[19] – Beaurain, et Jez.E : les noms des domaines de l’internet aspets Juridiques, leetic, 2001, p : 29.
[20] – شريف درويش اللبان: الانترنيت التشريعات والأخلاقيات دار العالم العربي 2010، ص37.
[21] -Michel Malhieu : « évolution de l’économie libérale et liberté d’expression », Bruyant Bruxelles : 2007, P :351.
[22] -Dreyer. E. : «Provocation non publique à la discrimination à la haine ou la violence », Jurisclasseur pénal code article, R : 625-720
[23] – Toby Mende et autres : Etude mondiale sur : la vie privée, op cit, P15.
[24] – علي كريمي: حقوق الإنسان تطورها ومرجعيتها، دار النشر المغربية 1999، ص21 فما بعد.
[25] – Edith Jaillardon : les droits de l’homme à l’épreuve de l’internet :
Mémoire du Master : Université lumière – Lyon
[26] – Thibaut Verbiest : la presse électronique quel cadre juridique.
Article paru dans l’Echo : le 16/09/1999.
[27] – انظر نص التصريح الفرنسي الصادر عقب الثورة البورجوازية الفرنسية المسمى:
” بالتصريح الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789″ المادة 11 والمادة 10 منه.
وانظر كذلك:
Conseil , constitutionnel : n° 71-44-16 Juillet, Liberté d’association.
[28] – Approche de droit comparé sur les réseaux sociaux :
Rapport pour la table ronde « quels droits pour les réseaux sociaux »
présenté par : typhaine Lannel- Madame Zoé Simon- Mathieu Payet : Faculté de droit et de sciences politique Aix Marseille, 20 Février 2014, p : 10-11-12.
كذلك: – فاروق أبوعسى: الاتجاهات الحديثة في حرية الإعلام وحقوق الإنسان، مجلة دراسات إعلامية: عدد: 73- أكتوبر 1993 ص61.
[29] – Renucci.J.F : l’article 9 de la convention européenne des droits de l’homme et la liberté de la pensée de conscience et de religion ed : de conseil de l’Europe, Strasbourg 2004, p : 25.
[30] – Roger Pinto : liberté de l’information et le droit international Ed : Economica, Paris 1984 P : 15 et suite.
[31] – علي كريمي: تأثير تطور تكنولوجيات الإعلام على حقوق الإنسان:
ورقة مقدمة في ندوة: مركز الدراسات والابحاث في العلوم الاجتماعية: 2013 الدار البيضاء، ص5.منشورة في مجلة ابحاث يناير 2015
[32] – علي كريمي: حرية التعبير والتسامح الديني: ورقة مقدمة في ندوة الإيسيسكو، في مارس 2012 بمدينة بروكسيل ببلجيكا.
[33]– القانون العربي النموذجي الموحد: هو قانون الإمارات العربية المتحدة، وقدم إلى جامعة الدول العربية ثم تم تبنيه كقانون استرشادي: نموذجي لكل الدول العربية سنة 2004.
[34] – Amélie Robitaille- Froidure : la liberté d’expression face au racisme Etude de droit comparé Franco- Américain.
Larmxthon 2011 ;p42
[35] – انظر البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الأول لحقوق الإنسان الذي عقدته الأمم المتحدة في ماي 1968 بطهران المعروف ببيان” طهران 1968″ كتاب صكوك دولية الصادر عن الأمم المتحدة 1989.
[36] – هناك دول أصدرت قوانين لمكافحة الجريمة الإليكترونية، بينما دول أخرى عملت على سد الفراغ التشريعي الحاصل في مجموعة القانون الجنائي من أجل تجريم الأفعال المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات ووضع العقوبات الملائمة لها.
– للتوضيح أكثر: انظر: محمود الدلالعة: الحماية القانونية لتكنولوجيا المعلومات ( برامج الحاسب الآلي] أطروحة دكتوراه، الدار البيضاء،كلية الحقوق.
كذلك:
Phillipe Ambard : Régulation de l’internet ; l’élaboration
des règles de conduite par dialogue international
Bruyant- Bruxelles , 2004, p : 220.
[37] – Samira Mihoub : la question de l’internet arabe ou quand les états se trompent de cible l’action Tunisienne : 12/02/2005
[38] – Trudel, P , et AL : Droit du cyberespace Montréal : Temis 1997 ; p140.
– أنظر: فاطمة سحاتة وأحمد زيدان: مركز الطفل في القانون الدولي: رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق الإسكندرية 2003 ص150.
[39] – Rainer Frank : l’enfant et les conventions internationales
PUF de Lyon 1996.
[40] – Anonyme « tour d’horizon de la cybercensur » Rapport R sans frontières.
[41] -Renata Uitz : la liberté de religion dans les jurisprudences constitutionnelles Ed : du conseil de l’europe 2008 , p : 10-15.
[42] – André Bertrand : droit à la vie privée et droit à l’image
Ed : litec : Paris 1999.
مقال قانوني حول مواقع التواصل الاجتماعي وحرية الرأي والتعبير
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك