الممتلكات الثقافية في مدينة القدس المحتلة والقانون الدولي الإنساني
الأستاذة طيبي وردة كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باجي مختار، عنابة
ملخص
:تهدف هذه الدراسة إلى إبراز دور القانون الدولي الإنساني في حماية الممتلكات الثقافية أثناء فترة الاحتلال الحربي، قصد حماية التراث الثقافي الفلسطيني في مدينة القدس العتيقة التي تعبق برائحة التاريخ والحضارة والدين والإيمان، لان هذا الإرث الثقافي والحضاري الكبير الذي علاوة على انه أحد المكونات الرئيسية للهوية الثقافية للشعب الفلسطيني وموردا هاما للتنمية المستقبلية للدولة الفلسطينية حكومة وشعبا، بل الأكثر من ذلك انه يعتبر سجلا حافلا لتاريخ مشترك للبشرية جمعاء ورمزا من رموز الحضارة الإنسانية الخالدة.
Abstract:
This study aims to highlight the role of international humanitarian law in the protection of cultural property during the period of occupation, in order to protect the Palestinian cultural heritage in the old city of Jerusalem, which is full of the smell of history, civilization, religion and faith. Of the Palestinian people and an important resource for the future development of the Palestinian state and people. Moreover, it is a great record for the common history of all mankind and a symbol of eternal human civilization.
مقدمــــــة
لكل أمة من الأمم ثقافتها الخاصة، من خلال ممتلكاتها المعبرة عن معتقداتها الدينية وقيمها وعاداتها الاجتماعية واتجاهاتها السياسية، وبقدر ما تعطي الدول من اهتمام بثقافاتها ترقى هذه الأمم وتتقدم. وتقوم الثقافة بالنسبة لحضارات الشعوب والأمم بمهمة ووظيفة تاريخية كوظيفة الدم بالنسبة للكائن الحي، فهي تحفظ حيويتها وتوازنها ومناعتها الذاتية فلكل امة ثقافتها وحضارتها.
ونظرا لما عانت منه البشرية من حروب ونزاعات راح ضحيتها الملايين من البشر الأبرياء ودمرت فيها الكثير من الممتلكات الثقافية الأثرية العقارية والمنقولة، التي تمثل موروثا حضاريا لا يمكن تداركه بمرور الزمن فقد أدى ذلك إلى التفكير في إيجاد نظام قانوني فعال يكفل حماية هذه الممتلكات في فترات النزاعات المسلحة سواء كانت دولية أو غير دولية.([1])
ومن هنا تكمن أهمية هذه الدراسة وذلك بإبراز الدور الذي لعبه القانون الدولي الإنساني في حماية الممتلكات الثقافية خصوصا أثناء فترات الاحتلال الحربي، فهو لم يكتف بحماية الأعيان المدنية اللازمة لحياة الإنسان والضرورية لبقائه فحسب، بل اهتم أيضا بإشباع حاجاته الروحية،([2]) عن طريق الممتلكات الثقافية التي تشكل عنصرا جوهريا من عناصر الحضارة العالمية والثقافة الوطنية.([3])
– لكن الإشكال الذي يثور بهذا الصدد هل حظيت فعلا الممتلكات الثقافية في الاراضي الفلسطينية المحتلة عموما، وفي مدينة القدس على وجه الدقة، بتلك الحماية التي اقرها القانون الدولي الإنساني للممتلكات الثقافية أثناء فترة الاحتلال؟
وبناء على ما سبق سنتطرق أولا إلى ماهية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي، وثانيا إلى القواعد القانونية الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية الواقعة تحت الاحتلال الحربي، وثالثا وأخيرا إلى الوضع القانوني للممتلكات الثقافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في القانون الدولي في ظل الاحتلال الإسرائيلي وفي ظل الممارسات الإسرائيلية ضد التراث الفلسطيني والممتلكات الثقافية التاريخية والدينية في مدينة القدس وجميع الأراضي المحتلة.
أولا: ماهية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي
1-مفهوم الممتلكات الثقافية
الاختلاف سنة الله في خلقه، ومن ثم فان الإنسان يبحث دائما عن ما يخالفه ,وأحسن ميدان يتضح فيه الاختلاف والتمايز هو ميدان الثقافة.
قال الله عز وجل في سورة هود الآية 118: {ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}. وقال في الآية22 من سورة الروم: {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم أن في ذلك لآيات للعالمين}.
لقد تأكد مع مدى العصور التاريخية ومن خلال ما اضطلعت به الثقافة في عملية تطوير العلاقات الدولية وتقريب الشعوب والأمم بعضها من بعض، أن الأفكار والمنجزات الفنية والنشاطات الثقافية والفكر العلمي جميعها لا يمكن إن تتقيد بحدود الدول. وعليه ما المقصود بالثقافة، وما المقصود بالممتلكات الثقافية، وما هي الممتلكات الدينية وأماكن العبادة؟.
أ-تعريف الثقافة: تعبر كلمة الثقافة عن قيم المجتمع ومثله العليا وخاصياته الفكرية والفنية والخلقية الكبرى، كما تعني الحضارة وسائر العوامل المادية، ويعتقد البعض إن الثقافة كالحضارة وان الحضارة إنما هي ثقافة مبكرة.([4])
إن مفهوم “الثقافة” في اللغة العربية ينبع من الذات الإنسانية ولا يُغرس فيها من الخارج. ويعني ذلك أن الثقافة تتفق مع الفطرة، وأن ما يخالف الفطرة يجب تهذيبه، فالأمر ليس مرده أن يحمل الإنسان قيمًا تنعت بالثقافة، بل مرده أن يتفق مضمون هذه القيم مع الفطرة البشرية، وهي بذلك تعني البحث والتنقيب والظفر بمعاني الحق والخير والعدل، وكل القيم التي تُصلح الوجود الإنساني، بعيد عن تلك المعارف التي تفسد وجود الإنسان، وبالتالي ليست أي قيم وإنما القيم الفاضلة. أي أن من يحمل قيمًا لا تنتمي لجذور ثقافته الحقيقية فهذه ليست بثقافة وإنما انتماء في قيم الآخر.
حظيت كلمة “الثقافة” بمكان كبير في الآداب الأوروبية في القرن العشرين، وكان لها اهتمام لا بأس به في عالم الصحافة أيضاً، وهي كلمة عني بها البعض معنى “الحضارة، وهذا الموضوع مازال يتطور وينمو ويأخذ أبعاداً وأشكالاً لم تكن موجودة من قبل وما زال يكتسب أبعاداً جديدة.
لقد عرفت منظمة اليونسكو الثقافة على أنها: “جميع السمات الروحية، والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها وتشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات والثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته وتجعل منه كائناً يتميز بالإنسانية المتمثلة بالعقلانية والقدرة على النقد والالتزام الأخلاق وعن طريقها يهتدي إلى القيم ويمارس الاختيار وهي وسيلة الإنسان للتعبير عن نفسه والتعرف على ذاته كمشروع غير مكتمل وإعادة النظر في إنجازاته والبحث عن مدلولات جديدة وإبداع أعمال يتفوق فيها على نفسه”.
هذا وقد جاء في الخطة الشاملة للثقافة العربية، الصادرة عن المنظمة العربية للعلوم والثقافة منظمة الإلسكو،([5]) أن الثقافة ت23شتمل مجموع النشاط الفكري والفني بمعناهما الواسع وما يتصل بهما من مهارات أو يعين عليهما من وسائل فهي موصولة الروابط بجميع أوجه النشاط الاجتماعي الأخرى متأثرة بها من معينة عليها مستعينة بها.
أما المنظمة الإسلامية للتربية والعلم والثقافة، فقد عرفت الثقافة على أنها: ” الوعاء الحضاري الذي يحفظ للأمة وحدتها ويضمن تماسكها ويكسبها السمات الفكرية المميزة فهي رمز هويتها وركيزة وجودها وهي جماع فكرها وخلاصة إبداعه اومستودع عبقرتيها وهي مصدر قوتها ومنبع تميزها بين الأمم”.([6])
في حين نجد أن اتفاقية لاهاي لعام 1954، وعلى الرغم من أنها أدرجت مصطلح الثقافة ضمن نصوصها إلا أنها لم تقم بتعريفه أنها اكتفت فقط بإيراد مجموعة من أنواع الممتلكات الثقافية، رابطة في نفس الوقت مدلول الثقافة بفروعها المتعددة كالتاريخ والآثار والدين …
ب-تعريف الممتلكات الثقافية
نظرا لما تتمتع به الممتلكات الثقافية التاريخية وأماكن العبادة من الحماية المقررة للأهداف المدنية فإنها بذلك تدخل ضمن الممتلكات والأعيان المدنية التي لا يمكن لأطراف النزاع ضربها أو التعرض إليها.([7])
إن الوثائق الدولية رغم اختلافها في تعريف الممتلكات الثقافية إلا أنها تتفق جميعا على تقديم تعريف وصفي لمفهوم الممتلكات الثقافية، بحيث إذا عدنا إلى اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح لعام 1954 نجدها قد وضعت نظاما مطورا لحماية الممتلكات الثقافية، وعرفت مصطلح الممتلكات الثقافية التي ترتبط بشأنها العلاقات القانونية في المادة الأولى منها كما يلي: ” يقصد من الممتلكات الثقافية بموجب هذه الاتفاقية، مهما كان أصلها أو مالكها ما يأتي :
أ ـ الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية أو الفنية منها أو التاريخية، الديني منها أو الدنيوي، والأماكن الأثرية، ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية أو فنية، والتحف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات القيمة الفنية التاريخية والأثرية، وكذلك المجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة والمحفوظات ومنسوخات الممتلكات السابق ذكرها.
ب ـ المباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة “أ” كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية المنقولة المبينة في الفقرة “أ” في حالة نزاع مسلح.
ج ـ المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية المبينة في الفقرتين “أ” و”ب” والتي يطلق عليها اسم “مراكز الأبنية التذكارية”.
أما اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشان التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة فقد جاءت فيالمادة الاولى منها بتعريف منفصل لمفهوم الممتلكات الثقافية كما يلي:” تعني العبارة الممتلكات الثقافية لأغراض هذه الاتفاقية الممتلكات التي تقرر كل دولة لاعتبارات دينية أو علمانية، أهميتها لعلم الآثار أو ما قبل التاريخ أو التاريخ أو الأدب أو الفن أو العلم التي تدخل في إحدى الفئات التالية :
أ. المجموعات والنماذج النادرة من مملكتي الحيوان والنبات ومن المعادن أو علم التشريح والقطع الهامة لصلتها بعلم الحفريات (البالبنتولوجيا)؛
ب. الممتلكات المتعلقة بالتاريخ، بما فيه تاريخ العلوم والتكنولوجيا، والتاريخ الحربي والتاريخ الاجتماعي، وحياة الزعماء والمفكرين والعلماء والفنانين الوطنيين، والأحداث الهامة التي مرت بها البلاد؛
ج. نتائج الحفائر الأثرية ( القانونية وغير القانونية) والاكتشافات الأثرية؛
د. القطع التي كانت تشكل جزءا من آثار فنية أو تاريخية مبتورة أو من مواقع أثرية ؛
ه. الآثار التي مضى عليها أكثر من مائة عام، كالنقوش والعملات والأختام المحفورة ؛
و. الأشياء ذات الأهمية الأنطولوجية ؛
ز. الممتلكات ذات الأهمية الفنية ومنها:
1) الصور واللوحات والرسوم المصنوعة كليا باليد أيا كانت المواد التي رسمت عليها أو استخدمت في رسمها (باستثناء الرسوم الصناعية والمصنوعات المزخرفة باليد)؛
2) التماثيل والمنحوتات الأصلية أيا كانت المواد التي استخدمت في صنعها ؛
3) الصور الأصلية المنقوشة أو المرشومة أو المطبوعة على الحجر؛
4) المجمعات أو المركبات الأصلية أيا كانت المواد التي صنعت منها؛
ح. المخطوطات النادرة والكتب المطبوعة في عهد الطباعة الأول، والكتب والوثائق والمطبوعات القديمة ذات الأهمية الخاصة (من الناحية التاريخية أو الفنية أو العلمية أو الأدبية الخ)، سواء كانت منفردة أو في مجموعات؛
ط. طوابع البريد والطوابع المالية وما يماثلها، منفردة أو في مجموعات ؛
ي. المحفوظات، بما فيها المحفوظات الصوتية والفوتوغرافية والسينمائية ؛
ك. قطع الأثاث التي يزيد عمرها على مائة عام، والآلات الموسيقية القديمة”.
وقد لخص ذلك كله الاستاذ خليل إسماعيل الحديثي في تعريف الممتلكات الثقافية بقوله ” تعد الممتلكات الثقافية كل الإنتاجات المتأتية عن التعابير الذاتية الابداعية للإنسان سواء أ كان ذلك في الماضي أو الحاضر أو في المجالات الفنية أو العلمية أو الثقافية أو التعليمية التي لها أهمية في تأكيد استمرارية المسيرة الثقافية وفي تأكيدي معنى التواصل الثقافي ما بين الماضي والحاضر والمستقبل “.([8])
ج-الممتلكات الدينية وأماكن العبادة
الأماكن الدينية هي أماكن مقدسة تستلهم فيها الرموز والعلامات الثقافية المعبرة عن قدرة الله وتشيد لتعبر عن السمو الروحي بداخلها. وتشتمل هذه الأماكن عند المسلمين الجوامع والمساجد والمدارس التي تنتشر في المدن والثغور والحصون التي يقيمون ويرابطون فيها وعلى السواحل والأماكن المأهولة مثل عرفة، وعند المسيحيين فان هذه الأماكن هي الكاتدرائيات والكنائس والمعابد والأديار والمناسك وفي المغاور التي كان ينسحب إليها النساك والزهاد “. ([9])
تأخذ الممتلكات الدينية إحدى الصورتين الأساسيتين، الأولى عادية، والثانية مقدسة. وفكرة التقديس هي المعيار الفاصل بينهما وهي تتمثل حاليا في أربعة أماكن موجودة في الشرق الأوسط وهي: ” الكعبة المشرفة بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة وكلاهما بالمملكة العربية السعودية، والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وكلاهما بمدينة القدس الشريف في الأراضي الفلسطينية المحتلة.([10])
2-المعايير القانونية المعتمدة في تحديد الممتلكات الثقافية
من خلال النصوص القانونية الخاصة بالاتفاقيات الدولية لوحظ أن هناك معيارين أساسين في تحديد الممتلكات الثقافية إحداهما مرتبط بالأهمية وهو معيار مزدوج تم ذكره في المادة الأولى من اتفاقية لاهاي لعام 1954، والأخر مرتبط بمفهوم أو مصطلح الأعيان المدنية وهو ما أوردته المادة 52 من البروتوكول الإضافي الأول الخاص بالمنازعات الدولية لعام 1977.
أ-المعيار الوارد في اتفاقية لاهاي 1954
بالرجوع إلى اتفاقية لاهاي 1954 لوحظ أن واضعي الاتفاقية استعملوا معيارا مزدوجا في تحديد الممتلكات الثقافية
– المعيار العام: المتمثل في مصطلح ” الأهمية ” حيث تنص اتفاقية لاهاي 1954 في تعريفها للممتلكات الثقافية على انه ” تعتبر ممتلكات ثقافية مهما كان مصدرها أو مالكها: الممتلكات ( منقولات كانت أم عقارات ) والتي تمثل أهمية كبرى بالنسبة للتراث الثقافي للشعوب، والتي تمثل في حد ذاتها أهمية تاريخية أو فنية.([11]) وكذلك ما نصت عليه اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشان التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بالطرق غير المشروعة والتي جاءت بتعريف مفصل لمفهوم الممتلكات الثقافية: “الممتلكات التي تقرر كل دولة لاعتبارات دينية أو علمانية أهميتها لعلم الآثار أو ما قبل التاريخ أو الأدب أو الفن أو العلم “.([12])فمن خلال هذا التعريف يمكن القول إن الممتلكات التي لها أهمية مهما كان نوعها فنية أو تاريخية أو أثرية تعتبر ممتلكات ثقافية.
ويؤخذ على المعيار وان كان يشمل العديد من الممتلكات الثقافية وفي ذلك حماية لعدد اكبر من الممتلكات إلا أن فكرة الأهمية تبقى فكرة مطاطة ومرنة غير ثابتة ومتغيرة حسب العصور.
-المعيار الحصري: بالرجوع إلى المادة الأولى من اتفاقية لاهاي 1954 نلاحظ أنها تنص على انه: تعتبر أموالا ثقافية المنقولات والعقارات
أ ـ الأعمال الفنية والمحفوظات والكتب والأشياء والمجموعات العلمية
ب ـ المباني مثل المتاحف والمكتبات الكبرى
ج ـ المراكز العمرانية.
ب- المعيار الوارد في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 نصت المادة 52 ـ فقرة 01 من البروتوكول الأول تحت عنوان ” الأعيان ذات الطبيعة المدنية ” على انه: ” الأعيان المدنية هي كافة الأعيان التي ليست أهدافاً عسكرية وفقاً لما حددته الفقرة الثانية.”ولما كانت الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية , بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1954 ممتلكات مدنية من حيث الأصل فقد استعان عدد من الفقهاء بمفهوم الأهداف العسكرية على النحو الوارد في البروتوكول الأول لعام 1977م.([13])
وقد حددت الفقرة 02 من المادة 52 المقصود بالهدف العسكري واشترطت لتوافر صفة الهدف العسكري لممتلك ما توافر شرطين:
1 ـ أن يساهم الممتلك مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بسبب طبيعته أو بموقفه أو بعنايته أو باستخدامه.
2 ـ أن يحقق تدمير هذا الممتلك بشكل تام أو جزئي أو الاستيلاء عليه أو تعطيله في الظروف السائدة حين ذاك ميزة عسكرية.
ثانيا:القواعد القانونية الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية الواقعة تحت الاحتلال الحربي
لم تتوقف معاناة البشرية من ويلات وأضرار الحروب وغيرها من صور النزاعات المسلحة عند حدود الأضرار بالإنسان وممتلكاته الشخصية وممتلكات الدولة ومرافقها الحيوية، بل امتدت أيضا إلى التراث الثقافي والحضاري للشعوب والتي تعتبر ركيزة من ركائز الحضارة والمدنية ومصدر لإشعاع المعرفة الإنسانية في جميع العصور.([14])
ونتيجة للحروب الشرسة التي عرفها النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وما خلفته من آثار مدمرة على الممتلكات الثقافية نتيجة تطور الأسلحة، فقد رأى فقهاء القانون الدولي ضرورة حماية الممتلكات الثقافية من أخطار الحرب،. ولهذا فقد أقر د القانون الدولي الإنساني لم تقر حماية قانونية خاصة بالممتلكات والأعيان اللازمة لإشباع حاجات الإنسان المادية والضرورية لبقائه على قيد الحياة، وإنما اهتمت أيضا بحماية الأعيان والممتلكات التي تمثل حاجته الروحية والمعنوية والتي تشكل التراث الثقافي للشعوب، فحياة الأشخاص المدنيين علاوة على أنها مادية هي روحية أيضاً بحيث لا تستقيم أحوالهم إلا بحماية المقومات المادية والروحية معاً.([15])
لقد تناول القانون الدولي الإنساني قضية الممتلكات الثقافية في فترات النزاعات المسلحة والحروب من خلال العديد من النصوص والأحكام القانونية من خلال اتفاقيات لاهاي لعام 1889 م وعام 1907 م، وكذلك من خلال البروتوكولين الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الخاص بالمنازعات الدولية لعام 1977 وأيضا من خلال البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف الخاص بالمنازعات غير الدولية لعام 1977.([16])
وبناء على ما تقدم ستتم معالجة القواعد القانونية الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية الواقعة تحت الاحتلال الحربي على النحو الآتي:
1 ـ حماية الممتلكات الثقافية وفقا لمبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية
2 ـ حماية الممتلكات الثقافية وفقا لاتفاقية لاهاي وبروتوكولها الإضافي الأول لعام 1954م
3 ـ حماية الممتلكات الثقافية وفقا للبروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية لاهاي لعام1999م
1-حماية الممتلكات الثقافية وفقا لمبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية
إن حماية الأعيان المدنية تنطلق من مبدأ في غاية الأهمية، وهو مبدأ التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، هذا المبدأ الذي يشكل بحق عصب الحياة في القانون الدولي الإنساني بالإضافة للمبدأ الشهير مبدأ التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين، ولكن البعض يذهب إلى القول أن المبدأ الأول أهم من الثاني،لأنه لا فائدة من حماية المدنيين دون حماية الأعيان المدنية التي لا تستقيم الحياة بدونها. ([17])
إن مبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية من أقدم مبادئ القانون الدولي الإنساني حيث عرف في القانون الاتفاقي ولأول مرة بمناسبة اعتماد اتفاقية لاهاي الرابعة واللائحة المرفقة بها لعام 1907 الخاصة بقواعد وأعراف الحرب البرية، وتحددت ملامحه إلى حد كبير في ظل القانون الدولي المعاصر.([18])والممتلكات الثقافية بصفتها ممتلكات مدنية هي محمية بموجب جميع هذه الأحكام بوضوح، ويحظر استخدامها لأغراض عسكرية كما يحظر مهاجمتها عن قصد، وينبغي توخي الحيطة أثناء الهجوم والدفاع لتفادي تعريضها للخطر، ويحظر نهبها.([19])
ويتوجب على سلطات الاحتلال عدم تدمير الممتلكات الخاصة أو التابعة للدولة أول أي جهة عامة أو أية ممتلكات تخص منظمات اجتماعية أو تعاونية، إلا إذا اقتضت الضرورة العسكرية المطلقة هذا التدمير، وهذا ما نصت عليه المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة: “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير”.
ان أهم نقطة تتعلق بالحماية العامة للأعيان المدنية هي إيجاد تعريف جامع مانع لهذه الأعيان، ويمكن القول أنه لا فائدة من الحديث عن مبدأ التمييز بين الأعيان المدنية دون تحديد تعريف الأعيان المدنية،وبالفعل كانت هناك محاولات جادة للوصول إلى تعريف إيجابي للأعيان المدنية ولكنها باءت بالفشل، لذلك تم التوصل إلى تعريف الأعيان المدنية انطلاقا من تعريف الأهداف العسكرية التي يجوز مهاجمتها،و كل ما عداها يعد من الأعيان المدنية.([20]) فبعدما اختلفت الآراء في مؤتمر الخبراء الحكوميين للعمل على انماء وتطوير قواعد القانون الدولي الإنساني المطبق في المنازعات المسلحة حول المعيار الذي يتخذ أساسا لتعريف الأهداف المدنية ( معيار طبيعة الهدف أو معيار الغرض المخصص من اجله الهدف ومعيار استخدامه )،([21]) الا انه تم الاستقرار على تعريف الأهداف المدنية على أنها :” تلك التي لا تنتج مباشرة الأسلحة والمواد العسكرية ووسائل القتال أو تلك التي لا تستخدم مباشرة وفي الحال بواسطة القوات المسلحة”.([22])
وقد أخذت اتفاقية لاهاي لحماية الأعيان الثقافية لعام 1954 بالمعيارين معا، في حين جاء تعريف اللجنة الدولية للصليب الأحمر كما يلي: ” الأهداف المدنية هي تلك الأهداف المخصصة بصفة أساسية وضرورية للسكان المدنيين، مثل المساكن والمنشئات التي تؤوي السكان المدنيين، والتي تحتوي على مواردهم الغذائية ومصادر المياه …”. وبالمقابل عرفت اللجنة الأهداف العسكرية بأنها: ” تلك الأهداف التي بطبيعتها واستعمالها تسهم إسهاما فعالا ومباشرا في المجهود الحربي للخصم”.([23])
هذا وقد نصت المــادة 52 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 المتعلق بالنزاعات المسلحة غير الدولية على ما يلي” لا تكون الأعيان المدنية محلاً للهجوم أو لهجمات الردع”، فالأعيان المدنية هي كافة الأعيان التي ليست أهدافاً عسكرية وفقاً لما حددته الفقرة الثانية، بحيث تقصر الهجمات على الأهداف العسكرية فحسب. وتنحصر الأهداف العسكرية فيما يتعلق بالأعيان على تلك التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة. وإذا ثار الشك حول ما إذا كانت عين ما تكرس عادةً لأغراض مدنية مثل مكان العبادة أو منزل أو أي مسكن آخر أو مدرسة، إنما تستخدم في تقديم مساهمة فعالة للعمل العسكري، فإنه يفترض أنها لا تستخدم كذلك.([24])
2-حماية الممتلكات الثقافية وفقا لاتفاقية لاهاي وبروتوكولها الإضافي الأول لعام 1954م
لقد اهتمت منظمة اليونسكو بحماية التراث الثقافي للشعوب ويظهر ذلك من خلال نجاحها في التوصل إلى إبرام اتفاقية لاهاي لعام 1949 لحماية الأعيان والممتلكات الثقافية بصفة عامة وحمايتها في فترات المنازعات والحروب الدولية أو غير الدولية بصفة خاصة، وان كانت هذه الاتفاقية لم تقرر حماية خاصة للممتلكات الدينية وأماكن العبادة فقد جاء البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 شاملا تلك الحماية الخاصة لكل من الأعيان الثقافية وأماكن العبادة.([25])
وفي ما يلي سنطرق إلى الحماية العامة ثم إلى الحماية الخاصة وفقا لهذه الاتفاقية وبروتوكولها الأول.
أ- حماية الممتلكات الثقافية وفقا لنظام الحماية العامة
لم تتوقف آثار الحروب على الإضرار بالإنسان وممتلكاته الخاصة فقط،بل تعدت ذلك إلى المساس بتراث الإنسان وحضارته وثقافته، وذلك من خلال استهداف الأعيان الثقافية بهدف القضاء على التراث الحضاري للشعوب، لذلك جاءت اتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام1954لتشكل أول اتفاقية دولية تشمل حماية الأعيان الثقافية، وقد جاءت أحكامها لتتوافق مع الأحكام الواردة في المواثيق الدولية الأخرى ذات الصلة، خاصة الأحكام الواردة في البروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لعام1977.
ينص البروتوكول الإضافي الأول لعام1977في المادة 53 على الأعمال المحظورة أثناء النزاعات المسلحة وهي:
1 ـ استهداف الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب،بأي من الأعمال العدائية
2 ـ استخدام مثل هذه الأعيان في دعم العمليات الحربية.
3 ـ استهداف مثل هذه الأعيان لهجمات الرد”.
وتنص المادة 16 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977على أنه: “يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية،أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب، واستخدامها في دعم المجهود الحربي، وذلك دون الإخلال باتفاقية لاهاي الخاصة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح”.
– فقدان الحماية العامة
لقد تناولت اتفاقية لاهاي لعام 1954لحماية الأعيان والممتلكات الثقافية حالات وشروط فقدان الممتلكات الثقافية للحماية العامة متى استلزم ذلك الضرورات العسكرية القهرية، حيث نصت المادة السادسة من البروتوكول الثاني على بعض الضوابط والمعايير الازمة لممارسة هذا الاستثناء حيث ميزت بين توجيه الاعمال العدائية للممتلكات الثقافية واستخدام هذه الممتلكات استنادا إلى الضرورات العسكرية ويتطلب التخلي عن الالتزام بالحماية العامة تحقق شرطين مجتمعين وهما: ان تكون هذه الممتلكات الثقافية قد حولت من حيث وظيفتها إلى هدف عسكري، وألا يوجد بديل عملي لتحقيق ميزة عسكرية مماثلة للميزة التي يتيحها توجيه عملا عدائيا ضد ذلك الهدف.([26])
ولا يتخذ قرار التذرع بالضرورات العسكرية القهرية الا من قائد قوة عسكرية تعادل في حجمها أو تفوق حجم كتيبة أو قوة اصغر اذا لم تسمح الظروف بذلك، وفي حالة هجوم بناء على قرار يتخذ يعطي إنذار مسبق فعلي حينما سمحت الظروف بذلك.([27])
ب-حماية الممتلكات الثقافية وفقا لنظام الحماية الخاصة
الى جانب الحماية العامة نصت اتفاقية لاهاي لعم 1954 على جواز تمتع الممتلكات الثابتة أو المنقولة بحماية خاصة متى كانت لها أهمية كبرى،([28])فنصت على نظام الحماية الخاصة والذي تستفيد منه الملاجئ التي تأوي الممتلكات الثقافية المنقولة وقت النزاع المسلح والمراكز التي تحتوي على الآثار وغيرها من الأعيان الثقافية غير المنقولة، وقد اشترطت في ذلك ان يتم وضعها في مسافة بعيدة كافية من أي هدف عسكري هام فإذا وضعت بالقرب من هدف عسكري فيمكن استفادتها من الحماية الخاصة إذا تعهدت الدولة بعدم استخدام الهدف في حالة قيام نزاع مسلح، وألا يتم استخدامها لأغراض عسكرية، فإذا استخدمت في الإغراض العسكرية لا يلتزم الطرف الأخر بالحماية المقررة،([29]) وان يتم إدخالها في السجل الدولي للملكية الثقافية الخاضعة للحماية الخاصة والذي يحتفظ به المدير العام لليونسكو.([30])
منح الحماية الخاصة:
تنص المادة 08 التي جاءت تحت عنوان منح الحماية الخاصة على ما يلي:
1- يجوز أن يوضع تحت الحماية الخاصة عدد محدود من المخابئ المخصصة لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة، ومراكز الأبنية التذكارية، والممتلكات الثقافية الثابتة الأخرى ذات الأهمية الكبرى بشرط:
أن تكون على مسافة كافية من أي مركز صناعي كبير أو أي مرمى عسكري هام يعتبر نقطة حيوية كمطار مثلاً أو محطة إذاعة أو مصنع يعمل للدفاع الوطني أو ميناء أو محطة للسكك الحديدية ذات أهمية أو طريق مواصلات هام ب) ألا تستعمل لأغراض حربية
2- يجوز أيضاً وضع مخبأ للممتلكات الثقافية تحت نظام الحماية الخاصة مهما كان موقعه إذا تم بناؤه بشكل لا يجعل من المحتمل أن تمسه القنابل.
3- إذا استخدم مركز أبنية تذكارية في تنقلات قوات أو مواد حربية حتى لمجرد المرور اعتبر ذلك استعمالاً لأغراض حربية، ويكون هذا المركز قد استخدم للغرض نفسه إذا تمت به أعمال لها صلة مباشرة بالعمليات الحربية أو بإقامة قوات حربية أو بصناعة مواد حربية.
4- لا يعتبر وجود حراس مسلحين وضعوا خصيصاً لحراسة إحدى الممتلكات الثقافية التي جاء ذكرها في الفقرة الأولى استعمالاً لأغراض حربية، وينطبق هذا أيضاً على وجود قوات للشرطة مهمتها الطبيعية صيانة الأمن العام 5- يجوز بالرغم من وقوع أحد الممتلكات الثقافية من المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة بجوار الهدف عسكري هام بالمعنى المقصود به في هذه الفقرة وضع هذا الممتلك تحت نظام الحماية الخاصة إذا ما تعهد الطرف السامي المتعاقد بعدم استعمال الهدف المذكور في حالة نشوب نزاع مسلح، ولا سيما إذا كان الهدف ميناء أو محطة سكة حديد أو مطاراً، وبتحويل كل حركة المرور منه. ويجب في هذه الحالة تنظيم تحويل حركة المرور منه منذ وقت السلم 6- تمنح الحماية الخاصة للممتلكات الثقافية بقيدها في “السجل الدولي للممتلكات الثقافية الموضوعة تحت نظام الحماية الخاصة”، ولا يتم هذا التسجيل إلا وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية وبالشروط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية”.
-رفع وفقدان الحماية الخاصة
تفقد الممتلكات الثقافية الحماية الخاصة المكفولة لها في الحالتين التاليتين:
– الحالة الأولى: إذ ما تم استعمالها لأهداف أو أغراض عسكرية فإذا قامت دولة ما باستخدام الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية الخاصة كأهداف عسكرية فان هذه الممتلكات تفقد الحماية المقررة لها ويتحلل الطرف الأخر في النزاع المسلح من الالتزام بحماية هذه الممتلكات.
– الحالة الثانية: تتمثل هذه الحالة في الضرورات العسكرية.
ولم تحدد الاتفاقية أي شروط لتوجيه الهجوم على الممتلكات الثقافية التي تفقد الحماية الخاصة مكتفية في ذلك أن تكون هناك استثنائية لمقتضيات عسكرية قهرية وقد قيدت زوال الحماية الخاصة طوال مدة توافر هذه الظروف، وأوجبت استئناف تمتع الممتلكات الثقافية بالحماية فور انتهاء هذه الظروف.([31])وهذا ما تناولته المادة 11 من الاتفاقية تحت بند رفع الحصانة كالاتي:
“1- إذا خالف أحد الأطراف السامية المتعاقدة الالتزامات المنصوص عليها في المادة التاسعة نحو ممتلك ثقافي موضوع تحت نظام الحماية الخاصة أصبح الطرف المعادي غير مقيد بالتزامه بحصانة الممتلكات المذكورة طالما استمرت هذه المخالفة، غير أن للطرف الأخير كلما استطاع أن ينذر مسبقاً الطرف المخالف بوضع حد لهذه المخالفة في أجل معقول.
2 ـ لا يجوز فيما عدا الحالة الموضحة في الفقرة الأولى من هذه المادة رفع الحصانة عن ممتلك ثقافي موضوع تحت نظام الحماية الخاصة إلا في حالات استثنائية لمقتضيات حربية قهرية طالما دامت هذه الظروف. ولا يقرر وجود هذه الظروف إلا رئيس هيئة حربية تعادل في الأهمية أو تفوق فرقة عسكرية، ويبلغ قرار رفع الحصانة، كلما أمكن إلى الطرف المعادي قبل تنفيذه بمدة كافية.
3- على الطرف الذي يرفع الحصانة أن يعلن المشرف العام على الممتلكات الثقافية المشار إليه في اللائحة التنفيذية بقراره كتابة وفي أقرب وقت ممكن، مع بيان الأسباب التي أدت إلى رفع الحصانة”.
3- حماية الممتلكات الثقافية وفقا للبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1999 الملحق باتفاقية لاهاي لعام 1954
لقد تم تعزيز اتفاقية لاهاي لعام الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية 1954، بالبروتوكول الثاني لعام 1999 الذي لعب دوراً مهماً في الحماية القانونية للملكية الثقافية وقوى نقاط الضعف فيها، بحيث استبدل نظام الحماية الخاصة في اتفاقية لاهاي لعام 1954 بنظام الحماية المعززة،لأن نظام الحماية الخاصة الواقع في تنظيمه في اتفاقية لاهاي 1954 ،والذي تضمن إمكانية وضع عدداً محدود من المخابئ لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة ومراكز الأبنية التذكارية والممتلكات الثقافية الثابتة ذات الأهمية الكبرى لم يحقق النتائج المتوقعة منه، الأمر الذي دفع المعنيين بحماية الممتلكات الثقافية للسعي نحو إيجاد نظام جديد يكفل الحماية الفعلية للممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح، وقد تمخضت هذه الجهود عن تضمين البروتوكول الإضافي لعام 1999 الملحق باتفاقية لاهاي لعام 1954 نظاماً جديداً يعرف بنظام ” الحماية المعززة”.([32])
شروط منح الحماية المعززة
حددت المادة العاشرة من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1999 الشروط الموضوعية اللازمة لوضع أي ممتلك ثقافي تحت نظام الحماية المعززة وفقا لما يلي:
1 ـ أن تكون هذه الممتلكات تراثاً ثقافياً على أكبر درجة من الأهمية بالنسبة للبشرية.
2 ـ أن تكون هذه الممتلكات محمية بتدابير قانونية وإدارية مناسبة على الصعيد الوطني على نحو يعترف لها بقيمتها الثقافية والتاريخية الاستثنائية وتكفل لها أعلى مستوى من الحماية.
3 ـ ألا تستخدم لأغراض عسكرية أو كدرع لوقاية مواقع عسكرية، وأن يصدر الطرف الذي يتولى آمر مراقبتها إعلانا يؤكد على أنها لن تستخدم على هذا النحو.
وفضلاً عن هذه الشروط الموضوعية السالفة الذكر فقد حددت المادة الحادية منه ايضا الشروط الإجرائية اللازمة لإدراج ممتلكاً ثقافي على قائمة الممتلكات الثقافية ذات الحماية المعززة.
فقدان وتعليق الحماية المعززة
أن إقرار الحماية المعززة ليس مطلق وإنما قد يتم فقدان هذه الحماية إذا توفرت أسباب فقدان الحماية المعززة الواردة بالفقرة الأولى للمادة الثالثة عشرة من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1999.([33])
وطبقا لنصالمادة الثالثة عشرة من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1999 فالممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية المعززةلا تفقد تلك الحماية إلا:
أـ إذا علقت أو ألغيت تلك الحماية وفقاً للمادة 14
ب ـ أو إذا أصبحت تلك الممتلكات، بحكم استخدامها، هدفاً عسكرياً، ومادامت على تلك الحال.
2- في الظروف الواردة بالفقرة الفرعية (ب) لا يجوز أن تتخذ تلك الممتلكات هدفاً لهجوم إلا:
أ ) إذا كان الهجوم هو الوسيلة المستطاعة الوحيدة لإنهاء استخدام الممتلكات على النحو المشار إليه في الفقرة الفرعية 1 (ب)
ب ـ إذا اتخذت جميع الاحتياطات المستطاعة في اختيار وسائل الهجوم وأساليبه بهدف إنهاء ذلك الاستخدام وتجنب الإضرار بالممتلكات الثقافية أو، على أي الأحوال، حصره في أضيق نطاق ممكن.
ج ـ ما لم تحل الظروف دون ذلك بسبب مقتضيات الدفاع الفوري على النفس
يصدر الأمر بالهجوم على أعلى المستويات التنفيذية للقيادة.
يصدر إنذار مسبق فعلي إلى القوات المجابهة بطلب إنهاء الاستخدام المشار إليه في الفقرة الفرعية 1 (ب)،
وتتاح لقوة المجابهة فترة معقولة من الوقت تمكنها من تصحيح الوضع.
وطبقا للمــادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1999، بتم تعليق الحماية المعززة وإلغاؤها، عندما تكف الممتلكات الثقافية عن الوفاء بأي من المعايير الواردة في المادة 10 من هذا البروتوكول، للجنة أن تعلق شمولها بالحماية المعززة أو تلغيه بحذف تلك الممتلكات الثقافية من القائمة. وفي حالة انتهاك خطير للمادة 12 فيما يتعلق بممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة نتيجة لاستخدامها في دعم العمل العسكري، للجنة أن تعلق شمولها بالحماية المعززة، وفي حالة استمرار تلك الانتهاكات، للجنة أن تعمد بصفة استثنائية إلى إلغاء شمول تلك الممتلكات الثقافية بالحماية المعززة بحذفها من القائمة. ويرسل المدير العام دون إبطاء إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى جميع الأطراف في هذا البروتوكول، إشعاراً بأي قرار تتخذه اللجنة بتعليق الحماية المعززة أو بإلغائها، وتتيح اللجنة، قبل أن تتخذ قراراً كهذا، للأطراف فرصة لإبداء وجهات نظرهم.
ثالثا: الوضع القانوني للممتلكات الثقافية في مدينة القدس المحتلة في القانون الدولي الإنساني
تشكل لوائح لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وملحقاتها، واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح لسنة 1954، وبعض أحكام البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 الملحقين باتفاقيات جنيف لعام 1949، المصادر الأساسية لحماية التراث الحضاري تحت الاحتلال، بحيث أن هذه اللوائح والقوانين تفرض على القوة المحتلة واجبات ومسؤوليات والتزامات، وهذا لا يعني مطلقا أنها تمنح المحتل السيادة على الأراضي المحتلة، فالاحتلال ليس إلا حالة مؤقتة قد تتدخل في حق الشعب المحتل في السيادة على أراضيه، ولكنها لا تنتقص أو تلغي هذا الحق.
لقد وضعت هذه المعاهدات والاتفاقيات الدولية لوائحا وأحكاما دعت بموجبها حماية الآثار والممتلكات الثقافية والمباني التاريخية والتراثية، فنص الملحق الرابع من أحكام اتفاقية لاهاي لعام 1907، ضمن الفقرة الرابعةمن المادة 27 على التزام القوات العسكرية في حالة حصارها اتخاذ كافة الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدة للمعابد وللفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية، وجاء في المادة 22 منها، حظر تدمير الممتلكات من دون أي ضرورة ملحة.
ونصت المادة الخامسة من اتفاقية لاهاي1954 على: “إلزام الطرف الذي يحتل إقليما أو جزءا منه تقديم العون لحكومة الطرف الذي احتلت أرضه في حماية الممتلكات الثقافية واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الممتلكات”.
كما حرمت المادة 56 منها حجز أو تخريب للمنشئات المخصصة للعبادة والبر والمباني التاريخية.
وتضمن كل من البروتوكول الإضافي لاتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1977 في المادة رقم 53 منه،وكذلك البروتوكول الثاني فيالمادة رقم 16 منه حظرا بارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعب.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قد أصدرت العديد من القرارات التي تشجب وتستنكر الاعتداءات الصارخة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأماكن التاريخية والمقدسة في القدس الشريف، كما أدانت الحفريات وأعمال التنقيب التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محيط المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة،
ودعت جميع هذه القرارات (إسرائيل) التوقف الفوري عن هذه الحفريات نظرا لمخالفتها القانونية مع الاتفاقية الدولية لعام 1972 والخاصة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، ورأت هذه القرارات بأن هذه الحفريات تهدد موقع القدس القديمة المسجلة على لائحة التراث العالمي، وفي قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
كما دعت هذه القرارات المستندة إلى البعثات المتعددة المرسلة إلى القدس مرارا “إسرائيل الامتناع عن أي عملية من شأنها أن تغيير الطبيعة التاريخية للمدينة، والتوقف عن أعمال الحفر التي تمثل خطرا على آثار القدس، وأدانت جريمة حريق المسجد الأقصى بتاريخ 21 آوت1969، وطالبت إسرائيل بالحفاظ على جميع المواقع والأبنية والممتلكات الثقافية الأخرى والتوقف عن إجراء التنقيبات الأثرية في الأراضي المحتلة
ويعالج القانون الدولي مسالة التخريب المتعمد للممتلكات الثقافية ويحاسب عليها كجريمة حرب فقد قررت محكمة نورنبرغ اعتبار الاعتداء على الآثار والمباني التاريخية دون سبب مشروع جريمة حرب.([34])وقد دعت منظمة اليونسكو في عدة تقارير الحكومة الإسرائيلية إلى التوقف الفوري عن الحفريات التي تجريها في باب المغاربة وإعادة تركيب التلة التي يجري تجريفها.([35])
1-الأمم المتحدة ومبدأ الالتزام بعدم الاعتراف بالأوضاع غير المشروعة فيالأراضي الفلسطينية المحتلة
ان مبدأ الالتزام بعدم الاعتراف بالأوضاع غير المشروعة يجد أساسه القانوني في ظل ميثاق الامم المتحدة في الالتزامات العامة المتضمنة في الميثاق خاص المادتين الاولى والثانية وفي الاعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1970 حول مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول طبقا للميثاق فضلا عن تأسسه على احد المبادئ العامة للقانون في الامم المتمدينة والقاضي بان التصرفات المخالفة للقانون تكون باطلة ولا تشكل مصدرا لاكتساب مرتكبيها حقوقا قانونية.([36])
يقر ميثاق الأمم المتحدة حق الشعوب في تقرير مصيرها، واحترام حقوق الإنسان وعدم التفرقة العنصرية، ومن ناحية أخرى يؤكد الميثاق علي أن يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي. وبناء عليه، لو أن دولة ما انتهكت حكم المادة 2/4 من الميثاق، والتي تفرض على كافة الدول الامتناع عن استخدام القوة، فإن كافة الدول تلتزم بموجب الميثاق، بأن تتخذ من التدابير الجماعيـة، ما يحول دون المساس بالسيادة الإقليمية والاستقلال السياسي للدولة المعنية وأن تقمع العدوان الواقع عليها هذا الالتزام” الإيجابي” على كل دول العالم، يفترض بداهة أن يقترن بالالتزام سلبي مفاده عدم الاعتراف بأي تصرف يأتي مخالفا للمبادئ المذكورة، ولا بأي أثر من الآثار الناجمة عنه والقول بغير هذا يجعل من هذا التدابير غير ذات معنى.
لقد شهدت الأجهزة المختلفة للأمم المتحدة بعد إنشائها محاولات لتقنين الالتزام بفكرة عدم الاعتراف بالأوضاع الإقليمية غير المشروعة. من ذلك مثلا المشروع الذي تقدمت به لجنة القانون الدولي سنة 1949، والذي يقرر أن تلتزم كل دولة بالامتناع عن الاعتراف بأي مكاسب إقليمية تحصل عليها دولة أخرى انتهاكا لأحكام المادة التاسعة ويراعي أن المادة التاسعة قد بينت القواعد العامة للقانون الدولي التي تضمن السلامة الإقليمية لكافة الدول. وقد اعتنقت الجمعية العامة هذا المبدأ، مبدأ عدم الاعتراف واكدت أن أية مكاسب إقليمية تم الحصول عليها عن طريق استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لا يمكن الاعتراف بشرعيتها.([37])وعليه وطبقا لهذا المبدأ المسلم به فقهيا، أصدر مجلس الأمن قراره الشهير رقم 242 الذي يقضي “بعدم قبول الاستيلاء على أقاليم الغير عن طريق الحرب” وأن إرساء السلام العادل في الشرق الأوسط يقتضي “سحب القوات الإسرائيلية من الأقاليم المحتلة أبان النزاع الأخير([38])“.
وفي أعقاب توصيات عديدة متعلقة بهذا الهدف، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4 جويلية 1967 يدين كل الإجراءات التي قامت بها إسرائيل لتغير الوضع القانوني للقدس، كما صدر عن مجلس الامن العديد من القرارات التي تدين الاحتلال الإسرائيلي وتعتبر جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قامت بها إسرائيل، بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك في مدينة القدس العتيقة التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس عموما خاصة المسجد الاقصى إجراءات باطلة، ولا يمكنها تغيير الوضع فيها، وتدعو إسرائيل بإلحاح إلى الاعتراف بأن أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني أو المواقع الدينية أو أي تشجيع على ذلك، يهدد بشدة الأمن والسلم الدوليين.([39])
2-القانون الدولي ومبدأ حظر التنقيب في الأراضي المحتلة
يحظر القانون الدولي إجراء تنقيبات منظمة في الأراضي المحتلة، أما الاكتشافات العرضية فيجب اتخاذ كافة التدابير من أجل حمايتها وتسليمها إلى السلطات المختصة عند انتهاء الاحتلال. وعلى الدولة التي تحتل أراضي دولة أخرى الامتناع عن القيام بحفريات أثرية في المنطقة المحتلة، وفي حالة العثور على أي أثر بمحض الصدفة، خاصة أثناء الإنشاءات العسكرية فانه يتحتم على الدولة المحتلة ان تتخذ كافة الإجراءات الممكنة لحماية الآثار التي يتم اكتشافها والتي ينبغي تسليمها عند انتهاء الاحتلال إلى السلطة المختصة في المنطقة التي كانت واقعة تحت الاحتلال مع جميع الوثائق المتعلقة بذلك.
ورغم هذا الحظر فقد قام الإسرائيليون بالتنقيب في مئات المواقع الأثرية في الأراضي المحتلة بشكل عام وفي القدس بشكل خاص، منتهكين بذلك حرمة الآثار الفلسطينية، وبالتالي يجب النظر إلى الحفريات في مدينة القدس كجزء من الخرق الدائم للقانون الدولي الإنساني على اعتبار ان القدس مدينة محتلة، كما ورد أعلاه.([40])
الخـــــــــــاتمة
من خلال ما تم التطرق إليه أعلاه يمكن ان نخلص في نهاية هذا البحث إلى جملة من النتائج القانونية نوجز أهمها فيما يلي:
1- إن التراث الثقافي يشكل ركيزة هامة في حياة الشعوب، وذلك لما له من دور هام في ربط حاضر هذه الشعوب بماضيها من جهة، إضافة إلى أنه يعد إرثا مشتركا للأجيال القادمة، من جهة أخرى، وبناء عليه لم يغفل القانون الدولي الإنساني في جانبه الموضوعي على هذه الأهمية، إذ قرر مجموعة من القواعد العامة لحماية الأعيان المدنية، كما أنه أفرد بعض القواعد الخاصة لفئات معينة من الأعيان المدنية، منها الأعيان الثقافية، لذلك عقدت بعض الاتفاقيات لحماية الأعيان الثقافية ولعل أهمها اتفاقية لاهاي لعام1954وبروتوكولها التكميلي لعام 1999، وهذا في حد ذاته يعتبر جهدا معتبرا وتطورا كبيرا للقانون الدولي الإنساني في هذا المجال.
2- على الرغم من التطور الكبير الذي شهده القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي والقانون الدولي الخاص بحماية التراث العالمي الذي دعم بنظام الحماية المعززة وانشاء اطارا قانونيا دوليا مؤسساتيا جديدا يتمثل في اللجنة الدولية لحماية الممتلكات الثقافية الا أن الممتلكات الثقافية في الاراضي الفلسطينية المحتلة بقيت عرية ومجردة من هذه الحماية عل ارض الواقع، ولعل خير دليل على ذلك،جملة الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة والمقننة تجاه مدينة القد س ومقدساتها الدينية المختلفةالاسلامية والمسيحية، خاصة ضد حرمة المسجدالاقصى المبارك وسعي سلطات الاحتلال جاهدة لتدميره وبناء الهيكل المزعوم مكانه.
ا3- ان السبسب الرئيسي وراء الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني في الاراضي لفلسطينية، ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته الثقافية يعود إلى سياسة المكيال بمكيالين التي تنتهجها القوى الفاعلة في القانون الدولية، ولا يكمن ابدا التمادي الإسرائيلي على الممتلكات الثقافية في الاراضي الفلسطينية المحتلة في غياب أو لقصور قواعد واليات الحماية الدولية.
وعليه يمكن ان نوصي بما يلي:
ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني في الاراضي الفلسطينية المحتلة وانتهاج مبدأ قوة القانون والتخلي على فلسفة قانون القوة والمكيال بمكيالين، التي ما زادت في الوضع الفلسطيني الا تعقيدا وظلما وجورا، والا فما جدوى النصوص في غياب التطبيق؟
بضرورة التحرك سريعا والعمل على كافة الأصعدة والمستويات، الوطنية الفلسطينية، والإقليمية العربية والإسلامية، والدولية، لحماية الممتلكاتالثقافية الدينية والتاريخية والثقافية في القدس والاراضي الفلسطينية عامة، وذلك من خلال عمل السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومات العربية والإسلامية وجميع القوى الفاعلة في المجتمع الدولي بوضع استراتيجية عمل موحدة، تتضمن أهداف ونشاطات عملية، وعدم الاقتصار على التنديد والشجب والاستنكار الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
2.وعلى هيئة الامم المتحدة ممثلة في مجلس الامن الاضطلاع بدورها قصد إنهاء حالة الاحتلال الصهيوني الغاشم بمدينة القدس وجميع الاراضي الفلسطينية المحتلة.
3.وعلى منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية (اليونسكو) الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية المسجد الاقصى وحماية جميع المقدسات الدينية والممتلكات الثقافية في القدس المحتلة واتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة وفعالة لوضع حد للسياسة الإسرائيلية العدوانية المتمثلة في نهب وتدمير وسرقة الممتلكات الثقافية والدينية والتاريخية، وعمليات الحفر تحت وحول المسجد الاقصى ووقف الانتهاكات البشعة ضد الفلسطينيين المدنيين العزل اثناء ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم الدينية، وتأديتهم لشعائرهم التعبدية بالمسجد الاقصى وبجميع المقدسات الاسلامية وأماكن العبادة الاخرى.
4.وعلى المملكة الاردنية باعتبارها الدولة الوصية على شؤون المسجد الاقصى، وجميع المقدسات الدينية الاسلامية الاخرى في مدينة القدس المحتلة أن تقوم بدورها على الصعيد الجنائي الدولي، خصوصا وإذا علمنا ان المملكة الاردنية قد صادقت وانضمت لنظام المحكمة الجنائية الدولة عام 1998.
كما ندعو المملكة الأردنية إلى إدراج المقدسات الدينية التي تحت وصايتها في القدس المحتلة وبالأخص، ادراج المسجد الاقصى ضمن قائمة الممتلكات المشمولة بالحماية المعززة لدى منظمة اليونسكو، طبقا للبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1999م، الملحق باتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية لعام 1954.
المراجع:
أولا: الوثائق القانونية الدولية
اتفاقية لاهاي لحقوق وواجبات الدول المحايدة لعام 1907.
ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.
اتفاقية لاهاي للأمم المتحدة المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية لعام 1954م، والبروتوكول الملحق بها لعام 1999 .
اتفاقيات جنيف لعام 1949، والبروتوكولان الإضافيان الملحقان بها لعام 1977.
العهدين الدوليين للأمم المتحدة لعام 1966.
اتفاقية اليونسكو بشان التدابير الواجب اتخادها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة لعام 1970.
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 .
جملة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن المتعلقة بالقدس.
جملة من قرارات منظمة اليونسكو بشأن القدس، والمسجد الاقصى.
بعض تقارير المراكز البحثية الدولية، والمؤسسات الحقوقية ذات الشأن بالوضع القانوني للقدس والاراضي الفلسطينية المحتلة، ومجال حقوق الإنسان فيها.
ثانيا: الكتب
أحمد أبو الوفاء:“النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني في القانون الدولي وفي الشريعة الاسلامية”، دار النهضة العربية، الطبعة الاولى، 2006،
أسعد دياب واخرون:“أحكام حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح والاحتلال، القانون الدولي الإنساني افاق وتحديات”، الجزء الاول، تأصيل القانون الدولي الإنساني وافاقه، منشورات الحلبي الحقوقية،
العلالي الصادق:“العلاقات الثقافية الدولية، دراسة سياسية وقانونية”، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2006.
عبد الله ا لأشعل:“القانون الدولي الإنساني، أفاق وتحديات، الجزء الأول، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2005.
علي خليل إسماعيل الحديثي:“حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي”، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1999.
عمر سعد الله:“القانون الدولي الإنساني الممتلكات المحمية”، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2008.
عمر سعد الله:“معجم في القانون الدولي المعاصر”، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2007.
سعيدسالمجويلي:“المدخلللقانونالدوليالإنساني”،دارالنهضةالعربية،القاهرة، 2002 .
سهيل الفتلاوي وعماد محمد ربيع: “موسوعة القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني”، دار الثقافة للنشر والتوزيع، جرش، الاردن، 2007.
كمالحماد:“النزاعالمسلحالدولي”،المؤسسةالجامعيةللدراساتوالنشروالتوزيع،بيروتلبنان، 1997.
مصطفى كامل شحاتة:“الاحتلال الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصرة”، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1981.
ميلود بن عبد العزيز:“حماية ضحايا النزاعات المسلحة في الفقه الإسلامي الدولي والقانون الدولي الإنساني”، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2009.
محمد سامح عمرو واخرون:“أحكام حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح والاحتلال، القانون الدولي الإنساني، افاق وتحديات”، الجزء الاول، تأصيل القانون الدولي الإنساني وافاقه، منشورات الحلبي الحقوقية،
نوالاحمدبسج،تقديممحمدالمجذوب:“القانونالدوليالإنسانيوحمايةالمدنيينوالأعيانالمدنيةفيزمنالنزاعاتالمسلحة”،منشوراتالحلبيالحقوقية،بيروت،لبنان،
ثالثا:مذكرات التخرج الجامعية:
رقية عواشريه: “حماية المدنيين والأعيان المدنية في النزاعات المسلحة غير الدولية”، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، مصر، 2001.
خياريعبدالرحيم:“حمايةالممتلكاتالثقافيةفيالمنازعاتالمساحةعلىضوءاحكامالقانونالدوليالإنساني”،بحثمقدملنيلدرجةالماجيسترفيالقانونالدوليوالعلاقاتالدولية،معهدالحقوقوالعلومالادارية،جامعةالجزائر، 1997.
رابعا: المقالات القانونية
المنظمة العربية للعلوم والثقافة: “الثقافة”، على الموقع الالكتروني: alecso.org
فادي شديد:“حمايةالممتلكاتالثقافيةوالدينية،معدراسةخاصةللانتهاكاتالإسرائيليةللممتلكاتالثقافيةوالدينية،وخصوصاًالحفرياتالإسرائيليةفيالمدينةالمقدسة”، تاريخ النشر: 5/04/2009 جامعة النجاح الوطنية، على الموقع الالكتروني: http://blogs.najah.edu
فرنسوا بونيون:“نشأة الحماية القانونية للممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح ضمن إطار القانون الدولي الإنساني التعاقدي والعرفي”، اجتماع الذكرى الخمسين لاتفاقية لاهاي لعام 1954، تاريخ النشر 14/11/2004 على الموقع الالكتروني: cicr.org
“حماية الأعيان الثقافية في القانون الدولي الإنساني”: سلسلة القانون الدولي الإنساني رقم09، لعام 2008، على الموقع الالكتروني: mezan.org
بدرية عبد الله العوضي: “ الحماية الدولية للاعيان وحرب الخليج”، مجلة الحقوق، جامعة الكويت،1984، تاريخ النشر 19/06/2012، على الموقع الالكتروني: kuniv.edu/ku/ar
مفيد شهاب:“دراسة حول القانون الدولي وقضية القدس”، تاريخ النشر17/12/2010، على الموقع الالكتروني:
esraa-2009.ahlamountada.com
([1])عبد الله ا لأشعل: ” القانون الدولي الإنساني، أفاق وتحديات”، الجزء الأول، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2005، ص 222.
([2])ميلود بن عبد العزيز: “حماية ضحايا النزاعات المسلحة في الفقه الإسلامي الدولي والقانون الدولي الإنساني”، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2009، ص 218.
([3])علي خليل إسماعيل الحديثي:“حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي”، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1999، ص 17.
([4])عمر سعد الله:”معجم في القانون الدولي المعاصر”، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2007، ص147.
([5])منظمة الإلسكو: منظمةعربيةمتخصصةتابعةلجامعةالدولالعربيةعقدتأولمؤتمرتأسيسيلهافي 15/07/1970.
([6])العلالي الصادق: ” العلاقاتالثقافيةالدولية،دراسةسياسيةوقانونية”،ديوانالمطبوعاتالجامعية،الجزائر، 2006، ص46.
([7])سهيل الفتلاوي وعماد محمد ربيع: “موسوعة القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني”، دار الثقافة للنشر والتوزيع، جرش، الأردن، 2007، ص195.
([8])علي خليل إسماعيل الحديثي: “حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي”، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1999،ص21.
([9])عمر سعد الله:”القانون الدولي الإنساني الممتلكات المحمية”، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2008، ص 95.
([10])خياري عبد الرحيم: “حماية الممتلكات الثقافية في المنازعات المساحة على ضوء أحكام القانون الدولي الإنساني”، بحث مقدم لنيل درجة الماجيستر في القانون الدولي والعلاقات الدولية، معهد الحقوق والعلوم الإدارية،جامعة الجزائر، 1997، ص 65.
([11])المادةالأولىاتفاقيةلاهاي 1954.
([12])المادةالأولىاتفاقيةاليونسكولعام 1970
([13])عبدالله الأشعل:المرجع السابق، ص 233-234 .
([14])مصطفى كامل شحاتة: “الاحتلال الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصرة”، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1981، ص257.
([15])فادي شديد:”حماية الممتلكات الثقافية والدينية، مع دراسة خاصة للانتهاكات الإسرائيلية للممتلكات الثقافية والدينية، وخصوصاً الحفريات الإسرائيلية في المدينة المقدسة”، تاريخ النشر: 5/04/2009 جامعة النجاح الوطنية، على الموقع الالكتروني: http://blogs.najah.edu
([16])عمر سعد الله:“القانون الدولي الإنساني الممتلكات المحمية”، المرجع السابق، ص 89 .
([17])”حماية الأعيان الثقافية في القانون الدولي الإنساني”:سلسلةالقانونالدوليالإنسانيرقم09، لعام 2008،على الموقع الالكتروني: www.mezan.org
([18])رقية عواشريه: “حماية المدنيين والأعيان المدنية في النزاعات المسلحة غير الدولية”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه،كلية الحقوق،جامعة عين شمس، القاهرة، مصر، 2001،ص143.
([19])فرنسوابونيون:”نشأة الحماية القانونية للممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح ضمن إطار القانون الدولي الإنساني التعاقدي والعرفي”، اجتماع الذكرى الخمسين لاتفاقية لاهاي لعام 1954، بتاريخ 14-11-2004 على الموقع الالكتروني: www.cicr.org
([20])”حماية الأعيان الثقافية في القانون الدولي الإنساني”: لمقال السابق
([21])نوال احمد بسج ،تقديم محمد المجذوب: “القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والأعيان المدنية في زمن النزاعات المسلحة”، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2010، ص131.
([22])الوثيقة الثالثة منوثائقمؤتمرالخبراءالحكوميينللعملعلىانماءوتطويرقواعدالقانونالدوليالإنسانيالمطبقفيالمنازعاتالمسلحة، نقلا عن نوال احمد بسج، المرجع السابق، ص132.
([23])اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الموقع:www.cicr.org
([24]). Stanislaw e .nahlik ,précis abrège de droit international humanitaire , extraites de la revue international de la croix rouge , juillet / aout 1984 , p .35
([25])سعيد سالم جويلي:” المدخل للقانون الدولي الإنساني”، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص 228 +229 .
([26])اسعد دياب وآخرون: “أحكام حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح والاحتلال،القانون الدولي الإنساني افاق وتحديات” ، الجزء الأول، تأصيل القانون الدولي الإنساني وآفاقه، منشورات الحلبي الحقوقية،ص226.
([27])اسعد دياب وآخرون: “أحكام حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح والاحتلال،القانون الدولي الإنساني أفاق وتحديات” ، الجزء الأول، تأصيل القانون الدولي الإنساني وآفاقه، منشورات الحلبي الحقوقية، ص 229.
([28])محمد سامح عمرو واخرون:المرجع السابق، ص229.
([29])المادة 11 اتفاقية لاهاي 1954.
([30])أحمد أبو الوفاء: “النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني في القانون الدولي و في الشريعة الإسلامية”، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2006،ص 102.
([31])محمد سامح عمرو واخرون: المرجع السابق، ص232.
([32])بدرية عبد الله العوضي: “الحماية الدولية للأعيان وحرب الخليج”،مجلة الحقوق،جامعةالكويت1984، تاريخ النشر 19/06/2012، على الموقع الالكتروني: www.kuniv.edu/ku/ar
([33])فادي شديد: المقال السابق.
([34])المادة 6 فقرةب من ميثاق المحكمة.
([35])الملحقرقم1 من تقرير بعثة اليونسكو التي زارت القدس في الفترة الممتدة ما بين فيفري ومارس 2007.
([36])كمال حماد:”النزاع المسلح الدولي”،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،بيروت لبنان، 1997، ص 40.
([37])ديباجة الإعلان الصادر عن الجمعية العامة والمتعلق بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول الصادرة في 24 أكتوبر سنة 1970.
([38])ديباجة قرار مجلس الأمن رقم 242، المؤرخ في 22 نوفمبر 1967.
([39])مفيد شهاب:”دراسة حول القانون الدولي وقضية القدس”، تاريخ النشر17/12/2010، على الموقع الالكتروني:esraa-2009.ahlamountada.com
([40])لجنة خبراء الإيسيسكو الآثار يين: “التقريـر الفنـي والقانونـي الموثـق بالخرائـط و الصـور بشـأن الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي حول المسجد الأقصى في القدس الشريف”. مقردائرةالآثارالأردنية،عمان،المملكةالأردنيةالهاشمية،فيالفترةمن15إلي 16 أبريل 2007.
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
دراسة حول دور القانون الدولي الإنساني في حماية الممتلكات الثقافية – “القدس المحتلة”