قوارب الإنتحار الجماعي في الجزائر أم الباحثون عن الحق في الحياة– شبابفي خطر-
الدكتورة سماح بلعيد -الرتبة أستاذة محاضر صنف أ
جامعة الشاذلي بن جديد الطارف، الجزائر
Abstract:
This paper poses a problem, hovering among Algerian youth in recent times, is immigration and the illegal transfer, in search of jobs and better conditions of life.
Thud, boats of death, departure towards the unknown … is a structural crisis,include ingunsustainablefromthe dangers of life, security and humanitarian. Halter earache remolded within the thesis of knowledge, keen to consider…illegal immigration of young people who lose and everythingrelated to his homeland, hedecides to shake hands withdeath more than once with…an youngvictims’ a thematic experience….researcher, within the psycho-social analysis, the competence of the Algerian experience, will throw a researcher of analyticalelements, hoping to adjustthesedisturbance she take place in the center of youth in Algeria..
Key words :
Collectivesuicide ,boats death ,clandestine immigration , departure towards the unknown, youth, psychological security, socialsecurity,the life
ملخص
تحاول الباحثة في هذه الورقة العلمية،عرض ظاهرة أثارت قلقلة اجتماعية متعددة الأوجه،تحوم وسط الشباب الجزائري في الآونة الأخيرة،هي مشكلة الهجرة والإنتقال غير الشرعي، بحثا عن فرص العمل وظروف أفضل للحياة.
الحرقة، الهدة، قوارب الموت، الرحيل نحو المجهول … هي مشتقات أزمة بنيوية بما تحمله الظاهرة من أخطار حياتية وأمنية وإنسانية بالأساس.حاولت الباحثة قولبتها ضمن أطروحة معرفية،تحرص على النظر في مبررات الهجرة غير الشرعية للشباب الذي يفقد الصلة بوطنه وكل ما يربطه به فيقرر مصافحة الموت أكثر من مرة مع جماعات وعصابات التهريب السرية،مسترشدا ببوصلة الطبيعة التي تصنع الصدف، صدف النجاة وصدف الموت على حد سواء، وذكريات أخرى مؤلمة عن الرفقة في قوارب الموت أو بالأحرى الإنتحار الجماعي. إن الشباب هو الضحية وهو التجربة الموضوعاتية التي قاربتها الباحثة،ضمن تحليل نفسي اجتماعي، تختص به التجربة الجزائرية،طارحة الباحثة عناصر تفكيرية، بأمل كبح هذه التشويشات التي تحوم في الوسط الشبابي في الجزائر.
الكلمات المفتاحية:
الانتحار الجماعي،قوارب الموت، الهجرة السرية، الرحيل نحو المجهول، الشباب، الأمن النفسي،الأمن الإجتماعي،الحياة
مقدمة
الحرقة، الهدة، قوارب الموت، الرحيل نحو المجهول، الهجرة السرية … جيل جديد من المفاهيم التي يتعاطى معها شباب في الجزائر فتوافق معها بشكل كبير ذكورا وإناثا،عزابا ومتزوجين….بالتأكيد هي أزمة ليست عارضة أو سطحية.هي حالة أنوميا اجتماعية استفحلت بطريقة بليغة في المجتمع الجزائري،الذي تحدث له أشياء وأشياء في الآونة الأخيرة( اختطاف الأطفال، عصابات التهريب،المخدرات، القتل العمدي، الإنتحار، الفساد الإجتماعي…)،وهي ظواهر ليست بريئة من التأويل بالتأكيد.
تدرك الباحثة أن قوارب الإنتحار الجماعي أو الهجرة نحو المجهول، هي تعبير عن أزمة بنيوية مؤسسية،بما تحمله الظاهرة من أخطار حياتية وأمنية وإنسانية بالأساس.نحاول في هذه الورقة، معالجة الظاهرة في أطروحة معرفية، للنظر في مبررات الهجرة غير الشرعية في أوساط الشباب الجزائري، الذي يفقد الصلة بوطنه وكل ما يربطه به(العائلة، الجيرة، الرفقة،الوطن…) فيقرر مصافحة الموت أكثر من مرة…وتحطيم حقه في الحياة مع جماعات وعصابات التهريب السرية، فمن المسؤول يا ترى عن ضياع ( الحق الإنساني) ؟ وهل من حل يوقف توسع الظاهرة في خيارات الرأسمال البشري الناعم(الشباب) الذي تنهض به الأمم وتتقدم؟هل من سياسات إجتماعية، معقولة ومقبولة تأخذ بآمال الشباب وتطلعاته، خاصة بعد المضي في تجربة ديمقراطية عميقة وأكثر تنويرا لفائدة الشباب، حملتها مؤخرا أجندة دستور2016 في الجزائر( المجلس الأعلى للشباب)؟
أولا. قصة الإنسان مع المكان(المجال)وتطورها التاريخي:
حركة الإنسان عبر المكان من الظواهر الأساسية الملازمة لحياته منذ عهود مديدة، وهي شاغلة طبيعية لازمت الإنسان بحثا عن الأفضل،”حتى مع توفر عوامل الإستقراروتزداد أهميتهامع ظهورملامح التباين في الخيرات والثروات”1
من المؤكد أن التضاريس الوعرة والجغرافيا المجهولة وحتى المسافات الطويلة التي تفصل الإنسان عن موطنه الأصلي لم تعطل طموحه في دروب الحياة لطلب المزيد والبحث عن الأفضل،فشق طريقه في التنقل والترحال عابثا بالعوائق،هازئابالمستحيل.ولربما الظروف في القديم قد ساعدته إلى حد بعيد، ذلك أن المجتمعات الإنسانية بقيت لفترة طويلة تعيش حالة عدم تنظيم إجتماعي، أين يصعب معه تحديد الموطن الأصلي والمواطن الأصلي لأن الأرض كانت فضاءا عاما ومشاعا للجميع(بالمفهوم الماركسي)،مما سمح باستيعاب وتقبل كل الوافدين دون شروط.هكذا كان افتقار المجتمعات القديمة لتنظيمات الدولة الحديثة، التي أرست على إملاءات وشروط إدارية وتعقيدات تنظيمية تضبط مسألة التنقل والترحال والإقامة،كان ذلك المفقود حليفا قويا لقصة الإنسان مع المكان، الذي أودع فيه الله حاجة التهويم والتنقل ابتغاء الإسترزاق يقول تعالى” وقل سيروا في مناكبها وكلوا من رزقه”.
ملاحظة الواقع واستقراء التاريخ يكشف أن الإنسان عرف الهجرة والتهجير لأسباب مختلفة،كان أهمها الكوارث الطبيعية(الجفاف والزلازل) والبيئية(تخصيب الأرض وانتظار المحصول، البحث عن الماء والمناخ المناسب للعيش وتربية الأنعام والقنس…)بالإضافة إلى الحروب والغزوات والقرصنة والتجارة وغيرها من العوامل…التي ساهمت باستمرار في حركية الإنسان وهوامه في حدود جغرافية الطبيعة، التي تقسو أحيانا وتبسط أحيانا أخرى.
منذ العصور القديمة،دلنا الدرس التاريخي “كيف أن الحروب والغزوات لعبت دورا في إيجاد ظاهرة التهجير القسري الإضطراري الذي دفع بجماعات كاملة للنزوح بعيدا، بحثا عن الإستقرار والأمان.
وفي العصر الحديث،فإن الأمر اختلف كثيرا،فمع تشكل الدولة الحديثة، التي باتت تفرض وصاية سياسية واقتصادية واجتماعية على حدودها وسكانها، “باتت لعمليات الهجرة والإنتقال عبر المكان شروط إدارية وتنظيمية أكثر تعقيدا يتولى أمرها المعنيون بإدارة الدولة تبعا لما يقدرونه من مصالح تعود بالنفع العام على مجمل الدولة أو الضرر،فتأتي التشريعات الناظمة للهجرة يسيرة وأحيانا عسيرة تبعا لمصلحة الدولة ومصلحة أبنائها وفق تقديرات المعنيين بإدارته”1
“أطلق برونسمككنلي مدير عام منظمة الهجرة الدولية على القرن الحادي والعشرين، اسم قرن الهجرة، فالعولمة جعلت الهجرة أسهل بالنسبة للأعداد المتزايدة من البشر الساعين للوصول إلى ظروف معيشية أفضل لهم ولعائلاتهم ومستوى اجتماعي واقتصادي أعلى في العمل والصحة والتعليم وأسهمت ثورة المواصلات والإتصالات في تسهيل حصول الأفراد على فرص عمل في بلاد جديدة. وتقدر منظمة الهجرة الدولية عدد المهاجرين الشرعيين بأكثر من 200 مليون شخص،بينما لايمكن حصر عدد المهاجرين غير الشرعيين”2.
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة موقف المنظمة الأممية من مسألة الهجرة، على أنها واحدة من أكبر التحديات التي سيواجههاالإتحاد الأوربي في السنوات المقبلة، على الرغم من مساهمة الأوربيين في ازدياد موجات الهجرة لحاجاتها إلى المهاجرين لرفع عدد السكان بها نظرا لزيادة الأعمار في أوربا مع قلة عدد الإنجاب ومن ثم فهي مهددة بانخفاض عدد السكان بها وانتشار الشيخوخة. وأكد أيضا أن الهجرة غير الشرعية جزءا من إستراتيجية أوسع نطاقا،وأقر أن البلدان يجب أن توفر قنوات للهجرة الشرعية وأن تسعى للإستفادة منها مع تأمين حقوق الإنسان للمهاجرين.وأيضا تستطيع البلدان الفقيرة أن تستفيد من الهجرة من خلال تحويلات المهاجرين التي تساعد في عمليات التنمية بها.ومن ثم فكل البلدان لها مصلحة في الهجرة وهو ما يتطلب المزيد من التعاون الدولي.وعلى اللجنة العالمية للهجرة الدولية أن تساعد في وضع قواعد دولية ورسم سياسات أفضل لإدارة الهجرة بالشكل الذي يكفل مصالح الجميع”3.
ثانيا . الهجرة، المفهوم، التبرير، المداخل النظرية:
المـفـهـــــوم:
لـــغـــــة:
الهجرة بالكسر والضم وهي اسم من هجر يهجر هجرا وهجرانا. ورد مفهوم الهجرة في اللغة في عدة سياقات نعرضها في الآتي:
المفارقة والترك والتقاطع، والهجر ضد الوصل. وتكون مفارقة الإنسان لغيره إما بالبدن أو القلب وترك ما يلزم تعاهده، يقول الله تعالى” واهجروهن في المضاجع”*أي في المنام توصلا لطاعتهن”4 .
وسميالمهاجرون مع النبي–ص-بذلك لتركهم ديارهم واللحاق به إلى المدينة“.
2-الخروج والسير والإنتقال، الخروج من أرض إلى أخرى، لذا يقال لمن خرج مهاجرا للحبشة والمدينة ذو الهجرتين وأصل المهاجرة عند العرب،خروج البدوي من باديته إلى المدن وانتقال الأفراد من مكان إلى آخر سعيا وراء الرزق”5.
3-المدة من الزمن، يقال لقيته عن هجرة أي بعد حول أو ستة أيام فصاعدا”.
الهذي والخلط،هجر المريض في كلامه إذا هذى وخلط”.
واختصر ابن فارس معانيها فجعلها تدور حول أصلين:
الأول: يدل على القطيعة والقطع.
والثاني: يدل على شد الشيء وربطه”1
اصطلاحا:
تطلق كلمة الهجرة ليراد بها سياقات مختلفة، سنأتي على المراد من الهجرة في علم السكان وفي علوم الشرع وصولا لما نريده من الهجرة إلى بلاد غير المسلمين في الآتي:
الهجرة في علم الديمغرافيا:
تعرف الهجرة في علم السكان بتعريفات مختلفة،منها ما يكون باعتبارها داخلية أو خارجية ومنها ما يكون باعتبار الإرادة فيها أهي إلزامية أم اختيارية ومنها ما يكون وفق القانون أو الحياد عنه،ومنه ما يكون بشكل دائم أو مؤقت.
الهجرة هي عملية انتقال للأفراد أو الجماعات من مكانهم الأصلي الذي يعيشون فيه إلى منطقة أخرى واجتياز إما حدودا إدارية أو دولية بين المنطقتين والإقامة في المكان الجديد لفترة زمنية معينة” .
الهجرة هي حركة سكانية يتم فيها انتقال الفرد أو الجماعة من الموطن الأصلي إلى وطن جديد يختاره نتيجة أسباب عديدة”.2
نستنتج أنالهجرة هي عملية انتقال الأفراد أو الجماعات من موطنهم أو موضعهم الأصلي الذي يعيشون فيه إلى موضع آخر واجتياز إما حدودا إدارية أو دولية والإستقرار في المكان الجديد( البلد المستقبل) نتيجة أسباب عديدة إما اقتصادية، أمنية، علمية، سياسيةـ، تجارية…
الهجرة في التعريف الشرعي:
يستعمل أهل الشريعة مصطلح الهجرة باعتبارها خط الإنتقال التاريخي والحضاري للإنسان المسلم من مكة إلى المدينة في عهد النبي– ص- بترك الوطن(مكة) والإنتقال إلى المدينة تأييدا وتقوية للنبي ص- والمسلمين وإعانة لهم على قتل الكفرة“.
وفي تعريف آخر جاء أن الهجرة هي الإنتقال الذي تم لرسول الله – ص- والمؤمنين حتى فتح مكة وهو انتقال من دار الكفر( مكة) إلى دار الإسلام ( المدينة المنورة).
كما ورد تعريف الهجرة باعتبارها مادية ومعنوية، فقد قال الحافظ ابن حجر”الهجرة في الشرع ترك مانهى الله عنه”،اعتمادا على قوله تعالى”المهاجر من هجر ما نهى الله عنه”وهي تشمل الهجرة الباطنة والهجرة الظاهرة، فأما الهجرة الباطنة فهي ترك ما تدعو إليه النفس الأمارة بالسوء وما يزينه الشيطان وأما الهجرة الظاهرة فهي الفرار بالدين من الفتن والأولى أصل للثانية.
جاء تعريف الهجرة باعتبار الدلالة اللغوية في تحديد الدكتور عبد الصبور مرزوق الهجرة بأنها” الخروج من أرض إلى أرض وانتقال الأفراد من مكان إلى آخر سعيا لتحقيق أغراض للمهاجر”.
وسبقه الجرجاني فقال :الهجرة هي ترك الوطن إلى بلد غيره للإقامة فيه”3
الهجرة في التعريف الشرعي، هي ترك المسلم موطنه والتوطن في بلد غير اسلامي لتحقيق أغراض مختلفة، تجارة،عمل،زواج، علاج،سياحة… .
التحليل الشرعي والقانوني للهجرة غيرالشرعية ومقاربة الأمن الإنساني:
نحاولفي هذا المقترب المعرفي عرض التبريرات الشرعية والقانونية للهجرة والتحقق من الرؤية غير المشروعة لظاهرة الهجرة بمقاربة الأمن الإنساني.
1.2. التفسير الشرعي:
ثبتت مشروعية الهجرة بأدلة سنكتفي بذكر بعضها من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
من القرآن:
يقول الله تعالى”والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولائهم من شيء حتى يهاجروا”*
يفهم–استحقاق- المسلم لحقوقه على الهجرة لما لها من أثر على العقيدة ولو لم تكن الهجرة مشروعة لما كانت هذه منزلتها.يقول الله تعالى :”ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها”*.أمر الله عباده المعرضين للفتنة في دينهم بالهجرة ولو لم تكن الهجرة مشروعة لما جعلها المخرج الأمثل.
من السنة:
عن معاوية رضي الله عنه قال سمعت النبي ص يقول ” لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولاتنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها”.إنالحديث يدل على أن الهجرة مشروعة إلى آخر الزمان،ل أن الشمس تطلع من مغربها في آخر الزمان وذلك اشارة إلى أن الهجرة مستمرة“.
من الإجماع:
أجمع العلماء على أن الهجرة مشروعة وقد تصل إلى الوجوب عند التعرض للفتنة والمقدرة عليها” 1
من التجربة الوضعانية:
-إن الإقامة هي الأصل وما كانت الإقامة هي الأصل إلا لأن الإنسان قد هيأ نفسه في مكان الإقامة فجهز مسكنه ووفر مطعمه ومشربه وملبسه وانسجم مع محيطه الذي يعيش فيه وأظهر عبادته وشعائره فإذا حدث اعتداء على أساسيات الدين أو الدنيا فإن الهجرة تصبح هي الوسيلة التي تخرجه من وضعه الحالي وتعود به إلى حالة الإستقرار.
-إن بقاء المسلم تحت وطأة الظالمين والمعتدين عند تعرضه للفتنة يجعل الغلبة والهيمنة للكافرين وقد حرم الله عز وجل أن يكون للكافر سبيل على المؤمن فالهجرة هي التي تخرج المسلم من قبضة الكافر.
– تغير الوقائع والأماكن والأزمان،يجعل حاجات الناس متزايدة، سواء حاجات صحيحة أو علمية أو عملية،وهذه الحاجات لا تلبها في الغالب بيئة واحدة فيلجأ المرء للهجرة لتوفير ما يحتاجه من متطلبات.
من التجربة التاريخية:
إن مسيرة الحق على مر التاريخ تعرضت للاضطهاد ومورست عليها كل الوسائل لقمعها،مما جعل الجهاد مشروعا إلى يوم القيامة،والعالم كله ساحة لمعركة الحق والباطل المستمرة في كل البقاع ومع كل أتباع الحق وما الهجرة إلا وسيلة من وسائل مقاومة الباطل، فهي فر لأجل كر، فكانت أول هجرة عرفها أهل الحق هي هجرة ابراهيم عليه السلام إلى فلسطين .فقد قال تعالى إخبارا عن والد إبراهيم:”قال أراغب أنت عن آلهتي ياابراهيم لئن لم تنه لأرجمنك واهجرني مليا”.* (فخرج عليه السلام مهاجرا، ثم تلتها هجرة ابنه اسماعيل عليه السلام هو وأمه إلى مكة وكذا نبي الله لوط عليه السلام فقد أخبر القرآن الكريم عنه :”فآمن لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم”* وكذا هجرة موسى عليه السلام من مصر مرورا بعدد من الأنبياء والأولياء لتصل مسيرة الهجرة إلى الأمة الإسلامية، فكانت أول هجرة للأقلية المسلمة خارج حدود الجزيرة العربية إلى الحبشة( إثيوبيا)، ثم كانت هجرة الإسلام الكبرى وهي الهجرة من مكة إلى المدينة والتي كان لها الأثر الأكبر في بناء دولة الإسلام”1.
2.2. التفسير القانوني :
يستخدم مفهوم الهجرة غير الشرعية في المعالجة القانونية، لأن فيها مخالفات للقوانين والنظم المعنية بالهجرة وحركة الأفراد وتنقلاتهم بين الدول، مما جعل عددا كبيرا من الشباب يقدمون على الهجرة مع ما تحمله لهم من أخطار حياتية.فالإنتقال غير الشرعي تحقق باستخدام وسائل النقل بطرق غير مسموح بها قانونيا، وعدم المرور على إجراءات السفر القانونية، ولهذا ينطوي مفهوم الهجرة غير الشرعية على مضمون قانوني من خلال:
-دخول الشخص حدود دولة ما دون وثائق قانونية تفيد بموافقة هذه الدولة على ذلك، إذ غالبا ما يتم التسلل عبر الطرق البرية الصحراوية أو الجبلية أو عبر البحار.
-دخول الشخص حدود دولة ما بوثائق قانونية لفترة محددة وبقاؤه فيها إلى ما بعد الفترة المشار إليها دون موافقة قانونية مماثلة، كأن تكون غايات دخوله للمرة الأولى السياحة أو زيارة الأقارب ثم المكوث والإستقرار في الدولة المضيفة.
-التسلل إلى داخل الدولة بعد دخول مشروع لها مؤقت، كما هو الحال في تسلل العابرين للدولة إلى دول مجاورة، فيصبح مكوثهم فيها غير شرعي وليس دخولهم إليها.
-ممارسة الشخص لمهام وأعمال ضمن الدولة المستفيضة غير مسموحة له فيها بموجب تأشيرات الدخول الممنوحة له من قبل كأن يكون قدومه لغايات السياحة أو الزيارة ولكنه يمارس أعمالا منتجة.
-دخول الشخص لحدود دولة ما في سياق عملية منظمة من قبل جهات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية بغرض إيقاع الأذى بالسكان المقيمين والعمل على تهديد أمن الدولة لغايات سياسية أو اجتماعية وغالبا ما يقترن هذا الشكل بعمليات الإرهاب التي تنظمها مافيات شديدة الخطورة.
-قد تتعرض الدول لمشكلات من نوع آخر تتعلق بالهجرة غير الشرعية كأن تحدث في الدول المجاورة كوارث طبيعية أو اجتماعية أو مجاعات أو حروب أهلية … مما يدفع بسكان الدول المعرضة لهذه المشكلات إلى الهجرة للدول المجاورة على شكل جماعات كبيرة وقد تترتب على ذلك مشكلات اقتصادية واجتماعية عديدة تحول دون امكانية قبول الدولة المستضيفة لإستضافتهم(كحالة اللاجئين السوريين، الماليين في الجزائر)2.
-مفهوم آخر أكثر ارتباطا بمتغير الهجرة هو الشباب، سنكتفي بإيجاز تعريفه وبيان الرؤية فيه في الآتي:
مفهوم الشباب:
في قاموس علم الإجتماع: ورد مفهوم الشباب ” تلك الفئة العمرية الممتدة من مرحلة الطفولة إلى غاية مرحلة البلوغ وتحديد هذا الأخير يختلف من مجتمع لآخر حسب قانونها المدني والإجرائي”3.
يعرف السيد عبد العطي: “الشباب ليس مجرد مرحلة عمرية بالمعنى البيولوجي أو الفيسيولوجي فحسب، بل تمتد لتشمل مجموعة خصائص نفسية اجتماعية تحددها ظروف النشأة والتنشئة الإجتماعية وأوضاع الواقع الأسري وأدوار ومكانة الأفراد في المجتمع الأكبر…أمور يمكن أن تكشف عن قدر كبير من النوع والتفاوت حتى بين من يندرج تحت نفس المرحلة العمرية الشابة”1
ورد مفهوم الشباب في علم السكان بتحديد بداية ونهاية المرحلة،فهناك من يؤكد أنهم تحت سن العشرين هناك من يرى أنهم الفئة من الرأسمال البشري التي تكون بين الخامسة عشر والخامس والعشرين أو حتى الثلاثين والخامس والثلاثين،وهم مؤهلون للانضمام إلى قوة العمل والمشاركة الدائمة في بناء المجتمع والتفاعل الإجتماعي”2
إذن مجتمع الشباب،هي القوة البشرية الناعمة، كونها تتمتع بالنشاط والفاعلية وهي الحاملة لمضمون التغيير والتجدد الفكري والإجتماعي والإنساني والحضاري…،يعول على مجتمع الشباب في عملية البناء والتحديث في المجتمعات المتقدمة، لكونه منتج لثقافة خاصة هي”ثقافةالشباب”وإن هذه الثقافة الفرعية ان سيقت في مصب إيجابي ووجدت المجاري والقنوات التي تبسط لها السبل وتأخذ بمسعاها وطموحها،تحققت العملية الكاملة لبناء المجتمع وبعث نهضته.
تدرك الباحثة أن ظاهرة الإنتحار الجماعي في الجزائر هي أزمة مؤسسية، أحاطت مجتمع الشباب، هي أزمة عارضة على أجندة السياسات الإجتماعية والقائمين عليها في المجتمع الجزائري، سياسات،لا يأخذ فيها الشباب حصتهم بشكل كافي من الإهتماموالإشتغال، هذا ما دفع بالكثير منهم ذكورا وإناثا، قصرا ومراهقين وشباب… إلى الهربة، الحرقة، الهدة… تراجيديامصافحة العزلة أو الموت، يبدأ مع هؤلاء وهؤلاء،( البطالين، المحرومين، الفقراء، بلا مأوى،بلا عمل…)ضمن قرارات وبرامج اجتماعية مقطوعة الرأس، يقررها هؤلاء الحكام من زوايا مكاتبهم لاأكثر،يا لها من سياسة لا إجتماعية تفرض نفسها بعمق في سيكولوجيا الشباب الجزائري … إذن ما الحل، بعد فهم المطارحة.
المداخل النظرية المفسرة للهجرة:نتناول في هذا المبحث بعض وأهم النظريات المفسرة لظاهرة الهجرة:
أ. النظرية الإقتصادية:
فسرت ظاهرة الهجرة بعاملين هما: الوظيفة والعمل، ويعد ارنست رافنستين أول منظر(1858) في تفسير الهجرة في مقال له بعنوان“قوانين الهجرة”فمن خلال تحليله لبيانات تعداد السكان أوضح أن الهجرة محكومة بعوامل الدفع والجذب،حيث تدفع الظروف الإقتصادية السيئة والفقر بالأفراد إلى ترك أوطانهم والإنتقال إلى مناطق أكثر جاذبية”3
أعاد افيرت لي 1966 صياغة نظرية رافنستين حيث أوضح وجود أربع عوامل أساسية تحدد الهجرة،يرتبط أول العاملين بالوضع في دول المنشأ ودول المقصد مع إعطاء أهمية كبيرة لعوامل المسافة،العوائق السياسية والشخصية المرتبطة بتعليم المهاجرين والمعرفة بالبلاد المستقبلة للهجرة والروابط العائلية في دول المنشأ والمقصد الأمر الذي يستهل أو يعرقل الهجرة.
أماالنظريةالنيوكلاسيكية” ورائدها توادور 1969 فقد فسر ظاهرة الهجرة في إطار علاقة العرض والطلب في السوق مع وضع علاقة متبادلة بين تطور هجرة العمل والتطور الإقتصادي”.حيث تدفع الفوارق في الأجور إلى انتقال المهاجرين من المناطق ذات الأجور المتدنية نحو المناطق ذات الأجور المرتفعة وذلك بهدف زيادة الدخل.
تفسر النظرية الإقتصادية ازدياد الفجوة بين الشمال والجنوب وتحول الأخيرة إلى دول الهامش في النظام الإقتصادي الدولي، يزيد من معدلات الهجرة من الجنوب نحو الشمال بحثا عن حياة أفضل. ويمكن أن نشير في هذا السياق إلى الآثار المختلفة التي تتركها الشركات متعددة الجنسيات العاملة في دول الهامش على الهياكل الإقتصاديةوالإجتماعية في تلك الدول، تلك الآثار التي تؤدي في النهاية إلى أن تصبح مجموعات متزايدة من الأفراد بعيدة الصلة عن الواقع الذي تغير ومن ثم تكون أكثر استعدادا للهجرة من مواطنها الأصلية”ومن جانب آخر تناولت ساسكياساسن 1988 في تفسيرها لظاهرة الهجرة الدولية أن هذه الأخيرة هي نتاج للنظام الرأسمالي وأن نماذج الهجرة تميل إلى تأكيد تقسيم العالم إلى مركز “الدول الغنية”ومحيط “الدول الفقيرة” كما يتسبب التطور الصناعي في الدول الغنية إلى إحداث مشكلات هيكلية في اقتصاديات الدول النامية،مما يشجع على الهجرة .وفي هذا السياق تعد الهجرة ليس فقط نتيجة للإنتاج القوي ولطلب العمل في الدول الصناعية ولكن بشكل أعم لهياكل السوق العالمي”1
نستنتج من النظرية الإقتصادية أن العلاقات غير المتكافئة بين عالمين،إحداهما متقدم جاذبي وأخر متخلف ونافر، حيث وتيرة التنمية فيه معطلة، فرضيةمؤكدة في التشجيع على الهجرة. وهذا هو منطلق ظاهرة قوارب الموت في الجزائر،التي أودت بحياة الشباب الجزائري،حيث أوربا قبلة المهمومين والمقهورين وبالتالي البحث عن خبزهم في ديار الآخرين هو الحل…بعد أن سدت الطرق وانعدمت الفرص كما يرى هؤلاء .
ب.النظريةالسوسيولوجية:
تقارب النظرية السوسيولوجية ظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال الأبعاد الآتية:
– البيئة وما يكتنفها من انحلال انومي في قواعد الضبط الإجتماعي والروابط الإجتماعية مع الانخفاض في المستوى الإقتصادي والإجتماعي.
-انعدام التوازن بين الوسائل والأهداف المتاحة للأفراد لتحقيق غايتهم بالطرق المشروعة (ضعف التماسك والتساند الاجتماعيين وبالتالي نقص الفرص لإستقطاب الشباب في المقابل تعدد منافذ الإنزلاقات).
زعيم المدرسة الفرنسية الوضعية ايميل دوركايم يصنف الهجرة فى ثلاثة مستويات:
انتحار أناني- حيث لا يجد المهاجر السري من يسانده عندما تحل به أية مشكلة وبذلك تصبح الهجرة السرية من الخيارات الحيوية والإسقاطيةالتي يحددها لنفسه.
2-انتحار إيثاري– وتحدث هذه الحالة عندما يكون الفرد مرتبطا ارتباطا وثيقا بحماعات أو أشخاص متشبعين بفكرة الهجرة غير الشرعية، فيستأثر بهم ويتمثل خيار الهجرة من ضمير جمعي مكتسب من جماعات الصحبة، الجيرة…
3-انتحار أنومي– تحدث الهجرة في هذه الحالة عندما:
-تنحل النظم الإجتماعية والثقافية والأخلاقية في المجتمع.
-تضطرب الحياة السياسية والإقتصادية في المجتمع.
-تحصل هوة ثقافية تفصل بين الأهداف وبين الوسائل،بين الطموح الشخصي وما هو متوفر فعلا.
وبالنتيجة تخلص نظرية دوركايم في تفسيرها لظاهرة الهجرة السرية إلى أن المهاجر السري يشعر بأنه غير قادر على الوصول إلى الوسائل المشروعة لتحقيق الأهداف التي وضعها المجتمع لأفراده، بسبب عدم توفر الفرص الوظيفية أو لأنه يستطيع الإندماج في الثقافة المجتمعية فيجبر على الإنسحاب وهذا الموقف يعتبر نمط من أنماط عدم المعيارية.
مخالفة القيم والمعايير:التي يشترك فيها غالبية الناس في المجتمع،وفي هذا الصدد تفسر الهجرة السرية على أساس أنها سلوك منحرف وبذلك يقوم المجتمع بإضفاء صفة الإنحراف على المهاجر السري.
– التقليد:حيث أن الهجرة السرية تنشأ بتأثير نموذج يقتدى به، وتلعب وسائل الإعلام دورا هاما في تحريك الدوافع الذاتية،حيث أن الفرد الذي يملك استعدادا للهجرة يندفع بقوة التقليد نحو ممارسة هذا السلوك“2
نستنتج من النظرية السوسيولوجية، أن الدوافع الذاتية نحو الهجرة السرية مرتبطة بالمحيط البيئي وبعامل الإكتساب والتفاعل مع الجماعات الحافزة(عصابات التهريب)، التي تنشط في الظل والمناطق غير المحروسة وغير المراقبة.
ت.نظرية الشبكات أو دوام الهجرة:
فعل الهجرة في رؤية النظرية لا يقوم بشكل أساسي على حسابات اقتصادية وعقلانية، ولكن على المعلومات التي تم جمعها عن مدى توفر الأشخاص الذين يستطيعون دعم المهاجر ماديا ونفسيا خلال جميع مراحل انتقاله.كما أن شبكات الهجرة التي تسمح من خلال تأثيراتها في تقليل المخاطر والتكاليف عن المهاجرين المستقبلين بالإستمرار الذاتي لعملية الهجرة .أيضا تعمل هذه الشبكات كمقدمة لخدمات على التقليل من تكلفة الهجرة ويكون ذلك بالأخذ في الإعتبار بوجود مخزون من تعداد المهاجرين المشتتين في عدة مدن وبلدان والذي هو أحد المعايير الهامة التي تتدخل في قرار الهجرة. وهكذا كلما كانت شبكة الهجرة متطورة كلما انخفضت التكاليف وزادت الهجرة تطورا ويلعب رأسمال الإجتماعي للمهاجر( مركب العلاقات) دورا أكثر أهمية من المال.
تظل الأسرة حاضنة ساخنة في التحفيز على الهجرة وتنمية قدرات وخيارات المهاجر، فلقد وضحت الباحثة سارة هاربيزون،تعقد البنيات العائلية التي تميز عملية الهجرة وذلك لكون العائلة الوسيط بين الفرد والمجتمع. وفي هذا الإطار تقدم كل من سارة هاربيزونوبويد ثلاثة عوامل أساسية تعطي للمجموع الأسري أهمية كبيرة في المساعدة على الهجرة وهي:
-الأسرة هي الداعم، فهي التي تدبر الموارد من أجل السفر والإقامة في البلد المستقبل .
-تمتلك الأسرة شبكتها الإقتصادية والإجتماعية، فينتقل الأشخاص حيث توجد لديهم عائلات تستطيع مساعدتهم وتتحمل مسؤوليتهم في حالة المشقة وتبحث لهم عن عمل وتساندهم نفسيا في حالة الضيق أو في حالة صدام الثقافات وتتوطد الروابط بين أفراد العائلة الكبيرة لتوجد تضامنا متعدد القوميات والذي يجعل من المهاجر ممثلا فعالا في تنمية بلده الأم.
-الأسرة هي نقطة التجمع الرئيسية وهي في هذا السياق توجه الفرد وتعمل على تطويره وحمايته”.1
نستنتج أن الإتصال الشبكي والعلائقي الذي تكون الأسرة محورا له،يساعد المهاجر في أخذ طريق الهجرة ودوامها خيارا أو حلا لمجرى حياته بالبلد المستقبل.
ث. نظرية الطرد والجذب:
تعد من أبرز النظريات المفسرة للهجرة،وقد حددت الأسباب الأساسية للهجرة في عاملين هما الإتصال وتعدد العلاقات القائمة بين البلدان المرسلة والمستقبلة للمهاجرين.وقد اعتبر “بوج“أن سمتي الطرد والجذب التي تتميز بهما البلدان الأصلية للمهاجرين أو البلدان التي تهاجر اليها الناس متغيرات تساعد في اختيار جماعات معينة لكي تهاجر من مكان آخر.
وتتمثل عوامل الطرد البسيطة في الفقر والإضطهاد والعزلة الإجتماعية، أما عوامل الطرد القوية فتتجلى في المجاعات والحروب والكوارث الطبيعية،كما يمكن أن تكون عوامل الطرد عوامل بنائية كالنمو السكاني السريع وأثره على الغذاء والموارد الأخرى،و العامل السكاني يكون أكثر وضوحا في الدول الفقيرة،التي تناضل فعلا في مواجهة مشكلات غذاء كبرى ويتمثل العامل البنائي الآخر في الهوة المرتبطة بالرفاهية بين الشمال والجنوب أو الحرب كعامل من عوامل الطرد بين الأمم أو داخلها”.أما عوامل الجذب فتتمثل في الزيادة المضطردة على العمل في بعض القطاعات والمهن فأسواق العمل تستورد مهاجرين في ظل عدم قدرة العرض فيها على تلبية الطلب على نوعية معينة من العمال.وهناك أيضا عوامل الشيخوخة التي تزحف على الدول الصناعية بالذات في أوربا الغربية،ما يؤدي إلى انكماش قوة العمل وزيادة أعداد الخريجين من سوق العمل”2.
نستنتج أن عوامل الطرد والجذب، التي حددتها النظرية لها أساس علمي وموضوعاتي في الدفع إلى الهجرة ليست الفردية فحسب بل الجماعاتية والفوجية، اين تجد هذه الجماعات حاجاتها للأمن والغذاء والعيش والسكن والزواج… .
ح. نظرية تخطي الحدود الدولية:
تتحدد الهجرة بموجب هذه النظرية بصفتها عملية اجتماعية،تتأثر بتحسن وسائل المواصلات والإتصالات السريعة والرخيصة، مما يؤدي إلى حب الناس للإنتقال من الأقطار الفقيرة إلى الأقطار الغنية.وقد برزت هذه النظير عن حقيقة أن المهاجرين الوافدين يحافظون على علاقتهم بمجتمعاتهم الأصلية،حيث يوحدون التفاعل الإجتماعي لمجتمعهم الأصلي ومجتمع الجذب،إذن يحدث التحول الإجتماعي من خلال ثلاث آليات:
-عندما يعود المهاجرون ليعيشوا أو يزوروا مجتمعاتهم الأصلية أو عندما يزور غير المهاجرين أعضاء أسرهم المهاجرين أو من خلال ارسال الخطابات وشرائط الفيديو والمحادثات التليفونية وشبكة المعلومات الدولية.
-عندما يتحدث المهاجرون مباشرة مع أعضاء أسرهم.
– يحدث التحول الإجتماعي بين فردين يعرف كل منهما الآخر معرفة خاصة أو يتصل كل منهما الأخر من خلال الروابط الإجتماعية”1.
إن الإقترابات التي قدمتها النظريات المختلفة، مقنعة وبنيوية إلى حد بعيد وعميق، في تفكير العوامل الدافعة للهجرة( ذاتية وخارجية). ولاشك أن التفاعل النفسي الإجتماعي له مبرراته بالتأكيد في واقع سيكولوجيا الشباب الجزائري وتعلقه بالهجرة ومشتقاتها وحتى تغير نظرته للمجتمع الأصلي الذي يظهر بحالة( ضياع مستقبل) ومجتمع الجذب الذي يظهر بحالة( المستقبل الواعد والمأمول). إنها بحق أزمة مؤسسية مني بها مجتمع الشباب في الجزائر.
ثالثا: “الجماعات الحافزة المشبوهة”، حاضنة المهاجرين غير الشرعيين:
تأخذ الهجرة غير المشروعة، طرقا مختلفة وتعتمد أساليب تنظيمية متعددة، أغلبها تنظيمات موازية وغير محروسة خاصة، وأنها مهددة كل يوم بأخطار رجال الأمن في الدول المصدرة لها وفي الدول التي تستقبلها على حد سواء، وبالنظر إلى أن العوامل المنتجة لها مستمرة وقائمة، فمن الطبيعي أن تتكيف مع البيئة المحيطة بها وتعمل على إيجاد طرق وأساليب تمكنها من الإستمرار.ويمكن التمييز بين:
جماعات التهريب المنظمة:
تعمل على تنظيم الهجرات غير الشرعية،جماعات تهريب مختلفة الأشكال بهدف الحصول على ثروات مالية كبيرة تزيد في قيمتها كثيرا على قيمة تكاليف الإنتقال المسموح به بين الدول، وتنظم لهذا الشأن عقودا شفوية مع الراغبين في الهجرة يتعهد من خلالها المهاجر بدفع قيمة مالية يختلف مقدارها بين الدول والظروف وطبيعة الحدود والمسافات كثيرا، مع غياب شروط الأمان خلال عملية التنقل، خاصة أن وسائط النقل ( المراكب البحرية) غالبا ما تكون قديمة وغير مجهزة بوسائل الأمن أو شروطه المناسبة،علاوة على تحميلها أوزانا تزيد كثيرا على طاقتها الفعلية، مما يجعلها مهددة بالخطورة مع ظهور أقل عوارض ممكنة”2.
لقد أصبحت العديد من المقاهي المنتشرة في المدن المغاربية، مقرات سماسرة الهجرة غير الشرعية الذين باتوا يجيدون عملية الترويج لها ويتقنون طرق نقل الأخبار بالطرق والوسائل والأدوات الواجب توفرها في كل عملية، فالهجرة السرية صارت لها فنون وطقوس خاصة يسهر على تنفيذها أناس متخصصون يعملون في إطار مافيات كبيرة متعددة الجنسيات، تستطيع أن تهجر المغاربة من تونس، كما انفضح مؤخرا في حادث الغرقى الثمانين من جنسية مغربية،وأن تهجر شباب دول الصحراء من المغرب أو الجزائر مثلما تتمكن من تهجير الليبيين أو المصريين عبر مالطا وقبرص”…يا لها من منظمة محكمة في الفساد …
التحايل الإجتماعي والهجرة عن طريق الزواج:
ظهرت عملية الإقبال على الزواج من أجنبيات، بهدف الحصول على الإقامة المشروعة،في الدول الأوربية عندما بدأت المفاوضات بين دول الإتحاد الأوربي ودول أوربا الشرقية لإنضمام الأخيرة إليه.نشطت بين الشباب المصريين محاولات الهجرة غير المشروعة إلى دول أوربا الشرقية بهدف الزواج من مواطنات هذه الدول،واكتساب الشرعية القانونية التي تتيح لهم الاندماج في المجتمع الأوربي،بعد أن تنظم إليه الدول المشار إليها ويصبح من ثم في مقدورهم التنقل بحرية بين الدول الأوربية والتمتع بجنسية هذه الدول ” وقد سارت قوافل الحراقة من الشباب الجزائري والتونسي والمغربي..في هذا الخط من التفكير الهدام.
الطرق الفردية والتسلل عبر محطات الإنتقال( الترانزيت) :
تأخذ العصابات المنظمة بتطوير وسائل تهريب الأشخاص بطرق مختلفة،تبعا لأذواق الراغبين،إذ تمكنت من تزوير تأشيرات دخول إلى دول أمريكا اللاتينية وبعض دول افريقيا، من خلال النزول إلى مطارات الدول الأوربية بصفة” عابرين” ترانزيت، ولكن ما إن يضع الشاب المصري قدمه فيه حتى يسارع بتمزيق جوازات السفر التي يحملها ويطلب اللجوء إلى هذه الدول وعدم استكمال رحلته إلى وجهته المنصوص عليها في تأشيرة السفر، كل ذلك بالتنسيق مع عصابات متخصصة في مثل هذا النوع من عمليات التزوير،غير أن سلطات الأمن في مطارات الدول الأوربية التفتت إلى هذه الطريقة فبادرت بترحيل هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية مرة أخرى وعدم السماح بدخول أراضيها”1.
4.الإقامة غير المشروعة:
تنتشر مظاهر الهجرة غير المشروعة، في منطقة الخليج العربي بأشكال مختلفة نسبيا عن تلك التي تنتشر في أوربا أو الولايات المتحدة الأمريكية،حيث تظهر تجليات الإقامة غير المشروعة من خلال المتسللين عبر الحدود وهي حالات فردية لم تصل إلى حد الجريمة المنظمة كما هو الحال في تجارب أخرى.
إن الإقامة غير المشروعة تظهر في دول الخليج نتيجة التخلف عن الإلتحاق بقوافل الحج والعمرة فقد أرجعت دراسة علمية أن ظاهرة التسول في المملكة السعودية تشهد زيادة مستمرة وارتفاعا مطردا في السنوات الأخيرة.وقد أرجعت الدراسة الأسباب الأساسية إلى تزايد المتسللين عبر الحدود والتخلف بعد آداء الحج والعمرة.وحول جنسيات المتسولين أوضحت الدراسة أن معظم المتسولين منالجنسية اليمنية تليهم الجنسية المصرية أغلبهم أميين ذوي دخول منخفضة”2.
رابعا. الشباب من الهجرة بأمل الحياة إلى مأساة الموت :
…الشباب من الهجرة بأمل الحياة إلى مأساة الموت، تعكسها حوادث غرق المهاجرين غير الشرعيين في البحر أو موتهم اختناقا في أماكن سيئة التهوية أو هلاكهم كمدا وغيظا للإعتداء على أعراضهم أو لتسخيرهم في العمل لساعات طويلة دون أجر يسد رمقهم أو لإستنزاف حيويتهم أو مواردهم من قبل أرباب عمل غلاظ، وبالرغم من ذلك واصلت عصابات الهجرة غير الشرعية جذب الشباب العربي للهجرة إلى دول عربية وأجنبية على حلم الثراء والخلاص من عسر الحياة وشقائها وقسوتها”3
يبدأ التفكير في الرحلة من خلال مظاهر الحياة الرغيدة التي يشاهدها المهاجر من خلال شاشات الفضائيات المختلفة لمختلف الأقطار الأوربية، فالإعلام الحديث يبرز مقومات الإثارة في بلد المهجر،عبر مئات القنوات في مشهد سحري، يزرع الرغبة في الهجرة، وتتراءى له صورة أقرانه من المهاجرين العائدين لقضاء بعض الوقت في بلد المنشأ، وهم يمتلكون السيارات الفاخرة ويحضرون الهدايا الثمينة ويبتاعون الأراضي والدور، فتبدأ الأحلام الوردية ويتصور الإنسان أن أوربا جنة الله في أرضه وأنه سيعيش في النعيم المقيم في أرض الأحلام، فإذا ما فكر في واقعه الحالي وفي الصورة القاتمة التي يحياها قويت عنده نوازع الهجرة، فيبدأ بالإستعداد للرحيل”.
إن أول ما يصطدم به هو تأمين المبلغ المطلوب للسماسرة وشبكات التهريب التي توصله إلى غايته، فيبدأ الفصل الأول من المأساة … إن عليه أن يدفع ألفي دولار اذا كانت رحلته من لبنان ورحلة المصريين عبر ليبيا تكلف بين 16-25 الف جنيه مصري، وإذا كانت الرحلة من الجزائر فالمبلغ يتراوح بين 10-15 ألف دينار جزائري، أما في المغرب فعليه دفع مبلغ 5500 دولار لينتقل من طنجة إلى الشاطئ الآخر من مضيق جبل طارق، هذه الأرقام العالية تدفع العديد من الأسر لبيع ما تملك من مواشي أو قطع أرض أو المنازل لتمويل عملية السفر ومن لايتمكن من دفع المبلغ المطلوب كاملا يضطر للإستدانة والتوقيع على شيكات بأضعاف المبلغ المطلوب،ليتمكنوامن تحقيق حلم السفر”.
أما الفصل الثاني من البعد التراجيدي، فيتمثل بالرحلة للوصول إلى مراكز الإنطلاق، فإذا اختار المهاجر السفر إلى قبرص أو اليونان أو رومانيا، فعليه أن يعبر دول لبنان إلى سوريا فتركيا، قبل أن يستغل الزوارق البحرية في مياه البحر المتوسط، وعليه أن يتخطى الحدود من مناطق عبور بعيدة عن رقابة السلطات، وإذا أراد السفر عن طريق ليبيا فعليه أن يقطع المسافات الشاسعة مع المهربين وعبر دروب صحراوية وعرة وخطرة وكذلك الحال في جميع دول العبور في تونس أو الجزائر أو المغرب أو موريتانيا، فإذا نجح في تخطي العقبات ورزق السلامة في الوصول، بدأ الفصل الثالث وهو عبور البحر إلى الشاطئ الآخر”1
عملية عبور البحر المتوسط تحتاج إلى انتظار قد يكون طويلا في المدن الساحلية المغربية أو المدن التركية أو اللبنانية، حتى تأتي الفرصة المواتية في غفلة من حرس الشواطئ أو ترتيبات خاصة مقابل المال، يبحر بعدها المهاجرون في قوارب مطاطية صغيرة حمولتها العادية 8-10 أشخاص حيث يستقلها 20-30 شخصا وأحيانا يكون العبور عبر قوارب خشبية تتسع 20-30 شخصا، فيصعد إليها أكثر من حوالي 100 شخص، ويبحر هؤلاء دون مراعاة لأحوال الطقس وتتقاذفهم الأمواج العالية، في رحلة يبلغ مداها ستين ميلا في بعض الأحيان، دون شروط للسلامة، يتعرض خلالها المسافرون إلى أخطار جمة، منها انقلاب القوارب ومنها الضياع وعدم الوصول إلى المدن المنشودة، ومنها مداهمة رجال الأمن وحرس الحدود لهم سواء في بلد العبور أو بلد الإستقبال”
ولقد تعددت حوادث غرق هذه القوارب، ووصفت تارة بأنها قوارب الموت،وقواربالإنتحارالجماعي وقوارب الفرار إلى المجهول وقد كثر الحديث عن القوارب الغارقة. ففي الجزائر على سبيل الحصر، ذكرت إحصاءات البحرية الجزائرية،الإحصائية التالية للجثث التي عثر عليها ولعدد المعتقلين للأعوام 2005،2006،2007 على النحو:
السنة | عدد الجثث | عدد المعتقلين |
2005 | 29 | 335 |
2006 | 73 | 1016 |
2007 | 83 | 1485 |
وقد بلغ عدد الموقوفين في الجزائر من سنة 2002 ما يزيد على عشرين ألفا قدموا من 19 دولة من مختلف دول العالم،وحسب البحث الذي قامت به الجمعية العربية للدراسات والأبحاث حول الهجرة أن 36%من العينة المسحوبة عاينت وفاة أحد المرافقين للمهاجر و%36.5رأوا أثناء رحلتهم هياكل عظمية انسانية أو جثثا طافية على سطح البحر.
وبحسب احصائيات وزارة الداخلية الإيطالية فقد عثرت البحرية الإيطالية على قارب خشبي تتلقفه الأمواج على بعد 35 ميلا من الجزيرة، وقد وجد على ظهر القارب مجموعة من الجثث، ومن كان حيا يرفع يديه طالبا الإستغاثة، وقد تم انقاذ 15 شخصا وكان في بطن القارب 13 جثة، وكشفت أقوال الناجين أن السفينةكانت تقل 70 شخصا وبعد يومين تعطل المحرك ونفذ الغذاء والوقود وكانت الحصيلة غرق 55 شخصا ابتلعتهم أسماك البحر” .
أحصى مركز مساعدة عائلات مفقودي البحر التابع للهلال الأحمر الجزائري 50 طلب بحث شهريا تخص أشخاصا فقد أهاليهم أي اتصال بهم بعد إقدامهم على الهجرة السرية.إن كثيرا من هذه المآسي تحدث ولا يدري بها أحد، فقد أعلنت السلطات التونسية بأن هناك 300 شخص قد لقو مصرعهم غرقا ولم يعلم بهم أحد.
يأتي الفصل الأخير من التراجيديا،في من تخطى هذه العقبات ودخل إلى إحدى الدول الأوربية حيث يجد نفسه مطاردا تترصده الأعين أينما ذهب.لذا يلجأ إلى العمل ليلا بعيدا عن رقابة الدولة، وفي أدنى الأعمال بأقل أجر،ويقبل على الأعمال الشاقة والأعمال التي يرفضها السكان المحليون،لوفاء الديون التي تترتب عليه في بلد المنشأ ويبني نفسه من أجل حياة كريمة، غير أنه مهددا خائفا، مما يضطره إلى الزواج الأبيض أو الإقامة لفترة طويلة ليدبر أمره أو يهاجر إلى بلد أوربي آخر بحثا عن الفرص المناسبة للعيش
الكريم، وقد يحتاج إلى فترة ين 10-15 سنة ليتسنى له المطالبة بحقوقه كمواطن كريم في بلد المهجر”1
إذن يبدو واضحا أن الهجرة غير الشرعية استراتيجيا شبابية يعتمدها الشباب لتجاوز واقعه “البائس” والخروج من دائرة التهميش والإقصاء والإستبعادالإجتماعي والدخول إلى دائرة الفعل-( المجازفة غير المحسوبة) رغم المخاطر المحيطة بهذه العملية. فأمام سجن البطالة والتهميش والإقصاء والحرمان نجد الشاب يبحث عن الهجرة غير الشرعية بكافة أنواعها، مهما كلفه ذلك ولو كانت الحياة وسيلتها قشة من الخشب الهش (قوارب الموت) والرحيل نحو المجهول..هي أفضل …في تصورات ومدركات مجتمع الشباب الحراق في الجزائر”…للأسف.
خامسا .حياة الشباب الجزائري في خطر بعيون الباحثين الجزائريين:
قوارب الإنتحارالجماعي،خياراتوافقيا كما يراه الشباب الجزائري،الذي فقد تعلقه بالعائلة والوطن وكل شيء كما أوضحنا…سنعرض بعض من هذه الدراسات والتحقيقات البحثية التي تؤسس هذا الرأي في الآتي:
-دراسة الباحث الجزائري(ناصح عبد الرحمن)”الشباب بين تغيير الواقع الإجتماعي والتفكير في الهجرة”: دلت الدراسة أن:
“الشباب الجزائري عانى الكثير في سنوات العشرية السوداء، أين وقف الشباب عاجزا على التعبير وحتى على إشباع حاجاته المادية والإجتماعية والنفسية. فالجزائر اليوم رغم ماحققته من انجازات هامة في مسيرتها التنموية بعد الإستقلال بخلقها ديناميكة اجتماعية واقتصادية جديدة أساسها التصنيع والثورة الزراعية التي حاولت من خلالها وضع حد لأزمة البطالة وللكثير من المشاكل،إلا أنه بسبب عدم الإحساس بالمسؤولية ووجود الإختلاسات والتلاعب بأملاك الدولة قضى على هذه المسيرة، وهو الشيء الذي أثر على نفسية الشباب وأعطى أرضية صالحة لمعارضتهم للواقع الإجتماعي، وكنتيجة لإهمال دور الشباب في التغيير أصبح الشباب الجزائري يحس بالإغتراب اتجاه وطنه وكذا عدم الإنتماء إليه…وفي إطار مسيرة هؤلاء الشباب حديثا يقف في طريقهم مشكل البطالة، المرشح للإرتفاع مع ارتفاع عدد الشباب العاطلين بفعل القادمين الجدد لسوق العمل،الذي يصل عددهم إلى 300 ألف سنويا…أمام هذا التزايد المستمر في نسبة البطالة لدى الشباب عملت الحكومات المتتالية على اتخاذ إجراءات خاصة من شأنها التخفيف من حدتها ومحاولة إدماج هذه الفئة في الحياة المهنية، لكن دون جدوى،بحيث ارتفعت سنة 1997 لتصل إلى 30.08 %بعدما كانت سنة 1993 تقدر ب 22%”.
إن تقلص فرص الشغل أمام الشباب لعدة أسباب واعتبارات كالبيروقراطية داخل الإدارة وغيرها،جعل معظم الشباب يتخوف على مستقبله ويحسسه بالفوضى في تحديد المكانة وتوزيع الأدوار.هذهاللامساواة تخلق ثنائية صعبة من أصعب الثنائيات للتحليل بين قبول هذا الواقع والمعارضةضد تأشيرة المحسوبية للدخول في سوق العمل…الذي أصبح يتميز باختلال كبير بين العرض والطلب في مجال التشغيل…إن التقلص الكبير في فرص العمل والإنتشار الواسع للبطالة في أوساط الشباب يعني أن المجتمع أمام ظاهرة خطيرة تتمثل في الإقصاء الإجتماعي،فغياب العمل الذي يمنح الفرد مكانة ودورا اجتماعيين ينجم عنه انعكاسات خطيرة على الشباب نفسه والمجتمعواستمرار البطالة في الإرتفاع لدى الشباب سيجعلها حتما مصدرا للإضطرابات الدائمة في المجتمع وبالتالي ضعف التماسك والإندماح داخله …إن ما نراه اليوم من انتشار أعمال العنف والمخدرات في الأوساط الشبابية وعزوف الكير منهم على الزواج لأسباب اجتماعيةومادية تحرمه من تحقيق الرضى النفسي، يؤكد أن مسألة المعارضة لدى الشباب للواقع المعاش ليس مجرد صراع سياسي وإنما دعوة لإحترام المكانة والدور.وإن تسليم الكثير من الشباب بعدم إمكانية إصلاح وضعيتهم وتدبير أحوالهم داخل الوطن، وضع في أذهانهم وهم الهجرة وأشكالها، ويتصورونها حل لمشاكلهم وتحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه في بلادهم…فعن الشباب الذين لم يسعفهم الحظ في مسيرتهم العلمية فهم يفكرون في نوع من الهجرة وهو الهجرة غير الشرعية”1
“الهدة، الحرقة، الهربة” كلها مصطلحات يطلقها هؤلاء الشباب على كل من يفكر في مغادرة التراب الوطني بطريقة غير شرعية، وإن كانت هذه الظاهرة عرفت تفاقما كبيرا في السنوات الأخيرة خاصة بعد أحداث اكتوبر 1988،ومع بوادر الأزمة الأمنية في بداية التسعينات أوصدت جل القنصليات والسفارات الأجنبية المعتمدة في الجزائر أبوابها وانتقل البعض منها إلى تونس لتصبح التأشيرة حلما بعيد المنال،وأصبح الهاجس الأكبر لدى الشباب هو الهروب من البلاد بأيط طريقة مادامت التأشيرات لاتمنح إلا لأبناء المسؤولين، فكانت الطريقة لدخول الأراضي الأوربية هي الهجرة السرية. والأرقام التي بحوزتنا تؤكد على الإرتفاع المحسوس لهذه الظاهرة، فقد سجل ما يقارب 1190 شابا حراقا في الفترة الممتدة ما بين 2001-2005 في ميناء سكيكدة، كما سجل حوالي 269 محاولة هجرة سرية في الثلاثي الأول من سنة 2006 في ميناء أرزيو بوهران“2
ويظهر أن الشباب الحالم بما وراء البحار لا تمنعه الموانئ ولا يكترث بالصعوبات التي قد تواجههم بدليل أنهم لا يهمهم الوجهة التي ينتهون إليها، خاصة أن معظمهم يعاني من البطالةوالفقر.وتشير الإحصائيات إلى أن 90% من الشباب المهاجرين بطالين أما 7%فهم من ذوي الدخل الضعيف.ويخلص الباحث أن هجرة شبابنا اليوم برا وجوا وبحرا خارج الوطن تتزايد باستمرار وبتأشيرات دفعوا ثمنها غاليا” .
دراسة الباحث الجزائري(قيش حكيم)”الإتجاهات نحو الهجرة غير الشرعية وعلاقتها بالتوافق النفسي الإجتماعي لدى الشباب “:
دلت أن :” ظاهرة الهجرة غير الشرعية وكثرة تداولها بين الشباب من مختلف الفئات العمرية والجنسية حتى المرهقين منهم ذكورا وإناثا في بعض الأحيان،وبعد كثرة التوقيفات التي يقوم بها عناصر الأمن الوطني وحراس السواحل لجماعات منظمة من الشبان المتهيئين لخوض غمار الأمواج بحثا عن عالم في ظنهم سيكفيهم هموم المجتمع الذي أوجدهم ولم يوفر لهم ما يبقيهم فيه، حتى أصبح بعضهم يائسا من الحياة في بلده مفضلا موته في البحر على موته في بلده نتيجة ما يعانيه من واقع اجتماعي لا يوفر أدنى حقوق التكيف بالنسبة لهم”.
في ظل التغيرات التي يعرفها المجتمع الجزائري والواقع الذي يعتبره شبابه واقعا أليما، ينبت البغض تجاه هذه السياسات المنتهجة، بعد تفشي ظاهرة البطالة ومشكلة الفراغ وضعف الإنتماء لدى الشباب …فنجد حراس السواحل بمدينة عنابة (شرق الجزائر) يحصون 350 مهاجرا سريا من ديسمبر 2006 إلى غاي أكتوبر2007 في حين تحصي مصالح الهجرة الإيطالية أكثر من 900 مهاجر سري وصل إلى سواحل جزر سردينيا الإيطالية“1
وخلصت الدراسة في تحقيقها الميداني أن سبل الحد من الهجرة غير الشرعية أو التخفيف منها فما علينا سوى البحث عن وسائل تحقيق توافق نفسي واجتماعي لهؤلاء الشباب الذين يلجؤون إلى الهجرة غير الشرعية كسلوك بديل بحثا عن توافق أحسن أو هروبا من الواقع بعد فشلهم في تحقيق التوافق باستعمال مختلف الميكانيزمات الدفاعية أو الحيل الدفاعية النفسية.
ليخرج الباحث بخلاصة أن انخفاض مستوى التوافق النفسي الإجتماعي الناجم عن مختلف المشاكل التي يعاني منها الفرد سواءا على المستوى النفسي أو الإجتماعي،يدفع به إلى التفكير في مختلف الحلول واللجوء إلى مختلف الميكانيزمات الدفاعية بحثا عن توازن نفسي واجتماعي يؤهله لتحقيق التوافق والتي نجد من بينها اللجوء إلى الهروب من الواقع الذي يعيش فيه، بتصوره إمكانية حصوله على مختلف النقائص التي يعيشها لو أتيحت له فرصة استبدال المجتمع الذي يعيش فيه مما يرسخ فيه أفكارا ووجداناتوسلوكات مضادة للمجتمع الذي يعيش فيه والتي يمكننا حصرها في مصطلح الإتجاهات نحو الهجرة غير الشرعية والتي نلمس فيها قبولا للمجتمع الفرضي أو البديل ونفورا من المجتمع الذي يعيش فيه الشاب… زمن ثم إن عدم التوافق النفسي الإجتماعي يدفع بالفرد إلى بناء اتجاهات إيجابية نحو الهجرة غير الشرعية أو أن الهجرة غير الشرعية يعتبر كسلوك نفسي واجتماعي بغية البحث عن توافق نفسي اجتماعي. وفي الأخير ينهي الباحث رحلته البحثية،مقترحا جملة توصيات:
نذكر أهمها: الإهتمام أكثر بالشباب من حيث تطلعاته وآماله وفتح مجالات للإهتمام بمشاكله النفسية والإجتماعيةوالإقتصادية،البحث في الأسباب المؤدية إلى عدم التوافق النفسي والإجتماعي لدى الشباب،البحث المكثف حول أسباب الهجرة والتقرب إلى المهاجرين غير الشرعيين قصد معرفة تطلعاتهم والأسباب التي دفعتهم للقيام بذلك”2
دراسة الباحث الجزائري(رابح طيبي)”الهجرة غير الشرعية(الحرقة)في الجزائر من خلال الصحافة المكتوبة”:
دلت الدراسةأن :
ينطلق الباحث من السؤال الإستشكالي:لماذا يخاطر الشباب الجزائري بنفسه إلى رحلة، قد لا تكون للعمل والحياة في أوربا،ولكن إلى السجن والعودة إلى الجزائر أو الموت والحرق والدفن في قبر غير معروف بأعماق البحر المتوسط؟
يعرض الباحث (طيبي رابح) نصوصا من الصحافة المكتوبة:
– كشف رئيس جمعية مفقودي البحر”حراقة”السيد بلحاج بورعدةبوهران أن هذه الجمعية، أحصت مئات المفقودين جراء الهجرة غير الشرعية في ولايات الغرب الجزائري منذ سنة2006.
وفي المقابل نسجل إصرار العديد من الشباب الجزائريين على خوض غمار الهجرة غير الشرعية مهما كانت المخاطر ففي تحقيق صحفي لجريدة le quotidien d’Oran بمنطقة باب الوادي أين تم تسجيل بعض آراء الشباب حيث أكد جلهم بأنهم يريدون الذهاب إلى الضفة الأخرى مهما كلفهم الأمر وصرحوابالقول”الذهاب هذا ما نريد بأي ثمن”.
– الأستاذ محفوظ سماتي-أستاذ علم الإجتماع بجامعة الجزائر وعضو بالمجلس الإسلامي الأعلىيرى:”أن شبابا يعتقدون أنهم يذهبون إلى الحياة وفي الحقيقة هم يذهبون إلى الموت وما يحزنني أكثر أن هذه الظاهرة أصبحت شيئا عاديا فالموت صار لا يرعب…”
-البروفيسور كمال علي مزيغ“ظاهرة الحراقة هي نتاج الحكم غير الراشد ونحن بعيدين كل البعد عن الإستغلال العقلاني للمخزون المالي الذي تتمتع به البلاد،لم نعرف كيف نصرفه بصفة فعالة للتكفل بانشغالات شبابنا والقضاء على هذه الظاهرة”1
-البروفيسور بيير بيدار، أستاذ بجامعة بوردو الفرنسية وفي حوار مع جريدة الخبر صرح:”إن اكتشافي لتنامي هذه الظاهرة في الجزائر أدهشني فالمعروف عن الجزائر أنها من الدول التي تملك موارد هامة فيجري الحديث عن ما يفوق مئة مليار دولار في خزينة الدولة،فضلا عن القدرات الإقتصادية والسياحية ورغم هذا هناك شباب يغامرون بأنفسهم للإلتحاق بالضفة الأخرى بحثا عن فرص العمل”
خلص الباحث إلى إيجاد إرادة سياسية لفهم ظاهرة الهجرة غير الشرعية،على أنها أزمة إجتماعية واقتصادية وإنسانية،والعمل على صياغة حلول بعيدة المدى لها وإرساء معالم التعاون والتشاور …وذلك من أجل أمن واستقرار الجميع وجعل المتوسط بحيرة أمان وسلام وتنمية وتجارة وسياحة وليس بحيرة خوف ورعب وممات”2
من خلال هذا العرض نستخلص “أن الشاب الجزائري، غير مجبر أو مكره كليا من طرف مؤسسة ما، فهو فاعل حر يتبع إستراتيجية من أجل بلوغ أهداف شخصية يمكن أن تكون من طبيعة مختلفة ومتنوعة، فاختياراالحرقة، يخضع إلى خصائصه الفردية وقدراته الذاتية وموقعه الاجتماعي، ومؤهلاته الثقافية وأهدافه المرجوة والمتوقعة، وبالتالي تختلف الإستراتيجيات لدى الشباب، فنجد شبابا يختار الهجرة خارج الوطن مهما كلفه الأمر، والآخر يختار الهجرة غير الشرعية، والآخر، أمام النكسات المتتالية، ينسحب ويختار البطالة وحتى الاستقالة من ميادين الفعل الاجتماعي التقليدية ويؤسس مع أقرانه حقول أخرى…
استخلاص عام:
إن رحلة الرحيل إلى المجهول لدى هؤلاء الباحثون عن الحق في الحياة…ظاهرة موصولة بحالة أنوميا مجتمعية داخليةوسيكولوجيا عميقة الأبعاد.ذلك أن الرأسمال البشري يموت وينتحر أساسا من الداخل أي بعوامل ذاتية .يقول مالك بن نبيفي السياق:“لقد بلغت عوامل التعارض الداخلية قمتها، وانتهت إلى وعدها المحتوم وهو تمزق عالم واهن… فكانت تلك مرحلة الإنحطاط،إذ لم يعد الإنسان والتراب والوقت عوامل حضارة،بل أضحت عناصر خامدة ليس لها بينها صلة مبدعة” 3
فأول نسيج اجتماعي في غالب الأحيان، يصاب بالمرض والإنهيار هو النسيج الفكري والعقيدي ثم العلائق السلوكية والأخلاقية، ثم الأجهزة والمؤسسات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية كالعائلة والدولة والمدرسة والجامعة والإعلام…وعندما يبدأ الجهاز الفكري والعلائق الفكرية التي هي روح الحضارة بالضعف والإنحلال تبدأ بنية المجتمع بالفساد والإنهيار“4هذا الواقع هو البؤس المؤسسي في أكمل صورته يواجهه شبابنا اليوم، مما يدفعهم إلى الحرقة ومشتقاتها.
من ناحية أخرى يمكننا استخلاص حقيقة، أن فئة هامة من الشباب الباحث عن حقه في الحياة (حالة الجزائر)،هذه الفئة اتخذت استراتيجيات مضادة أو موازية لاستراتيجيات الدولة .فمع أننا لا ننكر أنها قدمت خطة بناءة لامتصاص غضب وسخط الشباب من واقعهم النفسي والإجتماعي، إلا أنها لم تفلح هذه بوضوح في احتواء وإدماج تلك الفئة من الشباب في مؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الترفيهية، رغم عديد الآليات والبرامج والمشاريع التي وضعتها الدولة والموجهة للشباب أساسا….”إن الشباب الجزائري لم يعد يفكر اليوم في الأكل والملبسوالمأوى والزواج… فقط بل أصبح كذلك يفكر في الرفاهة والترفيه( ثقافة الكونفور لدى الجزائري)،هذا الوضع لا توفره له وظيفة متواضعة في مؤسسة حكومية أو مشروع ممول من وكالاتالتشغيل والبنوك الجزائرية أو الصندوق الوطني للتشغيل( اعتقاد الدولة)، بل الهجرة، فياتجاهات عديد الشباب، هي التي توفر الوضع الأفضل… إن عدوى الهجرة التي أصابت الكثير من الشباب الذي يتطلع إلى تحسين مستوى عيشه اعتمادا على حكايات المهاجرين الذين سبقوهم، في وصفهم “محاسن” الهجرة، المجسدة في الدخل المرتفع بالمقارنة مع الدخل الفردي بالجزائر، كما تغريهم المظاهر الخلابة التي يعمل المهاجر على إبرازها عند رجوعه إلى أرض الوطن في زيارة، وخاصة السيارة الفخمة واللباس الأنيق والمال الكثير الذي ينفق بشكل تفاخري.هكذا تشكل لدى الشباب العاطل صورا وأحلاما وآمالا انطلاقا مما يراه من نعمة بادية على من هاجروا أو “حرقوا” قبله.
في هذا الإطار يطلعنا أحد الشباب العاطلين والراغبين في الهجرة بشتى الوسائل إلى أغنية “راي”(نمط موسيقى شبابي تختص به الحقل الفني في الجزائر) حتى يقنعنا رغبته في الحرقة، نقدم منها هذه المقتطفات- سيكولوجيا تتكلم-
“لا فيزا لا باسبور (لا تأشيرة لا جواز سفر)
لا قعدت هنا راني نبور (إذا بقيت هنا سأعنس)
صاحبتي مشات البرة ( صديقتي ذهبت إلى الخارج)
وجابت الكابريولي ( جلبت معها سيارة فاخرة)
وأنا قعدت هنا في الكارتي ندور” (وأنا بقيت هنا أتسكع في الأنهج)
راني حالفة نحرق البرة ولا هذه العيشة المرة” (لقد أقسمت أن أهاجر سرا ولا أعيش هذه الحياة البائسة)
جو منفو يا أمواج البحر وقته تدي لي العمر” (لا يهمني يا موج البحر حتى لو أخذت حياتي)”1
الهدة،الهربة، قوارب الموت، قوارب الفرار نحو المجهول، الحرقة…هي مشتقات أزمة بنيوية(نفسية واجتماعية) في أوساط الشباب هي أزمة ليست عارضة وإنما تشوه مؤسسي كامن،حاضنته الأولى النفس البشرية يقول الله تعالى “في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون”* وقوله تعالى “فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا“*
كما أن التذمر النفسي يتفاعل معه الإنحرافالإجتماعي المؤسسي حيث ترتبط ظاهرة الهجرة لدى فئة الشباب في تبريرها الموضوعي، من يحكمون ويديرون شؤون الأفراد والجماعات في المجتمع الجزائري، وأخص القائمين على التنظيم المحلي بالأساس(البلدية، الولاية، شبكات التشغيل، مؤسسات المرافقة وهياكل الدعم والتمويل،شبكات الإسكان والتشغيل…)،حفنة الرجال الذين نصبوا أنفسهم رجال الحل،إلى حد أن بروفيل الدولة الجزائرية بأسمائهم وتوقيعاتهم أصبح يسير في خطا استثنائي لم يسبق له مثيل” الجزائر هي“سويسرا العالم العربي في خريفه المشؤوم” أو هكذا يمنون الشباب بثقة مهتزة ومرتابة تصنعها لعبة المواقع التي تطوقها الطبيعة البشرية في السياسة، خصوصا تلك التي تفعل كيميائياتها السياسة في عالمنا العربي(الجزائر مثال)…وهكذا أمسينا نتابع دون ثقة ولا أمل، رهانات الدولة العملاقة مع هؤلاء…وهم يدشنون المشاريع العملاقة في المدن العملاقة، نتلقفها من خلال أقنعتهم وتمثلاتهم الكرتونية المشهودة…لكن كل ذلك لم يقنع الشباب ولم ينزل إلى مستوى توقعاتهم وانتظاراتهم.
دولة صديقة للشباب،عندالطلب.،أملا معقودا وحقا مسلوبا ومع أننا لا ننكر أن هناك جهود مؤسسية قائمة في الخصوصية الجزائرية، يصنعها بعض المسؤولين المهنيين…خصوصا في السنوات الأخيرة ونتائج محققة ومعتبرة في تأهيل الشباب وخلق نشطاء جدد وموقعتهم في دائرة الحياة العامة والمؤسسية… لكن تبقى هذه الجهود، ليست استيعابية بشكل كافي ولاتمثيلية أو تشاركية بشكل كافي،بحيث لم تلب حاجات كل الشباب بتفاوتاتهم( طبقيا ومهنيا ونفسيا وعلميا واجتماعيا…) .ولأن المجتمع الجزائري مجتمع شباني بامتياز يبقى على السياسات الحكومية في اليوم والغد، المفاكرة المستمرة في جدوى السياسات والعمليات الإجتماعية الفعالة لإستقطابوإستيعاب والبحث عن فرص تمكين وتأهيل وموقعة الشباب في الأطر الإجتماعية المقبولة التي يرضى عنها
ندرك أن الوضع الإجتماعيوالإقتصادي والسياسي والأمني…يزداد خطورة كل يوم في الجزائر،وفي هذه الأجواء ثمة تأكيد فرضية، أن هناك من الشباب من هو مهيأ لكي ينزلق….أو لكي يحطم حقه في الحياة، خصوصا حين نسأل أنفسنا الأسئلة الصعبة،التي تنم عن ضبابية وأمل كبيرين بشأن حق الشباب في مستقبل مزدهر، لعل أكثرها إثارة، مسألة المجلس الأعلى للشباب ضمن أجندة دستور 2016، ماذا غير وماذا لم يغير مجلس الشباب في واقع الشباب الجزائري ذاته، كما يمكن التنويه إلى خيار الدولة الجديد في العودة إلى الشباب، هل هو سؤال المواقع، أم محاولة تطهير بنية الدولة الجزائرية من إرث الجيل الأول؟ وهل الفرصة لجميع الشباب متاحة على نحو متساوي…إنها أسئلة الذات المهمومة الباحثة عن إجابات في الوسط الشبانينفسه،خاصة أمام الوضع الذي آلت إليه السياسات الإجتماعية المقطوعة الرأس والقائمين عليها في الجزائر(مجلس أعلى للشباب في صراع داخلي قبل ولادته، سؤال اعتماد معيار الكفاءة في مجلس الشباب،إنهاسياسات الديكور مرة أخرى…في مرحلة صعبة تمر بها البلاد…
إنالطاقة البشرية الناعمة( الرأسمال الشباني) في الجزائر يحتاج إلى العمل الإنمائي المؤسس*الذي تقوده كوادر سياسية عالية المستوى، تجيد التعامل مع واقع الشباب والوصول به إلى ما يريد.وإن السياسة الإجتماعية المأمولة في مقاربة الشباب( ماذا يفكر الشباب، كيف يفكر،ماذا يحتاج، كيف من الممكن الوفاء باحتياجاته وإشراكه في العمل الإجتماعي الإنمائي…) لها طريق آخر … بالتأكيد… .
قائمة المصادر والمراجع
المصادر:
* قرآن كريم، سورة الأنفال الآية72.
*قرآن كريم، سورة النساء الآية 97.
قرآن كريم، سورة العنكبوت الآية 26*
قرآن كريم سورة مريم الآية46، الآية 59*
*قرآن كريم، سورة البقرة، الآية 10.
المراجع:
-أحمد عبد العزيز الأصقر، 2010، ” الهجرة غير المشروعة الإنتشار والأشكال والأساليب المتبعة”،مجموعة محررين بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة، الرياض
-حمدعزت الشيشيني، 2010،” المعاهدات والصكوك والمواثيق الدولية في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية”، مجموعة محررين بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة، الرياض،
-رابح طيبي، 2008،” الهجرة غير الشرعية( الحرقة) في الجزائر من خلال الصحافة المكتوبة”، مذكرة ماجستير جامعة الجزائر.
-ساعد رشيد،2011، “واقع الهجرة غير الشرعية في الجزائر من منظور الأمن الإنساني”، مذكرة ماجستير جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر.
-سفيانساسي، سماح بلعيد،ورقة علمية مقدمة في فعاليات الملتقى الوطني الثالث”الجريمة في المدن”جامعة الطارف الجزائر, 15/16 مارس 2016 بمداخلة عنوانها”الشباب الجزاىري وثقافة الهجرة غير الشرعية-دراسة انثروبولوجية-
-سماح بلعيد، النخبة الفكرية والتنمية الإجتماعية في المجتمع الجزائري المقتربات المعرفية والدلالات المفاهيمية في الفكر السوسيولوجي الحديث، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم، جامعة قسنطينة، إشراف البروفيسور خنونة مسعودة، قسم علم الإجتماع، الجزائر، 2015.
السيد الموسوي، 1992، النظام الإجتماعي في الإسلام، دار الصفوة،، لبنان.-هاشم
-السيد عبد العطي،1990،صراع الأجيال دراسة ثقافة الشباب، دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية.
-عبد اللهيوسف أبو عليان، 2011،”الهجرة إلى غير بلاد المسلمين، حكمها وآثارها المعاصرة في الشريعة الإسلامية”، مذكرة ماجستير، الجامعة الإسلامية فلسطين
-علي ليلة، الشباب والمجتمع، أبعاد الإتصالوالإنفصال، المكتبة المصرية، مصر.
-قيش حكيم، 2008، “الإتجاهات نحو الهجرة غير الشرعية وعلاقتها بالتوافق النفسي الإجتماعي لدى الشباب مذكرة ماجستير،جامعة الجزائر، الجزائر.
-مالك بن نبي، مشكلات الحضارة- وجهة العالم الإسلامي، ترجمة عبد الصبور شاهين، دار الفكر،2002.
-محمد فتحي عيد، 2010،” التجارب الدولية في مكافحة الهجرة غير المشروعة”،مجموعة محررين جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة، الرياض .
-محمد محمود السرياني، 2010،”هجرة قوارب الموت عبر البحر المتوسط بين الجنوب والشمال”، مجموعة محررين جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة،الرياض.
-ناصحعبد الرحمن، 2010،” الشباب بين تغيير الواقع الإجتماعي والتفكير في الهجرة”،مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر2، الجزائر.
-Boudon,Raymond , dictionnaire de la sociologie, la rousse ,1 990
1 أحمد عبد العزيز الأصقر، 2010، ” الهجرة غير المشروعة “الإنتشار والأشكال والأساليب المتبعة”،مجموعة محررين بجامعة نايفالعربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة، الرياض،ص5.
مرجع سبق ذكره،ص6. 1
2محمد فتحي عيد، 2010،” التجارب الدولية في مكافحة الهجرة غير المشروعة”،مجموعة محررين، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة، الرياض، ص156
3حمدعزت الشيشيني، 2010،” المعاهدات والصكوك والمواثيق الدولية في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية”، مجموعة محررين بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة،، الرياض،ص155.
قرآن كريم، سورة النساء، الآية 34-35.*
4أبو عليان يوسف عبد الله، 2011،”الهجرة إلى غير بلاد المسلمين، حكمها وآثارها المعاصرة في الشريعة الإسلامية”، مذكرة ماجستير، الجامعة الإسلامية بغزة، فلسطين،ص3.
المرجع نفسه، ص ص4-..55
أبو عليان عبد الله يوسف، مرجع سبق ذكره،ص.51
المرجع نفسه، ص. 5. 2
المرجع نفسه، ص ص 6-.73
* قرآن كريم، سورة الأنفال الآية72.
قرآن كريم، سورة النساء الآية .97*
أبو عليان يوسف عبد الله، مرجع سبق ذكره، ص ص 9- 10. 1
قرآن كريم سورة مريم الآية 46. *
قرآن كريم، سورة العنكبوت الآية 26. *
أبو عليان يوسف عبد الله،مرجع سبق ذكره،ص10 . 1
أحمد عبد العزيز الأصقر،مرجع سبق ذكره،ص ص 10- .11.2
3Raymond Boudon, dictionnaire de la sociologie, la rousse ,1990 ,PP 111-112.
السيد عبد العطي، 1990، صراع الأجيال دراسة ثقافة الشباب، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،ص89.،1
عليليلة، الشباب والمجتمع، أبعاد الإتصالوالإنفصال، المكتبة المصرية، مصر،ص 292
3ساعد رشيد،2011، “واقع الهجرة غير الشرعية في الجزائر من منظور الأمن الإنساني”، مذكرة ماجستير، جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر،ص17.
ساعد رشيد، مرجع سبق ذكره،ص17 .1
المرجع نفسه،ص 18 . 2
ساعد رشيد،مرجع سبق ذكره،ص18. 1
المرجع نفسه، ص18. 2
ساعد رشيد، مرجع سبق ذكره،ص18. 1
أحمد عبد العزيز الأصقر،مرجع سبق ذكره، 29 . 2
أحمد عبد العزيز الأصقر،مرجع سبق ذكره،ص34. 1
المرجع نفسه،ص36 . 2
محمد فتحي عيد،مرجع سبق ذكره،ص47.. 3
1محمدمحمود السرياني، 2010،”هجرة قوارب الموت عبر البحر المتوسط بين الجنوب والشمال”، مجموعة محررين جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مكافحة الهجرة غير المشروعة،الرياض،ص184
. مرجع سبق ذكره،ص ص 185-1861
1ناصح عبد الرحمن 2010،” الشباب بين تغيير الواقع الإجتماعي والتفكير في الهجرة”،مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر2، الجزائر،ص 134.
المرجع نفسه،ص ..1342
1قيش حكيم، 2008، “الإتجاهات نحو الهجرة غير الشرعية وعلاقتها بالتوافق النفسي الإجتماعي لدى الشباب، مذكرة ماجستير،جامعة الجزائر، الجزائر، ص ص 16 -17.
2 المرجع نفسه، ص 18
رابح طيبي،2008،” الهجرة غير الشرعية( الحرقة) في الجزائر من خلال الصحافة المكتوبة”، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر،ص54.1
المرجع نفسه،ص 146.2
مالكبن نبي، مشكلات الحضارة- وجهة العالم الإسلامي، ترجمة عبد الصبور شاهين، دار الفكر،2002،ص333
السيد هاشمالموسوي 1992، النظام الإجتماعي في الإسلام، دار الصفوة،، لبنان، ص72.4
1ورقة علمية للباحثان، ساسي سفيان وسماح بلعيد، مقدمة في فعاليات الملتقى الوطني الثالث”الجريمة في المدن”جامعة الطارف 15/16 مارس 2016 بمداخلة عنوانها “الشباب الجزاىري وثقافة الهجرة غير الشرعية-دراسة انثروبولوجية.
*قرآن كريم، سورة البقرة، الآية 10.
* قرآن كريم،سورة مريم، الآية 59.
* للمزيد من الإطلاع على” الإنمائية” أنظر أطروحتنا في الدكتوراه الباحثة سماح بلعيد، إشراف البروفيسور خنونة مسعودة، قسم علم الإجتماع، تخصص علم اجتماع التنمية، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم، جامعة قسنطينة 2 ( الجزائر)، 2015
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
ورقة بحثية حقوقية حول التفسير الشرعي والقانوني للهجرة غير الشرعية