الأدلة الجنائية من منظور حقوق الانسان
ما هي احدث الاساليب المتبعة للكشف عن الادلة الجنائية ؟
– كيف يمكن ان تساهم الادلة الجنائية في تعزيز مبادئ حقوق الانسان ؟؟
– ما هو الفرق بين الدليل الجنائي و الأثر المادي؟؟
– كيف يمكن ان تحدث التوعية الجنائية للافراد؟؟
لطالما تواجدت الجريمة وقتما قدر الله سبحانه و تعالى ان يحيا الانسان على الكرة الارضية و شاء له ان يكون مخيرا – و ليس مسيرا – بين اتباع السلوك السليم القويم و بين ارتكاب الخطأ ، و من هنا ظهر علم الادلة الجنائية للكشف عن الجرائم و طرق الوقاية منها و البحث وراء حقيقة الجرائم و بالتالي تعقب المجرمين.
و لعلم الادلة الجنائية ابعادا تفيد البشرية في الحفاظ على بقائها بمنآى عن الجريمة و مرتكبيها و لأن هذا العلم مرتبط بدور اجهزة الشرطة في حماية الامن العام فقد رأى اللواء اشرف ريفي مدير عام الامن الداخلي في لبنان خلال محاضرة بعنوان ” تحديات العمل الشرطي في لبنان ” رأى ان العمل الشرطي يواجه ثلاث تحديات أساسية و هي : تحقيق الامن و المحافظة على النظام و الاستقرار ، احترام حقوق الانسان و المحافظة على كرامته ، و ايجاد الصيغة المناسبة لإقامة التوازن بين تحقيق الامن و احترام حقوق الانسان . اي ان العمل الشرطي قائم بذاته على تحقيق مبادئ حقوق الانسان و التقليل من اخطار الجريمة على الفرد و المجتمع بأقل الخسائر الممكنة.
وربما كان من الهام عرض سريع لبعض المواد التي تندرج تحت قوانين وطنية و دولية تحث و تؤكد على حق الانسان في الحياة بشكل عام و الذي يخرج عن هذا الحق بذل مزيد من الجهود لتطوير اداء العمل على تفعيل هذا الحق الذي يعتبر من ابسط حقوق الانسان :
– فالاعلان العالمي لحقوق الانسان قد اشار في المادة (3) إلى ان لكل فرد الحق في الحياة و الحرية و في الامان على شخصه
– كما أورد اعلان القاهرة حول حقوق الانسان في التشريع الاسلامي المادة (2) ان الحياة هبة من الله و هي مكفولة لكل انسان و على الافراد و المجتمعات و الدول حماية هذا الحق من كل اعتداء عليه و لا يجوز ازهاق روح دون مقتض شرعي ، و يحرم اللجوء الى وسائل تفضي الى افناء الينبوع البشري، و ان المحافظة على استمرار الحياة البشرية الى ما شاء الله واجب بشري ، و سلامة جسد الانسان مصونة و لا يجوز الاعتداء عليها كما لا يجوز المساس بها بغير مسوغ شرعي و تكفل الدولة حماية ذلك .
– و تضمن الميثاق الافريقي لحقوق الانسان و الشعوب : انه لا يجوز انتهاك حرمة الانسان و من حقه احترام حياته و سلامة شخصه البدنية و المعنوية و لا يجوز حرمانه من هذا الحق تعسفا.
– اما الاتفاقية الاوروبية فقد افردت مساحة لهذا الحق ضمن اتفاقية لحماية حقوق الانسان و حرياته الاساسية: يحمي القانون حق كل انسان في الحياة و لا يجرد اي فرد من حياته عن قصد الا في حالة تنفيذ حكم صادر عن محكمة اثر ادانته بجريمة ينص القانون على ان عقوبتها الاعدام، و لا يعتبر التجريد من الحياة مخالفة لحكم هذه المادة عندما يأتي نتيجة لاستعمال قدر من القوة لا يتجاوز الضرورة القصوى:
– 1- دفاعا عن شخص ضد عنف غير مشروع
– 2- لالقاء القبض على شخص لسبب مشروع او لمنع هروب شخص معتقل لسبب مشروع
– 3- اثناء اتخاذ اجراءات مشروعة بغرض اخماد تمرد او فتنة .
و لذلك ، ظهرت في الآونة الاخيرة مظاهر الاهتمام بالتوعية بالادلة الجنائية، و من اهم اشكال تلك التوعية تنظيم معارض الادلة الجنائية الدولية ، ابرزها معرض الادلة الجنائية الذي يقام في 26 مارس من كل عام بإمارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة و التي تنظمه الجمعية العلمية التابعة لجامعة الشارقة ، يحتوي هذا المعرض على اقسام تتعلق بتقسيمات الادلة الجنائية ابرزها جناح خاص يعرض فيه لوحات التزييف و التزوير ،و اخر لفحص اثار الحريق ، اهم الابحاث العلمية المنشورة في الدورات العالمية ، بوسترات للاجهزة و المعدات المستخدمة في الفحوصات و التحليلات فيما يتعلق بالبصمة ، امثلة و نماذج لتجسيد بعض الجرائم المختلفة و ابراز الادلة الجنائية التي من خلالها يتم معرفة الخطوات التي اتبعها المجرم لتنفيذ جريمته ، احصائيات عن الجرائم المرتكبة للسنوات الخمس الماضية ، وعرض مسرحا للجريمة مجسدا على نحو أشبه للواقع ، الى جانب جناح يضم التفتيش الامني للكشف عن المتفجرات و العبوات الناسفة و اجهزة التعامل معها ، كما اشتمل على ادوات الادلة الجنائية مثل ادوات البصمة و الاثار المادية الاخرى.
اما عن معرض الامن الاول للشرق الاوسط SMES و التي نظمته و لاول مرة في لبنان مؤسسة الشرق الادنى و الخليج للتحليل العسكري بدعم من قيادة الجيش اللبناني و المديرية العامة لقوى الامن الداخلي. ، فقد تضمن احدث المبتكرات و الاجهزة التي تساعد في الكشف عن الادلة الجنائية و تأمين الحماية للافراد و استدراك العمليات الارهابية و الجرائم ، هادفا ذلك المعرض الى تبادل الخبرات و التجارب بين الدول المشاركة في المعرض و العمل بأساليب امنية ترتكز على التكنولوجيا و العلم الحديثين .
و للوقوف على ابرز الاساليب للكشف عن الجريمة و مرتكبها، فتعد بصمة الاصابع من اقدم الادلة الجنائية التي تستخدم منذ مئة عام ،و قد تطور استخدام هذا الدليل عبر برمجته على الكمبيوتر و هي تسمى بصمة الدنا او بصمة ال DNA .
و لأن البصمات لا تتشابه من شخص لاخر حتى لدى التوائم المتطابقة و لا تورث، أصبحت البصمات واقعا هاما في علم الجريمة.و اشبه بصمة لبصمة الاصابع في قدرتها على التعرف على الاشخاص هي بصمة العين او البصمة القزحية ، و هاتين البصمتين تظلان مع المولود منذ ميلاده حتى مماته و لا تتغير مع المرض او الشيخوخة
و هناك نوعا اخر من البصمات و هي بصمة العرق و الذي يمكن تحليله عن طريق التحليل الطيفي ، حيث ان لكل شخص رائحة عرق تميزه عن غيره من الافراد و تستخدم الكلاب البوليسية للتعرف عليها، و تعتبر بصمة الشعر من اجود انواع البصمات نظرا لعدم تعرضها للتلف.
اما بصمة الحمض النووي فهي من اكثر البصمات شيوعا و استخداما كدليل جنائي ، و الذي يعتبر رئيسيا في علم الطب الشرعي يعتمد على لغة الجينات و هي من اقوى البصمات الدامغة التي يتم التعرف على هوية الاشخاص و المجرمين و المشتبه فيهم من خلالها و هي ايضا ما سيتم الاعتماد عليها في الالفية الثالثة.
و لا بد من الوقوف على احدث علوم الادلة الجنائية و هي الادلة الجنائية الحاسوبية التي ظهرت مؤخرا بمحض التطورات المتسارعة في عالم الحاسب الالي و الاجهزة الرقمية ، و بالرغم من ان هذا المجال قد جلب العديد من الخبرات و التسهيلات للبشرية ، الا انه جلب ايضا اصنافا جديدة من الجرائم و التي نقف على اهمها و هي الجرائم التي ترتكب عن طريق الكمبيوتر و التي يتم التعرف عليها او الكشف عنها من خلال الادلة الجنائية الحاسوبية و لذلك دعت الحاجة مؤخرا الى وجوب تعامل رجال القانون مع رجال الشرطة و متخصصين في علوم الكمبيوتر ، و هذا العلم يهدف بشكل خاص للتعرف على البيانات الرقمية و حفظها و تحليلها و تقديمها كدليل يعتد به في الحالات القانونية.
و هذا العلم ان كان يطلق عليه الحاسب الجنائي الا انه يشمل كل الاجهزة الرقمية كالجوالات و الكاميرات الرقمية ، بطاقات الائتمان و الذكية او اي جهاز يستطيع تخزين معلومات.
و قد برز هذا العلم مع ظهور جرائم جديدة كالجرائم المعلوماتية الى جانب ان الدليل الجنائي الرقمي يختلف عن الدليل الجنائي التقليدي سواء من حيث كم البيانات المدونة في الجهاز الرقمي او كيفية اثباتها ، فإرسال فيروس للكمبيوتر يعتبر جريمة ، و مهاجمة المواقع و سرقة المعلومات عن طريق الانترنت و الاحتيال الالكتروني لسرقة الاموال تعتبر هي ايضا من الجرائم الالكترونية.
و هناك خطوات لعملية جمع الادلة الرقمية :اولاها التعرف على الدليل و القيام بتخزينها، و تحتاج هذه الخطوة لخبير للحاسب الجنائي كونه سيكون قادرا على تحديد نوع المعلومات المخزنة و طريقة تخزينها و كيفية استرجاعها.، ثانيا :الاحتفاظ بالدليل مع محاولة عدم حدوث اي تغيير على البيانات الموجودة لانه سيؤدي الى الغاء قانونية الدليل،ثالثا : تحليل الدليل : و ذلك باستخلاصها و تفسيرها بطريقة مفهومة لاغلب الاشخاص ، رابعا : تقديم الدليل الى المحكمة ، و تتضمن هذه الخطوة ايضا الطرق السابقة في كيفية الجمع و التحليل و التعرف على الدليل .
كما ان لهذه الخطوات تقنيات حديثة و متطورة لتنفيذها بدقة محكمة و منها تقنيات النسخ و هي اخذ نسخة من محتويات الجهاز الرقمي ، و تقنيات التحليل و ذلك للتعرف على البيانات المخبأة او حتى المحذوفة و هناك تقنيات تساعد على تسريع عمليات الحاسب الجنائي و ذلك باستخدام تقنيات التطابق او التمثيل البصري.
و لعل ابرز الجرائم الالكترونية التي ارتكبت مؤخرا عن طريق شبكة من قراصنة الكمبيوتر تضم 100 من المشتبه فيهم في مصر و الولايات المتحدة ، اخترقوا حسابات البنوك، وقد تمكنت هذه الشبكة من سحب اكثر من مليوني دولار من حسابات امريكيين بالبنوك الامريكية و اقتسام حصيلة السرقة و توزيعها فيما بينهم عن طريق احدى شركات تحويل الاموال ، و ذلك باستخدام حواسيب محمولة و شخصية ، و التردد على مقاهي الانترنت و عبر البريد الالكتروني تم معرفة معلومات عن حسابات اشخاص.
و قد قامت هذه الشبكة باستخدام الاحتيال الالكتروني – عن طريق خطة اقتناص معقدة – على حسابات ملك لاشخاص و القيام بتحويلات نقدية عن طريق الانترنت و الاستيلاء على اموال المواطنين الامريكيين من خلال تحصلهم على بيانات بطاقاتهم الائتمانية بطرق احتيالية متعددة منها رفع الصفحات لبعض البنوك الامريكية على الانترنت و قيامهم بعمل تحويلات من تلك البطاقات لحسابات وهمية بالولايات المتحدة الامريكية خاصة بالمشتبه فيهم.
و في هذه القضية الواقعة – و تأكيدا على اهمية الادلة الجنائية الحاسوبية لاستدراك تلك الجريمة الالكترونية ، فقد تم ضبط حوالي 29 جهاز كمبيوتر شخصي و محمول ، 5 ذاكرة كمبيوترية ، 2 USB ، 12 خط تلفون الى جانب مجموعة كبيرة من كروت الائتمان.
و عن تاريخ الادلة الجنائية – وفقا لموقع الموسوعات العلمية (ويكيبيديا ) – فقد ترك الانسان القديم شواهد على بصمات الاصابع في رسوماته و منحوتاته على جدران الكهوف و الصخور .
كما ان اول من تتبع بصمات الاصابع منذ 3 الاف عام هم الصينيون و اليابانيون و قد استخدموها لتوقيع العقود و الوثائق،كما استخدمها الانجليز عندما احتلوا الهند للتفرقة بين المساجين و العمال.
و للتفرقة بين الدليل الجنائي و الاثر المادي الذي يخلط بينهم الكثير ، فإن الدليل الجنائي هو البرهان القائم على المنطق و العقل في اطار من الشريعة الاجرائية لاثبات صحة افتراض او لرفع درجة اليقين الاقناعي او حفظها في واقعة محل الخلاف ، اما الدليل المادي فهو الذي ينبعث من عناصر مادية ، و الدليل القولي هو الذي يتمثل فيما يصدر عن شهادة الشهود او اعترافات المتهم ، اما الدليل الفني ، فهو ما ينبعث من رأي الخبير حول تقديره للدليلين السابقين
اما الاثر المادي : هو كل ما يمكن ادراكه و معاينته بالحواس سواء كان جسما او لونا او شكلا او رائحة كأثر استعمال آلة او بقعة دم و بذلك يكون الاثر المادي مصدرا للدليل المادي
مقال قانوني هام بعنوان الأدلة الجنائية من منظور حقوق الانسان
لكن يا أخي لم تبرز في مقالك العلاقة بين الأدلة الجنائية و حقوق الإنسان أو مامدى إحترام هذه الأدلة لحقوق الإنسان