دراسة و بحث حول الخطأ الشخصي و الخطأ المصلحي
الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي
لم تعد نظرية الخطأ المصلحي عصية علي النقد بعد ان فقدت التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي اهميتها بالنسبة للادارة – بعد ان طور القضاء الفرنسي النتائج المبنية عليها تطويرا لا يتلائم ومصلحة في كثير من الحالات وسنتناول في نقدنا الموضوع من زاويتين تشمل الاول . معايير التفرقة وتتصرف الثانية الي الاثار المترتبة علي التفرقة .
نقد معايير التفرقة :
لم نتوان في نقد كل مذهب من المذاهب المتقدمة التي حاولت إقامة حاجز فاصل بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي ، ونحن هنا ننقد المذاهب مجتمعه في إغفالها نوعا هاما من الخطأ المصلحي يسمي عند البعض بخطأ المصلحة عند faute service ذلك ان الخطأ المصلحي اما ان يقع من موظف يكون متسبباً فيه غاية ما هناك أنه يسأل عنه لوقوعه منه اثناء وبسبب الوظيفة ودون وجود قصد لديه للاضرار بشخص من وراء هذا الخطأ ويسمي في هذه الحاله : الخطأ المصلحي faute de service ، وقد يقع الخطأ المصلحي نتيجة سوء تنظيم الإدارة واختلال سيرها ويسمي في هذه الحالة خطأ المصلحة faute de service .
ومن أمثلة هذه الصورة قضية ( انجيه ) سالفة الذكر وقضية ( كليف ) وملخصها أن البوليس قبض علي أحـد المتظاهرين في عيد العمال ( اول مايو ) واودعه احدى الثكنات العسكرية تمهيدا لإستجوابه وهناك اعتدى أحـد الجنود عليه بالضرب المبرح ورغم عدم معرفة المعتدين بالتحديد فقد قضي مجلس الدولة في 13/3/1935 بمسؤلية الادارة لانها باهمالها الرقابة علي الثكنات قد سلمت الفرصة لوقوع الاعتداء . فالخطأ هنا ليس راجعا الي شخص بعينه بل الي الادارة في مجموعها ( سيري 1936 – ح 3 ص 37 ) .
ويعنينا ان نؤكد هنا ان خطا المصلحة وان نسب الي المرفق كله دون ان يلصق باحد عماله بالذات إلا ان هذا لا ينفي انه خطا وان الادارة تؤخذ به كوحدة ولذا يتعين علي المضرور ان يثبت هذا الخطأ وعلي ضوء ما تقدم تتحدد مسؤلية الإدارة عن خطأ المصلحة واضحة ومستقلة عن مسؤليتها من نظرية المخاطر التي تكتفي بالضرر دون الخطأ .
ولازالت حتي يومنا هذا – التفرقة بين الخطئين يعوزها الضابط القاطع – الذي فيه فصل الخطاب ومهما حاول انصار النظرية الإدارية التغطية علي هذا العيب الجوهري بالضرب علي نغمة وجوب انقضاء حل مناسب لكل حاله علي حدة … فان الامر سيظل مختلفا غامضا . صحيح ان النظريات الادارية تتسم بالليونه والمرونه – ولكن فرق كبير بين المرونه داخل اطار ثابت الاركان معلوم لكل المعنيين بالامر فرق بين هذا وبين ذلك الاضطرب والاضطرام الذي يحلق بسحبه الكشيفة فوق نظريتنا الادارية هذه فيحيلها طلسها مجهلا لا معني له .. بلا اركان ولا اثار …
ليس في هذا القول غلو ولا اسراف ، واذا ما شخصنا بابصارنا الي القضاء الفرنسي – مهد النظرية واحسسنا في غير جهد ما نقول .
فقد عرضت علي محكمة ديجون المدينة قضية المدرس ( مورزوت ) التي اقامها احد اولياء التلاميذ ضد هذا المدرس الذي كان يعمل بمدرسة ديجون ويلقن تلاميذه دروسا مشبعة بالاحاد والانحلال منها .
- 1- ان رجال الدين هم مشعلوا الحرب
- 2- وانهم مجرد طفيليات
- 3- وان الجنود الفرنسيين جبناء
- 4- وان الالمان في الحرب السبعينية احسنوا صنعا اذ قتلوا الاطفال
- 5- وان من يعتقد في وجود الله غبي
- 6- وعلي الطلبة الا يعترفوا بخطاياهم لرجال الدين بل لهؤلاء الذين يصيبهم ضرر منهم
- 7- وان الله – سبحانه وتعالي – محفظه نقود مليئة
- 8- وانه لا اختلاف بين الانسان والبقرة فلكل منهما ذيلا
(أ) حكمت محكمة ديجون بان ارهاصات الدرس المتقدمة ان هي الا مجرد اختلاف في تقدير الامور
(ب) لجا المدعي الي محكمة استئناف ديجون فقضت ان الاقوال (1) و (2) تنطوي علي خطا مصلحي بينما تعد بقية الاقوال خطا شخصيا تختص به المحكمة
(ت) رفع المدير اشكالا الي محكمة التنازع . وراي المفوض ان اقوال المدرس تعتبر خطا جسما عدا القول رقم (6) فهمو نصيحة خلفية .
(ث) قضت محكمة التنازع ان اقوال المدرس جميعها خطا شخصي جسيم
( انظر في ذلك الدكتور الطماري في مسؤلية الادارة عن اعمالها غير التعاقدية ص 92 وامثلة اخري في هامش ص 94 )
ومهما يكن من امر فان الجهود ان ذهبت ادراج الرياح بصدد تجديد ” مبدا الخطأ المصلحي ، فانها قد ادركت قسطا وفيرا من النجاح في تعيين ” مدي ذلك الخطأ علي التفصيل الذي اورده دويز في عرض صور الخطأ المصلحي الثلاثة وعلي كل حال فنحن لا نستطيع مجال النظر الي هذه الصور كميعاد لفصل الخطأ المصلحي عن الخطأ الشخصي اذ انها اقرب الي التصنيف منها الي التعريف فضلا عن ان هذه الصور كثيرا ما تتداخل في بعضها فالخطأ الايجابي مثلا في حالة اصابة جندي البوليس لاحد المتظاهرين وقتله قد يعتبر خطأ سلبيا من حيث ان الادارة قد اهملت في اتخاذ الحيطة الازمة في تنفيذ اجراءاتها البوليسية كذا مسؤلية الادارة عن صيواناتها كالاهمال في الاشراف علي خيولها مما يؤدي الي دهسها شخصا ما . ماهو في الواقع خطا سلبي لحمته الامبالاة وعدم الاكثرات
في نقد اثار التفرقة :-
نقسم الكلام في هذه النقطة الي قسمين
(1) في العلاقة بين المضرور , وكل من الادارة والموظف
(2) في العلاقة بين الادارة والموظف
العلاقة بين المضرور . وكل من الادارة والموظف :
درج الفقهاء علي المجاهرة بان المضرور اذا قاضي الادارة مطالبا بالتعويض فانه لا يستطيع اثبات مسئوليتها الا اذا كان الخطأ مصلحيا ومن هنا نبتت الاهمية العملية لهذه التفرقة فان الادارة تستطيع نفي مسؤليتها اذا اقامت الدليل علي ان الخطأ شخصي , لا يسال عنه الا الموظف المتسبب فيه وحدة دون غيره وعلي ذلك اذا جاء القضاء يوما وقال للادارة . انني مسئوله . شخصا سواء كان الخطأ شخصيا او مصلحيا لهزلت – بلا شك – هذه التفرقة ـ واصبحت سفسطة جوفاء لا طائل تحتها وهذا هو الذي حدث فعلا علي النحو الذي عرضناه تفصيلا عند الكلام علي فكرة الجمع بين الخطئين الشخصي والمصلحي والتي انتهت بالامساك بتلايب الادارة عن خطا الموضف الشخصي حتي ذلك الذي ياتيه كالمفروض اصلا ام عن خطا شخصي , حسب تطور القضاء الاداري الفرنسي , غير ان هذا القضاء قد تحفظ بالنسبة للخطا الاخير فجعل المسئولية بصدوره نسبية لا مطلقة كالحال في الاول .
أولا :- الخطأ المصلحي
هنا تلتزم الادارة وتلتزم وحها دون الموظف , فالموظف غير مسئول سواء امام المضرور او الادارة ومعني ذلك ان مسؤلية الادارة مطلقة وهذا مسلم به قضاء ونستقي من الاحكام قضية ( بورسين ) حيث تبين لمجلس الدولة ان ضابطا خلال الحرب العالمية الاولي اعدم شخصا رميا بالرصاص لجريمة اعتقد انه قد ارتكبها ثم ظهرت براءته بعد ذلك واعترفت وزارة الحربية بخطئها في ذلك ومنحت ورثة المجني عليه تعويضا قدره 40 الف فرنك , غير ان وزير الحربية حاول الرجوع بالطريق الاداري علي الضابط واقتضاء مبلغ التعويض منه فالغي مجلس الدولة في 28 مارس 1924 قرار الرجوع هذا مقررا عدم جواز مساءلة الموظف في حالة الخطأ المصلحي ( داللوز 1924 – ح3 – ص 49 )
ثانيا – خطا المصلحة المفروض ان الخطأ هنا ناجم عن اضطراب سير المرفق الاداري عموما وان المتسبب فيه غير معلوم لهذا يكون من المنطقي بل من المحتم عدم امكان رجوع الادارة علي المتسبب في الخطأ
ثالثا :- الخطأ الشخصي .
هنا مسئولية الادارة نسبية بمعني ان التزامها بالتعويض زاء المضرور لا يمنع من رجوعها علي الموظف ولا يكون في هذا الموقف اي تناقض او غرابة . فان حكمة تقرير مسئولية الادارة عن اخطاء لم يكن لها دخل في حدوثها هي الاخذ بيد المضرور ومسح الامه عن طريق تيسير مورد التعويض له فملاءه الدولة مضمونه خلاف الموظف المحدود الدخل سند اذن اجتماعي لا قانوني واساسها اقرب الي فكرة تحمل التبعية منها الي الخطأ وهذه الحكمة تنتقي في العلاقة بين الادارة والموظف فلما ان تقتطع منه ما دفعته عنه , والقول بعكس ذلك فيه افساح لموجه الاهمال والاستهانة بين الموظفين ما دام لن يصيبهم ضر اذا ما حادوا عن جادة الصواب وما دام الموظف يخطا والدولة تدفع
غير اننا نري رجوع الادارة علي الموظف عديم الفائدة في اغلب الاحوال والادلة التالية شهود علي ذلك .
- اولا – وجوب كون الخطأ شخصيا بحثا فلو كان مزدوج الصفة لامتنع الرجوع في حدود ” مصلحية ” الخطأ علي الاقل ولما كان الاتجاه الغالب الان في اعتبار الخطأ الشخصي قرينة علي الخطأ المصلحي لذلك يحب التحرز من تقرير الرجوع في كل الاحوال صحيح ان هذه القرينة بسيطة يمكن اثبات عكسها الا اننا ينبغي ان عبء الاثبات ملقي علي كاهل الادارة
- ثانيا :- اشتراط اخفاظ الادارة في حلولها محل المضرور في الرجوع بالتعويض علي الموظف في الدعوي المرفوعة من المضرور علي الادارة واعتبار هذا الحل جوهريا في نظر الكثير من الفقهاء لامكان الرجوع وبذلك تضيع كثير من الفرص من يد الادارة نتيجة عدم اشتراطها ذلك عن جهل او عن سهو .
- ثالثا – عسر الموظف المرجوع عليه : فالموظف المتسبيب في الخطأ عادة من صغار المستخدمين وهم عماد جهاز المرافق العامة التي يكثر تعامل الافراد معها واحتكاكهم بها ووقوع الخطأ من جراء ذلك الاحتكاك لهذا يبدو مقاضاة مثل هذا الموظف مضيعة للجهد وللمال ( المصروفات القضائية ) وتشتيتا لوقت المحاكم دون جدوي .
- رابعا- تقييد الحجز علي راتب الموظف بنسب ضئيلة ( الربع عادة) ففضلا عن تفاهة مرتب الموظف – كما تقدم – فان نسبة اباحته مالا طليقا للادارة لتستادي حقها نسبة متواضعة لا تذكر بجانب التعويضات الطائلة التي يسخو بها القضاء الاداري مدفوعا وراء البواعث الاجتماعية والانسانية .
والخلاصة ان مسئولية عن خطا الموظف الشخصي تكاد تكون من الناحية العملية مطلقة شانها في ذلك شان مسؤليتها عن الخطأ المصلحي فقد اصبحت مسؤليتها كاملة تجاه المضرورين من جهة – وتعذر او تعسر عليها استرداد ما دفعته من الموظف المتسبب من جهة اخري وبذلك تكون التفرقة بين الخطأ المصلحي قد تضخمت ثم تمخصت عن ………… لا شيء
الراي الذي نقول به
هل يمكننا ان نقرر – بعد كل ما تقدم – ان النظرية المدنية القائمة علي اساس مسؤلية المتبوع ( الادارة ) عن فعل التابع ( الموظف ) نفضل النظرية الادارية المستوحاة من فكرة التفرية بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي
هذا ما سنحاول التدليل عليه الان :-
( أولا ) في الاختصاص :-
مؤدي الاخذ بالنظرية الادارية اختصاص القضاء الاداري بنظر ما يسمي بالخطأ المصلحي في حين تقتصر ولاية القضاء المدني علي الخطأ الشخصي ولما كانت المحكمة الادارية لا تتقيد بتقدير ونكييف المحكمة المدنية للوقائع فان رفع النزاع الي القضاء المدني ووصف الاخير للخطا بانه شخصي لا يمنح القضاء الاداري اذا اثير الموضوع امامه من اعتباره ذات الخطأ مصلحيا انسياقا وراء ضوابط غير محدة تتلوي و تتلون وفقا لكل حالة ( قضية انجية المتقدمة) .
وقد يحدث العكس فتري المحكمة المدنية ان الخطأ المطروح امامها خطا مصلحي , بينما تعارضها المحكمة الادارية مقررة انه خطا شخصي وهذا ما رايناه فعلا في قضية المدرس ( مورزوت ) ودروسه بمدرسة ديجون .
ولا يخفي مافي هذا التناقض من اشاعة للغموض واضاعة للجهود والوقت والمال
ولعل هذا المأخذ يزداد وضوحا عندنا في مصر حيث المحاكم المدنية – لا مجلس الدولة هي صاحبة الاختصاص العام في قضايا الادارة فمجلس الدولة حتي يومنا هذا لا يختص الا بالتعويض عن اعمال الادارية التي تقارب في ننطاقها احكام النظريتين المدنية والادارية (1) وحتي هذه يزاحمه في نظرها القضاء المدني بالشروط المنصوص عليها في 8 و9 من ق 165 سنة 1955 ” فيمكنه التعويض عنها بل والغائها اذا هوي بها العيب الذي يشوبها الي درك الغضب المادي
ففي هذا المجال – وما اضيفه يعمل مجلس الدولة وحتي في تلك الشقة الضيقة تري من العسير اقحام النظرية فالقانون المدني الحالي صدر بعد مولد مجلس الدولة المصري ولم يورد في موادده سيما المنظمة المسؤلية التقصيرية تحفظا او استدراكا ما بشان القواعد الواجية التطبيق علي الاختصاص المتقدم ومعني هذا اعمال النظرية المدنية في كل الحالات ولو اختص مجلس الدولة ببعضها وقد يرد علي هذا بان طبيعة مجلس الدولة في فرنسا اذ ان القانون المدني هناك لا يحكم العلاقات بين الافراد والاشخاص المعنوية العامة – عكس الحال في مصر – وبالتالي فهو لا يخاطب المحاكم الادارية ويحق لها بذلك ان تخرج عن سلطانه
اما الاعمال المادية الحقل الخصب للمسئولية فيتمتع علي مجلس الدوية نظرها وبذا يكون التحدث في امر النظرية الادارية معركة في غير ميدان وتظل الغلبة للنظرية المدنية التي تضاع لها علي الدوام محاكمنا المدنية .
فالواجب اذن علي الاقل في حدود التنظيم القضائي الحالي استبعاد النظرية الادارية والواقع اننا لو سايرنا الراي المضاد لوصلنا الي مفارقات لا يسيعتها الذوق القانوني فلو لجا شخص – ثري الحال- الي المحكمة الادارية التي لا تنعقد حتي الان الا في القاهرة والاسكندرية واستخلص منها حكما بالتعويض عن خطا للادارة بدعوي انه مصلحي واستعصي علي اخر متواضع الحال رفع الدعوي امامها بخصوص نفس الواقعة – بسبب ظروفه المادية التي تنوء بمصاريف الانتقال من بلدته التائية الي مقر المحكمة الادارية فاقام الدعوي امام المحكمة المدنية القريبة منه ووجدت الاخيرة نفسها مقيدة بالقواعد ثم حكمت في غير صالحة فان في هذه النتيجة التي تتاذي منها العدالة ردا مفحما لمن يقول بالنظرية الادارية في مصر .
ثانيا : في الموضوع :-
هناك فكرة ملحة ظلت تداعب خاطري دائما … لماذا لا نستظل بالقواعد المدنية بدلا من كل هذا العناء ؟ قد تلوح امامنا بعض الحجج الهزيلة , وهذه لن تقف امامها طويلا (1) فالتحجج – مثلا – بان القانون المدني لا ينظم الا علاقات الافراد فيما بينهم جوابه ان القانون المصري بالذات سوي بين الاشخاص الطبيعية والاعتبارية ( م 52 /53 مدني) واعطي للاخيرة كل الحقوق التي للاولي خلا ما استثي وحينما سن المشرع لائحة ترتيب المحاكم من قبل واعطي للقضاء ولاية التعويض عن القرارات الادارية المعيبة لم يفرد لذلك احكاما خاصة وفي هذ الدليل الكافي علي اعتباره القواعد المدنية القانون العام في هذا الميدان .
ما الزعم بان العلاقة بين الموظف والادارة ليست علاقة تعاقدية كتلك القائمة بين التابع والمتبوع فيرد عليه بان التعاقد ليس اساسا لقيام المسؤلية الاخيرة يؤكد هذا المعني العميد السنهوري احد واضعي القانون المدني في كتابه الوسيط حيث يقول ” تقوم علاقة التبعية علي سلطة فعليه فليس ضروريا من جهته ان تكون هذه السلطة عقدية تقوم علي الاختيار
وهذه حجة ثالثة – القوعد المدنية عاجزة عن معالجة حالة خطا المصلحة اي عندما يكون الخطأ غير منسوب الي شخص معين ” ويمكننا نفنيد هذه الحجة بانه يمكن مساءلة الادارة هنا علي اساس خطاها الشخصي ( المادة 163 مدني) لا خطاها المفترض بوصفها متبوعة (م 174 مدني) هذا ومن المتفق عليه في حالة الخطأ المصلحي الذي يكون فيه الموظف محدث الضرر غير معروف تطبق النظرية المدنية ( راجع السنهوري الوسيط ص 1018 والتطبيقات العديدة التي اوردها بالهامش )
ناتي الي حجة رابعة قد تكون براقة المظهر مجملها ان مجلس الدولة لا يسعه مجال – وهو المتحرر المتطور – ان يدور في فلك النظرية المدنية ؟؟؟
وقد رددنا علي ذلك – عند بحث الاختصاص – بما فيه الكفاية ومع ذلك دعنا نتامل قليلا النظرية المدنية لنحلها في الموضع الملائم لها في ركب التطور والارتقاء اشار القانون المدني القديم الي هذه النظرية في المادة 152 فنص علي انه ” يلزم السيد ايضا بتعويض الضرر الناشئ عن افعال خمسة متي كان واقعا منهم حالة تادية وظائفهم والنص كما تدل صياغة يضيق رابطه التبعية ما امكنه ورغم ذلك فان القضاء المدني لم يقف مكتوف الايدي حيالة بل اشيعة تفريعا وتطويعا حتي وصل الي مساءلة المتبوع اذا كانت الوظيفة قد سهلت او ساعدت او هيات الفرصة لارتكاب الخطأ اي اذا كان الخطأ قد ارتكب بمناسبة تادية الوظيفة ( السنهوري المرجع السابق ص 1025 ) وشتان بين النص وبين ذلك القضاء
ثم جاء القانون الحالي بالمادة 174 قاصدا من ذلك توكيدا ما انتهي اليها القضاء المصري من نتائج ( السنهوري ص1013 ) فاذا كان القضاء المدني قد استبق التشريع بهذه الخطوات بل الطفرات الهائلة .. فكيف يري بعد ذلك بالجود ؟ لقد انتحي قضائنا المدني الي نفس النتيجة التي اعلنها مجلس الدولة الفرنسي ولكن علي اسس ثابتة وقواعد راسخة
واذا كانت سهام القصد قد تحطمت جميعا امام هذا الصرح الشامخ الذي شاده القضاء المدني فان نظرة واحدة داخل محراب ذلك القضاء – وكيف انه امسك العصا من وسطها معطيل كل ذي حق حقه كفيلة بان تزيدنا استمتاكا بالنظرية المدنية :
اولا – مركز المضرور :
تسال الادارة عن خطا موظفها ايا كانت درجة الخطأ حتي ولو كان يسيرا والمضرور في هذا ينعم بميزة غير متوافرة في النظرية الادارية حيث لا تسال الادارة الا عن خطاها الجسيم فحسب , وحيث ينقسم الخطأ – علي غير اساس – سوي التحكم الذي لا سند له الي خطا ظاهر الوضوح , واخر جسيم علي النحو الذي قضلناه في حينه والادارة حيث يثبت الخطأ علي موظفها لا تستطيع المحاورة والمداورة … عليها ان تكفكف الام المضرور لا يهم في ذلك ان يكون الخطأ شخصيا او مصلحيا . وبذلك نعفي انفسنا من مشكلتين نصطدم بهما في النظرية الادارية:
- الاولي:- وضع معيار جامع مانع للخطا المصلحي اذ ان الادارة ازاء المضرور مسؤلة دائمة وفي مقابل ذلك انها ترجع علي الموظف من ناحية اخري في كل الاحوال .
- الثانية :- تقدير درجة الخطأ المصلحي في كل حالة علي حدة وهل الخطأ علي قدر معين من الجسامة يبرر مسئولية الادارة . نحن هنا نكيل بكيل واحد واف . ان المعيار المجرد in abstract الذي شرعه القانون المدني ادعي الي الثبات واقرب الي الاطمئنان فالادارة تسال عن كل خطا لا تقع فيه ادارة متوسطة العناية وجدت في نفس الظروف الخارجية وعامل الظروف الخارجية هذه هي التي تضفي علي النظرية المدنية . الحيوية فيجعلها طازجة ابدا . ويقول اعميد السنهوري في وصف ذلك المعيار ( ويتبين ان الظرف الواحد قد يكون ظرفا داخليا شخصيا بالنسبة الي شيء معين ثم ينقلب الي ظرف خارجي عام بالنسبة الي شخص اخر وفي هذه القضية بها ما يجعل القياس المجرد او فر مرونة واكثر مطاوعة لمقتضيات الظروف ( السنهوري – المرجع السابق – ص 785 – بيذة 529 ) ويقصد بالظروف الخارجية : الظروف التي تحيط بكل الناس كظروف الزمان والمكان وهنا نستشعر حنين القضاء الاداري الي نظريتنا المدنية حينما اخد يحاسب المراق وفقا لهذه الظروف ( الزمان / المكان ) وعندما مال في نهاية الامر الي التاسي بالنظرية المدنية ووضع معيار موضوعي لقياس خطا المرفق ( ثانيا) مركز الادارة . ترجع الادارة علي الموظف في كل الاحوال هذا وان كان هناك تضامن دفع التعويض بين الادارة والموظف ( م 169 مدني) فان الادارة تكون متضامنة مع الموظف لا عنه ولا يجديه في حالة رجوعها عليه ان يدفع في مواجهتها بان خطاها مفترض اذ ان هذه قرينة اقامها المشرع لصالح المضرور ولا لصالح الموظف المسئول ومن ناحية اخري لا يمكن للموظف دفع مسئوليته بزعم ان الخطأ مصلحي … وفي هذا تنحاز النظرية المدنية ايضا
( ثالثا ) مركز الموظف
. قر في اذهاننا الان ان الموظف مسئول دائما حتي عن خطئه اليسير وعن ذلك الخطأ الذي يسميه الاداريون شخصيا وهذا امر مستحب بقدر ماهو مطلوب اذ بغير هذا السلاح المسلط لا يستقيم عمل ولا يرعوي مخطئ ومع ذك فان الموظف يستطيع ان يجعل له مخرجا من احكام هذه المسؤلية اذ بدت ثقيلة قاسية علي النحو الاتي ( ) الخطأ المباح تنص المادة 167 مدني علي ” انه لا يكون الموظف العام مسؤلا عن عمله الذي اضر بالغير اذا قام به تنفيذ لامر صدر اليه من رئيس متي كانت اطاعة هذا الامر واجبة عليه او كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وكان اعتقاده مبنيا علي اسباب معقولة وانه راعي في عمله جانب الحيطه” والاعفاء في هذه الحالة قاصر علي الموظف المرؤوس ولا يتمتع به الرئيس الا اذا انطبق عليه النص بشروطه الواردة فيه (2) الرجوع في حدود الخطأ ” تقرر المادة 175 مدني” ان للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤلا عن تعويض الضرر والموظف غالبا ما تتقاسم معه الادارة وزر الخطأ وعلي هذا يتعين عليها الا تحاسبه الا عن خطئه وحده (3) حق العفو . الادارة ان ملكت حق الرجوع علي الموظف الا انها كثيرا ما تعفو عنه تخفيضا وترفيها وبديهي ان العفو هنا حق للادارة لا للموظف فهو منحه منها لا واجب عليها ويراعي بطبيعة الحال ظروف كل موظف علي حده وفي هذا مزيد من المرونه للقاعدة المدنية (4) التعسف في استعمال الحق : يري الدكنور سليمان الطحاوي ( المرجع السابق ص 250 ) انا رجوع الادارة علي الموظف واقتضائها التعويض منه كاملا عن خطا قد يكون تافها ان هو الا ضرب من الاعتساف في استعمال الحق مصدافا للمادة 5/3 مدني التي تجري عباراتها بالاتي : يكون استعمال الحق غير مشروع في الاحوال الاتية …………. ب- اذا كانت المصالح التي يري الي تحقيقها قليلة الاهمية بحيث لا تتناسب البته مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها
من جماع ما تقدم ننتهي الي الحقيقتين الاتيين :
اولا – ان القضاء الاداري المصري يتعذر عليه تطبيق نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي :
1- علي الاعمال المادية لانه غير مختص بها
2- وعلي الاعمال الادارية لانه مرتبط بالنصوص المدنية
ثانيا :- ان النظرية المدنية ادني الي صوالح كل من المضرور والادارة والموظف من النظرية الادارية وهذا هو راينا الخاص
وعسي الا نكون قد وقعنا في خطا ………. في معالجة ذلك ” الخطأ “
المستشار / على فاضل حسن
دراسة و بحث حول الخطأ الشخصي و الخطأ المصلحي
شكرا