ما هي مسؤولية القاضي عن الحكم الخاطئ ؟
منح المشرع القاضي حصانة تمنع مساءلته عن الخطأ الذي يرتكبه بسبب عمله ، فالحصانة من الشروط الضرورية اللازمة لحسن الأداء في العمل ، خاصة وأن عليه أن يجتهد فإما يصيب وإما يخطئ ،
وطالما أن الخطأ المحتمل من الطبيعة البشرية إلى حد يستحيل معه عملٌ بلاخطا ، ولا أظن أن أحداً يعارض هذا المبدأ النظري ..
ولكن من طرح هذا الموضوع للنقاش يعتقد أن هناك تعسفاً في استعمال هذا الحق وأن القاضي يقرر دون أن يجتهد طمعاً بهذه الحصانة ..
يعتقد أن المشكلة ليست في الخطأ وإنما في نسبة هذا الخطأ التي وصلت إلى حد دفعت الناس إلى الظن (….)
بداية وقبل أن نسلط سيف الاتهام على عنق القاضي يجب أن نمعن النظر في خطأ القاضي ونتأكد فيما إذا كان يتحمله شخصه وما هي حدود هذه المسؤولية ؟ ونتساءل فيما إذا كان من الضروري إعادة النظر في حصانة القاضي التي نص عليها الدستور والقانون ، وأثر تداعي هذه الحصانة على شعوره بالأمان على معاشه وسكنه وصحته هو وأسرته ونتساءل أيضاً ما هو أثر حجم العمل ونوعية العاملين ومكان العمل على ذلك ؟ وكم يحمل من وزر المخطئين من المحامين والشرطة والخبراء والأطباء ؟؟
طبعاً ليس المطلوب الاجابة على هذه الأسئلة ، وليس مطلوباً أن تكون الصورة التي نحكم بها عن القاضي والقضاء حقيقة ، المطلوب أن نتأكد ونحن نتحدث عن خطأ القاضي أنه ليس من شريك ساهم في هذا الخطأ وإنما شخصه بقلة اجتهاده أو بإهماله أو تهاونه في إحقاق الحق .
وبعد أن يتأكد لنا ذلك يمكن مساءلته وفقط وفق أحكام الدستور وقانون السلطة القضائية ، وبعد أن تقر السلطة المختصة بالمساءلة هذا الخطأ حينها ننتقل إلى السؤال هل يمكن التعويض على من حصل له ضرر بسبب الخطأ ؟ ومن الجهة التي ستعوض ؟ وهل من تفريق بين الخطأ العادي والخطأ المهني الجسيم ؟ الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج إلى بحث معمق ومناقشة مستقلة ..
على كل حال ومهما كانت النتيجة التي سيفضي إليها البحث وسواء كان تعديلاً للدستور وقانون السلطة القضائية أو كان نظاماً قانونياً جديداً يساءل ، فإنه المفيد أن نلاحظ أن الشريعة الاسلامية أقرتٍ على القاضي مسؤولية دنيوية وحملت بيت المال التعويض ، ومسؤولية أخروية تهدد القاضي ذاته بأنه إذا قضى للناس على جهل هو في النار ، ومكافأة القاضي المجتهد وإن أخطأ إذ ينال أجراً واحداً وخلاصة ذلك من لايجتهد يقضي على جهل وعقابه على الله ..
ما هي مسؤولية القاضي عن الحكم الخاطئ؟