إذا طالب المحيل المحال عليه بما له في ذمته من دين أو عين، فلا يستطيع المحال عليه أن يمتنع عن الوفاء له لأن الحوالة لم تقيد بأيهما، كما أن العلاقة القانونية بين المحيل والمحال عليه تكون مستقلة عن علاقة الدائن بالمحال عليه، ولذلك لا مبرر لرفض الوفاء للمحيل، وبالتالي ليس للمحال عليه حق حبس الدين أو العين التي عنده للمحيل، وإذا كان له حق الرجوع . عليه فيكون ذلك بعد الأداء وليس قبل ذلك (1) وإلى ذلك أشارت المادة ( 1006 ) مدني أردني “للمحيل حق مطالبة المحال عليه بما له في ذمته من دين أو عين إذا لم تقيد الحوالة بأيهما، وليس للمحال عليه حق حبسهما حتى يؤد ي . إلى المحال له” (2) ولكن لو أدى المحال عليه، دين المحيل بأمر المحيل ولم يكن المحال عليه مدينا له، فبماذا يرجع على المحيل؟ لم يورد المشرع الأردني نصًا بالنصوص التي نظم بها الحوالة المدنية، حول ذلك ولكن بالرجوع إلى القواعد العامة فإن مناط رجوع المحال عليه على المحيل، يكون سندا لدعوى “الحلول” وبذلك جاءت أقوال الحنفية، بصريح المادة ( 198 ) من مرشد الحيران، الواردة بالقواعد العامة للوفاء بأن “من قام عن غيره بواجب عليه كما إذا قضى دينه بأمره، رجع على الأمر .. وقام مقام الدائن الأصلي في مطالبته به..” (3) وهو ذات الحكم الذي جاء به المشرع الأردني بالمادة ( 309 ) مدني أردني، والتي جاءت مطابقة لما جاء بالمادة ( 198 ) من المرشد ومتفقه معها حول رجوع المحال عليه على المحيل في هذه الحالة سندًا لدعوى الحلول (4) ولكي يستطيع المحال عليه الرجوع على المحيل بعد الأداء فلا بد من توافر الشرا ئط التالية:
1- أن تكون الحوالة قد تمت بأمر المحيل، وإلا اعتبر المحال عليه متبرعا ولا يقوم بذلك حقه بالرجوع على المحال عليه.
2- إداء دين الحوالة، من المحال عليه إلى المحال له، لأنه إن لم يؤد فلا مكان لرجوعه على المحيل
3- أن لا يكون المحال عليه مدينا للمحيل بمثل دينه لأنه لو كان كذلك لوقع التقاص بينهما ومن ثم يمتنع الرجوع لأنه لو رجع لكان ذلك، فضولا لا فائدة منه لأن المحيل سيرجع عليه أيضا (5)
ومتى توافر شرائط رجوع المحال عليه على المحيل كما ورد أعلاه فبماذا يرجع المحال عليه؟ الأصل أن المحال عليه يرجع على المحيل بالدين محل الحوالة، أي بمثل ما أدى، إلا إذا كان المحال عليه قد صالح على أقل من ذلك فإنه يرجع بالمؤدى لا بالدين المحال به (6)، ومرد رجوع المحال عليه بما أدى هو أن الرجوع إنما هو بحكم الملك، وهو حين يملك دين الحوالة، فإنه لا يملك المؤدى إنما المؤدى وسيلة الايفاء الذي ملك الدين به أما في حالة الصلح عن الدين، ببعضه والإبراء عن الباقي، فهذا البعض فقط هو الذي ملكه صلحا، فيتعين حين رجوعه أن يعود بما أدى لا بما أحيل عليه (7)
مثال توضيحي: “إذا صالح المحال عليه، المحال له على حقه بأقل من جنسه فإنه يرجع بما أدى، فلو كان حقه مائة دينار فصالحه عليها بثمانين لم يكن له حق الرجوع إلا بالثمانين التي أداها. أما بالنسبة للمقاصة بين الدين المحال به وما للمحال عليه من دين أو عين للمحيل فإن المقاصة هنا لا تقع إلا بالحوالة المطلقة، وذلك لأن هذه الحوالة لم تقيد بدين أو عين للمحيل على المحال عليه وفرضية كون الحوالة مطلقة فهذا يعني أن المحيل احتفظ لنفسه بالحق في المطالبة بهما، حتى بعد الحوالة إلى أن يؤدي المحال عليه الدين المحال به للدائن فعندئذ تقع المقاصة بين ما على المحيل للمحال عليه وما له من دين أو عين عنده (8) ويرى الدكتور أمين دواس “ولو كانت الحوالة مقيدة فإنه يجوز من باب أولى إجراء المقاصة بين الدين الذي للمحيل عند المحال عليه وبين دين الأخير، خصوصا وأن الحوالة المقيدة تقتضي بقاء الدين الذي للمحيل لدى المحال عليه إلى أن يقوم الأخير بأداء الدين المحال به للمحال له” (9).”نصت بتأكيد ذلك الحكم حول المقاصة، المادة ( 1009 ) مدني أردني بقولها “إذا تمت الحوالة المطلقة برضا المحيل فإن كان له دين عند المحال عليه، جرت المقاصة بدينه بعد الأداء وإن لم يكن له دين عنده يرجع المحال عليه بعد الأداء (10)
_____________
1- يحيى، عبد الودود، حوالة الدين، دراسة مقارنة في الشريعة الإسلامية، القانونين الألماني والمصري، بدون طبعة، دار النهضة العربية للنشر، 1992 ، ص 136 ، وشامية، نادية إبراهيم، الحوالة في القانون المدني الأردني، بحث منشور على موقع شبكة المحامين الأردنيين، بدون سنة نشر، ص 11 ، والجندي، محمد صبري، الحوالة في القانون المدني الأردني، قانون المعاملات المدنية الإماراتي، دراسة مقارنة مع الفقه الغربي، بدون ط، منشورات جامعة اليرموك، عمادة
البحث العلمي، والدراسات العليا، بدون سنة نشر، ص 179 ، والزحيلي، وهبة، العقود المسماة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي، والقانون المدني الأردني، بدون طبعة، دار الفكر العربي للنشر، بدون سنة نشر، ص 340
2- المادة 1006 / مدني، ص 271
3- الجندي، محمد صبري، المرجع السابق، ص 179 ، الموسوعة الفقهية، الحوالة، النموذج الثالث، الكويت، وزارة الأوقاف، الشؤون الدينية، 1970، ص 156
4- المادة 309 / مدني أردني “من أوفى دين غيره بأمره، كان له الرجوع على الأمر بما أداه عنه، وقام مقام الدائن، الأصلي في مطالبته به سواء اشترط الرجوع عليه أم لم يشترط، ص91.
5- الموسوعه الفقهية، المرجع سابق، ص 154 ، والذنون، حسن، شرح القانون المدني العراقي، احكام الالتزام، بدون طبعة، مطبعة دار المعارف، بغداد، العراق، 1952، ص 254
6- الجندي، محمد صبري، المرجع السابق، ص 179
7- الموسوعة الفقهية، المرجع السابق، ص 156
8- الفكهاني، حسن، وآخرين، شرح القانون المدني الأردني رقم ( 43 ) لسنة 1976 ، الجزء السابع، بدون طبعة، إصدار الدار العربية للموسوعات، 2001 ، ص 541
9- دواس، أمين، الحوالة في مشروع القانون المدني الفلسطيني، دراسة مقارنة، مجلة جامعة النجاح الوطنية للأبحاث، المجلد 19 –عدد (3) 2005 ، ص 178
10- المادة 1009 / مدني أردني، ص 272
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
الآثار القانونية المترتبة على الحوالة المطلقة